الجمعة، 12 أغسطس 2016

الدِيمُقْرَاطِيــةُ ... نَارُ عَصَبِ الجَاهِلِيةِ :

,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,(الدكتور مُهند جاسم الحسيني)
بعدَ أن مكننَا اللهُ تعالى مِن حلِ الكثيرِ من شائكاتِ السياسةِ, ووقفنَا على مُبرماتِ طلاسِمِهَا, حتى باتتْ الكثيرُ مِن رؤى أهلِ الكياسةِ, كالعجينةِ في أكفنَا نقلبُهَا ونصنعُ منهَا ما نشاءُ ونريدُ, ولا فضلَ لإحدٍ علينَا بعدَ اللهِ تعالى إلا أولئكَ الداعونَ القائمونَ في الليلِ والمُتهجدونَ في الأسحارِ والداعونَ لِخدامِهِم بالخيرِ والصلاحِ والإصلاحِ ...
وبَعدَ هذهِ المنةُ الحقيقيةُ, لابدَ لنَا مِن تَسديدِ أكثرِ الضرباتِ ألماً ووجعاً وقتلاً في سبيلِ اللهِ تعالى الى صدرِ الدجالِ وخدمةِ مشروعهِ مِن أئمةِ الضلالةِ والنِفاقِ ...
نعم ...
أنَّ أكثرَ ما يخافُهُ الرسولُ محمدٌ (صَلى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَمَ) على أمتهِ مِن الدجالِ هم أئمةِ الضلالةِ, لأنَّهُم هُم مَن يُمَهدُ للدجالِ سلطانَهُ, ويَيُحققُ بينَ ظهراني المُسلمينَ إستقرارهُ وأمانَهُ ...
وبالمقابلِ إنَّ أخشى ما يخافهُ الدجالُ هُم أئمةُ الفلاحِ, وحاملي مَشروعَ الهدايةِ والصلاحِ, لأنَّهُم يعملونَ بالضدِ مِن أئمةِ السرقاتِ والسِفاحِ, فإن وافاهُم اللهُ تعالى آجالَهُم من قَبلِ أن يَكتبَ لَهُم النَصْرَ والنجاحَ, فقدَ أوفاهُم مَا وعدهُم من الرحمةِ وحسنِ العاقبةِ والفلاحِ ...
‫#‏المُهم‬ :
فاليعلمْ الكلُّ دونَ إستثناءٍ يُذكر, أنَّ العصفَ الذي بدأت بوادرهُ في الإتحادِ الأوربي, نتيجةً لهفوةٍ وزلةِ لسانٍ صرحَ بِهَا الرئيسُ البريطاني ‫#‏ديفد_كامرون‬, بأنهُ سيجري إستفتاءاً شعبياً في عمومِ المملكةِ المتحدةِ UK, إيماناً منهُ أنَّ الشعبَ البريطاني إرتقى الى مرحلةِ أن يَفهَمَ دهاليزَ السياسةِ وسَبَرَ غورَ المُستقبلِ الإقتصادي للبلدِ, كأولئكَ مِن أصحابِ الكياسةِ والسِياسةِ !!!
علماً أنَّ أمرَ الإستفتاءِ لم يَكن مُلزماً على الحكومةِ فِعْلُهُ دستورياً أو قانونياً, بل أنَّ المَصالحةَ العليا للبلادِ وتشخيصُ ما ينبغي فِعلهُ للعبادِ, موكولاً لنفسِ الحكومةِ فعلهُ, ولكن ماذا نفعلُ مَع مَنْ باعهُ في السياسةِ قليلٌ, وفي الكِياسةِ ضئيلٌ ...
إنَّ الشعوبَ مهمَا بلغَ رقيهَا ومَعرفَتُهَا وثقافَتُهَا, لكنَّهَا تبقى قصيرةُ النظرِ, بسيطةُ الإدراكِ لما تُمليهَا عليهَا المَصالحُ العامةِ مِن أمورٍ, لذا لا ينبغي الرجوعُ للشعوبِ والمُجتمعاتِ في كلِّ ما لم يبلغوا مِن كبيرِ سعتهِ وبُعدَ غورُ معرفتَهُ, بل يجبُ علينَا أن نكتفي بِتَثقيفِهِم الى مرحلةٍ يتمكنوا بِهَا مِن إنتخابِ المُخلصينَ لِبلدِهِم حسبَ مَنظرِهِم, وأما ما يحتاجُ الى إقرارهِ الى التخصصِ نجعلُ أصواتَهُم في النأي عنهُ ...
ولا أعلم ماذا يتوقعُ الرئيسُ البريطاني ومَن معهُ من المُستشاريينَ والسياسينَ مِن عمليةٍ أسموهَا خطئاً بالديمقراطيةِ -إنتخابات- إذا كانتْ تتعارضُ نتائجُهَا مع المَصلحةِ العليا للبلادِ, وبالمُقابلِ تتوافقُ مَع المَصلحةِ الضيقةِ للعددِ الكثيرِ من الأفرادِ, والذينَ أسموهُم بالطبقةِ الوسطى وأصحابِ الدخلِ المحدودِ, فهل هنا يفهم الفردُ البسيطُ مصالحَ البلادِ ويُقدِمُهَا على مصلحتهِ الشخصيةِ, أم ينظرُ الى المَصلحةِ مِن خلالِ مَنظورهِ الخاصِ الضيقِ ؟؟؟
بالتأكيدِ سيكون الجوابُ أن المصلحةَ التي سوفَ يتحركُ نحوهَا الفردُ العادي والمُواطُ البسيطُ هي : ما ترتبطُ بعيشهِ وشخصهِ وعائلتهِ, وأما ما ترتبطُ مع المصالحِ العليا فلا يَدركهَا أصلاً ولا يتخيلهَا فضلاً على أن يعيهَا ويقدمَهَا على مصلحتهِ الشخصيةِ !!!
لذا هنا وقعتْ الحكومةُ البريطانيةُ بأكبرِ فخٍ طالما نصبتهُ للشعوبِ في البلدانِ الناميةِ والمَسحوقةِ من العالَمِ, وهي أنَّ بمقدورِ الشعوبِ أن تُشخصَ مصلَحَتَهَا بنفسِهَا, ولها القدرةُ أن تتخذَ مَنْ يلي أمرَهَا, حتى باتتْ كلَّ الشعوبِ أسيرةً لهذا القانون الذي ظاهرهُ الخيرُ والفلاحُ, لأنهُ يُشْعِرُ الفردَ بقيمتهِ من خلالِ إدلائهِ بصوتهِ, بينما باطنهُ الظلمُ والحيفُ والفقرُ والجهلُ والمرضُ والقتلُ والدمارُ ولخروجُ من أسرٍ الى آخرٍ, ومِن تحتِ عينِ المَطرِ الى الميزابِ !!!
نعم ...
أستطيعُ القولَ أنَّ قانونَ مايُعْرَفُ بالإنتخابِ, من أشدِ القوانينَ إجحافاً للوطنينَ الشرفاءِ المخلصينَ, لأنَّهُ لا يؤسسُ لسيادةِ ورياسةِ وقيادةِ أحدٍ إلا سُراقَ المالِ وأربابَ الميلشياتِ وأصحابَ الحرامِ ومالكي الماكنةِ الإعلاميةِ, وأدلُ دليلٍ على قولي هذا ما شهدهُ الشارعُ العراقي مِن كلِّ العملياتِ الديمقراطيةِ الإنتخابيةِ مِن عامِ سقوطِ الطاغيةِ المقبورِ وحزبهِ المُجرمِ الكافرِ الى هذهِ الأيامِ, حيثُ لم يتسلطُ على رقابِنَا إلا الطاغي بعدَ الطاغي والظالمُ والسارقُ والعميلُ وعرابو الإحتلالِ الشرقي والغربي !!!
نعم, هذهِ الحقيقةُ التي وصلنَا إليهَا مِن أبسطِ شعارٍ رفعهُ الدجالُ المنحرفُ, وأيدتهُ عليهِ أئمةُ الضلالةِ وشارعةِ البدعِ ومبييرةِ السنةِ ومقويةِ الباطلِ, حتى بتنا نريدُ التغييرَ والتخلصَ مِن هذهِ الطغمةِ الفاسدةِ بأيِّ وسيلةٍ غيرَ تلكَ التي ركبوا بِهَا على ظهورنَا لا نستطيعُ, لماذا لأنَّ الكلَّ بجدُ لنفسهِ المُبررَ أنَّ تقريرَ المصيرِ والتغييرَ لا يتمُ إلا من خلالِ صناديقِ الإقتراعِ والإنتخابِ, بل ويملأ السجونَ والمقابرَ بالجثثِ والموتى إذا فكروا أن يخرجنهُ بغيرِ هذا الطريقِ المرسومِ, لأنَّ هذا الظالمُ مَلَكَ مِن الأموالِ الحرامِ والإعلامِ الزائفِ والفضائياتِ ورجالِ الدينِ والمرجعياتِ العباسيةِ المروانيةِ البيزنطينيةِ ما يَدعو لهُ ويبررَ لهُ ويسوقهُ لنَا رئيساً مرةً أخرى ومراتاً ومراتاً ...
نعم ...
كلنَا نتذكرُ تلكَ الأيامَ والأشهرَ الأوائلِ من سقوطِ النظامِ الصدامي البعثي, كيفَ كانتْ الأمةُ مُتجهةً حقاً وصدقاً الى جادةِ الصلاحِ والتغييرِ, حيثُ رأينا الكلَّ كيفَ كانَ يُمْحَقُ قلبُهُ في جوفهِ عندما يرى السرقاتِ والخروقاتِ من قبلِ النفرِ الضالِ, مع تغطيةِ قواتِ الإحتلالِ لهُم والعملِ على تمهيدهِ إليهِم, وكم كنا نرى المساجدَ ملأى مِن المُصلينَ والمُستفتينَ على أمورِ دينِهِم ودنياهُم ...
ولكن ماذا حصلَ وماذا جرى على شعبِنَا وأهلِنَا, أنهُ تم تسليطَ الضوءِ على أئمةِ الضلالةِ من علماءٍ وسياسيينَ وميلشياتٍ ومجرمينَ, حتى باتَ كلَّ الناسِ لا يرونَ سواهُم منقذينَ ومُخلصينَ ومَهديينَ, بل عندما أرادوا التغييرَ والتبديلَ لهذهِ الوجوه الفاسدةِ بعدَ إنكشافِهَا, لم يجدوا سواهُم تملأ صورهُم وبرامِجُهُم أعمدةَ الكهرباءِ والساحاتِ العامةِ وشاشاتِ التلفازِ الإقليميةِ والعالميةِ, حتى باتْ الكلُّ أسيرَ أحزابِهِم وقوائمِهِم !!!
والآن ..
أنى الخلاصُ والتحررُ مِن قانونٍ أصبحتْ نفسُ بريطانيا ضحيةً لهُ ؟؟؟
والى أينَ المهربُ مِن قانونٍ شرعنَ بقاءَ الفاسدينَ قابعينَ على رؤوسِ وصدورِ المُستضعفينَ مِن الناسِ ؟؟؟
وكيفَ التغييرُ مع عشعشةِ هكذا مافياتٍ مدعومةٍ من قوى عالميةٍ وإقليميةِ ودينيةٍ, ولا يستحونَ مِن التبجحِ بهَا والتَكلمِ بإسمِهَا ؟؟؟
لذا فكما آمنا سابقاً بدراساتٍ إقتصاديةٍ وسياسيةٍ وبعدَهَا بانَ فَشَلُهَا كالإقطاعيةِ والشيوعيةِ وأخواتِهَا, فَعَمَلنَا على تغييرِهَا الى سياساتٍ إقتصاديةٍ أخرى كالرأسماليةِ مثلاً, فلابدَ لنَا كمثقفينَ ووطنيينَ وشرفاءٍ -لأننَا محبينَ للأرضِ والعُرضِ-, أن نعملَ جاهدينَ على أن نجدَ ما يُخلصنَا مِن هذهِ الطغمةِ الفاسدةِ التي صعدتْ الى سدةِ الحُكمِ عن طريقِ أصواتِ الناخبيينَ وصناديقَ الإقتراعِ, لأنَّهَا لا يُمكن أن تجلبَ لَّنا غيرَ هؤلاءِ الفاسدينَ, بل وأضعافٍ مضاعفةٍ مع كلِّ عمليةِ إنتخاباتٍ جديدةٍ ...
لأنَّ هذا القانونَ وهذهِ الممارسةَ بَآنَّ فشلُهَا عبرَ التأريخِ والى الآن, ولم تُمثلْ سوى عمليةِ تدويرٍ لنفسِ الأحزابِ والسياسيينَ, وأدلُ دليلٍ على ذلكَ, أنهُ لم نرَ إقليمياً في الدولِ التي تعتمدُ هذهِ الممارسةِ ولا عالمياً, إنبثاقِ أحزابٍ جديدةٍ أبداً, بل أنَّ نفسَ الأحزابِ يعادُ تدويرُ الرؤساءِ من صفوفِهَا والى الأبدِ ...
هذهِ بالنسبةِ للشعوبِ الحديثةِ, وأما ما لو رجعنَا الى التأريخِ قليلاً, فسنجدُ العشراتَ من الأمثلةِ الحيةِ والى اليومِ, فإنَّ ما أبرزتُهُ كلُّ العملياتِ الإنتخابيةِ التي أجروهَا أولئكَ الأوائلُ, سوى الفاسدينَ والفارغينَ والمنافقينَ والسراقَ, ومَن يَشكُ في كلامي فليذهبْ الى أيِّ ريزخونَ أو قارئ منبرٍ مِن أولئكَ الذينَ يقولونَ ما لا يفعلونَ, وسيجدُ عندهُ من الشواهدِ المئاتِ ...
نعم ...
نصوتُ بنعمٍ والفِ نعمٍ ونعمٍ للإنتخاباتِ, عندما يكون المواطنُ مواطناً صالحاً وقادراً على التمييزِ الحقيقي لأولئكَ الفاسدينَ, بل وقادراً على مُعاقبَتِهِم مِن خلالِ إنتخابِ المُخلصينَ الوطنيينَ, ولا يحصلُ مِثلُ هذا المواطنُ القادرُ على التمييزِ ومثلُ أولئكَ الشرفاءِ الوطنيينَ, في مثلِ هكذا حالاتٍ للإقصاءِ والإبعادِ والقتلِ والتهجيرِ والتعسفِ لكلِّ أولئكَ الوطنيينَ الشرفاءِ, ومِن أولئكَ الغيارى على الدينِ والوطنِ والشعبِ ...
أما مَع عملياتِ التهميشِ بطريقةِ القتلِ والسحلِ والحرقِ والتمثيلِ بجثثِ بإسمِ أولادِ علي بنِ أبي طالبٍ عليها الصلاةُ والسلامُ, فلا نتوقعُ الخيرَ مِن ألفٍ عمليةٍ ديمقراطيةٍ وإنتخابيةٍ متكررةٍ, بل يبقى شبحُ التسافلُ والإنهيارُ هو المُتزايدُ والمُتصاعدُ بمرورِ الأيامِ ...


ظَلَامٌ دَامِسٌ.. وَضَيَاعُ البَوصَلَةِ التُرْكِيَةِ :

,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,(الدكتور مهند جاسم الحسيني)
الظاهرُ أنَّهُ لا نرى يوماً مِن الأيامِ القادمةِ بلا حدثٍ يعجلُ وتيرةَ الملحمةِ الكبرى, كما لم نرَ غيابَ ذلكَ في الأيامِ الماضيةِ, فالعجلةُ بدأتْ بالتسارعِ الحقيقي, بل بدءَ التعجيلُ في حالةِ تزايدٍ تامٍ وكبيرٍ هذهِ الأيامِ ...
ولكنْ كالعادةِ نُبْتَلَى -وهذهِ سنةُ الحياةِ- بأشخاصٍ لا خلاقَ ولا أخلاقَ لهم أبداً, وقد رَوَجَّهُم لنا الإعلامُ وماكناتُهُ على أنَّهُم من صنفِ المُحللينَ البارعينَ, بل ولهُم القدرةُ المطلقةُ والتامةُ على فَهْمِ مُستجداتِ الأحداثِ ودقائِقِ الأمورِ وفي حالةِ حركةٍ مُواكبةٍ لِتسارعِ الأحداثِ إقليمياً ودولياً !!!
وبالحقيقةِ أنَّ تَسويقَ هكذا شخوصاً وشخصياتٍ على أنَّهُم من أهلِ الحصافةِ والدرايةِ سياسياً, سيؤدي بالشعوبِ المَعنيةِ مِن مراقبةِ الأحداثِ الى عدمِ فَهْمِ ما يجري في العلانيةِ فضلاً عما هو حاصلٌ مِن وراءِ الكواليسِ ...
وبِعَسكرةِ هؤلاءِ المَخدوعينَ مِن أبناءِ جلدَتِنَا, بدأوا في حالةِ إصطفافٍ خلفَ ما روجتهُ لَهُم الماكنةُ الإعلاميةِ على لسانِ هؤلاءِ الجهلةِ المنحطينَ فكرياً وروحياً, ونتيجةً لهذا الإصطفافِ المُغررِ بهِ, باتَ الكلُّ في حالةِ إرتياحٍ تامٍ الى أنهارِ النارِ والجبالِ من الدُخانِ التي تتجهُ صوبَهُم, وهم في حالةِ رؤيَتِهَا جنةً ومُروجاً وحياةً أبديةً مملوءةً بالطعامِ والثريدِ, ولكنَ خلفَ هذهِ الرؤيا هو الموتُ الجارفُ والجوعُ الخاطفُ والحرمانُ المُستديمُ, الذي سوفَ لا يُعانيَهُ سوى هؤلاءِ المساكينَ بعيداً عن أولئكَ المُروجينَ والمُصفقينَ والمُمَهدينَ لتزويقِ وتزينِ القادمِ مِن الأيامِ ...
فَمَثلاً ...
لَم نرَ تصريحاً واحداً ولا تلميحاً عابراً يُدلي بهِ ‫#‏البهلوي_خامنئي‬ أثناءَ خطاباتِهِ -والتي كثرتْ هذهِ الأيامُ-, والتي يُدينُ خلالَهَا ما تُقدِمَهُ تركيا مِن دعمٍ مادي ولوجستي لِتنظيمِ الدولةِ -داعش-, بل إكتفى هذا البهلوي بما يُلْقِيَهُ عملائهُ العربُ مِن تصريحاتٍ بالإدانةِ وتوجيهِ الإتهامِ, حتى باتتْ العلاقاتُ العربيةُ العميلةُ لإيرانَ مَقطوعةً بشكلٍ تامٍ مع الجانبِ التركي, وهذا ما أثرَ سلباً على الشعوبِ المجاورةِ لها وخصوصاً في العراقِ والشامِ ...
وبالمقابلِ نرى السفاراتِ والسياحةِ والتجارةِ المُتبادلةِ بينَ البلدينِ -إيران وتركيا-, بل ولم نسمعْ أنَّ منتفضاً واحداً قامَ بحرقِ أو الإعتداءِ ولو رمياً بالحجارةِ على سفارةٍ مِن سفاراتِهَا أو قنصليةٍ من قناصلِهَا متراميةِ الإنتشارِ في داخلِ الدولةِ الإيرانيةِ وخارِجِهَا وضمنَ حدودِ سطوتِهَا في العراقِ ولبنانَ وغيرِهِمَا من أطرافِ إمبراطويتِهَا المُستقبليةِ والحالمينَ بِهَا ...
بينَمَا رأينَا الحرقَ والسلبَ والإعتداءِ ووابلَ التصريحاتِ نالَ السفاراتِ والقنصلياتِ العربيةِ في إيرانِ وباقي أطرافِ حدودِ إمبراطوريتِهَا ومجالاتِ سطوَتِهَا وسيطرَتِهَا, بِمجردِ أيَّ طارئ يطرأ إقليمياً كانَ أو دولياً, ومنهَا حادثتي الآيتيـنِ -بِشهادةِ إيرانيةٍ سلطوةٍ فقط!!!- الشيخينِ النمرِ السعودي وقاسمِ البحريني, بينَمَا لم نرَ أيَّ ردِّ فعلٍ إزاءِ ما يحصلُ في العراقِ والشامِ مِن جراءِ الدعمِ التركي لتنظيمِ الدولةِ -داعش-, حيثُ مئاتُ الآلافِ من الموتى والملايين من المهجرينَ والنازحينَ !!!
والفرقُ ..
إنَ الشعوبَ العربيةَ الإسلاميةَ الهدفُ مِن وجودِهَا ايرانياً هو المزيدُ مِن السلطةِ والسطوةِ والثراءِ والنماءِ والميلشياتِ المجانيةِ والجيوشِ في الخطوطِ الأماميةِ, وكلهَا مقدمةً بالمجانِ الى عملائِهَا وخدامي مشروعهَا في المنطقةِ كاملةً, بينمَا أولئكَ فَهُم حملةَ المشروعِ, وأصحابُ القناعةِ التامةِ, وحاملو مرضِهَا الذي ستنتشرُ عدواهُ بينَ أوساطِ المساكينَ مِن الناسِ !!!
والآن ...
جاءَ جني ثمارَ السكوتُ الإيراني والنفاقُ الديني والمذهبي مِن خلالِ جَرِ تركيا الى الخندقِ الإيراني في المنطقةِ, حيثُ تطبيعُ العلاقاتِ إسرائيلاً وروسياً وربما حتى مِصرياً وسورياً في الأيامِ القريبةِ, كلُّهَا تحتَ ذريعةِ (لا شيءَ ثابتُ في السياسةِ), وهذا القانونُ وإن كانَ مُبَرَرَاً سياسياً ولكنهُ نفاقاً ودجلاً وكَذِباً صريحاً دينياً وإسلامياً, وهنا يأتي العجبُ عن كيفيةِ بقاءِ العدالةِ الراسخةِ لِمرجعٍ مِن مراجعِ المُسلمينَ الشيعةِ ‫#‏كالبهلوي_خامنئي‬ ساريةِ المفعولِ !!!
ولكن يأتي الجوابُ سريعاً وفورياً : أنَّ التسربلَ والتَلَبُسَ بلباسِ الدينِ لا لخدمةِ الفضيلةِ, بَلْ لِخداعِ الناسِ وزيادةِ مساحةِ السلطةِ على حسابهِ !!!
فهنيئاً لهؤلاءِ الزعماءِ المنافقينَ بهؤلاءِ الأغبياءِ تأريخياً مِن الحُشودِ والشعوبِ ...
‫#‏ولكن‬ ...
سوفَ لا أجعلُ هذا الفوزَ وهذهِ الفرحةَ تدومُ طويلاً على مُحيا السياسيينَ والمنافقينَ مِن رجالِ الدينِ وأئمةِ الضلالةِ أبداً, بل سأقلبُ لهُم الحِسابَ, وأعجلُ لهُم رؤيا العاقبةِ والعِقابَ ...
وبالمقابلِ سنسيرُ قدماً لِكشفِ ملابساتِ الأمورِ على البسطاءِ والمساكينَ وطيبي القلوبِ مِن الناسِ, حتى لا يَدُبَ اليأسُ في النفوسِ, ويَستبعدونَ بعدَ خيبةِ الأملِ ما هو مَحسوسٌ وملموس ...
‫#‏أقول‬ :
إنَّ التحركَ السياسي التركي الأخيرَ, مِن إرسالِ إعتذارِ وأسفٍ في شأني إسقاطِ الطائرةِ ‫#‏سوخوي_24‬, مع فتحِ ملفِ التحقيقِ بشأني مقتلِ قائدِهَا, لا تخلوا مِن أمرينِ إثنينِ :
الأمرُ الأولُ : إستبدالُ أحلافٍ :
أي أنَّ الحكومةَ التركيةَ قررتْ إستبدالَ التحالفِ الروسي بدلاً مِن التحالفِ الأميركي ...
ولكنَ عمليةَ الإستبدالِ هذهِ يستتبِعُهَا التغييرُ السياسي والسِتراتيجي في رؤيةِ الأحداثِ في المَنطقةِ خصوصاً والعالمِ عموماً, حيثُ سيخرجُ الكثيرُ من خندقِ الأعداءِ الى خندقِ الأحبةِ والأصدقاءِ, مع التجاهلِ التامِ لكلِ الخطاباتِ الرئاسيةِ الروسيةِ التي إتهمتْ تركيا بدعمِهَا التنظيماتِ المُتطرفةِ وعلى رأسِهَا تنظيمِ الدولةِ -داعش- ...
وهذا ما سيجعلُ الحكومةُ المصريةُ غيرُ الإخوانيةِ والحكومةُ السوريةُ في خانةِ الأحبةِ والأخلاءِ, مع الرقصِ على مَا سَمَوهُ سَابِقَاً بحروبِ ومواقفِ المبدأ, ‫#‏ومثالهُ‬ جماعةُ الإخوانِ والمَصائبُ السوريةُ والقضيةُ الفلسطينيةِ !!!
ولكن هذا الإستبدالُ كإستبدالِ الدينارِ بالدرهَمِ, أو إستبدالِ يوسفِ الصديقِ عليهُ الصلاة ُوالسلامُ بالثمنِ البخسِ, لأنَّهُ إستبدالُ الحامي بالقاتلِ والمُدافعُ بالمُعتدي, لماذا ؟؟؟
لأنَّ السببَ الرئيسي لِتشكيلِ حلفِ الشمالِ الأطلسي NATO عام 1949, هو لدرءُ خطرِ الإتحادِ السوفيتي الذي تشكلَ أبانَ عامِ 1922, حيثُ كانتْ تركيا أحدُ الدولُ المؤسسةُ لحلفِ الناتو, وقد إنتمتْ إليهِ فعلياً في عامِ 1952, لأنَّ تركيا مِن أكثرِ البلدانِ التي كانتْ تتعرضُ للهجماتِ مِن قبلِ الروسِ عبرَ التأريخِ, وهذا ما جَعلهَا في حالةِ قلقٍ حقيقي مِن بسطِ السيطرةِ الروسيا على شبهِ جزيرةِ القرمِ الأوكرانيةِ مؤخراً ...
ومِن أسبابِ تشكيلِ حلفِ الناتو, نعرفُ جلياً أنَّ أمرَ إستبدالِ الأحلافِ لايُمكنُ عدهُ سيناريواً أبداً, لأنهُ بمثابةِ تسليمِ النفسِ للقاتلِ بعدَ العجزِ وقلةِ الحيلةِ ...
الأمرُ الثاني : ردُ فعلٍ على السياسةِ الأميركيةِ :
بعدَ أن قامتْ أميركا الحليفُ المهمِ لتركيا بدعمِ وحداتِ حمايةِ الشعبِ الجناحِ العسكري لحزبِ الإتحادِ الديمقراطي BYD, والتي تعتبرهُ تركيا بأنَّهُ الوجهُ الثاني للحزبِ العمالي الكردستاني BKK, وبما أنَّ هذينِ الحزبينِ خطرانِ جداً على الحكومةِ التركيةِ, ودعمُ أحدهُمَا يشكلُ تهديداً خطيراً للحكومةِ التركيةِ, لإحتماليةِ تحققِ حلمِ الأكرادِ من إنشاءِ دولتِهِم المُنفصلةِ عن تركيا, بل أنَّ دعمَ أحدهما يُمثلُ إضفاءَ صبغةِ الشرعيةِ عليهِ, وبالتالي إمكانيةُ خوضهِ مفاوضاتٍ أو يكونَ جزءاً مِن مفاوضاتٍ في المُستقبلِ مع دولِ الإقليمِ ومِنهَا تركيا ...
حيثُ إنتشارِ هذهِ الوحداتِ على طولِ الشريطِ الحدودي التركي (كما مبينِ في الصورةِ المرفقةِ في المقالِ), سَيُمهِدُ كثيراً في توسيعِ رقعةِ نفوذهِ مِن خلالِ ضمِ الكثيرِ من الأراضي المُحررةِ من تنظيمِ الدولةِ -داعش- مضافاً الى تلكَ التي يعملُ على وصلِهَا مع بعضٍ, بعدَ ما كانتْ أماكنَ متفرقةً لنفوذهِ ...
وهنا سيتحققُ الطموحُ الكردي السوري مِن خلالِ إمتلاكِ الجيشِ وبسطِ النفوذِ على رقعةٍ واسعةٍ تابعةٍ لهُم وتحملُ صِبغتَهُم واقعاً وتأريخاً, سيكون عندهَا أمرُ تشكيلِ الدولةِ ممكناً بعدَ إضافةِ العنصرِ الثالثِ والأخيرِ مِن أركانِ تأسيسِ الدولةِ, وهو الإعترافُ الدولي بأحقيةِ تَشكيلِ الدولةِ, ولا يوجدُ أفضلَ ضامنٍ لهذا الإعترافِ سوى التعاونِ والرضا الأميركي ...
‫#‏ومن_هنا‬ :
باتْ الأمرُ الثاني أمراً مرجحاً جداً ووارداً جداً, لأنهُ يُفسرُ لنَا مقدارَ التضحيةَ التي أقدمتْ تركيا على تقديمِهَا, لأنَّهَا متناسبةٌ طردياً مع الخطرِ المُحدقِ بهَا مِن قبلِ الدعمِ الأميركي لهذهِ الفصائلِ الحالمةِ بإمتلاكِ دولةٍ خاصةً بِهِم ...
فلنسألَ السؤالَ التالي : ما هي القيمةُ التركيةُ التي تحضى بهَا أميركياً, إذا فضلتْ أميركا وقدمتْ فصائلاً مسلحةً طامحينَ لإنشاءِ بلدٍ خاصاً بهِم على حسابِ دولةٍ كبيرةٍ سمحتْ بها سابقاً بريطانيا وفرنسا أن تتشكلَ على يدِ ‫#‏الزعيمِ_مصطفى_كمال_أتاترك‬ ؟!!!
بالتأكيدِ سيكونُ الجوابُ حاضراً لدا الجميعِ وأشبهَ بالبديهي, حيثُ أنَّ تركيا ليستْ لهَا أيَّ قيمةٍ أمريكيةٍ, بل أنَّ التحالفُ معَ بعضِ الفصائلِ غيرِ المُعارضةِ للنظامِ السوري والمعارضةِ للحكومةِ التركيةِ, سيكونُ أكثرُ فائدةً ونفعاً أمريكيينِ ...
ومع هذهِ النتيجةِ السهلةِ والبديهيةِ نتعرفُ على ضعفِ وهوانِ وإنعدامِ الوزنِ التركي أميركياً, وبالتالي سوفَ لا تُمثلُ مقداراً رياضياً يُمكن أن يَقلبَ معادلةِ ميزانِ القوى العالميةِ أو يؤثرُ بِهَا حتى !!!
وعندهَا تبقى معادلةُ القوى العالميةِ ذاتَ إتجاهٍ واحدٍ أميركياً وغيرِ قابلةٍ للإنعكاسِ ولا الوصولِ الى حالةِ التوازنِ والإستقرارِ الحركي حتى !!!
بالتالي تبقى النتائجُ المُحَصَلَةُ مِن هذا التفاعلِ الأميركي السلطوي مُنتجاً ومُتسارعاً جداً, وما إنتقالُ إحدى القوى مِن مكانٍ الى آخرٍ إلا كنتقالِ الرقمِ واحدٍ بينَ طرفينِ بطريقةِ الضربِ ...
‫#‏وبعدَ_ذلكَ‬ :
فلنرسلَ برقيةَ تهنئةٍ الى الزعاماتِ العربيةِ العميلةِ الى إيران, والى‫#‏قائدِهَا_الكذابِ_المنافقِ_الأشرِ_البهلوي_خامنئي‬, ومِنهُم الى أعتابِ موسكو, حيثُ نقولُ فيهَا :
إنَّ كلَّ ما تحصلُ عليهَا روسيا اليومَ, هو إعلامٌ في إعلامٍ, بل حتى هذا الإعلامُ لا يصلحُ للإستهلاكِ الغربي أبداً, بل هو صالحٌ الى الإستهلاكِ العربي فقط, وبالخصوصِ للشعبِ العراقي والسوري واليمني حيثُ السطوةُ والسيطرةُ والأذرعُ الإيرانيةِ ...
قالَ تعالى العلي القديرُ في محكمِ كتابهِ الكريمِ :
{يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ }يوسف 41 ...

‫#‏الخَضْمُ_الأميركي‬ .. يُجْبِرُ روسيا على القَضْمِ :

,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,(الدكتور مهند جاسم الحسيني)
إنَّ عمليةَ الإبتلاعِ -الخَضْمُ- هي المرحةُ النهايةُ سياسياً لِمراحلِ القضمِ -الأكلُ بطرفِ الفمِ-, وكما يُقالُ في المثلِ يُبْلَغُ الْخَضْمُ بِالْقَضْمِ, وما يؤكدُ قولنَا أيضاً ما قالهُ الشاعرُ :
تَبَلَّغْ بِأَخْلَاقِ الثِّيَابِ جَدِيدَهَا
وَبِالْقَضْمِ حَتَّى تُدْرِكَ الْخَضْمَ
وأثناءُ الحربِ الباردةِ أستطاعتْ أميركا أن تَخْضُمَ العالمَ بأسرهِ بطريقةِ التحالفاتِ العسكريةِ والستراتيجيةِ والإقتصاديةِ بعيدِ المدى, وروسيا لم تَهتدي بعدُ الى عمليةِ ضمِ الأراضي القريبةِ مِنهَا إلى هذهِ الستراتيجيةِ, بل بقيتْ تتمسكُ بطريقةِ الضَمِ العسكري -قَضْماً-, وهي الطريقةُ الأبطأ مِن بينِ الطرقِ الأخرى ...
ولكن هذهِ الطريقةُ هي الطريقةُ المثلى ما لو لم تستطعْ إحدى الدولِ مِن الإستمرارِ بعمليةِ ضمِ الأراضي وتشكيلِ التحالفاتِ, والتي تتناسبُ مع العجزِ المالي والإنهيارِ الإقتصادي والعسكري, فتبقى طريقةُ القَضْمِ هي الطريقةِ المعمولِ بِهَا في الغالبِ, لأنَّهَا علامةٌ على قوةِ الدولةِ وقدرتِهَا على الإستمرارِ بضمِ الأراضي وتوسعةِ النفوذِ ...
‫#‏ولكن‬
هذهِ الطريقةُ تنطلي على أغبياءِ السياسيينَ, وبالخصوصِ المُنحازينَ والمخدوعينَ وأصحابِ الفكرِ المُحافظِ مِنهُم, لأنَّهُم بطبيعةِ نظرتِهِم الضيقةِ الى الأشياءِ, بل وبمسافةِ لا تتعدى ما يرونهُ بأعينهِم في الإعلامِ, حتى صارَ هؤلاءِ الساسةُ أقربَ للمُعَلِقِينَ مِنهُم الى المحليينَ السياسيينَ !!!
لأنَّ هؤلاءِ الساسةَ أو المحللينَ ينظرونَ الى التحركِ الروسي الأخيرِ في أعتابِ أوربا الشرقيةِ (أوكرانيا) على أنَّهُ علامةً مِن علاماتِ القوىِ الروسيا, بل وأحدُ الطرقِ التي ستعيدُ الروسِ الى أطرافِ إمبراطوريتهِم ما قبلَ تَشَكلِ الإتحادِ السوفيتي !!!
وإنَّ سببَ هذا الخطأ في الرؤيا الحقيقيةِ الى الواقعِ في عمومِ القارةِ الأوربيةِ, هو النظرُ الى الخطوةِ الأخيرةِ روسياً, وعدمِ إمعانِ البحثِ عن أصلِهَا وسببِهَا, فإذا كانَ أصلُهَا وسببُهَا هي كما ذَكَروا, وهو لإعادةِ حدودِ ماقبلَ الإتحادِ, فإذن هي علامةٌ للقوةِ والسيطرةِ الروسيا, وهي تتجهُ مِن مرحلةِ القَضْمِ لأطرافِ أوربا الشرقيةِ وصولاً لحالةِ الخَضْمِ لكلِ القارةِ العجوزِ, وأما إذا كانَ سببُ تحركِ الروسِ هو جاءَ كردِ فعلٍ لما يحصلُ عالمياً, بل ولما تعانيهُ مِن عملياتِ إلتفافٍ عسكري مِن قبلِ الجانبِ العسكري الأميركي بواسطةِ ذراعهِ حلفِ شمالِ الأطلسي (NATO), وبسببِ إحتماليةِ الوصولِ الى مرحلةِ كش ملك (checkmat), لذا يفضلُ الجانبُ الروسي إنهاءُ اللعبةِ بطريقةِ حبسِ الملكِ (stalemat), وهو الذي يوفرُ لهُم التعادلُ في نهايةِ المطافِ أمامَ التقدمِ العسكري والإقتصادي العالمي, بدلاً مِن الخسارةِ أو إعلانِهَا ...
وبالحقيقةِ أنَّ الجانبَ الروسي يبحثُ وبشكلٍ جادٍ عن ما يُعرفُ بخيارِ حبسِ الملكِ والإكتفاءِ بالتعادلِ السلبي, لأنَّهَا جائتْ بكلِّ هذهِ الخطواتِ كردِ فعلٍ لعملياتِ المداهميةِ الأميركيةِ والأوربيةِ لحدودِهَا الغربيةِ مِن خلالِ نشرِ الدرعِ الصاروخيةِ في بولندا, حيثُ أنَّ هذهِ الدرعَ حيدتْ إمكانيةَ الضربةِ الصاروخيةِ الستراتيجيةِ الأولى, وجَعْلَهَا المُستهدفةَ الأولى نووياً, وبالتالي طبقاً لقاعدةِ حربِ الدمارِ الشاملِ, المُستهدفُ الأولُ هو الخاسرُ الأولُ ...
ويُمكن للجانبِ الروسي الوصولِ لهذهِ الخطوةِ (stalemat), مِن خلالِ طريقٍ واحدٍ فقط, وهو طريقُ التفاوضِ المباشرِ مع الجانبِ الأميركي, وهذا الطريقُ باتَ شُبهِ مأصودٍ ومردومٍ أميركياً, لأنَّ الجانبَ الأميركي لا ترضَ إلا بخيارِ إنهاءِ التواجدِ الروسي لضمانِ إنهاءِ الهاجسِ وحاجزِ الخوفِ المخيمِ على مُخيلتِهَا مِن إحتماليةِ الهجمةِ النوويةِ الروسيةِ, وأما زعامةُ العالمِ بقطبيةٍ واحدةٍ فإنَّهَا مُتحققةِ منذُ إنهاءِ الإتحادِ السوفيتي مِن على خارطةِ التحالفاتِ العسكريةِ العالميةِ ...
ودليلُ البحثِ عن خيارِ التفاوضِ روسياً, هو تحركُهَا الأخيرُ على أطرافِ أوربا, مِن خلالِ دعمِهَا المتمردينَ في شرقِ أوكرانيا في دونيتسك ولوهانسك, والخوفِ مِن عمليةِ إستفتاءٍ جديدةٍ أسوةً بما حصلَ في شبهِ جزيرةِ القرمِ المُطلةُ على البحرِ الأسودِ والأقربُ الى مَنطقةِ الشرقِ الأوسطِ, مع تصريحِ أكثرِ مِن مرةٍ أنَّ روسيا لا تنوي الحربَ أبداً !!!
والدليلُ على أنَّ طريقةَ التفاوضِ غيرِ موجودٍ في القاموسِ الأميركي, أنَّ بريطانيا أرسلتْ كتيبةً كاملةً الى أقصى شمالِ دولِ البلطيقِ, وهي دولةُ أستونيا أحدى الدولِ الأوربيةِ داخلِ حلفِ الناتو, والتي لم تشهدْ تواجداً عسكرياً لهذا الحلفِ قبلَ الحركاتِ التمرديةِ الإنفصاليةِ في كييف وبدعمٍ روسي علني ...
‫#‏إذن‬
أنَّ التحركَ الروسي الأخيرَ مِن خلالِ نشرِ بعضَ قطاعاتهِ شرقِ أوكرانيا, لم يكن موفقاً أبداً, لأنَّهُ قُبِلَ بتحركٍ عسكري مِن قبلِ الناتو وبالتحديدِ بريطانيا الى نفسِ حدودِ روسيا, والتي لم يجرأ الناتو على بلوغِهَا قبلَ هذهِ الحادثةِ ...
وإنَّ وصولَ الآلافِ مِن الجنودِ الى الحدودِ الروسيا, سيُمكنُ وبشكلٍ تامٍ مِن السيطرةِ على طولِ الحدودِ الغربيةِ الروسيا, وبالخصوصِ ما لو تحركتْ كتائبٌ أضافيةٌ لنشرِهَا في كلِّ دولِ البلطيقِ -إستونيا, لاتفيا, ليتوانيا- وبالإضافةِ الى بولندا, بل وسَيُشكلُ درعاً ومانعاً لأيِّ تحركٍ روسي بإتجاهِ شمالِ وشرقِ أوربا, إضافةً لإحتماليةِ نشرِ درعٍ صاروخيةٍ على طولِ الشريطِ الحدودي الروسي, والذي يعتبرُ سابقةً خطيرةً جداً والأولى مِن نوعِهَا, لأنَّهُ منافي لإتفاقياتِ جعلِ البلدانِ المالكةِ للقدراتِ النوويةِ مكشوفاً للبلدانِ الأخرى لضمانِ عمليةِ الردعِ النووي, بعدَ أن إمتعضتْ روسيا مِن تواجدِ الدرعِ على بعدِ أكثرِ مِن (1000-700) كيلومتر مِن حدودِهَا وعلى الأراضي البولنديةِ وبحجةِ التهديدِ الإيراني لأراضي الولاياتِ المتحدةِ نتيجةً لإمتلاكِهَا القدرةَ الصاروخيةَ البالستيةَ !!!
‫#‏وهنا‬
يُسجلُ إحتمالٌ كبيرٌ جداً, بل يُمكن أن يرتقِ الى درجةٍ كبيرةٍ مِن الإطمئنانِ, بعدَ أن تُدركَ روسيا أنَّ أيَّ تحركٍ على أطرافٍ أوربا الشرقيةِ يُمكن أن يؤدي الى خسارَتِهَا الكثيرِ مِن الإحتمالاتِ المستقبليةِ والمخططِ لهَا, بسببِ تقدمِ الجانبِ العسكري والإقتصادي والتحالفي الأوربي والأميركي, سوفَ تسعى الى فتحِ جبهةٍ كبيرةٍ وواسعةٍ في سوريا قريباً, وتحديداً في المناطقِ الشماليةِ مِنهَا (الحسكة, دير الزور, الرقة), بعنوانِ قتالِ التنظيمِ ...
والهدفُ مِن هذهِ الخطوةِ هو زيادةِ إحتماليةِ إرغامِ أميركا وأوربا على قبولِ التفاوضِ مباشرةً, وإن كانتْ الصيغةُ العامةِ لهذا التحركِ والنزولِ هو التنظيمِ, ولزيادةِ هذهِ الإحتماليةِ هو تكثيفِ وجودِهِم البري وبشكلٍ كبيرٍ جداً ...
ولهذا فإنَّ أميركا مستعدةً لهذا الخيارِ منذُ أكثرِ مِن سنةٍ, لذا عززتْ مِن تواجدِ مقاتليهَا ومستشاريهَا على الأرضِ السوريا وتحديداً في الشمالِ مِن سوريا, بل وعملتْ على كسبِ ولاء المقاتلينَ في تلكَ المناطقِ, وتقديمِهِم على المصالحِ التركيا,لأنَّ الأتراكَ مهمَا تزايدتْ وتيرةُ الغضبِ عندَهُم, لكن لا يصلَ بهِم الحالُ الى تركِ أكبرِ حلفٍ على طولِ التأريخِ, وهو حلفُ الناتو, لذا فأنَّ أميركا ضمنتْ المقاتلينَ على الأرضِ مِن غيرِ جنودِهَا مَع ضمانِ محدوديةِ الخيارِ التركي ...
وبالمقابلِ أنَّ نزولَ الروسَ في هذهِ المحافظاتِ الثلاثةِ الشماليةِ لروسيا, سيقابلهَا تحركٌ أميركي وأوربي واسعٌ جداً, وربما نفسُ الناتو هو مَن سيتحركُ في هذا الإتجاهِ, إستكمالاً لعمليةِ التطويقِ الروسي ...
#وهنا
أتوقعُ جداً, بل وأتوقعُ خلافَ التوقعِ والإعتقادِ الشائعِ, أنَّ الرواياتِ التي تتحدثُ عن نزولِ التركِ أرضَ الجزيرةِ ‫#‏البصيرةِ‬, المرادُ بهِم هُم الجانبُ الروسي حصراً, وما يُؤيدُ ذلكَ عدةُ مؤيداتٍ :
1- إنَّ الأتراكَ الخزرَ هُم مِن سكنةِ الأراضي الروسيةِ عصرَ صدورِ الروايةِ, بل وأنَّ مَنبعُ أصولِهِم هي الأراضي الروسيةِ ...
2- إنَّ الذي يدخلُ في مواجهةِ التركِ النازلينَ أرضَ الجزيرةِ هُم الرومُ -حلفُ الناتو-, ومِن المُستبعدِ أن يدخلَ الناتو حرباً داخليةً مع أعضائهِ وهي تركيا, لذا فيتعينُ أن يكونَ التركُ النازلونَ غيرَ الدولةِ التركيةِ اليومِ والتي يَتوهمُهَا الكلُّ تقريباً, فيتعينُ التركُ الخزرُ هُم المرادونَ برواياتِ النزولِ ...
3- الرواياتُ التي تتكلمُ عن الحربِ التي لم يُرَ مُثلَهَا منذُ خلقَ الله تعالى السماواتِ والأرضَ, وأنَّ عددَ القتلى لا يُمكنُ التخلصَ مِنهُ إلا بطريقةِ عنايةِ وتدخلِ السماءِ مباشرةً, مِن خلالِ أمرِ السباعِ مِن أكلِّ لحومِ الجبارينَ على حدِ تعبيرِ الرواياتِ, وهذهِ الرؤيا لا تتناسبُ إلا مَع القوى العظمى المتصارعةِ اليومِ, وهي روسيا وأميركا والحلفِ عامةً ...

النِرْدُ الأميركي .. والقيمةُ الواحدةُ :

,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,(الدكتور مهند جاسم الحسيني)
فمَن كانَ يملكُ نِرداً بقيمةٍ واحدةٍ ومِن الفِئةِ الستةِ فقط, فلا يقالُ عنهُ أنَّهُ سيخسرُ رهاناً في يومٍ مِن الأيامِ, هكذا هي اللعبةُ السياسيةُ الأميركيةُ ...
ومَن كانَ يلعبُ النردَ على قطعِ يدهِ, وليسَ لهُ خيارٌ إلا أنَّ يختارَ مكانَ القطعِ المفضلِ عندهُ, هل هو مِن تحتَ المرفقِ -Long Slave- أو مِن فوقَ المرفقِ -Short Slave- هكذا هي العبةُ الروسيةُ ...
‫#‏نعم‬ ...
اللعبةُ الأميركيةِ والروسيةِ لعبتانِ غيرُ متكافئتانِ أبداً, فالأولُ خياراتُ الفوزِ مضمونةً لديهِ, واللعبُ فقط وفقط على حسابِ طولِ وقصرِ الوقتِ, بخلافِ الثاني, فالرهانُ على طولِ ذراعهِ في المنطقةِ وقصرهَا, ومَا تَقصرُ اليومُ على بلوغهِ عن طريقِ التفاوضِ, فستخسرهُ بطريقةِ بترِ اليدِ وليسَ إنكماشِهَا, فلا أملَ لَهَا في إسترجاعِهَا ...
هل رأيتُم أحبتي المتابعينَ حجمَ ومقدارَ الأوراقِ التي يحملهَا وزيرُ الخارجيةِ الأميركيةِ جون كيري في كلتا يديهِ, الأولى اليمنى تحملُ حقيبةً دبلماسيةً حمراءً, والأخرى تحملُ بوكس فايل -Box file- عددَ إثنينِ !!!
وللصورةِ عدةُ دلالاتِ سأقفُ عندهَا قليلاً ...
إنَّ مقدارَ التفاوضِ الروسي الأميركي سوفَ لا يكن بالأمرِ الهينِ هذهِ المرةِ, لأنَّ التفاوضَ سيكون على عدةِ ملفاتِ كبيرةِ جداً, بعضهَا يرتقي الى الأمنِ القومي والوجودِ والبقاءِ على سطحِ الأرضِ, لأنَّ هذهِ الزيارةَ جائتْ بعدَ عدةِ أحداثٍ عالميةِ كبيرةٍ جداً, وأكبرُهَا خروجُ حلفِ الناتو -NATO- مِن قمةِ أرسو, حيثُ تمخضَ الإجتماعُ عن عدةِ نقاطٍ تخصُ كلُّهَا الجانبَ الروسي ...
حيثُ نشرِ أربعِ كتائبٍ مِن الناتو في دولِ البلطيقَ, وهي أجمعهَا تقعُ على الحدودِ الغربيةِ لروسيا, أي جعلِ قواتِ الناتو على تأهبٍ تامٍ للتصدي الى أيِّ طارئ يهددُ شمالَ شرقي للدولِ الأوربيةِ ...
وكما إنَّ دعوةَ جمهوريةِ الجبلِ الأسودِ لحضورِ القمةِ, بعثتْ برسالةٍ يقرأهَا الأُمي مِن السياسيينَ أنَّ الحلفَ لازالَ يملكُ مِن الشراهةِ لإبتلاعِ كلِّ دولِ البلقانِ المتبقيةِ خارجَ الناتو الى قبولِ عضويتِهَا الى داخلَ الحلفِ, حتى لو لم تكن هذهِ البلدانِ مِن المُعتبرةِ عسكرياً, بل يكفي أنَّهَا متاخمةً للحدودِ الغربيةِ الجنوبيةِ لروسيا, وبالتالي جعلِهَا مقراتٍ لنصبِ منصاتِ الصواريخِ لتحييدِ الترسانةِ النوويةِ الروسيةِ, والتي طالما تبجحتْ روسيا أنَّهَا ثاني أكبرُ دولةٍ تتملكُ القدراتِ الصاروخيةِ والنوويةِ ...
بالإضافةِ الى الأزمتينِ الأوكرانيةِ والسوريةِ, والأولى تمثلُ الأمنَ الروسي في القارةِ الأوربيةِ, بينمَا الثانيةُ فتمثلُ القدرةَ الروسيةِ على حفظِ الأحلافِ مِن القوى والأخطارِ الخارجيةِ, والوفاءُ مع الأحلافِ تَرسمُ الخارطةَ الخارجيةَ للبلادِ, وتُثبتُ إمكانية الروسِ للحفاظِ على الأحلافِ بالمستقبلِ !!!
حقاً أنَّهَا ملفاتٌ شائكةٌ جداً, ويستحيلُ أخذُهَا ومسكُهَا بيدٍ واحدةٍ منفردةٍ, بل لابدَ مِن التضحيةِ ببعضِهَا والتخلي عنهَا للحصولِ والضمانِ للإحتفاظِ بالآخرِ ...
فَمِنَ المستحيلِ جداً أنَّ تفاوضَ روسيا أميركا والناتو على فعلِ التالي :
1- سحبُ قواتِ الناتو مِن دولِ البلطيقِ -إستونيا, لاتفيا, ليتوانيا- والمقدرةِ بأربعِ كتائبٍ من القواتِ المُشتركةِ ...
2- التراجعُ عن ضمِ دولِ البلقانِ الى الحلفِ, والإكتفاءِ بالدولِ الثمانِ والعشرينِ وعدم السعي الى ضمِ دولٍ أكثرٍ ...
3- التخلي عن الملفِ السوري السياسي بشكلٍ كاملٍ, والإهتمامِ بالحربِ ومكافحةِ الإرهابِ والإتفاقِ على مَن يقعونَ ضمنَ الإرهابِ الدولي ...
بينما ستوافقُ أميركا مرغمةً بهذهِ التنازلاتِ جميعاً أمامَ لا شيءٍ أبداً !!!
‫#‏وهنا‬ ...
بعدَ أنَّ بينا إستحالةَ أمرَ التنازلِ كاملاً مِن قبلِ الإدارةِ الأميركيةِ, فيبقى خيارُ ما يعطى باليمينِ يُدفعُ بالشمالِ, وهذا سِرُ حملِ الأوراقِ بكلتا اليدينِ وعدمِ الإكتفاءِ بحقيبةٍ واحدةٍ كبيرةٍ فقط ...
فخيارُ التنازلُ الروسي أمراً مطروحاً ومِن الثواني اللأولى مِن لحظاتِ ظهورِ جون كيري مِن قِمْرَةِ المسافرينَ, وهو يُمسكُ بأوراقِ التفاوضِ بكلتا يديهِ ...
#وهنا ...
تناولَ الإعلامُ الغربي والشرقي ما أفصحَتْ الخارجيةُ الأميركيةِ مِن المُوجَبِ لهذهِ الزيارةِ المكررةِ لروسيا خلالَ هذا العامِ, حيثُ بينَتْ أنَّ الورقةَ التي يحملهَا كيري الى الرئيسِ فلاديمير بوتن هي ورقةُ عملٍ للحربِ على الإرهابِ في سوريا, مع البحثِ عن قيادةِ مشتركةٍ في الإردنِ, مع المنعِ للطيرانِ السوري مِن متابعةِ طيرانهِ إلا لمهامِ الدفاعِ عن النفسِ !!!
ولذا بالنظرِ الى الأزمتينِ السوريا وأوربا الشرقيةِ أنَّهُمَا أزمتانِ غيرُ متكافئتانِ أميركياً, بل أنَّ التقدمَ للحلفِ قريباً مِن الحودِ الغربيةِ لروسيا حُلماً أميركياً وأمناً قومياً, بينمَا الأزمةُ السوريا والسعي الى موسكو لحلِهَا بمثابةِ عدمِ إنقطاعِ الجسرِ الدبلماسيةِ بينَ البلدينِ, وإلا ماذا تُمثلُ القضيةَ السوريةَ الى روسيا قبالَ ما تعانيهُ الحدودُ الغربيةِ مِن خطرٍ مداهمٍ جداً بالنسبةِ لهَا ؟!!
وبالمقابلِ لا يُمكن أن نجعلَ القضيةَ السوريا في قبالِ التقدمِ الأميركي بواسطةِ حلفِهَا على أعتابِ موسكو الغربيةِ, حتى يكون الإثنانِ موضعي تفاوضٍ وتبادلٍ بينَ البلدينِ, بل المناطقُ التي وطأتْهَا أقدامُ الدجالِ الأميركي في دولِ البلطيقِ لا يُمكنُ سحبَهَا أبداً في أي حالٍ مِن الأحوالِ, وبالخصوصِ مع تفاهةِ الملفِ السوري قياساً بالملفِ الروسي ودرئ الخطرِ عن الأراضي الأميركيةِ ...
‫#‏الآن‬ ...
ليسَ مِن العقلِ والمنطقِ أن نُصدقَ ما قالهُ المحللونَ السياسيونَ الشرقيونَ والغربيونَ, فضلاً عما يتوهمهُ المحللونَ العربِ, مِن أنَّ الملفَ السوري الذي أبدتهُ التصريحاتُ الأميركيةِ سيكون قبالَ الأزمةِ في أوربا الشرقيةِ, أو في قبالِ ما إنتهتْ أليهِ قمةُ أرسو عاصمةُ بولندا مِن نقاطٍ, لأنَّ الملفينِ غيرُ متكافئينِ أبداً, فلا يصحُ التفاوضُ عليهِمَا ...
ولكن أنَّ الورقةَ الأميركيةَ هي بحدِ ذاتِهَا دبلوماسيةً الى حدِ الجنونِ, حيثُ إقترحتْ الإدارةُ الأميركيةَ التفاوضَ على بقاءِ الأسدِ في سوريا, قبالَ قبولِ الروسِ بالمشاركةِ ضدَ التشكيلاتِ الإرهابيةِ هناكَ, وهذهِ الورقةُ بحدِ ذاتِهَا هي موافقةٌ مبدئيةً لبقاءِ النظامِ بعيداً عن شنِ الهجماتِ الإكتفاءِ بالدفاعِ عن النفسِ, وهذا الهدفُ سيحفظُ ماءَ وجهِ روسيا المُراقِ مِنذُ أكثرِ مِن سنةٍ لوقوفِهَا أمامَ التيارِ العالمي والإقليمي المتمسكِ برحيلِ الأسدِ مِن سوريا, مع الرضوخِ لأمرِ الواقعِ الأميركي للموافقةِ بإشراكِ الروسِ ضمنَ الحلفِ العالمي لمحاربةِ الإرهابِ, بعدَ أن سالَ لُعابُهَا للإشتراكِ في هذا الحلفِ ودعتْ أميركا بالموافقةِ لإشتراكِهِمَا سويةً للحربِ ضدَ الإرهابِ ...
‫#‏لذا‬ ...
مَن أرادَ مَعرفةَ القوةَ الروسيا وتحملِهَا لبقاءِ إصبعِهَا بينَ فكي الوحشِ الأميركي, فلينتظرْ ما ستؤولُ إليهِ هذهِ المحادثاتِ مِن نتائجٍ ...
وأما أنَّا فأعرفُ جيداً أنَّ كلتا اليدينِ لوزيرِ الخارجيةِ الأميركيةِ جون كيري تحملانِ هذا الخيارَ حصراً, وهو التفاوضَ على بقاءِ الأسدِ لهذهِ الفترةِ كقوةٍ مدافعةٍ عن نفسِهَا, وهو يُمثلُ الحلمَ الروسي, مع القبولِ بالمشاركةِ الأميركيةِ الروسيةِ لقتالِ الإرهابِ في سوريا, وهو حلمٌ روسيٌ أيضاً !!!
وإذا رفضَ الجانبُ الروسي هذهِ المفاوضاتِ وأبدى رفضهُ القاطعُ لهَا, عندَهَا عَرَفَتْ روسيا أنَّ ما جاءَ بهِ جون كيري بمثابةِ هديةٍ بسيطةٍ للتقليلِ مِن الإمتعاضِ الروسي أمامَ التقدمِ العسكري لحلفِ الناتو على حدودهِ الغربيةِ, حيثُ تحوي هذهِ الهديةُ على مُلهيةِ أطفالِ مصنوعةٍ من البلاستكِ المعادِ, مع مجموعةِ أقنعةِ أبطالِ الخارقينَ في السينما الهوليوديةِ تنفعُ الحكومةَ الروسيةَ للإستمرارِ بحفلاتِهِم التنكريةِ في ليالي الهلوينَ في مَنطقةِ الشرقِ الأوسطِ فقط ...

الإنْقِلَابُ التُرْكِي ... بينَ السياسةِ الداخليةِ والشأنِ الخارجي :
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,(الدكتور مهند جاسم الحسيني)
كم يتألمُ المرءُ عندما يرى السطحيةَ والسذاجةَ في تحليلاتِ كلَّ المحللينَ السياسيينَ العربِ دونَ إستثناءٍ يُذكرُ, ومقدارُ الألمِ والحسرةِ ليسَ على هؤلاءِ المُرتزقةِ لبعضِ السياساتِ الإعلاميةِ في الغالبِ, بل على أنَّ هؤلاءِ يُمثلونَ المُلقنينَ لشرائحِ المُجتمعِ الواسعةِ, بل أنَّ مقدارَ العَمى والصممِ والغباءِ لولئكَ السياسيينَ والمحللينَ باتَ كالداءِ الذي ينتقلُ بالعدوى الإلكترونيةِ عبرَ طياتِ المجتمعِ كافةً, وهذا أحدُ الأسبابِ التي يُمكنُ أن يُعزى إليهَا التخلفُ العلمي التحليلي الذي يُصيبُ مجتمعاتِ العالمِ كافةً والعربِ خاصةً !!!
ألا تلاحظونَ كم يتفقُ الكلُّ على حنكةِ وحكمةِ الآباءِ والأجدادِ وحتى الأمهاتِ والجداتِ مِن جيلِ ما قبلَ التكنلوجيا الإلكترونيةِ, حيثُ كانوا أكثرَ فطنةً ودرايةً لفهمِ الأمورِ بمجردِ سماعِهَا مِن المقابلِ, بل كانوا يرتقونَ الى مراتبِ الإستشاريينَ الدوليينَ في فهمِ سياساتِ الإقليميةِ والعالميةِ, بمجردِ أن يطلعَ على أبسطِ المعطياتِ التي يتلقاها مِن أي مصدرٍ مِن المصادرِ !!!
فنعتُ الأجيالَ السابقةِ لنَا بالأميةِ ظلمٌ كبيرٌ لهُم, بل أنَّ الأجيالَ الحاليةِ والمُستقبليةِ أولى بالنعتِ لِمصطلحِ الأميةِ, فالأميةُ لا يُمكن أن تكنَ سبةً على فردٍ لا يحتاجَ القراءةَ والكتابةَ لفهمِ الواقعِ وما وراءهُ, ولكنَ السبةَ على أولئكَ المُثقفينَ الذينَ يجيدونَهُمَا ولا يُحسنونَ إستعمالَهُمَا !!!
‫#‏فالحقيقةُ‬ :
بتنَا نرى في أمِ أعيونِنَا الجهالةَ الأولى والجاهليةَ السابقةَ والأميةَ الحقيقيةَ في عصرِ إنعدمَ فيهِ مَن لا يُجيدونَ الكتابةَ والقراءةَ, ولكن شاعتْ فيهِ أمراضُ عدوى الغباءِ والتقليدِ لولئكَ الذينَ سوقَهُم لنَا الإعلامُ وفرضَ رأيَهُم فوقَ أرائِنَا ورؤياتِنَا, فلو أردنَا أن نكن مُنصفينَ وحياديينَ لوصفنَا أمَّتَنَا اليومَ بالأميةِ المَحضةِ !!!
‫#‏ألم‬ :
تلاحظوا وتستقرئوا الواقعَ الإعلامي كيفَ أظهرَ على أنَّ الإنقلابَ التركي إنقلابٌ أثَرَّ على الداخلِ التركي مِن حيثُ إحكامِ القبضةِ الحاكمةِ أو عدمِهَا, أو مِن حيثُ السعي الى الإستقرارِ مِن عدمهِ, ولم يَستقرئ أبعدَ مِن هذهِ الصورةَ التي روجَهَا الإعلامُ عبرَ نفسِ أولئكَ المرتزقةِ مِن المحللينَ والسياسيينَ !!!
‫#‏وهنا‬ :
لا يخلو أمرُ هذا التدليسُ أحدَ أمرينِ :
إما أنَّ هؤلاءِ المرتزقةِ الإعلاميينَ حقاً أنَّهُم لا يفقهونَ الأمرَ أكثرَ ممَا شرحوهُ وأظهروهُ للناسِ المتلقينَ ...
أو أنَّهُم تعرفوا على الكثيرِ ولكنَّهُم أخفوهُ عن الناسِ عامةً في الوسائلِ الإعلامِ التي يعملونَ لِصالحِهَا ضمنَ سياسةِ الإعلامِ المُسيطرةِ عليهَا مِن قبلِ الحكوماتِ المُتسلطةِ على عقولِ الناسِ قبلَ أجسادِهَا ...
ولو أني أستبعدُ الأمرَ الثاني بالمُطلقِ, لأنَّ هنالكَ بعضَ الوسائلِ غيرُ خاضعةٍ لولئكَ المُتسلطينَ على القلوبِ والأرواحِ مِن الظلمةِ, فصفحاتُ التواصلِ الإجتماعي وفرتْ لنَا الكثيرِ مِن مساحاتِ التعبيرِ والحريةِ لإبداءِ الآراءِ دونَ الخوفِ مِن وزارةِ الإتصالاتِ و الإعلامِ ...
وحتى معَ هذهِ الوسيلةِ التي لا أستبعدُ أنَّ للسماءِ دخلٌ في نشأتِهَا نصرةً للمظلومينَ وحرباً على الظالمينَ, وعدمَ توقفِ فرضتي الأمرِ بالمعروفِ والنهي عن المُنكرِ, وبالمُقابلِ لإستحكامِ التنجيزِ على أولئكَ الذينَ يَخدعونَ اللهَ وهو خادعُهُم أنَّهُم لا يستطيعونَ أنَّ ينتصروا للمظلومينَ لإستحكامِ قبضةِ المُتسلطينَ عليَهَا, نرى الكثيرَ مِن مُدعينَ التحليلَ يسيرونَ بسيرةِ المحررينَ لولئكَ الإعلاميينَ على شاشاتِ التلفازِ, حقاً أنَّ هؤلاءِ الفيسبكيةِ لا يُتقنونَ فقط وفقط تحريرَ كلماتِ أولئكَ المحللينَ المُسيطرينَ على شاشاتِ التلفازِ, وبالتالي صارَ الناسُ بينَ ناري التلفازِ ومرتزقتهِ والفيس بكَ وسُراقهِ !!!
‫#‏ولكن‬ :
القضيةُ التركيةِ قضيةً معكوسةً كثيراً عما سوقَهَا الإعلامُ وبشكلٍ تامٍ ...
فبعدَ تقديمِ الولاياتِ المتحدةِ الأميركيةِ لبعضِ المصالحِ في المنطقةِ, كتقديمِهِم للقواتِ الكرديةِ السوريةِ BYD مِن حيثُ الدعمِ والتدريبِ والسيطرةِ على الأرضِ التركيةِ السوريةِ وطردِ التواجدِ لتنظيمِ الدولةِ -داعش- في شمالي الرقةِ والحسكةِ وصولاً الى قامشلي والى الحدودِ العراقيةِ القريبةِ مِن الموصلِ قريباً إن شاءَ اللهُ, تولدتْ منطقةٌ كاملةٌ تحتَ السيطرةِ قواتِ BYD والتي تَعزلُ التدخلاتِ التركيةِ البريةِ في سوريا وبشكلٍ كاملٍ ...
وهذا ما أثارَ شعورَ الغيرةِ والحسدِ والخوفِ على المصالحِ وحدودِ السلطةِ وإنقلابِهَا الى أيدي غيرِ ساسةِ التركِ, مما أدى الى إنقلابِ البوصلةِ التركيةِ الخارجيةِ, حيثُ بدأت الحكومةُ التركيةُ بتغييرِ ستراتيجيتِهَا بشكلٍ كاملٍ وبطريقةِ الدفعِ وليسَ التدرجِ الدبلماسي ...
حيثُ قررتْ في إسبوعِ واحدٍ تقريباً عدةَ قراراتٍ ستراتيجيةٍ عالميةٍ, تخرجُ عن مِنظورِ الشأنِ الداخلِ وحريةِ التحكمِ فيهِ, الى الشأنِ العالمِ ووجوبِ الإستشارةِ فيهِ ولو معَ الأحلافِ التي تقعُ تركيا ضِمنِهِ, حيثُ قررتْ إرجاعَ العلاقاتِ :
التركيا الروسيا, والتركيا السوريا, والتركيا المصريةِ, والتركيا الإسرائليةِ !!!
وأن كانتْ هذهِ القراراتُ قراراتٍ تقعُ ضمنَ الطيفِ والشأنِ الداخلي التركي, والتي تتحكمُ فيهَا المصالحُ القوميةُ والإقتصاديةُ, ولكنَّهَا أخطأت ذلكَ كثيراً, حيثُ أنَّ الشأنَ الداخلي المسموحَ بهِ عالمياً الذي لا يتعارضُ مع السياسةِ الدوليةِ العظمى, وبالخصوصِ لو كانتْ الدولُ العالميةُ العظمى في حالِ حربٍ علنيةٍ أشدُ مِن الحربِ الباردةِ بكثيرِ, بل أنَّ الدولَ العالميةَ على أبوابِ حربٍ ضروسٍ تتغيرُ فيها مواقعَ القاراتِ ربَّمَا, وتختفي الكثيرُ مِن المعالمِ التي طالما تزينتْ بهَا أرضُنَا الحبيبةُ ...
‫#‏نعم‬ :
إنَّ إثارةَ ميزانَ القوى العالميةَ بعنونِ المصالحِ والشأنِ الداخلي أمرٌ بالغُ الخطورةِ وبشكلٍ كبيرٍ جداً, بل أنَّ أغلبَ البلدانِ الضعيفةِ كتركيا, ستخرجُ أرضُهَا وسمائُهَا ومائُهَا مِن تحتِ سلطتِهَا, وتصبحُ مسرحاً وخشبةَ مسرحٍ للإحداثِ العالميةِ الكُبرى ...
#وهنا :
بآنَ الرئيسُ التركي أوردغان أنَّهُ صبي مِن صبيةِ السياسةِ, ومراهقٌ مِن مراهقينَ السلطةِ, لأنَّهُ لم يَفهَمَ حدودَ الشأنَ الداخلي في حالةِ الحربِ أوالإعدادِ إليهَا, وعدمُ تميزِهَا عن حالاتِ السلمِ !!!
‫#‏ألان‬ :
دعوني أشرحُ لكم شيئاً بسيطاً جداً جداً جداً, وهذا البسيطُ جداً جداً جداً لم يلتفتْ إليهِ كلُّ المحليينَ السياسيينَ على شاشاتِ التلفازِ فضلاً عن السراقِ والمُحررينَ لكلامِهِم في الفيس بكَ ...
المعلومُ أنَّ مِن أكبرِ أساطيلِ البحريةِ الروسيةِ تلكَ التي تقعُ في المياهِ الدافئةِ في البحرِ الأسودِ, حيثُ أنَّ هذا البحرُ يُعدُ مِن البحارِ المُغلَقةِ وبشكلٍ تامٍ جداً إلا مِن الجانبِ التركي, حيثُ تربطهُ القناةُ التركيةُ المُسماةِ بقناةِ البوسفورَ بالبحيرةِ مرمرةٍ ومِنهَا الى البحرِ المُتوسطِ ...
ولكي يَعبرَ إسطولٍ بحري مِن المياهِ الدافئةِ الدوليةِ الى المياهِ الدوليةِ في المتوسطِ, لابدَ أن يقطعَ أكثرَ مِن 350km في الأراضي التركيةِ أو في مياهِهَا الداخليةِ, وأنَّ إتفاقيةِ مونترو عامَ 1936 جعلتْ المضيقَ بيدِ الجانبِ التركي حصراً, لأنَّ المياهَ والأراضي تركيةً وليستْ إقليميةً ...
وهذا الذي جعلَ تركيا لاعباً مُهماً جداً في تحالفِ NATO, حيثُ يمكنُ لتركيا أن تمنعَ السفنةَ الحربيةَ والتجاريةَ في حالةِ الحربِ أو الإعدادِ لهَا, بالمقابلِ تسمحُ بمرورِ السفنةِ الحربيةِ التي لا تزيدُ حمولاتُهَا على 15.000 Ton, خلالِ أوقاتِ السلمِ ...
‫#‏ولذا‬ :
نجدً أنَّ الروسَ مِن الدولِ المتخلفةِ جداً في تصنيعِ وإمتلاكِ حاملاتِ الطائراتِ, لأنَّ هذهِ الإتفاقيةَ حالتْ بينَهَا وبينَ أن تعبرَ أي سفينةٍ حربيةِ تزيدُ حمولتُهَا عن الخمسةِ عشرِ طناً مِن الأسلحةِ والذخائرِ والأمتعةِ والوقودِ, وبطرحِ ما تحتاجهُ السفينةُ وطاقمُهَا مِن الأمتعةِ والوقودِ, سوفَ لا يتبقَ للحمولةِ العسكريةِ أيُّ وزنٍ يُذكرُ !!!
‫#‏والآن‬ :
دعونَا نخوضُ المُعتركَ التحليلي السياسي في أمرِ الإنقلابِ العسكري في السابعِ عشرِ مِن هذا الشهرِ, حيثُ أنَّ أولَ نقطةٍ سيطرَ عليهَا الجيشُ التركي وبعددِ لا يتجاوزُ العشراتِ مِن الآلياتِ والأفرادِ, هو الجسرُ العابرُ على مَضيقِ البسفور, والذي يشلُ الأساطيلَ الروسيا عن الحركةِ وبشكلٍ نهائي ما لو نجحَ هذا الإنقلابُ, لأنَّ نجاحَ الإنقلابِ سيجعلَ السفنةَ الحربيةَ الروسيا غيرُ آمنةً للحكومةِ التركيةِ الجديدةِ وبالخصوصِ مع هذا الإصطفافِ العالمِ بإتجاهِ إنهاءِ التواجدِ الروسي عالمياً, وعندَهَا سوفَ تخسرُ روسيا الحربَ السوريةَ وبشكلٍ سريعٍ جداً ومُفاجأ, بل وتجعلُ السفنَ الروسيا القريبةَ مِن ميناءِ طرطوسِ السوري مُنقطعٌ وبشكلٍ نهائي عن القيادةِ في الموانئ في جزيرةِ القرمِ والموانئ الروسيا, ناهيكَ عن تحييدِ السلاحِ البحرِ الروسي في البحرِ الأسودِ والذي شلَ مؤخراً حركةَ سفنِ الناتو ...
وهذا ما جعلنَا نلتفتْ الى أولَ بيانٍ مِن بياناتِ التي أطلقهَا الإنقلابيونَ, حيثُ أشارَ الجيشُ أنَّ الجيشَ التركي مُلتزمٌ بحلفِ شمالِ الأطلسي NATO في حالِ تشكيلِ حكومةٍ جديدةٍ بعدَ إنهاءِ حكومةِ أوردغانَ ...
وهذا التصريحُ في الساعاتِ الأولى مِن السيطرةِ على مضيقِ بسفورَ, وهذا يُمثلُ رسالةٌ غيرُ مشفرةٍ يَفهموهَا الروسُ وبطريقةٍ مباشرةٍ ...
‫#‏لذا‬ :
فأمرُ نجاحِ الإنقلابِ تُمثلُ كارثةً روسيةً حقاً, لأنَّ أمرَ فتحِ المضيقِ أمامَ الملاحةِ العسكريةِ الروسيةِ خاصةِ ودولِ البحرِ الأسودِ عامةٍ يحتاجُ الى أشهرٍ في أحسنِ الأحوالِ, لأنَّ شرطَ الفتحِ هو إستعادةُ الأمنِ التركي في البلادِ وتشكيلِ حكومةٍ مدنيةٍ جديدةٍ وربما بعدَ التصويتِ على دستورٍ علماني جديدٍ !!!
وبهذهِ الحالةِ أنَّ أشدَ المُتضررينَ مِن أمرِ الإنقلابِ هم الروسُ, وأما حلفُ الناتو فتلقَ رسالةَ إطمئنانٍ مِن قبلِ الإنقلابيينَ ...
‫#‏وهذا‬ :
ما فسرَ لنَا عدمِ إبداءِ الأوربيونَ عموماً وحكومةُ الأميركيةِ خصوصاً الإكتراثَ لأمرِ الإنقلابِ, بخلافِ التصريحاتِ المستعجلةِ التي ألقاهَا الكرملنُ وسيرغي لافروف والقيادةُ الروسيةِ بمِن تخوفِهِم مِن عمليةِ الإنقلابِ هذهِ !!!
‫#‏ودعوني‬ :
أستمتعُ معكم بِطرحٍ أكثرٍ هذهِ المرةِ, وأكشفُ لكُم الكثيرَ مِن المستورِ مِن دهاليزَ السياسةِ العالميةِ والإقليميةِ, وأنتُم بدوركُم إستمتعوا بإرتفاعِ الضغطِ على مَن يتخذَ صفحاتِ التواصلِ الإجتماعي سوقاً لترويجِ بضاعتهِ المسروقةِ مِن شاشاتِ التلفازِ, وأخصُ بالذكرِ صاحبَ -الكصكوصة- التي لا تتعدَ كلماتُهَا الخمسينَ !!!
إنَّ كلَّ التحركاتِ التركيةِ الأخيرةِ على صعيدِ وزارةِ الخارجيةِ, وبالخصوصِ تلكَ التي تهتمُ بتطبيعِ العلاقاتِ مع الروسِ والحكومةِ السوريةِ, سوفَ يُعادُ النظرِ فيهَا, بل ربما سوفَ تبقى طي الإهمالِ خلالَ هذهِ المدةِ, لأنَّ السياسةَ الداخليةَ تتقدمُ على الخارجيةِ, فالإنقسامُ الحاصلُ في المجتمعِ التركي على الحكومةِ, والعملُ الحثيثُ مِن قبلِ الحكومةِ التركيةِ للقضاءِ على مناوئيهَا, سيُشغلُ الحكومةَ التركيةَ مِن السياسةِ الخارجيةِ والعملِ على الإستمرارِ فيهَا ...
وهنا قد مسكتْ الحكومةُ الأميركيةُ القضيةَ التركيةَ مِن المنتصفِ حقاً, حيثُ إستعانتْ بزعزعةِ الداخلَ التركي على أن تتجشمَ عناءَ المفاوضاتِ والتنازلاتِ لبلادٍ لا يُعدُ قادتُهَا السياسيونَ صبيةً أو يافعينَ في السياسةِ الدوليةِ والإقليميةِ, وبالتالي إشغالُ الحكومةِ التركيةِ في الشأنِ الداخلي سَيُنهي فكرةِ اللعبِ على الأوتارِ الخارجِ ...
وبالمقابلِ ضربتْ أميركا أروعَ الأمثلةِ لكلِ دولِ العالمِ الثالثِ والثاني وبالخصوصِ الإقليميةِ منهَا, أنَّ أمرَ بقاءِ الحكوماتِ على سدةِ الحكمِ كلُّهَا بالرعايةِ والمباركةِ الأميركيةِ, ولهَا أن تقلبَ الحُكمَ ساعةَ تشاءُ وبأي طريقةٍ تريدُ, ومَن تَكن هذهِ حالُهَا مِن الحكوماتِ لا يَسعَهَا أن تَفرضَ نفسَهَا رقماً ذا قيمةٍ في المعادلةِ العالميةِ, بل لا وجودَ لسلطةٍ عربيةٍ أو إقليميةٍ لهَا القدرةُ على أن تلعبَ على حبلينِ معاً, وتتوهمُ نفسهَا أنَّ خياراتِ البقاءِ مِن خياراتِهَا المُتاحةِ والمُفعلةِ لها ...
#وهنا :
فأمرُ الإنقلابِ أمراً أميركياً بحتً, حيثُ أرسلتْ خلالَهُ العشراتِ مِن الرسائلِ الى مختلفِ أنحاءِ العالمِ والى الروسِ على وجهِ الخصوصِ, بأنَّ قيامَ الحكوماتِ على سدةِ الحكمِ كلُّهَا تحتَ الرعايةِ الأميركيةِ وبالإمكانِ تحييدِ أيِّ سلاحةٍ روسي يُمكن أن تفكرَ روسيا يوماً مِن الأيامِ أنهُ مُتنفساً لهَا للخروجِ مِن مَرحلةِ إنهاءِ التواجدِ الى حريةِ الحركةِ ...
‫#‏وبالمُقابلِ‬ :
أنَّ وصفَ الإنقلابِ بالفاشلِ وصفٌ سطحيٌ جداً, لأنَّ الغايةَ المُتوخاةَ مِن الإنقلابِ تحققتْ وبشكلٍ كاملٍ أميركيا, ولكنَ أمرَ الإنقلابِ يبقى راجحاً جداً في الأيامِ القليلةِ القريبةِ, ولكن هذا الإنقلابُ سيكون إنقلاباً مدنياً واسعاً, وسيلاً مِن المناوئينَ للسياسةِ المُتبعةِ في تركيا ...
‫#‏كيف‬ ؟؟؟
مِن الخطأ جداً أن يستغلَ أوردغانُ هذا الإنقلابَ معروفَ التوجهِ والأهدافِ للقضاءِ على مناوئيهِ والمتعاطفينَ معهُم في تركيا, لأنَ التعسفَ سوفَ يولدُ عشراتِ الجبهاتِ المناوئةِ, وبالخصوصِ تلكَ التي تريدُ أن تركبَ الموجةِ في تركيا, بل كانَ مِن الواجبِ عليهِ أن يتصرفَ بالحكمةِ التي لم يتوقعَهَا مؤسسوا الإنقلابِ التركي, مِن خلالِ إعتقالِ المشاركينَ في الإنقلابِ العسكري بشكلٍ مُباشرٍ, مع العملِ الأمني الواسعِ للحفاظِ على المنظومةِ الأمنيةِ في البلادِ, والعملِ على إعادةِ تعينِ مواردِ السلطةِ مِن خلالِ إعطاءِ جهازي الأمنِ والمخابراتِ صلاحياتٍ أكثرٍ ...
‫#‏بل‬ :
وبعدَ أن تستتبَ الأوضاعُ الأمنيةُ في البلادِ يعملُ على إصدارِ عفوٍ تامٍ لكلِّ أولئكَ المشاركينَ في عملياتِ الإنقلابِ الفاشلةِ, لأنَّ هذا سيجعلُ المنظومةَ العسكريةَ والأمنيةَ, بل وحتى الجبهاتِ المدنيةِ تنظرُ لهُ بأنَّهُ صاحبُ قلبٍ رؤوفٍ ورحيمٍ حتى على أعدائهِ, بل سيثبتْ للعالمِ أنَّهُ إستطاعَ أن يقفزَ هذهِ المرحلةَ بنجاحٍ منقطعِ النظيرِ ...
وبِخصوصِ :
عندمَا نرى كيفَ تعاملَ هؤلاءِ العساكرُ المنقلبونَ مع الناسِ, حيثُ كانوا يملكونَ من مقوماتِ القتلِ والموتِ كافة, حيثُ الدباباتُ والمدافعُ والطائراتُ والصواريخً ما يُمكنهُم أن يُنْجِحُوا الإنقلابَ في حالةِ أن يستهدفوا الطلائعَ الأولى لأولئكَ المدنيينَ المُعترضينَ على الإنقلابِ, فهكذا جنودٌ مِن اللذينَ لم يرفعوا أسلحتَهُم بوجهِ أبناءِ شعبِهِم الأجدرُ أن يُعطوا فرصةً أخرى لينخرطوا بينَ صفوفِ المجتمعِ, وبالخصوصِ أنَّهُم لم يستعينوا بأسلحتِهِم حتى في حالةِ الدفاعِ عن النفسِ, بل رضوا أن يُضربوا ويُهانوا ويسخلُ كما تُسحلُ النعاجُ الى المسلخِ ...
#ولكن :
ماذا نفعلُ مع مَن يرَ أنَّ دوامَ السلطةِ وإستواءَ السلطانِ يتركزُ على أرصفةِ جماجمِ الموتى, ويعيشُ على أنهرِ الدمِ ومنابعِ الدموعِ !!!
#نعم :
كلُّ مَن يستعينْ بالظلمِ والتعسفِ والقتلِ والدمارِ وإهانةِ الشعوبِ ليثبتْ بذلكَ السلطانَ, فهو غبيٌ أحمقٌ أهوجٌ, وسيخسرُ ما توقعهُ أن يُكتبَ لهُ الدوامُ الى نهايةِ الحياةِ, وهو نسى أو تناسى أنَّ بقاءَ السلطانِ الجائرِ عندَ اللهِ تعالى أهونُ من بقاءِ الماءِ في المِنْخَلِ ...
حيثُ قالَ تعالى العليُ القديرُ : (وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً{42} وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِراً{43} هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَاباً وَخَيْرٌ عُقْباً{44} وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِراً{45}) الكهفُ ...

الغَضَبُ الأميركي ... والتحركُ الأوربي :
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,(الدكتور مهند جاسم الحسيني)
متى ما آمَنَا وبشكلٍ قاطعٍ, أنَّ قضيتنَا قضيةٌ عالميةٌ لَهَا أن تُقدمَ الحلَ وطَوْقَ النجاةَ للعالمِ بأسرهِ, تيقنَا إنفتاحَ العالَمُ علينَا وعلى مَشروعِنَا الإنساني الرسالي ...
ومَتى ما تحققَ هذا الشعورُ وآمَنَا بهِ ‫#‏حقاً_وصدقاً_قولاً_وفعلاً‬, سَيضطرُ الآخرونَ أن ينفتحوا علينَا ويمدوا أعناقَهُم بدلاً مِن أيديهُم للتعاونِ مَعنَا والأخذِ عَنَا ...
فالكُلُّ يُؤمِنُ أنَّ كلَّ مُقوماتِ الحياةِ الهانئةِ والعيشِ الكريمِ مُتحققةٌ في ربوعِ الأرضِ كافةً, وأنَّ مَن سكنَ الصحراءَ كمَن سكنَ الرواسبَ مِن الأرضِ, فلا فرقَ في تحققَ العيشِ الرغيدِ في كلِّهَا أبداً, وأنَّ تَنغصَ الحياةِ وغيابَ العيشِ الكريمِ نتيجةٌ لسياساتٍ طالمَا أنتجتَهَا أيادٌ خبيثةٌ على مرِّ العصورِ والى يومِنَا هذا ...
فلا يُمكنُ أن يكونَ عاملَ الثراءِ عاملاً لإنهاءِ العناءِ وإنحجابِ البئساءِ والضراءِ, بل الثراءُ أحدُ مُقوماتِ العيشِ الرغيدِ وليسَ كُلَّهُ, والدليلُ أن نسبَ الإنتحارِ في البلدانِ ذاتِ الثراءِ الفاحشِ تتعدى النسبةَ في البلدانِ ذاتِ الفقرِ المُتقعِ, ناهيكَ عن إرتفاعِ مُستوى الجريمةِ المُنظمةِ وغيرِ المُنظمةِ, لولا قَمعيةَ أجهزةِ الأمنِ لهَا على مدارِ الساعةِ !!!
نعم ..
فَعندما نُؤمنُ بهذهِ الحقيقةِ, مِن أنَّنَا نملكُ ما نُقدمهُ للعالمِ مِن مشروعِ لإنهاءِ هذا العناءَ الى غيرِ عودةِ, ونَملكُ تلكَ القيادةَ وذلكَ المشروعَ, فيجبُ علينَا أن نعيشَ كلَّ لحظاتِ الإنهيارِ العالمي والى آخرِ فترةٍ ممكنةٍ, بل ونُشخصَ أسبابَ هذا الإنهيارِ وعدمِ الإستقرارِ, وأن نقدمَ كلَّ ما نملكُ مِن خبراتٍ وقرائاتٍ التي مِن شأنِهَا أن تُخلصَ العالَمَ مِن الدمارِ المضطردِ مَع الزمِن ...
ولِيعلمَ الجميعَ أنَّ كلَّ الأنظمةِ العالميةِ تَقفُ حائرةً أمامَ ما يحصلُ اليومَ مِن إنهيارِ للمنظومةِ الأمنيةِ في كلِّ بقاعِ العالمِ دونَ إستثناءٍ, بل أنَّ كلَّ ما يُخططونَ لهُ باتَ كالهواءِ في شبكٍ, حتى تغيرتْ عندهُم كلُّ الحساباتِ والنتائجِ المتوخاةِ مِن طولِ التخطيطِ والدراسةِ ...
وهذا ما سيجعلُ الأنظمةُ العالميةُ مُنفتحةً بشكلٍ مُطلقٍ على أيَّ مَشروعٍ مِن شأنهِ أن يُنهي هذا الموتَ الجارفَ والإرهابَ الذي يَعصفُ في أرجاءِ المعمورةِ على حدٍ سواءٍ, بشرطٍ أن يُحافظَ هذا المشروعُ على مَصالِحِهَا العامةٍ ...
‫#‏ولكن‬ ...
لا يُمكن السماعُ لمُدعي الإصلاحِ أبداً وهُو مِن العملاءِ والسراقِ والخونةِ للبلادِ والعبادِ, وحتى لو كانَ هذا المُدعي نبياً في قومهِ وحائزاً على أشرفِ الأوسمةِ الدينيةِ عندَ أهلِ مِصْرِهِ, لأنَّهُ مُنكشفُ الحالِ عِنْدَهُم فلا يُمكنُ أن يُنظرُ إليهِ أكثرَ مِن عميلٍ تافهٍ حقيرٍ وأحقرِ مِن العبدِ أو الأمَةِ بِمنظارِ سيدِهَا المُتغطرِسِ ...
لذا سَيُطلبُ الصلاحُ والإصلاحُ مِن أشخاصٍ غَيَبَتْهُم أمَمُهُم, وجهلَتْهُم أقوامُهُم, ودَرَسَتُهُم أنظِمَتُهُم, و أوأدَتُهُم جلاوزَتُهُم, حتى باتوا أمواتاً بينَ الأحياءِ, مفقودةً أبدانُهُم باقيةً أرواحُهُم وأنفاسُهُم, أمْثالُهُم كمثلِ الجَمَلِ مِن الحبالِ للسفينةِ, رخيصةً أسعارُهَا, عظيمةً أفعالُهَا ...
ولكن ...
هل يُمكن أن يُسمعَ لِصاحِبِكُم الذي غيبتهُ السجونَ, وإستصغرتهُ العيونَ, حتى أتْهَمَكُم الآخرونَ بإتباعهِ بالجنونَ, وأنتُم عنهُ في شغلٍ فاكهونَ, لا لحديثهِ تسمعونَ, ولا لأوامرهِ تُطيعونَ, حتى إستصغرَ شأنهُ الغرباءُ, لمعصيتِكُم لهُ, ولتفرقِكُم عنهُ, ولِجهلكُم مَقامهُ, حتى أهرقتُم دمهُ, وكشفتُم للعدوِ ظهرهُ, لولا حفظُ اللهِ تعالى لهُ ولعيالهِ, لباتَ لعنةً علينَا الى قابلِ الدهورِ, وحسرةً في صدورِنَا الى قادمِ العصورِ ...
لِذا فَنعملَ على مدارِ الساعةِ لإبآنةِ فضائله, ولنتسابقَ لإشاعةِ عندَ الآخرينَ شمائلهُ, حتى يرَ الآخرونَ أنَّ الخلاصَ مرهونٌ في مُصافحتهِ, والعملَ على مُجاراةِ أفكارهِ, والأخذَ مِن وافرِ علومهِ, ولا يَحصلُ شيءٌ مِن ذلكَ إلا بجهدٍ مَبذولٍ, وعملٍ موصولٍ, وساعدٍ على الباطلِ مفتولٍ, فالحقُ لا يُرْجَعُ الى أهلهِ طَواعِيَةً, بل تتساقطُ الأعناقُ دونَهُ قبلَ الأيدي ...
‫#‏المهم‬ :
بينَا كثيراً في المقالاتِ السابقةِ لهذهِ, أنَّ الذكاءَ النسبي التي تتمتعُ بِهَا إداراتُ الغربِ في كلِّ مؤسساتِهَا باتَ غيرُ كافياً لإنهاءِ الإرهابِ الذي يَعصفُ في بلدانِهِم, ولا يُميزُ هذا الموتُ الجارفُ بينَ الكبيرِ والصغيرِ والرجلِ والإمرأةِ, بقدرِ ما يُهمهُ مقدارَ عددِ القتلى المرادِ إسقاطِهِم, ودرجةِ الهلعِ التي سيزرعُهَا في نفوسِهِم ...
وإنَّ للإرهابِ أهدافاً أكبرَ مِن مقدارِ القتلِ والهلعِ التي سيصيبُ بهَا عوامِ الناسِ, ربَّمَا ضعفَ المختصونَ عن فهمهِ الى الساعةِ, أو أنَّهُم لا يُريدونَ كشفهُ الى العامةِ مِن الناسِ !!!
والهدفُ الأكبرُ الذي يَرُمُ الإرهابُ قَتْلَهُ, هُو : إيمانُ الشعوبِ بقياداتِهَا الأمنيةِ والسياسيةِ, حيثُ أنَّ إيمانَ الشعوبَ الغربيةِ عموماً بحكوماتِهِم إيمانٌ راسخٌ الى حدِ العقيدةِ القطعيةِ, وأنَّ ضَربَ هذا الإيمانَ وإنهاءَ وجودهِ أو إضعافِهِ, سيجعلُ نفسَ المنطقةِ مَنبعاً للإرهابِ والإرهابيينَ بعدَ ذلكَ ...
ألا تُلاحظونَ أنَّ أغلبَ أو كلَّ الإرهابيينَ كانوا مِن الإسلاميينَ المُتشددينَ, خصوصاً في نهاياتِ القرنِ المُنصرمِ, وبداياتِ القرنِ الحديثِ, حيثُ كانتْ الوكالاتُ الإستخباريةُ تعملُ على مدارِ الساعةِ لِتحديدِ هويةِ الإرهابيينَ القابعينَ في البلدانِ الإسلاميةِ, والكشفِ عن أماكنِ تدريبِهِم ودعمِهِم, وكُنَا نسمعُ بذلكَ على وسائلِ الإعلامِ علانيةً !!!
بينَمَا اليومُ باتَ الإرهابُ إرهاباً داخلياً, بل وبعيداً عن المُتشددينَ مِن الإسلاميينَ, وناءٍ عن مراكزِ التدريبِ الخارجيةِ في الدولِ التي تُصدرُ الإرهابَ في المنظورِ العالمي, بل أنَّ الأمرَ باتَ أصعبُ مِن ذي قبلٍ أكثرُ, حيثُ صارَ مَن يَقومُ بالعملياتِ الإرهابيةِ مِن المُستصعبِ جداً على أرقى المراكزِ الإستخباريةِ تحديدهُ, ولا تنفعُ مَعَهُ مُقاطعةُ المعلوماتِ بينَ أجهزةِ الأمنِ كافةً, لأنَّ أغلبَ مَن يقومُونَ بهذهِ العملياتِ هم مِن الجيلِ الثاني والثالثِ مِن أبناءِ تلكمُ البلادِ, أي لا يوجدُ لهُم أي أرتباطٍ بالبلدِ الأمِ غيرِ الجذورِ والأصولِ التي تحتفظُ بهَا ذاكراتُ دوائرِ النفوسِ العامةِ, والعجيبُ أنَّ أبناءَ هذهِ الأجيالِ ملؤوا المؤسساتِ جميعاً, أسواءُ كانتْ أمنيةً أو قضائيةً أو تشريعيةً أو سياسيةً, وما عنا الرئيسُ الأميركي أوباما حسين ببعيدٍ, وهو أبنُ الجيلِ الأولِ لأبٍ مسلمٍ كيني, فكيفَ بالجيلينِ الثاني والثالثِ ؟!!!
بالتالي لابدَ أن ينتقلَ الأمنُ العالمي ويرتقي الى إسلوبٍ جديدٍ يتعاملُ خلالَهُ معَ الإرهابِ الداخلي معاملةَ الإجرامِ والجنحِ, لكثرةِ إنتشارهِ وتوسعِ رقعةِ مؤيديهِ والمُقتنعينَ بفعلهِ في حالةِ الإضطرارِ ...
وأقصدُ أنَّ تشبيهَ الإرهابِ بالجرائمِ والجُنحِ مِن حيثُ أن نُفَكِرَ بالطرقِ العلاجِ والوقايةِ مِنهُ, لا في كيفيةِ الكشفِ عَنهُ وإستصالِ شأفَتِهُ, لأنَّ إستأصلَ الشأفةِ يَنفعُ مَع الخُرُقاتِ القليلةِ النزيرةِ, لا معَ التي بلغَ بِهَا الحالُ الى أن تصبحَ ظاهرةً إجتماعيةً مُعتادةً كما هو الحالُ في العراقِ وإفغانستانِ وباكستانِ ...
وبالخصوصِ باتَ مِن الصعبِ جداً الى حدِ التعذرِ عن الكشفِ عن الخلايا الإرهابيةِ وبالخصوصِ أنهَا مِن النوعِ الأصعبِ في قواميسِ العصاباتِ لأنَّهَا تتكونُ في غالبِ الأحيانِ مِن فردٍ واحدٍ فقط, وبالتالي مِن الصعوبةِ والمستحيلِ أن يتمكنَ رجالُ الأمنِ مِن إختراقِ وإستراقِ المعلومةِ مِن عصابةٍ لا يتجاوزُ أفرادُهَا شخصاً واحداً !!!
لذا نحنُ أمامَ إرهابٍ مِن النوعِ الجديدِ, بل أمامَ ثقافةِ الإرهابِ تُشابهُ ثقافةَ الجنحِ والجرائمِ, والتي في الغالبِ يلجأ إليهَا مُرتكبوهَا في حالاتِ الحاجةِ إليهَا, هكذا أمرُ الأرهابِ اليومَ, حيثُ باتَ الإرهابُ يُطرحُ كورقةٍ أخيرةٍ يَمتلكهَا الكثيرُ مِن الأفرادِ, والتي يُمكنُ أن يُلقي بهَا على الطاولةِ في حالِ الحاجةِ إليهَا, خصوصاً أنَّهَا ستشكلُ عاملَ إزعاجٍ للكثيرِ من الأفرادِ والمؤسساتِ !!!
‫#‏إذن‬ ...
أنَّ العالمَ أمامَ تحدٍ خطيرٍ جداً ومرعبٍ جداً الى حدِ الفزعِ, لأنَّ هؤلاءِ المفضلينَ للموتِ كإرهابيينَ في المستقبلِ سَيُحاولُ أن يجدوا طرقاً لا تخطرُ على بالِ أحدٍ مِن البشرِ, وحتى لو خطرتْ فأمرُ التخلصِ مِنهَا مُتعذراً جداً, كالعمليةِ التي وقعتْ في سواحلِ نيسَ الفرنسيةِ, حيثُ كانتْ الشاحنةُ هي أداةُ الجريمةِ والقتلِ والإرهابِ !!!
والأدهَى مِن ذلكَ أن هؤلاءِ يُمكن أن يكونوا مَغنَماً لدوائرِ المخابراتِ العالميةِ, حيثُ يُمكن أن يُستخدموا كأدواتٍ لنقلٍ موادٍ فتاكةٍ جداً للقضاءِ على التواجدِ البشري أو تهديدِ تواجدهِم النوعي في منطقةٍ محددةٍ, فكلُهَا سيناريوهاتٍ متوقعةٍ ومحتملةٍ وخصوصاً بعدَ أن باتَ العالمُ اليومَ يفضلُ حربَ النيابةَ بدلَ المباشرةَ والمجابهةَ ...
فهُنَا يجبُ على دوائرِ الأمنِ العالَمِي أن تنتقلَ الى جيلٍ آخرٍ مِن مكافحةِ الإرهابِ والتطرفِ, ويتخلوا عن الطرقِ التي باتتْ غيرُ نافعةٍ ولا مجديةٍ لمعالجةِ هذهِ المرحلةِ ...
‫#‏وهنَا‬ ...
لا يُمكن التخلصُ أبداً مِن هذا المرضِ العضالِ والآفةِ الفتاكةِ إلا بالعملِ الجادِ الحقيقي على إنهاءِ حالاتِ الإقتتالِ الدائرةِ في المنطقةِ بشكلٍ خاصٍ, وأقصدُ في المقامِ العراقَ وسوريا وباقي دولِ الشرقِ الأوسطِ, لأنَّ تَوهمَ أنَّ إفتعالِ الأزماتِ في هذينِ البلدينِ سيُمثلُ عشاً للدبابيرِ ومكاناً لإستقطابِ التطرفِ مِن أرجاءِ العالمِ لإنهاءِ تواجدهِ في هذهِ البقعةِ مِن العالمِ, باتَتْ غيرُ صحيحةٍ أبداً, بل أنَّ التفكيرَ في إنهاءِ التواجدِ الإرهابي العالمي في منطقةٍ محددةٍ جرَّ الويلَ والويلاتِ والثبورَ الى بلدانِهِم الآمنةِ في السابقِ ...
إذن لابدَ مِن إعادةِ النظرِ لعلاجِ المنطقةِ بأسرِهَا, وإنهاءِ تواجدِ الأرهابِ فيهَا, بل بذلِ الميزانياتِ الى إعادةِ تأهيلِهَا كما كانتْ صالحةً للسكنِ, حتى يُفضلَ أهلُهَا بالرجوعِ والعودةِ إليهَا وتفضيلِ العيشِ فيهَا على غيرِهَا, ففي هذهِ الحالةِ يُمكن أن نُقلصَ موجاتِ الإرهابِ الى النصفِ أو أكثرِ مِن هذهِ النسبةِ ...
أما الإصرارُ على التمسكِ بتعددِ الملفاتِ الأمنيةِ والمطامعِ السلطويةِ سيجعلُ الأمرَ في حالةِ إنهيارِ وبشكلٍ أكبرِ وبطريقةٍ مضطردةٍ ومتسارعةٍ مع الزمنِ, فالإرهابُ الذي قتلَ مِن الفرنسيينَ أكثرَ مِن خمسِ مائةِ شخصٍ في غضونِ أشهرٍ, سيزدادُ بمرورِ الزمنِ الى مرحلةِ كبيرةٍ جداً, بل أنَّ الأعدادَ سوفَ تزدادُ بأضعافٍ مُضاعفةٍ حتى يصلَ الحالُ الى أن يُقتلَ المئاتُ ولا يُعلم لماذا قُتِلوا !!!
‫#‏طبعاً‬ ...
أنَّ الأمورَ ليستْ بهذهِ السهولةِ التي صورنَاهَا الآن, لأنَّ الوضعَ في الخارجِ باتْ أكثرُ تعقيداً, والأمورَ صارتْ أكثرُ تَشابكاً, بحيثُ لا يُمكن فصلُ الخيوطِ عن بعضِهَا البعضِ, لأنَّ الملفَ المخطط لهُ لإدارةِ العالمِ والسيطرةِ على مركزِ الأرضِ ومسكِ العالمِ مِن مكانِ القوةِ في العراقِ والشامِ باتَ بدلُ الملفِ مائةِ ملفٍ, والمضمارُ الذي دخلتْ بهِ الدولُ العالميةُ غيرُ قابلٍ للعودةِ الى نقطةِ البدايةِ أبداً, فلابدَ مِن إكمالِ المسيرِ والسباقِ الى نهايةِ المطافِ ...
‫#‏وهنا‬ ...
تكمنُ المشكلةُ والخطورةُ حقاً, أن الإدارةَ الأميركيةَ إستطاعتْ أن تُقنعَ المجتمعَ الدولي الأوربي, أنَّ ما يحصلُ الآنَّ مِن موجاتِ القتلِ التي تنالَ المدنيينَ الأبرياءَ في العالمِ الغربي, ما هُم إلا ضرائبٌ للحربِ على الإرهابِ, فكما أنَّ قضيةَ التضحيةَ بالآلافِ مِن الجنودِ في أرضِ المعركةِ شيءٌ واردٌ جداً مِن أجلِ مصلحةٍ عليا للبلدِ, فالحربُ اليومُ تُلزمُنَا أن يكونَ المدنيونَ جزءاً مِن هذهِ الضريبةِ, والتي سيدفعونَ ثمنَهَا أكثرَ مِن المرابطينَ في أرضِ المعركةِ مِن الجنودِ ...
وإذا صحتْ هذهِ النظريةُ, فأنَّنَا صرنَا على علمٍ ويقينٍ بأنَّ ما يحصلُ في الدولِ الأوربيةِ مِن عملياتٍ إرهابيةٍ, فهي نتاجُ تحركاتٍ إستخباريةٍ روسيةٍ فيهَا, وبالتالي أنَّ أمامَ الأوربيينَ هدفاً واحداً هو إنهاءُ الإرهابِ في منطقةِ الشرقِ الأوسطِ بأسرعِ ما يُمكن, لأنَّ إنهاءَ الصراعِ في المنطقةِ سوفَ يُنهي المبررَ الروسي في إستهدافِ المدنيينَ في دولِ أوربا ...
وما يُأكدُ هذا السيناريو, أنَّ أي عمليةٍ أرهابيةٍ تطالَ المدنيينَ في أوربا يستتبعُهَا وابلٌ مِن التصريحاتِ بإرسالِ أساطيلاً مِن الطائراتِ وحاملاتِهَا الى مَنابعِ الإرهابِ في المنطقةِ, مع العلمِ أنَّ أغلبَ العلملياتِ الأخيرةِ بعيدةً عن المنطقةِ برمَتِهَا !!!
#إذن ...
هُم مُقتنعونَ أن ما يجري في بلادِهِم مِن إستهدافٍ للمدنيينَ هو بسببِ أدامةِ الحربِ في العراقِ وسوريا, بل بسببِ التواجدِ الروسي العسكري في المنطقةِ بشكلٍ عامٍ, ولا يُمكن التخلصً مِن هذا الإرهابِ المنظمِ عالمياً إلا بإنهاءِ التواجدَ الروسي في المنطقةِ خصوصاً ومِن عدادِ الدولِ العُظمى عموماً !!!
‫#‏هل‬ ...
رأيتَ الآن كيفيةَ وصفِ أنَّ أميركا تتمتعُ بالذكاءِ النسبي, حيثُ أن ما تخططُ لهُ شيءٌ وما يحصلُ في اللاحقِ شيءٌ آخرٌ غيرُ محسوبٍ لهُ مُسبقاً, ومِن جملةِ الأمورِ التي لم يُحسبْ لهَا حسابٌ هي إنتقالُ الإرهابِ بهذهِ السرعةِ وبهذهِ الكيفيةِ الى الدولِ الأكثرِ أمناً وإستقراراً في العالمِ, كبلجيكا وألمانيا وفرنسا !!!
ومِن جملةِ ما لم تُخططْ لهُ أميركا أن تنزلقَ الدولُ العظمى الى سينارو عدمِ إستسلامِ الروسِ في هذهِ المعركةِ, مما يَجرهَا مجتمعةً الى الخوضِ في أتونِ حربٍ عالميةٍ ثالثةٍ لا يُتوقعُ أن يكنَ سيناريو الخسارةِ على بالِ أيِّ طرفٍ مِن الأطرافِ, بل كلُّ الدولِ تدخلُ الحربَ مُسْتَميتةً لإجلِ الخروجِ منتصرةً, وهذا ما نلاحظهُ اليومَ مِن تمسكِ طرفي الخلافِ أميركا والغربِ مِن ناحيةٍ والروسُ مِن ناحيةٍ أخرى, وهذا ما يُأكدُ لنَا عدمَ جعلِ سيناريو الإستسلامِ المعتادِ روسياً في حسبانِهَا اليومَ !!!