الجمعة، 12 أغسطس 2016

الإنْقِلَابُ التُرْكِي ... بينَ السياسةِ الداخليةِ والشأنِ الخارجي :
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,(الدكتور مهند جاسم الحسيني)
كم يتألمُ المرءُ عندما يرى السطحيةَ والسذاجةَ في تحليلاتِ كلَّ المحللينَ السياسيينَ العربِ دونَ إستثناءٍ يُذكرُ, ومقدارُ الألمِ والحسرةِ ليسَ على هؤلاءِ المُرتزقةِ لبعضِ السياساتِ الإعلاميةِ في الغالبِ, بل على أنَّ هؤلاءِ يُمثلونَ المُلقنينَ لشرائحِ المُجتمعِ الواسعةِ, بل أنَّ مقدارَ العَمى والصممِ والغباءِ لولئكَ السياسيينَ والمحللينَ باتَ كالداءِ الذي ينتقلُ بالعدوى الإلكترونيةِ عبرَ طياتِ المجتمعِ كافةً, وهذا أحدُ الأسبابِ التي يُمكنُ أن يُعزى إليهَا التخلفُ العلمي التحليلي الذي يُصيبُ مجتمعاتِ العالمِ كافةً والعربِ خاصةً !!!
ألا تلاحظونَ كم يتفقُ الكلُّ على حنكةِ وحكمةِ الآباءِ والأجدادِ وحتى الأمهاتِ والجداتِ مِن جيلِ ما قبلَ التكنلوجيا الإلكترونيةِ, حيثُ كانوا أكثرَ فطنةً ودرايةً لفهمِ الأمورِ بمجردِ سماعِهَا مِن المقابلِ, بل كانوا يرتقونَ الى مراتبِ الإستشاريينَ الدوليينَ في فهمِ سياساتِ الإقليميةِ والعالميةِ, بمجردِ أن يطلعَ على أبسطِ المعطياتِ التي يتلقاها مِن أي مصدرٍ مِن المصادرِ !!!
فنعتُ الأجيالَ السابقةِ لنَا بالأميةِ ظلمٌ كبيرٌ لهُم, بل أنَّ الأجيالَ الحاليةِ والمُستقبليةِ أولى بالنعتِ لِمصطلحِ الأميةِ, فالأميةُ لا يُمكن أن تكنَ سبةً على فردٍ لا يحتاجَ القراءةَ والكتابةَ لفهمِ الواقعِ وما وراءهُ, ولكنَ السبةَ على أولئكَ المُثقفينَ الذينَ يجيدونَهُمَا ولا يُحسنونَ إستعمالَهُمَا !!!
‫#‏فالحقيقةُ‬ :
بتنَا نرى في أمِ أعيونِنَا الجهالةَ الأولى والجاهليةَ السابقةَ والأميةَ الحقيقيةَ في عصرِ إنعدمَ فيهِ مَن لا يُجيدونَ الكتابةَ والقراءةَ, ولكن شاعتْ فيهِ أمراضُ عدوى الغباءِ والتقليدِ لولئكَ الذينَ سوقَهُم لنَا الإعلامُ وفرضَ رأيَهُم فوقَ أرائِنَا ورؤياتِنَا, فلو أردنَا أن نكن مُنصفينَ وحياديينَ لوصفنَا أمَّتَنَا اليومَ بالأميةِ المَحضةِ !!!
‫#‏ألم‬ :
تلاحظوا وتستقرئوا الواقعَ الإعلامي كيفَ أظهرَ على أنَّ الإنقلابَ التركي إنقلابٌ أثَرَّ على الداخلِ التركي مِن حيثُ إحكامِ القبضةِ الحاكمةِ أو عدمِهَا, أو مِن حيثُ السعي الى الإستقرارِ مِن عدمهِ, ولم يَستقرئ أبعدَ مِن هذهِ الصورةَ التي روجَهَا الإعلامُ عبرَ نفسِ أولئكَ المرتزقةِ مِن المحللينَ والسياسيينَ !!!
‫#‏وهنا‬ :
لا يخلو أمرُ هذا التدليسُ أحدَ أمرينِ :
إما أنَّ هؤلاءِ المرتزقةِ الإعلاميينَ حقاً أنَّهُم لا يفقهونَ الأمرَ أكثرَ ممَا شرحوهُ وأظهروهُ للناسِ المتلقينَ ...
أو أنَّهُم تعرفوا على الكثيرِ ولكنَّهُم أخفوهُ عن الناسِ عامةً في الوسائلِ الإعلامِ التي يعملونَ لِصالحِهَا ضمنَ سياسةِ الإعلامِ المُسيطرةِ عليهَا مِن قبلِ الحكوماتِ المُتسلطةِ على عقولِ الناسِ قبلَ أجسادِهَا ...
ولو أني أستبعدُ الأمرَ الثاني بالمُطلقِ, لأنَّ هنالكَ بعضَ الوسائلِ غيرُ خاضعةٍ لولئكَ المُتسلطينَ على القلوبِ والأرواحِ مِن الظلمةِ, فصفحاتُ التواصلِ الإجتماعي وفرتْ لنَا الكثيرِ مِن مساحاتِ التعبيرِ والحريةِ لإبداءِ الآراءِ دونَ الخوفِ مِن وزارةِ الإتصالاتِ و الإعلامِ ...
وحتى معَ هذهِ الوسيلةِ التي لا أستبعدُ أنَّ للسماءِ دخلٌ في نشأتِهَا نصرةً للمظلومينَ وحرباً على الظالمينَ, وعدمَ توقفِ فرضتي الأمرِ بالمعروفِ والنهي عن المُنكرِ, وبالمُقابلِ لإستحكامِ التنجيزِ على أولئكَ الذينَ يَخدعونَ اللهَ وهو خادعُهُم أنَّهُم لا يستطيعونَ أنَّ ينتصروا للمظلومينَ لإستحكامِ قبضةِ المُتسلطينَ عليَهَا, نرى الكثيرَ مِن مُدعينَ التحليلَ يسيرونَ بسيرةِ المحررينَ لولئكَ الإعلاميينَ على شاشاتِ التلفازِ, حقاً أنَّ هؤلاءِ الفيسبكيةِ لا يُتقنونَ فقط وفقط تحريرَ كلماتِ أولئكَ المحللينَ المُسيطرينَ على شاشاتِ التلفازِ, وبالتالي صارَ الناسُ بينَ ناري التلفازِ ومرتزقتهِ والفيس بكَ وسُراقهِ !!!
‫#‏ولكن‬ :
القضيةُ التركيةِ قضيةً معكوسةً كثيراً عما سوقَهَا الإعلامُ وبشكلٍ تامٍ ...
فبعدَ تقديمِ الولاياتِ المتحدةِ الأميركيةِ لبعضِ المصالحِ في المنطقةِ, كتقديمِهِم للقواتِ الكرديةِ السوريةِ BYD مِن حيثُ الدعمِ والتدريبِ والسيطرةِ على الأرضِ التركيةِ السوريةِ وطردِ التواجدِ لتنظيمِ الدولةِ -داعش- في شمالي الرقةِ والحسكةِ وصولاً الى قامشلي والى الحدودِ العراقيةِ القريبةِ مِن الموصلِ قريباً إن شاءَ اللهُ, تولدتْ منطقةٌ كاملةٌ تحتَ السيطرةِ قواتِ BYD والتي تَعزلُ التدخلاتِ التركيةِ البريةِ في سوريا وبشكلٍ كاملٍ ...
وهذا ما أثارَ شعورَ الغيرةِ والحسدِ والخوفِ على المصالحِ وحدودِ السلطةِ وإنقلابِهَا الى أيدي غيرِ ساسةِ التركِ, مما أدى الى إنقلابِ البوصلةِ التركيةِ الخارجيةِ, حيثُ بدأت الحكومةُ التركيةُ بتغييرِ ستراتيجيتِهَا بشكلٍ كاملٍ وبطريقةِ الدفعِ وليسَ التدرجِ الدبلماسي ...
حيثُ قررتْ في إسبوعِ واحدٍ تقريباً عدةَ قراراتٍ ستراتيجيةٍ عالميةٍ, تخرجُ عن مِنظورِ الشأنِ الداخلِ وحريةِ التحكمِ فيهِ, الى الشأنِ العالمِ ووجوبِ الإستشارةِ فيهِ ولو معَ الأحلافِ التي تقعُ تركيا ضِمنِهِ, حيثُ قررتْ إرجاعَ العلاقاتِ :
التركيا الروسيا, والتركيا السوريا, والتركيا المصريةِ, والتركيا الإسرائليةِ !!!
وأن كانتْ هذهِ القراراتُ قراراتٍ تقعُ ضمنَ الطيفِ والشأنِ الداخلي التركي, والتي تتحكمُ فيهَا المصالحُ القوميةُ والإقتصاديةُ, ولكنَّهَا أخطأت ذلكَ كثيراً, حيثُ أنَّ الشأنَ الداخلي المسموحَ بهِ عالمياً الذي لا يتعارضُ مع السياسةِ الدوليةِ العظمى, وبالخصوصِ لو كانتْ الدولُ العالميةُ العظمى في حالِ حربٍ علنيةٍ أشدُ مِن الحربِ الباردةِ بكثيرِ, بل أنَّ الدولَ العالميةَ على أبوابِ حربٍ ضروسٍ تتغيرُ فيها مواقعَ القاراتِ ربَّمَا, وتختفي الكثيرُ مِن المعالمِ التي طالما تزينتْ بهَا أرضُنَا الحبيبةُ ...
‫#‏نعم‬ :
إنَّ إثارةَ ميزانَ القوى العالميةَ بعنونِ المصالحِ والشأنِ الداخلي أمرٌ بالغُ الخطورةِ وبشكلٍ كبيرٍ جداً, بل أنَّ أغلبَ البلدانِ الضعيفةِ كتركيا, ستخرجُ أرضُهَا وسمائُهَا ومائُهَا مِن تحتِ سلطتِهَا, وتصبحُ مسرحاً وخشبةَ مسرحٍ للإحداثِ العالميةِ الكُبرى ...
#وهنا :
بآنَ الرئيسُ التركي أوردغان أنَّهُ صبي مِن صبيةِ السياسةِ, ومراهقٌ مِن مراهقينَ السلطةِ, لأنَّهُ لم يَفهَمَ حدودَ الشأنَ الداخلي في حالةِ الحربِ أوالإعدادِ إليهَا, وعدمُ تميزِهَا عن حالاتِ السلمِ !!!
‫#‏ألان‬ :
دعوني أشرحُ لكم شيئاً بسيطاً جداً جداً جداً, وهذا البسيطُ جداً جداً جداً لم يلتفتْ إليهِ كلُّ المحليينَ السياسيينَ على شاشاتِ التلفازِ فضلاً عن السراقِ والمُحررينَ لكلامِهِم في الفيس بكَ ...
المعلومُ أنَّ مِن أكبرِ أساطيلِ البحريةِ الروسيةِ تلكَ التي تقعُ في المياهِ الدافئةِ في البحرِ الأسودِ, حيثُ أنَّ هذا البحرُ يُعدُ مِن البحارِ المُغلَقةِ وبشكلٍ تامٍ جداً إلا مِن الجانبِ التركي, حيثُ تربطهُ القناةُ التركيةُ المُسماةِ بقناةِ البوسفورَ بالبحيرةِ مرمرةٍ ومِنهَا الى البحرِ المُتوسطِ ...
ولكي يَعبرَ إسطولٍ بحري مِن المياهِ الدافئةِ الدوليةِ الى المياهِ الدوليةِ في المتوسطِ, لابدَ أن يقطعَ أكثرَ مِن 350km في الأراضي التركيةِ أو في مياهِهَا الداخليةِ, وأنَّ إتفاقيةِ مونترو عامَ 1936 جعلتْ المضيقَ بيدِ الجانبِ التركي حصراً, لأنَّ المياهَ والأراضي تركيةً وليستْ إقليميةً ...
وهذا الذي جعلَ تركيا لاعباً مُهماً جداً في تحالفِ NATO, حيثُ يمكنُ لتركيا أن تمنعَ السفنةَ الحربيةَ والتجاريةَ في حالةِ الحربِ أو الإعدادِ لهَا, بالمقابلِ تسمحُ بمرورِ السفنةِ الحربيةِ التي لا تزيدُ حمولاتُهَا على 15.000 Ton, خلالِ أوقاتِ السلمِ ...
‫#‏ولذا‬ :
نجدً أنَّ الروسَ مِن الدولِ المتخلفةِ جداً في تصنيعِ وإمتلاكِ حاملاتِ الطائراتِ, لأنَّ هذهِ الإتفاقيةَ حالتْ بينَهَا وبينَ أن تعبرَ أي سفينةٍ حربيةِ تزيدُ حمولتُهَا عن الخمسةِ عشرِ طناً مِن الأسلحةِ والذخائرِ والأمتعةِ والوقودِ, وبطرحِ ما تحتاجهُ السفينةُ وطاقمُهَا مِن الأمتعةِ والوقودِ, سوفَ لا يتبقَ للحمولةِ العسكريةِ أيُّ وزنٍ يُذكرُ !!!
‫#‏والآن‬ :
دعونَا نخوضُ المُعتركَ التحليلي السياسي في أمرِ الإنقلابِ العسكري في السابعِ عشرِ مِن هذا الشهرِ, حيثُ أنَّ أولَ نقطةٍ سيطرَ عليهَا الجيشُ التركي وبعددِ لا يتجاوزُ العشراتِ مِن الآلياتِ والأفرادِ, هو الجسرُ العابرُ على مَضيقِ البسفور, والذي يشلُ الأساطيلَ الروسيا عن الحركةِ وبشكلٍ نهائي ما لو نجحَ هذا الإنقلابُ, لأنَّ نجاحَ الإنقلابِ سيجعلَ السفنةَ الحربيةَ الروسيا غيرُ آمنةً للحكومةِ التركيةِ الجديدةِ وبالخصوصِ مع هذا الإصطفافِ العالمِ بإتجاهِ إنهاءِ التواجدِ الروسي عالمياً, وعندَهَا سوفَ تخسرُ روسيا الحربَ السوريةَ وبشكلٍ سريعٍ جداً ومُفاجأ, بل وتجعلُ السفنَ الروسيا القريبةَ مِن ميناءِ طرطوسِ السوري مُنقطعٌ وبشكلٍ نهائي عن القيادةِ في الموانئ في جزيرةِ القرمِ والموانئ الروسيا, ناهيكَ عن تحييدِ السلاحِ البحرِ الروسي في البحرِ الأسودِ والذي شلَ مؤخراً حركةَ سفنِ الناتو ...
وهذا ما جعلنَا نلتفتْ الى أولَ بيانٍ مِن بياناتِ التي أطلقهَا الإنقلابيونَ, حيثُ أشارَ الجيشُ أنَّ الجيشَ التركي مُلتزمٌ بحلفِ شمالِ الأطلسي NATO في حالِ تشكيلِ حكومةٍ جديدةٍ بعدَ إنهاءِ حكومةِ أوردغانَ ...
وهذا التصريحُ في الساعاتِ الأولى مِن السيطرةِ على مضيقِ بسفورَ, وهذا يُمثلُ رسالةٌ غيرُ مشفرةٍ يَفهموهَا الروسُ وبطريقةٍ مباشرةٍ ...
‫#‏لذا‬ :
فأمرُ نجاحِ الإنقلابِ تُمثلُ كارثةً روسيةً حقاً, لأنَّ أمرَ فتحِ المضيقِ أمامَ الملاحةِ العسكريةِ الروسيةِ خاصةِ ودولِ البحرِ الأسودِ عامةٍ يحتاجُ الى أشهرٍ في أحسنِ الأحوالِ, لأنَّ شرطَ الفتحِ هو إستعادةُ الأمنِ التركي في البلادِ وتشكيلِ حكومةٍ مدنيةٍ جديدةٍ وربما بعدَ التصويتِ على دستورٍ علماني جديدٍ !!!
وبهذهِ الحالةِ أنَّ أشدَ المُتضررينَ مِن أمرِ الإنقلابِ هم الروسُ, وأما حلفُ الناتو فتلقَ رسالةَ إطمئنانٍ مِن قبلِ الإنقلابيينَ ...
‫#‏وهذا‬ :
ما فسرَ لنَا عدمِ إبداءِ الأوربيونَ عموماً وحكومةُ الأميركيةِ خصوصاً الإكتراثَ لأمرِ الإنقلابِ, بخلافِ التصريحاتِ المستعجلةِ التي ألقاهَا الكرملنُ وسيرغي لافروف والقيادةُ الروسيةِ بمِن تخوفِهِم مِن عمليةِ الإنقلابِ هذهِ !!!
‫#‏ودعوني‬ :
أستمتعُ معكم بِطرحٍ أكثرٍ هذهِ المرةِ, وأكشفُ لكُم الكثيرَ مِن المستورِ مِن دهاليزَ السياسةِ العالميةِ والإقليميةِ, وأنتُم بدوركُم إستمتعوا بإرتفاعِ الضغطِ على مَن يتخذَ صفحاتِ التواصلِ الإجتماعي سوقاً لترويجِ بضاعتهِ المسروقةِ مِن شاشاتِ التلفازِ, وأخصُ بالذكرِ صاحبَ -الكصكوصة- التي لا تتعدَ كلماتُهَا الخمسينَ !!!
إنَّ كلَّ التحركاتِ التركيةِ الأخيرةِ على صعيدِ وزارةِ الخارجيةِ, وبالخصوصِ تلكَ التي تهتمُ بتطبيعِ العلاقاتِ مع الروسِ والحكومةِ السوريةِ, سوفَ يُعادُ النظرِ فيهَا, بل ربما سوفَ تبقى طي الإهمالِ خلالَ هذهِ المدةِ, لأنَّ السياسةَ الداخليةَ تتقدمُ على الخارجيةِ, فالإنقسامُ الحاصلُ في المجتمعِ التركي على الحكومةِ, والعملُ الحثيثُ مِن قبلِ الحكومةِ التركيةِ للقضاءِ على مناوئيهَا, سيُشغلُ الحكومةَ التركيةَ مِن السياسةِ الخارجيةِ والعملِ على الإستمرارِ فيهَا ...
وهنا قد مسكتْ الحكومةُ الأميركيةُ القضيةَ التركيةَ مِن المنتصفِ حقاً, حيثُ إستعانتْ بزعزعةِ الداخلَ التركي على أن تتجشمَ عناءَ المفاوضاتِ والتنازلاتِ لبلادٍ لا يُعدُ قادتُهَا السياسيونَ صبيةً أو يافعينَ في السياسةِ الدوليةِ والإقليميةِ, وبالتالي إشغالُ الحكومةِ التركيةِ في الشأنِ الداخلي سَيُنهي فكرةِ اللعبِ على الأوتارِ الخارجِ ...
وبالمقابلِ ضربتْ أميركا أروعَ الأمثلةِ لكلِ دولِ العالمِ الثالثِ والثاني وبالخصوصِ الإقليميةِ منهَا, أنَّ أمرَ بقاءِ الحكوماتِ على سدةِ الحكمِ كلُّهَا بالرعايةِ والمباركةِ الأميركيةِ, ولهَا أن تقلبَ الحُكمَ ساعةَ تشاءُ وبأي طريقةٍ تريدُ, ومَن تَكن هذهِ حالُهَا مِن الحكوماتِ لا يَسعَهَا أن تَفرضَ نفسَهَا رقماً ذا قيمةٍ في المعادلةِ العالميةِ, بل لا وجودَ لسلطةٍ عربيةٍ أو إقليميةٍ لهَا القدرةُ على أن تلعبَ على حبلينِ معاً, وتتوهمُ نفسهَا أنَّ خياراتِ البقاءِ مِن خياراتِهَا المُتاحةِ والمُفعلةِ لها ...
#وهنا :
فأمرُ الإنقلابِ أمراً أميركياً بحتً, حيثُ أرسلتْ خلالَهُ العشراتِ مِن الرسائلِ الى مختلفِ أنحاءِ العالمِ والى الروسِ على وجهِ الخصوصِ, بأنَّ قيامَ الحكوماتِ على سدةِ الحكمِ كلُّهَا تحتَ الرعايةِ الأميركيةِ وبالإمكانِ تحييدِ أيِّ سلاحةٍ روسي يُمكن أن تفكرَ روسيا يوماً مِن الأيامِ أنهُ مُتنفساً لهَا للخروجِ مِن مَرحلةِ إنهاءِ التواجدِ الى حريةِ الحركةِ ...
‫#‏وبالمُقابلِ‬ :
أنَّ وصفَ الإنقلابِ بالفاشلِ وصفٌ سطحيٌ جداً, لأنَّ الغايةَ المُتوخاةَ مِن الإنقلابِ تحققتْ وبشكلٍ كاملٍ أميركيا, ولكنَ أمرَ الإنقلابِ يبقى راجحاً جداً في الأيامِ القليلةِ القريبةِ, ولكن هذا الإنقلابُ سيكون إنقلاباً مدنياً واسعاً, وسيلاً مِن المناوئينَ للسياسةِ المُتبعةِ في تركيا ...
‫#‏كيف‬ ؟؟؟
مِن الخطأ جداً أن يستغلَ أوردغانُ هذا الإنقلابَ معروفَ التوجهِ والأهدافِ للقضاءِ على مناوئيهِ والمتعاطفينَ معهُم في تركيا, لأنَ التعسفَ سوفَ يولدُ عشراتِ الجبهاتِ المناوئةِ, وبالخصوصِ تلكَ التي تريدُ أن تركبَ الموجةِ في تركيا, بل كانَ مِن الواجبِ عليهِ أن يتصرفَ بالحكمةِ التي لم يتوقعَهَا مؤسسوا الإنقلابِ التركي, مِن خلالِ إعتقالِ المشاركينَ في الإنقلابِ العسكري بشكلٍ مُباشرٍ, مع العملِ الأمني الواسعِ للحفاظِ على المنظومةِ الأمنيةِ في البلادِ, والعملِ على إعادةِ تعينِ مواردِ السلطةِ مِن خلالِ إعطاءِ جهازي الأمنِ والمخابراتِ صلاحياتٍ أكثرٍ ...
‫#‏بل‬ :
وبعدَ أن تستتبَ الأوضاعُ الأمنيةُ في البلادِ يعملُ على إصدارِ عفوٍ تامٍ لكلِّ أولئكَ المشاركينَ في عملياتِ الإنقلابِ الفاشلةِ, لأنَّ هذا سيجعلُ المنظومةَ العسكريةَ والأمنيةَ, بل وحتى الجبهاتِ المدنيةِ تنظرُ لهُ بأنَّهُ صاحبُ قلبٍ رؤوفٍ ورحيمٍ حتى على أعدائهِ, بل سيثبتْ للعالمِ أنَّهُ إستطاعَ أن يقفزَ هذهِ المرحلةَ بنجاحٍ منقطعِ النظيرِ ...
وبِخصوصِ :
عندمَا نرى كيفَ تعاملَ هؤلاءِ العساكرُ المنقلبونَ مع الناسِ, حيثُ كانوا يملكونَ من مقوماتِ القتلِ والموتِ كافة, حيثُ الدباباتُ والمدافعُ والطائراتُ والصواريخً ما يُمكنهُم أن يُنْجِحُوا الإنقلابَ في حالةِ أن يستهدفوا الطلائعَ الأولى لأولئكَ المدنيينَ المُعترضينَ على الإنقلابِ, فهكذا جنودٌ مِن اللذينَ لم يرفعوا أسلحتَهُم بوجهِ أبناءِ شعبِهِم الأجدرُ أن يُعطوا فرصةً أخرى لينخرطوا بينَ صفوفِ المجتمعِ, وبالخصوصِ أنَّهُم لم يستعينوا بأسلحتِهِم حتى في حالةِ الدفاعِ عن النفسِ, بل رضوا أن يُضربوا ويُهانوا ويسخلُ كما تُسحلُ النعاجُ الى المسلخِ ...
#ولكن :
ماذا نفعلُ مع مَن يرَ أنَّ دوامَ السلطةِ وإستواءَ السلطانِ يتركزُ على أرصفةِ جماجمِ الموتى, ويعيشُ على أنهرِ الدمِ ومنابعِ الدموعِ !!!
#نعم :
كلُّ مَن يستعينْ بالظلمِ والتعسفِ والقتلِ والدمارِ وإهانةِ الشعوبِ ليثبتْ بذلكَ السلطانَ, فهو غبيٌ أحمقٌ أهوجٌ, وسيخسرُ ما توقعهُ أن يُكتبَ لهُ الدوامُ الى نهايةِ الحياةِ, وهو نسى أو تناسى أنَّ بقاءَ السلطانِ الجائرِ عندَ اللهِ تعالى أهونُ من بقاءِ الماءِ في المِنْخَلِ ...
حيثُ قالَ تعالى العليُ القديرُ : (وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً{42} وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِراً{43} هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَاباً وَخَيْرٌ عُقْباً{44} وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِراً{45}) الكهفُ ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق