الاثنين، 29 مايو 2017

أمَارَاتُ انهِيَارِ تَنَظِيمِ الدَولَةِ .. وَبِدَايةُ التَحَرُكِ الصَلِيبِي :
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,(الدكتور مهند جاسم الحسيني)
بَيَنَا مِراراً وتكراراً ضرورةَ فتحِ مراكزٍ بحثيةٍ مُستقلةٍ, تعتني بالكتابةِ والتدوينِ والتحليلِ لِمَا تَمرُ على البشريةِ مِن أحداثٍ, وبالخصوصِ أنَّ الأحداثَ المُتسارعةَ جعلتْ أمرَ التدوينِ والتحليلِ والكتابةِ والتوثيقِ أموراً ممكنةً, حيثُ تُشكلُ هذهِ الدراساتُ والمدوناتُ العصبَ الأساسي لبدايةِ كتابةِ التأريخِ المعاصرِ بأيادٍ عربيةٍ, والتي ستصبحُ وبشكلٍ مفروضٍ مصدراً مِن المصادرِ ومرجعاً مِن المراجعِ, التي يرتادُهَا الأكادميونَ والمتخصصونَ والباحثونَ ...

ولكن مَاذا نفعلُ إذ كانَ المثلُ المصريُ منطبقاً علينَا تمامَ الإنطباقِ : (العينُ بصيرةٌ واليدُ قصيرةٌ), فلا يبقى أمَامَنَا سوى التنظيرِ والتسطيرِ !!!

وِمن هنَا يُمكن أن نعللَ أحدَ أسبابِ تكرارِ نفسِ سيناريو الخطأ والهَطْلِ على الشعوبِ العربيةِ والإسلاميةِ بشكلٍ مُتكررٍ, لأنَّ غيابَ التدوينِ والتحليلِ, سيجعلُ الأمرَ قابلاً للإعادةِ بعدَ فترةٍ ليستْ بالطويلةِ, وبنفسِ الطريقةِ والكيفيةِ, لا لشيءٍ سوى أنَّ الأجيالَ القادمةَ لا تجدُ مَا تطلعُ عليهِ مِن مدوناتٍ ودراساتٍ, تخصُ الواقعَ المُتقدمَ, بل لابدَ مِن الأجيالِ القادمةِ بأن تمرَ بنفسِ التجربةِ لِتتعلمْ, دونَ أن تستفيدَ مِن تجاربِ السابقينَ, وهذا لعمري أفضعُ طريقةٍ للتعليمِ والتلقينِ, وبالتالي فإنَّ الأجيالَ القادمةَ سوفَ تمرُ بنفسِ المخاضِ والويلاتِ التي مرَّ بهَا أسلافُهُم !!!

ومِن هنَا يأتي الإصرارُ على الكتابةِ والتدوينِ والتوثيقِ بأيادي نفسِ القوميةِ, فالخوفُ على أبناءِ الجلدةِ أشدُ مِن الغرباءِ عنهَا, لأنَّ عاملَ الدسِ والتحريفِ والتنظيرِ المجانبِ للحقيقةِ والصوابِ سيتأكدُ مِن الغرباءِ, خصوصاً مَا لو تيقنَا -ونحنُ كذلكَ- بأنَّ الأغيارَ والأغرابَ هُم المحركُ الرئيسي والمدبرُ الحقيقي لِمَا تمرُ بهِ شعوبُنَا العربيةُ والإسلاميةُ !!!

ولذلكَ نلاحظُ كثيراً مِن أطرافِ حاكةِ المؤامراتِ, عندمَا ينوونَ الى إنهاءِ وإفناءِ بعضِ الأممِ, فإنَّهُم يبدأونَ بالتأريخِ, فيولونهُ دراسةً وتحليلاً ونقداً, حتى يقفوا على أماكنِ الخلافِ, ومكامنِ الإصفافِ, ليبدأوا عمليةِ التشويهِ والتحريفِ, وإعادةِ النسجِ والصياغةِ والتعبيرِ, فلا يمرونَ على عبارةِ إلا ويلغموهَا بالعشراتِ مِن المرادفاتِ اللفظيةِ والمعنويةِ, حتى يصبحَ التأريخُ المكتوبُ عبارةً عن قنبلةٍ موقوتةٍ, لهَا أن تُفَجَرَ بأيِّ وقتٍ وعن بعدٍ !!!

لذلكَ فكمَا علينَا كتابةِ التأريخِ المعاصرِ, بطريقةِ التدوينِ والتحليلِ, فعلينَا في نفسِ الوقتِ إعادةِ كتابةِ التأريخِ السابقِ, لأنَّ التواريخَ تمثلُ مصدراً مِن مصادرِ التشريعِ عندَ الكثيرِ مِن الناسِ, فكمَا يستقونَ المواقفَ العمليةَ مِن الكتبِ المقدسةِ, فكذلكَ سيعملونَ ذاتُ الشيءِ مع كُتبِ التأريخِ, خصوصاً لو أنَّ شخوصَ المُؤرخِ لهُم كانوا مِن صنفِ مَن يقالُ بحجيةِ أقوالِهِم وأفعالِهِم وإمضائِهِم, فهنَا سَيَنفتحُ البابُ على مصراعيهِ, بدخولِ الملايينِ مِن الأحداثِ التأريخيةِ الصالحةِ للإستنباطِ مِنهَا, بل ستنفتحُ أمامَنَا الملياراتُ مِن القرائنِ اللفظيةِ الصالحةِ لفهمِ النصوصِ وتأويلهَا بغيرِ وجهِ حقٍ, ناهيكَ أن التشددَ السندي المتعاملَ معهُ في المسائلِ الفقهيةِ والعقائديةِ سوفَ لا يكونُ حاضراً بنفسِ القوةِ في المسائلِ التأريخيةِ, لذا فَسَتَكونُ الفسحةُ على أوجهَا أمامَ وغولِ غيرِ المتخصصينَ والورعينَ الى الفهمِ والإستنباطِ مِن مسائلهِ المتراميةِ !!!

#وهنَا :
لابدَ مِن تسجيلِ موقفاً للهِ تعالى فيهِ رضا, وللقراءِ فيهِ أجرٌ ثوابٌ, وأقولُ فيهِ :
(إنَّ مَا يقومُ بهِ الباحثُ والمحللُ والمحققُ سليلُ بيتِ النبوةِ السيدُ الصرخي الحسني مِن دراساتٍ وتأملاتٍ وتحقيقاتِ, والتي يجدهَا الكثيرُ مؤلمةً بالنسبةِ لهُ, لأنَّهَا نالتْ رمزاً مِن رموزهِ, أو إماماً مِن أئمتهِ, إنَّمَا خطوةٌ قد سبقَ بهَا أقرانهُ الأرضيينَ جميعاً, حيثُ أنَّهُ أولَ مَن فتحَ بابَ التحقيقِ, في وقتٍ أنخرطتْ بهَا الأمةُ الإسلاميةُ عسكرياً للوقوفِ ضدَ المدِ التكفيري في المنطقةِ خصوصاً والعالمِ عموماً, حيثُ ترآءَى للكثيرِ مِن المهتمينَ أنَّ مايقومُ بهِ هذا العلامةُ إلا هروبُ مِن واقعِ الأمرِ بالجهادِ وتحملِ حرارةِ السيفِ, الى قاعاتِ الدرسِ والبحثِ المكيفةِ, والكاشفةِ عن الترفِ العلمي غيرِ المنسجمةِ مع مَا يَمرُ بهِ المجتمعُ المسلمُ مِن ويلاتٍ وقتلٍ ودمارٍ !!!

بينمَا أنَّهُ قامَ بمَا تُوجبُ عليهِ وظيفتهُ العمليةُ كباحثٍ ومحققٍ ومفكرٍ إسلامي إنساني, بخلافِ مَن ألبسَ لَآمَةَ حربهِ على مقامِ أتباعهِ, وسارَ بمسارِ السلطةِ السياسةِ العالميةِ الحاكمةِ والمتحكمةِ بالأحداثِ, لأنَّ إنخراطَ الجميعَ في المجابهةِ والمجاهدةِ العسكريةِ, كانَ مطلباً إسخبارياً مُخططاً لهُ مُسبقاً, بخلافِ أن يُمارسُ الفقيهُ عملهُ ووظيفتهُ في التنقيبِ والتحقيقِ, فالأمرُ غيرُ مخططٍ لهُ إطلاقاً, وغيرُ مرغوبٍ فيه بطبيعةِ الحالِ, وكمَا سنبينهُ لاحقاً في أذيالِ المقالِ ...

ومِن هذهِ النقطةِ التي سبقَ بهَا هذا الجهبذُ والعلامةُ تلكَ العقولَ, فإنَّهُ سَبَبَّ نقطةَ إزعاجٍ حقيقيةٍ للقوى العالميةِ والإقليميةِ المستفيدةِ مِن التطرفِ والإرهابِ في بسطِ النفوذِ ونشرِ الجيوشِ, لأنَّهُ قد وضعَ اليدَ على الثغرةِ الأساسيةِ التي طالمَا كانتْ مقدسةً عندَ الكثيرِ مِن الإسلاميينَ, كأربابِ المذاهبِ والقادةِ والمحررينَ, الذينَ صاروا مَصدراً مِن مصادرِ التشريعِ, وأصلاً مِن إصولِ فهمِ النصوصِ, وبغلقِ هذهِ الثغرةِ, سيغلَقُ معهَا دوماً وأبداً إستغلالِهَا في تحركِ عروقِ الحميةِ الجاهليةِ التكفيريةِ لدى المسلمينَ, وهذا مَا لايرغبُ فيهِ الكثيرُ مِن رَسَمَةِ البرامجِ والسيناريوهاتِ المُستقبليةِ للعالمِ الإسلامي !!!

وبالتأكيدِ أنَّ عملَ السيدِ الصرخي الحسني باستئصالِ هذهِ الورمةِ الخبيثةِ التي توسطتْ الجهازَ العصبي المركزي لجسدِ الإسلامِ, لهّا آثارٌ سلبيةٌ عليهِ وعلى أتباعهِ, سيتحملونَ نتيجتهَا مُستقبلاً, كمَا تحملوا نتائجَ التحقيقِ والتنقيبِ في التراثِ الشيعي المزيفِ سلفاً, فنسألُ اللهً تعالى لهُ ولنَا وللمسلمينَ جميعاً الحفظَ والأمانَ في الدارينِ, أنَّهُ سميعُ مُجيبٌ !!!) ...

#وبالتأكيدِ :
أنَّ أحدَ الطرائقِ المهمةِ للدراسةِ والتحليلِ, هو دراسةُ تاريخِ أربابِ الحركاتِ المنحرفةِ التكفيريةِ, لأنَّ الإنسانَ لاينفكُ عن الماضي الذي حققهُ, ومَا نراهُ مِن تصرفاتٍ معاصرةٍ وفي المستقبلِ, مَا هو إلا نتاجُ مَا حققهُ أولئكَ الشخوصُ مِن تأريخٍ على مُستوى الفردي والعائلي والمجتمعي, وبدراسةِ هذهِ النقطةِ سنتوصلُ الى الكثيرِ مِن الحقائقِ التي غيبتهَا وسائلُ الإعلامُ متعمدةً, لا لشيءٍ سوى لتشويشِ المنظرِ أمامَ المتابعِ والمتلقي, ليعيشَ لحظاتِ الفلمِ على أرضِ الواقعِ, دونَ معرفةِ جهةِ الإخراجِ والإنتاجِ والتمويلِ والتأليفِ !!!

#فمثلاً :
مَا لو عرفنَا أن تنظيمِ الدولةِ -داعش- تنظيماً لَم يُولدْ مِن فراغٍ, ولم ينبعْ مِن العدمِ, بل هو إنبثقَ مِن عدةِ تنظيماتٍ سابقةٍ, حيثُ إنبثقَ مِن تنظيمِ القاعدةِ بعدَ أن إلتحقَ أبو مصعب الزرقاوي نهايةُ ثمانينياتِ القرنِ الماضي الى إفغانستانَ لمحاربةِ التمددِ السوفيتي قبلَ إنهيارهِ, وبعدَ أن رجعَ الى مسقطِ رأسهِ #الأردن, تمَ إعتقالهِ مِن قبلِ السلطاتِ أبانِ مُلْكِ المَلكِ حسينِ بنِ طلالِ, وقد حُكمَ عليهِ بخمسِ عشرةِ سنةٍ, وأفرجَ عنهُ فورَ تسلمِ عبدُ اللهِ الثاني منصبَ أبيهِ بعدَ وفاتهِ, بعدَ أن قضَ في السجنِ نصفِ المحكوميةِ, وإلتقى خلالَهَا آمدَ الخلايلة, قائدَ الموحدينَ وأصحابِ بيعةِ الإمام, كمَا وإلتقى عطا اللهِ أبو رشتة قائدَ جماعةِ التحريرِ, وغيرهَم العشراتِ, حيثُ كانتْ التبايناتُ الفكريةُ والإختلافاتُ النظريةُ وصولاً الى حدِ التكفيرِ والإصطدامِ, بعددِ الغرفِ في تلكَ السجونِ !!!

والعجيبُ أنَّ أبا مصعبِ الزرقاوي -أحمد فاضل نزال الخلايلة- قد أعطي دوراً قيادياً في السجنِ, بحيثُ أصبحتْ الجماعةُ التي يتزعمهَا مِن أكبرِ الزعاماتِ نفوذاً في السجنِ, حتى أنَّ السجانينَ كانوا تحتَ سلطانِهِم وسطوتِهِم, ولا طاقةَ لهُم على مخالفتِهِم, ولا يقفُونَ  في الطابورِ الصباحي, ولا يلبسونَ الزي الرسمي للسجناءِ, بل وكانَتْ لهُ الحريةُ في التنقلِ بينَ المهاجعِ لباقي السجناءِ والحركاتِ والتنظيماتِ, حتى إنتهتْ إليهِ قيادةُ التنظيمِ -بيعةُ الإمامِ- بعدَ مَا انتزعهَا مِن يدِ أبو محمدٍ المقدسي, الذي كانَ لا يقارنُ بثقافتهِ ولا بعبادتهِ وطلاقتهِ, وبالرغمِ مِن ذلكَ إنتقلتْ لهُ القيادةِ بعدَ فترةٍ قياسيةٍ, ومِن ورائِهَا يدُ الغيبِ وجنودِ العسلِ !!!

#وبعدَ :
خروجهِ مِن السجنِ إنتقلَ الى إفغانستانَ, لينتقلْ الى العراقَ في أبانَ الرئيسِ العراقي صدام حسينَ, وتحديداً في عامِ 2001, ليقودَ حركةَ المسلمينَ الأكرادِ, , والمعروفةِ بأنصارِ الإسلامِ, مِن مناطقِ شمالِ العراقِ وغربِهَا, وبعدَ إنهيارِ الحكومةِ العراقيةِ عامِ 2003, شكلَ أبو مصعبٍ تنظيمَ الأخطرَ على الإطلاقِ, والمعروفَ بالتوحيدِ والجهادِ في بلادِ الرافدينِ, بعدَ أن بايعَ أبنَ لادن ...

وبعدَهَا تشكلَ مجلسُ الشورى في العراقِ, والذي يضمُ ثمان حركاتٍ جهاديةٍ سلفيةِ, بقيادةِ أبو عمرِ البغدادي -حامد داود محمد خليل الزاوي- بعدَ مقتلِ أبي مصعبِ الزرقاوي في 2006, حيثُ كانَّ أبو عمرِ البغدادي أحد رجالِ الأمنِ في نظامِ صدامِ حسينِ, والذي طُرِدَ بعدَ ذلكَ بسببِ إعتناقهِ المذهبِ السلفي, وبقى زعيماً للمجلسِ الى إعلانِ مقتلهِ عامَ 2010, وحتى بعدَ تغييرِ إسمهَا الى دولةِ العراقِ الإسلاميةِ, وتسلمِ أبو بكرٍ البغدادي الزعامةَ لهَا ...

#وأما :
بخصوصِ أبي بكرٍ البغدادي -ابراهيم عواد ابراهيم السامرائي-, خريجِ الإعداديةِ بفرعِ الأدبي الحاصلِ على معدلِ (80.16%), والذي لم تؤهلهُ دخولَ كليةِ التربيةِ التي كانتْ أملهُ, بل توجه الى الدراساتِ الشرعيةِ ومنهَا حصل على البكلوريوس والماجستير والدكتوراه في عامِ 2006, بموضوع تلاواتِ القرانِ الكريمِ, وكانَ خطيباً في أحدِ الجوامعِ في بغدادَ ماقبلَ سقوطِ النظامِ 2003 ...

وقد بدأ أعمالهُ العسكريةَ بعدَ مقتلِ أبنِ لادنٍ, حيثُ هددَ بأن يعملَ مائةِ عمليةٍ ثأراً لمقتلهِ, وحقاً نفذَ وعدهُ بتفجيرِ جامعِ أمِ القرى الذي قُتِلَ فيهَا النائبُ خالدُ الفهداوي, وبعدهَا تفجيراتِ الحلةِ وجنوبِ بغدادَ, وأكملَ المائةِ تفجيرٍ طلباً لثأرِ مقتلِ أبنِ لادن, ولكن كلهَا كانتْ على العراقيينَ المدنيينَ العزلِ !!!!!!!!!!!!!!

#وبعدَ :
هذهِ المقدمةِ طويلةِ الذيلِ, بالتأكيدِ صارَ واضحاً كيفَ تشكلَ تنظيمُ الدولةِ -داعش-, وكيفَ زُرِعَ في الأرحامِ لتنظيماتٍ سلفيةٍ جهاديةٍ, لينتجْ عندنَا جيناً وراثياً مُحسناً ومهجناً !!!

وبالتأكيدِ عرفنَا مِن خلالِ السيرةِ الذاتيةِ للقياداتِ الثلاثةِ -أبو مصعب الزرقاوي, ابو عمر البغدادي, ابو بكر البغدادي- كيفَ نشأءَ التنظيمُ وكيفَ ترعرعَ بينَ أحضانِ السلطاتِ العراقيةِ الأردنيةِ الأميركيةِ, أي أنَّ المُنتجَ لهذا التنظيمِ هُم نفسُ المخابراتِ الإقليميةِ والدوليةِ, ولَم ينشأ هذا التظيمُ عن طريقِ الصدفةِ أو الحاجةِ المجتمعةِ لأخذِ الثأرِ والإستئثارِ بالسلطةِ التي أسلبتْ مِن أيدِ سُنةِ العراقِ !!!

ناهيكَ عن القياداتِ العسكريةِ التي قادتْ كلَّ حملاتِ العسكريةِ على المحافظاتِ العراقيةِ, وسأكتفي بذكرِ مثالينِ فقطِ, والتي سقطتْ فيهمَا كبرى محافظاتِ العراقِ, هما :
 غزوةُ أسدِ اللهِ البيلاوي, التي قادهَا  عدنان إسماعيل نجم البيلاوي قائدُ معركةِ الموصلِ, وكانَ عقيداً في الجيشِ العراقي السابقِ, بينمَا غزوةُ أبي مهندِ السويداوي, التي قادهَا إسماعيل لطيف عبد الله السويداوي, والذي كانَ ضابطاً في الجيشِ العراقي السابقِ أيضاً !!!

#وبالتأكيدِ :
فإنَّ هذهِ المنظماتِ الإرهابيةِ التكفيريةِ, كلُّهَا تجتمعُ حولَ نقطةٍ احدةٍ, ألا وهي التفكيرِ السلفي, الذي عجتْ كتبُنَا الدينيةُ والتأريخيةُ والعقاديةُ بنقلِ أفكارهَا ودراستِهَا وتحليلِهَا, وهذا التفكيرُ السلفي يُمثلُ الإتجاهَ الديني والعقائدي للقضيةِ الأرهابيةِ, والتي على أساسِهَا يُكسبُ الناسُ الى هذهِ الجهةِ دونَ تلكَ, وتُكفرُ بهَا الطائفةُ دونَ غيرِهَا ...

بينمَا مثلتْ المخابراتُ الإقليميةُ والدوليةُ الإتجاهَ الإعدادي الجهادي العملي والمالي لهذهِ المنظماتِ, مِن خلالِ إعدادِ بعضِ السيناريوهَات لصناعةِ العملاءِ بدونَ علمِهِم, حيثُ يُحاربُ بعضُهُم ويزجُ بهِ الى السجونِ, ليتلقى التربيةَ الحقيقيةَ على القيادةِ والفنونِ والإدارةِ, بعدَ أن يُحشدُ لهُ مئاتُ العناصرِ بعنوانِ أتباعٍ أو مريدينَ, ومِن ثُم يُؤمرُ بإطلاقِ صراحِهِم جميعاً, وتُفَتَحُ الأبوابُ على مِصراعيهَا لخروجِهِمِ مِن البلادِ, لِيتلقونَ فنونَ القتالِ والتدريبِ المُكثفِ, بعنوانِ الجهادِ العملي للدفاعِ عن أراضي المسلمينَ في إفغانستانَ, التي هي مرتعٌ مِن مراتعِ المخابراتِ الأميركيةِ ضدَ التمددِ السوفيتي !!!

وبمقابلِ ذلكَ كلهِ, وفي نفسِ الفترةِ الزمنيةِ, يتمُ مطارةُ بعضُ الأشخاصِ مِن قبلِ النظامِ العراقي السابقِ, لِيُجبرْ على تركِ العراقِ, ليلتحقِ في المدارسِ الجهاديةِ السلفيةِ, بعدَ أن تلقَ هذا الشخصُ أروعَ الدروسِ في الإستخباراتِ ونقلِ المعلوماتِ والتجسسِ, ليكونَ عنصراً مؤهلاً للإنخراطِ في سلكِ أمنِ الدولةِ في نظامِ صدامِ حسينِ, وبالتأكيدِ فإنَّ الأراضي العراقيةِ والأردنيةِ والعربيةِ غيرُ مؤهلتينِ في إكمالِ عملياتِ التدريبِ, بل لابدَ مِن الذهابِ الى إفغانستانَ لغرضِ إكمالِ متطلباتِ القيادةِ والزعامةِ في المستقبلِ على أيدِ المخابراتِ العالميةِ الأميركيةِ والسوفيتيةِ !!!

وأمَا تركُ المجالَ للفتى اليافعِ -إبراهيم السامرائي- ليتلقى أرقى العلومِ القرانيةِ, ليمثلْ الواجهةَ الإعلاميةَ التي سَتُعلنَ تشكيلَ التنظيمِ والأمرِ بالجهادِ وعودةِ الخلافةِ الراشدةِ في وادي الرافدينِ وبلادِ الشامِ, ليصبحْ لسانُ الفتى مِن أعذبِ الألسنةِ في تلاوةِ القرانِ الكريمِ, بل ومِن أرقى الألسنةِ في إخراجِهَا مِن مخارجِهَا الصحيحةِ, والتي عجزَ عن نطقهَا الزعاماتُ العربيةُ والأعجميةُ الإسلاميةِ, فبالتأكيدِ ستحصلُ المقارنةُ والمفاضلةُ بينَ هذهِ الزعامةِ المدعيةِ للخلافةِ بلسانٍ فصيحِ مبينٍ, وبينَ تلكَ الزعاماتِ الإعلاميةِ الأسطوريةِ الورقيةِ الكارتونيةِ, وتميلُ الكفةِ عندهَا الى صالحِ الخليفةِ الجديدِ !!!

#حقاً :
أنهَا سيناريوهاتٌ هوليوديةٌ مُتقنةُ الإخراجِ والمونتاج والتمويلِ, قد أعدتْ لهَا منذُ عشراتِ السنينَ وتُكُفِلَ لهَا بكلِّ إمكانياتِ النجاحِ الإنجاحِ, لتحقيقِ مَآربٍ طالمَا خططتْ الدولُ المستكبرةُ الى الوصولِ إليهَا, ولو لَم يبقَ مِن الدنيا إلا يومٌ واحدٌ !!!

وبنهايةِ التنظيمِ المُصْطَنَعِ, وبانطواءِ آخرِ ورقاتهِ في العراقِ والشامِ, أُذنٌ ببدايةِ فصلٍ جديدٍ, والذي كلُّ مَا جرى على أيدي التكفيريينَ والإرهابيينَ, يُمثلُ مقدمةً مِن مقدماتهِ, وبمَا أن المقدماتِ تكللتْ بالنجاحِ والتحققِ, فبالتأكيدِ أنَّ النتيجةَ ستكونُ متحققةً بشكلٍ يقيني مؤكدٍ ...

#وبعدُ :
الإستكمالِ الفعلي لكلِّ عملياتِ الصناعةِ لهؤلاءِ العملاءِ والمأجورينَ على المستوى الإقليمي, فلابدَ مِن أن تنتهي حقبتُهُم الى الأبدِ, ويُستفادُ مِن صناعتِهِم أيمَا إستفادةٍ, حيثُ مِن المتوقعِ جداً, أنَّ مرحلةَ صناعةِ العميلِ بهذهِ الطريقةِ الجهاديةِ والسلفيةِ ستنتهي والى الأبدِ, ويَتُم إعلانُ الحربِ على كلِّ هذهِ التنظيماتِ في مشارقِ الأرضِ الإسلاميةِ ومغاربهَا, بعدَ أن تمتْ العمليةُ الموكلةِ إليهَا !!!

لذلكَ فإنَّ إنشاءَ القواعدَ الأميركيةَ في كلِّ المناطقِ المرغوبِ فيهَا, وجعلِ الكثيرِ منهَا قواعداً دائميةً, جاءتْ بفضلِ وجودِ هذهِ المنظماتِ الإرهابيةِ, حيثُ مَا مِن بقعةٍ مِن البقاعِ التي تواجدَ عليهَا أو بقربِهَا الإرهابُ المنظمُ, إلا وأُسْتُبْدِلَ مكانهُ بقاعدةٍ عسكريةٍ أميركيةٍ, أي أنَّ المُستفادَ الوحيدَ مِن إنتشارِ التطرفِ في العالمِ الإسلامي, هُم نفسُ القياداتِ الأميركيةِ, مِن خلالِ نشرِ القواعدِ الجويةِ والبحريةِ البريةِ, وكمَا يقالُ في قواعدِ التحقيقِ الجنائي, أنَّ أصابعَ الإتهامِ تُشيرُ الى المستفيدِ مِن عمليةِ القتلِ أولاً !!!

#وبالتالي :
فإنَّ إنتهاءَ تواجدِ التطرفِ في العالمِ العربي والإسلامي, سوفَ يُصاحبهُ إنتشاراً مضاعفاً للقواتِ الأميركيةِ عبرَ العالمِ, وهذا الإنتشارُ سوفَ يُقدمُ على التواجدِ الإرهابي في نفسِ المناطقِ, لأنَّ الإلتزامَ الأميركي سيكونُ مبنياً على إنهاءِ تواجدِ هذهِ المنظماتِ, لذا مِن الحقِ أن نقولَ : بأنَّ نهايةَ التطرفِ في العالمينِ العربي والإسلامي باتتْ قريبةً جداً ...

#وهنَا :
يأتي السؤالُ المهمُ بالنسبةِ للباحثينَ والمعنيينَ بالشأنِ السياسي والعسكري في المنطقةِ, مَا هي الجدوى مِن إستبدالِ منظماتٍ جهاديةٍ أصوليةٍ سلفيةٍ, والتي يُمكن لأيِّ جيشٍ مِن الجيوشِ المنظمةِ محاربتُهَا ومكافحةُ تواجدِهَا وتمددهَا وإنتشارِهَا, شريطةَ أن لا يحاولونَ إستخدامَ تلكَ المنظماتِ لمآربهم الشخصيةِ, بجيوشٍ عالميةٍ عظمى, والتي لاتحركُ قطعةً مِن قطعِهَا إلا بتوقيعِ عشراتِ الإتفاقياتِ, مع بذخِ ملياراتِ الدولاراتِ ؟!!!

نحنُ لا نتكلمُ على الدولِ الخليجيةِ الغنيةِ فحسبُ, بل الكلامُ سيشملُ الجميعَ دونَ إستثناءٍ يُذكرُ, مَا دامتْ الدولُ الفقيرةُ والغنيةُ ستتمتعُ بنفسِ الأمانِ التي طالمَا حَلِمَتْ بهِ عبرَ العقودِ مِن الزمنِ !!!

#وبالتأكيدِ :
أنَّ المخابراتِ الأميركيةِ سوفَ لا تسعى لإجتثاثِ أصولِ التكفيرِ والتطرفِ مِن الدينِ الإسلامي, بل ولا تقربُ أبداً مِن إجتثاثِ منابعِ التطرفِ مِن المذاهبِ المنضويةِ تحتهُ, بل إنَّ بقاءَ التكفيرِ والتطرفِ النظري, سيسمحُ يوماً مِن الأيامِ بإعادةِ ورقةِ التطرفِ والتكفيرِ والجهادِ السلفي الى الساحةِ العمليةِ, بل أنَّ المخابراتِ تستفادُ كثيراً مِن إذكاءِ روحِ التطرفِ والسماحِ بمؤسساتهِ بالإنتشارِ, تحتَ عنوانِ حريةِ الرأي والفكرِ ...

#وهذا :
مَا نراهُ في العالمِ الغربي اليومَ, حيثُ نرى أنَّ الجهدَ الإستخباري للدولِ الأوربيةِ والأميركيةِ لا تحاربُ إنتشارَ التطرفِ ومؤسساتهُ في بلادِهِم, بل أنَّ الملاذاتِ الأمنةِ لتلكَ المؤسساتِ تجدهَا في تلكَ الدولِ جميعاً, أسواءُ على صعيدِ المذهبِ الشيعي أو السني, فالجميعُ تملكُ مؤسساتٍ في ذلكَ الجانبِ الآمنِ مِن الأرضِ !!!

أي أنَّ تلكَ البلادَ لَم ترغبْ في تحصينِ المجتماعاتِ الإسلاميةِ المتواجدةِ على أراضيهَا مِن التطرفِ النظري, بل فقط سعتْ الى محاربةِ التطرفِ العملي, حيثُ جعلتْ كلَّ مَايحتاجهُ المتطرفونَ في ممارسةِ العنفِ ممنوعةً وغيرَ متواجدةً على أراضِهَا بشكلٍ مطلقٍ ...

لذلكَ مِن الصعبِ على المتطرفينَ أن ينفذوا عملياتِهِم على تلكَ الأراضي, بالرغمِ مِن سهولةِ التنفيذِ, لا لشيءٍ سوى أنَّ هنالكَ صعوبةٌ كبيرةٌ للحصولِ على آلاتِ القتلِ, كالمتفجراتِ والأسلحةِ المؤثرةِ ...

ولذلكَ فإنَّ نفسَ المتطرفينَ يحتاجونَ الى دوراتٍ مكثفةٍ وصعبةٍ جداً, لإستكمالِ عمليةِ التدريبِ النظري على صناعةِ بعضِ أنواعِ المتفجراتِ مِن الموادِ الأوليةِ المتواجدةِ في الأسواقِ, بحيثُ يرجعُ نفسُ المتطرفينَ الى بلدانِهِم ليبحثُ بشقِ الأنفسِ عن تلكَ الموادِ المتوفرةِ بشكلٍ كبيرٍ في الأسواقِ ولكن بكمياتٍ قليلةٍ جداً جداً جداً, بحيثُ أنَّ شراءَ كميةٍ كبيرةٍ منهَا لصناعةِ عبوةٍ قادرةٍ على قتلِ عشرةِ أو عشرينَ شخصاً, ستكونُ مثيرةً للإرتيابِ الأمني, لذا فيكونُ التحصيلُ على تلكَ الموادِ أصعبِ مِن تناقلِهَا عبرَ الحدودِ !!!

لذا الكلُ يلاحظُ كيفَ تعلنُ السلطاتُ الأمنيةُ الأوربيةُ حالةَ الطوارئْ بعدَ أي عمليةِ تفجيرٍ, الى أن يَتمُ التأكدِ مِن أنَّ الشخصَ لَم يستطعْ أن يُصنعَ كميةً أكبرَ مِن التي إستخدمَهَا, بعدَ ذلكَ يُعادُ رفعُ حالةِ الطوارئ بعدَ عدةِ أيامٍ مِن إعلانِهَا !!!

#هُم :
هكذا حصنوا بلدانَهُم وأنفسَهُم وأراضيهُم, أي أنَّ التحصينَ لا يتجاوزُ التحصينَ النظري لا التحصينَ العملي, وبالتأكيدِ أثبتَ هذا النوعُ مِن التحصينِ فشلهُ في السنواتِ والأشهرِ والأيامِ السابقةِ, بحيثُ أنَّ مِن الصعبِ حصرِ الإرهابِ ومحاصرتهُ مِن خلالِ مَنعِ الموادِ الوسائلِ المستخدمةِ في القتلِ, لأنَّ الوسائلَ غيرَ محصورةٍ أبداً, فكلُ شيءٍ يُمكن أن يكونَ أداةً للقتلِ, مِن السكاكينِ والحجارةِ والمركباتِ وغيرِهَا كثيرٍ جداً !!!

ولكنَ السببَ في إبقاءِ التطرفِ النظري في تلكَ البلادِ, هو للمصلحةِ العليا التي يَسخفُ أمامَهَا مَا يحصلُ في تلكَ البلادِ مِن حماماتِ دمٍ شبهِ شهريةٍ, ومِن بابِ الأولى أن تُبقِ على المنفعةِ الكثيرةِ قياساً بالمفسدةِ القليلةِ, والتي يُمكن أن تُسدُ ثغراتُهَا بمرورِ الزمنِ !!!

ومِن تلكَ المصالحِ العليا لبقاءِ التطرفِ النظري, هو أن يُقَدَمَ الإسلامُ عملياً الى غيرِ المسلمينَ, بأنَّهُ دينُ تطرفٍ وإقتتالٍ وتناحرٍ وجزِ رؤوسٍ وحرقٍ وهَدٍّ وتحطيمٍ وتدميرٍ, وهذا دليلٌ عمليٌ على بطلانِ الإسلامِ كدينٍ سماوي, يصلحُ لقيادةِ المسلمينَ أنفسهُم, فضلاً عن قيادةِ العالمِ أجمع, وبالمقابلِ سيبقى التبشيرُ بالديانةِ المسيحةِ هو الرائجُ والمعروفُ والمعمولُ بهِ, لكسبِ الناسِ, بعدَمَا إكتسبَ الناسُ حصانةً مِن قبولِ الإسلامِ كدينٍ ممكنُ الإلتحاقِ بهِ, وبعدَهَا لايبقى أيُّ دينٍ يُمكن الإلتحاقُ بهِ غيرِ المسيحيةِ !!!

#لذا :
نعتقدُ ونتيقنُ ونجزمُ بأنَّ الإرهابَ والتطرفَ والتكفيرَ باقٍ في الأرضِ مابقيتْ السطوةُ والسلطةُ بيدِ المخابراتِ العالميةِ, وفي أحسنِ الأحوالِ يُمكن أن تقدمَ تلكَ الأجهزةُ لبعضِ بلادِ المسلمينَ, أن يجعلوهَا في منأى مِن التطرفِ العملي, بعدَ أن تُرغمُ على أن تكونَ أراضيُهَا مرتعاً للتطرفِ النظري, وعيناً لبثِ سمومِهَا بينَ أبناءِ المسلمينَ !!!

ولذلكَ لايجبُ على المسلمينَ الفرحُ بمَا قدمتهُ المخابراتُ الأميركيةُ مؤخراً في محاربةِ التطرفِ وإجتثاثِ إصولهِ مِن الأرضِ, بل أنَّ التطرفَ مقبلٌ على تنامي وتزايدٍ وتصاعدٍ الى حدٍ أن يرَ الناسُ المعروفَ منكراً والمنكرَ معروفاً, ويُخونُ المؤتمنُ ويؤتمنُ الخائنُ, ويُكذبُ الصادقُ ويُصدقُ الكاذبُ, فكلُّهَا مفاهيمٌ وصلتنَا مِمَن لا ينطقُ عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ...

وهذهِ العلائمُ والأخبارُ والآثارُ الواردةُ لا تتناسبُ مَع ما أعلنتهُ الإدارةُ الأميركيةُ, ولا ينسجمُ مع ما صدقهُ العربُ, وفي أحسنِ أحوالِ مَا يُمكن أن يُقالَ، أنَّ التكفيرَ سوفَ يُحاربُ عملياً لا نظرياً طلباً وإستدراراً للمالِ والسلباً للخيراتِ وحفاظاً على العروشِ !!!

واللهُ تعالى هو العالمُ بحقيقةِ الأمورِ ...
وأسألـــــــــــــــــــــــكُم الدعــــــــــــــــــاءَ

الاثنين، 15 مايو 2017

الدَلَالَاتُ الدُبْلُومَاسِيَةُ فِي التَحَرُكَاتِ الأمَيركِيةِ :
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,(الدكتور مهند جاسم الحسيني)
مِن الواضحِ جداً -كمَا بينَا سابقاً- أنَّ الكثيرَ مِن البلدانِ معتمةٌ أمنياً, لايُمكنُ للمخابراتِ الدوليةِ مِن التحققِ مِن نواياهَا بطريقتي الخرقِ الأمني أو العمالةِ, بل حتى بطريقةِ الأكثرِ فتكاً وإنتشاراً, وهو مَا يُعرفُ بالأمنِ المعلوماتي (Hacker) !!!

لذا تُكالُ المهمةُ الى الخبراءِ السياسيينَ القادرينَ على فهِم التحركاتِ الدبلماسيةِ والأمنيةِ لتلكَ البلدانِ, لأنَّ مِن لازمِ التحركِ الرئاسي والسياسي تبعاتٌ وآثارٌ واقعيةٌ تترتبُ على أساسِهَا, لذلكَ فتكونُ التحركاتُ مِن هذا النوعِ تحتَ مرمى التحليلاتِ السياسيةِ, حيثُ يعملُ هؤلاءِ الخبراءُ على وضعِ العديدِ مِن السيناريوهاتِ المتوقعةِ والمُستهدفةِ مِن هكذا تحركاتٍ, وبعدهَا تبدأ عمليةُ الترشيقِ لهذهِ الرؤى, وصولاً الى أكثرِ السيناريوهاتِ المحتملةِ والمترتبةِ في هذهِ الزيارةِ ...

وبمقتضى الدفاعاتِ عن الأمنِ القومي, فتكونُ الدلالاتُ الأمنيةُ هي أكثرُ السيناريوهاتِ رجحاناً, لذا فإنَّ السيناريوهاتِ الحربيةَ والأمنيةَ, هي التي تتغلبُ على السيناريوهاتِ المُرَجَحَةِ, لا لشيءٍ سوى الإستعدادُ لمَا هو أسوءُ, فقط مِن هذهِ الناحيةِ يَتمُ الترجيحِ لهَا في أغلبِ الأحيانِ !!!

#وبالمقابلِ :
فإنَّ هنالكَ بعضُ الزياراتِ والتحركاتِ الدبلماسيةِ, لا تحتاجُ الى عرافي الفنِ السياسي, ولا الى رسمةِ الخطوطِ العريضةِ مِن وراءِ تلكَ التحركاتِ, لأنَّ أغلبَ تلكَ التحركاتِ تكونُ معلونةً مُسبقاً عندَ أغلبِ الأطرافِ, لأنَّ الأهدافَ المرادُ إيصالُهَا تُبْعَثُ برسالةٍ واضحةِ الخطِ الى درجةٍ يَقرؤهَا الأمي مِن الناسِ, لذا يتحققُ الهدفُ مِن وراءِ الزيارةِ بشكلٍ واضحٍ جداً ...

وهنَا يأتي دورُ الإعلامِ والتضليلِ الإعلامي, حيثُ تُحَمَلُ تلكَ الزياراتُ أكثرُ ممَا تحتملُ, بل تكونُ بينَ طرفي نقيضٍ تماماً, حيثُ تكونُ بينَ مَن يُفْرِطُ في دلالَتِهَا وفائدتِهَا, الى درجةٍ تصبحُ مِن نِعمِ الإلهِ التي لاتضرُ معهَا سيئةٌ, وبينَ يُفَرِطُ في مؤداهَا الى درجةِ أن يجعلهَا مُفرغةِ المحتوى مِن الجوانبِ كافة !!!

لذلكَ في أغلبِ التحركاتِ الدبلماسيةِ رفيعةِ المستوى, يُرافقُ الإعلامُ هذهِ التحركاتِ خطوةً بخطوةٍ, ويكونُ الإعلامُ مِن طرفِ الدبلماسيينَ أنفسِهِم, وبالمقابلِ تُوضحُ دلالاتُهَا مِن خلالِ بعضِ الأفعالِ, لقطعِ دابرِ الإعلامِ المُفَرِطِ والقالي في الأحداثِ ...

#ومن_هنا :
لابدَ مِن حملِ التحركاتِ السياسيةِ بينَ البلدانِ محملِ الجدِ, وأن لا ننظرَ إليهَا كحدثٍ ومشهدٍ عابرٍ, بل لابدَ مِن الوقوفِ عندهَا ملياً, ودراستهَا وتحليلهَا على مستوى بعيدٍ جداً, وبالخصوصِ لو كنَا مِن المهتمينَ للشأنِ السياسي, لعلمنَا مسبقاً أنَّ الكثيرَ مِن الأحداثِ التي ترتبطُ بمصيرنَا ومستقبلنَا تتوقفُ على بعضِ الأحداثِ الخارجيةِ ...

ولكي نستطيعَ فهمِ الأحداثِ في المستقبل, ولو بنحو القراءةِ والسيناريو المحتملِ, ونرتبَ على ذلكَ بعضِ الآثارِ العقائديةِ والماديةِ على حدٍ سواء, وعندهَا أن تحققَ كنَا غيرُ متفاجئينَ وهنَا تمَ المطلوبُ, وإن لم يتحققْ, فالحمدُ للهِ تعالى الذي وفقنَا أن نفكرَ ونمرنَ العقلَ على التفكيرِ, وهنَا تم المطلوبُ أيضاً, والمكسبُ صارَ مِن صالحِنَا في الحالتينِ ...

#بل :
أنَّ الكثيرَ مِن التحركاتِ الكاشفةِ عن مكنونِ مشروعِ الشخصِ, يُمكن معرفتهُ مِن خلالِ حركاتهِ الأولى, لأنَّ في الغالبِ يهرعُ الإنسانُ بعدَ المنعِ, الى أكثرِ الأشياءِ أهميةً وميلاً إليهَا, فلذا تكونُ هذهِ التحركاتِ كاشفةً عن شخصيةِ المتحركِ, وكاشفةً عمَا يجودُ في خاطرهِ !!!

#وكمصداقٍ :
لمَا قلنَاهُ في كلامِنَا أعلاهُ, هو إعلانُ الرئيسِ الأميركي دونالدُ ترامب, بعدَ أن أقضتْ أيامهُ المائةُ بالكثيرِ مِن الأحداثِ, التي خالفَ خلالَهَا وعودهُ الإنتخابيةِ الى حدِ التناقضِ, وطبعاً أنَّ هذهِ المخالفةِ جاءتْ مِن صالحهِ جميعاً وبلا إستثناءٍ يُذكرُ...

"والعجيبُ أنَّ الإعلامَ العربي والإسلامي قدَ أخرسَ وتحجرَ عن التكلمِ عن الكثيرِ مِن التناقضاتِ هذهِ, الى حدِ كأنَّ شيئاً لم يَكن, وهذا يكشفُ -طبعاً- قبحَ الماكنةِ الإعلاميةِ العربيةِ والإسلاميةِ في تَسطيحِ العقولِ, والتقليلِ مِن الذاكرةِ العربيةِ, الى حدِ العملِ على إنساءِ العربِ مَا رأوهُ وسمعوهُ قبلَ بضعةِ شهورٍ !!!
بل, وينكشفُ في نفسِ الوقتِ, أنَّ بلداً عربياً إسلامياً معيناً, هو المسيطرُ على الإعلامِ العربي والإسلامي بشكلٍ عامٍ, لأنَّ الأمورَ التي تُثيرهَا هذهِ القنواتُ الإعلاميةُ, هي التي يتربى عليهَا الشارعُ, والتي تحجمُ عنهَا هي التي يحجمُ ولا يعلمُ بهَا الشارعُ !!!"

#فمثلاً :
إنَّ الدعايةَ الإنتحابيةَ التي قامتْ عليهَا حملةُ الرئيسِ ترامب, هي ردلكةُ الإسلامِ عامةً, وفوبيا الشعوبِ الإسلاميةِ, ووجوبُ القضاءِ عليهمَا معاً خلالَ الفترةَ الرئاسيةِ الأولى !!!
ولكنَ العجيبَ أنَّ شيئاً لَم يحصلْ, بل أنَّ التحركاتِ مِنذُ الشاعاتِ الأولى لولايتهِ بينتْ خلافَ حملتهِ الإنتخابيةِ (وهذا مَاسنبينُ خلافهُ فيمَا بعدُ), خصوصاً عندمَا أظهرتهُ وسائلُ الإعلامِ وهو يُصغي الى آياتٍ مِن الذكرِ الحكيمِ, وهو لَم يغيرُ خارطةَ وجههِ بالطريقةِ المعروفةِ, والتي يكشفُ خلالَهَا عدمَ قناعتهِ وارتياحهِ !!!

بل, إعلانهُ في أولِ مؤتمرٍ صحفي -بعدَ إنتهاءِ المائةُ يومٍ- عن وجهتهِ الأولى الى قبلةِ المسلمينَ -المملكةُ السعوديةُ- أولاَ, ومِن ثمَ الى قبلةِ اليهودِ -فلسطينُ- وبعدهَا الى قبلةِ المسيحِ -الفاتكانُ-, ومِن ثَم الى القبلةِ العسكريةِ -الناتو- وأخيراً الى قبلةِ أهلِ الإقتصادِ والأنشطةِ التجاريةِ -بروكسل- !!!

هنَا يُثارُ عندنَا أهمُ إستغرابٍ وتعجبٍ لَم أراهُ على وجهِ أي محللٍ أو كاتبٍ على الإطلاقِ, بل الحيرةُ مَا إعتلتْ وجوهَ الكلِّ تقريباً, حقاً إنَّهُ قرارٌ لا يُمكن المرورُ عليهِ مرورَ الكرامِ, ولا أنَّ نتصفحَ خبرهُ بطريقةٍ عابرةٍ !!!

#وهنَا :
تنبثقُ عندنَا رؤيةٌ جديدةٌ حولَ إمكانيةِ هذا الرجلِ, ونظرتهِ الى العالمِ, فمِن خلالِ إختيارهِ زيارةِ القِبْلاتِ الخمسةِ, نعلمُ أنَّهُ سيتعاملُ مع العالمِ تعاملاً شمولياً جذرياً, بعيداً عن الجزئياتِ التي تَلَهَى بهَا الرؤساءُ قبلهُ, بل ومعرفتهُ الحقيقةُ أنَّ السيطرةَ على العالمِ بأسرهِ تكمنُ في السيطرةِ والتفاهمِ مع مراكزِ القرارِ #الديني_والعسكري_والإقتصادي, وهي الثلاثةُ التي تحكمُ العالمَ بأسرهِ, ولا يُمكن لأي جزئيةٍ مِن جزئياتِ الكوكبِ أن تتمردَ على هذا التسلسلِ الهرمي !!!

فهو لَم يُفكرْ أبداً في زيارةِ الدولِ العظمى, كبريطانيا أو فرنسا أو روسيا, ولمَ يُفكرُ في زيارةِ البلدانِ الإقتصاديةِ كبلدانٍ إقتصاديةٍ, كالصينِ واليابانِ والمملكةِ العربيةِ السعوديةِ أو الإماراتِ أو ألمانيا, ولم يفكرْ في زيارةِ بعضِ البلدانِ لإثباتِ أنهُ سيفي معهَا بتعهداتهِ, ولا يخرمُ مَا تعهدَ بهِ أسلافهُ مِن الرؤساءِ, كالعراقِ وتركيا, ولم يفكرْ في زيارةِ مكامنِ التوترِ العالمي, ليثبتْ أنهُ الرجلُ الأقوى والأكثرُ تحدياً مِن بينَ سائرِ مَن حكمَ الولاياتِ المتحدةِ, كأوكرانيا وتايلندا وكوريا الجنوبيةِ !!!

بل,تعاملَ كرجلٍ إستثنائي جديدٍ يستحقُ قيادةِ الولاياتِ المتحدةِ, ويستحقُ رفعَ شعارِ "#إجعل_أميركا_عظيةً_مرةً_أخرى", مِن خلالِ الخطوةِ الأولى التي أطلقَ عنانَهَا في سماءِ الإعلامِ, مِن خلالِ كشفِ نقابهِ عن الزياراتِ الخمسِ, وكلُّ ماعدا هذهِ الزياراتِ الخمسِ, فيمثلُ أمراً ثانوياً هامشياً تافهاً, وبالتالي سيعلمُ الذينَ يُعولونَ على الولاياتِ المتحدةِ حجمهُم الحقيقي مِن خلالِ هذهِ الزياراتِ, أنَّ لا أساسَ إلا لهذهِ الخمسةِ فقط ...

#ومَا_يهمنَا_في_المقامِ_فقط :
الغايةُ مِن زيارةِ قبلةِ المسلمينَ, وهي المملكةُ العربيةُ السعوديةُ, لأنَّ الرجلَ لَم يبخلْ علينَا الهدفَ مِن وراءِ زيارتهِ هذهِ, بل صرحَ مُسبقاً في الهدفِ مِن زيارتِهَا, لأنَّهَا تمثلُ قبلةً لجميعِ المسلمينَ, ومَكمنِ سِرِ وجودِهِم وبقائِهِم, وبالتالي فإنَّ السيطرةَ عليهَا يُمثلُ سيطرةً على كلِّ بقاعِ المسلمينَ في أرجاءِ العالمِ, بالتأكيدِ لا أفضلَ مِن أنواعِ السيطرةِ هو الإدانيةِ بالولاءِ لهذهِ الرئاسةِ الجديدةِ !!!

والحقيقةُ أنَّ #الملكَ_سُليمانَ_بنَ_عبدِ_الملكِ قدَ إستعدَ لهذهِ الزيارةِ منذُ مائةِ يومٍ تقريباً, وعملَ عليهَا أكثرَ مِن عشرةِ تجاربٍ عمليةٍ -Prova-, حيثُ كانَ يتوقعُ أنَّ بلادهُ ستكونُ محطاً لرحالِ الرئيسِ الجديدِ, وأنَّهُ قد هدد بقولهِ : "إنَّ الملكَ سلمانَ إذا لم يخرجْ الى لقائي على مدرجِ الطائرةِ سوفَ ألوحُ بيدي وأقولُ وداعاً الى السعوديةِ, وأرجعُ مباشرةً الى أميركا, لستُ أنا مَن يعتذرُ ملكُ السعوديةِ عن إستقبالي"  !!!
لذا لاحظتُم أنَّ الملكَ سلمانَ قد سعى جاهداً في المائةِ يومٍ أن يلتقي بأي رئيسٍ مِن رؤساءِ الذي إعتادتْ المملكةُ أن تستقبلَ رؤسائهَا داخلَ القصورِ وليسَ في المطاراتِ, حتى يطبعَ المشاهدَ العربي بأنَّ مَا قامَ بهِ في إستقبالِ الرئيسِ الأميركي ليسَ إستثنائياً ولا مثيراً للإستغرابِ, وليسَ نابعاً مِن الخوفِ بأنَّ يفعلَ الرئيسُ ترامب ماهددَ بفعلهِ في حالِ عدمِ إستقبالهِ على مدارجِ المطارِ !!!

#أنظروا :
كيفَ روضَ وأدبَ -كمَا يُؤدبُ الرجلَ فرسهُ على المَسيرِ- خادمَ الحرمينِ الشريفينِ, منذُ الحملةِ الإنتخابيةِ وقبيلَ تسلمَ الرئاسةِ الأميركيةِ, كَم هو أمرٌ مخجلٌ ويبعثُ المسلمينَ والعربَ على الذلةِ والهوانِ, لكن الحمدُ اللهِ تعالى الذي جعلَ بعضهُم فوقَ بعضٍ درجاتٍ, واتخذَ بعضهُم على بعضٍ سخرياً, فسبحانَكَ يا إلهي وسيدي ومولاي, فلا ملكَ إلا ملككَ, ولا جبروتَ إلا جبروتكَ, ولا سلطانَ إلا سلطانكَ, قهرتْ بعزتكَ الأعزاءَ, وتواضعَ لعظمتكَ العظماءُ, يامَن تفعلُ مَاتشاءُ ولايفعلُ مَا يشاءُ غيركَ !!!

#ولانسى_أبداً :
أنَّ التعاملَ مع الرئيسِ ترامب, تعاملٌ مع كبيرٍ من كبارِ رجالِ الأعمالِ -تاجر-, فهو لايعرفُ أن يقتحمَ شيءً بلا مقابلٍ, فالمصلحةُ العليا هي فوقَ كلِّ إعتبارٍ, وهذهِ الزيارةُ جاءَتْ على هذا الغرارِ, فيتحتمُ علينَا أن نعرفَ ما الفائدةُ المرجوةُ, والجدوى النفعيةُ التي يبتغيهَا الرئيسُ ترامبُ من هذهِ الزيارةِ, علاوةً عن مَا أشارَ إليهِ في لقائهِ الصحفي ؟؟؟

ولفهمِ الجوابِ أكثرِ, لابدَ أن نتذكرَ مَا فعلتهُ يهودُ الجزيرةِ العربيةِ في باقي القبائلِ العربيةِ, قبيلَ بعثةِ الرسولِ الأمينِ (صلى اللهُ عليهِ والهِ وصحبهِ وسلمَ) , على وجهِ الخصوصِ بينَ قبيلتي الأوسِ والخزرجِ, فما دامتْ الحربُ قائمةً بينَ القبيلتينِ, فكانتْ سوقُ السلاحِ وتصنيعهِ رائجةً آنذكَ, حيثُ مِن المناسبِ أن تُلقَ وتستمرَ الفتنُ بينَ القبيلتينِ, ليبقى الصراعُ والوجلُ والحذرُ على مصراعيهِ, وبالتالي لاسوقَ إلا سوقُ بني قريضةَ وقينقاعَ اليهوديتينِ, ولا بضاعةَ يُتَمَنى الحصولُ عليهَا أكثرَ مِن بضاعةِ السلاحِ عندَ القبائلِ المُتناحرةِ !!!

فكذلكَ الزيارةُ الى المملكةِ السعوديةِ العربيةِ, ومع الحضورِ الإلزامي لباقي رؤساءِ العربِ بلا إستثناءٍ, حيثُ ستفتحُ سوقٌ واسعةٌ وبأغلى الأثمانِ لبيعِ الأسلحةِ الأميركيةِ, وعلى رأسهَا هذهِ المرةِ الصواريخِ المعترضةِ, كمنظومةِ الصواريخِ ثاد وبتريوت, حيثُ أنَّ الكلَّ سوفَ تتطاولُ أعناقهُم لشرائِهَا, والتشرفِ بنشرهَا مع عشراتِ الخبراءِ الأميركانِ مدفوعي الثمنِ, لغرضِ النصبِ والتشغيلِ والصيانةِ الدوريةِ !!!

وطبعاً أنَّ هذهِ المنظوماتِ سوفَ لا تباعُ أبداً الى بلادِ النزاعِ الداخلِ المستقبلي, ولا للبلادِ ذاتِ الميولينِ الصيني والروسي, خوفاً مِن عملياتِ التفكيكِ والتجسسِ لمعرفةِ التقنيةِ, وبالتالي التحييدِ لهَا, وهنَا تترشحُ عندنَا دولُ التعاونِ الخليجي جميعاً مِن كونهَا السوقُ الرائجةُ لتروجِ هذهِ البضاعةِ, وربمَا وبشكلٍ مستبعدٍ أن تكونَ مصرَ إحدى هذهِ الأسواقُ !!!

وهنَا ستتحققُ دفعُ الجزيةِ الى المسيحِ واليهودِ مِن قبلِ أئمةِ المسلمينَ, وولاتِ امرهِم, وحماةِ مقدساتِهِم, وهم  صاغرونَ, ولكن بطريقةٍ غيرِ مثيرةٍ للشمئزازِ المجتمعي, ولا مثيرةِ للإستغرابِ العالمِي, حيثُ يحققُ الرئيسُ ترامب أكبرَ دعايةٍ مِن دعاياهُ الإنتخابيةِ, مِن خلالِ أن يدفعَ الخليجيونَ عشرينَ في المائةِ كضريبةٍ لحمايتِهِم مِن قبلِ أميركا !!!

وسيتحققُ هذا الدفعُ مِن خلالِ البيعِ بأرقامٍ خياليةٍ غيرِ متوقعةٍ, بل وبيعِ الكثيرِ مِن الأعدادِ وعلى شكلِ دفعاتٍ, التي لا تصلُ مِنهَا إلا الدفعاتُ الأولى, وبأعدادٍ لا تتجاوزُ العشراتِ, بينمَا سَتُدفعُ الأموالُ كاملةً, وتُودعُ في البنوكِ والأسواقِ الأميركيةِ لتنمو, طبقاً للرؤيةِ الرأسِ ماليةِ, فإنَّ هذهِ الأموالَ المودوعةَ ستربحُ بنسبٍ عشريةٍ معينةٍ, بينمَا لا يصلُ مِنهَا شيءٌ الى جيوبِ الشعبِ الخليجي والعربي !!!

ولتفهم القضيةَ أكثرَ, فإنَّ مَا أُعْلِنَ بيعهُ الى كوريا الجنوبيةِ واليابانِ, هي منظومةِ ثادِ وليسَ البتريوتِ التي دخلتْ الخدمةَ منذُ أكثرِ من ثلاثينَ عاماً, والتي لا جدوى عسكريةَ منِهَا بالنسبةِ للجيوشِ المتطورةِ كإسرائيلِ, بينمَا رفضتْ اليابانِ أن يكونَ سعرُ المنظومةِ ثاد بمليارِ دولارٍ فقط, لغلاءِ أسعارهِ قياساً مع كلفةِ التصنيعِ, ولأنَّ الهدفَ مشتركٌ مِن وجودِهَا على أراضِهَا, فكمَا تحفظُ هذهِ المنظومةُ الأراضي اليابانيةِ, فكذلكَ تحفظُ التواجدَ الأميركي,
 لهذا السببِ إعترضتْ كلٌّ مِن الصينِ وروسيا بيعَ مِثلِ هذهِ المنظومةِ على حدودِهَا الشرقيةِ, حيثُ التواجدِ الأميركي مع أكبرِ إسطولٍ لهَا, والذي يعادلُ كلَّ ماتملكهُ دولُ العالمِ المتقدمِ مجتمعةً !!!

بينمَا أنَّ ما سوفَ يُباعُ, هو النسخةَ الحجريةَ مِن المنظومةِ التي سَتُباعُ الى اليابانِ وكوريا, بينمَا برقمٍ يتجاوزُ 300%, أي ما يُعادلُ ثلاثةَ مائةِ مليارِ دولارٍ, وربَّمَا أكثرُ مِن ذلكَ, والتي قد تصلُ النسبةُ الى 500%, وهنَا قد دفعتْ بلادُ التعاونِ الخليجي عن كلِّ مواطنٍ مِن مواطنيهَا قرابةِ خمسةِ آلافِ دولارٍ, ولسنةٍ واحدةٍ فقط, وهذهِ النسبةُ هي التي أعلنَ الرئيسُ ترامب عنهَا في دعايتهِ الإنتخابيةِ  !!!

#إذن :
مِن الخطأ الفاحشِ مَن توهمَ أن الرئيسَ ترامب قد خالفَ وعداً مِن وعودهِ التي قطعهَا لشعبهِ أثناءَ حملتهِ الإنتخابيةِ, بل أنَّ كلَّ وعودهُ سيفعلهَا تباعاً, بعدَ أن يُوفرَ لبلادهِ آلافَ الملياراتِ مِن الدولاراتِ خلالَ السنةِ الأولى أو الأشهرِ الأولى حتى !!!

لذا فليلتفِتَ الجميعُ الى الى مَا ستعلنهُ القنواتُ الفضائيةُ مِن فتحٍ ونصرٍ وضَفرٍ, ولكن بطريقةِ التغريرِ على ذقونِ الفقراءِ والمساكينَ مِن الشعوبِ !!!

#وهنَا :
بعدَ أن علمْنَا أحدَ طرفي النزاعِ, وهي المملكةِ السعوديةِ خصوصاً, والمجلسِ التعاونِ الخليجي عموماً, وعَلِمْنَا أن الممولَ للمؤامرةِ والذاكي لأوارِ فتنتِهَا, والنافخِ في صورِ بدايتِهَا, هي مَن تمثلُ قريضةَ زمانِهَا, وقينقاعَ تحركِهَا, أميركا الربُ والإلهُ والمَنجى والمُرجى, والمهدي الموعودُ الذي لايُشكُ في نصرةِ مَن ناصرتهُ, وهلاكَ مَن خالفتهُ, بعدَ أن ربُوا شعوبَهُم وسلاطينَهُم على تتفيهِ وتسخيفِ وتحقيرِ مَن يقولَ بظهورِ الفرجِ على يدي وصيةِ الرسولِ مِن البكرِ البتولِ المهدي المنتظرِ عليهِ وعلى جدهِ أفضل الصلاةُ وأتمُ التسليمِ  ...

 باتَ مِن اللائقِان نعرفَ الطرفَ الآخرَ للنزاعِ, لأنَّ طرفي النزاعِ بمنزلةِ الهيئةِ التي لا تقومُ إلا بطرفي معادلةٍ, وهنَا الطرفُ الآخرُ, فزاعةُ الخليجِ, وبعبعُ العربِ, والجيشُ العرمرمُ مِن دُمَى القشِ, #إيرانُ الخيرِ والعطاءِ اللامتناهي على ما تذرفهُ مِن ويلاتٍ وبلاءاتٍ على رؤوسِ شعوبِ المسلمينَ كافةً !!!

#وبالتالي :
يجبُ أن يكونُ التهديدُ حقيقياً صادقاً, ليكتملَ أطرافُ الخلافِ والنزاعِ, ومعَ وجودِ هذا الخطرِ الحقيقي, فلابدَ مِن داعمٍ وممولٍ, ولكن بالطريقةِ العصريةِ والخبيثةِ, وبالتالي فإنَّ هذا التهديدُ لابدَ مِن أن تحملهُ إيرانُ على محملِ الجدِ, وتُأخذُ هذهِ الزيارةُ بعينِ الإعتبارِ والتوجسِ والحيطةِ والحذرِ, حيثُ تكونُ بعضُ الأهدافِ القريبةِ مِن الأراضي الإيرانيةِ في مرمى صواريخِهَا البالستيةِ, التي أنفقتْ الملياراتِ على صناعتِهَا وتطويرهَا واستيرادِهَا !!!

ولكنَ السؤالَ : هل أنَّ القدراتِ العسكريةِ الإيرانيةِ بهذا الخطرِ بحيثُ يُنفقُ المماليكُ العربُ كلَّ هذهِ الأموالِ, والتي يُمكن أن تبني شعباً ووطناً في كوكبٍ آخرٍ غيرِ الأرضِ, أم أنَّ ما تملكهُ إيرانُ مِن قدراتٍ عسكريةٍ لا يُمكنهَا الصمودُ ساعةً واحدةً أمامَ ما تملكهُ بلادُ الخليجِ العربي, مِن قواتٍ جويةٍ وبأفضلِ التقنياتِ, بل ومَا تملكهُ مِن تقنياتٍ عسكريةٍ, يُمكن أن تُحيدَ كلَّ الأسلحةِ البريةِ والبحريةِ الإيرانيةِ بلا إستثناءٍ يُذكرُ !!!

طبعاً عدى مَا سَمِحَتْ الولاياتُ المتحدةُ ببقائهِ مهدداً لأمنِ الخليجِ, كالبرنامجِ الصاروخي الذي لَم يَدخلْ ضمِن التفاوضاتِ الأميركيةِ التي أبرمتهَا مع أميركا, لذلكَ أبقتْ أميركا على هذا البعبعِ الذي أيقظَ مضاجعةَ الجيرانِ, وفي الحقيقةِ أنَّ الكلَّ يعلمُ أنَّ حتى البرنامجِ الصاروخي لاقيمةَ عسكريةً مرجوةٌ منهُ, لا لشيءٍ سوى أنَّ كلَّ رؤوسهٍ رؤسٍ تقليديةٍ, وأنَّ الوقودَ التي يعملُ عليهَا مِن صنفِ الوقودِ السائلِ, والتي تحتاجُ لأبسطِ منظومةِ إنذارِ مبكرٍ, للكشفِ عنهَا وإسقاطِهَا بعدَ دقائقٍ مِن إقلاعِهَا !!!

#لذلكَ :
فإذا كانتْ أميركا عازمةٌ على إنهاءِ الملفِ الإيراني عسكرياً خلالَ هذهِ السنةِ, فبالتأكيدِ أنَّهَا ستنشرَ الكثيرَ مِن هذهِ المضاداتِ الأرضيةِ في أماكنِ تواجدِ قواعِدِهَا, ولكن مَن يدفعُ بالتأكيدِ هو الجيبِ الخليجي, لأنَّهُ هو الطرفُ المستفيدُ كمَا روجَ لهُ الإعلامِ الرسمي والتابعِ لهِم ...

وهُنَا لابدَ مِن أن نلتفتْ جيداً, أنَّ هذهِ الحربَ ليستْ بالحربِ البسيطةِ جداً, لأنَّ هنالكَ الكثيرَ مِن البلدانِ المتاخمةِ لإيرانَ غرباً, والتي سوفَ تكونُ مسرحاً مِن مسارحِ قواتِهَا الأرضيةِ, ومرتعاً مِن مراتعِ جنودِهَا, ومربضاً مِن مرابضِ طلائعِهَا, وهنَا أقصدُ في المقامِ #جنوبَ_ووسطَ_العراقِ ...

لأنَّ التفكيرَ العسكري التي تخططُ لهُ إيرانُ مِن التخطيطِ المعلومِ جداً, لأنَّهُ منسجمٌ مع قواعدِ الإشتباكِ الأرضي الثمانيني المتخلفِ, لذا فمِن الراجحِ جداً أن تستغلُ إيرنَ أرضَ العراقَ كأرضِ قواتٍ عسكريةٍ متقدمةٍ, وهي بهذهِ الحالةِ ستكسبُ الكثيرَ مِن الحفاظِ على طلائعِهَا أمامَ الضرباتِ الجويةِ, في المقابلِ فإنَّ أرضَ العراقِ هي الأرضُ البريةُ الأقربُ الى بلدانِ التعاونِ الخليجي, كالكويتِ والمملكةِ العربيةِ السعوديةِ , لذا فسيناريو إستعمالِ أراضي العراقِ مِن السيناريوهاتِ المؤكدةِ جداً ...

#ولكن :
قلنَا أنَّ هذا التفكيرَ منسجمٌ بنسبةِ مائةٍ في المائةِ مع التفكيرِ الإيراني الرجعي عسكرياً, والمنتمي الى خططِ ثمانيناتِ القرنِ المُنصرمِ, لذا فَمِن اللائقِ أن تُشغلَ هذهِ الأراضي خليجياً ولو فقط مِن منطقةِ جنوبِ العراقِ -البصرة-, لأنَّهَا متاخمةً بشكلٍ كاملٍ مع الأراضي الكويتيةِ, وهنَا يُمكن أن تتحركُ بعضُ القطاعاتُ العسكريةِ الخليجيةِ بإتجاهِ هذهِ المناطقِ, لتشغلَ الأماكنِ الرخوةِ خليجياً, ناهيكَ أن الأرضي العراقيةَ ستكونوا الأرضَ الجيدةَ لتحركِ القطاعاتِ العسكريةِ بينَ طرفي النزاعِ, ولا طريقةً أسهلُ مِن ذلكَ على الإطلاقِ, ناهيكَ عن مقبوليةِ الفكرةِ عندَ الكثيرِ مِن الإهوازيينَ ...

وبالخصوصِ مَا لو رأينَا في الآونيةِ الأخيرةِ أنَّ جنوبَ العراقِ صارَ مرتعاً للمخابراتِ الدوليةِ وبشكلٍ واضحٍ وفاضحٍ, حيثُ إنتشارِ الخلافاتِ العشائريةِ والحزبيةِ وتمددِ سطوةِ العصاباتِ المنظمةِ الى درجةِ الإستهانةِ بالسلطةِ الحاكمةِ, بل وصلَ الحالَ في سكنةِ تلكَ المناطقِ أن يستغيثونَ بأيِّ فردٍ يُنهي هذهِ التجاذباتِ والخلافاتِ ...

وفي طبيعةِ هذهِ الخلافاتِ والسماحِ فيهَا مِن قبلِ السلطاتِ, تكون مقدمةً مهمةً لإعادةِ فرضِ القانونِ في تلكَ المناطقِ, وأولهَا سحبُ السلاحِ مِن أيدي المدنيينَ, وبالخصوصِ الثقيلِ منهَا, وبالتالي سوفَ نحصلُ على منطقةٍ منزوعةِ السلاحِ بشكلٍ كاملٍ, وليسَ مِن المستبعدِ أن تُطلقُ حملاتٍ لشراءِ القطعِ الكبيرةِ مِنهَا, بغيةً لتفريغِ المنطقةِ بشكلٍ كاملٍ أو جزءٍ مهمٍ منهَا !!!

وفي حالِ تحققِ هذا السيناريو في جنوبِ العراقِ, مِن خلالِ إفراغِ الأسلحةِ مِن يدِ المدنيينَ والعشائرِ, هنَا سيتحققُ جزءاً مِن توقعِ تحققِ سيناريو دخولَ الجنوبِ مِن قبلِ القواتِ الغربيةِ العربيةِ أو الأميركيةِ البريةِ بإتجاهِ إيرانَ أو بإتجاهِ حدودِهَا, لأنَّ مِن صالحِ الحكومةِ الإيرانيةِ بقاءَ السلاحِ منفلتً خارجَ إطارِ الدولةِ, لأنَّهُ سيكونُ درعاً نوعاً ما بيدِ مُريدِهَا والتابعينَ لإعلامِهَا, وإلا بالحقيقيةِ هي حربٌ بينَ سلطانينِ جائرينِ, ولزومُ التلِ أسلمُ في هذهِ الحالةِ ...

#وهنَا :
لابأسَ أن أسجلَ موقفاً أعتقدُ بأهميتهِ, أنَّ الإجتياحَ الأميركي الذي حصلَ لمدينةِ البصرةِ مِن الأراضي الكويتيةِ في عامِ 2003, مِن الراجحِ جداً أن يتكررَ, وبنفسِ السيناريو والحوارِ, خصوصاً وأنَّ أسبابَ ومسبباتِ الإجتياحِ حاضرةٌ أمنياً وإقتصادياً .
 ولكنَ هذا الإجتياحَ سيتغيرُ كثيراً مِن حيثُ الهدفِ والمضمونِ, حيثُ سترفعُ القواتُ المجتاحةُ لحرمةِ العراقِ جنوباً ومِن البصرةِ على وجهِ التحديدِ, شعاراً يختلفُ عِن شعارِ التحريرِ السابقِ, وربَّمَا يتحولُ الى شعارِ الخيرِ والخَضِرةِ والرفاهِ والعيشِ الرغيدِ, مِن خلالِ إستغلالِ الخيراتِ المتوجدةِ هناكَ, ولكنَ هذهِ الشعاراتِ كسابقاتِهَا في الكذبِ والمكرِ والخداعِ والدجلِ والنفاقِ, بل الحقيقةُ خلافُهَا بنسبةِ مائةٍ في المائةِ ...

نعم, سيقتصرُ هذا الخيرُ والإستفادةُ والأرباحُ والمكاسبُ على بعضِ الأشخاصِ الدينيينَ والسياسيينَ مِن أئمةِ الضلالِ, حيثُ سَيُعاودونَ بيعَ الأرضِ والعرضِ المقدساتِ, ولكن هذهِ المرةَ بالجملةِ أرضاً وماءاً وسماءاً ...

وإذا تحققتْ هذهِ الرؤيةُ -أو الرؤيا- فسوفَ يتحققُ المصداقُ الحقيقي والحصري, مِن بينَ عدةِ مصاديقٍ مشابهةٍ تحققتْ في السابقِ, وهو مصداقُ دخولِ الدجالِ, وهنَا سيدخلُ بهذا العنوانِ وبهذهِ الهيئةِ, بحيثُ يقرأهَا القاريء والأمي على حدٍ سواءٍ, وبالتالي ستندفعُ الكثيرُ مِن المصاديقِ السابقةِ لمَعنى الدجالِ, والتي تلبسَ ربَّمَا متعمداً تمويهاً لهذا الإجتياحِ, ومَا يدلُ على هذا المعنى مَا وردَ في هذهِ الأخبارُ, واللهُ تعالى هو العالمُ والعارفُ بحقيقةِ المستقبلِ :

- عن الرسولِ (صلى اللهُ عليهِ والهِ وصحبهِ وسلمَ) قالَ : (للمسلمينَ ثلاثةُ أمصارٍمصر ملتقى البحرينِ -البصرة- ومصرٌ بالحيرةِ, ومصرٌ في الشامِ,... فيخرجُ الدجالُ على أعراضِ جيشٍ يهزم مِن قبلِ المشرقِ,  وأولُ مصرٍ يردُ المصرَ الذي بملتقى البحرينِ ... ) .

- عن كعبِ الأحبارِ : قالَ لأبي عثمان النهدي : إلى جانبكم جبل مشرف على البصرة يقال له : سنام ، قال : نعم ، قال : فهل إلى جانبه ماء كثير السافي ؟ قال : نعم ، قال : فإنه أول ما يرده الدجال من مياه العرب ) ...