الأربعاء، 20 سبتمبر 2017

#الكُرْدُ .. بَيْــنَ حُلُمِ الحَاضِرِ وغِيَابِ التأريخِ :
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,(الدكتور مهند جاسم الحسيني)
مِن أصعبِ الدراساتِ على مُستوى العلومِ الإنسانيةِ, هو علمُ الإنثروبولوجيا Anthropology)) أو مَا يُعرفُ بعلمِ الإنسانِ, حيثُ يَهتمُ هذا العلمُ في دراسةِ أعمالِ وسلوكِ وحضاراتِ والمجتمعاتِ البشريةِ, بحيثُ أنَّ هذا العلمَ يُقدِمُ الى الباحثينَ خوارطَ بشريةٍ تُشخصَ الإنسانَ على أساسِ العملِ والسلوكِ وطريقةِ العيشِ والتجمعِ وصولاً الى مَا يُعرفُ بالحضارةِ ...

فَمَثلاً أنَّ هذا العلمَ لمَا درسَ المنطقةَ الجنوبيةَ للعراقِ, إستطاعَ أن يُحددَ مقدارَ القبائلِ المنتميةِ للأرضِ, والعشائرِ المنتميةِ لهَا, وصولاً الى الأفخاذِ والعوائلِ, معرجاً على الترابطِ الأسري والمجتمعي, كالزواجِ والقانونِ والأحكامِ والإقتصادِ وطريقةِ العرضِ والطلبِ ...

ومِن هذهِ الدراساتِ إستطاعَ الباحثونَ أن يُقدموا خرائطاً تفصيليةً عن القبائلِ التي كانتْ ومَا زالتْ تَسكنُ الأرضَ, وأيهَا جاءت دخيلةً عليهَا ...

#وبالمقابلِ :
إنَّ علمَ الوراثةِ وبالخصوصِ فرعِهَا المعروفِ بـــ الكروموسومِ Y, والذي يَهتمُ بدراسةِ التوزيعاتِ الجينيةِ المرتبطةِ بالأرضِ المسكونةِ, فَمثلاً أنَّ الدراساتِ الجينيةِ للأكرادِ القاطنينَ في الشمالِ الشرقي العراقي, وجدَ أنَّهَا مِن النوعِ J2, وبنسبةٍ 28.4% مِن الأكرادِ بصفةٍ عامةٍ,
وهذا الجينُ نفسهُ الذي يحملهُ أغلبيةُ ساكني البلدانِ : إيران، وأرمينيا، وأذربيجان، وجورجيا، وفي تركيا، والأكراد، والشام !!!

وبالتالي فإنَّنَا نعلمُ بشكلٍ كبيرٍ جداً, أنَّ الأكرادَ جزءٌ مِن سكنةٍ هذهِ البلادِ, وليسو دخلاءَ عليهَا, ولَم ينزحوا إليهَا في الوقتِ مَا قبلِ التأثرِ الجيني ...

ومِن هذهِ الدراسةِ الجينيةِ تمكنَ الباحثونَ أيضاً أن يَسهموا في رسمِ خارطةٍ وراثيةِ -جينية- لسكنةِ هذهِ المنطقةِ أيضاً, وبالتالي يُعرفُ الخلاءُ على هذهِ الأرضِ مِن السكانِ الأصليينَ ...

#وأيضاً :
فإنَّ الموروثَ التأريخي والأدبي والملحمي سجلَ الكثيرَ مِن الحقائقِ التي يُمكنُ أن تركنَ إليهَا النفسُ في معرفةِ سكنةِ هذهِ الأرضِ مِن غيرهِم, ومعرفةُ السكانِ الحقيقينَ مِن النَازحينَ عليهَا,
فمثلاً سجلَ المؤرخُ الكرديُ محمد أمين زكي في كتابهِ "خلاصةُ تاريخِ الكُردِ وكردستانَ" : (بأنَّ الميديينَ وإن لم يكونوا النواةَ الأساسيةَ للشعبِ الكردي, هاجر الميديون بحلول سنة 1500 قبل الميلادِ, من نهرِ الفولكا شمالِ بحرِ قزوينَ واستقروا في الشمالِ الغربي من إيرانَ وأسسوا مملكةَ ميديا, إنَّ أصلَ الميديينِ يرجع إلى شخصٍ اسمهُ دياكو الذي كانَ زعيمَ قبائلِ منطقةِ جبالِ زاكروسَ, وبحلولِ القرنِ السادسِ قبلَ الميلادِ, تمكنوا من إنشاءِ إمبراطوريةٍ ضخمة امتدتْ مِن مَا يعرفُ الآنَّ بأذربيجانَ، إلى آسيا الوسطى وأفغانستانَ, واعتنقَ الميديونَ الديانةَ الزردشتيةَ، وتمكنوا في 612 قبلَ الميلادِ, من تدميرِ عاصمةِ الأشوريينَ في نينوى. ولكن حكمهم دامَ لما يقاربَ 50 سنةً, حيث تمكن الفارسيونَ بقيادةِ الملكِ الفارسي كورش بالإطاحة بالميديين وكونوا مملكتهم الخاصة ...

ومَا جاءَ في تاريخِ إبنِ خلدونَ في المقدمةِ والطبري في تاريخهِ بأنَّ الكُردَ هُم #بَدُو_الفرسِ, أي أنَّ الكُردَ هُم مَن يترحلُ ويتنقلُ بينَ الجبالِ, كمَا يتنقلُ سكنةُ الصحارى العربيةِ والذينَ يُعرفونَ بالبدو, لذا يقالُ عن بدو الجبالِ بأنَّهُم كُردٌ ...

#لذلكَ :
أنَّ المصادرَ الثلاثةَ وهي الإنثروبولوجيا والجيناتُ الوراثيةُ والتأريخُ جميعهَا أطبقتْ تقريباً على أنَّ الكُردَ لا وجودَ لهُم في شمالِ العراقِ, بل حتى مَا سجلهُ مُأرخُهُم محمدُ أمين زكي, بأَنَّ النواةَ التي سجلتْ بدايةِ الكُردِ لَم تَكُن مِن الأصولِ العراقيةِ أصلاً, بل أنَّهُم مِن سكنةِ بلادِ فارسٍ -إيران- حصراً, ومَا وقعَ على نينوى العراقية مَا هو إلا إحتلالٌ مِن قبلِ الفرسَ للقضاءَ على الإحتلالِ المديينَ فيهَا, أي أنهُ قضاءُ على محتلٍ للأراضي العراقيةِ مِن قبلِ محتلٍ آخرٍ, ومَا أكثرُ ذلكَ في التأريخِ ...

بينمَا الدراسةُ الجينيةُ لا يُمكن أن تُثبتَ أكثرَ مِن إتحادِ الجينِ الوراثي بينَ بعضِ القبائلِ القاطنةِ في أرضِ العرابِ, وهولاءِ المتحولونَ الى العربِ بعدَ ذلكَ كاليهودِ والشاميينَ, ومَا يُمكن أن يُصطلحُ عليهِم بالعربِ المُستعربةِ أي الذينَ تعلموا اللغةَ مِن العربِ الأصلاءِ ...

#لذلكَ :
لا يُمكن أن نُطلقَ على مَن يَسكنُ أرضَ العربِ بغيرِ العربِ, بغضِ النظرِ أنهُ مِن العربِ العاربةِ أو المُستعربةِ, ومَن سكنَ أرضَ العربِ بينَ قرنيهَا ولم يتكلمْ لغتهُم وصارَ مِنهُم فهو دخيلٌ عليهِم وعلى أرضِهِم, وليسَ لهُ في أرضِ العربِ أصلٌ ولا فصلٌ, بل فليبحثْ عن أصولهِ في أماكنٍ أخرى كبلادِ فارسِ وأرمينا وأذربيجانَ وغيرِهَا ...

هذا إذا تكلمنَا على نحو الإصولِ والتواجدِ, أمَا إذا تكلمنَا على أساسِ الأديانِ والأفكارِ والمعتقداتِ المُنتحَلَةِ مِن قبلِ سكانِ أرضِ العربِ, فلا طائلَ مرجوةٌ منَها أبداً, لأنَّ الدياناتِ للجميعِ, ومَن كانَ يهودياً تَنَصْرَ وتَأسلمَ, فليسَ البحثُ في الدياناتِ جدوى للطرفِ المقابلِ إطلاقاً ...

فليسَ مِن الحكمةِ أن يَستمعَ شبابُنَا وكهولُنَا الى دعوى إستحقاقِ اليهودِ بأرضِ فلسطينَ, أو مَا بينَ الفراتِ والنيلَ, لأنَّ الدينَ لا يتملكُ الأرضَ, لأنَّ سكنةَ الأرضِ هُم مَن يستملكُ الأرضَ, ويتناقلوا بينَ الدياناتِ, فالأرضُ جميعاً للعربِ, يهوداً كانوا أو مسيحاً أو مسلمينَ, لأنَّ الأرضَ عربيةٌ, بينمَا الدياناتُ يتناقلُ بينهَا الأفرادُ ...

مِن هذا الطرحِ, سوفَ يخرجَ الكُردُ مِن الجولةِ الأولى, حتى لو كانوا مسلمينَ, فإسلامُ لا يَستملكُ الأرضَ, ويجعلوا مِنهُم عرباً, وأمَا اليهودُ فليسَ لَهُم الحقُ في إقامةِ امةٍ عبريةٍ في قلبِ الأمةِ العربيةِ, لأنَّ الأرضَ عربيةٌ بغضِ النظرِ عن الدينِ, ولكنَ الإشكالَ في إستحداثِ أمةٍ في داخلِ أمةٍ, وهذا الإستحداثُ لا يشابهُ إستحداثَ دينٍ جديدٍ مطلقاً, فللعربي أن ينتحلَ أيَّ عقيدةٍ يشاءُ, بينمَا تبقى يدهُ على الأرضِ, لأنَّ الإنتماءَ لهَا إنتماءً قومياً لا دينياً !!!

#وفي_نفسِ_الوقتِ :
لا جدوى مِن البحثِ في أصولِ الغةِ على الإطلاقِ, فحتى لو أثبتنَا آشوريةِ اللغةِ للمشرقِ العربيي, وأمازيغيةِ المغربِ, وعبريةَ جزءً مِن الوسطِ, فهذا لا يعني أنَّ التعدديةَ تبقى على ثباتِهَا بعدَ ذلكَ, وعلى أساسِ التعدديةِ تثبتْ عندنَا تبعيةِ الأرضِ, لانَّ العربَ كمَا بينَا عربٌ عاربةٌ ومستعربةٌ, وطبيعةُ اللغاتِ تتغيرُ وتنشأ وتموتُ, وأمَا بقاءُ بعضُ الكلماتِ لا تُثبتُ تبعيةَ الأرضِ, بل أنَّ الأحفورياتِ والتنقيبَ عن بعضِ المخطوطاتِ والنقوشِ, لا يُثبتُ غيرَ أنَّ أصحابَ اللغةِ كانوا قاطنينَ في هذهِ البقعةِ, ولا يُمكن جرهَا الى أكثرِ مِن تلكَ البقعةِ, إلا على نحو التنظيرِ والإحتمالِ والذينِ لا يُمكنُ أن يرتقيانِ الى مُستوى المطالبةِ بالأرضِ وحقِ إسترجاعِهَا في غيرِ الأبحاثِ وبطونِ الكتبِ ...

وبالتأكيدِ أنَّ اللغةَ العربيةَ هي مِن أفصحِ وأيسرِاللغاتِ على مُستوى اللغاتِ التي شهدتهَا الأرضُ منذُ خَلْقِ الإنسانِ, حتى على مُستوى الإشتقاقِ, وهذا مَا يُفسرُ سرَ إنتشارهَا وإتقانِهَا مِن قبلِ الغيرِ في تلكَ العصورِ السحيقةِ, قبلَ أن يَكُونَ للعربِ شوكةٌ لنقلِ لغتِهِم بغيرِ التجارةِ والترابطِ بينَ الحضاراتِ !!!

#لذا :
فإنَّ إنتهاءَ اللغةِ الأمازيغيةِ أو مَا يرجعُ إليهَا, وبقاءُ أهلِهَا في نفسِ أرضِ الأجدادِ, لا يُعطي الحقَ لَهُم للمطالبةِ بإنشاءِ أمةً أمازيغيةً بعدَ إندثارِهَا, كمَا لا يُمكنُ للعبريينَ اليهودِ أن يُطالبوا أن تُنشأ لهُم أرضٌ لِيَقيموا عليهَا بدايةَ تكونَ أمةً عبريةً أيضاً, لأنَّ المُجتمعاتِهِم إنتحلتْ اللغاتِ الأسهلَ والأفصحَ على لِسانِهَا وفَهمِهَا, وأصبحوا بعدَ ذلكَ مِن المُستعربةِ, وهذا الإستعرابُ جاءَ عبراً للعصورِ, وليسَ نتيجةً للتغيراتِ السياسيةِ والعسكريةِ, بل هو مِن طبائعِ اللغاتِ في المنشأ والإندثارِ, كمَا حصلَ مع اللغاتِ المصريةِ والعراقيةِ وحضاراتِهِمَا في الأزمانِ السحيقةِ, ولم يبقى مِن تلكَ اللغاتِ إلا مَا يدلُ على وجودِهَا فقط ...

#لذلكَ :
يَنْبَغي للجميعِ الإلتفاتِ, أنَّ قضيةَ إنشاءِ وإعادةِ تأهيلِ الأمةِ بعدَ إندثارِهَا, أو المُطالبةَ بتشكيلِهَا بعدَ أن يتجاذبَ الأفرادَ مِن نفسِ اللغةِ ليكونوا شعباً ومُجتمعاً, لَم تحصلْ عبرَ العصورِ مطلقاً, وهذا مَا يُفسرُ وجودَ القومياتِ الأخرى في داخلِ الأمةِ العربيةِ مثلاً, لأنَّ التنقلَ بينَ المملكاتِ السياسيةِ مِن قبلِ الأغرابِ كانَ ممكناً للجميعِ, حتى مِن كانَ خارجَ تلكَ الأمةِ, بسببِ طلبِ العيشِ, والبحثِ عن التوسعةِ والإسترزاقِ, والهربِ مِن الظلمِ والمرضِ, كُلُهَا عواملٌ مكنتْ حصولَ الهجرةِ الى البلادِ الأخرى مِن القومياتِ الأخرى, وبسببِ طبيعةِ الإنسانِ وفطرتهِ وركونهِ الى التجمعِ الى بني قومهِ وقوميتهِ, نشأتْ مَا يُعرفُ بقوميةٍ داخلَ قوميةٍ أخرى, وإلا لا سبيلَ يُمكن أن نَركنَ إليهِ مِن تداخلِ القومياتِ ببعضِهَا, دونَ حدوثِ إنصهارٍ فيمَا بينَهَا ...

بل إنَّ حتى البقاءِ والسماحِ بتكونِ بعضِ القومياتِ المصغرةِ مِن قبلِ الدولِ السابقةِ, يُنبؤنَا بأنَّ هنالكَ لا خطرَ في تَشكلِ هكذا قومياتٍ المصغرةِ في القوميةِ الكبيرةِ, بل إنَّ كيانَ الدولةِ قائمٌ على أساسِ التعدديةِ القوميةِ, بل والسماحِ بوجودِهَا, لأنَّ الدولةُ تسمحُ بنشوءِ أيِّ شيءٍ ممكن أن يثري الدولةَ ويتحفهَا في أي مجالٍ مِن المجالاتِ, فكمَا لا غنى في الدولِ الصناعيةِ الكبرى عن الفلاحِ والزراعةِ, كمَا لا تستنغني نفسهَا عن بدو الصحارى والجبالِ -الكُرد-, لأنَّ التعدديةَ القوميةَ واللغويةَ والسكانيةَ, تُثري وتوفرُ المادةَ الخامَ في مجالاتِ الحياةِ عامةً, كالزراعةِ والصناعةِ والتكنلوجيا ...

وهذا أحدُ الأسبابِ التي ترى أنَّ الطبقيةَ والتعدديةَ في إقتصادياتِ المجتمعاتِ المتمدنةِ والمتحضرةِ, بل وهذا أحدُ الأسبابِ التي نشأتْ عليهَا الأفكارُ الرأسمَاليةِ, لأنَّ كمَا وفرتْ الرأسماليةُ الحقَ لإمتلاكِ الطبيعةِ مِن قبلِ رؤوسِ الأموالِ, فإنَّهَا وفرتْ حقَ إسترقاقِ الناسِ بطرقٍ أخرى لا تتعارضُ مع جريمةِ الإسترقاقِ والعبوديةِ عندَهُم, لأنَّهُم يعتبرونَ وجودَ القومياتِ في بلادِهِم كوجودِ ذوي الدخلِ المحدودِ, لأنَّهُم يوفرونَ مَا لايتمكن مالكو الرؤوسِ الماليةِ مِن توفيرهِ !!!

#فبالتأكيدِ :
إذا كانَ السماحُ لنشوءِ القومياتِ المصغرةِ على أراضي الدولةِ لا يُدي الى إثارةِ القلاقلِ والفتنِ, فضلاً عن إحتماليةِ إقتسامِ الملكِ والدولةِ مع المالكينَ الأصليينَ مِن الناسِ, فلا بأسَ بالسماحِ لَهُم, بل والتمكينَ لهُم مِن خدمةِ الدولةِ مِن خلالِ التمكينَ مِن تعميقِ الهجرةِ الى بلادِ العربِ والمسلمينَ مثلاً, وأمَا مع إحتماليةِ أن تُثيرُ موجاتُ النزوحِ والهجرةِ الإقتصاديةِ والأمنيةِ والصحيةِ أي مخاوفِ مِن أثارةِ القلاقلِ والفتنِ, أسواءِ كانتْ إقتصاديةً أو أمنيةً أو سياسيةً ولو على نحو البعيدِ, فبالتأكيدِ أنَّ ليسَ مِن صالحِ الدولةِ أن تسمحَ لهكذا عملياتِ نزوحٍ وهجرةٍ تؤدي الى تكوينِ مستعمراتٍ وتجمعاتٍ ممكنُ أن تؤدي الى تولدِ البذرةِ الأولى الى نشوءِ القوميةِ ولو في المستقبلِ غيرِ المنظورِ !!!

ولهذا قد لاحظنَا في السنواتِ الخمسِ الماضيةِ كيفَ بدأتْ الدولُ تنزعجُ وتتوعكُ مِن عملياتِ الهجرةِ والنزوحِ غيرِ المنضبطةِ والمحددةِ, لأنَّ إحتماليةَ نشوءِ تغيراتٍ ديموغرافيةِ بالمستقبلِ القريبِ, لذا نلاحظُ كيفَ تغيرتْ الإجراءاتُ على صعيدِ الإتحادِ الأوربي -المُشجعُ على إستقبالِ اللاجئينَ- مِن السماحِ بالإقامةِ الدائمةِ والمواطنةِ الى الإقامةِ المحددةِ والمرهونةِ زمنياً وبالظروفِ الراهنةِ مِن البلدِ المنزوحِ منهُ, لأنَّ هذهِ الموجاتِ ستوفرَ حقوقاً وواجباتٍ لا تتمكنُ الدولةُ مِن التغاضي عنهَا, كمَا حصلَ في الدولةِ الفرنسيةِ التي شكلَ العربُ على أراضيِهِم ثلثَ السكانِ الأصليينَ, مَا جعلهُم قادرينَ على تشكيلَ قوميةٍ عربيةٍ في فرنسا !!!

وبالمقابلِ لاحظنَا الغضبَ العرامَ مِن قبلِ إدارةِ الرئيسِ الأميركي دونالد ترامب إتجاهَ قضيةَ اللجوءِ والسفرِ والإقامةِ, حتى وصلَ بهِ الحالِ الى إحتماليةِ تهجيرِ الكثيرِ مِن الأميركيينَ مِن أبوينَ غيرِ أميركيينَ !!!

وكلُّ هذهِ المخاوفِ مخاوفٌ مِن تشكلِ جالياتٍ غيرِ اصليةٍ قبالَ تلكَ الموجودةِ اصلاً على تلكَ الأرضِ, التي يُمكن ان تشتركَ في القراراتِ السياسيةِ وتشكيلِ الحكوماتِ وصولاً الى المطالبةِ بالإستقلالِ وحقِ تقريرِ المصيرِ, وهذا الخطرُ خطرٌ حقيقيٌ يوازي ويزيدُ على الخطرِ الأمني الذي يُمكن السيطرةُ عليهِ !!!

#إذن :
هنالكَ فرقٌ كبيرٌ بينَ السماحِ لوفودِ وإقبالِ الجالياتِ بينَ السابقِ والحاضرِ, بل هنالكَ فرقٌ بينَ السماحِ بالهجرةِ قبلَ وبعدَ تشكلِ الكيانِ الصهيوني في قلبِ الأمةِ العربيةِ, حيثُ أنَّ أو قوميةٍ عبرَ التأريخِ سُمِحَ لهَا أن تُنشأ دولةً ذاتَ قوميةٍ في أرضِ قوميةٍ أخرى !!!
وهذا الوجودُ اليتيمِ للقوميةِ العبريةِ سكونُ مهدداً بالخطرِ والتفككِ ولو بعدَ حينٍ, لذا لابدَ مِن السماحِ لهُ بالإضفاءِ شيءٍ مِن الشرعيةِ والأمنِ والممانعةِ, مِن خلالِ السماحِ لبعضِ القومياتِ الأخرى غيرِ العربيةِ أن تُشكلَ بلداناً على أساسِ قومياتِهَا على الأراضي العربيةِ, تحتَ مسمياتٍ كثيرةٍ كحقِ تقريرِ المصيرِ, والحفاظِ على الأقلياتِ الإثنيةِ والعرقيةِ والقوميةِ !!!

وبالتالي فإنَّ إقامةَ دولةٍ كُرديةٍ على الأراضي العربيةِ العراقيةِ, سوفَ يُشكلُ سداً منيعاً للدولةِ الصهيونيةِ في فلسطينَ, مِن خلالِ تشكيلِ تحالفاتٍ تحمي الأقلياتِ في الأراضي العربيةِ, بل وأنَّ البابَ سوفَ لا يُغلقُ بتشكيلِ دولةٍ كُرديةٍ فقط, بل البابُ سوفَ يُفتحُ على مصراعيهِ لجميعِ الأقلياتِ, والتي يُمكن أن تسوقُ لنفسهَا قوميةً مستقلةً, كالأمازيغِ في دولِ المغربِ العربي, بل والأقباطِ فيي مصرِ, كلُّ هذهِ الملفاتِ سوفَ تتفجرُ تباعاً بعدَ إعلانِ إقليمِ كُردِستانِ إستقلالهُم !!!

وِمن هنَا عرفنَا سببَ تحمسِ الصهاينةِ لإجراءِ الإستفتاءِ في موعدهِ المقررِ, متجاهلةً كلَّ الأصواتِ الأمميةِ برفضهِ ولو في الوقتِ الحالي ...

#وفي_نفسِ_الوقتِ :
ليسَ مِن الصالحِ العربي والإقليمي العراقي أن يُراهنَ على مَا يُعرفُ بالرفضِ الأممي وعدمِ الشرعيةِ الأمميةِ لدولةِ الكُرديةِ المُرتقبةِ, لأنَّ الشرعيةَ الأمييةَ يُمكن أن تتغيرَ بتغيرِ الرئاساتِ, لأنَّ أصلَ تقريرِ المصيرِ ليسَ ممنوعاً قانونياً بمقدارِ منعهِ سياسياً, وبمَا أنَّ السياساتِ تتبدلُ بتبدلِ الرؤساءِ, لذا فليسَ مِن العقلِ ولا مِن الحكمةِ أن يُعولَ الكثيرُ مِن ساسةِ العربِ والإقليمِ الغعراقي على الشرعيةِ الدوليةِ ...

وإذا كانتْ هذهِ القضيةُ واضحةً بالنسبةِ لدولِ الإقليمِ العراقي, ولم يعولوا على الشرعيةِ التي تتبدلُ وتتغيرُ بتغيرِ الرؤساءِ في الدولِ العظمى, فبالتأكيدِ سوفَ يعملونَ على تقويضِ هذهِ الدولةِ قبلَ أن تنشأ, ويحاولونَ إنهاءَ وجودِهَا مِن الأساسِ, بعتبارهَا مهددةً للأمنِ القومي لبلادِ الجوارِ الذينَ يملكونَ الملايينَ مِن الكُردِ الذينَ يُمكن أن يطالبوا بالحكمِ الذاتي بعدَ كم سنة مِن عملياتِ عسكريةِ وأمنيةٍ, وسفَ يجدونَ مَن ينطقُ بإسمهِم ولغتِهِم وينقلُ معاناتِهِم الى الخارجِ !!!

طبعاً أنا أتحدثُ عن بلادٍ محيطةٍ بالشمالِ العراقي, والتي تملكُ باعاً طويلاً في إبتلاعِ أممٍ وشعوبٍ بكاملِهَا, وبالتالي مِن الصعوبةِ أن يسمحونَ أن تتشكلَ على أعتابِ بلدانِهِم دولةٌ بالعنوانِ القومي وليسَ العربي !!!

#وهنا_لابدَ _مِن_أن_تفهمَ :
أنَّ هنالكَ فرقٌ كبيرٌ بينَ أن تقررَ البلادُ مصيرهَا بالإنفصالِ على أساسٍ قومي أو سياسي, فالفرقُ بينَ الإنفصالينِ كبيرينِ جداً, ولا وجةَ للمقارنةِ بينهُمَا مطلقاً ...
فمثلاً أن الجبهةَ الشعبيةَ لتحريرِ الساقيةِ الحمراءِ ووادي الذهبِ أو ما تُعرفُ بِــ (البوليساريو) تريدُ الإنفصالَ بالصحراءِ الغربيةِ عن المملكةِ المغربيةِ, ولكنَ هذا الإنفصالَ إنفصالٌ سياسي أو إقتصادي بامتيازٍ, حيثُ أعلنوا تشكيلَ الدولةِ بِمسمى (الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية), بالرغمِ مِن تشكلِ هذهِ الدولةِ نتيجةً للهجرةِ مِن جميعِ قصاعِ شمالِ أفريقيا وتعمدُ التغييرِ الديموغرافي مِن قبلِ الإحتلالِ الروماني للبلادِ ...

بخلافِ إنفصالِ إقليمِ كُردِستانِ العراقِ, وإعلانِهِم دولةً مُستقلةً, فإنَّ هذهِ الإعلانَ إعلانٌ قومي شعوبي, والذي يستلزمُ في الغالبِ التوسعِ وتمددِ النفوذِ بعدَ ذلكَ, لأنَّ الدولَ الفتيةَ تحتاجُ الى مواردٍ بشريةٍ كبيرةٍ تتناسبُ مع إعلانِ وبقاءِ الدولةِ, لتشكيلِ المؤسساتِ العسكريةِ والصناعيةِ والزراعيةِ, لذا تعملُ في سنواتِهَا الأولى الى تشجيعِ الهجرةِ إليهَا مِن باقي البلادِ المجاورةِ والعالمِ عموماً, كمَا فعلتْ الحكومةُ الصهيونيةُ في بدايةِ نشوئِهَا, حيثُ إستقطبتْ يهودَ العالمِ العربي والأوربي والأفريقي, وشجعتْ الهجرةَ إليهَا ...

وبعدَ أن تكتملَ أركانُ الدولةِ سياسياً وعسكرياً وإقتصادياً, ستعملُ على توسعةِ نفوذهَا والتمددِ لقضمِ الأراضي القريبةِ مِنهَا, ولهذهِ التوسعةِ عدةِ طرائقٍ تتناسبُ مع مُتطلباتِ المرحلةِ الشاخصةِ لِرسامِ السياسةِ التوسعيةِ ...

ومِن هنَا تخشى دولُ الجوارُ مِن تشكلِ هذهِ الدولةِ على حدودِهَا, لأنَّ قوميةَ الدولةِ عاملٌ مهمٌ جداً في إثارةِ القلاقلِ على الحدودِ المجاورةِ لهَا, وهذهِ القلاقلُ لا يُمكن عدمُ إفتراضِهَا, بل هي ناتجٌ طبيعيٌ مِن تشكيلِ الدولِ على أساسي القومياتِ والإثنياتِ والأديانِ !!!

#وهنَا :
نعرفُ دورَ الحكومةِ العراقيةِ مِن خلالِ الإختلافِ مع الإقليمِ في مسألةِ الإستفتاءِ حولَ ضَمِ محافظةِ كركوكَ فقط, وكأنَّ الحكومةَ تُوحي للمقابلِ والعالمِ أنَّ كركوكَ عربيةٌ لا يُمكن أن تدخلَ في الإستفتاءِ, بينمَا يجبُ أن تكونَ المُمَا نعةُ ممانعةً كليةً بالنسبةِ لباقي الإقليمِ, لأنَّ المحافظاتِ في الإقليمِ لا تفترقُ عنهَا في باقي العراقِ !!!

وهنَا نفهُم أنَّ الممانعةَ إيرانيةٌ بامتيازٍ, لأنَّ ضَمَ كركوكَ الى الإقليمِ مع إجراءِ الإنفصالِ لهَا جميعاً, سَيُأسسُ أركانَ الدولةِ الكاملةِ منذُ البدء, حيثُ الجانبُ الإقتصادي الكبيرِ ممَا ستوفرهُ محافظةُ كركوكٍ, سيبلورُ قدرةٍ عسكريةٍ كبيرةٍ جداً وبغضونِ سنواتٍ قليلةٍ جداً, كَمَا حصلَ مع دولةِ إسرائيلَ, حيثُ إستطاعتْ بعدَ قرابةِ تسعِ عشرةِ سنةٍ أن تُلحقَ خسارةً لَم تحصلَ في التأريخِ مطلقاً وفي أقوى جيوشِ المنطقةِ, حيثُ بغضونِ ستةِ أيامٍ سقطَ الجيشُ المصري والسوري والأردني والعراقي واللبناني, وبالرغمِ مِن دعمِ ثمانِ دولٍ لهَا, وهو مَا عُرِفَ بنكسةِ حزيرانَ عامَ 1967, أو بحربِ الأيامِ الستِ !!!

كذلكَ الحالُ مع إقليمِ كُردستانِ العراقِ, فإنَّ المطالبةَ العراقيةِ بعدمِ إشراكِ كركوكَ ضمنَ الإستفتاءِ, يُبينَ أنَّ الخوفَ مِن الدولةِ الكُرديةِ خوفاً غيرُ عراقي ولا عربي, لأنَّ التوسعةَ ستكونُ فقط على حسابِ المناطقِ المتنازعِ عليهَا عراقياً, قياساً بالتوسعةِ والتمددِ على حسابِ الجارتينِ التركيةِ والإيرانيةِ !!!

ولذلكَ حتى الصوت السياسي العراقي المطالبِ بإلغاءِ الإستفتاءِ الكُردي, هو صوتٌ إيرانيٌ متناسباً مع الرغبةِ التركيا, لأنَّ عواملَ التقسيمِ العراقي كانتْ شاخصةً منذُ البدايةِ وشاخصةً للعيانِ, بل فقط لَم تحصلْ عمليةُ الفيدرالياتِ ولا الدويلاتِ على أرضِ الواقعِ !!!

#ولكن_يبقى_التساؤلُ_الشاخصُ :
عن سببِ ممانعةِ الجانبِ الأميركي لمسألةِ الإستفتاءِ ولو في الوقتِ الحالي, بالرغمِ مِن رغبتِهَا بتقسمِ العراقِ والبلادِ العربيةِ كافة ؟!!
وفي الحقيقةِ أنَّ الرغبةَ الأميركيةَ في تأجيلِ إستفتاءِ إقليمِ كُردستانِ, مجردُ رغبةٍ سياسيةٍ فقط, وهذهِ الرغبةُ تنسجمُ مع مُتطلباتِ المرحلةِ الحاليةِ, أي أنَّ مسألةَ الإستفتاءِ مرغوبةً أميركياً, ولكن الخلافَ في التوقيتِ فقط, لذا لا ينبغي مطلقاً التعويلُ على الرفضِ الأميركي لهذا الإستفتاءِ, أي حتى لو حصلَ الإستفتاءِ في غيابِ الرغبةِ الأمميةِ حالياً, سيكونُ مقبولاً في الفترةِ اللاحاقةِ مباشرةً, وبالتالي سيتمُ الموافقةُ الأمميةُ على عضويةِ دولةِ كردستانَ في أروقةِ الأممِ المتحدةِ كعضوٍ فيهَا, وعندهَا سيكونُ لهذهِ الدويلةُ المتعطشةُ للتوسعِ صوتاً مسموعاً أممياً, ولهَا حقوقٌ وعليهَا واجباتٌ !!!

وإنَّ سببَ هذهِ الرغبةِ -الرافضةُ- هو أن تدخلَ المنطقةِ في صراعٍ وتجاذباتٍ تُغيرُ الحساباتِ الأميركيةِ فيهَا, لأنَّهَا مسألةٌ قوميةٌ لبعضِ الدولِ المجاورةِ, والتي يُمكن أن تتحركَ عسكرياً دونَ إشعارِ المجتمعِ الدولي بذلكَ, لأنَّ المسائلَ القميةَ لا يُرجعُ بهَا الى مجلسِ الأمنِ, بل هي بمثابةِ الدفاعِ عن النفسِ الذي لا يجرمهُ القانونُ الدولي !!!

وبالخصوصِ أنَّ أميركا بدأتْ وبشكلٍ واضحٍ الى العملِ على تأسيسِ الحلمِ الكُردي في المشرقِ العربي, حيثُ مَا تفعلهُ مِن دعمِ للقواتِ الكُردستانيةِ السوريةِ واضحٌ للعيانِ, فإنَّ إنشاءَ منطقةٍ كُرديةِ في سوريا, والمنطقةُ المُنشأةُ في الأصلِ في شمالِ العراقِ, لهو نصفُ حلمِ الكُردِ مِن إنشاءِ دولَتِهِم الفيدراليةِ القوميةِ في شمال العراقِ وسوريا وإيران وجنوبِ تركيا !!!

لذا فإنَّ التعويلَ على عدمِ الرغبةِ الأميركيةِ للإستفتاءِ, تعويلٌ غبيٌ جداً, لأنَّ أميركا ماضيةٌ في تأسيسِ هذهِ الدولةِ منذُ زمنٍ طويلٍ ...

#وهنَا :
أرغبُ القولَ مَا أكدنَا عليهِ سابقاً : (مِن أن العملَ المستعجلِ لتحريرِ الموصلِ وبهذهِ الكيفيةِ والطريقةِ, سوفَ يجرُ الويلاتِ تلو الويلاتِ على المنطقةِ برمتِهَا وبغضونِ أيامٍ, بآنَ شاخصاً للعيانِ غيرِ المتخصصينَ حتى !!!) ...

فلا زالتْ راياتُ التحريرِ والإحتفالاتِ التي عُلِقَتْ إبتهاجاً بتحريرِ (وذبحِ) الموصلِ بطريقةٍ مستعجلةٍ, ها قد ظهرتْ فتنُ الدولِ والأقطارِ, بدلاً مِن فتنةِ العصاباتِ الأرهابيةِ ودولتِهِم المزهومةِ -داعش- ...

فبعدَ أن قضينَا على التنظيمِ وأنهينَا وجودهُ في الموصلِ, بعدَ أن تبرعَ بهَا المنافقونَ والخونةُ لتنفيذِ مخططٍ يحسبونَ أنَّهُم يحسنونَ صنعهُ, بتنَا على مشارفِ خسارةِ أربعِ محافظاتِ عراقيةِ (دهوك, أربيل, السليمانية, كركوك), ومِن قبلهَا (الموصل, صلاحُ الدين, الأنبار, ديالى) !!!

فبعدَ أن تسابقتْ الأصواتُ في المطالبةِ لتحريرِ الموصلِ, سوفَ تتسابقُ الأصواتُ في بيانِ غباءِ وهمجيةِ الطريقةِ التي حُررَتْ بهَا الموصلِ, وكانَ مِن اللازمِ أن تُبْقي بالكثيرِ مِن فلولهَا بإتجاهِ تلكَ الحدودِ المطالبةِ بالإستقلالِ, حتى تعرفَ معنى البقاءِ العراقِ موحداً, وحتى تعرفَ معنى الدماءِ الذينَ ذهيتْ هباءاً منثوراً لتحقيقِ سياساتٍ ليسَ للوطنِ ولا لوحدتهِ ومقدساتهِ ولا لسلمهِ الأهلي شيء, بل أنَّ ما حصلَ فقط عمليةُ إعدامٍ جماعي للشبابِ والمقدراتِ العراقيةِ, تمهيداً لإستقلالِ المنطقةِ الفلانيةِ والتهديدِ للدولِ الفلانيةِ !!!

#وأحبُ :
أن أتمثلَ بأبياتِ الجواهري التي قالهَا في الإمامِ الحسينِ بنِ علي بنِ أبي طالبٍ (عليهِم الصلاةُ والسلامُ), ولكن أهديهَا للعراقِ أرضِ الأنبياءِ وشعبِ الأوصياءِ, لأنَّهَا الصورةَ التي سنرى بهَا العراقَ بعدَ ذلكَ, مِن خنوعٍ وقتلٍ وتضيعِ للأرضِ والمالِ والشعبِ, وبمستوى الذي لا يخطرُ على بالٍ, ونسألَ اللهُ تعالى لنَا ولكُم الخلاصَ بِمَن لا تُردُ لهُ رايةٌ, ولا يُرْجَعُ الى مَسامعهِ أمرٌ :

وَخِلْتُ وقد طارتِ  الذكرياتُ              بِروحي  إلى   عَالَـمٍ   أرْفَـعِ

وطُفْتُ   بقبرِكَ   طَوْفَ الخَيَالِ              بصومعـةِ  المُلْهَـمِ   المُبْـدِعِ

كأنَّ   يَدَاً  مِنْ   وَرَاءِ  الضَّرِيحِ             حمراءَ    " مَبْتُـورَةَ  الإصْبَـعِ"

تَمُدُّ   إلى   عَالَـمٍ  بالخُنُـوعِ              وَالضَّيْـمِ  ذي  شَرَقٍ  مُتْـرَعِ

تَخَبَّطَ   في  غابـةٍ   أطْبَقَـتْ             على مُذْئِبٍ  منـه  أو  مُسْبِـعِ

لِتُبْدِلَ  منهُ  جَدِيـبَ   الضَّمِيرِ             بآخَـرَ  مُعْشَوْشِـبٍ  مُمْـرِعِ

وتدفعَ  هذي  النفوسَ  الصغارَ             خوفـاً  إلى   حَـرَمٍ    أَمْنَـعِ

#وأسألكُم_الدعاءَ

الأربعاء، 13 سبتمبر 2017

مُنْتَهَى الآثارِ فِي كَشْفِ الأسْرَارِ :
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,(الدكتور مهند جاسم الحسيني)
#الحلقةُ_الثانيةُ : مُقْتَدى الصَدْرُ .. ومُتَلَازِمَةُ داونَ  !!!

الكثيرُ ربَّمَا يكونُ على إطلاعٍ, بأنَّ المخابراتِ العالميةِ عندَمَا تُرِدُ أمراً وتبيتُ لهُ, لا تكتفي بدراسةِ زاويةٍ واحدةٍ فحسبُ, وبانسدادِ تلكَ الزاويةِ ينهارُ المَشروعُ مطلقاً, بَل تضعُ البدائِلَ الكثيرةَ, وتبدأ بِهَا تباعاً, وتضعُ في حسبانِهَا مِن البدايةِ الكثيرَ مِن الخطواتِ, بحيثُ لا ينتهي المشروعُ المُوما إليهِ إلا أن يُكتَبَ لهُ النجاحُ المحققُ ...

ولكي يَكونُ المشروعُ ناجحاً وبِشَكلٍ كاملٍ, لابدَ أن تتحققَ أسبابهُ في الخارجِ, ولا تتحققُ الأسبابُ, إلا إذا عَرَفَ المُقابلُ أنَّ أسبابَ نجاحِ المَشروعِ يُمكنُ أن تتحققَ, وإلا فلا تُضاعُ ثانيةً واحدةً, ولا تُصْرَفُ المِزانِياتُ إلا إذا تأكدَ الطرفُ المُقابلُ بأنَّ المشروعَ سَيُكْتَبُ لهُ النجاحُ في نهايةِ المَطافِ !!!

وِمن هُنَا يَتُمُ التحركُ وتتعددُ طُرُقُهُ, فَعِندَمَا يكونُ #مَشْرُوعُ_صِنَاعةِ_العَميلِ مُستعصياً عَلَيهِم, ولَم تُرْفعْ التقاريرَ بأنَّ المَشروعَ ممكنُ أن يُواجهُ مُباشرةً ووجهً لوجهٍ, فأمَامَ المقابلِ خطوةٍ واحدةٍ فقط, وهو التحركُ على مقربينِ مَشروعِ العميلِ, ولا يَتُمُ هذا التحركُ إلا مِن قبلِ أطرافٍ غيرِ رسميةٍ, وعندَهَا تُعرضُ الأموالُ بأيِّ عنوانٍ كانَ, كإنشاءِ مشروعٍ خيري كمساعدةِ النازحينَ مثلاً, أو إنشاءِ مؤسسةٍ للأيتامِ والأراملِ وذوي الحاجاتِ الخاصةِ, المهمُ أن يُنْشأ مَشروعٌ مبدئي يتفقُ عليهِ الطرفانِ, بحيثُ يَتُمُ مِن خلالهِ التمويلِ, وإيجادِ الغطاءِ القانوني والإجتماعي, وهذا مَا #يُعرفُ_بالساترِ_الأمني_إصطلاحاً ...

وبالتأكيدِ أنَّ التقاريرَ الإسبوعيةَ والشهريةَ سَتُرفعُ بِنِسَخِهَا الأصليةِ الى الجهةِ المُقابلةِ -أقصدُ الجهةَ المستفيدةَ مِن صناعةِ العميلِ والمشرفةِ عليهِ إعداداً وتأهيلاً- حيثُ يُشْرَحُ خلالُهَا طَرِقَةُ صَرفِ الأموالِ, وكيفيةُ توزيِعِهَا, وهُنَا ليسَ مطلوبٌ إطلاقاً أن يُعْرَفَ أينَ صُرِفَتْ هذهِ الأموالُ, بل لسحبِ المُستمسكاتِ الثبوتيةِ والقانونيةِ التي تؤكدُ وتُبَرهِنُ أنَّ فلاناً تعاملَ مع الجِهَةِ الفلانيةِ, وتقاضى مِنهُمُ الأموالَ وبكمياتٍ كبيرةٍ جداً تحتَ عنوانِ المشاريعِ الخيريةِ !!!

وطبعاً أنَّ طريقةَ الإعدادِ لا تتوقفُ الى هذا الحدِ فقط, بل سَوفَ يُجَرُ المقابلُ الى مشاريعٍ أكثرِ عمقاً, بحيثُ يبدأ المشروعُ بالمعرفةِ أنَّهُ باتْ جزءاً مِن الطرفِ المقابلِ, ويعملُ لصالحهِ أو لمصلحةٍ مشتركةٍ للطرفينِ معاً, وتحتَ ذريعةِ المصلحةِ المُشتركةِ, والتي لا تكونُ المؤسساتُ الخيريةُ جزءاً منهَا بطبيعةِ الحالِ, سوفَ يُجرُ المَشروعُ الى تنفيذِ مخططٍ مهمٍ الى الطرفِ المقابلِ, وليسَ مِن وراءِ المقابلِ هدفٌ إلا أن يُوطدَ العلاقةَ بالمشروعِ, ويجعلهُ أكثرَ طاعيةً وخدمةً, مِن خلالِ جمعِ المُستَمسكاتِ عليهِ بمرورِ الزمنِ, والتي سوفَ تُعْتَبرُ في المستقبلِ دلائلٌ دامغةٌ قضائياً ومجتمعياً !!!

وبالتأكيدِ فإنَّ نشرَ الوثائقِ على الملأ, أو بنقلِ بعضِ نسخِهَا الى طرفٍ يُستفادُ مِنهَا, لا يُعابُ عليهَا جِهَازُ المخابراتِ للطرفِ المقابلِ مطلقاً, بل أنَّ هذهِ المؤسسةِ يكونُ إقاعُ المقابلِ وإنشاءُ #مشروعِ_العميلِ جزءً أساسياً مِن عَمَلِهَا, بخلافِ المَشروعِ الذي يُعتَبَرُ عَمَلَهُ عملاً خيانياً وتخابرياً يُحَاسَبُ عليهِ قانونياً ومجتمعياً !!!

#ومِن_هنا :
يُمكن معرفةُ لماذا تُرفعُ السريةُ عن بعضِ الملفاتِ الإستخباريةِ, وخصوصاً في مَا يخصُ صِناعةِ العملاءِ, لأنَّ هذا الرفعُ يكونُ منقبةً كبيرةً لتلكَ المؤسسةِ, بعدَ أن إستطاعتْ أن تُتممَ مشروعهَا بنجاحٍ تامٍ, فمِن حقهَا أن ترفعَ بعضَ السريةِ عن بعضِ التفاصيلِ على شكلِ مذكراتٍ أو مقالاتٍ صُحُفِيةِ ...

وبالتأكيدِ أنَّ هذهِ التصريحاتِ والتسريباتِ لا تخرجُ بلسانِ أو قلمِ نفسِ المؤسسةِ الراعيةِ لصناعةِ العميلِ, بل تخرجُ بلسانِ الغيرِ, وهنَا يُمكن أن تُرسَلُ رسالتانِ بليغتانِ, إحداهُمَا أن يبقى العميلُ على وجلٍ دائمٍ في مَا يَخصُ إمكانيةِ الكشفِ, وهذا مَا يضمنُ مزيداً مِن الولاءِ والطاعةِ للجهةِ, والأخرى أن يرتاحَ العميلُ أنَّ الجهاتِ المسربةِ هي ليستْ نفسُ الجهاتِ الصانعةِ للعملاءِ, بل هي محضُ تسريباتٍ يُمكن تكذيبُهَا وعدمُ الإعتمادِ عليهَا !!!

#طبعاً :
أنَا في مقامِ صناعةِ العميلِ المستعصي على الطرفِ المقابلِ, لكن في حالةِ الإعدادِ الى بعضِ الشخصياتِ التي يُمكن أن تُأهلُ الى تسلمِ مقامٍ ديني وإجتماعي في المستقبلِ, فسيكونُ الأمرُ بسيطاً ويسيراً جداً, خصوصاً في أولئكَ الذينَ يُمكن أن يُأثرُ في القرارِ الديني والسياسي ويُغيرُ الرأيَ العامَ !!!

فهؤلاءِ يُنظرُ إليهِم مِنذُ البدايةِ ويُتَدَخَلُ في تربيتِهِم منذُ نعومةِ أظفارهِم, بيحيثُ يُمَكَنونَ مِن أن يرتقوا الى أفضلِ وأرقى المناصبِ الدينيةِ والإجتماعيةِ, مِن خلالِ رسمِ نجمةِ هوليودَ لهُم في أذهانِ الناسِ, بحيثُ يُطبقُ السيناريو على أرضِ الواقعِ مباشرةً, وتُكونُ الضحيةُ هُم الناسَ في الخارجِ والواقعِ !!!

#ولكي_يَتُم :
صناعةُ هؤلاءِ, لابدَ مِن إعدادِ ملفاً كاملاً لَهُم منذُ البدايةِ, يتضمنُ هذا الملفُ الكثيرَ مِن المعلوماتِ الشخصيةِ, وسردَ الكثيرِ مِن النقاطِ القوةِ التي تُأهلُ هؤلاءِ أن يَكونوا عملاءً في الخارجِ, بل حتى يَصلُ الحالُ الى كتابةِ الكثيرِ مِن المعلوماتِ الصحيةِ والنفسيةِ والبايلوجيةِ وخصوصاً تلكَ التي ترتبطُ بالأحماضِ النوويةِ, بحيثُ أنَّ الكثيرَ مِن المعلوماتِ لا يُمكن الحصولُ عليهَا مِن مراقبةِ الخارجِ كمَا يفعلُ علماءُ النفسِ (الباراسايكلوجي), والتي تُبنى معلوماتُهُم -في الغالبِ- على دراسةِ التصرفاتِ والسلوكِ الخارجي, ومنَهَا يَصلوا هؤلاءِ الى معرفةِ مكنونِ النفسي لهؤلاءِ العَيْنَاتِ, لذا يُكالُ الأمرُ الى علماءِ المورثاتِ والجيناتِ الوراثيةِ ...

لذا فإنَّ الدراساتِ الجيناتِ الوراثيةِ تكشفُ الشخصيةَ البدنيةَ, والتركيبةَ الجسميةَ, والتصرفاتِ الشخصيةَ, حتى بعدَ آلافِ السنينِ مِن موتِ الإنسانِ, فَبِمُجردِ أن يتمَ الحصولِ على نسخةٍ صالحةٍ للدراسةِ الجينيةِ, يَتمكنُ العلماءُ الوراثيونَ مِن إعادةِ ترتيبِ المعلوماتِ الجينيةِ, وإظهارِهَا على شكلِ سيناريوهَاتٍ حقيقيةٍ, عندَ قراءَتِهَا, سوفَ تحصلُ عندَكَا الفكرةُ التامةُ الى حقيقةِ المقابلِ !!!

فالدراساتُ الجينيةُ إستطاعتْ أن تُثبتُ مؤخراً قدراتِهَا على معرفةِ التفاصيلِ النفسيةِ المحتملةِ لصاحبِ الصبغاتِ النوويةِ, ناهيكَ عن قدراتِهَا اللانهائيةِ في تحديدِ الصفاتِ الجسميةِ والبدنيةِ !!!

#لذا :
أنَّ إعدادَ العملاء خصوصاً لأولئكَ الذينَ سيرتقونَ مناصباً #سياسيةٍ_أو_دينيةٍ_أو_مجتمعيةِ, وبحسبِ طبيعةِ ميولِ المجتمعِ, وبحسبِ آيدلوجيةِ التفكيرِ لديهِم, يَتُم إختيارُ المنصبِ الذي يَكونُ مؤثراً فيهِم, فبالتأكيدِ أنَّ السيطرةَ على الزعامةِ الدينيةِ لدى المذهبِ الشيعي, يُمثِلُ قمةَ الهرمِ ومُنْيَةِ المُريدِ, لأنَّ الزعامةَ الشيعيةَ تُمَثِلُ رأسَ الهرمِ في المذهبِ, والسيطرةُ عليهَا, يعني السيطرةُ على أبناءِ المذهبِ بشكلٍ عامٍ, بينمَا الزعامةُ السياسيةُ والحركيةُ عندَ أبناءِ المذهبِ السُني, تُمثلُ أعلى منصبٍ لديهُم, نتيجةً لمَا تربوا عليهِ, الى أن عُجِنَتْ طينَتُهُم في السلطةِ والسياسةِ, وهكذا مع باقي المللِ والنحلِ والمجتمعاتِ والشعوبِ, لكلِّ أمةٍ طرقةُ تفكِرِهَا, وبدراسةِ طرقيةِ التفكيرِ, تُعْرَفُ نِقاطُ الضعفِ لديهِم لصناعةِ العميلِ المؤثرِ بِهِم ...

#ولابأسُ_أن أتوغلُ_أكثرَ :
أن الكثيرَ مِن المورثاتُ لا يُمكن الحصولُ عليهَا مِن خلالِ الخلايا البدنيةِ الميتةِ, أو تلكَ التي يَمرُ عليهَا وقتٌ طويلٌ بعدَ موتِهَا, فمثلاً أن قُلامةَ الأظافرِ, وقصاصاتِ الشَعْرِ, وسَؤرَ ولعابَ الشخصِ, جميعُهَا لا تنفعُ في تشخيصِ بعضِ المورثاتِ, بل يَحتاجُ الخبراءُ الى عيناتٍ داخليةٍ كالخلايا المعدةِ والإمعاءِ وخلايا الدمِ, وقد تصلُ عددُ الخلايا المطلوبةِ الى ألفِ خليةٍ, وهذهِ مِن الصعوبةِ الحصولِ عليهَا بأيدي غيرِ المتخصصينَ والمهيئنَ علمياً وإستخبارياً ...

لذا لابدَ مِن ترتيبِ سفرٍ الى خارجِ مثلاً, ليمكثُ المشروعُ عدةِ أيامٍ في الفُندقِ أو الشقةِ, بحيثُ أنَّ المدةَ كافيةٍ للحصولِ على كافةِ الخلايا المطلوبةِ, كخلايا الإمعائيةِ والمعديةِ والدمويةِ مِن خلالِ أخذِ عيناتٍ مِن البُرَازِ, لأنَّ آلافَ الخلايا الميتةِ سوفَ تخرجُ مع كلِّ عمليةِ برازٍ واحدةٍ, وكلُّ هذهِ الخلايا تكونُ صالحةً للدراسةِ والتحليلِ, لكونِهَا طازجةً, ولم يَمرُ الوقتُ الكثيرُ على موتِهَا, بل أنَّ الكثيرُ منهَا ينسلخُ ولا زالَ حياً, لذلكَ تكونُ عمليةُ رفعِ الخلايا المرغوبِ في دراستِهَا سهلاً جداً, وبعدَهَا يَتُمُ تحليلهَا وتصويرهَا ضوئياً وإشعاعياً, بحيثُ تخرجُ الصورُ على شكلِ مخططاتٍ بيانيةٍ صعبٌ قراءتُهَا إلا مِن قبلِ المتخصصينَ, وهذا شبيهٌ بالمخططاتِ التي نُدَرِسُهَا للطلبةِ في الجامعاتِ وبالخصوصِ لطلابِ الدراساتِ العليا, حيثُ يستخرجونَ الكثيرَ مِن المخططاتِ البيانيةِ بواسطةِ أشعةِ -NMR,UV, X_Ray, G_Ray,CHN-, والتي لا يتمكن غيرُ الأستاذِ المشرفِ أو أستاذِ المختبرِ مِن قراءتِهَا, وهكذا هو حالُ تلكَ المخططاتِ التي يَستخرجُهَا هؤلاءِ ...

#لذا_لاتتعجبوا_رجاءً :
عندمَا تُشِرُ البنانُ الإستخباريةُ الى صناعةِ عميلٍ يتمتعُ بأمراضٍ نفسيةٍ وجسديةٍ, لا تؤهلهُ لقيادةِ المجتعِ, بل لا تؤهلهُ أن يكونَ خارجِ مصحاتِ إعادةِ التأهيلِ النفسي والجسدي !!!

نعم ...
أنَّ أغلبَ المعلوماتِ التي يَحصلُ عليهَا هؤلاءِ, لو إطلعنَا عليهَا لَلَطمنَا رؤوسنَا بالنعلِ, ولَرَمَينَا أنفسنَا مِن شاهقٍ, بحيثُ لا تبقى لأجسادِنَا أثراً, لفعلنَا ذلكَ ومَا كنَا ملومينَ أبداً !!!
ولكن بسببِ إنتسابِ فلانِ الى المؤسسةِ الفلانيةِ والى العائلةِ الفلانيةِ والى الشجرةِ الفلانيةِ, سوفَ نجعلُ منهُم آلهةً تُعبدُ مِن دونِ اللهِ تعالى مجدهُ وعلا ذكرهُ, ولو أنَّ عشرَ مَا نرميهُ مِن طاعةٍ وعبوديةٍ على هؤلاءِ, رميناهُ على أبيهِ أو جدهِ أو عمهِ -والذي بفضلهِ صارَ مقدساً-, لمَا تجرأ إبليسُ على أن يقربَ منهُ, وليسَ المجرمُ الفلاني والقزمُ العلاني !!!

وبالمقابلِ, أنَّ التصعيدَ الإعلامي سوفَ يجعلُ مِن هؤلاءِ الحشراتِ أبطالاً يُخلدُهَا التأريخِ, بعدَ أن يَعقدُ لهُ عدةَ فصولٍ مِن مسرحيةٍ مُتكاملةِ الأطرافِ, فَيُظهرونهُ بزي البطلِ والضرغامِ والمغوارِ, ويُسوقونهُ بأنهُ الكلمةَ الباقيةَ لآلِ فلانِ, وبخسارتهِ نخسرَ تلكَ الشجرةَ المباركةَ, ونكررَ جريمةَ التخاذلِ مرةً أخرى التي أُرْتُكِبَتْ بحقِ أبيهِ وعمهِ مثلاً !!!

فالمؤسساتُ التي تجعلُ الإنسانَ سعيداً لعدةِ أيامٍ أو أسابيعٍ, وتجعلهُ تعيساً وخائفاً ووجلاًومُترقباً لنفسِ المدةِ مِن الزمنِ, مِن حلالِ مَشَاهِدِ بعضِ الأفلامِ والتقارييرِ, بالتأكيدِ أنهَا مؤسسةٌ قادرةٌ لصناعةِ منافقٍ دجالٍ منحرفٍ ضالٍ مضلٍ, ولكنهُ بعدادِ ملائكةِ الرحمنِ بمنظارِ الناسِ !!!
 أليسَ أن مَن جاءَ بدورِ عيسى أبنِ مريمَ (عليهِمَا الصلاةُ والسلامُ) قد قرحَ مُقَلَ الناسِ مِن البكاءِ, ونفسُ الشخصِ صَوَرَ العشراتِ مِن المشاهدِ الإباحيةِ في أفلامٍ أخرى, ومجرمٍ في مشاهدٍ أخرى, بينمَا نؤمنُ أنَّ الممثلَ ذاتُ الممثلِ, والشخصيةَ ذاتُ الشخصيةِ, بينمَا جعلتنَا هوليودُ نتفاعلُ معهُ تفاعلاً متناقضاً !!!

#وسوفَ_ترونَ_بأمِ_أعينكُم :
كيفَ أنَّ القائدَ الفلاني كانَ عميلاً قذراً خائناً, ولكنَ الإعلامَ المخابراتي هو مَن سوقهُ بأنهُ عُمَرُ المختارُ, وهذا مَا كشفتهُ لنَا الأيامُ في أشخاصٍ كَنا نعدهُم مِن الصالحينِ المقاومينِ المجاهدينِ, وبعدَهَا رأينَاهُ في أمِ أعينِنَا كيفَ كانَ ذيلاً لأرذلِ خلقِ اللهِ تعالى على الإطلاقِ, وكيفَ كنَا نراهُ أنَّ جميعَ قراراتهِ وطنيةٌ شعبويةٌ, فبانتْ أنَّهُ مجردُ دميةٍ تُحركُ خيوطُهَا مِن الخارجِ !!!

كمَا سوفَ ترونَ أيضاً أنَّ الكثيرَ مِن الأشخاصِ الذينَ صلبناهُم صلبَ اليهودِ لعيسى (عليهِ السلامُ), وطَرَدنَاهُم طردَ فرعونَ لموسى (عليهِ السلامُ), وحرقناهُم إحراقَ النموردِ لإبراهيمَ (عليهِ السلامُ), وحاربنَاهُم أيمَا حربٍ, وبالغنَا في الإقاعِ فيهِم والبهتانِ عليهِم, هُم مَن يستحقُ الإكبارَ والإجلالَ والطاعةَ, بَل هُم مِن أسرارِ الوجودِ, وإكسيرِ البقاءِ والخلودِ !!!

ولكن مَاذا نفعلُ بالمعرفةِ في غيرِ أوانِهَا, والعلمِ في غيرِ وقتهِ, حيثُ قالَ تعالى في الذينَ عرفوا بعدَ أن فاتَ أوانُ المعرفةِ, وإنتهى أجلُ التوبةِ : (....يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا) الأنعامُ 158 ...

#ولابأسَ_عليَّ_أن_أبالغَ_اليومَ_في_كشفِ_الأسرارِ :
فمثلاً مَاذا يكونُ موقفنَا عندمَا نقرأ في يومٍ مَا أن القائدَ السارقَ لتراثِ أبيهِ, والقابعَ على جراحاتِ مُرِيدِهِ, لَم يكنُ سوياً خُلُقياً ونفسياً, بالرغمِ مِن تسويقهِ إلينَا قائداً ميدانياً, ومرجعاً مُحتملاً, ومهدياً منتظراًو ولا عجبَ على إنسانٍ أن يُخدعَ ألفَ مرةٍ ومرةٍ ومرةٍ, لأنَّ الذي خُدِعَ منذُ بدايةِ الخلقهِ على سطحِ الأرضِ, بل والذي خُدِعَ منذُ اللحظةِ الأولى مِن خلقهِ, ولا زالَ الى اليومِ خطاءٌ, ولَم يَستفدْ مِن أخطائهِ الى حدِ اللحظةِ, لأنَّ هكذا أخطاءَ لا تصلحُ أن تكونَ جيناً وراثياً يتناقلُ عبرَ العصورِ والأجيالِ, وبالتالي فإنَّ الإنسانُ غيرُ المطلعِ والقارئ والباحثِ الموفقِ سكونُ ضحيةً الى نفسِ أخطاءِ السابقينَ عليهِ, بل وسيسقطُ في هفواتٍ لا ترتقي الى تلكَ التي سقطَ بهَا السابقونَ, وبالتالي لا يستفادُ التابعونَ مِن أخطاءِ السابقينَ, بل يقتاتونَ على اخطاءِ الآخرينَ إقتياتِ النملِ على فتاتِ الطعامِ !!!

نعم ...
فبعدَ أن عَرِفَ السيدُ الشهيدُ الصدرُ الثاني (قُدِسَ سُرُهُ) أنَّ ذريتهُ مهددَ جميعاً بأن تصابَ بمرضِ متلازمةِ داون, أو ما يُعرفُ #بالمنغوليا, إضطرَ أن يتوقفَ عن التناسلِ والتكاثرِ, بعدَ أن تأكدَ تساوي الإحتمالاتِ بالإصابةِ, فالإبنانِ الأكبرانِ كانا سالمينِ, وهمَا مصطفى ومؤمل (رحمهمَا اللهُ تعالى), بينمَا الأبنانِ مرتضى ومقتدى كانَا مصابينِ بهذهِ المتلازمةِ, وبنسبةٍ متباينةٍ في الإصابةِ ...

فعلمَ السيدُ الصدرُ بالرغمِ مِن حَدَاثةِ سنهِ (قُدِسَ سُرُهُ) والبالغِ ثلاثينَ عاماً, أنَّ لابدَ لهُ مِن أن يتوقفَ عن الإنجابِ, مكتفياً بأولادهِ الأربعةَ !!!

وهنَا لابدَ أن نعلمَ أولاً بأنَ المصابَ بهذهِ المتلازمةِ مِن الذكورِ لا يُمكنُ لهُ أن يُنجبَ مطلقاً, بل لَم تُسجلُ حالةً على مُستوى العالمِ جميعاً, مِنذُ أن إكتشفَ العالمُ البريطاني جون داون هذهِ امتلازمةِ منذُ عامِ 1862, عدا أربعةِ حالاتٍ فقط, بينمَا المصابُ بهذا المرضِ مِن الإناثِ فيُمكن لهنَّ الإنجابُ بصفةٍ عامةٍ, ولكنَ قضيةَ إكتسابُ الأبناءِ للمرضِ سيكونُ بنسبةِ الخمسينَ بالمائةِ في الغالبِ, لذلكَ قامتْ حكومةُ هتلرَ بجعلِ أُناثِ المصاباتِ عاقراتٍ مِن خلالِ إستئصالِ المبايضِ لهُنَّ, وبعدَ إنهيارِ حكومةُ هتلرَ, جرمتْ الأممُ المتحدةِ هذا الفعلَ وجعلتهُ مِن جرائمِ النازيةِ !!!

ومِن ملاحظةِ العددِ المُنجبِ للسيدِ الشهيدِ (قُدِسَ سُرُهُ), نعرفُ أن كريمتهُ (دامَ اللهُ عزهَا) مصابةً بهذهِ المتلازمةِ يقيناً, لأنَّ نصفَ أولادِهَا من حاملي هذا المرضِ, الذي جعلَ كلاً مِنهُمَا عقيماً ولا يَتمكنُ مِن الإنجابِ مطلقاً, حتى بطريقةِ زراعةِ النطفِ, لأنَّ نفسَ النطفةِ تكونُ غيرُ نشطةٍ مطلقاً, ولا يُمكنُ تحفيزهَا, ناهيكَ أنَّ هذهِ المتلازمةِ لا تأتي عن طريقِ الأبِ مطلقاً, بل تكونُ الأمُ هي المصدرِ لهذا المرضِ دائماً, وهذا مَا سنوضحهُ أدناه ...

#ولكنَ_الخطأ_الشائعَ :
بينَ الناسِ, هو أنَّ متلازمةَ داون -المنغوليا- تكونُ معروفةً لنَا مِن الكظهرِ الخارجي, ولكنَ الحقيقةَ أنَّ مَا يُمكنُ معرفتهُ مِن الإصابةِ فقط مِن النوعِ الأولِ مِن أصلِ ثلاثةِ أنواعٍ لا يُمكن تشخيصهَا مِن المظهرِ على الإطلاقِ, بل لابدَ مِن التحليلِ الجيني لحاملِ المرضِ بعدَ أن يتمكنُ الوالدانِ مِن إستغرابِ بعضِ التصرفاتِ التي لا يتمكنُ حتى الطبيبُ المتخصصُ مِن تشخيصِهَا, إلا مِن خلالِ أجهزةٍ للتحليلِ الجيني الحديثِ, والذي لَم يرَ النورَ في الوطنِ العربي لحدِ ساعةِ نشرِ المقالِ !!!

حيثُ نتمكنُ كعوامٍ وغيرِ متخصصينَ مِن تشخيصِ حاملي مرضِ المتلازمةِ مِن النوعِ التَثَلُثِ الحادي والعشرينَ, حيثُ يتكررُ الكروموسومُ الحادي والعشرونَ ثلاثَ مراتٍ بدلاً مِن المرتينِ, أي أنَّ الامَ سوفَ يطرحُ رحمهَا بيضةً مكونةً مِن 24 كروموسوم, بينمَا يطرحُ الأبُ نطفةً تحي على 23 كروموسوم, وبالتالي تكونُ مجموعُ الكروموسوماتِ المطروحةِ في البيضةِ الخصبةِ 47 كروموسوماً بدلاً مِن الـــ 46عندَ الأسوياءِ, وبالتالي يكونُ الشخصُ الحاملُ لهذا المرضِ جميعُ خلاياهُ تتكونُ مِن 47 كروسوماً, وهذهِ المتلازمةُ التي يُمكن تشخيصهَا مِن الخارجِ بالنسبةِ لنَا كعوام, لأنَّ كبرَ اللسانِ, وصعوبةَ النطقِ, وإستدارةَ الرأسِ, وقصرَ الذقنِ والرقبةِ, والعصبيةَ وعدمَ تجمعِ الفكرةِ, تكونُ واضحةً جداً لنَا مِن خلالِ المقارنتهِم مع الأصحياءِ, ويُشكلُ هذهِ النوعُ  95% مِن المصابينَ بالمتلازمةِ ...

بينمَا النوعانِ الذانِ لا يُمكنُ تشخيصهمُا مِن الخارجِ مطلقاً, وإن كانَ الناسُ تلاحظُ بعضَ الصفاتِ المتلازمةِ بالمظهرِ الخارجي, بالمقارنةِ مع الأصحياءِ, والذي تُطلقُ عليهِم صفةُ المنغولي مِن بابِ الطرفةِ والتشابهِ تقريبي, والنوعانِ هُمَا :
النوعُ التبادلُ الصبغي, حيثُ يرتبطُ جزءٌ مِن الكروموسومِ الواحدِ والعشرينِ بأحدِ الكروموسوماتِ الأخرى, وهذهِ النوعُ يُشكلُ 4%  مِن حاملي المتلازمةِ ...
ونوعُ الفسيفسائي (الموزايك), وهو أن يمتلكُ حاملُ المتلازمةِ نوعينِ مِن الخلايا, بعضُهَا يتكونُ مِن 46 كروموسوم, والأخرى 47 كروموسوم, وهذا النوعُ هو النادرُ والذي تكونُ نسبتهُ 1% ...

#واللطيفُ :
في مسألةِ المتلازمةِ مِن النوعِ الثالثِ الأقلِ إنتشاراً, يتناسبُ ظهورُ أعراضِ المتلازمةِ على المصابِ طردياً مع عددِ الخلايا ذاتِ 47 كروموسوم, وبالتالي يكونُ الحاملُ لهذهِ الخلايا بالنسبةِ الأقلِ, هو الأقربُ للأصحاءِ مِن حيثُ المظهرِ الخارجي, ونسبةُ الذكاءِ تزدادُ بقلتِهَا, أي يكونُ التناسبُ بينهُمَا عكسياً, وهذا هو الفرقُ الجوهري بينَ المتلازمتينِ مِن النوعِ الأولِ والثاني ...

وتشتركُ الأنواعُ الثلاثةُ بصعوبةٍ في النطقِ بسببِ صغرِ الفمِ وكبرِ اللسانِ الذي يُضَيُقُ على اللوزتينِ, وصعوبةٍ في السمعِ,وقصرِ القامةِ, والإرتخاءِ في المفاصلِ, ممَا يستدعي بصاحبِ المتلازمةِ بالإستعانةِ بيديهِ ورجليهِ معاً لغرضِ الوقوفِ, والتخلفِ المعرفي, والصرعِ, والعصبيةِ المفرطةِ, وعدمِ تجميعِ الكلامِ والأفكارِ ...

#وهنَا :
أعتقدُ أنَّ الكثيرَ مِن الناسِ قد لاحظَ وعرفَ أنَّ الداعي الى ولايةِ أبيهِ يَحملُ هذهِ الصفةِ, ولذا أطلقوهَا عليهِ مِن بابِ التهكمِ, بينمَا هُم لا يعلمونَ أنَّ ما رأوهُ في المظهرِ الخارجي, هو علامةٌ كبيرةٌ وواضحةٌ على أنَّ الداعي حاملٌ لهذهِ الصفةِ, وبعددٍ كبيرٍ مِن الخلايا ذاتِ العددِ الــ 47 , وهذا مَا أثرَ على تأخرهِ في المشي الى أربعِ سنواتٍ تقريباً, بل وتأخرهِ في فترةِ الدراسةِ الإبتدائيةِ, وتأخرهِ العلمي واللغوي الواضحِ, بحيثُ يضطرُ الى إستعمالِ لغةِ الإشاراتِ والعيونِ لغرضِ التخاطبِ والتعبيرِ عمَا يجودُ في خاطرهِ, بل وإنَّ سببَ بقائهِ بلا ذريةٍ الى هذهِ الفترةِ بالرغمِ مِن زواجهِ بإبنةِ عمهِ (أسماء محمد باقر), وبقاءَ أخيهِ الأكبرَ منهُ سناً بلا زواجِ الى الفترةِ الحاليةِ, مع معاناتهِ لحالاتِ الصرعِ المتزامنةِ !!!

بل, إنَّ ما يملكهُ مِن ذكاءٍ الذي يتمتعُ بهِ الأناسُ الأصحاءُ قرابةَ 70-80% , أي أنهُ محتاجٌ الى 30-20% ليصلْ الى مرحلةِ الذكاءِ الإعتيادي, الذي لا يُمكنُ حملتهُ مِن إنهاءِ الدراسةِ المتوسطةِ فقط, بل أنَّ الحاملينَ لهذهِ النسبةِ مِن الذكاءِ لا يُمكن أن يُعتمدَ عليهِم في حفظِ عفتِهِم وشرفِهِم الشخصي, لأنَّهُم في الغالبِ يمتلكونَ الكثيرَ مِن الصفاتِ الجسميةِ التي تميلُ إليهَا أنفسُ السفلةِ والمنحطينَ والمنحرفينَ جنسياً, مضافاً الى ضعفِ مدركاتِهِم العقليةِ التي لا تؤهلهُم أن يكونوا في درجةٍ عاليةٍ مِن الفطنةِ والنباهةِ, فيقعونَ بالمكائدِ والإغراءِ بأبخسِ الأشياءِ, لذا يتحتمُ على الأبوينِ أن يراقبوا أبنَاءَهُم بدرجةٍ عاليةٍ, حفاظاً عليهِم حتى بعدَ أن يبلغوا سنَ الرشدِ والذي يتعدى العشرينَ عاماً بالنسبةِ لحملةِ متلازمةِ المنغوليا !!!

#ولذلكَ :
أقسمُ عليكُم بالذي خَلَقَكُم, وشقَ أسماعَكُم وأبصارَكُم, ماذا سيكونُ موقفنَا في مالو علمنَا يوماً مِن الأيامِ أن منغولياً كانَ قائداً لتيارٍ واسعٍ مِن الشعبِ العراقي, وكانَ منحرفاً نفسياً وخُلُقياً وإخلاقياً, ونصبتهُ دوائرُ الإستكبارِ العالمي وأنفسُنَا وريثاً شرعياً مقامَ أبيهِ (قُدِسَ سُرُهُ), بسببِ غبائنَا وعبودِيتِنَا وإنحرافِنَا عن الشريعةِ الحقةِ الحقيقيةِ ؟!!

ألا يستحقُ بعدَ ذلكَ أن نضربَ وجوهنَا بالنعلِ, ونرطمُ رؤوسنَا بالحجارةِ, ونطلبُ الغفرانَ والتكفيرَ مِن مالكِ الملكِ ولا يستجيبُ لنَا :
 لأننَا تركنَا العقلَ والمنطقَ والحكمةَ وراءَ ظهورنَا, وإتبعنَا الشبهةَ والظنَ والشيطانَ الرجيمَ ...
لأننَا خالفنَا التحذيرَ والتنذيرَ الواردَ عن أهلِ بيتِ العصمةِ ومنزلِ الوحي عليهِم وعلى جدهِم الصلاةُ والسلامُ, مِن خلالِ مخالفةِ النصوصِ التي تحكي ظهورَ منحرفٍ ضالٍ مُضلٍ على ظهرِ الكوفةِ يدعو الى أبيهِ, ويتبعهُ الناسُ على هذهِ الدعوى وهذهِ الشبهةِ حتى يقودَهُم الى جهنمَ وبأسِ المصيرِ ...

حيثُ جاءَ عن أبي جعفر (عليهِ السلامُ) : ( قالَ إذا اختلفَ كلمتُهُم, وطلعَ القرنُ ذو الشفا, لم يلبثوا إلا يسيراً, حتى يظهرَ الأبقعُ  بمصرَ يقتلونَ الناسَ حتى يبلغوا أرمَ, ثم يثورُ المشوهُ عليهِ, فتكونَ بينهما ملحمةً عظيمةً, ثم يظهرَ السفياني الملعونَ فيظهر بهما جميعاً, ويرفعُ قبلَ ذلكَ ثنتي عشرةَ رايةً بالكوفةِ معروفةٍ, ويقبلَ بالكوفةِ رجلٌ مِن ولدِ الحسينِ يدعوا إلى أبيهِ ثم يبثُ السفياني جيوشهُ ) .

وعنه عن سعيد أبي عثمان عن جابر عن أبي جعفر (عليهِ السلامُ) قالَ : ( .... وترفعُ قبلَ ذلكَ ثنتا عشرةَ رايةً بالكوفةِ معروفةً منسوبةً, ويُقْتَلُ بالكوفةِ رجلٌ مِن ولدِ الحسنِ أو الحسينِ يدعو إلى أبيهِ, ويظهر رجل من الموالي فإذا استبانَ أمرهُ وأسرفَ في القتلِ قتلهُ السفياني) ...


الثلاثاء، 5 سبتمبر 2017

مُنْتَهَى الآثَارِ فِي كَشِفِ الأَسْرَارِ :
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,(الدكتور مهند جاسم الحسيني)

#الحلقةُ_الأولى :
(الحَقَائقُ المَخْفِيَةُ مِنْ زِيَارَةِ السُعُودِيَةِ) ....

كَم يستصغرُ الإنسانُ نفسهُ عندمَا يرى أنَّ التأني عندَ الأعداءِ يأتي ثمارهُ وبِأفضلِ ممَا يتوقعهُ نفسُ العدوِ, عندَهَا نعلمُ أنَّ مَن يُروجونَ لأنفسِهِم أو لغيرهِم أنَّ زمامَ المبادرةِ بأيديهِم, هُم أغبى الأغبياءِ, وأكثرُ عجلةً مِن الشيطانِ الرجيمِ !!!

وكَم أردنَا أن نُقَرِمَ الأحداثُ على مقاساتِ كتاباتِنَا وتحليلاتِنَا ورؤيَتِنَا للمستقبلِ, حتى أذا جاءَ الواقعُ على خلافِ مَا نشتهي, لَم نفكرْ أن نسألَ اللهَ العلي الأعلى العفوَ والمَغفرةَ, وأن يُزيدنَا مِن فضلهِ, بل نتمنى أن نرَ الأناسَ أشلاءً مُتناثرةً حتى تتحققَ جملةٌ ممَا كتبناهَا !!!

وبالمقابلِ كيفَ نشعرُ بالفخرِ والسرورِ والنشوةِ والسعادةِ, عندمَا نعلمُ أن الكثيرَ ممَا كتبتْ أقلامُنَا, وأصدرتْ صُحُفُنَا قد جاءَ كمَا رأينَا, وقد تحققَ الكثيرُ ممَا حذرنَا منهُ الأهلُ والأحبةُ, وبالتالي حافظنَا على الكثيرِ ممَن تابعَ كتاباتِنَا وطالعَ نشرنَا, وهنَا تحققَ الكثيرُ ممَا رغبنَا بتحقيقهِ وطمحنَا للوصولِ إليهِ ...

#وهنَا :
لابدَ مِن تسجيلِ العتبِ على الكثيرِ مِن المثقفينَ مِن كتابٍ وصحفيينَ ومحللينَ ومهتمينَ ومتابعينَ, لمَا رأينَاه ورأه الكثيرُ كيفَ لم يستطيعوا التعاملَ مع الأزماتِ التي عصفتْ بالشارعِ العراقي خصوصاً, بل إكتفوا بالبهتانِ ولعبِ دورَ المهرجينَ والممثلينَ التهكميينَ ليظهرَ بطلانَ المقابلِ وفسادَ عملهِ وخيانتهُ لوطنهِ وشعبهِ وتراثِ عائلتهِ !!!

حيثُ نحى الكثيرُ مِن المعتمدِ عليهِم الى هذهِ الطريقةِ, وحاولوا تهديمَ صنميةَ الآخرِ بهذهِ الطريقةِ في صدورِ أتباعهِ, وإستعجالاً منهُم في أمرِ اللهِ تعالى مجدهُ وعلا ذكرهُ, ناسينَ ومُتناسينَ أن المقابلَ الخائنَ والمنافقَ والدجالَ والبائعَ لعرضهِ ووطنهِ بأبخسِ الأثمانِ, يُمكن أن نُسقطهُ مِن شاهقِ الكرامةِ ومِن مرتفعِ القداسةِ وعلياءِ الموروثِ العائلي, بمجردِ أن نظهرَ حقيقتهُ أمامَ الملأ كمَا هي, مِن دونِ الحاجةِ الى الخوضِ بالعروضِ المسرحيةِ والتهكميةِ ووسائلِ الإبهاتِ لهُ !!!

فمثلاً كانَ مِن الواجبِ علينَا أن نعيدَ الكثيرَ ممَا نُشِرَ سابقاً, كشهاداتِ المقربينَ لهُ, والعارفينَ بسوءِ حالهِ, حتى لو نشرنَا ذلكَ ألفَ مرةٍ سابقاً, لأنَّنا مِن المفترضِ بتنَا على إطلاعِ بضعفِ ذاكرةِ العراقيينَ, وسوءِ حفظِهَا, ممَا يستدعي أن نكررَ الكثيرَ ممَا نشرناهُ بينَ الفينةِ والأخرى !!!

وحقاً كانَ مِن الواجبِ علينَا أن نربي العراقيينَ خلالَ تلكَ الفترةِ الوجيزةِ -كمَا في غيرهَا مِن الفتراتِ- على كيفيةِ الإستدلالِ على بطلانِ الآخرِ, وكيفيةِ الرجوعِ بالذاكرةِ الى الوراءِ مع تقريرِ ذلكَ, لأنَّ الإستغلالَ الفرصةِ الملائمةِ ليسَ فقط على نحو إستهدافِ الخصومِ, بل أنَّ الفرصةَ في الغالبِ تكونُ ملائمةً لتربيةِ المجتمعِ, خصوصاً فيمَا لو كانَ العدو مشتركاً, والمصلحةُ عامةً .
ولكن ماذا أقولُ وماذا أعبرُ وماذا أحكي, عندمَا نرى الغباءَ هو الصفةُ السائدةُ والغالبةُ في المجتمعِ, فالكثيرُ حفظَ النصَ بإنتهازِ الفرصةِ وسرعةِ تلاشيهَا, والعمومُ لَم يرعاهَا كمَا حفظها !!!

#وكمَا_تعودنَا :
أن نكونَ أخرَ مَن يدلو بدلوهِ, خصوصاً بعدَ أن يهرعَ الجميعُ تقريباً للكتابةِ والتحليلِ, وحتى لا يضيعُ الغثُ مع السمينِ, نضطرُ الى تأخيرِ ما نعتقدُ بهِ وبمطابقتهِ للواقعِ, حتى نتركَ مساحةً واسعةً للتفكيرِ والأخذِ والردِ, وبالأخصِ عندمَا رأيتُم كيفَ فرَ الكثيرُ منهُم من ساحةِ المواجهةِ الفكريةِ وسوحِ النتِ, بحجةِ أن قائدَهُم أمرهُم بالإنسحابِ وتركِ المحاججةِ, ولكنَهُ عَلِمَ أنَّ حجتهُم داحضةٌ أمامَ سيلِ الأدلةِ والإتهامتِ التي كانَ مِن الواجبِ عليهُم ردُّ ولو بعضِهَا, فلو كتبنَا في حينِهَا لم يصلْ المرادُ الى أتباعهِ ومقلديهِ, والخيرُ فيمَا وقعَ بحمدِ اللهِ ربِ العالمينَ ...

#وبالتأكيدِ :
أن الكشفَ عن النِقابَ سوفَ لا يؤخرُ قدراً قد خطهُ القلمُ, ولا يُقدمُ أجلاً لم تنتهِ مُدَتَهُ, وهذا مَا رأيناهُ في الموروثِ الروائي لأهلِ بيتِ العصمةِ ومنزلِ الوحي ومهبطِ الملائكةِ عليهِم وعلى جدهِم الصلاةُ والسلامُ, حيثُ حذروا مِن فتنِ آخرِ الزمانِ, ومِن فقهاءِ السوءِ, ومِن شذاذِ آلِ محمدٍ (صلى اللهُ عليهِ والهِ وصحبهِ وسلمَ), بل وقد وضعوا النقاطَ على الحروفِ وكأننَّا نرى ذلكَ في أُمِ أعينِنَا, ولكن هل إستفادَ الناسُ من تلكَ الأخبارِ, وعملوا بتلكَ الآثارِ, وإعتبروا الكثيرَ مِنهَا سُراً مِن الأسرارِ ؟!!!

وهنَا يتحققُ التبشيرُ والتنذيرُ المباشرينِ مِن نفسِ الرسولِ المختارِ والهِ الأطهارِ (عليهِم الصلاةُ والسلامُ), بل وتتحققُ المعجزاتِ على أيديهِم لإقناعِ المقابلِ, لأنَّ الإخبارَ عن أمورِ آخرِ الزمانِ, بمنزلةِ الإخبارِ عن الغيبِ الذي تقومُ بهِ الحججُ, ويستحقُ عليهَا المقابلُ الثوابَ والعقابَ ...

وبالتالي مَن أنكرَ مَأثرَ الرسولِ وأبناءِ أبنتهِ البتولِ (عليهِم الصلاةُ والسلامُ) بعدَ غيابِهِم, سيانِ مع مَن أنكرَ الرسالةَ في حياتِهِم, فلا عجباً أن يكونَ بينَ ظهرانينَا مَن قاتلَ الحسينَ بنَ علي (عليهِمَا السلامُ), ويُحشرُ على عقبيهِ يومَ القيامةِ, وهو لَم يرمي سهماً, ولم يؤشرْ برمحٍ !!!

والأعجبُ مِن ذلكَ, فإنَّ نفسَ عناصرَ الحجةِ تحققتْ على مَن عاصرَ الإئمةِ (عليهِم الصلاةُ والسلامُ) مِن خلالِ الحديثِ, فكيفَ لا يكونَ ذاتهُ حجةً على غيرِهِم بعدَ ذلكَ, وإلا مَا الطائلُ مِن نقلِ الأخبارِ, والإجتهادِ في جمعِ الآثارِ, والتفننِ في تبويبِهَا وإخراجِهَا, وحفظِ أمتونِهَا بأسانِدِهَا !!!

فالحجةُ مقامةً على الشاهدِ منهُم والغائبِ, والحاضرِ والبادي, والسابقِ واللاحقِ, فلا حجةَ بالتأخرِ عن معاصرةِ الأئمةِ الهداةِ, فَمنْ كان العنادُ في التالي طبيعتهُ, كانَ ذلكَ مع المعاصرةِ ديدنهُ, فلا يُخالفُ اللهُ تعالى علمهُ, ولا تتغيرُ بهِ الأحوالُ, ولا تتباينُ عندهُ الآجالُ, فسبحانَ ربِ العزةِ الكبيرِ المتعالِ ...

فوالذي نفسي بينَ يدي رحمتهِ, إن شاءَ أفلتْ, وإن شاءَ إستمسكَ, فلو أنَّ فلاناً الداعي الى ولايةِ أبيهِ بعدَ وفاتهِ, كانَ أبناً للصادقينِ (عليهمَا السلامِ), لوقفَ على طريقتِهِمَا, وكانَ أولَ الشاكينَ والمحاربينَ في إمامةِ الذي بعدَهُمَا, ولما عدا أن يكونَ إماماً للمارقينَ, ورأساً للواقفينَ, وعجلاً للعابدينَ, فمَن سالَ لعابهُ على تقمصِ مقاعدِ المُخبتينَ, فمِن بابِ الأولى أن يسيلَ دمهُ على إمامةِ الأولينَ والآخرينَ !!!

#وهنا_كانَ_في_ودي :
أن أبينَ أمراً مهماً جداً, وهو : إنَّ سببَ إنفلاتِ زمامِ الأمورِ الى درجةٍ جعلتْ سرابيتَ الناسِ يُمكن أن يُنصبوا أننفسَهُم أئمةً للمسلمينَ, وقادةً للمساكينَ المُرْجَفينَ,  وولاةً على أحكامِ الدينِ, هو بسببِ تصدي مَن ليسَ أهلاً للقيادةِ الدينيةِ لزمامِ الأمورِ, فعندمَا رأى المرجفونَ أن مَن إدعى منصبَ الإجتهادِ مِن ذوي الكعبِ المنخفضِ, أطمعتْ نفسهُ فيهَا, وركنتْ غريزتهُ إليهَا ...

وهذا يتحملُ كلَّ تبعاتهِ أولئكَ الذينَ سخفوا قيادةَ الناسِ, وسفهوا التصدي الى أمورِ المسلمينَ, حيثُ جعلوا أمرَ إدعاءِ القيادةِ أمراً ميسوراً, فتكثرَ في الناسِ الشقاقِ, وأنتشرتْ بينهُم أفتُ النفاقِ, حتى باتَ أيَّ خطٍ غيرِ مأمونٍ مِن التمزقِ والتشرذمِ والإتقسامِ على نفسهِ, لأنَّ بوادرَ الإنقسامِ حاضرةٌ, وأسبابَ القيادةِ فاعلةٌ, وأركانَ الدعاوى أمامَ الأعينِ ماثلةٌ ...

فضاعتْ بذلكَ هيبةُ الدينِ, وانمحقتْ تعاليمُ سيدِ المرسلينَ, واندرستْ أحكامٌ كانتْ بالأمسِ شواخصاً, ومواطنٌ كانتْ في القريبِ شواهداً, فلَم يبقَ للمذهبِ أساساً إلا هدوهُ, ولا مَعْلَمَاً إلا رضوهُ, ولا ركناً تأوي الأفإدةُ إليهِ إلا سحقوهُ, فضاعتْ بذلكَ الصلاةُ, وفرتْ الوحدةُ على وجههَا في الفلاةِ, فسلاماً على أمةٍ لَم يبقَ مِنهَا إلا أسمُهَا, ومِن وحداتِهَا إلا رسمُهَا, ولا نبثُ حُزننَا وشكوانَا إلا للهِ ربِ العالمينَ ....

فبعدَ أن يرَ الإنسانُ البسيطَ أنَّ قائدهُ ومثلهُ الأعلى غيرَ مستعصماً مِن حرامِ اللهِ تعالى مجدهُ وعلا شأنهُ, وأنَّهُ يخوضُ في الحرامِ خوضَ المغارفِ في أدامِ أبنِ أدمِ, وبعدَ أن يرَ أن الأموالَ الحرامَ يُمكن أن تُذكى برفعِهَا الى جهتهِ, كتذكيةِ الذبيحةِ المترديةِ مِن شاهقٍ, وبعدَ أن يرَ أن المكرَ والخداعَ والنفاقَ والبهتانِ لباساً يُلائِمُ مقاسَ القائدِ, لِمَا مَن اللهُ تعالى عليهِ لزعامةِ القومِ, وبعدَ وبعدَ وبعدَ ....

فكيفَ عندهَا نُطالبُ مِن الناسِ أن يتقوا اللهَ ربَ العالمينَ, بخلافِ مَا رأوهُ وشاهدوهُ وعاينوهُ ونُقِلَ إليهِ عن قادتهِ, وهو يرى أنهُم  حبالُ اللهِ تعالى الى سمائهِ, وأركانُ دينهِ, وعيبةُ عليمهِ, فإن خالفَهُم خالفَ اللهِ تعالى, وإن طابقَهُم وافقَ اللهَ تعالى !!!

#وحتى :
لا يبتعدُ بنَا الحالُ عن عنوانِ المقالِ, وإن كنَا كثيراً ما يَضطرنُا الحالُ أن نعرجَ الى قضايا نعتقدُ وجوبَ طرحِهَا, والتونيهُ الى خفاياهَا, وإن كانتْ الكثيرُ لولا القداسةِ للناسِ باديةٌ ...

نحنُ نعلم أن سببَ إستحكامَ الإسلامَ السياسي على زمامِ الأمورِ في عمومِ البلادِ العربيةِ والإسلاميةِ, بل حتى على مستوى العالمِ, هو أن السياسيينَ كانوا أكثرَ مكراً مِن الدينيينَ, لأنَّهُم إستطاعوا أن ينزلوا الهرمَ الديني المتعالي الى حدِ القبولِ بأن يُطلَقُ عليهِ بالمؤسسات, إسوةً بباقي المؤسساتِ ...

فثلاً بعدَ أن يُوجهُ الإعلامُ وتُسيرُ رؤوسُ الأموالِ الى صالحِ شخصيةٍ ضعيفةٍ لا تفقهُ مِن الدينِ أبجدياتهُ, ويُجعلُ منهُ مثلاً أعلى في أعينِ الناسِ, فبالتأكيدِ سوفَ يُغرُ الناسُ بهِ, لكثيرِ أموالهِ, ولسعةِ حالهِ, خصوصاً وأنَّ طبيعةَ الإنسانِ تميلُ الى الزينةِ وكثرةِ السعةِ والمالِ, حيثُ قالَ تعالى : (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ ...... فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) القصص 79-76 ...

وهنَا سوفَ لا تتعبُ المخابراتُ العالميةُ الى محاربةِ الدينِ بالدينِ والفكرِ بالفكرِ, بل فقط تُهيء لقيادةٍ دينيةٍ وزعامةٍ وطنيةٍ, قبالَ القيادةِ والزعامةِ الحقيقيةِ, وبمَا أنَّ الكلمةُ الفصلِ بيدِ الناسِ, وبيدِ سوادِ الأمةِ, فيمكن لهذا القائدِ المزيفِ والمصنوعِ, أن يدعي أيَّ منصبٍ يشاءُ, لأنَّ الأتباعَ مُعَدَونَ لهُ سلفاً, ولا يحتاجُ بعدَ تهيءِ القاعدةِ غيرَ الدعوى حتى لو كانتْ فارغةً وبلا دليلٍ !!!

بل, لا تبقى دعوى يُمكن أن تضفي القداسةِ على القائدِ المصنوعِ غيرُ ممكنةٍ, فدعوى الإمامةِ والنبوةِ ممكنةٌ, فكيفَ بدعوى الإجتهادِ التقليدِ والأعلميةِ والقيادةِ والنيابةِ عن المعصومينَ (عليهِم الصلاةُ والسلامُ), فبالتأكيدِ لا تصبحُ لهذهِ الدعوى قيمةً تُذكرُ بمنظارِ أتباعهِ, الذينَ أشربَ قلوبهُم العجلَ, حيثُ قالَ تعالى : (وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ) القصص 38 ...

وبعدَ أن يدعي مَن بيدهِ المالَ والسلطةَ والسطوةَ والقواعدَ الشعبيةَ منصباً مِن المناصبِ, يوازي تلكَ المناصبِ التي تَبَوَأهَا المستحقونَ لهَا, فبالتأكيدِ سيكونُ المستحقونَ هُم الحلقةُ الأضعفُ بمنظارِ المجتمعِ, والتي سوفَ يُشَكَكُ بهِ وبقيادتهِ, مِن المنظورِ المادي, وهذا ما نراهُ على مستوى القرانِ الكريمِ : (وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ*وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لا يُرْجَعُونَ ..... وَقَالُوا إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا) القصص 38-57 ...

#وهنَا :
سَوفَ تنهارُ الدياناتُ والمذاهبُ, فمثلاً عندمَا نطالعُ كتبَ علماءَ السنةِ والجماعةِ القدماءِ, سوفَ نرى مقدارَ الضحالةِ التي وصلَ إليهَا المذهبُ السني في الفتراةِ التي تلتْ تلكَ العصورِ, بحيثُ لم يتمكنَ هؤلاءِ العلماءُ المعاصرونَ غيرَ إجترارِ نفسِ المعلوماتِ وإعادةِ إخراجِهَا بصيغةٍ جديدةٍ عصريةٍ, بينمَا عجزتْ مؤسساتُهُم أن يأتوا بكتابٍ وحدٍ يُشابهُ ذلكَ التراثَ الموروثَ !!!

ولذا فمعَهُم الحقُ عندمَا يبقى هؤلاءِ البسطاءُ مِن علماءِ المذهبِ السني على تقليدِ أولئكَ القدماءِ مِن العلماءِ, لأنَّ إنهيارَ المؤسسةِ الدينيةِ لدى السنةِ, وصلتْ الى مرحلةِ العجزِ التامِ مِن أن تُنجبَ عشرَ معشارِ أولئكَ الجهابذةِ مِن العلماءِ !!!

وطبعاً أن هذا الإنهيارَ بالمؤسسةِ الدينيةِ السنيةِ, لم يأتي جزافاً أبداً, بل أن هذهِ المؤسسةِ الدينيةِ قد مُرِسَتْ عليهَا الضغوطُ من قبلِ الحكوماتِ والمؤسساتِ السياسيةِ, فالسلطةُ التي يتمتعُ بهَا الحاكمُ  لم تقتصرْ على المؤسساتِ السياسةِ والعسكريةِ والإقتصاديةِ, بل تعدتْ سلطتهُ الى المؤسساتِ الدينيةِ ...

وبمَا أن الرئيسَ يجب أن يكونَ هو الأعلمُ والأفهمُ وفلتتْ زمانهِ, لذا لابدَ أن يتعلمَ أصولَ الدينِ والعقيدةِ والمذهبِ, وعندَهَا لابدَ مِن إنهيارِ المؤسسةِ الدينيةِ الى مستوى يتمكن هذا القائدُ الضرورةُ من ركوبِهَا والإرتقاءِ عليهَا حتى, بل أنَّ النصوصَ الدينيةَ لابدَ أن تخضعَ لمجلسِ الشورى والإستشاررينَ والبطانةِ الملكيةِ أيضاً !!!

وبالتالي هكذا بدأ المذهبُ السني بالإنهيارِ علمياً, لأنَّ الإشتراكَ بينَ المؤسستينِ الدينيةِ والسياسيةِ بدأ مِنذُ إنتهاءِ عصرِ الخلافةِ الراشدةِ أو قبلَهَا, وبالتالي فإنَّ رصانةَ المذهبَ السني لا تتحملُ كلَّ هذهِ الفترةِ مِن الزمنِ لتبقَ على نفسِ صمودِهَا, فنسبةُ التأويلِ والتبريرِ والخوضِ بالمتشابهَات ستكونُ أكثرَ فأكثرَ بمرورِ الزمنِ !!!

#ونفسُ_الشيءِ :
يُعملُ اليومَ مع المذهبِ الشيعي, حذو القذةِ بالقذةِ, والنعلِ بالنعلِ, حيثُ لاحظَ الكثيرُ أن علاماتِ إنقراضِ وإنتهاءِ الفقهاءِ الهادينَ بدأ بالظهورِ مِن نهاياتِ القرنِ الماضي تقريباً, حيثُ بدأ الفقيهُ لا يُنْظَرُ الى تراثهِ العلمي والبحثي, بمقدارِ مَا يُنظَرُ الى سيطرتهِ على القواعدِ الشعبيةِ في المنطقةِ التي يقبعُ عليهَا ويجثو على صدرِهَا ...

فَمَن مِنَا رأى أن فقيهَا مِن الفقهاءِ المعاصرينَ, إهتمَ بالدرسِ والتدريسِ والبحثِ والتنقيبِ والكتابةِ التأليفِ, بقدرِ مَا إهتمَ في ترميمِ شكلهِ ومنظارهِ ومظهرهِ الخارجي أمامَ الناسِ ودولِ العالمِ الخارجي ؟!!

وعندَهَا إنهارتْ المؤسسةُ الدينيةُ الشيعيةُ, كإنهيارِ المؤسسةِ الدينيةِ السنيةِ, بل أنَّ عامةَ هؤلاءِ لا يريدونَ وجهَ اللهِ تعالى أبداً, بل هَمُ هؤلاءِ كيفيةُ السيطرةِ على الناسِ بأيِّ وسيلةٍ مناسبةٍ وسهلةٍ, بعدَ أن شعروا أنَّ السيطرةَ العلميةَ غيرُ ممكنةٍ بالنسبةِ لهُم, لفراغِهِم العلمي والمعرفي, لذا ركنوا الى مصاحبةِ السلطةِ وتزلفوا الى أركانِ السطوةِ, حتى فُعِلَ بِهِم مَا فُعِلَ بعلماءِ السنةِ !!!

فبالتأكيدِ أن المؤسسةِ السياسيةِ سَتَرفعُ شخصاً لا طاقةَ لهُ على التحريكِ العلمي, بحيثُ أن الزعيمَ السياسي سيبقى أبلغُ وأفقهُ وأعلمُ مِن فقهاءِ السلطةِ والراكنينَ إليهَا ...

#وتَخَيَلَ :
مَا الأرباحُ التي سوفَ تجنيهُ المؤسساتُ السياسيةُ مَا لو قربتْ أشخاصاً منافقينَ إليهَا, وسوقتْ هذهِ السلطةُ بأنَّ هذا الشخصُ هو الممثلُ الحقيقي للدينِ والمذهبِ !!!
فهل ترى أن أبلغَ مَا توصلتْ إليهِ دوائرُ المخابراتِ يبلغُ هذهِ الطريقةَ في تهديمِ الدينِ والمذهبِ ؟!!

فبالتأكيدِ إن جعلَ هذا المنافقَ والمتزلفَ والإنتهازيَ على رأسِ المذهبِ, وتسويقهُ الى العامةِ بأنهُ المرجعُ الأعلى, والشخصيةُ الوطنيةُ المُثلى, والطريقةُ الوسطيةُ بينَ جميعِ أبناءِ المذهبِ, وبالمقابلِ أنتَ تعلمُ وتتيقنُ, كمَا هُم يعلمونَ ويتيقنونَ, أنهُ منافقٌ دجالٌ عميلٌ, بل هو مِن وعاظِ السلاطينِ الإنتهازيينَ المستأكلينَ, بل أنهُ مجرمٌ وقاتلٌ وفتاكٌ بالنفسِ المحترمةِ والمقدساتِ, فعندَهَا سيكونُ الشعورُ العامُ والإنطباعُ عندَ الناسِ, بأنَّ كبيرَهُم منافقٌ دجالٌ منحرفٌ مستأكلٌ, فكيفَ بالملايينَ الذينَ سوقَهُم الإعلامُ على أنَّهُم تابعونَ لهُ !!!

#وهنَا :
سوفَ يُنزلُ المذهبُ الذي قامَ على الدليلِ والبرهانِ والنقاشِ العلمي الإخلاقي وكثرةِ التأليفِ والإنتاجِ, الى منزلةِ العمل المؤسساتي, كمَا نراهُ في كلياتِ العلومِ الشرعيةِ الأكادميةِ عندَ أبناءِ السنةِ والجماعةِ, حيثُ أن عددَ المفتينَ بعددِ أبناءِ المذهبِ, حتى وصلَ بهِم الحالُ الى صعوبةِ السيطرةِ على الناطقينَ بإسمِ المذهبِ, والمتكلمينَ بإسمهِ في شاشاتِ التلفازِ ومِن على المنابرِ, بل بمقدورِ أيًّ منهُم أن يكونَ إماماً ضالاً ومضلاً كمَا حصلَ مع أئمةِ المارقةِ مِن تنظيمِ الدولةِ -داعش- !!!

وبعدَهَا عن أيِّ برهانٍ علمي نتكلُ, وعن أيِّ دليلٍ يستطيعُ هؤلاءِ تقديمهُ الى الناسِ والى الطرفِ المقابلِ, فإذا كانَ هو بنفسهِ لا يستطيعُ تحصينَ نفسهِ فكرياً, بل هو وكرٌ مِن أكارِ الشيطانِ, ومخدعٌ مِن مخادعِ أبليس, ومرمى مِن مرامي المخابراتِ العالميةِ, فبالتأكيدِ سوفَ نقرأ على المذهب السلام بعدَ أعوامٍ قلائلٍ مِن الآن, ونسألَ اللهُ تعالى العفو والصلاحَ !!!
#وبالمقابلِ :
أنَّ هنالكَ جذوةً مِن علمٍ, وآثاراً مِن التقوى, وينبوعاً مِن الحكمةِ, لا يزولُ ولا يُدرسُ حتى لو تقابلَ الثقلانِ على إنهائهِ, فهو بمثابةِ الحجةِ والبرهانِ والكلمةِ الحسنةِ, التي ضَمِنَ اللهُ تعالى بقاءُهَا الى يومِ القيامةِ, وهي التي تكونَ الحقَ المطلقُ, والبرهانُ الساطعُ, والمحكُ بينَ الحقِ والباطلِ, والحجةُ على أهلِ الدنيا والأخرةِ, حتى لو لَم يمارسُ الرياسةَ, ولَم تُطوَ لهو السجادَ, وبقى شريداً طريداً منجحراً في مضيقٍ مِن العيشِ, فكفى بالصبرِ سلوةً لهُ, لأنَّهُ يصبرُ على ما يعلمُ مِن النعيمِ المقيمِ ...

#وهنَا :
لابأسَ أن أزفَ البشرى الى نفوسٍ مُحِقَتْ كَمَحقِ الملحِ في الماءِ, لمَا ترى مِن إنهيارِ الدينِ, وضياعِ جهودِ الشهداءِ والصالحينِ, أنَّ الإرهاصاتِ لنهايةِ المعاناةِ لا تكونَ فقط وفقط على حسابِ الظواهرِ الكونيةِ والخارجيةِ, بل أنَّ إرهاصاتِ إنحسارِ التقوى, ودبيبِ الفسادِ, وغيابِ الهداةِ المهديينَ مِن أرجاءِ هذهِ المعمورةِ, يُنبؤنَا وعلى نحو اليقينِ, أنَّ المشروعَ الإلهي الذي أُوكلَ للعلماءِ العاملينَ شارفَ على النهايةِ, وبقلةِ هؤلاءِ المخلصينَ الممحصينَ القادرينَ على حملِ المشروعِ, فلابدَ مِن إيكالِ الحفظِ والإكمالِ الى مَن لا تُرَدُ لهُ رايةٌ, ولا تُرجعُ عليهِ كلمةٌ, ومَن ستكونُ طاعةُ الكونِ إليهِ أشدِ مِن طاعةِ الأمةِ لسيدِهَا ...

- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ: قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَنْزِلُ بِأُمَّتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ بَلَاءٌ شَدِيدٌ مِنْ سُلْطَانِهِمْ لَمْ يُسْمَعْ بَلَاءٌ أَشَدُّ مِنْهُ ، حَتَّى تَضِيقَ عَنْهُمُ الْأَرْضُ الرَّحْبَةُ، وَحَتَّى يُمْلَأَ الْأَرْضُ جَوْرًا وَظُلْمًا، لَا يَجِدُ الْمُؤْمِنُ مَلْجَأً يَلْتَجِئُ إِلَيْهِ مِنَ الظُّلْمِ ، فَيَبْعَثُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ رَجُلًا مِنْ عِتْرَتِي ، فَيَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا ، كَمَا مُلِئَتْ ظُلْمًا وَجَوْرًا ، يَرْضَى عَنْهُ سَاكِنُ السَّمَاءِ وَسَاكِنُ الْأَرْضِ، لَا تَدَّخِرُ الْأَرْضُ مِنْ بَذْرِهَا شَيْئًا إِلَّا أَخْرَجَتْهُ، وَلَا السَّمَاءُ مِنْ قَطْرِهَا شَيْئًا إِلَّا صَبَّهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا، يَعِيشُ فِيهَا سَبْعَ سِنِينَ أَوْ ثَمَانِ أَوْ تِسْعَ، تَتَمَنَّى الْأَحْيَاءُ الْأَمْوَاتَ مِمَّا صَنَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِأَهْلِ الْأَرْضِ مِنْ خَيْرِهِ ) ...

-عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُمْلَأَ الْأَرْضُ ظُلْمًا وَجَوْرًا وَعُدْوَانًا، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي مَنْ يَمْلَؤهَا قِسْطًا وَعَدْلًا ، كَمَا مُلِئَتْ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا ) ...

- وعن رسولِ اللهِ (صلى اللهُ عليهِ والهِ وصحبهِ وسلمَ) : (سيأتي زمانٌ على أمتي لايبقى مِن القرآنِ إلا رسمهُ، ولا مِن الإسلامِ إلا اسمهُ، يسمونَ بهِ وهُم أبعدُ الناسِ منهُ، مَسَاجِدَهُم عامرةٌ وهَي خرابٌ مِن الهدى، فقهاءُ ذلكَ الزمانِ شرُ فقهاءٍ تحتَ ظلِ السماءِ، منهم خرجتْ الفتنةُ وإليهم تعودُ) ...

- وعن الرسول (صلى اللهُ عليهِ والهِ وصحبهِ وسلمَ) في حديث المعراج، قال: (... قلتُ إلهي فمتى يكون ذلك –أي الفرج-؟ فأوحى إلي (عز وجل) : يكون ذلك إذا رفع العلم و ظهر الجهل وكثر القراء و قل العمل وكثر الفتك و قل الفقهاء الهادون وكثر فقهاء الضلالة الخونة) ...