#الكُرْدُ .. بَيْــنَ حُلُمِ الحَاضِرِ وغِيَابِ التأريخِ :
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,(الدكتور مهند جاسم الحسيني)
مِن أصعبِ الدراساتِ على مُستوى العلومِ الإنسانيةِ, هو علمُ الإنثروبولوجيا Anthropology)) أو مَا يُعرفُ بعلمِ الإنسانِ, حيثُ يَهتمُ هذا العلمُ في دراسةِ أعمالِ وسلوكِ وحضاراتِ والمجتمعاتِ البشريةِ, بحيثُ أنَّ هذا العلمَ يُقدِمُ الى الباحثينَ خوارطَ بشريةٍ تُشخصَ الإنسانَ على أساسِ العملِ والسلوكِ وطريقةِ العيشِ والتجمعِ وصولاً الى مَا يُعرفُ بالحضارةِ ...
فَمَثلاً أنَّ هذا العلمَ لمَا درسَ المنطقةَ الجنوبيةَ للعراقِ, إستطاعَ أن يُحددَ مقدارَ القبائلِ المنتميةِ للأرضِ, والعشائرِ المنتميةِ لهَا, وصولاً الى الأفخاذِ والعوائلِ, معرجاً على الترابطِ الأسري والمجتمعي, كالزواجِ والقانونِ والأحكامِ والإقتصادِ وطريقةِ العرضِ والطلبِ ...
ومِن هذهِ الدراساتِ إستطاعَ الباحثونَ أن يُقدموا خرائطاً تفصيليةً عن القبائلِ التي كانتْ ومَا زالتْ تَسكنُ الأرضَ, وأيهَا جاءت دخيلةً عليهَا ...
#وبالمقابلِ :
إنَّ علمَ الوراثةِ وبالخصوصِ فرعِهَا المعروفِ بـــ الكروموسومِ Y, والذي يَهتمُ بدراسةِ التوزيعاتِ الجينيةِ المرتبطةِ بالأرضِ المسكونةِ, فَمثلاً أنَّ الدراساتِ الجينيةِ للأكرادِ القاطنينَ في الشمالِ الشرقي العراقي, وجدَ أنَّهَا مِن النوعِ J2, وبنسبةٍ 28.4% مِن الأكرادِ بصفةٍ عامةٍ,
وهذا الجينُ نفسهُ الذي يحملهُ أغلبيةُ ساكني البلدانِ : إيران، وأرمينيا، وأذربيجان، وجورجيا، وفي تركيا، والأكراد، والشام !!!
وبالتالي فإنَّنَا نعلمُ بشكلٍ كبيرٍ جداً, أنَّ الأكرادَ جزءٌ مِن سكنةٍ هذهِ البلادِ, وليسو دخلاءَ عليهَا, ولَم ينزحوا إليهَا في الوقتِ مَا قبلِ التأثرِ الجيني ...
ومِن هذهِ الدراسةِ الجينيةِ تمكنَ الباحثونَ أيضاً أن يَسهموا في رسمِ خارطةٍ وراثيةِ -جينية- لسكنةِ هذهِ المنطقةِ أيضاً, وبالتالي يُعرفُ الخلاءُ على هذهِ الأرضِ مِن السكانِ الأصليينَ ...
#وأيضاً :
فإنَّ الموروثَ التأريخي والأدبي والملحمي سجلَ الكثيرَ مِن الحقائقِ التي يُمكنُ أن تركنَ إليهَا النفسُ في معرفةِ سكنةِ هذهِ الأرضِ مِن غيرهِم, ومعرفةُ السكانِ الحقيقينَ مِن النَازحينَ عليهَا,
فمثلاً سجلَ المؤرخُ الكرديُ محمد أمين زكي في كتابهِ "خلاصةُ تاريخِ الكُردِ وكردستانَ" : (بأنَّ الميديينَ وإن لم يكونوا النواةَ الأساسيةَ للشعبِ الكردي, هاجر الميديون بحلول سنة 1500 قبل الميلادِ, من نهرِ الفولكا شمالِ بحرِ قزوينَ واستقروا في الشمالِ الغربي من إيرانَ وأسسوا مملكةَ ميديا, إنَّ أصلَ الميديينِ يرجع إلى شخصٍ اسمهُ دياكو الذي كانَ زعيمَ قبائلِ منطقةِ جبالِ زاكروسَ, وبحلولِ القرنِ السادسِ قبلَ الميلادِ, تمكنوا من إنشاءِ إمبراطوريةٍ ضخمة امتدتْ مِن مَا يعرفُ الآنَّ بأذربيجانَ، إلى آسيا الوسطى وأفغانستانَ, واعتنقَ الميديونَ الديانةَ الزردشتيةَ، وتمكنوا في 612 قبلَ الميلادِ, من تدميرِ عاصمةِ الأشوريينَ في نينوى. ولكن حكمهم دامَ لما يقاربَ 50 سنةً, حيث تمكن الفارسيونَ بقيادةِ الملكِ الفارسي كورش بالإطاحة بالميديين وكونوا مملكتهم الخاصة ...
ومَا جاءَ في تاريخِ إبنِ خلدونَ في المقدمةِ والطبري في تاريخهِ بأنَّ الكُردَ هُم #بَدُو_الفرسِ, أي أنَّ الكُردَ هُم مَن يترحلُ ويتنقلُ بينَ الجبالِ, كمَا يتنقلُ سكنةُ الصحارى العربيةِ والذينَ يُعرفونَ بالبدو, لذا يقالُ عن بدو الجبالِ بأنَّهُم كُردٌ ...
#لذلكَ :
أنَّ المصادرَ الثلاثةَ وهي الإنثروبولوجيا والجيناتُ الوراثيةُ والتأريخُ جميعهَا أطبقتْ تقريباً على أنَّ الكُردَ لا وجودَ لهُم في شمالِ العراقِ, بل حتى مَا سجلهُ مُأرخُهُم محمدُ أمين زكي, بأَنَّ النواةَ التي سجلتْ بدايةِ الكُردِ لَم تَكُن مِن الأصولِ العراقيةِ أصلاً, بل أنَّهُم مِن سكنةِ بلادِ فارسٍ -إيران- حصراً, ومَا وقعَ على نينوى العراقية مَا هو إلا إحتلالٌ مِن قبلِ الفرسَ للقضاءَ على الإحتلالِ المديينَ فيهَا, أي أنهُ قضاءُ على محتلٍ للأراضي العراقيةِ مِن قبلِ محتلٍ آخرٍ, ومَا أكثرُ ذلكَ في التأريخِ ...
بينمَا الدراسةُ الجينيةُ لا يُمكن أن تُثبتَ أكثرَ مِن إتحادِ الجينِ الوراثي بينَ بعضِ القبائلِ القاطنةِ في أرضِ العرابِ, وهولاءِ المتحولونَ الى العربِ بعدَ ذلكَ كاليهودِ والشاميينَ, ومَا يُمكن أن يُصطلحُ عليهِم بالعربِ المُستعربةِ أي الذينَ تعلموا اللغةَ مِن العربِ الأصلاءِ ...
#لذلكَ :
لا يُمكن أن نُطلقَ على مَن يَسكنُ أرضَ العربِ بغيرِ العربِ, بغضِ النظرِ أنهُ مِن العربِ العاربةِ أو المُستعربةِ, ومَن سكنَ أرضَ العربِ بينَ قرنيهَا ولم يتكلمْ لغتهُم وصارَ مِنهُم فهو دخيلٌ عليهِم وعلى أرضِهِم, وليسَ لهُ في أرضِ العربِ أصلٌ ولا فصلٌ, بل فليبحثْ عن أصولهِ في أماكنٍ أخرى كبلادِ فارسِ وأرمينا وأذربيجانَ وغيرِهَا ...
هذا إذا تكلمنَا على نحو الإصولِ والتواجدِ, أمَا إذا تكلمنَا على أساسِ الأديانِ والأفكارِ والمعتقداتِ المُنتحَلَةِ مِن قبلِ سكانِ أرضِ العربِ, فلا طائلَ مرجوةٌ منَها أبداً, لأنَّ الدياناتِ للجميعِ, ومَن كانَ يهودياً تَنَصْرَ وتَأسلمَ, فليسَ البحثُ في الدياناتِ جدوى للطرفِ المقابلِ إطلاقاً ...
فليسَ مِن الحكمةِ أن يَستمعَ شبابُنَا وكهولُنَا الى دعوى إستحقاقِ اليهودِ بأرضِ فلسطينَ, أو مَا بينَ الفراتِ والنيلَ, لأنَّ الدينَ لا يتملكُ الأرضَ, لأنَّ سكنةَ الأرضِ هُم مَن يستملكُ الأرضَ, ويتناقلوا بينَ الدياناتِ, فالأرضُ جميعاً للعربِ, يهوداً كانوا أو مسيحاً أو مسلمينَ, لأنَّ الأرضَ عربيةٌ, بينمَا الدياناتُ يتناقلُ بينهَا الأفرادُ ...
مِن هذا الطرحِ, سوفَ يخرجَ الكُردُ مِن الجولةِ الأولى, حتى لو كانوا مسلمينَ, فإسلامُ لا يَستملكُ الأرضَ, ويجعلوا مِنهُم عرباً, وأمَا اليهودُ فليسَ لَهُم الحقُ في إقامةِ امةٍ عبريةٍ في قلبِ الأمةِ العربيةِ, لأنَّ الأرضَ عربيةٌ بغضِ النظرِ عن الدينِ, ولكنَ الإشكالَ في إستحداثِ أمةٍ في داخلِ أمةٍ, وهذا الإستحداثُ لا يشابهُ إستحداثَ دينٍ جديدٍ مطلقاً, فللعربي أن ينتحلَ أيَّ عقيدةٍ يشاءُ, بينمَا تبقى يدهُ على الأرضِ, لأنَّ الإنتماءَ لهَا إنتماءً قومياً لا دينياً !!!
#وفي_نفسِ_الوقتِ :
لا جدوى مِن البحثِ في أصولِ الغةِ على الإطلاقِ, فحتى لو أثبتنَا آشوريةِ اللغةِ للمشرقِ العربيي, وأمازيغيةِ المغربِ, وعبريةَ جزءً مِن الوسطِ, فهذا لا يعني أنَّ التعدديةَ تبقى على ثباتِهَا بعدَ ذلكَ, وعلى أساسِ التعدديةِ تثبتْ عندنَا تبعيةِ الأرضِ, لانَّ العربَ كمَا بينَا عربٌ عاربةٌ ومستعربةٌ, وطبيعةُ اللغاتِ تتغيرُ وتنشأ وتموتُ, وأمَا بقاءُ بعضُ الكلماتِ لا تُثبتُ تبعيةَ الأرضِ, بل أنَّ الأحفورياتِ والتنقيبَ عن بعضِ المخطوطاتِ والنقوشِ, لا يُثبتُ غيرَ أنَّ أصحابَ اللغةِ كانوا قاطنينَ في هذهِ البقعةِ, ولا يُمكن جرهَا الى أكثرِ مِن تلكَ البقعةِ, إلا على نحو التنظيرِ والإحتمالِ والذينِ لا يُمكنُ أن يرتقيانِ الى مُستوى المطالبةِ بالأرضِ وحقِ إسترجاعِهَا في غيرِ الأبحاثِ وبطونِ الكتبِ ...
وبالتأكيدِ أنَّ اللغةَ العربيةَ هي مِن أفصحِ وأيسرِاللغاتِ على مُستوى اللغاتِ التي شهدتهَا الأرضُ منذُ خَلْقِ الإنسانِ, حتى على مُستوى الإشتقاقِ, وهذا مَا يُفسرُ سرَ إنتشارهَا وإتقانِهَا مِن قبلِ الغيرِ في تلكَ العصورِ السحيقةِ, قبلَ أن يَكُونَ للعربِ شوكةٌ لنقلِ لغتِهِم بغيرِ التجارةِ والترابطِ بينَ الحضاراتِ !!!
#لذا :
فإنَّ إنتهاءَ اللغةِ الأمازيغيةِ أو مَا يرجعُ إليهَا, وبقاءُ أهلِهَا في نفسِ أرضِ الأجدادِ, لا يُعطي الحقَ لَهُم للمطالبةِ بإنشاءِ أمةً أمازيغيةً بعدَ إندثارِهَا, كمَا لا يُمكنُ للعبريينَ اليهودِ أن يُطالبوا أن تُنشأ لهُم أرضٌ لِيَقيموا عليهَا بدايةَ تكونَ أمةً عبريةً أيضاً, لأنَّ المُجتمعاتِهِم إنتحلتْ اللغاتِ الأسهلَ والأفصحَ على لِسانِهَا وفَهمِهَا, وأصبحوا بعدَ ذلكَ مِن المُستعربةِ, وهذا الإستعرابُ جاءَ عبراً للعصورِ, وليسَ نتيجةً للتغيراتِ السياسيةِ والعسكريةِ, بل هو مِن طبائعِ اللغاتِ في المنشأ والإندثارِ, كمَا حصلَ مع اللغاتِ المصريةِ والعراقيةِ وحضاراتِهِمَا في الأزمانِ السحيقةِ, ولم يبقى مِن تلكَ اللغاتِ إلا مَا يدلُ على وجودِهَا فقط ...
#لذلكَ :
يَنْبَغي للجميعِ الإلتفاتِ, أنَّ قضيةَ إنشاءِ وإعادةِ تأهيلِ الأمةِ بعدَ إندثارِهَا, أو المُطالبةَ بتشكيلِهَا بعدَ أن يتجاذبَ الأفرادَ مِن نفسِ اللغةِ ليكونوا شعباً ومُجتمعاً, لَم تحصلْ عبرَ العصورِ مطلقاً, وهذا مَا يُفسرُ وجودَ القومياتِ الأخرى في داخلِ الأمةِ العربيةِ مثلاً, لأنَّ التنقلَ بينَ المملكاتِ السياسيةِ مِن قبلِ الأغرابِ كانَ ممكناً للجميعِ, حتى مِن كانَ خارجَ تلكَ الأمةِ, بسببِ طلبِ العيشِ, والبحثِ عن التوسعةِ والإسترزاقِ, والهربِ مِن الظلمِ والمرضِ, كُلُهَا عواملٌ مكنتْ حصولَ الهجرةِ الى البلادِ الأخرى مِن القومياتِ الأخرى, وبسببِ طبيعةِ الإنسانِ وفطرتهِ وركونهِ الى التجمعِ الى بني قومهِ وقوميتهِ, نشأتْ مَا يُعرفُ بقوميةٍ داخلَ قوميةٍ أخرى, وإلا لا سبيلَ يُمكن أن نَركنَ إليهِ مِن تداخلِ القومياتِ ببعضِهَا, دونَ حدوثِ إنصهارٍ فيمَا بينَهَا ...
بل إنَّ حتى البقاءِ والسماحِ بتكونِ بعضِ القومياتِ المصغرةِ مِن قبلِ الدولِ السابقةِ, يُنبؤنَا بأنَّ هنالكَ لا خطرَ في تَشكلِ هكذا قومياتٍ المصغرةِ في القوميةِ الكبيرةِ, بل إنَّ كيانَ الدولةِ قائمٌ على أساسِ التعدديةِ القوميةِ, بل والسماحِ بوجودِهَا, لأنَّ الدولةُ تسمحُ بنشوءِ أيِّ شيءٍ ممكن أن يثري الدولةَ ويتحفهَا في أي مجالٍ مِن المجالاتِ, فكمَا لا غنى في الدولِ الصناعيةِ الكبرى عن الفلاحِ والزراعةِ, كمَا لا تستنغني نفسهَا عن بدو الصحارى والجبالِ -الكُرد-, لأنَّ التعدديةَ القوميةَ واللغويةَ والسكانيةَ, تُثري وتوفرُ المادةَ الخامَ في مجالاتِ الحياةِ عامةً, كالزراعةِ والصناعةِ والتكنلوجيا ...
وهذا أحدُ الأسبابِ التي ترى أنَّ الطبقيةَ والتعدديةَ في إقتصادياتِ المجتمعاتِ المتمدنةِ والمتحضرةِ, بل وهذا أحدُ الأسبابِ التي نشأتْ عليهَا الأفكارُ الرأسمَاليةِ, لأنَّ كمَا وفرتْ الرأسماليةُ الحقَ لإمتلاكِ الطبيعةِ مِن قبلِ رؤوسِ الأموالِ, فإنَّهَا وفرتْ حقَ إسترقاقِ الناسِ بطرقٍ أخرى لا تتعارضُ مع جريمةِ الإسترقاقِ والعبوديةِ عندَهُم, لأنَّهُم يعتبرونَ وجودَ القومياتِ في بلادِهِم كوجودِ ذوي الدخلِ المحدودِ, لأنَّهُم يوفرونَ مَا لايتمكن مالكو الرؤوسِ الماليةِ مِن توفيرهِ !!!
#فبالتأكيدِ :
إذا كانَ السماحُ لنشوءِ القومياتِ المصغرةِ على أراضي الدولةِ لا يُدي الى إثارةِ القلاقلِ والفتنِ, فضلاً عن إحتماليةِ إقتسامِ الملكِ والدولةِ مع المالكينَ الأصليينَ مِن الناسِ, فلا بأسَ بالسماحِ لَهُم, بل والتمكينَ لهُم مِن خدمةِ الدولةِ مِن خلالِ التمكينَ مِن تعميقِ الهجرةِ الى بلادِ العربِ والمسلمينَ مثلاً, وأمَا مع إحتماليةِ أن تُثيرُ موجاتُ النزوحِ والهجرةِ الإقتصاديةِ والأمنيةِ والصحيةِ أي مخاوفِ مِن أثارةِ القلاقلِ والفتنِ, أسواءِ كانتْ إقتصاديةً أو أمنيةً أو سياسيةً ولو على نحو البعيدِ, فبالتأكيدِ أنَّ ليسَ مِن صالحِ الدولةِ أن تسمحَ لهكذا عملياتِ نزوحٍ وهجرةٍ تؤدي الى تكوينِ مستعمراتٍ وتجمعاتٍ ممكنُ أن تؤدي الى تولدِ البذرةِ الأولى الى نشوءِ القوميةِ ولو في المستقبلِ غيرِ المنظورِ !!!
ولهذا قد لاحظنَا في السنواتِ الخمسِ الماضيةِ كيفَ بدأتْ الدولُ تنزعجُ وتتوعكُ مِن عملياتِ الهجرةِ والنزوحِ غيرِ المنضبطةِ والمحددةِ, لأنَّ إحتماليةَ نشوءِ تغيراتٍ ديموغرافيةِ بالمستقبلِ القريبِ, لذا نلاحظُ كيفَ تغيرتْ الإجراءاتُ على صعيدِ الإتحادِ الأوربي -المُشجعُ على إستقبالِ اللاجئينَ- مِن السماحِ بالإقامةِ الدائمةِ والمواطنةِ الى الإقامةِ المحددةِ والمرهونةِ زمنياً وبالظروفِ الراهنةِ مِن البلدِ المنزوحِ منهُ, لأنَّ هذهِ الموجاتِ ستوفرَ حقوقاً وواجباتٍ لا تتمكنُ الدولةُ مِن التغاضي عنهَا, كمَا حصلَ في الدولةِ الفرنسيةِ التي شكلَ العربُ على أراضيِهِم ثلثَ السكانِ الأصليينَ, مَا جعلهُم قادرينَ على تشكيلَ قوميةٍ عربيةٍ في فرنسا !!!
وبالمقابلِ لاحظنَا الغضبَ العرامَ مِن قبلِ إدارةِ الرئيسِ الأميركي دونالد ترامب إتجاهَ قضيةَ اللجوءِ والسفرِ والإقامةِ, حتى وصلَ بهِ الحالِ الى إحتماليةِ تهجيرِ الكثيرِ مِن الأميركيينَ مِن أبوينَ غيرِ أميركيينَ !!!
وكلُّ هذهِ المخاوفِ مخاوفٌ مِن تشكلِ جالياتٍ غيرِ اصليةٍ قبالَ تلكَ الموجودةِ اصلاً على تلكَ الأرضِ, التي يُمكن ان تشتركَ في القراراتِ السياسيةِ وتشكيلِ الحكوماتِ وصولاً الى المطالبةِ بالإستقلالِ وحقِ تقريرِ المصيرِ, وهذا الخطرُ خطرٌ حقيقيٌ يوازي ويزيدُ على الخطرِ الأمني الذي يُمكن السيطرةُ عليهِ !!!
#إذن :
هنالكَ فرقٌ كبيرٌ بينَ السماحِ لوفودِ وإقبالِ الجالياتِ بينَ السابقِ والحاضرِ, بل هنالكَ فرقٌ بينَ السماحِ بالهجرةِ قبلَ وبعدَ تشكلِ الكيانِ الصهيوني في قلبِ الأمةِ العربيةِ, حيثُ أنَّ أو قوميةٍ عبرَ التأريخِ سُمِحَ لهَا أن تُنشأ دولةً ذاتَ قوميةٍ في أرضِ قوميةٍ أخرى !!!
وهذا الوجودُ اليتيمِ للقوميةِ العبريةِ سكونُ مهدداً بالخطرِ والتفككِ ولو بعدَ حينٍ, لذا لابدَ مِن السماحِ لهُ بالإضفاءِ شيءٍ مِن الشرعيةِ والأمنِ والممانعةِ, مِن خلالِ السماحِ لبعضِ القومياتِ الأخرى غيرِ العربيةِ أن تُشكلَ بلداناً على أساسِ قومياتِهَا على الأراضي العربيةِ, تحتَ مسمياتٍ كثيرةٍ كحقِ تقريرِ المصيرِ, والحفاظِ على الأقلياتِ الإثنيةِ والعرقيةِ والقوميةِ !!!
وبالتالي فإنَّ إقامةَ دولةٍ كُرديةٍ على الأراضي العربيةِ العراقيةِ, سوفَ يُشكلُ سداً منيعاً للدولةِ الصهيونيةِ في فلسطينَ, مِن خلالِ تشكيلِ تحالفاتٍ تحمي الأقلياتِ في الأراضي العربيةِ, بل وأنَّ البابَ سوفَ لا يُغلقُ بتشكيلِ دولةٍ كُرديةٍ فقط, بل البابُ سوفَ يُفتحُ على مصراعيهِ لجميعِ الأقلياتِ, والتي يُمكن أن تسوقُ لنفسهَا قوميةً مستقلةً, كالأمازيغِ في دولِ المغربِ العربي, بل والأقباطِ فيي مصرِ, كلُّ هذهِ الملفاتِ سوفَ تتفجرُ تباعاً بعدَ إعلانِ إقليمِ كُردِستانِ إستقلالهُم !!!
وِمن هنَا عرفنَا سببَ تحمسِ الصهاينةِ لإجراءِ الإستفتاءِ في موعدهِ المقررِ, متجاهلةً كلَّ الأصواتِ الأمميةِ برفضهِ ولو في الوقتِ الحالي ...
#وفي_نفسِ_الوقتِ :
ليسَ مِن الصالحِ العربي والإقليمي العراقي أن يُراهنَ على مَا يُعرفُ بالرفضِ الأممي وعدمِ الشرعيةِ الأمميةِ لدولةِ الكُرديةِ المُرتقبةِ, لأنَّ الشرعيةَ الأمييةَ يُمكن أن تتغيرَ بتغيرِ الرئاساتِ, لأنَّ أصلَ تقريرِ المصيرِ ليسَ ممنوعاً قانونياً بمقدارِ منعهِ سياسياً, وبمَا أنَّ السياساتِ تتبدلُ بتبدلِ الرؤساءِ, لذا فليسَ مِن العقلِ ولا مِن الحكمةِ أن يُعولَ الكثيرُ مِن ساسةِ العربِ والإقليمِ الغعراقي على الشرعيةِ الدوليةِ ...
وإذا كانتْ هذهِ القضيةُ واضحةً بالنسبةِ لدولِ الإقليمِ العراقي, ولم يعولوا على الشرعيةِ التي تتبدلُ وتتغيرُ بتغيرِ الرؤساءِ في الدولِ العظمى, فبالتأكيدِ سوفَ يعملونَ على تقويضِ هذهِ الدولةِ قبلَ أن تنشأ, ويحاولونَ إنهاءَ وجودِهَا مِن الأساسِ, بعتبارهَا مهددةً للأمنِ القومي لبلادِ الجوارِ الذينَ يملكونَ الملايينَ مِن الكُردِ الذينَ يُمكن أن يطالبوا بالحكمِ الذاتي بعدَ كم سنة مِن عملياتِ عسكريةِ وأمنيةٍ, وسفَ يجدونَ مَن ينطقُ بإسمهِم ولغتِهِم وينقلُ معاناتِهِم الى الخارجِ !!!
طبعاً أنا أتحدثُ عن بلادٍ محيطةٍ بالشمالِ العراقي, والتي تملكُ باعاً طويلاً في إبتلاعِ أممٍ وشعوبٍ بكاملِهَا, وبالتالي مِن الصعوبةِ أن يسمحونَ أن تتشكلَ على أعتابِ بلدانِهِم دولةٌ بالعنوانِ القومي وليسَ العربي !!!
#وهنا_لابدَ _مِن_أن_تفهمَ :
أنَّ هنالكَ فرقٌ كبيرٌ بينَ أن تقررَ البلادُ مصيرهَا بالإنفصالِ على أساسٍ قومي أو سياسي, فالفرقُ بينَ الإنفصالينِ كبيرينِ جداً, ولا وجةَ للمقارنةِ بينهُمَا مطلقاً ...
فمثلاً أن الجبهةَ الشعبيةَ لتحريرِ الساقيةِ الحمراءِ ووادي الذهبِ أو ما تُعرفُ بِــ (البوليساريو) تريدُ الإنفصالَ بالصحراءِ الغربيةِ عن المملكةِ المغربيةِ, ولكنَ هذا الإنفصالَ إنفصالٌ سياسي أو إقتصادي بامتيازٍ, حيثُ أعلنوا تشكيلَ الدولةِ بِمسمى (الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية), بالرغمِ مِن تشكلِ هذهِ الدولةِ نتيجةً للهجرةِ مِن جميعِ قصاعِ شمالِ أفريقيا وتعمدُ التغييرِ الديموغرافي مِن قبلِ الإحتلالِ الروماني للبلادِ ...
بخلافِ إنفصالِ إقليمِ كُردِستانِ العراقِ, وإعلانِهِم دولةً مُستقلةً, فإنَّ هذهِ الإعلانَ إعلانٌ قومي شعوبي, والذي يستلزمُ في الغالبِ التوسعِ وتمددِ النفوذِ بعدَ ذلكَ, لأنَّ الدولَ الفتيةَ تحتاجُ الى مواردٍ بشريةٍ كبيرةٍ تتناسبُ مع إعلانِ وبقاءِ الدولةِ, لتشكيلِ المؤسساتِ العسكريةِ والصناعيةِ والزراعيةِ, لذا تعملُ في سنواتِهَا الأولى الى تشجيعِ الهجرةِ إليهَا مِن باقي البلادِ المجاورةِ والعالمِ عموماً, كمَا فعلتْ الحكومةُ الصهيونيةُ في بدايةِ نشوئِهَا, حيثُ إستقطبتْ يهودَ العالمِ العربي والأوربي والأفريقي, وشجعتْ الهجرةَ إليهَا ...
وبعدَ أن تكتملَ أركانُ الدولةِ سياسياً وعسكرياً وإقتصادياً, ستعملُ على توسعةِ نفوذهَا والتمددِ لقضمِ الأراضي القريبةِ مِنهَا, ولهذهِ التوسعةِ عدةِ طرائقٍ تتناسبُ مع مُتطلباتِ المرحلةِ الشاخصةِ لِرسامِ السياسةِ التوسعيةِ ...
ومِن هنَا تخشى دولُ الجوارُ مِن تشكلِ هذهِ الدولةِ على حدودِهَا, لأنَّ قوميةَ الدولةِ عاملٌ مهمٌ جداً في إثارةِ القلاقلِ على الحدودِ المجاورةِ لهَا, وهذهِ القلاقلُ لا يُمكن عدمُ إفتراضِهَا, بل هي ناتجٌ طبيعيٌ مِن تشكيلِ الدولِ على أساسي القومياتِ والإثنياتِ والأديانِ !!!
#وهنَا :
نعرفُ دورَ الحكومةِ العراقيةِ مِن خلالِ الإختلافِ مع الإقليمِ في مسألةِ الإستفتاءِ حولَ ضَمِ محافظةِ كركوكَ فقط, وكأنَّ الحكومةَ تُوحي للمقابلِ والعالمِ أنَّ كركوكَ عربيةٌ لا يُمكن أن تدخلَ في الإستفتاءِ, بينمَا يجبُ أن تكونَ المُمَا نعةُ ممانعةً كليةً بالنسبةِ لباقي الإقليمِ, لأنَّ المحافظاتِ في الإقليمِ لا تفترقُ عنهَا في باقي العراقِ !!!
وهنَا نفهُم أنَّ الممانعةَ إيرانيةٌ بامتيازٍ, لأنَّ ضَمَ كركوكَ الى الإقليمِ مع إجراءِ الإنفصالِ لهَا جميعاً, سَيُأسسُ أركانَ الدولةِ الكاملةِ منذُ البدء, حيثُ الجانبُ الإقتصادي الكبيرِ ممَا ستوفرهُ محافظةُ كركوكٍ, سيبلورُ قدرةٍ عسكريةٍ كبيرةٍ جداً وبغضونِ سنواتٍ قليلةٍ جداً, كَمَا حصلَ مع دولةِ إسرائيلَ, حيثُ إستطاعتْ بعدَ قرابةِ تسعِ عشرةِ سنةٍ أن تُلحقَ خسارةً لَم تحصلَ في التأريخِ مطلقاً وفي أقوى جيوشِ المنطقةِ, حيثُ بغضونِ ستةِ أيامٍ سقطَ الجيشُ المصري والسوري والأردني والعراقي واللبناني, وبالرغمِ مِن دعمِ ثمانِ دولٍ لهَا, وهو مَا عُرِفَ بنكسةِ حزيرانَ عامَ 1967, أو بحربِ الأيامِ الستِ !!!
كذلكَ الحالُ مع إقليمِ كُردستانِ العراقِ, فإنَّ المطالبةَ العراقيةِ بعدمِ إشراكِ كركوكَ ضمنَ الإستفتاءِ, يُبينَ أنَّ الخوفَ مِن الدولةِ الكُرديةِ خوفاً غيرُ عراقي ولا عربي, لأنَّ التوسعةَ ستكونُ فقط على حسابِ المناطقِ المتنازعِ عليهَا عراقياً, قياساً بالتوسعةِ والتمددِ على حسابِ الجارتينِ التركيةِ والإيرانيةِ !!!
ولذلكَ حتى الصوت السياسي العراقي المطالبِ بإلغاءِ الإستفتاءِ الكُردي, هو صوتٌ إيرانيٌ متناسباً مع الرغبةِ التركيا, لأنَّ عواملَ التقسيمِ العراقي كانتْ شاخصةً منذُ البدايةِ وشاخصةً للعيانِ, بل فقط لَم تحصلْ عمليةُ الفيدرالياتِ ولا الدويلاتِ على أرضِ الواقعِ !!!
#ولكن_يبقى_التساؤلُ_الشاخصُ :
عن سببِ ممانعةِ الجانبِ الأميركي لمسألةِ الإستفتاءِ ولو في الوقتِ الحالي, بالرغمِ مِن رغبتِهَا بتقسمِ العراقِ والبلادِ العربيةِ كافة ؟!!
وفي الحقيقةِ أنَّ الرغبةَ الأميركيةَ في تأجيلِ إستفتاءِ إقليمِ كُردستانِ, مجردُ رغبةٍ سياسيةٍ فقط, وهذهِ الرغبةُ تنسجمُ مع مُتطلباتِ المرحلةِ الحاليةِ, أي أنَّ مسألةَ الإستفتاءِ مرغوبةً أميركياً, ولكن الخلافَ في التوقيتِ فقط, لذا لا ينبغي مطلقاً التعويلُ على الرفضِ الأميركي لهذا الإستفتاءِ, أي حتى لو حصلَ الإستفتاءِ في غيابِ الرغبةِ الأمميةِ حالياً, سيكونُ مقبولاً في الفترةِ اللاحاقةِ مباشرةً, وبالتالي سيتمُ الموافقةُ الأمميةُ على عضويةِ دولةِ كردستانَ في أروقةِ الأممِ المتحدةِ كعضوٍ فيهَا, وعندهَا سيكونُ لهذهِ الدويلةُ المتعطشةُ للتوسعِ صوتاً مسموعاً أممياً, ولهَا حقوقٌ وعليهَا واجباتٌ !!!
وإنَّ سببَ هذهِ الرغبةِ -الرافضةُ- هو أن تدخلَ المنطقةِ في صراعٍ وتجاذباتٍ تُغيرُ الحساباتِ الأميركيةِ فيهَا, لأنَّهَا مسألةٌ قوميةٌ لبعضِ الدولِ المجاورةِ, والتي يُمكن أن تتحركَ عسكرياً دونَ إشعارِ المجتمعِ الدولي بذلكَ, لأنَّ المسائلَ القميةَ لا يُرجعُ بهَا الى مجلسِ الأمنِ, بل هي بمثابةِ الدفاعِ عن النفسِ الذي لا يجرمهُ القانونُ الدولي !!!
وبالخصوصِ أنَّ أميركا بدأتْ وبشكلٍ واضحٍ الى العملِ على تأسيسِ الحلمِ الكُردي في المشرقِ العربي, حيثُ مَا تفعلهُ مِن دعمِ للقواتِ الكُردستانيةِ السوريةِ واضحٌ للعيانِ, فإنَّ إنشاءَ منطقةٍ كُرديةِ في سوريا, والمنطقةُ المُنشأةُ في الأصلِ في شمالِ العراقِ, لهو نصفُ حلمِ الكُردِ مِن إنشاءِ دولَتِهِم الفيدراليةِ القوميةِ في شمال العراقِ وسوريا وإيران وجنوبِ تركيا !!!
لذا فإنَّ التعويلَ على عدمِ الرغبةِ الأميركيةِ للإستفتاءِ, تعويلٌ غبيٌ جداً, لأنَّ أميركا ماضيةٌ في تأسيسِ هذهِ الدولةِ منذُ زمنٍ طويلٍ ...
#وهنَا :
أرغبُ القولَ مَا أكدنَا عليهِ سابقاً : (مِن أن العملَ المستعجلِ لتحريرِ الموصلِ وبهذهِ الكيفيةِ والطريقةِ, سوفَ يجرُ الويلاتِ تلو الويلاتِ على المنطقةِ برمتِهَا وبغضونِ أيامٍ, بآنَ شاخصاً للعيانِ غيرِ المتخصصينَ حتى !!!) ...
فلا زالتْ راياتُ التحريرِ والإحتفالاتِ التي عُلِقَتْ إبتهاجاً بتحريرِ (وذبحِ) الموصلِ بطريقةٍ مستعجلةٍ, ها قد ظهرتْ فتنُ الدولِ والأقطارِ, بدلاً مِن فتنةِ العصاباتِ الأرهابيةِ ودولتِهِم المزهومةِ -داعش- ...
فبعدَ أن قضينَا على التنظيمِ وأنهينَا وجودهُ في الموصلِ, بعدَ أن تبرعَ بهَا المنافقونَ والخونةُ لتنفيذِ مخططٍ يحسبونَ أنَّهُم يحسنونَ صنعهُ, بتنَا على مشارفِ خسارةِ أربعِ محافظاتِ عراقيةِ (دهوك, أربيل, السليمانية, كركوك), ومِن قبلهَا (الموصل, صلاحُ الدين, الأنبار, ديالى) !!!
فبعدَ أن تسابقتْ الأصواتُ في المطالبةِ لتحريرِ الموصلِ, سوفَ تتسابقُ الأصواتُ في بيانِ غباءِ وهمجيةِ الطريقةِ التي حُررَتْ بهَا الموصلِ, وكانَ مِن اللازمِ أن تُبْقي بالكثيرِ مِن فلولهَا بإتجاهِ تلكَ الحدودِ المطالبةِ بالإستقلالِ, حتى تعرفَ معنى البقاءِ العراقِ موحداً, وحتى تعرفَ معنى الدماءِ الذينَ ذهيتْ هباءاً منثوراً لتحقيقِ سياساتٍ ليسَ للوطنِ ولا لوحدتهِ ومقدساتهِ ولا لسلمهِ الأهلي شيء, بل أنَّ ما حصلَ فقط عمليةُ إعدامٍ جماعي للشبابِ والمقدراتِ العراقيةِ, تمهيداً لإستقلالِ المنطقةِ الفلانيةِ والتهديدِ للدولِ الفلانيةِ !!!
#وأحبُ :
أن أتمثلَ بأبياتِ الجواهري التي قالهَا في الإمامِ الحسينِ بنِ علي بنِ أبي طالبٍ (عليهِم الصلاةُ والسلامُ), ولكن أهديهَا للعراقِ أرضِ الأنبياءِ وشعبِ الأوصياءِ, لأنَّهَا الصورةَ التي سنرى بهَا العراقَ بعدَ ذلكَ, مِن خنوعٍ وقتلٍ وتضيعِ للأرضِ والمالِ والشعبِ, وبمستوى الذي لا يخطرُ على بالٍ, ونسألَ اللهُ تعالى لنَا ولكُم الخلاصَ بِمَن لا تُردُ لهُ رايةٌ, ولا يُرْجَعُ الى مَسامعهِ أمرٌ :
وَخِلْتُ وقد طارتِ الذكرياتُ بِروحي إلى عَالَـمٍ أرْفَـعِ
وطُفْتُ بقبرِكَ طَوْفَ الخَيَالِ بصومعـةِ المُلْهَـمِ المُبْـدِعِ
كأنَّ يَدَاً مِنْ وَرَاءِ الضَّرِيحِ حمراءَ " مَبْتُـورَةَ الإصْبَـعِ"
تَمُدُّ إلى عَالَـمٍ بالخُنُـوعِ وَالضَّيْـمِ ذي شَرَقٍ مُتْـرَعِ
تَخَبَّطَ في غابـةٍ أطْبَقَـتْ على مُذْئِبٍ منـه أو مُسْبِـعِ
لِتُبْدِلَ منهُ جَدِيـبَ الضَّمِيرِ بآخَـرَ مُعْشَوْشِـبٍ مُمْـرِعِ
وتدفعَ هذي النفوسَ الصغارَ خوفـاً إلى حَـرَمٍ أَمْنَـعِ
#وأسألكُم_الدعاءَ
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,(الدكتور مهند جاسم الحسيني)
مِن أصعبِ الدراساتِ على مُستوى العلومِ الإنسانيةِ, هو علمُ الإنثروبولوجيا Anthropology)) أو مَا يُعرفُ بعلمِ الإنسانِ, حيثُ يَهتمُ هذا العلمُ في دراسةِ أعمالِ وسلوكِ وحضاراتِ والمجتمعاتِ البشريةِ, بحيثُ أنَّ هذا العلمَ يُقدِمُ الى الباحثينَ خوارطَ بشريةٍ تُشخصَ الإنسانَ على أساسِ العملِ والسلوكِ وطريقةِ العيشِ والتجمعِ وصولاً الى مَا يُعرفُ بالحضارةِ ...
فَمَثلاً أنَّ هذا العلمَ لمَا درسَ المنطقةَ الجنوبيةَ للعراقِ, إستطاعَ أن يُحددَ مقدارَ القبائلِ المنتميةِ للأرضِ, والعشائرِ المنتميةِ لهَا, وصولاً الى الأفخاذِ والعوائلِ, معرجاً على الترابطِ الأسري والمجتمعي, كالزواجِ والقانونِ والأحكامِ والإقتصادِ وطريقةِ العرضِ والطلبِ ...
ومِن هذهِ الدراساتِ إستطاعَ الباحثونَ أن يُقدموا خرائطاً تفصيليةً عن القبائلِ التي كانتْ ومَا زالتْ تَسكنُ الأرضَ, وأيهَا جاءت دخيلةً عليهَا ...
#وبالمقابلِ :
إنَّ علمَ الوراثةِ وبالخصوصِ فرعِهَا المعروفِ بـــ الكروموسومِ Y, والذي يَهتمُ بدراسةِ التوزيعاتِ الجينيةِ المرتبطةِ بالأرضِ المسكونةِ, فَمثلاً أنَّ الدراساتِ الجينيةِ للأكرادِ القاطنينَ في الشمالِ الشرقي العراقي, وجدَ أنَّهَا مِن النوعِ J2, وبنسبةٍ 28.4% مِن الأكرادِ بصفةٍ عامةٍ,
وهذا الجينُ نفسهُ الذي يحملهُ أغلبيةُ ساكني البلدانِ : إيران، وأرمينيا، وأذربيجان، وجورجيا، وفي تركيا، والأكراد، والشام !!!
وبالتالي فإنَّنَا نعلمُ بشكلٍ كبيرٍ جداً, أنَّ الأكرادَ جزءٌ مِن سكنةٍ هذهِ البلادِ, وليسو دخلاءَ عليهَا, ولَم ينزحوا إليهَا في الوقتِ مَا قبلِ التأثرِ الجيني ...
ومِن هذهِ الدراسةِ الجينيةِ تمكنَ الباحثونَ أيضاً أن يَسهموا في رسمِ خارطةٍ وراثيةِ -جينية- لسكنةِ هذهِ المنطقةِ أيضاً, وبالتالي يُعرفُ الخلاءُ على هذهِ الأرضِ مِن السكانِ الأصليينَ ...
#وأيضاً :
فإنَّ الموروثَ التأريخي والأدبي والملحمي سجلَ الكثيرَ مِن الحقائقِ التي يُمكنُ أن تركنَ إليهَا النفسُ في معرفةِ سكنةِ هذهِ الأرضِ مِن غيرهِم, ومعرفةُ السكانِ الحقيقينَ مِن النَازحينَ عليهَا,
فمثلاً سجلَ المؤرخُ الكرديُ محمد أمين زكي في كتابهِ "خلاصةُ تاريخِ الكُردِ وكردستانَ" : (بأنَّ الميديينَ وإن لم يكونوا النواةَ الأساسيةَ للشعبِ الكردي, هاجر الميديون بحلول سنة 1500 قبل الميلادِ, من نهرِ الفولكا شمالِ بحرِ قزوينَ واستقروا في الشمالِ الغربي من إيرانَ وأسسوا مملكةَ ميديا, إنَّ أصلَ الميديينِ يرجع إلى شخصٍ اسمهُ دياكو الذي كانَ زعيمَ قبائلِ منطقةِ جبالِ زاكروسَ, وبحلولِ القرنِ السادسِ قبلَ الميلادِ, تمكنوا من إنشاءِ إمبراطوريةٍ ضخمة امتدتْ مِن مَا يعرفُ الآنَّ بأذربيجانَ، إلى آسيا الوسطى وأفغانستانَ, واعتنقَ الميديونَ الديانةَ الزردشتيةَ، وتمكنوا في 612 قبلَ الميلادِ, من تدميرِ عاصمةِ الأشوريينَ في نينوى. ولكن حكمهم دامَ لما يقاربَ 50 سنةً, حيث تمكن الفارسيونَ بقيادةِ الملكِ الفارسي كورش بالإطاحة بالميديين وكونوا مملكتهم الخاصة ...
ومَا جاءَ في تاريخِ إبنِ خلدونَ في المقدمةِ والطبري في تاريخهِ بأنَّ الكُردَ هُم #بَدُو_الفرسِ, أي أنَّ الكُردَ هُم مَن يترحلُ ويتنقلُ بينَ الجبالِ, كمَا يتنقلُ سكنةُ الصحارى العربيةِ والذينَ يُعرفونَ بالبدو, لذا يقالُ عن بدو الجبالِ بأنَّهُم كُردٌ ...
#لذلكَ :
أنَّ المصادرَ الثلاثةَ وهي الإنثروبولوجيا والجيناتُ الوراثيةُ والتأريخُ جميعهَا أطبقتْ تقريباً على أنَّ الكُردَ لا وجودَ لهُم في شمالِ العراقِ, بل حتى مَا سجلهُ مُأرخُهُم محمدُ أمين زكي, بأَنَّ النواةَ التي سجلتْ بدايةِ الكُردِ لَم تَكُن مِن الأصولِ العراقيةِ أصلاً, بل أنَّهُم مِن سكنةِ بلادِ فارسٍ -إيران- حصراً, ومَا وقعَ على نينوى العراقية مَا هو إلا إحتلالٌ مِن قبلِ الفرسَ للقضاءَ على الإحتلالِ المديينَ فيهَا, أي أنهُ قضاءُ على محتلٍ للأراضي العراقيةِ مِن قبلِ محتلٍ آخرٍ, ومَا أكثرُ ذلكَ في التأريخِ ...
بينمَا الدراسةُ الجينيةُ لا يُمكن أن تُثبتَ أكثرَ مِن إتحادِ الجينِ الوراثي بينَ بعضِ القبائلِ القاطنةِ في أرضِ العرابِ, وهولاءِ المتحولونَ الى العربِ بعدَ ذلكَ كاليهودِ والشاميينَ, ومَا يُمكن أن يُصطلحُ عليهِم بالعربِ المُستعربةِ أي الذينَ تعلموا اللغةَ مِن العربِ الأصلاءِ ...
#لذلكَ :
لا يُمكن أن نُطلقَ على مَن يَسكنُ أرضَ العربِ بغيرِ العربِ, بغضِ النظرِ أنهُ مِن العربِ العاربةِ أو المُستعربةِ, ومَن سكنَ أرضَ العربِ بينَ قرنيهَا ولم يتكلمْ لغتهُم وصارَ مِنهُم فهو دخيلٌ عليهِم وعلى أرضِهِم, وليسَ لهُ في أرضِ العربِ أصلٌ ولا فصلٌ, بل فليبحثْ عن أصولهِ في أماكنٍ أخرى كبلادِ فارسِ وأرمينا وأذربيجانَ وغيرِهَا ...
هذا إذا تكلمنَا على نحو الإصولِ والتواجدِ, أمَا إذا تكلمنَا على أساسِ الأديانِ والأفكارِ والمعتقداتِ المُنتحَلَةِ مِن قبلِ سكانِ أرضِ العربِ, فلا طائلَ مرجوةٌ منَها أبداً, لأنَّ الدياناتِ للجميعِ, ومَن كانَ يهودياً تَنَصْرَ وتَأسلمَ, فليسَ البحثُ في الدياناتِ جدوى للطرفِ المقابلِ إطلاقاً ...
فليسَ مِن الحكمةِ أن يَستمعَ شبابُنَا وكهولُنَا الى دعوى إستحقاقِ اليهودِ بأرضِ فلسطينَ, أو مَا بينَ الفراتِ والنيلَ, لأنَّ الدينَ لا يتملكُ الأرضَ, لأنَّ سكنةَ الأرضِ هُم مَن يستملكُ الأرضَ, ويتناقلوا بينَ الدياناتِ, فالأرضُ جميعاً للعربِ, يهوداً كانوا أو مسيحاً أو مسلمينَ, لأنَّ الأرضَ عربيةٌ, بينمَا الدياناتُ يتناقلُ بينهَا الأفرادُ ...
مِن هذا الطرحِ, سوفَ يخرجَ الكُردُ مِن الجولةِ الأولى, حتى لو كانوا مسلمينَ, فإسلامُ لا يَستملكُ الأرضَ, ويجعلوا مِنهُم عرباً, وأمَا اليهودُ فليسَ لَهُم الحقُ في إقامةِ امةٍ عبريةٍ في قلبِ الأمةِ العربيةِ, لأنَّ الأرضَ عربيةٌ بغضِ النظرِ عن الدينِ, ولكنَ الإشكالَ في إستحداثِ أمةٍ في داخلِ أمةٍ, وهذا الإستحداثُ لا يشابهُ إستحداثَ دينٍ جديدٍ مطلقاً, فللعربي أن ينتحلَ أيَّ عقيدةٍ يشاءُ, بينمَا تبقى يدهُ على الأرضِ, لأنَّ الإنتماءَ لهَا إنتماءً قومياً لا دينياً !!!
#وفي_نفسِ_الوقتِ :
لا جدوى مِن البحثِ في أصولِ الغةِ على الإطلاقِ, فحتى لو أثبتنَا آشوريةِ اللغةِ للمشرقِ العربيي, وأمازيغيةِ المغربِ, وعبريةَ جزءً مِن الوسطِ, فهذا لا يعني أنَّ التعدديةَ تبقى على ثباتِهَا بعدَ ذلكَ, وعلى أساسِ التعدديةِ تثبتْ عندنَا تبعيةِ الأرضِ, لانَّ العربَ كمَا بينَا عربٌ عاربةٌ ومستعربةٌ, وطبيعةُ اللغاتِ تتغيرُ وتنشأ وتموتُ, وأمَا بقاءُ بعضُ الكلماتِ لا تُثبتُ تبعيةَ الأرضِ, بل أنَّ الأحفورياتِ والتنقيبَ عن بعضِ المخطوطاتِ والنقوشِ, لا يُثبتُ غيرَ أنَّ أصحابَ اللغةِ كانوا قاطنينَ في هذهِ البقعةِ, ولا يُمكن جرهَا الى أكثرِ مِن تلكَ البقعةِ, إلا على نحو التنظيرِ والإحتمالِ والذينِ لا يُمكنُ أن يرتقيانِ الى مُستوى المطالبةِ بالأرضِ وحقِ إسترجاعِهَا في غيرِ الأبحاثِ وبطونِ الكتبِ ...
وبالتأكيدِ أنَّ اللغةَ العربيةَ هي مِن أفصحِ وأيسرِاللغاتِ على مُستوى اللغاتِ التي شهدتهَا الأرضُ منذُ خَلْقِ الإنسانِ, حتى على مُستوى الإشتقاقِ, وهذا مَا يُفسرُ سرَ إنتشارهَا وإتقانِهَا مِن قبلِ الغيرِ في تلكَ العصورِ السحيقةِ, قبلَ أن يَكُونَ للعربِ شوكةٌ لنقلِ لغتِهِم بغيرِ التجارةِ والترابطِ بينَ الحضاراتِ !!!
#لذا :
فإنَّ إنتهاءَ اللغةِ الأمازيغيةِ أو مَا يرجعُ إليهَا, وبقاءُ أهلِهَا في نفسِ أرضِ الأجدادِ, لا يُعطي الحقَ لَهُم للمطالبةِ بإنشاءِ أمةً أمازيغيةً بعدَ إندثارِهَا, كمَا لا يُمكنُ للعبريينَ اليهودِ أن يُطالبوا أن تُنشأ لهُم أرضٌ لِيَقيموا عليهَا بدايةَ تكونَ أمةً عبريةً أيضاً, لأنَّ المُجتمعاتِهِم إنتحلتْ اللغاتِ الأسهلَ والأفصحَ على لِسانِهَا وفَهمِهَا, وأصبحوا بعدَ ذلكَ مِن المُستعربةِ, وهذا الإستعرابُ جاءَ عبراً للعصورِ, وليسَ نتيجةً للتغيراتِ السياسيةِ والعسكريةِ, بل هو مِن طبائعِ اللغاتِ في المنشأ والإندثارِ, كمَا حصلَ مع اللغاتِ المصريةِ والعراقيةِ وحضاراتِهِمَا في الأزمانِ السحيقةِ, ولم يبقى مِن تلكَ اللغاتِ إلا مَا يدلُ على وجودِهَا فقط ...
#لذلكَ :
يَنْبَغي للجميعِ الإلتفاتِ, أنَّ قضيةَ إنشاءِ وإعادةِ تأهيلِ الأمةِ بعدَ إندثارِهَا, أو المُطالبةَ بتشكيلِهَا بعدَ أن يتجاذبَ الأفرادَ مِن نفسِ اللغةِ ليكونوا شعباً ومُجتمعاً, لَم تحصلْ عبرَ العصورِ مطلقاً, وهذا مَا يُفسرُ وجودَ القومياتِ الأخرى في داخلِ الأمةِ العربيةِ مثلاً, لأنَّ التنقلَ بينَ المملكاتِ السياسيةِ مِن قبلِ الأغرابِ كانَ ممكناً للجميعِ, حتى مِن كانَ خارجَ تلكَ الأمةِ, بسببِ طلبِ العيشِ, والبحثِ عن التوسعةِ والإسترزاقِ, والهربِ مِن الظلمِ والمرضِ, كُلُهَا عواملٌ مكنتْ حصولَ الهجرةِ الى البلادِ الأخرى مِن القومياتِ الأخرى, وبسببِ طبيعةِ الإنسانِ وفطرتهِ وركونهِ الى التجمعِ الى بني قومهِ وقوميتهِ, نشأتْ مَا يُعرفُ بقوميةٍ داخلَ قوميةٍ أخرى, وإلا لا سبيلَ يُمكن أن نَركنَ إليهِ مِن تداخلِ القومياتِ ببعضِهَا, دونَ حدوثِ إنصهارٍ فيمَا بينَهَا ...
بل إنَّ حتى البقاءِ والسماحِ بتكونِ بعضِ القومياتِ المصغرةِ مِن قبلِ الدولِ السابقةِ, يُنبؤنَا بأنَّ هنالكَ لا خطرَ في تَشكلِ هكذا قومياتٍ المصغرةِ في القوميةِ الكبيرةِ, بل إنَّ كيانَ الدولةِ قائمٌ على أساسِ التعدديةِ القوميةِ, بل والسماحِ بوجودِهَا, لأنَّ الدولةُ تسمحُ بنشوءِ أيِّ شيءٍ ممكن أن يثري الدولةَ ويتحفهَا في أي مجالٍ مِن المجالاتِ, فكمَا لا غنى في الدولِ الصناعيةِ الكبرى عن الفلاحِ والزراعةِ, كمَا لا تستنغني نفسهَا عن بدو الصحارى والجبالِ -الكُرد-, لأنَّ التعدديةَ القوميةَ واللغويةَ والسكانيةَ, تُثري وتوفرُ المادةَ الخامَ في مجالاتِ الحياةِ عامةً, كالزراعةِ والصناعةِ والتكنلوجيا ...
وهذا أحدُ الأسبابِ التي ترى أنَّ الطبقيةَ والتعدديةَ في إقتصادياتِ المجتمعاتِ المتمدنةِ والمتحضرةِ, بل وهذا أحدُ الأسبابِ التي نشأتْ عليهَا الأفكارُ الرأسمَاليةِ, لأنَّ كمَا وفرتْ الرأسماليةُ الحقَ لإمتلاكِ الطبيعةِ مِن قبلِ رؤوسِ الأموالِ, فإنَّهَا وفرتْ حقَ إسترقاقِ الناسِ بطرقٍ أخرى لا تتعارضُ مع جريمةِ الإسترقاقِ والعبوديةِ عندَهُم, لأنَّهُم يعتبرونَ وجودَ القومياتِ في بلادِهِم كوجودِ ذوي الدخلِ المحدودِ, لأنَّهُم يوفرونَ مَا لايتمكن مالكو الرؤوسِ الماليةِ مِن توفيرهِ !!!
#فبالتأكيدِ :
إذا كانَ السماحُ لنشوءِ القومياتِ المصغرةِ على أراضي الدولةِ لا يُدي الى إثارةِ القلاقلِ والفتنِ, فضلاً عن إحتماليةِ إقتسامِ الملكِ والدولةِ مع المالكينَ الأصليينَ مِن الناسِ, فلا بأسَ بالسماحِ لَهُم, بل والتمكينَ لهُم مِن خدمةِ الدولةِ مِن خلالِ التمكينَ مِن تعميقِ الهجرةِ الى بلادِ العربِ والمسلمينَ مثلاً, وأمَا مع إحتماليةِ أن تُثيرُ موجاتُ النزوحِ والهجرةِ الإقتصاديةِ والأمنيةِ والصحيةِ أي مخاوفِ مِن أثارةِ القلاقلِ والفتنِ, أسواءِ كانتْ إقتصاديةً أو أمنيةً أو سياسيةً ولو على نحو البعيدِ, فبالتأكيدِ أنَّ ليسَ مِن صالحِ الدولةِ أن تسمحَ لهكذا عملياتِ نزوحٍ وهجرةٍ تؤدي الى تكوينِ مستعمراتٍ وتجمعاتٍ ممكنُ أن تؤدي الى تولدِ البذرةِ الأولى الى نشوءِ القوميةِ ولو في المستقبلِ غيرِ المنظورِ !!!
ولهذا قد لاحظنَا في السنواتِ الخمسِ الماضيةِ كيفَ بدأتْ الدولُ تنزعجُ وتتوعكُ مِن عملياتِ الهجرةِ والنزوحِ غيرِ المنضبطةِ والمحددةِ, لأنَّ إحتماليةَ نشوءِ تغيراتٍ ديموغرافيةِ بالمستقبلِ القريبِ, لذا نلاحظُ كيفَ تغيرتْ الإجراءاتُ على صعيدِ الإتحادِ الأوربي -المُشجعُ على إستقبالِ اللاجئينَ- مِن السماحِ بالإقامةِ الدائمةِ والمواطنةِ الى الإقامةِ المحددةِ والمرهونةِ زمنياً وبالظروفِ الراهنةِ مِن البلدِ المنزوحِ منهُ, لأنَّ هذهِ الموجاتِ ستوفرَ حقوقاً وواجباتٍ لا تتمكنُ الدولةُ مِن التغاضي عنهَا, كمَا حصلَ في الدولةِ الفرنسيةِ التي شكلَ العربُ على أراضيِهِم ثلثَ السكانِ الأصليينَ, مَا جعلهُم قادرينَ على تشكيلَ قوميةٍ عربيةٍ في فرنسا !!!
وبالمقابلِ لاحظنَا الغضبَ العرامَ مِن قبلِ إدارةِ الرئيسِ الأميركي دونالد ترامب إتجاهَ قضيةَ اللجوءِ والسفرِ والإقامةِ, حتى وصلَ بهِ الحالِ الى إحتماليةِ تهجيرِ الكثيرِ مِن الأميركيينَ مِن أبوينَ غيرِ أميركيينَ !!!
وكلُّ هذهِ المخاوفِ مخاوفٌ مِن تشكلِ جالياتٍ غيرِ اصليةٍ قبالَ تلكَ الموجودةِ اصلاً على تلكَ الأرضِ, التي يُمكن ان تشتركَ في القراراتِ السياسيةِ وتشكيلِ الحكوماتِ وصولاً الى المطالبةِ بالإستقلالِ وحقِ تقريرِ المصيرِ, وهذا الخطرُ خطرٌ حقيقيٌ يوازي ويزيدُ على الخطرِ الأمني الذي يُمكن السيطرةُ عليهِ !!!
#إذن :
هنالكَ فرقٌ كبيرٌ بينَ السماحِ لوفودِ وإقبالِ الجالياتِ بينَ السابقِ والحاضرِ, بل هنالكَ فرقٌ بينَ السماحِ بالهجرةِ قبلَ وبعدَ تشكلِ الكيانِ الصهيوني في قلبِ الأمةِ العربيةِ, حيثُ أنَّ أو قوميةٍ عبرَ التأريخِ سُمِحَ لهَا أن تُنشأ دولةً ذاتَ قوميةٍ في أرضِ قوميةٍ أخرى !!!
وهذا الوجودُ اليتيمِ للقوميةِ العبريةِ سكونُ مهدداً بالخطرِ والتفككِ ولو بعدَ حينٍ, لذا لابدَ مِن السماحِ لهُ بالإضفاءِ شيءٍ مِن الشرعيةِ والأمنِ والممانعةِ, مِن خلالِ السماحِ لبعضِ القومياتِ الأخرى غيرِ العربيةِ أن تُشكلَ بلداناً على أساسِ قومياتِهَا على الأراضي العربيةِ, تحتَ مسمياتٍ كثيرةٍ كحقِ تقريرِ المصيرِ, والحفاظِ على الأقلياتِ الإثنيةِ والعرقيةِ والقوميةِ !!!
وبالتالي فإنَّ إقامةَ دولةٍ كُرديةٍ على الأراضي العربيةِ العراقيةِ, سوفَ يُشكلُ سداً منيعاً للدولةِ الصهيونيةِ في فلسطينَ, مِن خلالِ تشكيلِ تحالفاتٍ تحمي الأقلياتِ في الأراضي العربيةِ, بل وأنَّ البابَ سوفَ لا يُغلقُ بتشكيلِ دولةٍ كُرديةٍ فقط, بل البابُ سوفَ يُفتحُ على مصراعيهِ لجميعِ الأقلياتِ, والتي يُمكن أن تسوقُ لنفسهَا قوميةً مستقلةً, كالأمازيغِ في دولِ المغربِ العربي, بل والأقباطِ فيي مصرِ, كلُّ هذهِ الملفاتِ سوفَ تتفجرُ تباعاً بعدَ إعلانِ إقليمِ كُردِستانِ إستقلالهُم !!!
وِمن هنَا عرفنَا سببَ تحمسِ الصهاينةِ لإجراءِ الإستفتاءِ في موعدهِ المقررِ, متجاهلةً كلَّ الأصواتِ الأمميةِ برفضهِ ولو في الوقتِ الحالي ...
#وفي_نفسِ_الوقتِ :
ليسَ مِن الصالحِ العربي والإقليمي العراقي أن يُراهنَ على مَا يُعرفُ بالرفضِ الأممي وعدمِ الشرعيةِ الأمميةِ لدولةِ الكُرديةِ المُرتقبةِ, لأنَّ الشرعيةَ الأمييةَ يُمكن أن تتغيرَ بتغيرِ الرئاساتِ, لأنَّ أصلَ تقريرِ المصيرِ ليسَ ممنوعاً قانونياً بمقدارِ منعهِ سياسياً, وبمَا أنَّ السياساتِ تتبدلُ بتبدلِ الرؤساءِ, لذا فليسَ مِن العقلِ ولا مِن الحكمةِ أن يُعولَ الكثيرُ مِن ساسةِ العربِ والإقليمِ الغعراقي على الشرعيةِ الدوليةِ ...
وإذا كانتْ هذهِ القضيةُ واضحةً بالنسبةِ لدولِ الإقليمِ العراقي, ولم يعولوا على الشرعيةِ التي تتبدلُ وتتغيرُ بتغيرِ الرؤساءِ في الدولِ العظمى, فبالتأكيدِ سوفَ يعملونَ على تقويضِ هذهِ الدولةِ قبلَ أن تنشأ, ويحاولونَ إنهاءَ وجودِهَا مِن الأساسِ, بعتبارهَا مهددةً للأمنِ القومي لبلادِ الجوارِ الذينَ يملكونَ الملايينَ مِن الكُردِ الذينَ يُمكن أن يطالبوا بالحكمِ الذاتي بعدَ كم سنة مِن عملياتِ عسكريةِ وأمنيةٍ, وسفَ يجدونَ مَن ينطقُ بإسمهِم ولغتِهِم وينقلُ معاناتِهِم الى الخارجِ !!!
طبعاً أنا أتحدثُ عن بلادٍ محيطةٍ بالشمالِ العراقي, والتي تملكُ باعاً طويلاً في إبتلاعِ أممٍ وشعوبٍ بكاملِهَا, وبالتالي مِن الصعوبةِ أن يسمحونَ أن تتشكلَ على أعتابِ بلدانِهِم دولةٌ بالعنوانِ القومي وليسَ العربي !!!
#وهنا_لابدَ _مِن_أن_تفهمَ :
أنَّ هنالكَ فرقٌ كبيرٌ بينَ أن تقررَ البلادُ مصيرهَا بالإنفصالِ على أساسٍ قومي أو سياسي, فالفرقُ بينَ الإنفصالينِ كبيرينِ جداً, ولا وجةَ للمقارنةِ بينهُمَا مطلقاً ...
فمثلاً أن الجبهةَ الشعبيةَ لتحريرِ الساقيةِ الحمراءِ ووادي الذهبِ أو ما تُعرفُ بِــ (البوليساريو) تريدُ الإنفصالَ بالصحراءِ الغربيةِ عن المملكةِ المغربيةِ, ولكنَ هذا الإنفصالَ إنفصالٌ سياسي أو إقتصادي بامتيازٍ, حيثُ أعلنوا تشكيلَ الدولةِ بِمسمى (الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية), بالرغمِ مِن تشكلِ هذهِ الدولةِ نتيجةً للهجرةِ مِن جميعِ قصاعِ شمالِ أفريقيا وتعمدُ التغييرِ الديموغرافي مِن قبلِ الإحتلالِ الروماني للبلادِ ...
بخلافِ إنفصالِ إقليمِ كُردِستانِ العراقِ, وإعلانِهِم دولةً مُستقلةً, فإنَّ هذهِ الإعلانَ إعلانٌ قومي شعوبي, والذي يستلزمُ في الغالبِ التوسعِ وتمددِ النفوذِ بعدَ ذلكَ, لأنَّ الدولَ الفتيةَ تحتاجُ الى مواردٍ بشريةٍ كبيرةٍ تتناسبُ مع إعلانِ وبقاءِ الدولةِ, لتشكيلِ المؤسساتِ العسكريةِ والصناعيةِ والزراعيةِ, لذا تعملُ في سنواتِهَا الأولى الى تشجيعِ الهجرةِ إليهَا مِن باقي البلادِ المجاورةِ والعالمِ عموماً, كمَا فعلتْ الحكومةُ الصهيونيةُ في بدايةِ نشوئِهَا, حيثُ إستقطبتْ يهودَ العالمِ العربي والأوربي والأفريقي, وشجعتْ الهجرةَ إليهَا ...
وبعدَ أن تكتملَ أركانُ الدولةِ سياسياً وعسكرياً وإقتصادياً, ستعملُ على توسعةِ نفوذهَا والتمددِ لقضمِ الأراضي القريبةِ مِنهَا, ولهذهِ التوسعةِ عدةِ طرائقٍ تتناسبُ مع مُتطلباتِ المرحلةِ الشاخصةِ لِرسامِ السياسةِ التوسعيةِ ...
ومِن هنَا تخشى دولُ الجوارُ مِن تشكلِ هذهِ الدولةِ على حدودِهَا, لأنَّ قوميةَ الدولةِ عاملٌ مهمٌ جداً في إثارةِ القلاقلِ على الحدودِ المجاورةِ لهَا, وهذهِ القلاقلُ لا يُمكن عدمُ إفتراضِهَا, بل هي ناتجٌ طبيعيٌ مِن تشكيلِ الدولِ على أساسي القومياتِ والإثنياتِ والأديانِ !!!
#وهنَا :
نعرفُ دورَ الحكومةِ العراقيةِ مِن خلالِ الإختلافِ مع الإقليمِ في مسألةِ الإستفتاءِ حولَ ضَمِ محافظةِ كركوكَ فقط, وكأنَّ الحكومةَ تُوحي للمقابلِ والعالمِ أنَّ كركوكَ عربيةٌ لا يُمكن أن تدخلَ في الإستفتاءِ, بينمَا يجبُ أن تكونَ المُمَا نعةُ ممانعةً كليةً بالنسبةِ لباقي الإقليمِ, لأنَّ المحافظاتِ في الإقليمِ لا تفترقُ عنهَا في باقي العراقِ !!!
وهنَا نفهُم أنَّ الممانعةَ إيرانيةٌ بامتيازٍ, لأنَّ ضَمَ كركوكَ الى الإقليمِ مع إجراءِ الإنفصالِ لهَا جميعاً, سَيُأسسُ أركانَ الدولةِ الكاملةِ منذُ البدء, حيثُ الجانبُ الإقتصادي الكبيرِ ممَا ستوفرهُ محافظةُ كركوكٍ, سيبلورُ قدرةٍ عسكريةٍ كبيرةٍ جداً وبغضونِ سنواتٍ قليلةٍ جداً, كَمَا حصلَ مع دولةِ إسرائيلَ, حيثُ إستطاعتْ بعدَ قرابةِ تسعِ عشرةِ سنةٍ أن تُلحقَ خسارةً لَم تحصلَ في التأريخِ مطلقاً وفي أقوى جيوشِ المنطقةِ, حيثُ بغضونِ ستةِ أيامٍ سقطَ الجيشُ المصري والسوري والأردني والعراقي واللبناني, وبالرغمِ مِن دعمِ ثمانِ دولٍ لهَا, وهو مَا عُرِفَ بنكسةِ حزيرانَ عامَ 1967, أو بحربِ الأيامِ الستِ !!!
كذلكَ الحالُ مع إقليمِ كُردستانِ العراقِ, فإنَّ المطالبةَ العراقيةِ بعدمِ إشراكِ كركوكَ ضمنَ الإستفتاءِ, يُبينَ أنَّ الخوفَ مِن الدولةِ الكُرديةِ خوفاً غيرُ عراقي ولا عربي, لأنَّ التوسعةَ ستكونُ فقط على حسابِ المناطقِ المتنازعِ عليهَا عراقياً, قياساً بالتوسعةِ والتمددِ على حسابِ الجارتينِ التركيةِ والإيرانيةِ !!!
ولذلكَ حتى الصوت السياسي العراقي المطالبِ بإلغاءِ الإستفتاءِ الكُردي, هو صوتٌ إيرانيٌ متناسباً مع الرغبةِ التركيا, لأنَّ عواملَ التقسيمِ العراقي كانتْ شاخصةً منذُ البدايةِ وشاخصةً للعيانِ, بل فقط لَم تحصلْ عمليةُ الفيدرالياتِ ولا الدويلاتِ على أرضِ الواقعِ !!!
#ولكن_يبقى_التساؤلُ_الشاخصُ :
عن سببِ ممانعةِ الجانبِ الأميركي لمسألةِ الإستفتاءِ ولو في الوقتِ الحالي, بالرغمِ مِن رغبتِهَا بتقسمِ العراقِ والبلادِ العربيةِ كافة ؟!!
وفي الحقيقةِ أنَّ الرغبةَ الأميركيةَ في تأجيلِ إستفتاءِ إقليمِ كُردستانِ, مجردُ رغبةٍ سياسيةٍ فقط, وهذهِ الرغبةُ تنسجمُ مع مُتطلباتِ المرحلةِ الحاليةِ, أي أنَّ مسألةَ الإستفتاءِ مرغوبةً أميركياً, ولكن الخلافَ في التوقيتِ فقط, لذا لا ينبغي مطلقاً التعويلُ على الرفضِ الأميركي لهذا الإستفتاءِ, أي حتى لو حصلَ الإستفتاءِ في غيابِ الرغبةِ الأمميةِ حالياً, سيكونُ مقبولاً في الفترةِ اللاحاقةِ مباشرةً, وبالتالي سيتمُ الموافقةُ الأمميةُ على عضويةِ دولةِ كردستانَ في أروقةِ الأممِ المتحدةِ كعضوٍ فيهَا, وعندهَا سيكونُ لهذهِ الدويلةُ المتعطشةُ للتوسعِ صوتاً مسموعاً أممياً, ولهَا حقوقٌ وعليهَا واجباتٌ !!!
وإنَّ سببَ هذهِ الرغبةِ -الرافضةُ- هو أن تدخلَ المنطقةِ في صراعٍ وتجاذباتٍ تُغيرُ الحساباتِ الأميركيةِ فيهَا, لأنَّهَا مسألةٌ قوميةٌ لبعضِ الدولِ المجاورةِ, والتي يُمكن أن تتحركَ عسكرياً دونَ إشعارِ المجتمعِ الدولي بذلكَ, لأنَّ المسائلَ القميةَ لا يُرجعُ بهَا الى مجلسِ الأمنِ, بل هي بمثابةِ الدفاعِ عن النفسِ الذي لا يجرمهُ القانونُ الدولي !!!
وبالخصوصِ أنَّ أميركا بدأتْ وبشكلٍ واضحٍ الى العملِ على تأسيسِ الحلمِ الكُردي في المشرقِ العربي, حيثُ مَا تفعلهُ مِن دعمِ للقواتِ الكُردستانيةِ السوريةِ واضحٌ للعيانِ, فإنَّ إنشاءَ منطقةٍ كُرديةِ في سوريا, والمنطقةُ المُنشأةُ في الأصلِ في شمالِ العراقِ, لهو نصفُ حلمِ الكُردِ مِن إنشاءِ دولَتِهِم الفيدراليةِ القوميةِ في شمال العراقِ وسوريا وإيران وجنوبِ تركيا !!!
لذا فإنَّ التعويلَ على عدمِ الرغبةِ الأميركيةِ للإستفتاءِ, تعويلٌ غبيٌ جداً, لأنَّ أميركا ماضيةٌ في تأسيسِ هذهِ الدولةِ منذُ زمنٍ طويلٍ ...
#وهنَا :
أرغبُ القولَ مَا أكدنَا عليهِ سابقاً : (مِن أن العملَ المستعجلِ لتحريرِ الموصلِ وبهذهِ الكيفيةِ والطريقةِ, سوفَ يجرُ الويلاتِ تلو الويلاتِ على المنطقةِ برمتِهَا وبغضونِ أيامٍ, بآنَ شاخصاً للعيانِ غيرِ المتخصصينَ حتى !!!) ...
فلا زالتْ راياتُ التحريرِ والإحتفالاتِ التي عُلِقَتْ إبتهاجاً بتحريرِ (وذبحِ) الموصلِ بطريقةٍ مستعجلةٍ, ها قد ظهرتْ فتنُ الدولِ والأقطارِ, بدلاً مِن فتنةِ العصاباتِ الأرهابيةِ ودولتِهِم المزهومةِ -داعش- ...
فبعدَ أن قضينَا على التنظيمِ وأنهينَا وجودهُ في الموصلِ, بعدَ أن تبرعَ بهَا المنافقونَ والخونةُ لتنفيذِ مخططٍ يحسبونَ أنَّهُم يحسنونَ صنعهُ, بتنَا على مشارفِ خسارةِ أربعِ محافظاتِ عراقيةِ (دهوك, أربيل, السليمانية, كركوك), ومِن قبلهَا (الموصل, صلاحُ الدين, الأنبار, ديالى) !!!
فبعدَ أن تسابقتْ الأصواتُ في المطالبةِ لتحريرِ الموصلِ, سوفَ تتسابقُ الأصواتُ في بيانِ غباءِ وهمجيةِ الطريقةِ التي حُررَتْ بهَا الموصلِ, وكانَ مِن اللازمِ أن تُبْقي بالكثيرِ مِن فلولهَا بإتجاهِ تلكَ الحدودِ المطالبةِ بالإستقلالِ, حتى تعرفَ معنى البقاءِ العراقِ موحداً, وحتى تعرفَ معنى الدماءِ الذينَ ذهيتْ هباءاً منثوراً لتحقيقِ سياساتٍ ليسَ للوطنِ ولا لوحدتهِ ومقدساتهِ ولا لسلمهِ الأهلي شيء, بل أنَّ ما حصلَ فقط عمليةُ إعدامٍ جماعي للشبابِ والمقدراتِ العراقيةِ, تمهيداً لإستقلالِ المنطقةِ الفلانيةِ والتهديدِ للدولِ الفلانيةِ !!!
#وأحبُ :
أن أتمثلَ بأبياتِ الجواهري التي قالهَا في الإمامِ الحسينِ بنِ علي بنِ أبي طالبٍ (عليهِم الصلاةُ والسلامُ), ولكن أهديهَا للعراقِ أرضِ الأنبياءِ وشعبِ الأوصياءِ, لأنَّهَا الصورةَ التي سنرى بهَا العراقَ بعدَ ذلكَ, مِن خنوعٍ وقتلٍ وتضيعِ للأرضِ والمالِ والشعبِ, وبمستوى الذي لا يخطرُ على بالٍ, ونسألَ اللهُ تعالى لنَا ولكُم الخلاصَ بِمَن لا تُردُ لهُ رايةٌ, ولا يُرْجَعُ الى مَسامعهِ أمرٌ :
وَخِلْتُ وقد طارتِ الذكرياتُ بِروحي إلى عَالَـمٍ أرْفَـعِ
وطُفْتُ بقبرِكَ طَوْفَ الخَيَالِ بصومعـةِ المُلْهَـمِ المُبْـدِعِ
كأنَّ يَدَاً مِنْ وَرَاءِ الضَّرِيحِ حمراءَ " مَبْتُـورَةَ الإصْبَـعِ"
تَمُدُّ إلى عَالَـمٍ بالخُنُـوعِ وَالضَّيْـمِ ذي شَرَقٍ مُتْـرَعِ
تَخَبَّطَ في غابـةٍ أطْبَقَـتْ على مُذْئِبٍ منـه أو مُسْبِـعِ
لِتُبْدِلَ منهُ جَدِيـبَ الضَّمِيرِ بآخَـرَ مُعْشَوْشِـبٍ مُمْـرِعِ
وتدفعَ هذي النفوسَ الصغارَ خوفـاً إلى حَـرَمٍ أَمْنَـعِ
#وأسألكُم_الدعاءَ