الأحد، 15 يناير 2017

إنْشَاءُ المَنَاطقِ العَازِلَةِ بَيْنَ حُلْمِ الأغْلَبِيَةِ وصَرَامَةِ حَقِ الفِيْتُو :
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,(الدكتور مهند جاسم الحسيني
#الحلقةُ_الأولى :
ليسَ مِن العقلِ أن نكونَ أنصافَ مُتعلمينَ, لأنَّ أنصافَ المتعلمينَ يستعينونَ بمَا عرفوا على البسطاءِ مِن الناسِ, حتى يحسبهُم الجاهلونَ أنَّهُم مِن العلماءِ, ومِمَن تنتهي إليهِم خيوطِ المسائلِ !!!
بينَمَا أنَّ نفسَ هؤلاءِ الأنصافِ يستعينونَ بالعنادِ والتعصبِ والجهلِ والنفاقِ على العارفينَ بحقيقةِ الأمورِ مِن العلماءِ, لأنَّهُم يتكئونَ على بعضِ المعطياتِ ليتوصلوا الى ما جَهَلُوهُ من باقي المسائلِ !!!

وبالتالي تجدَ العلماءِ الحقيقيينَ يقولونَ : (لا أعلم) و (لا علمَ لنَا), بينما أنصافُ المتعلمينَ يُجيبونَ عن أيِّ سؤالٍ يُطرحُ لهُم بطرقةِ الإرتجالِ, لا لأنهُم عارفونَ, بل لأنَّ هَمَّهُم أن يُحافظوا على الصدارةِ الزائفةِ والبريقِ الكاذبِ والسمعةِ الخبيثةِ في قلوبِ أهلِ الجهلِ مِن العوامِ, لذا تراهُم أكثرَ الناسِ صيتاً, وأوسعَهُم سمعةً, وأرفعَهُم منزلةً, لكن بينَ أهلِ الجهلِ والغباءِ مِن الشعوبِ !!!

ولذا تَرونَّ أننَا نسعى دوماً الى بناءِ جِيلٍ مِن أولئكَ العارفينَ والمُطلعينَ على حقائِقِ الأمورِ, مِن خلالِ كثرةِ التطرحِ وتعددِ الأسلوبِ, وتقديمِ المواضيعِ على شكلِ حلقاتٍ, لتتحققْ تلكَ الغايةُ النبيلةُ مِن الوصولِ الى هذا الجيلِ وتخرجِهِم على يدِ أبسطِ المناهجِ الدراسةِ تكلفةً وأوضعِ المدارسِ تشيداً, ألا وهي هذهِ الصفحاتُ التي سيتخرجُ مِنهَا الكمُ الغفيرُ مِمَن يلوكونَ السياسةِ بقواطعِ الأسنانِ ...

وإنَّ إبرازَ هذا الجِيلَ مِن المثقفينَ والعارفينَ سيعينوننَا بالتأكيدِ على مُحاربةِ أولئكَ الأكثرِ شعبيةً, والأكثرِ وزناً, مُخَلِصِينَ العددِ الكبيرِ والكمِ الغفيرِ مِن أولئكَ المغررِ بهِم, ليشربوا مِن غدائرٍ يَعذبُ أموائُهَا, ويأكلُوا مِن موائدٍ يتعددُ طَعامُهَا, لا لشيءٍ إلا وللهِ تعالى فيهِ وجهَا, والإ بتغاءِ إليهِ قرباً ...

#والآن :
أينَ أولئكَ السوربونيونَ كذباً, والباحثونَ بالمراكزِ الأميركيةِ دجلاً, والحاصلونَ على شهاداتٍ مِن أعرقِ الجامعاتِ نفاقاً, لماذا لم يستعينوا بمَا عرفوهُ على فَهم الأمورِ وتوضيحِهَا الى البسطاءِ مِن الناسِ والمتابعينَ, لِمَ خرستْ ألسُنَتُهُم أمامَ أمهاتِ مسائلِ السياسةِ, وضعفتْ أحلامُهُم بإدراكِ ما يَرومَهُ أهلُ الكِياسةِ, أليسَ هذهِ الأقربُ الى تخصصهِم كمَا كَذَبوا على مُتابعي صفحَتِهِم ...

#ولذا :
أكررُ مراراً وتكراراً أن تدعُ كلَّ أولئكَ البسطاءِ مِن الناسِ أن يتركوا غَثَ مَا أوهَمَوهُم بسمنهِ, ويتخلوا عَن واضحِ كذبهِ, وإلا لا يحسبونَ أنفُسَهُم على بني البشرِ في شيءٍ, لأنَّهُم هجروا الحقيقةِ والبرهانَ, وقصدوا الوضاعةِ والحرمانَ, حتى لَم يأنسْ أمثالُنَا بإلتحاقِ أمثالِهِم, ولا يَحزن أصحابُنَا بخروجِ أضعافِهِم ...

 وِمن هنا دعتنَا الحاجةُ الى أن نطيلَ الحديثَ, في أغلبِ ما نَرومَ إصالهُ الى الأحبةِ والأعزةِ مِن القراءِ والمتابعينَ, مِن أن نُلحقَ بعدَ الحلقةِ بحلقةٍ وحلقاتٍ, حتى نكشفَ لهُم الكثيرَ مِن متلابساتِ الأحداثِ, ولكي لا يُحسبُ أحدهُم على أنصافِ المتعلمينَ, بل على العلماءِ والعارفينَ والمطلعينَ ...
ومِن هنَا سَنَتَدَرَجُ في طريقةِ الطريحِ وبطريقةٍ مبسطةٍ حتى يتسنَ للكلِّ تقريباً الفهمُ إن شاءَ الله  تعالى, مبتدئينَ بشرحِ 
#المنطقةِ_العازلةِ :
وهي بريةٌ تحددهَا الأممُ المتحدةُ, أو المعنيونَ المباشرونَ لِعَزلِهَا عسكرياً وبشكلٍ كاملٍ أرضاً وجواً وبحراً مِن مناطقِ الصراعِ, حيثُ تُهَيأ الى إستقبالِ المواطنينَ المهجرينَ والنازحينَ مِن أماكنِ النزاعِ المُسلحِ في المنطقةِ ...

وهنا يَردُ سؤالاً مهماً جداً :
إذا كانَ الهدفُ مِن إنشاءِ المناطقِ العازلةِ هو الهدفُ المدني, إذن لماذا يَخضعُ إقرارُهَا الى تصويتِ مجلسِ الأمنِ الدولي, وإحتمالِ إجهاضِ إقرارهِ بالفيتو ؟!!
لأنَّ الأهدافَ المعلنةِ للمناطقِ العازلةِ وإن كانتْ مدنيةً, ولكن مِن ورائِهَا أهدافٌ سياسيةٌ وعسكريةٌ بإمتيازٍ, وهذا يتنافى مع المصالحِ المُشتركةِ مع الحكومةِ ذاتِ السيادةِ على الإقليمِ ...

فإقرارُ قانونَ المنطقةِ العازلةِ في شمالِ سوريا مثلاً, هو مخالفٌ الى مبدءِ السيادةِ الكاملةِ على الأرضِ, وهذا المبدءُ هو أحدُ مُقوماتِ الدولةِ التي شرحناهَا سابقاً : (https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=1771713929771677&id=100007992601410), إذن للحكومةِ السوريةِ حقُ الرفضِ لتشريعِ هكذا قرارٍ  ...

ولكن أمرَ الرفضِ هذا أمرٌ أمميٌ لايُمكن السماعُ لهُ إلا مِن خلالِ مجلسِ الأمنِ, وهذا المجلسُ لا يحتوي على مقعدٍ للحكومةِ السوريةِ في هذهِ الدورةِ ولا في الدوراتِ الأمميةِ القادمةِ, لذا فأمرُ الرفضِ لا يتمُ مِن خلالِ رفضِ القرارِ الأممي ...

لذا ليسَ للحكومةِ السوريةِ إلا أن ترفعَ شكوى الى الأممِ المتحدةِ, أنَّ تشريعَ هذا القرارَ يُناقضُ حقَ السلطةِ السوريةِ من ممارسةِ سيادتِهَا على كاملِ الأراضي السوريةِ, وما للحكومةِ السوريةِ إلا إنتظارِ النتيجةِ لهذهِ الشكوى ...

ولكن إنَّ رفعَ الحكومةِ السوريةِ لهكذا شكوى سيجعلَ البابَ مفتحاً على مُصراعيهِ لِممارسةِ حقِ الفيتو -الإجهاضُ- مِن قبلِ دولتينِ دائمتي العضويةِ في مجلسِ الأمنِ, همَا روسيا الإتحاديةِ والصينِ, وإن كانَ صوتُ أحدهِمَا كافياً في عمليةِ إجهاضِ القرارِ ...

#لأنَّهُ ...
مِن المعلومِ جيداً أنَّ مجلسَ الأمنِ الدولي بهذهِ التركيبةِ, يخالفُ مخالفةً صريحةً لمعاييرِ الديمقراطيةِ التي دعتْ إليهَا الدولُ الديمقراطيةُ في العالمِ, لأنَّ المبدءَ الديمقراطي يُبنى على أساسِ التصويتِ, وأخذِ أصواتِ الأكثريةِ, بينمَا ما يجري في مجلسِ الأمنِ هو مخالفةٌ صرحةٌ لهذا المبدءِ !!!

حيثُ لو عُرِضَ قرارٌ معينٌ على تصويتِ المجلسِ ذي الأعضاءِ الخمسةِ عشر, ورفضَتْ إحدى الدولِ دائمةِ العضويةِ -روسيا, الصين, فرنسا, بريطانيا, أميركا- مشروعَ القرارِ, فأنَّ صوتَهَا سَيُرَجَحُ على أغلبيةِ الأصواتِ الأربعةِ عشرِ !!!

وبالتالي أنَّ تشكيلَ وبقاءَ هكذا مجلسٍ يُعتبرُ مُعرقلاً وبشكلٍ تامٍ لأيِّ تحركٍ أممي, وهكذا أستطاعتْ أميركا أن تُجهضَ التصويتَ على مشروعِ قرارٍ يُدينَ الكيانِ الصهيوني بإستخدامهِ القوةِ المفرطةِ أبانِ حربي تموزٍ على لبنانِ عامِ 2006, وعلى غزةٍ عامِ  2008, كمَا أجهضتْ روسيا والصينُ مجتمعتينِ مشروعَ قرارِ تجريمَ الأسدِ في حربهِ على شعبهِ, وهذا ما جعلَ المملكةِ العربيةِ السعوديةِ أن ترفضَ عضويةِ المجلسِ عام 2013, بحجةِ أنَّ العضويةِ فيهِ لا قيمةِ لهَا أبداً, ولا قيمةَ لهكذا مجلسٍ أبداً, الذي لم يستطعْ أن يتخذَ قراراً واحداً لا ضدَ دولةِ إسرائيلَ ولا ضدَ حظرِ أسلحةِ الدمارِ الشاملِ في المنطقةِ وجعلِهَا نظيفةً, ولا ضدَ الملفِ السوري مؤخراً !!!

#وبالتالي ...
وآهمٌ جداً مَن يتوقعُ أنَّ تركيا سوفَ تتحركُ بإتجاهِ مَجلسِ الأمني لإستحصالِ هذا القرارِ, لأنَّ هذا المجلسَ معرقلٌ وبشكلٍ تامٍ لأيِّ عمليةٍ هدفُهَا إنهاءِ الصراعِ في سوريا, بل ومعرقلٌ لأيِّ تحركٍ خلافَ المصالحِ للدولِ الخمسِ, لذا فلابدَ لتركيا أن تجدَ منفذاً آخراً لإصدارِ هكذا موافقةٍ وليسَ قراراً ...

حيثُ أنَّ أمرَ إنشاءِ المناطقِ العازلةِ لا تكونَ مناطةٌ أبداً بقراراتِ مجلسِ الأمنِ, لأنَّ هذا المجلسُ أسسَ عامَ 1946 للحفاظِ على السلمِ العالمي, أي بعدَ نهايةِ الحربِ العالميةِ الثانيةِ, وبالتالي إذا كانَ إنشاءُ هكذا منطقةً يتمُ بإتفاقٍ مِن قبلِ أطرافِ النزاعِ أو المحركةِ لهَا أو المسيطرةِ عليهَا, إذن بالإمكانِ إستحصالِ هكذا منطقةً بعيدةً عن النقضِ والإجهاضِ الأممي ...

ولا يُمكن أن تستحصلَ تركيا هكذا منطقةً أبداً بالعملِ الدبلماسي البسيطِ, بل تحتاجُ الى تحركٍ عسكري كبيرٍ بحيثُ يُتفهُ أمرَ إنشاءِ هذهِ المنطقةِ عندَ أصحابِ القرارِ, فمثلاً إنَّ أحدَ الثمراتِ للتوغلِ التركي في جرابلسَ هو تمهيداً لإقرارِ هكذا مسألةٍ, لأنَّ التوسعَ الأفقي على طولِ الشريطِ الحدودي التركي السوري سيُمَهِدُ لهذهِ المنطقةِ وبطريقةٍ مُستعجلةٍ !!!

فمثلاً إنَّ عملياتِ التوغلِ التركي على الشريطِ الحدودي الشمالي لِسوريا, وبحدودِ 20km عمقاً و 500km أفقياً, إذن نحنُ نتكلمُ عن قرابةِ 10 000km مربعٍ, أي ماتعادلُ أكثرَ مِن خمسِ مناطقٍ آمنةٍ تطمحُ تركيا في إنشاءِهَا في شمالي شرقِ سوريا !!!

وبالتالي ما لو فكرتْ تركيا بطريقةٍ جديةٍ في السيطرةِ على طولِ مناطقِ سيطرةِ القواتِ الكرديةِ السوريةِ BYD, إنتقالاً مِن جرابلسَ الى عينِ العربي -كوباني- الى القامشلي الى نهايةِ شمالِ مدينةِ الحسكةِ شرقاً, والى الحلوانيةِ الى تلِ جمال الى بابِ الليمونِ الى الراعي والى نهايةِ شمالِ مدينةِ حلبٍ غرباً, فأنَّ أمرَ إعطاءِهَا الضوءَ الأخضرَ لتشكيلِ المنطقةِ العازلةِ سيكونُ ممكناً ...

لأنَّ المنطقةِ التي ستسيطرُ عليهَا تركيا ستكونُ كبيراً جداً قياساً بتلكَ التي تحلمُ بتشكيلِهَا, وبالتالي سوفَ تُسفهُ فكرةِ السيادةِ السوريةِ والتعدي على الأراضي السوريةِ التي يتمسكُ النظامُ السوري بهَا, وعندَهَا سينتقلُ التفاوضُ الى المراحلِ الأخيرةِ مِن تشكيلِ تلكَ المنطقةِ دونَ التفكيرِ بالقرارِ الأممي !!!

#ولكن ...
إنَّ التحركَ التركي على فعلِ هذا السيناريو ممكناً جداً, بعدَ أن أصبحتْ البنتَ المدللةِ لأبوينِ يتنازعانِ في عائديتِهَا لهُمَا -أميركا و روسيا-, ولكن هذا مِن الناحيةِ النظريةِ عسكرياً, لأنَّ شماعةِ القواتِ الكرديةِ بالتماسِ مع الحدودِ التركيا, سيجعلَهَا تملكُ الحقَ للحفاظِ على أمنِ الحدودِ, ولكن هذا الحقُ لا يصلُ بهِ الحالُ الى غضِ الطرفِ عن السيطرةِ على 10 000km مربعٍ مِن سوريا, وهي مساحةٌ لا يقاسُ بهَا ما سالَ اللعابُ التركي على جعلهِ منطقةً عازلةً !!!

نعم يُمكن أن تفتحَ تركيا عدةِ جبهاتٍ متفرقةٍ مِن شمالِ سوريا, كمَا حصلَ في جرابلسَ, كأن يكونَ في كوباني أو القامشلي أو في عدةِ نقاطِ تماسٍ مع الحدودِ التركيةِ عمقاً الى الداخلِ السوري, ولكن مِن الصعبِ السماحِ لهَا أن تتواجدَ قواتٍ تركيةٍ أرضيةٍ وتعملُ على إتصالِ الجبهاتِ مع بعضِهَا, مُكونةً ما يُعرفُ بالشريطِ الآمنِ على طولِ الحدودِ ...

#نعم ...
يبقى أمامَ الحكومةِ التركيةِ فقطَ أن تُسيطرَ على طولِ الشريطِ الحدودي بطريقةِ التغطيةِ الجويةِ ونيرانِ المدفعيةِ, خصوصاً ونحنُ لا نتكلمُ إلا على مسافاتٍ ليستْ بالكبيرةِ قياساً بالأسلحةِ المتطورةِ والذخائرِ الحديثةِ كالراجماتِ الحديثةِ, التي ستجعلُ القواتِ التركيةِ مسيطرةً سيطرةً تامةً ورابطةً لكلِّ الجبهاتِ على طولِ الشريطِ الحدودي, دونَ تواجدٍ لقواتٍ أرضيةٍ ملموسةٍ ...

وهنا يُحتملُ جداً أن تسعَ الحكومةُ التركيةُ الى تفعيلِ هذا السيناريو قريباً تمهيداً للسيطرةِ العسكريةِ على طولِ الشريطِ الحدودي, وكلُّهَا مقدمةٌ لإستحصالِ الضوءِ الأخضرِ لإنشاءِ المنطقةِ العازلةِ على طولِ الشريطِ الحدودي مع محافظةِ هتاي -الإسكندرونةُ- التركيا ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق