السبت، 14 يناير 2017

الرئاسةُ الأميركيةُ بينَ التركةِ الثقيلةِ والأخلاقِ الروسيا :
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,(الدكتور مهند جاسم الحسيني)
ليسَ بالضرورةِ أن يكونَ للإطلاعِ السياسي أهدافٌ عمليةٌ على أرضِ الواقعِ, بقدرِ ما لهُ مِن الآثارِ الكبيرةِ على الجانبِ النفسي والفكري بشكلٍ مباشرٍ, فالإستشاراتُ القانونيةُ على صفحاتِ التواصلِ الإجتماعي وفي مواقعِ الصحفِ والدراساتِ المنتشرةِ على الشبكةِ العنكبوتيةِ وبشكلٍ لافتٍ, مهدَ كثيراً الى التطورِ الفكري السياسي والدبلماسي لدى العامةِ مِن الناسِ, وهذا التطورُ سَيجعلُ البعضَ ينظرونَ الى السياسةِ العالميةِ على أنهَا لعبةٌ بسيطةٌ جداً, يُمكن لأحدِهِم أن يدخلَ معتركَهَا في يومٍ مِن الأيامِ, فيكونُ مِن نوابغِهَا وأعلامِهَا وروادِهَا ...

وبالمقابلِ إستطاعَ الكثيرُ مِن المُطَلِعينَ أن يجدوا تطبيقاً عملياً الى مفهومِ حكومةِ الصبيةِ والمراهقينَ, حيثُ بدأوا يرونَ كيفَ تبنى هذهِ الإمباطورياتُ والحكوماتُ على جماجمِ الملايينَ مِن البشرِ, وعلى أكتافِ عشراتِ الأجيالِ مِن الأممِ, بينمَا كيفَ تذهبُ بسرعةٍ وبغضونِ أيامٍ قلائلٍ على أيدي حكامِهَا, وبالتالي سقطتْ أمامَهُم أبهةُ وهيبةُ هذهِ الحكوماتِ والإمباطورياتِ والحركاتِ التوسعيةِ, لمَا رأوا مِن جليلِ البلدانِ التي تساقطتْ أمامَ أعينِهِم خلالَ فتراتٍ وجيزةٍ !!!

بل باتوا على علمٍ ويقينٍ وتأكدٍ تامٍ إمكانيةَ أن يُمسوا على رقمٍ معينٍ مِن الحكوماتِ, بينمَا يَصبحوا على رقمٍ منقوصٍ مِنهَا, فهي أصبحتْ بهذهِ التفاهةِ بمنظورِ العامةِ مِن الناسِ البعيدينَ عن مراكزِ الحكمِ والقرارِ والإستشارةِ, فصارتْ بمنزلةِ الفخارةِ التي بيدِ أحدِكُم مَا أن تهاوتْ الى الأرضِ فلا يملكُ إلا أن يقولَ الماسكُ بهَا : آه, متعجباً مِن سرعةِ سقوطِهَا على حينِ غفلةٍ وغرةٍ, وهو لا يَملكُ لهَا نفعاً ولا ضراً !!!

ويقابلُ هذا الإستخفافَ والإستهانةَ بالحكوماتِ المنشرةِ على الكوكبِ, إمكانيةُ قيامِ دولةٍ عادلةٍ بنفسِ السرعةِ الزمنيةِ, وهذا مَا يَنشرُ روحَ التفاؤلِ والإستبشارِ بقابلِ الأيامِ مِن إمكانيةِ تحققِ الدولةِ العادلةِ, التي يَتلاشى بهَا كلُّ معاني الظلمِ والجورِ والحرمانِ الذي عانتْ منهُ البشريةُ على طولِ التأريخِ وبمختلفِ بقاعِ الأرضِ دونَ إستثاءٍ يُذكرُ, فلا تُجدُ أمةٌ لَم تعشْ الحرمانِ بمَا لهُ مِن معنى, ولم تًسْعَدْ بساعةِ راحةٍ وعيشٍ رغيدٍ أبداً, وكأنَّمَا عُجِنَتْ لقماتُ هذهِ الدنيا بالغصةِ والمرارةِ وجشوبةِ العيشِ, ومَا تفاخرُ الأممِ على بعضِهَا بالرفاهِ والراحةِ إلا بلحاظِ بعضِهَا بعضاً, وقياسِ بعضِهَا على بعضٍ, وإلا لَم تصلْ إحداهَا الى مرحلةِ الحكومةِ العادلةِ الموازيةِ للحكومةِ المنشودةِ التي تحلمُ بهَا البشريةُ بمختلفِ أفكارِهَا وأديانِهَا ومعتقداتِهَا !!!

#إذن ...
لهذهِ القراءةِ السياسيةِ والفكريةِ جوانِبُهَا النفسيةُ والفكريةُ, وليسَ ورائهَا أيَّ غايةٍ بالنسبةِ للمتلقينَ والقراءِ, كَمَا قلنَا : إنَّ الهدفَ مِن ورائهَا نفسي وفكري, ولِمَا لهذا مِن هذهِ الآثارِ, أستدعى للكثيرِ مِن المنافقينَ والمدلسينَ والمأجورينَ أن يلعبوا حتى على المتنفسِ الفكري والنفسي للبسطاءِ مِن الناسِ, حيثُ بدأوا يكتبونَ ويروجونَ الى أشياءٍ تتناغمُ مع الميولِ النفسي والفكري للأفرادِ في الخارجِ, حيثُ أصبحَ هؤلاءِ الكُتابِ هُم مِن أشدِ المستغلينَ لهذهِ الحالةِ (المرضيةِ) عندَ الناسِ, فبدلاً مِن أن يفرَ الناسُ مِن الواقعِ الخارجي وغيابِ الرؤى المستقبيلةِ الى عالمِ التواصلِ الإجتماعي ليجدوا ضالتَهُم, وجدوا العشراتِ مِن الكُتابِ والمأجورينَ يعزفونَ على مَا يحبُ الناسُ سماعهُ مِن الغيرِ, حتى لو مِن فمِ الشيطانِ الرجيمِ, الذي لا يصدقَ المقابلَ حديثاً, المهم أن يقرأ علينَا هؤلاءِ الكُتابِ رُقيَتَهُم السحريةَ والتدليسيةَ وترتاحُ أنفسَ المتابعينَ لَهَا !!!

ومِن هنَا علينَا جميعاً, إذا لَم نملكَ القدرةَ على الكتابةِ والتحليلِ, فليكن عملُنَا النشرُ والتقطيعُ, حتى نضمنَ أن المقالَ قد وصلَ الى الجميعِ تقريباً, لأنَّ الواقفينَ على الثغرِ الذي يلي إبليسَ مِن المرابطينَ, والمانعينَ لهُ ولمردتهِ مِن الخروجِ على ضعافِ النفوسِ وسرابيتِ الناسِ, مِن أن ينفردوا بهِم وبهمَتِهِم ويفتكوا بفكرهِم وعقائدهِم وآمالَهُم في تبددِ مراحلِ الظلمِ والجورِ في المستقبلِ القريبِ إن شاءَ اللهُ تعالى, نعم, إنَّ هؤلاءِ لا يقلونَ رفعةً ولا ينقصونَ منزلةً عن أولئكَ العلماءِ العاملينَ الذينَ قِيْسَتْ مدادُ أقلامِهِم بدماءِ الشهداءِ مِن الصالحينَ والمجاهدينَ في سبيلِ اللهِ تعالى ...

نعم ...
فكمَا يتفاعلُ المخلصونَ المرابطونَ ويتفانونَ على الكتابةِ والتأليفِ والتحليلِ والتنقيبِ, ويتفانَى معهُم المخلصونَ الممحصونَ مِن الدرجةِ الثانيةِ, الذينَ لا يملكونَ إلا سلاحَ الصبرِ وأمنيةِ السلوى لرؤيةِ الإنتصارِ يوماً مَا أن يتحققَ, فبقدرِ ذلكَ يتفاعلُ المنافقونَ الدجالونَ مِن الإنسِ والجنِ, مِن أجهزةِ الإستخباراتِ العالميةِ والإقليميةِ وعلى مدارِ الساعةِ, ليُقابلوا الأخيارَ الأنصارَ بكلِّ هجمةٍ هجمةً وهجماتٍ مرتدةً ومعاكسةً, وهنَا يبرزُ عندنَا الإخلاصُ والصبرُ والمرابطةُ والإنتظارُ, بل وتعيدُ قصةَ البقاءِ والمكوثِ والإستمرارِ على الجبلِ, وعدمِ إستعجالِ النتآئجِ والغنائمِ, بل الخيرُ والصلاحُ والإصلاحُ يَكمنُ في الصبرِ على بلاءِ آخرِ اللحظاتِ والساعاتِ والأيامِ, حيثُ تُخارُ العزائمُ, ويَظهرُ الميولُ الى الراحةِ بعدَ الجهدِ والمرابطةِ, وكمَا قيلَ : الأمورُ بخواتِمِهَا !!!

وأنتم أحبتي وأعزتي لاحظتُم ...
كيفَ تراجعتْ جحافلُ الكُتابِ والمحللينَ والمدلسينَ أمامَ هذهِ الأقلامِ, وكيفَ تناقصَ العددُ مِن المئاتِ الى العشراتِ الى الأفرادِ القلائلِ الذينَ باتوا يستحونَ أن يَكتبوا شيءً حتى لو سبقنَاهُم الى الكتابةِ فيهِ, فهُم لا يستطيعونَ حتى السرقةِ أو المحاكاةِ !!!

ولكن هذا يدعونَا الى التفاخرِ أن تكونَ أقلامُنَا خيرَ أقلامٍ, وكُتابُنَا خيرَ كُتابَ, وأساتذَتُنَا خيرَ أساتذةِ, ولا تُتَرجمُ هذهِ المفاخرُ والشعورُ بالنشوةِ إلا مِن خلالِ النشرِ والتفاعلِ بالطرقِ كافة, حتى يعلمُ الناسَ جميعاً أنَّ القدرةَ التي يُملكُهَا الأصحابُ ليستْ مقصورةً على الجانبِ الديني, بل أنَّ الجهةَ التي نتفاخرُ بالإنتماءِ لهَا والدعاءِ الى اللهِ تعالى ببقائِهَا وبقاءِ توفيقاتِهَا, كمَا إستطاعتْ أن تقدمَ منظومةً فكريةً كاملةً شاملةً على صعيدِ الدراسةِ الدينيةِ والعقائديةِ, فإنَّهَا أقدرُ على أن تقدمَ الكثيرَ مِن الدراساتِ التي مِن شأنِهَا أن تغيرَ سوءَ حالِنَا الى حُسنِ حالِهَا, ومَا ترونَّهُ هنَا مَا هو إلا نفحةٌ مِن نفحاتِ تلكَ الجهةِ أدامَ اللهُ أظلالَهَا ...

وبعدَ واقعةِ كربلاءِ الأليمةِ, حيثُ هُدِمَتْ الدورُ على رؤوسِ قاطنيهَا, ومُثِلتْ بجثثِ حراسِهَا وروادِهَا وزائريِهَا, رأيتُم كيفَ كتبَ لَكُم العشراتُ مِن الكُتابِ المناقبَ, وأكسبوا المظلمةَ جانباً سياسياً وإنسانياً, وسوقوا هذهِ الجريمةَ على أنَّهَا جريمةَ العصرِ -جزاهُم اللهُ تعالى خيراً-, ولكن في الغالبِ لَم يُريدوا بذلكَ وجهَ اللهِ تعالى, بل خالوا أنَّ ليسَ مِنكُم حصيفاً رشيداً, يملكُ ما يملكونَ, مِن قوةِ الكتابةِ, وجزالةِ التعبيرِ, ورشاقةِ الإخراجِ, فتوهمُوا أنَّ جهتنَا عاجزةً عن الرؤيةِ السياسيةِ, فأرادوا أن يمثلوهَا ويتكلموا بإسمِهَا ولسانِهَا, ولكن بمجردِ أن تصدَ بعضُنَا الى هذا المضمارِ, رأيتُم كيفَ تفرقَتْ الأقلامُ, وجفتْ الصحفُ على مَا قيلَ سابقاً, بل وتنصلَ الكثيرُ مِنهُم مِن كلِّ ما قالهُ, وجعلهُ إنشاءاً في ساعةِ غفلةٍ أو خمرٍ أو إنفعالٍ لا يُؤخذُ عليهِ قائلهُ !!!

#وهنَا ...
لابأسَ مِن أن أثيرَ دعوةً طالمَا ضغطتْ عليَّ مِن الداخلِ, وتجشمتُ عناءَ كَتْمِهَا, وتحملتْ مرارةَ الصبرِ عليهَا, وهي أنَّ الكثيرَ تأكدَ بأنَّ جهتنَا غيرُ ولودةٍ للعقولِ, بالرغمِ مِن شهادتِهِم بغزارةِ علومِهَا, وغرائبِ إستمرارِهَا وصبرِهَا, وهذا مَا يجعلهُ في خطرٍ دائمٍ, حيثُ رأونَا أننَا أمةً في رجلٍ, وهو فينَا كالقطبِ مِن الرحى, مَا أن يَتمَ أبعادُهُ -لا سامحَ اللهُ تعالى- حتى لا تقومُ لنَا قيامةٌ, ولا تمكثُ فينَا مِن آثارهِ علامةٌ, فصرنَا كالقومِ الذي قالَ فيهِم أحدُ الرهبانَ لمَا رأى رأسَ الحسينِ بنِ علي (عليهِم الصلاةُ والسلامُ) بينَ يدي قاتلهِ, فقالَ : لو كانَّ لنَا الحسينُ بنُ علي لنصبنَا لهُ في كلِّ مكانٍ مقاماً, ولدعونَا الناسَ الى النصرانيةِ بأسمهِ !!!

لذا علينَا شحذُ الهمةِ, وعقدُ العزيمةِ, للتقليلِ مَا أثقِلَ على كاهلهِ, مِن الإنصرافِ الى الدرسِ والتدريسِ, والعملِ على كثرةِ الكتابةِ والتأليفِ, وأنَّ نجعلَ لكلِّ فردٍ مِنَا صفحةً تظهرُ بهَا علومُهُ, حتى نكونَ كالداعينَ إليهِ بلا لسانِ, ومُظهرينَ لمعارفهِ بمنظرِ الحِسانِ ...

بعدَ أن مهدنَا لمَا لهذهِ الدراساتِ -وليسَ المقالات- مِن فائدةٍ نفسيةٍ كبيرةٍ جداً, يرجعُ الكثيرُ مِنهَا الى الى تغذيةِ الروحِ والفكرِ والنفسِ, وبالحقيقةِ أنَّ هذهِ الكتاباتِ لهَا الأثرُ الكبيرُ في كواكبةِ الأحداثِ بشكلهَا النظري, حيثُ لاحظَ الكثيرُ مِن الأحبةِ الذينَ يسكنونَ في غيرِ العراقِ كروسيا ودولِ أوربا, كيفَ أصبحوا أعلا كعباً على سائرِ الموجودينَ هنالكَ ومِن المهتمينَ بالشأنِ السياسي, بحيثُ لاحظَ الكثيرُ أنَّ هؤلاءِ الأعزةَ لهُم القدرةُ على فهمِ الأمورِ وفلسفتُهَا وربطُ بعضِهَا ببعضٍ, وإستخراجُ القرائاتِ الواقعيةِ المُقنعةِ للمقابلِ, بحيثُ قاربنَا الى تحقيقِ الهدفِ المنشودِ مِن إستخراجِ الكثيرِ مِن الطاقاتِ القادرةِ على الكتابةِ والبحثِ والتنقيبِ في هذا المجالِ, وبالتالي أصبحَ العملُ المبذولَ مِن قبلِ كاتبِ هذهِ السطورِ مجدياً ونافعاً ولهُ الأثرُ في الخارجِ, وهذا مَا يطرقُ أسماعي مِن قبلِ الكثيرِ ...

وهذا مَا يجعلني أفكرُ دوماً أن نرتقِ كثيراً في سلمِ الطرحِ, بل ونصلُ بالطرحِ الى مرحلةِ مَا فوقَ المعتادِ أن يطرحهُ السياسيونَ المشارُ لَهُم في البنانِ في كلِّ الوسائلِ الإعلاميةِ, بحيثُ صارَ الكلُّ تقريباً بأعينِ المتابعينَ للكتاباتِ والقراءاتِ المطروحةِ في هذهِ الصفحةِ, عبارةً عن قشريينَ وسطحيينَ, بل لا يفترقونَ كثيراً عِن الصحفيينَ الناقلينَ للأخبارِ والتقارييرِ !!!

ومِن جملةِ مَا لَم يتطرقْ لهُ الإعلامُ مَا سَنَتَطرقُ لهُ في هذهِ القراءةِ إن شاءَ اللهُ تعالى :

كلُّ مَن تابعَ الأحداثَ ومجرياتِ الأمورَ, لاحظَ أنَّ المواقفَ السياسيةَ والدبلماسيةَ تغيرتْ تماماً, وزامنتْ هذهِ التغيراتُ فوزَ المرشحِ الجمهوري #ترامب, بحيثُ يُمكن أن نصفَ هذا التحولَ بالمنعطفِ الحقيقي لكلِّ دولِ العالمِ, ولَم يقتصرْ هذا التحولُ على خارجِ الولاياتِ المتحدةِ, بل وصلَ الى نفسِ أروقةِ البنتاكونَ والبيتِ الأبيضِ !!!

#فمثلاً :
إنَّ الرئيسَ أوباما كانَ مِن المفترضِ أن تكونَ حكومتهُ أشبهُ بحكومةِ تصريفِ الأعمالِ, لأنَّ الفترةَ الفاصلةَ بينَ الإنتخاباتِ ويومَ تسليمِ البيتِ الأبيضِ لا تزيدُ عن 73 يوماً, وهذهِ الفترةُ لا يُمكن للرئيسِ السابقِ إلا أن يرتبَ أعمالَ تسليمِ السلطةِ الى اللاحقِ, مع سدِ الفراغِ السياسي طيلةِ هذهِ الفترةِ تحسباً لأي طارئ على البلادِ !!!

ولكن مَا رأينَاهُ أن الرئيسَ أوباما تعدَ حدودَ الصلاحياتِ المعتادةِ خلالَ هذهِ الأيامِ القلائلِ, حتى بَتَّ بأكثرِ الملفاتِ خطورةً على طولِ ولايتيهِ, بل وولاياتُ مَن سبقهُ مِن الرؤساءِ, حيثُ نقلَ البلادَ الى أزمةٍ دبلماسيةٍ حقيقيةٍ مع الكثيرِ مِن الدولِ في منطقةِ الشرقِ الأوسطِ والعالمِ, فمثلاً ألقى بمئاتِ الأطنانِ مِن الأسلحةِ الى مسلحي سوريا, أسواءُ كانوا مِن مقاتلينَ العربِ أو الكردِ, وهذا بحدِ ذاتهِ أزمةً مع كلِّ البلادِ التي ترفضُ تسليحَ المعارضةِ وبالخصوصِ الجانبِ الكردي, كتركيا مثلاً !!!

والموافقةُ على تمريرِ قانونٍ أممي برفضِ بناءِ المستوطناتِ الإسرائيلةِ على خارجِ حدودِ 1949, بعدَ أن إعتادتْ إسرائيلُ الفيتو الأميركي الرافضَ لمرورِ هذا القانونِ على طولِ الفترةِ الزمنةِ السابقةِ, بهذا الموقفُ أدخلتْ الرئاسةُ الأميركيةُ نفسهَا بأزمةٍ دبلماسيةٍ أخرى على صعيدِ الشرقِ الأوسطِ أيضاً !!!

وأمَا طردُ السفراءِ الروسِ مِن الأراضي الأميركيةِ والبالغِ عددِهِم 35 سفيراً, وبغضونِ ثلاثةِ أيامٍ فقط, بحيثُ أندهشتْ الحكومةُ الروسيةُ مِن هذا القرارِ مع قصرِ الفترةِ الزمنةِ قياساً بالتي يحتاجُهَا السفيرُ لإنهاءِ أعمالهِ ومتعلقاتِ مرافقيهِ !!!

#ولكن ...
أنَّ هذهِ الأزماتِ الثالثةِ جميعُهَا يُمكن أن نجعلَهَا في منظارٍ واحدٍ فقط, على الرغمِ مِن رؤيةِ البعضِ لهَا على أنَّهَا عشوائيةٌ بإمتيازٍ, وهذا الجامعُ بينَهَا هو تأزيمِ التقاربِ الروسي الأميركي المُحتملِ بعدَ تصريحاتِ #ترامب الواضحةِ في الرغبةِ بالتقاربِ !!!

لأنَّ التقاربَ الروسي الأميركي خلافُ الرؤيةِ الأميركيةِ المُستقبليةِ المُخططِ لهَا, بل وخلافُ الهدفِ المرسومِ مِن إستدراجِ الروسِ الى مُستنقعِ الشرقِ الأسطِ !!!

ولو تحققَ هذا التقاربُ بينَ الطرفينِ, فهذا إذنٌ في رجوعِ الروسِ الى مكانتِهِم المرموقةِ بعدَ إنتهاءِ حربِ العالميةِ الثانيةِ, بل ورجوعِ الإتحادِ السوفيتي بشكلهِ الجديدِ, والموازي الى حلفِ الناتو, ولكن هذهِ المرةِ فإنَّ هذا التحالفَ الجديدَ سيكونُ أقوى بعشراتِ المراتِ مِن الإتحادِ السوفيتي سابقاً, لأنَّ الراغبينَ بمغادرةِ الفلكِ الغربي الى الشرقي أكثرِ مِن الراغبينَ في البقاءِ فيهِ, حيثُ سيتشكلُ عندنَا إتحادانِ حقيقيانِ, الغربي والشرقي, وعلى أراضي واسعةٍ لَم تحلمْ بهَا روسيا حتى في المنامِ, وهذا الحلمُ يُمكن أن يُحققهُ هذا التقاربُ !!!

فبالتالي ستكونُ الإدارةُ الأميركيةُ هي الخاسرُ الأكبرُ مِن الحربِ في سوريا, بل أنَّ إذكاءَ النارِ في سوريا بمثابةِ الهفوةِ الأميركيةِ القاتلةِ حقاً, والغبيةِ صدقاً, لأنَّ الرياحَ جاءتْ بمَا لا تشتهي السّفُنُ, كمَا يقولُ المتنبي في قصيدتهِ التي مطلعُهَا :
وَلا نَديمٌ وَلا كأسٌ وَلا سَكَنُ
                                               بِمَ التّعَلّلُ لا أهْلٌ وَلا وَطَنُ

#ولان :
مَن يُؤمنونَ بنظريةِ أنَّ الإدارةَ الأمركيةَ إدارةٌ مبنيةٌ على ستراتيجياتٍ لا يُمكن للرئيسِ خرقُهَا بأيِّ حالٍ مِن الأحوالِ, بل مَا عملهُ إلا السيرَ في فلكِ تلكَ السياساتِ المرسومةِ لهُ مِن خلالِ السياسيينَ المخضرمينَ والخبراءِ المحجلينَ, فلا يُمكن أنَّ يتخيلَ كيفيةَ الجمعِ بينَ إستدراجِ الروسِ الى أرضِ العربِ وبينَ أن تخرجَ منتصرةً مع كسبِ التقاربِ مع الجانبِ الأميركي !!!

وعلى أساسِ هذا الإيمانِ تتعددُ التحليلاتِ وتتعددُ الرؤى بينَ المحللينَ والمتابعينَ, وهذا ما يجعلُ الكثيرَ مِن القنواتِ الفضائيةِ العربيةِ والعالميةِ لا تعيرَ إهتماماً بموضوعِ هذا التقاربِ, خوفاً مِن التوصلِ الى نتائجٍ لا يحبونَ إسماعهَا ولا تتناسبُ مع الرؤيةِ لتلكَ القنواتِ, فلذا يُفضلُ عدمُ التفكيرِ بهَا ولا الإصغاءِ لهَا بالمرةِ, بخلافِ تلكَ القنواتِ التي تروجُ وتبهرجُ لذلكَ التقاربِ في الإعلامِ, الى درجةِ جعلهِ أنهُ مِن الأمورِ المتحققةِ أكيداً !!!

وبالتأكيدِ أنَّ هذا التقاربَ بينَ الجانبينِ تتمنى موسكو حصولهُ بأي حالٍ مِن الأحوالِ, بل عمدتْ الرئاسةُ الروسيةُ الى بناءِ أساسهِ لعدةِ مراتٍ, حيثُ صرحتْ ولوحتْ وأعلنتْ صاغرةً أنَّهَا ترغبُ بمثلِ هذا التقاربِ بينَ الطرفينِ, ولو على صعيدِ مكافحةِ الأرهابِ المُستشري بالعالمِ جميعاً وعلى حدٍ سواءٍ, وهذا مَا جعلَ الجانبَ الروسي يَستعجلُ في إنهاءِ معركةِ حلبَ قبلَ وصولِ #ترامب الى البيتِ الأبيضِ في المنتصفِ مِن هذا الشهرِ يناير, بحيثُ أرادتْ أن تنقلَ الصراعَ مِن الصراعِ العسكري الى الصراعِ السياسي والتفاهماتِ والتوافقاتِ السياسيةِ بينَ الطرفينِ !!!

وبالتالي يُمكن تقاسمُ المنطقةِ على أساسِ المصالحِ المشتركةِ وليسَ بسطِ النفوذِ العسكري فيهَا, وهذا مَا يتناسبُ مع رؤيا الرئيسِ الأميركي الجديدِ, القاضيةِ بالإهتمامِ بالجوانبِ الإقتصاديةِ والتنميةِ البشريةِ بدلاً مِن العسكريةِ والتحركِ الأمني الواسعِ !!!

ويُمكن أن نستنشقَ ذلكَ بطريقةٍ أكثرٍ وأوكدٍ مِن خلالِ سكوتِ الروسِ على التعدياتِ الدبلماسيةِ الأخيرةِ والمُباشرةِ, حيثُ أنَّ الواجبَ مِن الجانبِ الأميركي أن لا يُقدمَ على طردِ السفراءِ بنفسِ الأسبوعِ أو الأيامِ القلائلِ مِن إغتيالِ السفيرِ الروسي في تركيا, إلا بعدَ أن علمتْ أميركا جلياً أنَّ الروسَ سيعضونَ على الجرحِ صبراً الى وصولِ #ترامب الى سدةِ الحكمِ بشكلٍ فعلي, ولكن بالرغمِ مِن ذلكَ فالروسُ لَم تتحركْ لَهُم قصبةٌ !!!

#وبالمقابلِ ...
لابدَ لنَا أن نفهَمَ حقيقةَ الشعورِ الأميركي وصدقَ الرؤيةَ الأميركيةِ برئيسِهَا الجديدِ #ترامب, هل هي حقاً متحققةٌ في المستقبلِ القريبِ, أو أنَّهُ عبارةٌ عن سيناريو يَخشى الجانبُ الأميركي مِن تحققهِ, خصوصاً وإنَّهَا تعملُ على أساسِ رسمِ السيناريوهَات المحتملةِ ولو بنسبةٍ ضئيلةٍ جداً ؟؟؟

بالتأكيدِ إذا كنَا نتيقنَ أن حقيقةَ التحركاتِ الأخيرةِ مِن الجانبِ الأميركي على كونِهَا مثبطةً ومُحطمةً لهذا التقاربِ, حتى وصلَ بهِم الحالُ الى الأزمةِ الدبلماسيةِ الكبيرةِ, ستتولدُ لدينا القناعةُ الكبيرةُ أنَّ مثلَ هذا التقاربِ يُمكن أن يرَ النورَ قريباً, بعدَ وصولِ #ترامب الى البيتِ الأبيضِ, وبالتالي أنَّ إحتماليةِ هذا السيناريو يجبُ أن يُجابهُ بطريقةٍ قويةٍ خلالَ هذهِ الأيامِ المتبقةِ مِن عمرِ الرئيسِ أوباما في السلطةِ !!!

إذن الطرفانِ يُؤكدانِ هذا التقاربَ المحتملِ بينَ الطرفينِ, الطرفُ الأولُ السكوتُ الروسي وعظُهَا على الجرحِ صبراً بالرغمِ مِن أنَّ ماحصلَ عليهَا كانَ كافياً للردِ الحاسمِ عليهِ, والطرفُ الآخرُ الخشيةُ والوجلُ الأميركي مِن هذا التقاربِ ...

وحقاً لنَا أن نقولَ : التقاربُ الروسي الأميركي بينَ أمنيةِ الروسِ والوجلِ الأميركي !!!

#وللقضاءِ ...
على هذا التقاربِ بطريقةٍ مَن يُؤمنُ بأنَّ الرئاسةَ الأميركيةَ ليستْ الراسمةَ للخارطةِ المستقبلِ, بل هي المنفذةُ لهَا في الغالبِ, لابدَ مِن عدمِ إثارةِ ذلكَ الى العلنِ, أي عدمِ توليدِ الشعورِ لدى العامةِ أنَّ الرئاسةَ الأميركيةَ إلا دميةٌ تتلاعبُ بخيوطِهَا أصابعُ الساسةِ ورسامِ القرارِ, مِن خلالِ إثقالِ كاهلِ الرئاسةِ القادمةِ بجملةٍ مِن المُثَبِطَاتِ لهذا التقاربِ, بل وتفخيخُ الطريقَ المؤدي إليهِ بكلِّ أنواعِ الأزماتِ التي يحتاجُ بعضُهَا إلى نصفِ ولايةِ #ترامب, أي قرابةِ السنتينِ تقريباً ليحلَ كلَّ هذه ِالمشاكلِ !!!

لذا أن العراقيلَ التي وضعهَا الرئيسُ أوباما بوجهِ هذا التقاربِ, تكشفُ لنَا أمرينِ مهمينِ جداً :

1- الرؤيةُ المستقبليةُ للجانبِ الأميركي, وهو القضاءُ التامُ على التواجدِ الروسي كقوى عظمى تهددُ الأمنَ القومي الأميركي على مدارِ الساعةِ يومياً, فإنهاءُ التواجدِ الروسي مِن الخططِ المستقبليةِ المرسومةِ لدا الجانبِ الأميركي, وإنَّ عمليةَ التقاربِ تخالفُ هذهِ الرؤيةِ المستقبلةِ, وبالتالي غيرُ مسموحٍ بهَا بأي حالٍ مِن الأحوالِ .

2- الرؤيةُ المستقبيلةُ للجانبِ الروسي, وهو رجوعُ روسيا كقطبٍ مؤثرٍ على القراراتِ الدوليةِ لا كدولةٍ مارقةٍ على باقي الدولِ لمَا تملكُهُ مِن الترسانيةِ النوويةِ والصاروخيةِ, بل لابدَ أن تعترفُ بهَا أميركا كقوةٍ عظمى بدونِ النظرِ الى مقدارِ التهديدِ الذي تُشَكِلُهُ على العالمِ عموماً .

وهذانِ الأمرانِ مرفوضانِ تماماً بالمنظورِ الأميركي, فتسويقُ روسيا عالمياً على أنَّهَا قويةٌ لمَا تملكهُ مِن ترسانةٍ نوويةٍ وصاروخيةٍ, وليسَتْ قويةً لمَا تملكُهَا مِن تكنلوجيا وثرواتٍ يُمكن أن تنتفعَ مِنهَا دولُ العالمِ عموماً, مِن خلالِ التناقلِ التجاري وتبادلِ الطاقةِ ومصادرِهِمَا, وهذا النوعُ مِن التسويقِ كفيلٌ بإحاديةِ القطبِ الأميركي, فلولا هذا التسويقُ لمَا تشكلَ حلفُ الناتو ولا تجمعتْ باقي القوى الضعيفةِ في الشرقِ الأقصى حولَ أميركا ككوريا الجنوبيةِ واليابانِ والأخرياتِ ...

وبالتأكيدِ أنَّ جعلَ العالمُ منهَا في حالةِ وجلٍ كبيرٍ جداً, تجعلُ الكثيرُ مِن البلدانِ أراضيهَا ومياههَا الإقليميةِ مفتوحةً للتواجدِ الأميركي وبكلَّ ما يَملكهُ مِن قدراتٍ عسكريةٍ واستخباريةٍ, كَمَا هو الحالُ في شرقِ أوربا ودولِ البلطيقِ, وبالتالي سوفَ تشعرُ أميركا بالراحةِ النسبيةِ لقربِ قدراتِهَا العسكريةِ والإستخباريةِ مِن أراضي الروسيةِ, ومحيطةٍ بهَا بزاويةِ 360 درجةٍ ...

#لذا ...
فأمرُ التقاربِ الروسي الأميركي لايُمكن أن يحصلَ بأي حالٍ مِن الأموالِ, ضمنَ هذهِ الرؤيا, لمخالفتهِ لستراتيجيةِ الولاياتِ المتحدةِ الأميركيةِ, لذا فلابدَ مِن عرقلةِ هذا التقاربِ بإلهاءِ الرئيسِ القادمِ بعدةِ ملفاتٍ كبيرةٍ, تُلزمُهُ بالرجوعِ الى أجهزةِ الإستخبارات كثيراً وأخذِ الإستشارةِ مِنهُم لمَا هو مُتوقعُ الحصولِ, حتى يتسنَ للرئيسِ الجديدِ أن يسيرَ مرغماً بنفسِ السياسةِ الأميركيةِ المرسومةِ مسبقاً ...

 وطبعاً هنالكَ عدةُ طرقٍ أخرى يُمكن للإدارةِ الأميركيةِ تجعلُ الرئيسَ مرغماً على فعْلِهَا, ومنها اللجوءُ الى إقناعِ أعضاءِ الكونكرسَ برؤى المستقبليةِ للإدارةِ, مع إغراءِ الكثيرَ مِنهُم بكشفِ بعضِ الأسرارِ التي لا يُمكن أن يحلمَ الأعضاءُ بمعرفَتِهَا, بغيةً لإقناعِهِم برفضِ بعضِ القراراتِ المُتخذةِ رئاسياً في المستقبلِ, أو فرضِ بعضِ الرؤى على نفسِ الرئاسةِ مِن خلالِ سنِ القوانينِ بمعزلِ عن الموافقةِ الرئاسيةِ, كمَا حصلَ مع القانونِ المثيرِ للجدلِ #جاستا !!!

وإنَّ هذينِ الطريقينِ وغيرِهِمَا الكثيرِ, سيكونُ للإدارةِ الأميركيةِ سلوكُهُمَا لغرضِ إقناعِ الرئيسِ الجديدِ #ترامب بتغييرِ وجهةِ نظرهِ إتجاهَ ملفِ التقاربِ هذا ...

 لذا مِن المتوقعِ جداً أنَّ الرئاسةَ الأميركيةَ الجديدةَ سوفَ تفي بالكثيرِ مِمَا قالتُهُ في حملاتِهَا الإنتخابيةِ, وبالخصوصِ إرجاعِ سجنِ إغوانتنامو الى العملِ مرةً ثانيةً, لأنَّهُ يمثلُ مصدراً مِن مصادرِ المعلوماتِ الإستخباريةِ, وطريقاً سهلاً لتجنيدِ الكثيرِ مِن معتقليهِ مستقبلاً, وكذلكَ بناءُ الحاجرِ بينَ جنوبِ أميركا والمكسيكِ, وتهجيرُ الكثيرِ مِن المقيمينَ هنالكَ ...

نعم ...
سيسمحُ بكلٍّ ذلكَ ويُعجلُ بالعملِ عليهِ حتى يفي الرئيسُ الجديدُ بالكثيرِ مِن إلتزاماتهِ, لِيُمَنَحْ فرصةَ التنازلِ عن مطلبِ التقاربِ الروسي الأميركي ...

وهذا الكلامُ سيقودنَا الى القناعةِ بالتقاربِ الروسي الأميركي في الأشهرِ الأولى مِن الرئاسةِ الجديدةِ, بعدَهَا يبدأ الإنقلابُ والمروقُ والخروجُ والتنصلُ عِن الكثيرِ مِن الإلتزاماتِ الأميركيةِ, فاتحةً فصلاً جديداً مِن إعادةِ الصراعِ في منطقةِ الشرقِ الأوسطِ عموماً وسوريا على الوجهِ الخصوصِ ...

ولا تنسوا كاتبَ السطورِ في الدعاءِ ...


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق