السبت، 14 يناير 2017

روسيا بينَ الموروثِ السوفيتي والإنهيارِ العسكري :
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,(الدكتور مهند جاسم الحسيني)
بعدَ الإنهيارِ الرسمي لحلفي السوفيتي (1991-1922) ووارسو (1991-1955), وتحديداً في نفسِ السنةِ, بقيتْ روسيا تعيشُ ذلكَ الموروثَ القديمَ الى هذهِ اللحظةِ, وإن كانَ حلفُ وارسو لَم يرَ النورَ إلا على الورقِ, بينَمَا لَم تنفذْ البنودَ التي أسسَ على أساسِهَا الحلفُ عام (1968) عندمَا إجتاحَ الناتو التيشيكوسلوفاكيا خلالَ ربيعِ براغَ وكذلكَ في الثورةِ المجريةِ, بحجةِ أن بندَ المُلزمِ للحلفِ بالدفاعِ عن أعضاءهِ لايشملُ إجتياحِ الناتو بعدَ طلبِ الحكومةِ الرسميةِ منهَا التدخلِ ...

لذا لَم يفلحُ الروسُ أن يجعلوا مِن هذا الحلفِ خصوصاً حلفاً ناجحاً بعدَ ما دعوا دولَ أوربا الشرقيةِ والوسطى الى الإنضمامِ لهُ بحجةِ الخوفِ مِن إجتياحِ حلفِ الناتو -أوربا الغربيةُ وأميركا- لَهُم, بالرغمِ مِن أن حلفَ السوفيتي لازالَ في مرحلةِ الشبابِ والقوةِ والعنفوانِ, مع إنخراطِ الكثيرِ مِن البلدانِ في آسيا وأوربا الشرقيةِ في الحلفِ !!!

وهذا إن دلَّ على شيءٍ فإنهُ يدلُ على أنَّ حلفَ السوفيتي ليسَ لهُ القدرة أن يفي بإلتزاماتهِ ولا ببنودِ أتفاقياتهِ بسببِ ضعفهُ العسكري قبلَ حلفِ شمالي الأطلسي ...

نحنُ الآنَ نتكلمُ عن عشراتِ الملايينَ مِن العسكري, والميزانيةِ الهائلةِ مِن الإقتصادِ العالمي نتيجةً لإتحادِ الكثيرِ مِن دولِ آسيا وأوربا تحتَ مُسمى الإتحادِ السوفيتي, ومعَ ذلكَ لم تستطعْ أن تلتزمَ بكلامِهَا إتجاه أحلافِهَا, فكيفَ بِهَا والآنَ باتتْ بمفردِهَا معتمدةً على ميزانيتِهَا الداخليةِ المحليةِ, ومستعينةً على قدراتِهَا القتاليةِ والعسكريةِ والدبلماسيةِ, فبالتأكيدِ سيكونُ الأمرُ بالغُ الصعوبةِ بالنسبةِ للحكومةِ الروسيا, بل بالتأكيدِ أنَّهَا باتتْ تستشعرُ الخطرَ المحدقِ بهَا !!!

فالروسُ الذينَ لَم يتمكنوا أن يحافظوا على حلفِ وارسو بالرغمِ مِن وجودِ الإتحادِ السوفيتي الذي يُعتبرُ الأقوى في العالمِ الى بداياتِ تشكيلِ حلفِ شمالي الأطلسي, فكيفَ بهِم والآن باتوا بمفردِهِم أن يحافظوا على إلتزاماتِهِم مع باقي الدولِ المجاورةِ لهَا, بل كيفَ بهِم أن يلتزموا مستقبلاً عن كلِّ الإتفاقياتِ والعهودِ المقطوعةِ مع الحكوماتِ التي تتخذُ مِن أراضيهَا مقاراً لعملياتِهَا العسكريةِ واللوجستيةِ ؟!!

وهذا ما جعلنَا منذُ البدايةِ أن ننفِ أن التحركَ الروسي في الأراضي السوريا ذو طابعٍ إقتصادي, بخلافِ أولئكَ الذينَ ثقفوا جمهورهُم منذُ البدايةِ على هذهِ الفكرةِ, حتى صارَ مِن الصعبِ عليهِم أن يغيروا دفةَ الكتابةِ والثقافةِ التي أسسوا لهَا في أذهانِ المتابعينَ, لذا ما إضطرهُم الى التنصلِ مِن دعوى العملِ المخابراتي والمعلوماتي والإستخباري, الى فكرةِ أنهُم محللونَ وقارئونَ للأحداثِ والوقائعِ, لذا يُحتملُ في قولهِم ونقلِهِم الصدقُ والكذبُ والخطأ والصوابُ لا لشيءٍ سوى أنَّهُم مِن المحللينَ والفاهمينَ للإحداثِ !!!

#ولكن ...
أريدُ اليومَ أن أشفِ قلوبَ قومٍ مؤمنينَ, وأنتقلُ بهِم الى قضيةٍ طالمَا لَم تخطرْ على بالِ أولئكَ القراءِ للأحداثِ مِن المحللينَ والكُتابِ والمهتمينَ, وليسَ أولئكَ المعلقينَ الكذابينَ المتاجرينَ الذينَ جعلوا مِن الكذبَ إدامَ صُلْبِهِم, وتقويةِ لعودِ شَوكتِهِم, مُستخفينَ بقرآءهِم ومتابعِ صفحاتِهِم ...

لو إستقرأنَا كلَّ التصريحاتِ الأميركيةِ مابينَ ما قلَ بهِ البيتُ الأبيضِ والبنتاكون والخارجيةُ الأميركيةُ, لا نجدهَا تتعدى الإحدى عشرَ تعليقاً وتصريحاً, وكلُّهَا إتفقتْ على تعددِ الخياراتِ الأميركيةِ للردِ على الإتهاكاتِ في حلبٍ الشرقيةِ, ومِن هذهِ الخياراتِ الخياراتِ الإقتصاديةِ والعسكريةِ بشقيهَا مباشرةِ القواتِ الأميركيةِ أو تسليحِ المعارضةِ المعتدلةِ هناكَ ...

وأما الخيارُ الإقتصادي مِن الخياراتِ التضليليةِ الإعلاميةِ التي إعتادهَا الأمنيونَ في الولاياتِ المتحدةِ, حيثُ هدفهَا تقليلُ الصدمةِ على الجانبِ الآخرِ, بل وإعطاءُ فسحةٍ واسعةٍ للتصريحاتِ الإعلاميةِ لجرِ الإعلامِ بهذا الصوبِ وهذا الإتجاهِ, بينمَا الكلُّ يعلمُ أن الخياراتِ الإقتصاديةَ لا واقعَ لهَا في حربٍ قصيرةِ الأمدِ كالتي تحصلُ اليومَ في سوريا, لأنَّ الحروبَ الإقتصاديةَ تنفعُ مع مُقدماتِ الحروبِ وليسَ أثنائِهَا, والهدفُ مِنهَا إنهاكُ المقابلِ بمرورِ الزمنِ ...

لذا أن التصريحاتِ الإحدى عشرَ لا يُمكن أن نقرءَهَا أبداً إلا تصريحاً واحداً فقط, وهو أن الخياراتِ المتعددةَ التي سلمتْهَا وزارةُ الدفاعِ -البنتاكون- هي خيارٌ واحدٌ فقط, وهو الجانبُ العسكري الذي لا يتعدى أحدَ خيارينِ فقط :
 إما تسليحُ المعارضةِ المعتدلةِ أميركياً في سوريا, أو قيامُ الولاياتُ المتحدةُ بعملٍ عسكري بسيطٍ يُأخرُ النظامَ السوري مِن مزاولةِ عملياتِ قصفهِ الجوي, مِن خلالِ ضربِ مدارجَ المطاراتِ وتعطيلِهَا بالكاملِ أسوةً بسيناريو ليبيا سابقاً ...

#وهنَا ...
نحنُ أمامَ خيارينِ لا ثالثَ لهمَا, فيمكن أن يجتمعا معاً مِن خلالِ التحركِ الأميركي عسكرياً مع إلقاءِ شحناتٍ مِن الأسلحةِ للمعارضةِ في حلبٍ, وممكن أن يفترقا مِن خلالِ تقديمِ أحدهمَا دونَ الآخرِ ...

ولكي تكن أميركا ذكياً هذهِ المرةِ كعادتِهَا, لابدَ لهَا أن تقومَ بنفسِهَا بالتصدي الى إيقافِ المطاراتِ العسكريةِ السوريةِ عن العملِ بدلاً مِن تقديمِ السلاحِ المتقدمِ لقواتِ المعارضةِ مباشرةً بحجةِ التصدي لطيرانِ الأسدِ المحلقِ هنالكَ, لأنَّ تقديمَ مثلَ هذهِ الأسلحةِ للمعارضةِ السوريةِ سَيُعطي المبررَ الحقيقي لمسحِ حلبٍ عن خارطةِ سوريا وبشكلٍ نهائي وبغضونِ أيامٍ, لم يتوقعهَا المبعوثُ الأممي ديمستورا في خطابهِ الأخيرِ حولَ مدينةِ حلبٍ الشرقيةِ !!!

لأنَّ القواتِ الروسيا مِن القواتِ التي أُنشئتْ عقيدتُهَا على إنهاءِ العدو بشكلٍ تامٍ دونَ إحترامِ قواعدِ الحربِ أبداً, وهذا ما نلاحظهُ مِن سِرِ إبقاءِ وزارةِ الدفاعِ على القنابلِ الكلاسيكيةِ دونَ الذكيةِ, هو ناتجٌ لهذهِ العقيدةِ العسكريةِ لديهَا !!!

لذا إذا أرادتْ أميركا حقاً أن تُهينَ نفسهَا وتُمسحَ بوجهِهَا الترابَ فلتقدمَ الدعمَ العسكريةَ فقط الى قواتِ المعارضةِ في حلبٍ دون التدخلِ الأميركي المباشرِ في سوريا, وسترى بغضونِ أيامٍ كيفَ أنَّهَا إستحالتْ حلبٌ الى ركامٍ وبشكلٍ تامٍ !!!

#لذا ...
فإنَّ أميركا داخلةٌ في حربِ سوريا في غضونِ الأيامِ القادمةِ لا مُحالةٍ وبشكلٍ مباشرٍ أرضاً وجواً وبحرا, وهنَا نحنُ لا نتكلمُ عن سنواتٍ أو أشهرٍ متماديةِ الطولِ والتي إعتادَ المحللونَ البوحَ بأمثالِهَا, بل أنَّ التدخلَ الأميركي سيكونُ قريباً جداً, بل أقربُ مما يتوقعُ الجميعُ, بل تحديداً وبالتاريخِ المضبوطِ والذي أتحملُ مسؤوليتهُ في المستقبلِ بعدَ حربِ الموصلِ مباشرةً, وبعدَ إستتبابِ أمورِهَا بيدِ قوى الحكوميةِ المحليةِ والعشائريةِ والكرديةِ !!!

وهذا الإستعجالُ في التدخلِ الأميركي في سوريا قد حستْ بهِ الحكومةُ الروسيا, وهذا ما يُبررُ نشرَ قدراتِهَا الصاروخيةَ مِن منظومةِ (S300,S400), على طولِ الساحلِ البحري السوري بحجةِ حمايةِ القواتِ الروسيةِ المتواجدةِ على الأراضي السوريةِ !!!

#ولكن ...
إنَّ نشرَ مثلَ هذهِ الصواريخِ هي بمثابةِ إستسلامِ القواتِ الروسيةِ لأمرِ الضربةِ الأميركيةِ المتوقعةِ, بل وتراجعِ روسيا عن خيارِ المواجهةِ بعدَ أن عَلِمَتْ بصدقِ اللهجةِ الأميركيةِ والغضبِ غيرِ المسبوقِ مِن قبلِ إدارةِ البيتِ الأبيضِ, وجاءَ الخطابُ الروسي مخففاً جداً قبالَ التصرحاتِ الأميركيةِ, مِن خلالِ نشرِ صواريخٍ دفاعيةٍ وليستْ هجومياً, وهذا بحدِ ذاتهِ يُبينُ أن روسيا لا تفكرُ أبداً في الدخولِ في مواجهةِ أميركا ولا حلفِ الناتو, لأنَّ الرسالةَ التي بعثتْهَا كانتْ رسالةُ إطمئنانٍ وسلامٍ مبنيةٍ على العقيدةِ الدفاعيةِ وليستْ الهجوميةِ !!!

ولو كانتْ روسيا جادةً في أمرِ المواجهةِ في حالِ إستهدافِ القواعدِ السوريةِ العسكريةِ لإنتقالتْ الى خيارٍ عسكري أكثرِ موائمةٍ مِن خيارِ الدفاعِ, كتحركِ قواتِ عسكريةِ على جهةِ روسيا الغربيةِ أو تحريكِ قواتِهَا البحريةِ الى شرقي أسيا أو بنشرِ بطارياتٍ لصواريخٍ هجوميةٍ على طولِ أوربا الشرقيةِ ...

وبمَا أن أحدَ هذهِ السيناريوهاتِ لَم يحصلْ, فهذا يعني أنَّ روسيا ليسَ لهَا النيةُ لمواجهةِ أميركا ولا حلفِ الناتو, ولكنَ الطرفَ الآخرَ هو مَن ينوي لِمثلِ هذهِ المواجهةِ ويستعدُ لهَا منذُ إنتهاءِ الحربِ العالميةِ الثانيةِ !!!

وسببُ هذا التهيؤ والإستعدادِ العالمي لإنهاءِ القوةِ الروسيا جاءَ نتيجةً أزليةً الى نشرِ بعضِ القواعدِ الروسيا خارجِ الأراضي الروسيا, والكلُّ يعلمُ أنَّ نشرَ القواعدِ يأتي لمبرراتٍ هجميةٍ وليسَ دفاعيةً, بل إنَّ المُنشئُ لهذهِ القاعدَ يُرسلُ برسالةٍ مفادِهَا أنَّ المسافاتِ القتاليةِ باتتْ أقربُ, بل أنَّ الرؤوسَ الحربيةَ باتتْ على أعتابِ الطرفِ الآخرِ وصعوبةِ التصدي لهَا مِن قبلهِم !!!

وهذهِ النيةُ المضمورةُ في العقليةِ الروسيةِ أظهرتْهَا التصريحاتُ الأخيرةُ على لسانِ ناطقهَا العسكري, مِن عزمِ موسكو الى نشرِ قواعِدِهَا خارجَ الأراضي الروسيةِ كميناءِ طرطوسَ السوري وعلى أطرافِ فيتنامَ وفي شمالِ غربِ مصرٍ على الساحلِ البحرِ الأبيضِ المتوسطِ وبعضِ الدولِ التي كانتْ ضمنَ الإتحادِ السوفيتي سابقاً !!!

#والمعروفُ_أيضاً ...
أنَّ القواعدَ خارجَ البلادِ وعلى أطرافِ البحرِ الأبيضِ المتوسطِ مِن الممنوعِ السماحِ بهَا أميركياَ, لأنَّ السيطرةَ على البحرِ المتوسطِ وعلى سواحلِهِ سيجعلُ أوربا الوسطى والغربيةِ -الحلفُ الناتو- تحتَ رحمةِ النيرانِ الروسيا في حالِ نشوبِ حربٍ في المستقبلِ, أي أنَّ التواجدَ الروسي على مشارفِ البحرِ سيكون ذو عواقبٍ وخيمةٍ جداً, وهذا ملا لا تسمحُ بهِ أميركا في أي حالٍ مِن الأحوالِ, بل وهذا الخيارُ لا تنفعُ معهُ نشرُ الصوارخِ الإعتراضيةِ على سواحلِ البحرِ المتوسطِ الأوربيةِ, لأنَّ نشرَ هذهِ الصواريخِ سيكون ذا طابعٍ دفاعي وليسَ هجومي كَمَا تلكَ التي تَم نشرهَا على الأراضي البولنديةِ والرومانيةِ, لأنَّ تلكَ ذاتُ أهدافٍ تحيديةٍ أكثرِ مِن الدفاعيةِ !!!

وهذا السيناريو لا يمكن أن يخطرَ على بالِ أيِّ عضوٍ مِن أعضاءِ الناتو فضلاً عن أميركا مالو كانتْ بشكلٍ منفردٍ ...

#وهنَا ...
حقاً يمكنني القولُ وبضرسٍ قاطعٍ وبلا أي درجةٍ مِن درجاتِ الترددِ : إنَّ القواتِ الروسيةِ سوفَ تهرعُ فورَ  تهديدِ أميركا لهَا وبشكلٍ جادٍ الى ترسانَتِهَا النوويةِ, لا لشيءٍ سوى أنَّهَا لا تملكُ مِن القدراتِ العسكريةِ الكلاسيكيةِ -غيرُ الفتاكةِ- ما يُمَكِنَهَا مِن الصمودِ ولو لساعةٍ واحدةٍ للحربِ !!!

أعلمُ أنَّ هذهِ المعلومةَ ستكون ذاتَ صدمةٍ للكثيرِ مِن القراءِ الأعزاءِ, ولكنَّهَا الحقيقةُ التي غيبَهَا الإعلامُ وطيلةَ هذهِ الفترةِ, والتي مفادُهَا : إنَّ القواتِ الروسيةَ لا تعدو إلا كقوى عظمى إقليمياً وليسَ على مستوى العالمِ ...

حيثُ أنَّ القواتِ الروسيا لا يُمكنَهَا أن تشنَ هجوماً على أيِّ بلدٍ معادٍ إلا مِن خلالِ نفسِ أراضِهَا, وحتى أن أساطيلهَا لا يُمكن أن تشكلَ خطراً معتداً بهِ في الموازنةِ العسكريةِ العالميةِ, لأنَّهَا لا تملكُ إلا حاملةَ طائراتٍ واحدةٍ والتي تُعرفُ بِالأميرال كوزنستوف, والتي دخلتْ الخدمةَ عامَ (1981), ولم تتحركَ في أي مهمةٍ قتاليةٍ منذُ ثلاثةِ عقودٍ تقريباً, وهذا ما أظهرهَا بالهكيلِ الصدأ على طولِ بدنِهَا تقريباً, وهي لا يُمكنهَا أن تحملَ أكثرَ مِن خمسنَ طيارةٍ مقاتلةٍ !!!

وإذا كانتْ روسيا لا تملكُ خيارَ التنقلِ عن طريقِ الحاملاتِ لتوسعةِ الجبهةِ العسكريةِ في حالِ حصولِ المواجهةِ, فإنَّ مقاتلاتِهَا وقاذفاتِ قنابلِهَا ستكونَ محيدةً بشكلٍ تامٍ, لأنَّ الإرتفاعاتِ التي تحلقُ بهَا المقاتلاتِ بأفضلِ الحالاتِ لا ترتقي أن تحمي نفسهَا مِن الصواريخِ المحمولةِ على الكتفِ الحديثةِ فضلاً عن منصاتِ الصواريخِ الذكيةِ !!!

لذا فسيكون خيارُ القوى الجويةِ خياراً ضعيفاً جداً, وهذا ماجعلَ الروسُ معتمدينَ بشكلٍ كاملٍ على الترسانةِ الصاروخيةِ, بحيثُ أصبحتْ من البلدانِ المتقدمةِ بهذا المضمارِ, فالتقدمُ الصاروخي جاءَ كردِّ فعلٍ لضعفِهَا العسكري مِن باقي النواحي, وبالخصوصِ مِن ضيقِ الجبهةِ العسكريةِ التي يُمكن أن تناورَ بهَا, بحيثُ أن القطاعاتِ العسكريا سينالَهَا أكثرُ مما سينالُ المدنيينَ, وهذا ماجعلَ روسيا تُفكرُ متأخراً بتوسعةِ الجبهةِ مِن خلالِ إستئجارِ بعضَ الأراضي كقواعدٍ أو موانئ عسكريةٍ !!!

#ولابأسَ ...
أن أتقدمَ أكثرَ بالحديثِ عن صعوبةِ الخياراتِ الروسيةِ العسكريةِ, فمثلاً يبقى للروسِ خيارٌ في توسعِ القواعدِ العسكريةِ على صعيدِ البحارِ مِن خلالِ حاملاتِ الطائراتِ, وهذا ما أعلنهُ الناطقُ بإسمِ الدفاعِ الروسي, مِن عزمِ بلادهِ تدشينَ حاملةً للطائراتِ بإسمِ ستورم, وهي مِن صنفِ كاسحةِ الجليدِ !!!

لأنَّ الروسَ لا يجدونَ طريقاً الى البحارِ إلا مِن البحرِ المنجمدِ الشمالي فقط, وهذا الإضطرارُ الى صنعِ هكذا نوعٍ مِن الحاملاتِ سيؤثرُ سلباً على حسابِ السرعةِ ومدةِ العملِ, وهذا بسببِ منعِ حلفِ الناتو مِن السماحِ بالعبورِ بهَا مِن خلالِ مضيقِ البسفورِ التركي, والذي يربطُ البحرَ الأسودَ بمرمرةِ, والذي لا يسمحُ بعبورِ حمولةً تزيدُ عن 15000 طن في أوقاتِ السلمِ, وكمَا بينا في مقالنَا السابقِ والموسومِ بِـــ : (الإنْقِلَابُ التُرْكِي ... بينَ السياسةِ الداخليةِ والشأنِ الخارجي)
 https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=1636322936683560&substory_index=0&id=1573641099618411

لذا فإنَّ الأراضي الروسيا ستكون بخطرٍ حقيقي, مالو فكرتْ أن تدخلَ بمواجهةٍ مباشرةٍ مع حلفِ الناتو, لأنَّ الأراضي الروسيةِ محاصرةً مِن جميعِ الجوانبِ والنواحي وبأكبرِ القواعدِ الأميركيةِ والأساطيلِ البحريةِ مع عشارتِ الآلافِ مِن الجنودِ والآلياتِ, وأكبرُ إسطولٍ بحري والذي يقعُ على شرقي روسيا قرابةِ السواحلِ اليابانيةِ, والذي يُعرفُ بالإسطولِ التاسعِ, والذي هو بمفردهِ يُعادلُ مايملكهُ العالمُ بأسرهِ من قدراتٍ عسكريةٍ بحريةٍ بمَا فيهُم روسيا !!!

ولهذا فإنَّ المواجهةَ الأميركيةِ في سوريا مواجهةً محسومةً وواقعةً لامحالةٍ, أسواءُ أخذَ النظامُ أرضَ حلبٍ أو لَم يأخذهَا, لأنَّ الهدفَ الأميركي والعالمي هو إنهاءِ التواجدَ الروسي خارجَ حدودَ بلادهِ, وما على الروسِ إلا أن يختاروا الطريقةَ التي سَينتهي بهَا مجدَهُم الى الأبدِ, أمَا أن ينسحبوا الى أرضِ الوطنِ ويجنبوا أنفسهُم الحربَ, أو يُفَكِروا أن يستخدموا أسلحَتَهُم النوويةِ فزاعةً عالميةً مرةً أخرى !!!

#وهنا ...
أريدُ أن أسجلَ موقفاً للتأريخِ, إنَّ ما يحصلَ اليومَ مِن عملياتِ تجييشٍ وتحشيدٍ وتكديسٍ في كلَّ مناطقِ العراقِ الشماليةِ والغربيةِ لكلِّ القوى العالميةِ وبأعدادِ عشراتِ الآلافِ, مع تحركِ المدمراتِ والبارجاتِ الحربيةِ وحاملاتِ الطائراتِ, بل مع نقلٍ لقواعدٍ عسكريةٍ كاملةٍ الى القواعدِ العراقيةِ كقاعدةِ الأسدِ والحبانيةِ والكيارةِ, بل ومع كلِّ هذهِ التصريحاتِ الإعلاميةِ والخطاباتِ السياسيةِ التي تؤكدُ أن كلَّ هذهِ القواتِ ليسَ لهَا دورٌ إلا الإستشارةِ والتدريبِ ونقلِ الخبراتِ وشيءٍ من الغطاءِ الجوي, هل يتناسبُ ذلكَ مع البضعةِ الآلافِ مِن المقاتلينَ مِن الدواعشِ ؟!!

ولو إنتهى هذا التنظيمِ بغضونِ عدةِ أسابيعٍ أو القليلِ مِن الشهورِ, هل سوفَ تخرجُ هذهِ القواتُ مِن الأراضي العراقيةِ المحررةِ بعدَ تسليمِهَا الى الجانبِ العراقي مثلاً ؟!!

وهُنَا تقعُ الطامةُ الكبرى والمصيبةُ العظمى مَا لو إتخذتْ هذهِ الدولُ العالميةُ والعظمى مِن الأراضي العراقيةِ قواعداً لَهَا بإتجاهِ الحربِ على سوريا والتدخلِ بأراضِهَا بحجةِ إنهاءِ تواجدِ تنظيمِ الدوليةِ هنالكَ, هل يتوقعُ الناسُ ماذا يعني أن تكن أرضنَا مسرحاً لإنطلاقِ عملياتٍ عسكريةٍ شرقاً وغرباً, ومع أيِّ طرفٍ ؟؟؟
مع الجانبِ الروسي ومصالحهُ ووجودهُ وجنودهُ في المنطقةِ, أسواءُ كانَ في سوريا أم في إيرانَ !!!

أنظروا أينَ كنَا وأينَ صرنَا, بعدَ أن إحتفلتْ الحكومةُ العراقيةُ بخروجِ الإحتلالِ الأميركي مِن أراضي الوطنِ, ها قدَ أرجعتْهَا سياسةُ هؤلاءِ الأغبياءِ والأوباشِ والعملاءِ والعبيدِ للشرقِ والغربِ, كنَا نتكلمُ عن قواتِ سلامٍ وحفظِ سلامٍ وقواتِ صديقةٍ في العراقِ, الآن أرجعنَا بسببِ هؤلاءِ الأغبياءِ العملاءِ قواتاً لتهديدِ السلمِ العالمي والإقليمي ومِن نفسِ الأراضي العراقيةِ !!!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق