السبت، 14 يناير 2017

إنهيارُ الجبهةِ الحلبيةِ ... وإعلانُ التحركِ المصري :
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,(الدكتور مهند جاسم الحسيني)
في الكثيرِ مِن الأحيانِ نكونُ على علمٍ ويقينٍ وثباتٍ ممَا ستؤولُ لهُ الأمورُ مِن مجرياتِ, ومَا سوفَ تنتهي إليهِ مِن أحداثٍ, ولكن مَا يمنعنَا البوحَ عدمُ تقبلُ المقابلِ والقارئ والمُطالعِ للطرحِ, لأنَّ هذا الطرحَ سيأتي بطريقةِ فرضِ البعيدِ مِن الأحداثِ, وترتيبِ الآثارِ عليهَا والتعاملِ معهَا, وهكذا أنواعٌ مِن الطرحِ لَم يعتدْ المقابلُ على تلقيهِ ولا الإستماعِ لهُ, لا لشيءٍ سوى أنهُ غيرُ قادرٍ على التفكيكِ بينَ الغيبِ والغيبياتِ, وبينَ القراءةِ السياسيةِ بعدةِ المدى والنظرِ والأفقِ !!!

ناهيكَ عن أن طبيعةَ المُتلقي العربي عموماً لا تحتفظُ بالمعلوماتِ والأخبارِ المستقبليةِ, وهذا ما سيجعلُ التهيئةَ للإذهانِ لتقبلِ الأطروحاتِ المستقبليةِ غيرَ مجديةٍ بشكلٍ تامٍ تقريباً, لأنهُ لا يستطيعُ الإحتفاظَ بالمعلوماتِ البعيدةِ زمناً وإدراكاً الى فتراتٍ طويلةٍ نسبيةٍ, بالرغمِ مِن كونِهَا ستكونُ لهُ كالمرتكزاتِ والمعطياتِ التي ستحلُ لهُ الكثيرَ من الشفراتِ السياسيةِ مستقبلاً, ناهيكَ عن أن الإحتفاظَ بهَا ينمُ عن ثقافةِ الشخصِ وسعةِ إطلاعهِ !!!

ونحنُ بينَ هاتينِ الخصلتينِ العربيتينِ بتنَا حيارى, لا نهتدي سبيلَ الطريقِ لإفهامِ المقابلِ, ولكنَ الحيرةَ ستنقضي بمجردِ أن نُذهبَ بأنفِسِنَا حسراتٍ على بني قومِنَا ونوعِنَا, لذا سنحاولَ التوفيقَ بينَ هاتينِ الخصلتينِ المؤلمتينِ, والتي ربَّمَا أصبحتْ مِن ضمنِ الموروثِ البايلوجي والجيني عندَ العربِ, وهُمَا النسيانُ وعدمُ تقبلِ الطرحِ المستقبلي السياسي بتهمةِ لا يعلمُ الغيبَ إلا اللهُ تعالى, وسيكونُ هذا التوفيقُ على أساسِ أن يلوحَ الكثيرُ مِن بيارقِ المسألةِ في الأفقِ الإعلامي, والتي سَتُهَيؤ ذهنيةِ المتلقي الذي إعتادَ أن يتلقَ الكثيرَ مِن معلوماتهِ مِن وسائلِ الإعلامي المرئيةِ والمسموعةِ والمقرؤةِ, وأن تيقنَ أنَّ الكثيرَ مِنهَا تابعةٌ لأجندةِ السلطةِ والإقليمِ والعالمِ, وعندَهَا سنستغلُ هذهِ الحالةَ النفسيةَ عندَ المقابلِ لتوسعةِ الطرحِ والفهمِ والرؤيا ...

ولا ننسَ أن الهدفَ مِن وراءِ هذهِ التوسعةِ العلميةِ والعقليةِ والنفسيةِ والروحيةِ, هو أن يتقبلَ الناسُ الكثيرَ مِن الأحداثِ مستقبلاً, وأن يستعدوا لهَا بدلاً مِن أن يتفاجؤا بهَا, وهذا سيقدمُ المنتظرينَ لليومِ الموعودِ ونهايةِ الظلمِ خطوةً وخطواتٍ الى الأمامِ, لفهمِ الكثيرِ مِن مُلابساتِ الصراعاتِ العالميةِ والإقليميةِ والتي ترتبطُ بهذا الحدثِ العالمِ والكوني الملكوتي, وعندَهَا ستتغيرُ طريقةَ قرائتِهِم للرواياتِ الواردةِ عن النبي الأمينِ وآلهِ الطاهرينَ وصحبهِ المنتجبينَ (عليهِم الصلاةُ والسلامُ أجمعينَ), وهذا بحدِ ذاتهِ فيهِ خيرُ الدنيا والآخرةِ إن شاءَ اللهُ ربُ العالمينَ ...

وإن كنا أحياناً نتمردُ على هذهِ الرؤيا كمَا فعلنَا في مقالنَا السابقِ والموسومِ بِــ : (إنتهاءُ الدبلماسيةِ العالميةِ وإعلانُ ساعةِ الصفرِ)
- https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=885196484948548&substory_index=0&id=884743351660528&__mref=message_bubble -,
حيثُ بينَا أن العالمَ في طورِ إعادةِ إصطفافٍ جديدٍ, وهذا الإصطفافُ ليسَ إصطفافاً تحالفياً إعتيادياً, بل هو مِن سنخِ العسكري البحتِ, وعلى هذا تتحركُ دولُ الإقليمِ تركيا ومصرَ والسعوديةِ والخليجِ والمغربِ والجزائرِ والمغربِ العربي عموماً مضافةً الى تحركٍ عُمَاني ويماني, كلَّ هذا التحركِ لأجلِ الإصطفافِ الحربي الذي ستكونُ مسرحهُ أرضَ العربِ عموماً والشامِ والعراقِ على وجهِ الخصوصِ !!!

#والآن ...
لا بأسَ أن نطرحَ شيئاً مُتقدماً في هذا المضمارِ, حيثُ أن الدولَ العالميةَ على نحوِ العمومِ تركتْ التوجهاتِ الإقتصاديةِ جانباً, بالرغمِ مِن إيمانِ الجميعِ بأهمةِ الجانبِ الإقتصادي على الأمنِ القومي والوطني للبلادِ, حيثُ أن أيَّ أزمةٍ إقتصاديةٍ ممكنُ أن تؤدي الى إنهيارِ الدولةِ بكاملِ مؤسساتِهَا, كمَا حصلَ في تونسَ وبعضِ البلدانِ العربيةِ, وهذا ما لا يُسمحُ لهُ أن يحصلَ ويتكررَ مشهدُهُ في اليونانَ مثلاً, والتي تعاني مِن تفاقمِ الأزمةِ الإقتصاديةِ الى حدٍ يهددُ الأمنَ الوطني, لذا سعى البنكِ الأوربي الى إقراضِهَا بعدةِ ملياراتٍ تجنباً لهذا الإنهيارِ !!!

نعم بالرغمِ مِن هذا الإيمانِ والعقيدةِ, لكن باتَ هذا الإيمانُ والعقيدةُ بطورِ الإهمالِ في المنظورِ السياسي للبلدِ الواحدِ, لذا فإنَّ لجوءِ بعضِ الدولِ الأوربيةِ الى الإستمرارِ عليهِ والتلويحِ مِن خلالِهِ غيرُ مجدياً, لأنَّ الكثيرَ مِن التعاملاتِ العسكريةِ يُمكن أن تُبنَ على القروضِ الماليةِ مثلاً, أو البيعِ بالآجلِ بنسبةِ فائدةِ الصفرِ أو الواحدِ بالمائةِ, لذا ستحافظُ الكثيرُ مِن البلدانِ مِن العالمِ الثالثِ, وهي أكثرُ البلدانِ تسكعاً في سوقِ الخردةِ العالميةِ, على مكانَتِهَا العسكريةِ ولو إقليمياً, أو على نحو الخيالِ والتوهمِ والشعورِ الفردي الشخصي !!!

بل ويقابلُ هذا الإيمانَ بأنَّ الإقتصادَ عصبُ الحياةِ والإستمرارِ العسكري, شعورُ الحسمِ لهذهِ المرحلةِ, لأنَّ شكوى وتململَ الإنهيارِ الإقتصادي الى مرحلةِ التهديدِ للأمنِ الوطني -القومي- ليسَ ذا قيمةٍ أبداً, لذا فإنَّ هذا الإصطفافَ العسكريةَ جاءَ إنهاءِ هذهِ المعاناةِ العالميةِ والإقليميةِ مِن الإنهيارِ الإقتصادي أو الركودِ بأحسنِ الأحوالِ !!!

لذا فإنَّ أيَّ إجراءٍ إقتصادي على أيِّ بلدٍ, سيجعلُ البلدَ في طورِ إعادةِ الترتيبِ والتنظيمِ لنفسهِ, ولو بإلإنقلابِ على الكثيرِ مِن المعاهداتِ والتعهداتِ السابقةِ والجذريةِ, وبالتالي فإنَّ عملياتِ الإصطفافِ العسكري في حالةِ تنامي مضطردٍ ومتزايدٍ الى مرحلةِ الرعبِ, والتنصلُ مِن المعاهداتِ والإلتزاماتِ الدوليةِ والإقليميةِ باتتْ على قدمٍ وساقٍ, بل أصبحتْ الإلتزاماتُ غيرُ مجديةٍ في إبقاءِ بعضِ الدولِ تدورِ في أفلاكِ البعضِ الآخرِ !!!

وشيوعُ حالةِ التنصلِ وعدمِ الإلتزامِ يسجعلُ النظامَ العالمي في حالةِ إضطرابٍ كبيرٍ جداً جداً, بحيثُ سيوقفُ عملياتِ تدفقِ الأموالِ والإصولِ الإسهمِ بينَ البلدانِ, نتيجةً لتوقعِ الطرفينِ عدمِ إلتزامِ الآخرِ في المعاهداتِ والإرتباطاتِ, وهذا ما سَيُقسمُ البلدانَ الى قسمينِ إقتصادياً, بينَ بلدانٍ راكدةٍ إقتصادياً وآخرى في طورِ الإنهيارِ, ولا وجودَ لقسمٍ ثالثٍ على الإطلاقِ !!!

#وهنا ...
لا يُمكن التوقعُ أنَّ القضيةَ حصلتْ جزافاً وبدونِ مقدماتٍ, وفي نفسِ الوقتِ لا يُمكن أن نتيقنَ أن القضيةَ مخططٌ لهَا مسبقاً بهذهِ الكيفيةِ ...

 بل لابدَ مِن أن نُؤمنُ أنَّ الكثيرَ مِن الحوادثِ السياسيةِ والعسكريةِ تكونُ خارجَ الاإرادةِ المحركةِ لهَا, وهذا ما يُمكن أن نصطلحَ عليهِ منذُ هذا اليومِ #بالأعراضِ_الجانبيةِ_للتخطيطِ _الفرعوني, حيثُ أنَّ هذا التخطيطَ بدأ بأيدهِم أولَ مرةٍ, ثمَ خرجَ عن الخوارزميةِ التي توقعوا أن يكنَ المقابلُ في أحدِ حدودِهَا !!!

ولكن للمقابلِ المُخَطِطِ عدةُ خياراتٍ تجعلُ الكثيرَ مِن الأحداثِ لصالِحِهِ, طبعاً أن هذا التفكيرُ هو السائدُ في عقلياتِ أغلبِ الجباريينَ والمُتسلطينَ عالمياً والمسيطرينَ على المشهدِ العسكري والإقتصادي والسياسي, هُم يتوقعونَ أن الخياراتِ تبقى متاحةً دوماً, في حالةِ إذا إنهارةِ الخوارزميةِ المخططِ لهَا !!!

ولكن هذا التفكيرُ تفكيراً فرعونياً عالمياً, عندمَا نتوقعَ أن النظامَ الإنساني والعالمي يُمكن أن نضعَ لهُ بعضَ القواعدِ النفسيةِ والفكريةِ والروحيةِ, وهذهِ القواعدُ المُستقراةُ تكونُ قابلةً للإنطباقِ دائماً وفي الأحوالِ كافة, ولا مجالَ إنخرامِهَا أو الشذوذِ عنهَا !!!

نعم ...
هكذا يُفكرُ الفراعنةُ العالميونَ على طولِ التاريخِ وفي الحاضرِ والمستقبلِ, فهُم لا يرونَ إلا جريانِ الخطةِ المُخططِ لهَا, أو إنهيارِ الخطةِ مِن بعضِ أركانِهَا مع إمتلاكِ الخياراتِ الأُخرى التي ستعيدُ الأشياءَ الى نصابِهَا بالمنظورِ الفرعوني !!!

وبالتأكيدِ أن هذا التفكيرَ الفرعوني المتحكمَ بمقدراتِ الشعوبِ والآخرينَ, بل والمتحكمَ بالعالمِ أجمعٍ, يعتقدُ في نفسهِ أنَّهُ هو الإلهُ القادرُ الجبارُ المسيطرُ على مراكزِ القرارِ, وبالتأكيدِ أنَّ هذا الخطَ والمنهجَ والمسلكَ كانَ ولا زالَ منذُ أن وجِدَتْ البشريةُ على سطحِ هذا الكوكبِ, وحتى لو هلكَ أربابُ هذا الشعورِ وإندثرتْ أجسادُهُم في الترابِ, وإستحالتْ بعدَهَا الى العدمِ, لكن يبقى هذا الشعورُ على قيدِ الحياةِ, مُمَنيَّاً نفسهُ بالخلودِ والبقاءِ والسيطرةِ المطلقةِ على الكونِ !!!

لذا أنتُم ترونَ كثيراً في مؤسسةِ هوليودِ الأميركيةِ, كيفَ يُروجونَ عبرَ أفلامِهِم الى إعادةِ الحياةِ للكثيرِ مِن الأباطرةِ والفراعنةِ القدماءِ, وكيفَ أن الفكرَ والقدرةَ والإعجازَ والسيطرةَ يَكمنُ في إعادةِ تلكَ الأجسادِ والأشخاصِ, لا لشيءٍ سوى أن أولئكَ يملكونَ تلكَ القدراتِ والمقوماتِ للسيطرةِ التامةِ ولو بالطرقِ الوحشيةِ !!!

نعم ...
وهذا الأفلامُ لا تنبعُ مِن الخيالِ لغرضِ المتعةِ ومضيعةِ وقتِ المشاهدِ, لا بل لهَا الكثيرُ مِن الإسقاطاتِ في الخارجِ والواقعِ, حيثُ البحثُ المستمر منذُ عشراتِ السنينَ في القدسِ القديمةِ عن هيكلِ سليمانَ (عليهِ السلامُ), وعملياتُ الإستنساخِ الجيني والتكرارِ الفردي, والعشراتُ مِن مثيلاتِهَا غيرِ المعلنِ عنهَا, أو التي لَم يُلتفتْ لهَا بالرغمِ مِن الكشفِ عنهَا, بسببِ الإيمانِ الغبي ببعضِ المناهجِ التحجريةِ الفكريةِ عندَ القياداتِ الدينيةِ خصوصاً !!!

#لذا ...
يؤمنُ الكثيرُ مِن هؤلاءِ المتسلطينَ الفراعنةِ العالميينَ بوجوبِ إعادةِ الترتيبِ للمشهدِ العالمي كلياً, مِن خلالِ الفوضةِ الخلاقةِ - Creative Chaos- وبالحقيقةِ أنَّ هذهِ المنهجيةِ مِن منهجياتِ المجمعِ الماسونس العالمي, الذي كشفَ عنهَا الكاتبُ الأميركي دان براون, حيثُ صرحتْ وزيرةُ الخارجيةُ كوندريزا رايس بعدَ إحتلالِ العراقِ عامِ -2005- مِن خلالِ جريدةِ واشنطن بوست, بأنَّ الولاياتِ المتحدةِ عازمةٌ على بناءِ شرقِ أوسطٍ جديدٍ, بل ونشرِ الديمقارطيةِ في العالمِ العربي أجمعٍ, وبالتأكيدِ لا يُمكن إعادةُ الترتيبِ إلا مِن خلالِ هذهِ الفوضى الخلاقةِ !!!

أنظرْ كاتبٌ روائي لا يتجاوزُ عمرهُ ثلاثةَ وخمسينَ عاماً, يُفصحُ لنَا عن مُصطلحٍ طالمَا قرأنَاهُ بإسلوبٍ غيرِ قصصي في الكثيرِ مِن الكتبِ القديمةِ والمصادرِ العلميةِ مِن إستعمالهِ عندَ ميكافيلي في كتابهِ : (الأميرِ), ولا عندَما طرحُ النمساوي شامبيتر في كتابهِ : (الرأسُ ماليةِ والإشتراكيةُ والديمقراطيةُ), لكن لم يطفُ على السطحِ حتى بعدَ أن إستعملهُ  براون في كتابهِ, إلا بعدَ أن نُفِذَ المشروعُ واقعياً في العراقِ !!!

#وهنا ...
يجبُ على جميعِ الحكوماتِ العربيةِ والإسلاميةِ الحذرَ مِن أن يكونوا جزءاً مِن هذهِ الفوضى الإقليميةِ, بل عليهِم أن يحاولوا النأي بأنفسِهِم قليلاً عن المشهدِ العالمي, ولو أن إبعادَ النفسِ شيءٌ صعبٌ جداً, بعدَ أن تجذرتْ علاقاتُ السلاطينُ في غيرِ أهلِهَا, وإرتشفتْ غذاءهَا مِن غيرِ أرضِهَا, حتى باتوا على علمٍ ويقينٍ أن إقتلاعَهُم مِن أصولِهِم يَتُمُ مِن الخارجِ وليسَ الداخل !!!

وهذا ما يجعلنَا نفسرَ المواقفَ المصريةَ الأخيرةَ, حيثُ أن المملكةَ العربيةَ السعوديةَ قدمتْ للجانبِ المصري الكثيرَ مِن العروضِ السياحيةِ التجاريةِ والقروضِ بفوائدٍ قليلةٍ لا تتعدى 2%, بل وأبرمتْ معهُم أن تقدمَ قرابةَ 700 برميلَ مابينَ وقودٍ ومشتقاتهِ مِن الزيوتِ شهرياً, ناهيكَ عن جعلِ مصرَ في طليعةِ التحالفِ الإسلامي والمسؤولةَ عن أمنِ البحرِ الأحمرِ, وبالرغمِ مِن ذلكَ لَم تُفلِحُ هذهِ المغرياتِ الخليجيةِ !!!

لأنَّ هذهِ المغرياتِ الخليجيةِ لا تُعتبرُ إلا حلاً جزئياً مِن المشكلةِ المصريةِ المتفاقمةِ, والباحثُ عن الحلِ لا يَنتظرَ المُنَحَ الخليجيةَ ولا الإقليميةَ, لأنهُ على علمٍ ويقينٍ أن الهدفَ مِن هذا التقاربَ يَجبُ أن يُرَدَ فورياً مِن خلالِ المواقفِ السياسيةِ الخارجيةِ في المنطقةِ, أي يجبُ أن تتخلَ مصرُ عن رؤيتهَا في المنطقةِ, ولا ترى إلا ماتراهُ المملكةُ العربيةُ السعوديةُ, وهذا يتنافى مع كونِ مصرَ أقوى بلدٍ عسكري وسياسي في القارةِ الأفريقيةِ, والسيطرةُ عليهِ يعني السيطرةَ التامةَ على شمالَ وجنوبَ أفريقيا هذا أولاً, وثانياً فإنَّ الخوفَ ليسَ خوفاً إقتصادياً بقدرِ ماهو خوفاً سياسياً !!!

#ولكن ...
هل يصلحُ ذلكَ مبرراً لتركِ مصرَ المواقفَ العربيةَ في الشأنِ الإقليمي, بحيثُ تنفردُ بإتخاذِ القرارِ والتوجهُ صوبَ التحالفِ مع روسيا, وهي محاطةً بالبلدانِ ذاتِ الولاءِ الأميركي, وهل التعويلُ على هذا التحالفُ السياسي وليسَ العسكري مِن حيثُ إتخاذِ القراراتِ كافياً في إكسابِ حكوكتِهَا حصانةً مِن التدخلاتِ الخارجيةِ مُستقبلاً ؟!!!

بالتأكيدِ سيكونُ الجوابُ بالنفي مطلقاً للأسئلةِ كافةً, لأنَّ الإتفاقَ السياسي شيءٌ وإستحصالِ الحمايةِ العسكريةِ شيءٌ آخرٌ, لذا ربمَا ستسعى مصرُ الى التدخلِ عسكرياً وبشكلٍ ملحوظٍ وواضحٍ وسافرٍ في الشأنِ الإقليمي, وأقصدُ في المقامِ الفتنةَ العظمى والمصيبةَ الكبرى سوريا, لأنَّ هذا البلدَ العربي والتدخلَ فيهِ هو الفيصلُ الحقيقي في معرفةِ الولاءِ الحقيقي للحكومةِ لأي جهةٍ تميلُ, وأما زمنُ التصريحاتُ فقد ذهبَ وقتُهُ ...

#وهنَا :
أمامَ مصرَ خيارينِ لا ثالثَ لهُمَا, ويمكن بالتأكيدِ الجمعِ بينَهُمَا, إما أن تَسمحَ لروسيا أن تتخذَ مِن قاعدتِهَا السوفيتيةِ السابقةِ في شمالِ غربِ مصرَ والمعروفةِ بــ #سيدي_براني قاعدةً بحريةً لهَا مرةً أخرى, أو تذهبُ بجيوشِهَا الى مكانِ النزالِ والصراعِ العالمي والإقليمي في شمالِ وشرقِ سوريا !!!

وكلا الخيارينِ تجعلانِ مصرَ حليفةً للروسِ وبشكلٍ حقيقي, ممَا يُحتُم عليهَا الدفاعُ عنهَا كمَا حصلَ في حربِ إكتوبرَ مع الجانبِ الإسرائيلي, بعدَ أن تمكنتْ روسيا مِن فتحِ جسراً جوياً الى سوريا ومصرَ ناقلةً مئاتِ الدباباتِ والقطعَ العسكريةَ والذخائرَ ...

ولكن مِن المُستبعَدِ جداً في الوقتِ الحالي أن يلجأ الروسُ الى إعادةِ تأهيلِ هذهِ القاعدةِ, وهي في حالةِ حربٍ حقيقيةٍ وليستْ باردةٍ, وهذا التأهيلُ سيكلفُ الإقتصادَ والوقتَ روسيا الشيءَ الكثيرَ,ناهيكَ عن أن التواجدَ الروسي في جنوبِ القارةِ الأوربيةِ سيُشكلُ خطراً حقيقياً على أمنِهَا, وهذا سيعكر العلاقاتِ الدوليةِ الى مرحلةِ الإنهيارِ الحقيقي,  لذا فخيارُ إرسالُ الجيوشِ المصريةِ هو الخيارُ الأسلمُ طبعاً ...

وهنا لا يُمكن أن يُقالَ :
أن الحكومةَ المصريةَ غيرُ مُهَدَدةٍ أميركياً, حتى تضطرَ الى الإصطفافِ مع الجانبِ الروسي, العكسُ صحيحٌ أيضاً, فهي غيرُ مضطرةٍ للإصطفافِ مع الجانبِ الأميركي لعدمِ تهديدِ الروسِ لهَا أيضاً, فهي إذاً مع عدمِ الإضطرارِ سيكونُ خيارُهَا مبنياً على الدراسةِ الموضوعيةِ لهذهِ المسألةِ ...

لأنهُ سيقالُ :
إنَّ النظامَ المصري وليسَ الحكومةَ فقط مهددٌ بالزوالِ بشكلٍ نهائي, كمَا حصلَ مع جارتِهَا ليبيا, بل هي المرشحةُ للفوضةِ القادمةِ في شمالِ أفريقيا بعدَ تونسَ وليبيا, وإنَّ هذا الشعورَ شعورٌ حقيقي وقد سعتْ أميركا لعملهِ في مصرَ بعدَ إسقاطِ مباركٍ وخلفهِ مرسي, وكلا الفردينِ سقطا بسببِ إهمالِ الروسي لهُمَا مع اللرغبةِ الأميركيةِ بزوالِهِمَا, بخلافِ نظامِ الأسدِ الذي بقى محافظاً ولو شكلياً على وجودهِ بفضلِ التدخلِ الروسي !!!

وهذا الشعورُ هو الذي جعلَ الحكومةَ المصريةَ تفضلَ الإرتماءَ بأحضانِ موسكو, ولا يكونُ هذا الإرتماءُ حقيقياً إلا مِن خلالِ الذهابِ الى المسلخِ السوري ...

#وهناكَ ...
الكثيرُ مِن المؤشراتِ على وجودِ بعضِ الأفرادِ المصررينَ على الأراضي السوريا, أو سيذهبونَ قريباً الى شمالِ سوريا, بأي عنوانٍ أرادوا كمدربينَ أو مراقبينَ أو دعمٍ محدودٍ أو أي عنوانٍ آخرٍ, المهمُ أن يتحققَ الوجودَ الشكلي في الأراضي السوريا, وبعدَ ذلكَ سوفَ تتحركُ الأرتالُ الى سوريا وبشكلٍ علني, ولكن لا يتحققُ هذا التحركُ العلني إلا بعدَ إنهيارِ جبهةِ شرقِ حلبَ, لأنَّ التواجدَ العسكري سيكونوا مبرراً عندهَا, وهو محاربةِ تنظيمِ الدولةِ -داعش- في شمالِ وشرقِ سوريا, وليسَ دفاعاً عن النظامِ !!!

وهنا سيحصلُ ما لا يُحْسَدُ عقباهُ, حيثُ سَيكونُ مبررُ وجودِ الجيشِ المصري مبرراً للتواجدِ الآخرينَ مِن الأحلافِ للولاياتِ المتحدةِ الأميركيةِ وبشكلٍ علني أيضاً, فالجيشُ السعودي والخليجي والمغربي والسوداني وكلُّ جيوشِ العالمِ العربي ستكونُ لهُم مواطئ قدمٍ في الأراضي السوريةِ, لا لشيءٍ سوى رداً على التواجدِ المصري فيهاَ, وعندَهَا سيصبحُ النظامُ المصري نظاماً عدواً لأميركا ولأحلافِهَا في العالمِ العربي والإسلامي, وهذا لا ينفعُ معهُ إلا الإنهيارِ كمَا يُخططُ للنظامِ في سوريا !!!

#طبعاً ...
هذهِ الرؤيا لَم تكن واضحاً كفايةً كَمَا صورتُهَا اليومَ, إلا بعدَ أن بحثنَا بشكلٍ جادٍ في الحلقاتِ الثمانيةِ تحتَ عنوانِ -إنهيارُ الدولةِ العراقيةِ ... واستحكامِ سطوةِ الميلشياتِ-, حيثُ مهدَ لنَا هذا البحثُ الكثيرَ مِن الرؤى, لذا أتمنى على الأحبةِ أن يعيدوا قراءتهُ مرةً أخرى, ليتسنَ لهُم إستنشاقُ طرقٍ أخرى في ربطِ الأحداثِ مع بعضِهَا ...

هذا وأسألُ اللهَ العلي القديرَ أن يمُنَ على أمتِنَا وأهلِنَا وبني نوعِنَا في ربوعِ الأرضِ كافةً بالأمنِ والأمانِ والخلاصَ مِن كلِّ براثنِ الفسادِ والإفسادِ, إنهُ حميدٌ مجيبٌ, هذا والحمدُ للهِ ربِ العالمينَ ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق