غِيَابُ الدَولَةِ العِرَاقِيَةِ وإسْتِحْكَامُ سَطْوَةِ المِلِيشيَاتِ :
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,(الدكتور مهند جاسم الحسيني)
#الحلقةُ_التاسعةُ :
#بِلَادُ_الشَاْمِ_بَيْنَ_المَلَاحِمِ_وَ_الفِتَنِ :
إنَّ المُتَابِعَ للشَأنِ السياسي العالمي بصورتهِ العامةِ, يُمكن أن يحصلَ على الكثيرَ مِن المعطياتِ التي تُؤهلهُ الى فَهمِ المستقبلِ القريبِ فيهَا, أسواءَ كانَ الفهمُ على صعيدِ التحالفاتِ العسكريةِ أو الإقتصاديةِ أو السياسيةِ أو الأمنيةِ, المهمُ أن لا يرجعَ بِخَفْي حنينِ مِن ذلكَ التتبعِ ...
وعلى أساسِ مَا يستقرأهُ مِن أحداثٍ وسياساتٍ, ستتكونُ عندَهُ قاعدةٌ بيانيةٌ يَتمكنُ مِن خلالِهَا الحكمَ على الكثيرِ مِن التحركاتِ الشرقيةِ والغربيةِ, وإن يُشخصَ مَا يُكتبُ لهُ النجاحَ والفشلَ, ومَا يُضَعُ في خانةِ ردِ الفعلِ والفعلِ, ومَا كانَ بطابعٍ وهدفٍ سياسي أو غيرهِ ...
إلا في أحداثِ الشرقِ الأوسطِ عموماً, والشامِ على نحوِ الخصوصِ, فلا يَنفعُ عندَهَا الإستقراءُ ولا الإطلاعُ ولا المتابعةُ, فَخَفي حنينِ مَا يُكسبُ مِن طولِ المتابعةِ والمطالعةِ والإستقراءِ في الشأنِ السوري لا مُحالةِ, ولا يطمعُ المحللُ والباحثُ أكثرَ مِنْهُمَا, فحقاً أنَّ الشأنَ السوري شأنٌ بلا مقدماتٍ يُرتكزُ عليهَا, ولا نتائجٍ يُقَفُ عندَهَا, فمَا أن تصلَ الى عنصرٍ مشتركةٍ وقاعدةٍ عامةٍ لفهمِ بعضِ الأحداثِ حتى تُخرمَ وتُردَ ويُرمَ بهَا ناحيةَ وجهكَ, فلا ثوابتَ ولا مبادئَ ولا عناصرَ يُمكن الإرتكازُ إليهَا أبداً !!!
وهذا ما يجعلَ الباحثينَ والمحللينَ والكُتابَ في الشأنِ العالمي يقفونَ حيارى أمامَ فهمِ المشاهدِ السوريةِ وليسَ أمامَ تحليلِهَا, فلا يُمكن وصفُهَا بالأحداثِ الرياضيةِ أو ديكارتيةِ أو المنطقيةِ أو المُتتابعاتِ الهندسيةِ, لذا فَمِنْ الصعبِ جداً أن يُمسكُ لهَا بطرفِ خيطٍ ويبقى بعدَ ذلكَ في اليدِ, فهي أقربُ مَا تكونَ شبيهةً بالأحداثِ العشوائيةِ وغيرِ المحسوبةِ, لذا يَصعبُ التكهنَ بنتائجِ نهاياتِهَا أو بطرقِ بداياتِهَا !!!
#وهنا ...
يُمكن القولَ : إن ما نراهُ مِن التحركَ الغربي والشرقي في الشأنِ السوري, ربَّمَا لا تأتي كردودِ فعلٍ وحركاتِ رقصٍ يَختارهَا عَزَفَةُ السمفونةِ السوريةِ على أرضِ بلادِ الشامِ, فالمواقفُ الغربيةِ والشرقيةِ تأتي بحسبِ مُتطلباتِ المرحلةِ والواقعِ على الأرضِ, وليسَ لَهُم اليدُ في الكثيرِ مِن نتائجِ ما يحصلُ, بقدرِ مَا لَهُم اليدُ بالكثيرِ مِن بداياتهَا, فأقربُ مَا يُصفُ بهِ هؤلاءِ أنَّهُم يتفاعلونَ مع الأحداثِ, وليسَ لهُم يدٌ في صناعَتِهَا !!!
بالتأكيدِ فإنَّ عشوائيةِ المشهدِ لا يَكونُ جزافياً, فَمَن أرادَ كسبَ الوقتِ واللعبِ على طولِ المدةِ, فأفضلُ طريقةً لذلكَ إرباكُ المشهدِ وعشوأتِهِ الى درجةٍ يَصعبُ على المقابلِ فِهْمَهُ وإدراكهُ, فلا يكونَ لهُ إلا التعاملَ مع فصولِ مراحلهِ فصلاً فصلاً ومرحلةً مرحلةً !!!
ومِن أفضلِ الطرقِ لإرباكِ المشهدِ وعشوأتِهِ أن تجعلَ بدلَ الرايةِ المُوحدةِ ثلاثَ راياتٍ أو سبعَ راياتٍ أو عشرةَ راياتٍ, وبدلَ الفصيلِ الواحدِ الموحدِ الثلاثةَ والخمسةَ والسبعةَ والتسعةَ, وبدلَ القيادي الحصيفِ العشراتِ مِن أهونِ الناسِ عقلاً وأضيقِهِم حلماً, وأوسعِهِم طمعاً, وبذلكَ تضمنَ أن عمليةَ التفاوضِ بدلاً أن تكن مع فردٍ ستكونَ معَ أفرادٍ, وبدلاً مِن أن تقاربَ خطَ النهايةِ مع كلِّ عمليةٍ تفاوضيةٍ, سترجعَ الى خطِ الصفرِ البدايةِ, بل لا يَربحُ مِن ذلكَ المُفَاوِضٌ ولا المُفَاوَضٌ ...
وخيرُ مَا يُوجِزُ لنَا هذهِ الحالةَ العشوائيةَ والمُضطربةَ والمُربكةَ ما جاءَ عن أبي سعيدٍ الخدري (رضى اللهُ عنه) قالَ : قالَ رسولُ اللهِ -صلى اللهُ عليهِ والهِ وصحبهِ وسلمَ- : (سَتَكونُ بعدي فِتَنٌ, مِنهَا فتنةَ الاحلاسِ, يكونُ فيهَا حربٌ وهربٌ, ثمَ بعدَهَا فتنٌ أشدُ مِنهَا, ثمَ تكونُ فتنةٌ كلَّمَا قيلَ إنقطعتْ تمادتْ, لا يبقى بيتْ إلا دخلتهُ ولا مسلمٌ إلا صكتهُ, حتى يخرجُ رجلٌ مِن عترتي) ...
وهذا ما يَجعلُ الكُتابَ والمحللينَ السياسيينَ يفرونَ فرارَ العبيدِ, أو كفرارِ المِعزى مِن بينَ يدي القصابِ مِن الكتابةِ في الشأنِ السوري أو الشامي, لأنَّ كتابَتَهُم فيهمَا يعني أن يجعلَ مصداقيتَهُ وقدرتَهُ وسُمعَتهُ على المحكِ أمامَ قراءهِ ومُتابعيهِ, فتركُ الشأنَ السوري أحجى مِن الخوضِ فيهِ, وهذا ما يجعلَ الكثيرَ مِن المتابعينَ والمهتمينَ لا زالوا يرزخونَ في غمائمِ العتمةِ لمَا يحصلُ في الشأنِ السوري, وما سَتؤولُ لهُ أمورُهُم !!!
وهذا ما جعلَ المحللينَ والكُتابَ أن يتعاملوا مع الاحداثِ تعاملَ الأبقعِ, حيثُ يحللونَ المرحلةَ والفترةَ الزمنيةَ والحادثةَ على تلكَ البقعةِ, مع الحذرِ الشديدِ, أي أن القوى العظمى التي أربكتْ المشهدَ السياسي والعسكري في سوريا, لَم تُربكهُ على العدو الشرقي والغربي فحسب, بل أربكتهُ حتى على أولئكَ الذينَ يحللونَ المشاهدِ والمواقفِ خلفَ الشاشاتِ الواسعةِ, فصاروا ما بينَ أبقعِ عسكري يُسيطرُ على بقعٍ مِن بقعِ الأرضِ السوريةِ وأبقعٍ محللٍ وكاتبٍ ومُتابعٍ !!!
#وهذا ...
ماجعلَ الرسولَ المختارَ والهُ الأطهارَ (عليهِم الصلاةُ والسلامُ) يُولُنَّ إهتماماً خاصاً بهذهِ الفترةِ الأصعبِ على البشريةِ جمعاء, لأنهُم بأبي وأمي كانَوا على علمٍ ويقينٍ, وتعليمٍ مِن ذي قوى مَتينِ, أنَّ الفتنةَ في آخرِ الزمانِ سوفَ تكونُ خارجةً عن الفهمِ البشري, لذا فصلوهَا ووضحوهَا وبينُوا الموقفَ العملي آزاءَهَا بأنفسِهِم (عليهِم الصلاةُ والسلامُ) , بل أنَّ الفتنةَ مَا لَم يُتَصَدَ لهَا نفسُ الأئمةِ (عليهِم الصلاةُ والسلامُ) سَتكونُ جزورةً للمؤمنينَ, ومُستأصلةً للصالحينَ, وفتاكةً بالثلةِ الآخرينَ, وهذا يعني نهايةَ الدينِ, وإنقضاءَ الموحدينَ, وضياعَ عناءَ الأنبياءِ والمرسلينَ, وهذا خلافٌ لِمَا عَلِمْنَاهُ مِن ربِ العالمينَ ...
لذا فَمَن أردَ أن يفهَمَ الكثيرَ مِن مجرياتِ الأحداثِ, فلا يُولي دبرهُ مَآثرَ الرسولِ, ولا مَا جاءَ عَن ذريةِ البِكْرِ البتولِ, وهذا ما تَميزتْ بهِ كتابةُ المقالِ عندَنَا دونَ الكثيرِ سوانَا, حيثُ أولينَاهَا جُلَّ الإهتمَامِ, وأسبغناهَا أيمَا الإحترامِ, فَسابقتُ الزمنَ على قراءةِ متونِهَا, والإستئناس بمَا قيلَ في شروحِهَا, حتى جعلتُ مِنهَا سلاسلَ متاربطةً, وأفكاراً مُتظافرةً, خدمةً لكتابةِ المقالِ, ومَا يُقالُ في جميعِ الأحوالِ, مِن سائلٍ يسألُ, وقارئٍ يجهلُ, حتى تساوى عندَهُم الحاضرِ والبادي, والقريبِ والبعيدِ, فاستوتْ بذلكَ الأحلامُ, وحارتْ في مدحِهِم الأقلامُ, فصغيرُهُم متعلمٌ وكبيرُهُم علامٌ ...
#وأما ...
مَن آنفةَ مِن قراءةِ الحديثِ, وشمخرَ على النظرِ فيهَا, فهو قَرَاءٌ لمَا قالهُ المنجمونَ, وطلَّاعٌ لمَا صرحَ بهِ المُنمسونَ الأفاكونَ, والعجيبَ أنهُ يجري مَا قرأ مجرى المقالِ, ويجعلُ ممَا طالعَ زادهُ في جميعِ الأحوالِ, حيثُ يخدعُ متابعيهُ بخدعتينِ إثنتينِ :
إحداهُمَا : إنهُ مِن العلمانيينَ فلا يُسْتَطَابُ بمَا قالهُ كبارُ الصالحينَ, ولا مَا جاءَ عِن الأنبياءِ والمرسلينَ (عليهِم الصلاةُ والسلامُ) أجمعينَ !!!
وأخراهَا : إنَّ ما يقولهُ مِن عندياتِ نفسهِ, وإلا بالحقيقةِ إنهَا إعادةٌ لمَا قالهُ الفلكيونَ والمنجمونَ والراجمونَ بالغيبِ, ولكنهُ أجرى عليهَا ألفاظُ السياسةِ, وصاغهَا بصياغةِ أهلِ الكياسةِ, وجعلَهَا بمنظورِ الجهلاءِ, ممَا لا يعرفُهُ إلا مَن تقاربتْ منازلُهُ مِن عروشِ أهلِ الرياسةِ, وإلا فهو قد كذبَ مرتينِ إثنتينِ, الأولى أن نسبَ ما قيلَ الى نفسهِ, والأخرى أن صاغَ ما لَم يستسغْ الناسُ سماعهُ مِن السحرةِ بصياغةِ المُخبَّتينَ الصالحينَ !!!
فالحذرُ كلُّ الحذرِ مِمَنْ كانَ ادامَهُ كلماتِ المُنَجِمِنَ, وخزعبلاتِ المسترقينَ المُستمعينَ, ويجبُ على الجميعِ كشفهُم وفضحَهُم وإبانَتَهُم وإظهارَهُم على رؤوسِ الأشهادِ, حتى يحذرَ الناسُ أمثالَهُم, وتُفْتَضحَ أغراضُهُم, ويكونوا كَمَا كانوا في زمِن الصحابةِ الصالحينَ, مُنَادى في الملأ فيهِم أن لا مَساسَ !!!
#ومِن_هنَا :
فنحنُ أمامَ قرائتينِ سياسيةٍ وروائيةٍ, ولا مجالَ للتوصلِ مِن خلالِ الأولى الى حقيقةِ مَا يجري على الأرضِ السوريةِ, لأنَّ مايحصلُ فيهَا مبنيةً على الفوضى والعشوائيةِ, ولا مجالَ لأن تسبرَ السياسةُ إلا تلكَ التي تُعْتَمَدُ معطياتُ أحداثِهَا, فلا مجالَ لنَا بعدَ ذلكَ إلا أن نستنشقَ ما يحصلُ عبرَ إستعراضِ بعضِ الرواياتِ, والنتيجةَ التي نخرجُ بهَا نُسقِطُهَا على ما يحصلَ في الأراضي السوريةِ, علنَا نخرجُ بقراءةٍ سياسيةٍ مقبولةٍ ومطابقةٍ أو قريبةٍ مِن الواقعِ ...
#أولاً: بدايةُ الفتنةِ الشاميةِ :
.................................. الكلُّ يتذكرُ أنَّ بدايةَ الثورةِ في سوريا خصوصاً, بدأتْ بحركاتٍ عفويةٍ جداً, ولم يكن خلفَ هذهِ الحركاتِ أهدافٌ سياسيةٌ كبيرةٌ, ولم تكن تابعةً الى أجندةٍ خارجيةٍ, حتى روجَ لهَا الإعلامُ على أنَّهَا ثورةُ الشبابِ السوري ...
حيثُ كانتْ بداياتُهَا على شكلِ تظاهراتٍ ليليةٍ تجولُ شوارعَ دمشقَ وريفِهَا, حتى إنتهَ بهَا المطافُ الى أن صارتْ حرباً تهددَ العالمَ بحربٍ عالميةٍ ثالثةٍ, والكلُّ ينظرُ إليهَا بحذرٍ, ويراقبُ الوضعَ فيهَا عن كثبٍ, حتى أصبحتْ أرضُ سوريا بعدَ تلكَ التظاهراتِ العفويةِ, مسرحاً لأعتى الجيوشِ, وأقسى القلبِ, وأبطشِ الأسلحةِ وأفتكِهَا ...
وبالتأكيدِ إذا تحققتْ هذهِ الرويةَ وإنطبقتْ على مَا يحصلُ اليومَ, فلا مجالَ الى إنتهاءِ ولا وجودَ لبارقةِ نهايةٍ لهَا أبداً, ويدلُ على هذا الكلامِ ما جاءَ في :
- كتابُ أبنِ حمادٍ عن إبنِ المسيبِ قالَ : (تكونُ فتنةٌ بالشامِ, كأنَّ أولَهَا لُعْبُ الصبيانِ, تطفو مِن جانبٍ وتسكنُ في جانبٍ, فلا تتناهى حتى يُنادي المنادي أنَّ الأميرَ فلانٌ) ...
- كتابُ أبنِ حمادٍ عن إبنِ المسيبِ قالَ : (وتكونُ فتنةٌ بالشامِ وكأن لعب الصبيانِ, ثمَ لا يستقيمُ أمرَ الناسِ على شيءٍ, ولا تكونُ لَهُم جماعةٌ, حتى ينادي منادي مِن السماءِ عليكُم بفلانِ ...) ...
وهنَا لابأسَ أن أعقبَ على مَا يُمكن أن يتبادرَ الى الذهنِ أولاً مِن الجملةِ المركبةِ : (كأنَّ أولَهَا لُعْبُ الصبيانِ), بأنَّ المرادَ بهذهِ الجملةِ ليسَ المعنى الحقيقي لهَا, أي أنَّ القائمينَ بالفتنةِ هُم مِن الصبيةِ أو اليافعينَ, لا, ولكنَ المرادَ هو وصفَ الفتنةِ وليسَ القائمينَ بهَا, أي أنَّ بدايةَ الفتنةِ كأنَّهَا لعبُ الصبيانِ, أي لَم يُردْ مِنَها فاعلوهَا أمرَ ما ستؤولُ إليهِ هذهِ الفتنةِ, لأنَّهَا جاءتْ على أساسِ حُسنِ نيةٍ وطهارةِ السريرةِ, ولم يخططْ لهَا مسبقاً, أي كانتْ العفويةُ سيدةَ الموقفِ ...
وإذا قامَ مَعَنَا هذا الفهمُ وصَلُحَ, فيُمكن أن يكونَ أمرَ الفتنةِ الشاميةِ فتنةٌ لَم تحركْهَا أيادي خبيثةٌ في باديءِ أمرِهَا, ولَم تخططْ لهَا في أولِ إندلاعِهَا, بل قامتْ بعدَ ذلكَ بإذكاءِ أوارَ نارِهَا, وأججتْ إرتفاعَ لهِيبِهَا, مِن خلالِ تهيئةِ الأسبابِ لهَا, كإنشاءِ العشراتِ مِن قنواتِ الفتنةِ والتحريضِ على العنفِ والطائفيةِ, حتى أصلوا عندَ المنتفضينَ علائمَ التطرفِ !!!
بالتالي كانَ زمامَ أمرِ هذهِ الفتنةِ في أيدي سلاطينَ سوريا, لولا تلكَ الأنفةُ وشمخرةُ مِن إستهزائِهِم بمطالبِ الشعوبِ, لقلةِ الأعدادِ, وغيابِ الأهدافِ, ناسينَ أنَّ كبارَ الحَطَبِ يُوقَدُ بصغارهِ, حتى آلَ أمرَ هذهِ الفتنةِ الى ما حذرَ مِنهَا الرسولُ (صلى اللهُ عليهِ والهِ وصحبهِ وسلمَ), والتي ستجرَ الويلَ والثبورَ على كلِّ جبارينَ الأرضِ وظالميهِم !!!
#ثالنياً : لا مفرَ ولا منجى ولا مهربَ :
............................................... إذا كانتْ هذهِ الفتنةُ التي نشهدُهَا اليومَ في سوريا هي الفتنةُ التي أخبرَ عنهَا الرسولُ وألهُ بيتهِ (عليهِم الصلاةُ والسلامُ), فيتحتمُ علينَا أن نُؤمنَ ونتيقنَ أن هذهِ الفتنةَ لا نهايةَ لأمدِهَا, ولا مخرجَ يُرتجى مِنهَا, بل سينتقلُ الناسُ خلالَهَا مِن مصيبةٍ الى مصائبٍ, ومِن موتٍ وقتلٍ ودمارٍ الى آخرٍ أشدِ منهُ فتكاً وقتلاً ودماراً, وهذا ما نراهُ حاضراً في الرواياتِ التاليةِ, حيثُ جاءَ في :
- كتابُ أبنِ حمادٍ عن أبي سعيدٍ الخدري (رضى اللهُ عنه) قالَ : قالَ رسولُ اللهِ -صلى اللهُ عليهِ والهِ وصحبهِ وسلمَ- : (سَتَكونُ بعدي فِتَنٌ, ...., ثمَ تكونُ فتنةٌ كلَّمَا قيلَ إنقطعتْ تمادتْ, لا يبقى بيتْ إلا دخلتهُ ولا مسلمٌ إلا صكتهُ, حتى يخرجُ رجلٌ مِن عترتي) ...
- كتابُ غيبةِ النعماني عن أبي جعفرٍ الباقرِ (عليهِ السلامُ) إنهُ قالَ : (ياجابرُ لا يظهرُ القائمُ حتى يشملَ الناسَ بالشامِ فتنةٌ يطلبونَ المخرجِ مِنهَا فلا يجدونهُ ... ويُنادي منادي مِن السماءِ) ...
- كتابُ أبنِ حمادٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، قالَ : (تَكُونُ بِالشَّامِ فِتْنَةٌ كُلَّمَا سَكَنَتْ مِنْ جَانِبٍ طَمَتْ مِنْ جَانِبٍ ، فَلا تَتَنَاهَى حَتَّى يُنَادِيَ مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ : إِنَّ أَمِيرَكُمْ فُلانٌ) ...
#ثالثاً : أرضُ الشامِ ربُهَا اللهُ تعالى :
............................................. إنَّ أكثرَ إرضٍ على وجهِ هذا الكوكبِ قد تغيرَ أهلُهَا هي الشامُ, فكانتْ في بادئ أمرِهَا عندَ اليهودِ, فلمَا أفسدوا فيهَا إستبدلَهُم اللهُ تعالى بغيرِهِم, فكانوا النصارى هُم أهلُهَا, ومَا أن أفسدَ النصارى في بلادِ الشامِ حتى إستبدلَهُم بغيرهِم, فكانوا العربَ هُم أهلُهَا بعدَ ذلكَ, وهُم باقونَ فيهَا ما شاءَ اللهُ تعالى, حتى يُفسدوا فيستبدلُ اللهُ تعالى ربُ الشامِ إياهُم بغيرِهِم ...
وهذا مِن الإستقراءاتِ التي وصلتْنَا كمَا جاءَ في كتابِ إبنِ حمادٍ, حيثُ قالَ :
عَنْ هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ ، قَالَ : (مَثَلُنَا وَمَثَلُ الْعَرَبِ كَرَجُلٍ كَانَتْ لَهُ دَارٌ فَأَسْكَنَهَا قَوْمًا ، فَقَالَ : اسْكُنُوا مَا أَصْلَحْتُمْ ، وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فَأُخْرِجَكُمْ مِنْهَا ، فَعَمَرُوهَا زَمَانًا ، ثُمَّ أَطَّلَعَ إِلَيْهِمْ وَإِذَا هُمْ قَدْ أَفْسَدُوهَا ، فَأَخْرَجَهُمْ عَنْهَا ، وَجَاءَ بِآخَرِينَ فَأَسْكَنَهُمْ إِيَّاهَا وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ كَمَا اشْتَرَطَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ، فَالدَّارُ الشَّامُ ، وَرَبُّهَا اللَّهُ تَعَالَى أَسْكَنَهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ فَكَانُوا أَهْلَهَا زَمَانًا ، ثُمَّ غَيِّرُوا وَأَفْسَدُوا ، فَاطَّلَعَ إِلَيْهِمْ فَأَخْرَجَهُمْ مِنْهَا وَأَسْكَنَّا بَعْدَهُمْ زَمَانًا ، ثُمَّ اطَّلَعَ إِلَيْنَا فَوَجَدَنَا قَدْ غَيَّرْنَا وَأَفْسَدْنَا ، فَأَخْرَجَنَا مِنْهَا وَأَسْكَنَكُمْ إِيَّاهَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ ، فَإِنْ تُصْلِحُوا فَأَنْتُمْ أَهْلُهَا ، وَإِنْ تُغَيِّرُوا وَتُفْسِدُوا أَخْرَجَكُمْ عَنْهَا كَمَا أَخْرَجَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ) ...
ومِن هذا الإستقراءِ الذي نقلهُ أبنُ حمادٍ عن سلسلةٍ مِن الرواةِ وصولاً الى هرقلِ الرومِ, يحصلُ عندَنَا الظنُ المثيرُ للإطمئنانِ, أنَّ ما يحصلُ اليومَ في بلادِ سوريا هي عمليةُ التبدلِ, ولا يكونوا التبديلُ إلا بالقتلِ وطولِ البلاءِ والعناءِ, ويُمكن أن يشتدَ هذا الظنِ أكثرُ عندمَا نحتملُ أن ما جاءَ عن ملكِ الرومِ أنهُ أثرُ مِن صالحي قومهِ ولذي لَم يصلنَا, ولكن جاءَ مَا يقتربُ منهُ كثيراً في تراثِنَا الإسلامي ...
#رابعاً : الفتنةُ تبدأ بالشامِ وتنتهي الى سائرِ أرضِ العربِ :
........................................................................ هكذا بينَا وأكدنَا ووضحنَا كثيراً, أنَّ مقدماتِ الفتنةِ بأيدينَا, ومقدماتِ الأشياءِ تحتَ تصرفاتِنَا, ولا يعني ذلكَ أن الخواتيمَ تكونَ بنفسِ المقدارِ مِن التصرفِ عندنَا, فربَّمَا تخرجُ عن السيطرةِ مطلقاً, بل ترفسُ الفتنِ برجلِهَا شرقاً وغرباً, شمالاً وجنوباً, وبحسبِ إطلاقِ وعمومِ الرواياتِ يُمكن أن لا يختصَ الرفسُ والخروجُ عن السيطرةِ أراضي العربِ فحسب, بل تشملَ عمومَ أرضِ المغربِ والمشرقِ الجغرافيينِ, ولا يسلمُ مِنْهَا حتى مَن صنعَهَا وسَعَرَ لهَا نارهَا, وأججَ لهيبَهَا ...
وهذا مَا يجعلنَا في حالةِ ترقبٍ دائمٍ الى مَا يحصلُ حولنَا مِن أحداثٍ, خصوصاً إذا كانتْ رَفَساتُهَا لا تجدُ أقربَ منالاً مِن بيوتِنَا, وأسهلَ منالاً مِن أهلِنَا, لذا طالمَا حذرنَا مِن الفتنِ ومضلاتِ الفتنِ, وطالمَا حذرَ مِنهَا القرانُ الكريمُ إذ جعلَهَا أشدُ مِن القتلِ بكثيرٍ, لكن لا حياةَ لمَنْ تنادي ...
ومَا يُهَونُ علينَا الخطبَ, ويقللُ هولَ المصيبةِ, ويُسَلِي الروحَ ويؤنُسُهَا, أنَّ هذهِ الفتنَ سوفَ تكونُ أسرعُ رداً وأشدُ وطيساً على صُنَاعِهَا السلاطينِ والجبابرةِ, قياساً بمَا سَتَراهُ الشعوبُ المقهورةُ المظلومةُ المضطهدةُ بعشراتِ المراتِ, بل بمئاتِ وآلافِ المراتِ ...
ومَا يدلُ على ذلكَ ما جاءَ في :
- كتابُ أبنِ حمادٍ عَنْ كَعْبٍ ، قَالَ : (إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الدُّنْيَا بِمَنْزِلَةِ الطَّائِرِ ، فَجَعَلَ الْجَنَاحَيْنِ الْمَشْرِقَ وَالْمَغْرِبَ ، وَجَعَلَ الرَّأْسَ الشَّامَ ، وَجَعَلَ رَأْسَ الرَّأْسِ حِمْصَ ، وَفِيهَا الْمِنْقَارُ ، فَإِذَا نَقَصَ الْمِنْقَارُ تَنَاقَفَ النَّاسُ ، وَجَعَلَ الْجُؤْجُؤَ دِمَشْقَ ، وَفِيهَا الْقَلْبُ ، فَإِذَا تَحَرَّكَ الْقَلْبُ تَحَرَّكَ الْجَسَدُ ، وَلِلرَّأْسِ ضَرْبَتَانِ : ضَرْبَةٌ مِنَ الْجَنَاحِ الْشْرَقِيِّ وَهِيَ عَلَى دِمَشْقَ ، وَضَرْبَةٌ مِنَ الْجَنَاحِ الْغَرْبِيِّ وَهِيَ عَلَى حِمْصَ ، وَهِيَ أَثْقَلُهَا ، ثُمَّ يُقْبِلُ الرَّأْسُ عَلَى الْجَنَاحَيْنِ فَيَنْتِفَهُمَا رِيشَةً رِيشَةً) ...
- كتابُ أبنِ حمادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : (الْفِتْنَةُ الرَّابِعَةُ عَمْيَاءُ مُظْلِمَةٌ تَمُورُ مَوْرَ الْبَحْرِ ، لا يَبْقَى بَيْتٌ مِنَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ إِلا مَلأَتْهُ ذُلا وَخَوْفًا ، تُطِيفُ بِالشَّامِ ، وَتَغْشَى بِالْعِرَاقِ ، وَتَخْبِطُ بِالْجَزِيرَةِ بِيَدِهَا وَرِجْلِهَا ، تُعْرَكُ الأُمَّةُ فِيهَا عَرْكَ الأَدِيمِ ، وَيَشْتَدُّ فِيهَا الْبَلاءُ حَتَّى يُنْكَرَ فِيهَا الْمَعْرُوفُ ، وَيُعْرَفَ فِيهَا الْمُنْكَرُ ، لا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ ، يَقُولُ : مَهْ مَهْ ، وَلا يَرْقَعُونَهَا مِنْ نَاحِيَةٍ إِلا تَفَتَّقَتْ مِنْ نَاحِيَةٍ ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا ، وَلا يَنْجُو مِنْهَا إِلا مِنْ دَعَا كَدُعَاءِ الْغَرَقِ فِي الْبَحْرِ ، تَدُومُ اثْنَيْ عَشَرَ عَامًا ، تَنْجَلِي حِينَ تَنْجَلِي وَقَدِ انْحَسَرَتِ الْفُرَاتُ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ ، فَيَقْتَتِلُونَ عَلَيْهَا حَتَّى يُقْتَلَ مِنْ كُلِّ تِسْعَةٍ سَبْعَةٌ) ...
- كتابُ أبنِ حمادٍ عَنْ كَعْبٍ ، قَالَ : (لا يَزَالُ لِلنَّاسِ مُدَّةٌ حَتَّى يُقْرَعَ الرَّأْسُ ، فَإِذَا قُرِعَ الرَّأْسُ " ، يَعْنِي الشَّامَ ، " هَلَكَ النَّاسُ " ، قِيلَ لِكَعْبٍ : وَمَا قَرْعُ الرَّأْسِ ؟ قَالَ : " الشَّامُ يُخَرَّبُ) ...
#خامساً : مارقةُ الرومِ ونزولُ التركِ :
............................................ بعدَ أن أدركنَا خطورةَ الأرضِ السوريا والشاميةِ, بالتأكيدِ أنهَا ستكونُ محطاً لأبصارِ وأنظارِ الشرقِ والغربِ, بل ستكونُ أرضُ الشامِ ساحةً لتصفيةِ الحساباتِ والخصومِ, لأنَّ الكلَّ ينظرُ الى أنَّ أرضَ الشامِ أرضَ البدايةِ للسيطرةِ على بلادِ الشرقِ والغربِ, بل كلَّ بلادِ العالمِ !!!
لذا فكلُّ الحركاتِ التي تكونُ مصدراً للهدايةِ وللضلالةِ سوفَ تتحركُ بإتجاههَا, فالنبي عيسى والإمام المهدي (عليهِمَا الصلاةُ والسلامُ) مِن ناحيةٍ, والسفياني والدجالُ ويأجوجُ ومأجوجُ مِن ناحيةٍ أخرى ...
ومَا يدلُ على هذا الفهمِ والإستنتاجِ ما جاءَ في :
- كتابُ الغيبةِ للطوسي بالإسنادِ عن أميرِ المؤمنينَ عليهِ السلامُ, قالَ : (إذا اختلفَ رمحانِ بالشامِ فهو آيةٌ من آياتِ اللهِ تعالى, قيلَ : ثم مه ؟, قالَ : ثم رجفةٌ تكونُ بالشامِ يهلكُ فيهَا مائةُ ألفٍ يجعلهَا اللهُ رحمةً للمؤمنينَ وعذاباً على الكافرينَ, فإذا كان ذلك فانظروا إلى أصحابِ البراذينَ الشهبِ والراياتِ الصفرِ تقبل من المغربِ حتى تحلُ بالشامِ, فإذا كان ذلك فانتظروا خسفاً بقريةٍ من قرى الشامِ يقالُ لها حرستا, فإذا كانَ ذلكَ فانتظروا ابن آكلةِ الأكبادِ بوادي اليابسِ) ...
- كتابُ المفيدِ بسندهِ عن الباقرِ عليهِ السلامُ, قالَ: (ألزمْ الأرضَ ولا تحركَ يداً ولا رجلاً حتى ترى علاماتٍ أذكرهَا لكَ, وما أراكَ تدركُ ذلكَ, اختلافُ بني العباسِ ومناد ينادي من السماءِ, وخسفُ قريةٍ من قرى الشامِ تسمى الجابيةُ, ونزولُ التركِ الجزيرةَ, ونزولُ الرومُ الرملةَ, واختلافٌ كثيرٌ عندَ ذلكَ في كلِّ أرضٍ, حتى تخربُ الشامُ, ويكون سببُ خرابِهَا اجتماعُ ثلاثِ راياتٍ فيهَا, رايةُ الأصهبِ ورايةِ الأبقعِ ورايةِ السفياني) ....
- روايةٌ : (وستقبلُ إخوانُ التركِ حتى ينزلوا الجزيرةَ, وستقبلُ إخوانُ مارقةِ الرومِ حتى ينزلوا الرملةَ) ...
- روايةٌ : (ومارقةُ تمرقُ من ناحيةِ التركِ حتى تنزلَ الجزيرةَ, وستقبلُ مارقةُ الرومِ حتى ينزلوا الرملةَ) ...
- روايةُ : (فإذا استأثرتْ عليكُم الرومُ والتركُ وجهزتْ الجيوشَ ...) ...
#طبعاً ...
نحنُ نتعمدُ في الغالبِ أن نميلَ الى الإيجازِ والإبتعادِ عن السردِ والشرحِ والتطويلِ, لكن لا ننسَ أن مقتضى الحالِ يُلزمُنَا أن لا نتركَ الإطنابَ أحياناً, لضرورةٍ في الغالبِ يلتفتُ لهَا القارئ اللبيبِ, لذا فمِن مجموعِ مَا قيلَ سابقاً, أي :
أولاً: بدايةُ الفتنةِ الشاميةِ .
ثالنياً : لا مفرَ ولا منجى ولا مهربَ .
ثالثاً : أرضُ الشامِ ربُهَا اللهُ تعالى .
رابعاً : الفتنةُ تبدأ بالشامِ وتنتهي الى سائرِ أرضِ العربِ .
خامساً : مارقةُ الرومِ ونزولُ التركِ .
نحنُ على يقينٍ أن الأربعةَ الأولى متحققةٌ, فمَا حصلَ في بلادِ الشامِ مِن بلاءٍ, صارَ مصدراً مِن مصادرَ الفتنةِ في كلِّ بقاعِ العالمِ, حتى باتَ الخطرَ الذي يتوقعهُ الكلُّ مصدرهُ مَا يحصلُ في سوريا اليومَ, ومَا قضيةُ التحركاتِ الدبلماسيةِ والسياسيةِ بينَ كبارِ البلدانِ, إلا لغرضِ الخروجِ مِن الأزماتِ والوقوعِ في غيرهَا, فلا أملَ في نهايةِ النفقِ السوري المظلمِ !!!
ولكن يبقى عندَنا السؤالُ عن حقيقةِ مروقِ الرومِ ومروقِ التركِ, ووصفهِم بالمارقةِ دونَ سائرِ البلدانِ, لأنَّ المروقَ لا يكونُ إلا عن تحركٍ سريعٍ ومفاجئٍ والخروجِ عن الجادةِ والأعرافِ, كَمَا يُصفُ الشخصُ بالمارقِ عن الدينِ, أي الخارجِ مِن تعاليمهِ ...
وهنَا سوفَ نتفاجأ قريباً وضمنَ سلسلةِ الأحداثِ المتسارعةِ سورياً, أنَّ إحدى بلادِ الغربِ سوفَ تخرجُ عن الأعرافِ الدوليةِ صراحةً, أو تخرجُ مجموعةً مِنهَا بشكلٍ مفاجيءٍ وبدونِ إنتظارِ إستحصالِ القرارِ الأممي, وهذا ما بدأتْ الأحداثُ العالميةُ بإبرازهِ, حيثُ الكلُّ تقريباً باتَ متفقاً أن لا جدوى ولا فائدةَ مِن القراراتِ الأمميةِ المتحصلةِ في أروقةِ الأممِ المتحدةِ, بحيثُ صارَ مِن المستحيلِ إستحصالِ إجماعاً يُفوضُ للمجتمعِ الدولي بالتحركِ, وهذا مَا سيجعلَ بعضِ البلدانِ العظمى أوربياَ بالتفكيرِ بالمروقِ عن القرارِ الأممي أو عدم إنتظارِ إستحصالهِ, لعلمهِم مسبقاً أن لا قرارَ يُمكن أن يُستحصلَ مِن هذهِ الأروقةِ !!!
ولكنَ اللطيفَ وغيرَ المُلْتَفَتْ إليهِ الى حدِ كتابةِ هذهِ السطورِ تقريباً بحسبِ المطالعةِ, أنَّ لفظةَ المروقِ يُمكن أن تتناسبَ مع بلادِ الغربِ, لإجتماعِ دولِ الغربِ على حلفٍ سياسي وعسكري وإقتصادي, وعدمُ إلتزامِ إحداهَا أو مجموعةً مِنهَا يُمكن أن يُشارُ على كونهِ مروقاً, بينمَا لا نرى ذلكَ واضحاً في الجانبِ الشرقي , التركي أو مَا يُعرفُ بالروسِ اليومَ !!!
لانَّ الجانبَ الشرقي أو روسيا لا تملكُ حلفاً عسكرياً يُمكن وصفُهَا بأنَّهَا مارقةٌ عنهُ, لأنَّ هذهِ الأخبارُ تتناسبُ مَا لو تحققتْ في زمنِ الإتحادِ السوفيتي أو حلفِ وارسو, عندَهَا يُمكن أن تُصفُ روسيا -التركُ- بالمارقةِ !!!
ولكنَ نفسَ الروسِ هُم مرتبطونَ بنفسِ الأعرافِ الدوليةِ, والتي تحكمُ بلادَ الغربِ والشرقِ على حدٍ سواءٍ, وهذهِ الأعرافُ الدوليةُ والقوانينَ يمثلُ الخروجُ عليهَا خروجاً ومروقاً دولياً, إذن مِن الممكنِ جداً أن الروايةِ تريدَ هذا الجانبِ مِن المروقِ وليسَ الجانبَ الآخرِ كَمَا يُمكن أن يفهَمَهُ البعضُ على شاكلةِ حلفينِ مُتقابلينِ ...
وطبعاً أن هذا المروقَ لهُ مبرراتُهُ عندَ متخذي قرارهِ, ومِن مبرراتهِ أن يكونَ أحدُ المروقينِ ردَ فعلٍ على الآخرِ, أي ليسَ بالضرورةِ أن يَمرقَ الطرفانِ سويةً وبدونِ سابقِ إنذارٍ, بل لربمَا يمرقُ أحدُ الطرفينِ مُعطياً المبررَ لمروقِ الطرفِ الآخرِ !!!
ومِن هنَا يحصلُ الظنُ الراجحُ عندَنَا أنَّ مروقَ الرومِ, ليسَ هو مرقاً للجانبِ الأميركي, بل هو مروقٌ لدولِ نفسِ الإتحادِ الأوربي أو لأحدِ أعضاءِ حلفِ الناتو, وهذا الظنُ جاءَ نتيجةً أنَّ لفظةَ بلادِ رومَ لا تشملَ الدولةَ الأميركيةَ المُشكلةَ حديثاً, والتي نُقِلتْ إليهِم الحضارةُ مؤخراً, فهي لَم تكن موجودةً عصرَ صدورِ الرواياتِ, ولا عصرَ إستمرارِ الآثارِ مِن قبلِ نفسِ التابعينَ وتابعي التابعينَ ولا غيرِهِم أبداً, بل إنَّ النواةَ الأولى لهذهِ الدولةِ أسِسَتْ في زمنِ الملكةِ إليزابيث, بل وأولُ ولايةٍ تشكلتْ -فرجينيا- جاءتْ تيمنن بإسمِ هذهِ الملكةِ ...
لذا مِن المستبعدِ جداً أن يكونَ لفظةَ مروقَ الرومَ, يُرادُ بهَا أميركا المشكلةِ حديثاً, ولعدةِ أسبابٍ ومِنهَا ماذكرناهُ مِن الفارقِ الزمني بينَهَا وبينَ عصرِ النصِ بكلِّ أنواعهِ السُني والشيعي, والسببُ الآخرُ أنَّ القوةَ الأميركيةَ العظمى لا يتناسبُ معهَا لفظةُ المروقِ أبداً, بل يُمكن أن يُقالَ بأنَّ الخارجَ عن الفلكِ الأميركي هو المارقُ حتى لو كانَ العالمُ بأسرهِ !!!
لذا فيقوى بهذهِ الطريقةِ المبسطةِ مِن التفكيرِ والتحليلِ أنَّ مارقةَ الرومِ سيكونوا غيرَ الأميركيينَ, بل تحديداً مِن الدولِ الغربيةِ مِن نفسِ الإتحادِ الأوربي, ولا أستبعدُ أبداً أن تكونَ فرنسا أو بريطانيا هي الدولةُ المارقةُ واللهُ تعالى هو العالمُ بحقيقةِ الأمرِ, خصوصاً أنَّ ماذكرناهُ في الحلقةِ الثامنةِ مِن نفسِ السلسلةِ كنَا قد أكدنَا بأنَّ السفياني الموعودَ سينالُ سوطُ عذابهِ وتعذيبهِ الجانبَ الأوربي كَمَا بينَّا فيهَا, بل أنَّ رايةَ بني الأصفرِ التي سوفَ تمرقُ والتي تكلمتْ عنهَا الرواياتُ, سوفَ يَتمُ القضاءُ عليهَا وبشكلٍ نهائي على يدِ نفسِ السفياني الذي سيجعلَ مِن الأراضي السوريا منطلقاً لعملياتهِ الى بقاعِ الأرضِ كافةً ...
#ولذا ...
مِن الممكنِ أنَّ أحدَ الأسبابِ التي تجعلَ السفياني -الدجالُ- في حالةِ غضبٍ والذي يخرجُ على أثرهِ, كمَا سوفَ نبيتُ في أحدِ هذهِ الحلقاتِ مُستقبلاً إن شاءَ اللهُ تعالى, هو نفسُ هذا المروقِ مِن قبلِ المشرقِ -التركُ- والغربِ -الرومُ-, وهذا مَا سيجعلُ خروجهُ على أساسِ غضبٍ يغضبهُ, بل إنَّ نفسَ المروقِ الذي يجعلهُ غاضباً, هو المروقُ على أوامرهِ ونواهييهِ, وإلا لا نستطيعُ أنَّ نستوعبَ الغضبَ الموجبَ للخروجِ إلا مِن خلالِ المروقِ على أوامرهِ ونواهيهِ !!!
خارجُ النصِ :
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,, إنَّ أحدَ الأسبابِ التي جعلتني أُؤخرُ طرحَ الموضوعِ, هو الشغفُ الى أن يُطرحَ الموضوعِ قريباً مِن نهايةِ السنةِ الحاليةِ, حيثُ سيتوجهُ الناسُ بشكلٍ كبيرٍ جداً الى متابعةِ برامجِ التنجيمِ والجفرِ والضربِ بالغيبِ كذباً وخداعاً ودجلاً, وسَيَسْتفادُ الكثيرُ مِن الكُتابِ والمحللينَ مِن هؤلاءِ المنجمينَ وقارئي الجفرِ, ورأيتُم سابقاً وسترونَ لاحقاً إن شاءَ اللهُ تعالى إنعكاسَ ذلكَ على طريقةِ كتاباتِهِم وتحليلاتِهِم ...
لذا كانَ مِن المناسبِ جداً أن يتأخرَ طرحُ الموضوعِ الى هذهِ الفترةِ, حتى نقطعَ الكثيرَ مِن كذبِ هؤلاءِ, مِن خلالِ تقديمِ رؤيتِنَا المستقبليةِ على أساسِ ما جاءَنَا مِن النصوصِ الشريفةِ والتي نرجحُ حصولَ بعضِهَا أو الكثيرَ مِنهَا خلالَ هذهِ الفترةِ, واللهُ تعالى العالمُ بحقيقةِ الأمورِ ...
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,(الدكتور مهند جاسم الحسيني)
#الحلقةُ_التاسعةُ :
#بِلَادُ_الشَاْمِ_بَيْنَ_المَلَاحِمِ_وَ_الفِتَنِ :
إنَّ المُتَابِعَ للشَأنِ السياسي العالمي بصورتهِ العامةِ, يُمكن أن يحصلَ على الكثيرَ مِن المعطياتِ التي تُؤهلهُ الى فَهمِ المستقبلِ القريبِ فيهَا, أسواءَ كانَ الفهمُ على صعيدِ التحالفاتِ العسكريةِ أو الإقتصاديةِ أو السياسيةِ أو الأمنيةِ, المهمُ أن لا يرجعَ بِخَفْي حنينِ مِن ذلكَ التتبعِ ...
وعلى أساسِ مَا يستقرأهُ مِن أحداثٍ وسياساتٍ, ستتكونُ عندَهُ قاعدةٌ بيانيةٌ يَتمكنُ مِن خلالِهَا الحكمَ على الكثيرِ مِن التحركاتِ الشرقيةِ والغربيةِ, وإن يُشخصَ مَا يُكتبُ لهُ النجاحَ والفشلَ, ومَا يُضَعُ في خانةِ ردِ الفعلِ والفعلِ, ومَا كانَ بطابعٍ وهدفٍ سياسي أو غيرهِ ...
إلا في أحداثِ الشرقِ الأوسطِ عموماً, والشامِ على نحوِ الخصوصِ, فلا يَنفعُ عندَهَا الإستقراءُ ولا الإطلاعُ ولا المتابعةُ, فَخَفي حنينِ مَا يُكسبُ مِن طولِ المتابعةِ والمطالعةِ والإستقراءِ في الشأنِ السوري لا مُحالةِ, ولا يطمعُ المحللُ والباحثُ أكثرَ مِنْهُمَا, فحقاً أنَّ الشأنَ السوري شأنٌ بلا مقدماتٍ يُرتكزُ عليهَا, ولا نتائجٍ يُقَفُ عندَهَا, فمَا أن تصلَ الى عنصرٍ مشتركةٍ وقاعدةٍ عامةٍ لفهمِ بعضِ الأحداثِ حتى تُخرمَ وتُردَ ويُرمَ بهَا ناحيةَ وجهكَ, فلا ثوابتَ ولا مبادئَ ولا عناصرَ يُمكن الإرتكازُ إليهَا أبداً !!!
وهذا ما يجعلَ الباحثينَ والمحللينَ والكُتابَ في الشأنِ العالمي يقفونَ حيارى أمامَ فهمِ المشاهدِ السوريةِ وليسَ أمامَ تحليلِهَا, فلا يُمكن وصفُهَا بالأحداثِ الرياضيةِ أو ديكارتيةِ أو المنطقيةِ أو المُتتابعاتِ الهندسيةِ, لذا فَمِنْ الصعبِ جداً أن يُمسكُ لهَا بطرفِ خيطٍ ويبقى بعدَ ذلكَ في اليدِ, فهي أقربُ مَا تكونَ شبيهةً بالأحداثِ العشوائيةِ وغيرِ المحسوبةِ, لذا يَصعبُ التكهنَ بنتائجِ نهاياتِهَا أو بطرقِ بداياتِهَا !!!
#وهنا ...
يُمكن القولَ : إن ما نراهُ مِن التحركَ الغربي والشرقي في الشأنِ السوري, ربَّمَا لا تأتي كردودِ فعلٍ وحركاتِ رقصٍ يَختارهَا عَزَفَةُ السمفونةِ السوريةِ على أرضِ بلادِ الشامِ, فالمواقفُ الغربيةِ والشرقيةِ تأتي بحسبِ مُتطلباتِ المرحلةِ والواقعِ على الأرضِ, وليسَ لَهُم اليدُ في الكثيرِ مِن نتائجِ ما يحصلُ, بقدرِ مَا لَهُم اليدُ بالكثيرِ مِن بداياتهَا, فأقربُ مَا يُصفُ بهِ هؤلاءِ أنَّهُم يتفاعلونَ مع الأحداثِ, وليسَ لهُم يدٌ في صناعَتِهَا !!!
بالتأكيدِ فإنَّ عشوائيةِ المشهدِ لا يَكونُ جزافياً, فَمَن أرادَ كسبَ الوقتِ واللعبِ على طولِ المدةِ, فأفضلُ طريقةً لذلكَ إرباكُ المشهدِ وعشوأتِهِ الى درجةٍ يَصعبُ على المقابلِ فِهْمَهُ وإدراكهُ, فلا يكونَ لهُ إلا التعاملَ مع فصولِ مراحلهِ فصلاً فصلاً ومرحلةً مرحلةً !!!
ومِن أفضلِ الطرقِ لإرباكِ المشهدِ وعشوأتِهِ أن تجعلَ بدلَ الرايةِ المُوحدةِ ثلاثَ راياتٍ أو سبعَ راياتٍ أو عشرةَ راياتٍ, وبدلَ الفصيلِ الواحدِ الموحدِ الثلاثةَ والخمسةَ والسبعةَ والتسعةَ, وبدلَ القيادي الحصيفِ العشراتِ مِن أهونِ الناسِ عقلاً وأضيقِهِم حلماً, وأوسعِهِم طمعاً, وبذلكَ تضمنَ أن عمليةَ التفاوضِ بدلاً أن تكن مع فردٍ ستكونَ معَ أفرادٍ, وبدلاً مِن أن تقاربَ خطَ النهايةِ مع كلِّ عمليةٍ تفاوضيةٍ, سترجعَ الى خطِ الصفرِ البدايةِ, بل لا يَربحُ مِن ذلكَ المُفَاوِضٌ ولا المُفَاوَضٌ ...
وخيرُ مَا يُوجِزُ لنَا هذهِ الحالةَ العشوائيةَ والمُضطربةَ والمُربكةَ ما جاءَ عن أبي سعيدٍ الخدري (رضى اللهُ عنه) قالَ : قالَ رسولُ اللهِ -صلى اللهُ عليهِ والهِ وصحبهِ وسلمَ- : (سَتَكونُ بعدي فِتَنٌ, مِنهَا فتنةَ الاحلاسِ, يكونُ فيهَا حربٌ وهربٌ, ثمَ بعدَهَا فتنٌ أشدُ مِنهَا, ثمَ تكونُ فتنةٌ كلَّمَا قيلَ إنقطعتْ تمادتْ, لا يبقى بيتْ إلا دخلتهُ ولا مسلمٌ إلا صكتهُ, حتى يخرجُ رجلٌ مِن عترتي) ...
وهذا ما يَجعلُ الكُتابَ والمحللينَ السياسيينَ يفرونَ فرارَ العبيدِ, أو كفرارِ المِعزى مِن بينَ يدي القصابِ مِن الكتابةِ في الشأنِ السوري أو الشامي, لأنَّ كتابَتَهُم فيهمَا يعني أن يجعلَ مصداقيتَهُ وقدرتَهُ وسُمعَتهُ على المحكِ أمامَ قراءهِ ومُتابعيهِ, فتركُ الشأنَ السوري أحجى مِن الخوضِ فيهِ, وهذا ما يجعلَ الكثيرَ مِن المتابعينَ والمهتمينَ لا زالوا يرزخونَ في غمائمِ العتمةِ لمَا يحصلُ في الشأنِ السوري, وما سَتؤولُ لهُ أمورُهُم !!!
وهذا ما جعلَ المحللينَ والكُتابَ أن يتعاملوا مع الاحداثِ تعاملَ الأبقعِ, حيثُ يحللونَ المرحلةَ والفترةَ الزمنيةَ والحادثةَ على تلكَ البقعةِ, مع الحذرِ الشديدِ, أي أن القوى العظمى التي أربكتْ المشهدَ السياسي والعسكري في سوريا, لَم تُربكهُ على العدو الشرقي والغربي فحسب, بل أربكتهُ حتى على أولئكَ الذينَ يحللونَ المشاهدِ والمواقفِ خلفَ الشاشاتِ الواسعةِ, فصاروا ما بينَ أبقعِ عسكري يُسيطرُ على بقعٍ مِن بقعِ الأرضِ السوريةِ وأبقعٍ محللٍ وكاتبٍ ومُتابعٍ !!!
#وهذا ...
ماجعلَ الرسولَ المختارَ والهُ الأطهارَ (عليهِم الصلاةُ والسلامُ) يُولُنَّ إهتماماً خاصاً بهذهِ الفترةِ الأصعبِ على البشريةِ جمعاء, لأنهُم بأبي وأمي كانَوا على علمٍ ويقينٍ, وتعليمٍ مِن ذي قوى مَتينِ, أنَّ الفتنةَ في آخرِ الزمانِ سوفَ تكونُ خارجةً عن الفهمِ البشري, لذا فصلوهَا ووضحوهَا وبينُوا الموقفَ العملي آزاءَهَا بأنفسِهِم (عليهِم الصلاةُ والسلامُ) , بل أنَّ الفتنةَ مَا لَم يُتَصَدَ لهَا نفسُ الأئمةِ (عليهِم الصلاةُ والسلامُ) سَتكونُ جزورةً للمؤمنينَ, ومُستأصلةً للصالحينَ, وفتاكةً بالثلةِ الآخرينَ, وهذا يعني نهايةَ الدينِ, وإنقضاءَ الموحدينَ, وضياعَ عناءَ الأنبياءِ والمرسلينَ, وهذا خلافٌ لِمَا عَلِمْنَاهُ مِن ربِ العالمينَ ...
لذا فَمَن أردَ أن يفهَمَ الكثيرَ مِن مجرياتِ الأحداثِ, فلا يُولي دبرهُ مَآثرَ الرسولِ, ولا مَا جاءَ عَن ذريةِ البِكْرِ البتولِ, وهذا ما تَميزتْ بهِ كتابةُ المقالِ عندَنَا دونَ الكثيرِ سوانَا, حيثُ أولينَاهَا جُلَّ الإهتمَامِ, وأسبغناهَا أيمَا الإحترامِ, فَسابقتُ الزمنَ على قراءةِ متونِهَا, والإستئناس بمَا قيلَ في شروحِهَا, حتى جعلتُ مِنهَا سلاسلَ متاربطةً, وأفكاراً مُتظافرةً, خدمةً لكتابةِ المقالِ, ومَا يُقالُ في جميعِ الأحوالِ, مِن سائلٍ يسألُ, وقارئٍ يجهلُ, حتى تساوى عندَهُم الحاضرِ والبادي, والقريبِ والبعيدِ, فاستوتْ بذلكَ الأحلامُ, وحارتْ في مدحِهِم الأقلامُ, فصغيرُهُم متعلمٌ وكبيرُهُم علامٌ ...
#وأما ...
مَن آنفةَ مِن قراءةِ الحديثِ, وشمخرَ على النظرِ فيهَا, فهو قَرَاءٌ لمَا قالهُ المنجمونَ, وطلَّاعٌ لمَا صرحَ بهِ المُنمسونَ الأفاكونَ, والعجيبَ أنهُ يجري مَا قرأ مجرى المقالِ, ويجعلُ ممَا طالعَ زادهُ في جميعِ الأحوالِ, حيثُ يخدعُ متابعيهُ بخدعتينِ إثنتينِ :
إحداهُمَا : إنهُ مِن العلمانيينَ فلا يُسْتَطَابُ بمَا قالهُ كبارُ الصالحينَ, ولا مَا جاءَ عِن الأنبياءِ والمرسلينَ (عليهِم الصلاةُ والسلامُ) أجمعينَ !!!
وأخراهَا : إنَّ ما يقولهُ مِن عندياتِ نفسهِ, وإلا بالحقيقةِ إنهَا إعادةٌ لمَا قالهُ الفلكيونَ والمنجمونَ والراجمونَ بالغيبِ, ولكنهُ أجرى عليهَا ألفاظُ السياسةِ, وصاغهَا بصياغةِ أهلِ الكياسةِ, وجعلَهَا بمنظورِ الجهلاءِ, ممَا لا يعرفُهُ إلا مَن تقاربتْ منازلُهُ مِن عروشِ أهلِ الرياسةِ, وإلا فهو قد كذبَ مرتينِ إثنتينِ, الأولى أن نسبَ ما قيلَ الى نفسهِ, والأخرى أن صاغَ ما لَم يستسغْ الناسُ سماعهُ مِن السحرةِ بصياغةِ المُخبَّتينَ الصالحينَ !!!
فالحذرُ كلُّ الحذرِ مِمَنْ كانَ ادامَهُ كلماتِ المُنَجِمِنَ, وخزعبلاتِ المسترقينَ المُستمعينَ, ويجبُ على الجميعِ كشفهُم وفضحَهُم وإبانَتَهُم وإظهارَهُم على رؤوسِ الأشهادِ, حتى يحذرَ الناسُ أمثالَهُم, وتُفْتَضحَ أغراضُهُم, ويكونوا كَمَا كانوا في زمِن الصحابةِ الصالحينَ, مُنَادى في الملأ فيهِم أن لا مَساسَ !!!
#ومِن_هنَا :
فنحنُ أمامَ قرائتينِ سياسيةٍ وروائيةٍ, ولا مجالَ للتوصلِ مِن خلالِ الأولى الى حقيقةِ مَا يجري على الأرضِ السوريةِ, لأنَّ مايحصلُ فيهَا مبنيةً على الفوضى والعشوائيةِ, ولا مجالَ لأن تسبرَ السياسةُ إلا تلكَ التي تُعْتَمَدُ معطياتُ أحداثِهَا, فلا مجالَ لنَا بعدَ ذلكَ إلا أن نستنشقَ ما يحصلُ عبرَ إستعراضِ بعضِ الرواياتِ, والنتيجةَ التي نخرجُ بهَا نُسقِطُهَا على ما يحصلَ في الأراضي السوريةِ, علنَا نخرجُ بقراءةٍ سياسيةٍ مقبولةٍ ومطابقةٍ أو قريبةٍ مِن الواقعِ ...
#أولاً: بدايةُ الفتنةِ الشاميةِ :
.................................. الكلُّ يتذكرُ أنَّ بدايةَ الثورةِ في سوريا خصوصاً, بدأتْ بحركاتٍ عفويةٍ جداً, ولم يكن خلفَ هذهِ الحركاتِ أهدافٌ سياسيةٌ كبيرةٌ, ولم تكن تابعةً الى أجندةٍ خارجيةٍ, حتى روجَ لهَا الإعلامُ على أنَّهَا ثورةُ الشبابِ السوري ...
حيثُ كانتْ بداياتُهَا على شكلِ تظاهراتٍ ليليةٍ تجولُ شوارعَ دمشقَ وريفِهَا, حتى إنتهَ بهَا المطافُ الى أن صارتْ حرباً تهددَ العالمَ بحربٍ عالميةٍ ثالثةٍ, والكلُّ ينظرُ إليهَا بحذرٍ, ويراقبُ الوضعَ فيهَا عن كثبٍ, حتى أصبحتْ أرضُ سوريا بعدَ تلكَ التظاهراتِ العفويةِ, مسرحاً لأعتى الجيوشِ, وأقسى القلبِ, وأبطشِ الأسلحةِ وأفتكِهَا ...
وبالتأكيدِ إذا تحققتْ هذهِ الرويةَ وإنطبقتْ على مَا يحصلُ اليومَ, فلا مجالَ الى إنتهاءِ ولا وجودَ لبارقةِ نهايةٍ لهَا أبداً, ويدلُ على هذا الكلامِ ما جاءَ في :
- كتابُ أبنِ حمادٍ عن إبنِ المسيبِ قالَ : (تكونُ فتنةٌ بالشامِ, كأنَّ أولَهَا لُعْبُ الصبيانِ, تطفو مِن جانبٍ وتسكنُ في جانبٍ, فلا تتناهى حتى يُنادي المنادي أنَّ الأميرَ فلانٌ) ...
- كتابُ أبنِ حمادٍ عن إبنِ المسيبِ قالَ : (وتكونُ فتنةٌ بالشامِ وكأن لعب الصبيانِ, ثمَ لا يستقيمُ أمرَ الناسِ على شيءٍ, ولا تكونُ لَهُم جماعةٌ, حتى ينادي منادي مِن السماءِ عليكُم بفلانِ ...) ...
وهنَا لابأسَ أن أعقبَ على مَا يُمكن أن يتبادرَ الى الذهنِ أولاً مِن الجملةِ المركبةِ : (كأنَّ أولَهَا لُعْبُ الصبيانِ), بأنَّ المرادَ بهذهِ الجملةِ ليسَ المعنى الحقيقي لهَا, أي أنَّ القائمينَ بالفتنةِ هُم مِن الصبيةِ أو اليافعينَ, لا, ولكنَ المرادَ هو وصفَ الفتنةِ وليسَ القائمينَ بهَا, أي أنَّ بدايةَ الفتنةِ كأنَّهَا لعبُ الصبيانِ, أي لَم يُردْ مِنَها فاعلوهَا أمرَ ما ستؤولُ إليهِ هذهِ الفتنةِ, لأنَّهَا جاءتْ على أساسِ حُسنِ نيةٍ وطهارةِ السريرةِ, ولم يخططْ لهَا مسبقاً, أي كانتْ العفويةُ سيدةَ الموقفِ ...
وإذا قامَ مَعَنَا هذا الفهمُ وصَلُحَ, فيُمكن أن يكونَ أمرَ الفتنةِ الشاميةِ فتنةٌ لَم تحركْهَا أيادي خبيثةٌ في باديءِ أمرِهَا, ولَم تخططْ لهَا في أولِ إندلاعِهَا, بل قامتْ بعدَ ذلكَ بإذكاءِ أوارَ نارِهَا, وأججتْ إرتفاعَ لهِيبِهَا, مِن خلالِ تهيئةِ الأسبابِ لهَا, كإنشاءِ العشراتِ مِن قنواتِ الفتنةِ والتحريضِ على العنفِ والطائفيةِ, حتى أصلوا عندَ المنتفضينَ علائمَ التطرفِ !!!
بالتالي كانَ زمامَ أمرِ هذهِ الفتنةِ في أيدي سلاطينَ سوريا, لولا تلكَ الأنفةُ وشمخرةُ مِن إستهزائِهِم بمطالبِ الشعوبِ, لقلةِ الأعدادِ, وغيابِ الأهدافِ, ناسينَ أنَّ كبارَ الحَطَبِ يُوقَدُ بصغارهِ, حتى آلَ أمرَ هذهِ الفتنةِ الى ما حذرَ مِنهَا الرسولُ (صلى اللهُ عليهِ والهِ وصحبهِ وسلمَ), والتي ستجرَ الويلَ والثبورَ على كلِّ جبارينَ الأرضِ وظالميهِم !!!
#ثالنياً : لا مفرَ ولا منجى ولا مهربَ :
............................................... إذا كانتْ هذهِ الفتنةُ التي نشهدُهَا اليومَ في سوريا هي الفتنةُ التي أخبرَ عنهَا الرسولُ وألهُ بيتهِ (عليهِم الصلاةُ والسلامُ), فيتحتمُ علينَا أن نُؤمنَ ونتيقنَ أن هذهِ الفتنةَ لا نهايةَ لأمدِهَا, ولا مخرجَ يُرتجى مِنهَا, بل سينتقلُ الناسُ خلالَهَا مِن مصيبةٍ الى مصائبٍ, ومِن موتٍ وقتلٍ ودمارٍ الى آخرٍ أشدِ منهُ فتكاً وقتلاً ودماراً, وهذا ما نراهُ حاضراً في الرواياتِ التاليةِ, حيثُ جاءَ في :
- كتابُ أبنِ حمادٍ عن أبي سعيدٍ الخدري (رضى اللهُ عنه) قالَ : قالَ رسولُ اللهِ -صلى اللهُ عليهِ والهِ وصحبهِ وسلمَ- : (سَتَكونُ بعدي فِتَنٌ, ...., ثمَ تكونُ فتنةٌ كلَّمَا قيلَ إنقطعتْ تمادتْ, لا يبقى بيتْ إلا دخلتهُ ولا مسلمٌ إلا صكتهُ, حتى يخرجُ رجلٌ مِن عترتي) ...
- كتابُ غيبةِ النعماني عن أبي جعفرٍ الباقرِ (عليهِ السلامُ) إنهُ قالَ : (ياجابرُ لا يظهرُ القائمُ حتى يشملَ الناسَ بالشامِ فتنةٌ يطلبونَ المخرجِ مِنهَا فلا يجدونهُ ... ويُنادي منادي مِن السماءِ) ...
- كتابُ أبنِ حمادٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، قالَ : (تَكُونُ بِالشَّامِ فِتْنَةٌ كُلَّمَا سَكَنَتْ مِنْ جَانِبٍ طَمَتْ مِنْ جَانِبٍ ، فَلا تَتَنَاهَى حَتَّى يُنَادِيَ مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ : إِنَّ أَمِيرَكُمْ فُلانٌ) ...
#ثالثاً : أرضُ الشامِ ربُهَا اللهُ تعالى :
............................................. إنَّ أكثرَ إرضٍ على وجهِ هذا الكوكبِ قد تغيرَ أهلُهَا هي الشامُ, فكانتْ في بادئ أمرِهَا عندَ اليهودِ, فلمَا أفسدوا فيهَا إستبدلَهُم اللهُ تعالى بغيرِهِم, فكانوا النصارى هُم أهلُهَا, ومَا أن أفسدَ النصارى في بلادِ الشامِ حتى إستبدلَهُم بغيرهِم, فكانوا العربَ هُم أهلُهَا بعدَ ذلكَ, وهُم باقونَ فيهَا ما شاءَ اللهُ تعالى, حتى يُفسدوا فيستبدلُ اللهُ تعالى ربُ الشامِ إياهُم بغيرِهِم ...
وهذا مِن الإستقراءاتِ التي وصلتْنَا كمَا جاءَ في كتابِ إبنِ حمادٍ, حيثُ قالَ :
عَنْ هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ ، قَالَ : (مَثَلُنَا وَمَثَلُ الْعَرَبِ كَرَجُلٍ كَانَتْ لَهُ دَارٌ فَأَسْكَنَهَا قَوْمًا ، فَقَالَ : اسْكُنُوا مَا أَصْلَحْتُمْ ، وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فَأُخْرِجَكُمْ مِنْهَا ، فَعَمَرُوهَا زَمَانًا ، ثُمَّ أَطَّلَعَ إِلَيْهِمْ وَإِذَا هُمْ قَدْ أَفْسَدُوهَا ، فَأَخْرَجَهُمْ عَنْهَا ، وَجَاءَ بِآخَرِينَ فَأَسْكَنَهُمْ إِيَّاهَا وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ كَمَا اشْتَرَطَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ، فَالدَّارُ الشَّامُ ، وَرَبُّهَا اللَّهُ تَعَالَى أَسْكَنَهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ فَكَانُوا أَهْلَهَا زَمَانًا ، ثُمَّ غَيِّرُوا وَأَفْسَدُوا ، فَاطَّلَعَ إِلَيْهِمْ فَأَخْرَجَهُمْ مِنْهَا وَأَسْكَنَّا بَعْدَهُمْ زَمَانًا ، ثُمَّ اطَّلَعَ إِلَيْنَا فَوَجَدَنَا قَدْ غَيَّرْنَا وَأَفْسَدْنَا ، فَأَخْرَجَنَا مِنْهَا وَأَسْكَنَكُمْ إِيَّاهَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ ، فَإِنْ تُصْلِحُوا فَأَنْتُمْ أَهْلُهَا ، وَإِنْ تُغَيِّرُوا وَتُفْسِدُوا أَخْرَجَكُمْ عَنْهَا كَمَا أَخْرَجَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ) ...
ومِن هذا الإستقراءِ الذي نقلهُ أبنُ حمادٍ عن سلسلةٍ مِن الرواةِ وصولاً الى هرقلِ الرومِ, يحصلُ عندَنَا الظنُ المثيرُ للإطمئنانِ, أنَّ ما يحصلُ اليومَ في بلادِ سوريا هي عمليةُ التبدلِ, ولا يكونوا التبديلُ إلا بالقتلِ وطولِ البلاءِ والعناءِ, ويُمكن أن يشتدَ هذا الظنِ أكثرُ عندمَا نحتملُ أن ما جاءَ عن ملكِ الرومِ أنهُ أثرُ مِن صالحي قومهِ ولذي لَم يصلنَا, ولكن جاءَ مَا يقتربُ منهُ كثيراً في تراثِنَا الإسلامي ...
#رابعاً : الفتنةُ تبدأ بالشامِ وتنتهي الى سائرِ أرضِ العربِ :
........................................................................ هكذا بينَا وأكدنَا ووضحنَا كثيراً, أنَّ مقدماتِ الفتنةِ بأيدينَا, ومقدماتِ الأشياءِ تحتَ تصرفاتِنَا, ولا يعني ذلكَ أن الخواتيمَ تكونَ بنفسِ المقدارِ مِن التصرفِ عندنَا, فربَّمَا تخرجُ عن السيطرةِ مطلقاً, بل ترفسُ الفتنِ برجلِهَا شرقاً وغرباً, شمالاً وجنوباً, وبحسبِ إطلاقِ وعمومِ الرواياتِ يُمكن أن لا يختصَ الرفسُ والخروجُ عن السيطرةِ أراضي العربِ فحسب, بل تشملَ عمومَ أرضِ المغربِ والمشرقِ الجغرافيينِ, ولا يسلمُ مِنْهَا حتى مَن صنعَهَا وسَعَرَ لهَا نارهَا, وأججَ لهيبَهَا ...
وهذا مَا يجعلنَا في حالةِ ترقبٍ دائمٍ الى مَا يحصلُ حولنَا مِن أحداثٍ, خصوصاً إذا كانتْ رَفَساتُهَا لا تجدُ أقربَ منالاً مِن بيوتِنَا, وأسهلَ منالاً مِن أهلِنَا, لذا طالمَا حذرنَا مِن الفتنِ ومضلاتِ الفتنِ, وطالمَا حذرَ مِنهَا القرانُ الكريمُ إذ جعلَهَا أشدُ مِن القتلِ بكثيرٍ, لكن لا حياةَ لمَنْ تنادي ...
ومَا يُهَونُ علينَا الخطبَ, ويقللُ هولَ المصيبةِ, ويُسَلِي الروحَ ويؤنُسُهَا, أنَّ هذهِ الفتنَ سوفَ تكونُ أسرعُ رداً وأشدُ وطيساً على صُنَاعِهَا السلاطينِ والجبابرةِ, قياساً بمَا سَتَراهُ الشعوبُ المقهورةُ المظلومةُ المضطهدةُ بعشراتِ المراتِ, بل بمئاتِ وآلافِ المراتِ ...
ومَا يدلُ على ذلكَ ما جاءَ في :
- كتابُ أبنِ حمادٍ عَنْ كَعْبٍ ، قَالَ : (إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الدُّنْيَا بِمَنْزِلَةِ الطَّائِرِ ، فَجَعَلَ الْجَنَاحَيْنِ الْمَشْرِقَ وَالْمَغْرِبَ ، وَجَعَلَ الرَّأْسَ الشَّامَ ، وَجَعَلَ رَأْسَ الرَّأْسِ حِمْصَ ، وَفِيهَا الْمِنْقَارُ ، فَإِذَا نَقَصَ الْمِنْقَارُ تَنَاقَفَ النَّاسُ ، وَجَعَلَ الْجُؤْجُؤَ دِمَشْقَ ، وَفِيهَا الْقَلْبُ ، فَإِذَا تَحَرَّكَ الْقَلْبُ تَحَرَّكَ الْجَسَدُ ، وَلِلرَّأْسِ ضَرْبَتَانِ : ضَرْبَةٌ مِنَ الْجَنَاحِ الْشْرَقِيِّ وَهِيَ عَلَى دِمَشْقَ ، وَضَرْبَةٌ مِنَ الْجَنَاحِ الْغَرْبِيِّ وَهِيَ عَلَى حِمْصَ ، وَهِيَ أَثْقَلُهَا ، ثُمَّ يُقْبِلُ الرَّأْسُ عَلَى الْجَنَاحَيْنِ فَيَنْتِفَهُمَا رِيشَةً رِيشَةً) ...
- كتابُ أبنِ حمادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : (الْفِتْنَةُ الرَّابِعَةُ عَمْيَاءُ مُظْلِمَةٌ تَمُورُ مَوْرَ الْبَحْرِ ، لا يَبْقَى بَيْتٌ مِنَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ إِلا مَلأَتْهُ ذُلا وَخَوْفًا ، تُطِيفُ بِالشَّامِ ، وَتَغْشَى بِالْعِرَاقِ ، وَتَخْبِطُ بِالْجَزِيرَةِ بِيَدِهَا وَرِجْلِهَا ، تُعْرَكُ الأُمَّةُ فِيهَا عَرْكَ الأَدِيمِ ، وَيَشْتَدُّ فِيهَا الْبَلاءُ حَتَّى يُنْكَرَ فِيهَا الْمَعْرُوفُ ، وَيُعْرَفَ فِيهَا الْمُنْكَرُ ، لا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ ، يَقُولُ : مَهْ مَهْ ، وَلا يَرْقَعُونَهَا مِنْ نَاحِيَةٍ إِلا تَفَتَّقَتْ مِنْ نَاحِيَةٍ ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا ، وَلا يَنْجُو مِنْهَا إِلا مِنْ دَعَا كَدُعَاءِ الْغَرَقِ فِي الْبَحْرِ ، تَدُومُ اثْنَيْ عَشَرَ عَامًا ، تَنْجَلِي حِينَ تَنْجَلِي وَقَدِ انْحَسَرَتِ الْفُرَاتُ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ ، فَيَقْتَتِلُونَ عَلَيْهَا حَتَّى يُقْتَلَ مِنْ كُلِّ تِسْعَةٍ سَبْعَةٌ) ...
- كتابُ أبنِ حمادٍ عَنْ كَعْبٍ ، قَالَ : (لا يَزَالُ لِلنَّاسِ مُدَّةٌ حَتَّى يُقْرَعَ الرَّأْسُ ، فَإِذَا قُرِعَ الرَّأْسُ " ، يَعْنِي الشَّامَ ، " هَلَكَ النَّاسُ " ، قِيلَ لِكَعْبٍ : وَمَا قَرْعُ الرَّأْسِ ؟ قَالَ : " الشَّامُ يُخَرَّبُ) ...
#خامساً : مارقةُ الرومِ ونزولُ التركِ :
............................................ بعدَ أن أدركنَا خطورةَ الأرضِ السوريا والشاميةِ, بالتأكيدِ أنهَا ستكونُ محطاً لأبصارِ وأنظارِ الشرقِ والغربِ, بل ستكونُ أرضُ الشامِ ساحةً لتصفيةِ الحساباتِ والخصومِ, لأنَّ الكلَّ ينظرُ الى أنَّ أرضَ الشامِ أرضَ البدايةِ للسيطرةِ على بلادِ الشرقِ والغربِ, بل كلَّ بلادِ العالمِ !!!
لذا فكلُّ الحركاتِ التي تكونُ مصدراً للهدايةِ وللضلالةِ سوفَ تتحركُ بإتجاههَا, فالنبي عيسى والإمام المهدي (عليهِمَا الصلاةُ والسلامُ) مِن ناحيةٍ, والسفياني والدجالُ ويأجوجُ ومأجوجُ مِن ناحيةٍ أخرى ...
ومَا يدلُ على هذا الفهمِ والإستنتاجِ ما جاءَ في :
- كتابُ الغيبةِ للطوسي بالإسنادِ عن أميرِ المؤمنينَ عليهِ السلامُ, قالَ : (إذا اختلفَ رمحانِ بالشامِ فهو آيةٌ من آياتِ اللهِ تعالى, قيلَ : ثم مه ؟, قالَ : ثم رجفةٌ تكونُ بالشامِ يهلكُ فيهَا مائةُ ألفٍ يجعلهَا اللهُ رحمةً للمؤمنينَ وعذاباً على الكافرينَ, فإذا كان ذلك فانظروا إلى أصحابِ البراذينَ الشهبِ والراياتِ الصفرِ تقبل من المغربِ حتى تحلُ بالشامِ, فإذا كان ذلك فانتظروا خسفاً بقريةٍ من قرى الشامِ يقالُ لها حرستا, فإذا كانَ ذلكَ فانتظروا ابن آكلةِ الأكبادِ بوادي اليابسِ) ...
- كتابُ المفيدِ بسندهِ عن الباقرِ عليهِ السلامُ, قالَ: (ألزمْ الأرضَ ولا تحركَ يداً ولا رجلاً حتى ترى علاماتٍ أذكرهَا لكَ, وما أراكَ تدركُ ذلكَ, اختلافُ بني العباسِ ومناد ينادي من السماءِ, وخسفُ قريةٍ من قرى الشامِ تسمى الجابيةُ, ونزولُ التركِ الجزيرةَ, ونزولُ الرومُ الرملةَ, واختلافٌ كثيرٌ عندَ ذلكَ في كلِّ أرضٍ, حتى تخربُ الشامُ, ويكون سببُ خرابِهَا اجتماعُ ثلاثِ راياتٍ فيهَا, رايةُ الأصهبِ ورايةِ الأبقعِ ورايةِ السفياني) ....
- روايةٌ : (وستقبلُ إخوانُ التركِ حتى ينزلوا الجزيرةَ, وستقبلُ إخوانُ مارقةِ الرومِ حتى ينزلوا الرملةَ) ...
- روايةٌ : (ومارقةُ تمرقُ من ناحيةِ التركِ حتى تنزلَ الجزيرةَ, وستقبلُ مارقةُ الرومِ حتى ينزلوا الرملةَ) ...
- روايةُ : (فإذا استأثرتْ عليكُم الرومُ والتركُ وجهزتْ الجيوشَ ...) ...
#طبعاً ...
نحنُ نتعمدُ في الغالبِ أن نميلَ الى الإيجازِ والإبتعادِ عن السردِ والشرحِ والتطويلِ, لكن لا ننسَ أن مقتضى الحالِ يُلزمُنَا أن لا نتركَ الإطنابَ أحياناً, لضرورةٍ في الغالبِ يلتفتُ لهَا القارئ اللبيبِ, لذا فمِن مجموعِ مَا قيلَ سابقاً, أي :
أولاً: بدايةُ الفتنةِ الشاميةِ .
ثالنياً : لا مفرَ ولا منجى ولا مهربَ .
ثالثاً : أرضُ الشامِ ربُهَا اللهُ تعالى .
رابعاً : الفتنةُ تبدأ بالشامِ وتنتهي الى سائرِ أرضِ العربِ .
خامساً : مارقةُ الرومِ ونزولُ التركِ .
نحنُ على يقينٍ أن الأربعةَ الأولى متحققةٌ, فمَا حصلَ في بلادِ الشامِ مِن بلاءٍ, صارَ مصدراً مِن مصادرَ الفتنةِ في كلِّ بقاعِ العالمِ, حتى باتَ الخطرَ الذي يتوقعهُ الكلُّ مصدرهُ مَا يحصلُ في سوريا اليومَ, ومَا قضيةُ التحركاتِ الدبلماسيةِ والسياسيةِ بينَ كبارِ البلدانِ, إلا لغرضِ الخروجِ مِن الأزماتِ والوقوعِ في غيرهَا, فلا أملَ في نهايةِ النفقِ السوري المظلمِ !!!
ولكن يبقى عندَنا السؤالُ عن حقيقةِ مروقِ الرومِ ومروقِ التركِ, ووصفهِم بالمارقةِ دونَ سائرِ البلدانِ, لأنَّ المروقَ لا يكونُ إلا عن تحركٍ سريعٍ ومفاجئٍ والخروجِ عن الجادةِ والأعرافِ, كَمَا يُصفُ الشخصُ بالمارقِ عن الدينِ, أي الخارجِ مِن تعاليمهِ ...
وهنَا سوفَ نتفاجأ قريباً وضمنَ سلسلةِ الأحداثِ المتسارعةِ سورياً, أنَّ إحدى بلادِ الغربِ سوفَ تخرجُ عن الأعرافِ الدوليةِ صراحةً, أو تخرجُ مجموعةً مِنهَا بشكلٍ مفاجيءٍ وبدونِ إنتظارِ إستحصالِ القرارِ الأممي, وهذا ما بدأتْ الأحداثُ العالميةُ بإبرازهِ, حيثُ الكلُّ تقريباً باتَ متفقاً أن لا جدوى ولا فائدةَ مِن القراراتِ الأمميةِ المتحصلةِ في أروقةِ الأممِ المتحدةِ, بحيثُ صارَ مِن المستحيلِ إستحصالِ إجماعاً يُفوضُ للمجتمعِ الدولي بالتحركِ, وهذا مَا سيجعلَ بعضِ البلدانِ العظمى أوربياَ بالتفكيرِ بالمروقِ عن القرارِ الأممي أو عدم إنتظارِ إستحصالهِ, لعلمهِم مسبقاً أن لا قرارَ يُمكن أن يُستحصلَ مِن هذهِ الأروقةِ !!!
ولكنَ اللطيفَ وغيرَ المُلْتَفَتْ إليهِ الى حدِ كتابةِ هذهِ السطورِ تقريباً بحسبِ المطالعةِ, أنَّ لفظةَ المروقِ يُمكن أن تتناسبَ مع بلادِ الغربِ, لإجتماعِ دولِ الغربِ على حلفٍ سياسي وعسكري وإقتصادي, وعدمُ إلتزامِ إحداهَا أو مجموعةً مِنهَا يُمكن أن يُشارُ على كونهِ مروقاً, بينمَا لا نرى ذلكَ واضحاً في الجانبِ الشرقي , التركي أو مَا يُعرفُ بالروسِ اليومَ !!!
لانَّ الجانبَ الشرقي أو روسيا لا تملكُ حلفاً عسكرياً يُمكن وصفُهَا بأنَّهَا مارقةٌ عنهُ, لأنَّ هذهِ الأخبارُ تتناسبُ مَا لو تحققتْ في زمنِ الإتحادِ السوفيتي أو حلفِ وارسو, عندَهَا يُمكن أن تُصفُ روسيا -التركُ- بالمارقةِ !!!
ولكنَ نفسَ الروسِ هُم مرتبطونَ بنفسِ الأعرافِ الدوليةِ, والتي تحكمُ بلادَ الغربِ والشرقِ على حدٍ سواءٍ, وهذهِ الأعرافُ الدوليةُ والقوانينَ يمثلُ الخروجُ عليهَا خروجاً ومروقاً دولياً, إذن مِن الممكنِ جداً أن الروايةِ تريدَ هذا الجانبِ مِن المروقِ وليسَ الجانبَ الآخرِ كَمَا يُمكن أن يفهَمَهُ البعضُ على شاكلةِ حلفينِ مُتقابلينِ ...
وطبعاً أن هذا المروقَ لهُ مبرراتُهُ عندَ متخذي قرارهِ, ومِن مبرراتهِ أن يكونَ أحدُ المروقينِ ردَ فعلٍ على الآخرِ, أي ليسَ بالضرورةِ أن يَمرقَ الطرفانِ سويةً وبدونِ سابقِ إنذارٍ, بل لربمَا يمرقُ أحدُ الطرفينِ مُعطياً المبررَ لمروقِ الطرفِ الآخرِ !!!
ومِن هنَا يحصلُ الظنُ الراجحُ عندَنَا أنَّ مروقَ الرومِ, ليسَ هو مرقاً للجانبِ الأميركي, بل هو مروقٌ لدولِ نفسِ الإتحادِ الأوربي أو لأحدِ أعضاءِ حلفِ الناتو, وهذا الظنُ جاءَ نتيجةً أنَّ لفظةَ بلادِ رومَ لا تشملَ الدولةَ الأميركيةَ المُشكلةَ حديثاً, والتي نُقِلتْ إليهِم الحضارةُ مؤخراً, فهي لَم تكن موجودةً عصرَ صدورِ الرواياتِ, ولا عصرَ إستمرارِ الآثارِ مِن قبلِ نفسِ التابعينَ وتابعي التابعينَ ولا غيرِهِم أبداً, بل إنَّ النواةَ الأولى لهذهِ الدولةِ أسِسَتْ في زمنِ الملكةِ إليزابيث, بل وأولُ ولايةٍ تشكلتْ -فرجينيا- جاءتْ تيمنن بإسمِ هذهِ الملكةِ ...
لذا مِن المستبعدِ جداً أن يكونَ لفظةَ مروقَ الرومَ, يُرادُ بهَا أميركا المشكلةِ حديثاً, ولعدةِ أسبابٍ ومِنهَا ماذكرناهُ مِن الفارقِ الزمني بينَهَا وبينَ عصرِ النصِ بكلِّ أنواعهِ السُني والشيعي, والسببُ الآخرُ أنَّ القوةَ الأميركيةَ العظمى لا يتناسبُ معهَا لفظةُ المروقِ أبداً, بل يُمكن أن يُقالَ بأنَّ الخارجَ عن الفلكِ الأميركي هو المارقُ حتى لو كانَ العالمُ بأسرهِ !!!
لذا فيقوى بهذهِ الطريقةِ المبسطةِ مِن التفكيرِ والتحليلِ أنَّ مارقةَ الرومِ سيكونوا غيرَ الأميركيينَ, بل تحديداً مِن الدولِ الغربيةِ مِن نفسِ الإتحادِ الأوربي, ولا أستبعدُ أبداً أن تكونَ فرنسا أو بريطانيا هي الدولةُ المارقةُ واللهُ تعالى هو العالمُ بحقيقةِ الأمرِ, خصوصاً أنَّ ماذكرناهُ في الحلقةِ الثامنةِ مِن نفسِ السلسلةِ كنَا قد أكدنَا بأنَّ السفياني الموعودَ سينالُ سوطُ عذابهِ وتعذيبهِ الجانبَ الأوربي كَمَا بينَّا فيهَا, بل أنَّ رايةَ بني الأصفرِ التي سوفَ تمرقُ والتي تكلمتْ عنهَا الرواياتُ, سوفَ يَتمُ القضاءُ عليهَا وبشكلٍ نهائي على يدِ نفسِ السفياني الذي سيجعلَ مِن الأراضي السوريا منطلقاً لعملياتهِ الى بقاعِ الأرضِ كافةً ...
#ولذا ...
مِن الممكنِ أنَّ أحدَ الأسبابِ التي تجعلَ السفياني -الدجالُ- في حالةِ غضبٍ والذي يخرجُ على أثرهِ, كمَا سوفَ نبيتُ في أحدِ هذهِ الحلقاتِ مُستقبلاً إن شاءَ اللهُ تعالى, هو نفسُ هذا المروقِ مِن قبلِ المشرقِ -التركُ- والغربِ -الرومُ-, وهذا مَا سيجعلُ خروجهُ على أساسِ غضبٍ يغضبهُ, بل إنَّ نفسَ المروقِ الذي يجعلهُ غاضباً, هو المروقُ على أوامرهِ ونواهييهِ, وإلا لا نستطيعُ أنَّ نستوعبَ الغضبَ الموجبَ للخروجِ إلا مِن خلالِ المروقِ على أوامرهِ ونواهيهِ !!!
خارجُ النصِ :
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,, إنَّ أحدَ الأسبابِ التي جعلتني أُؤخرُ طرحَ الموضوعِ, هو الشغفُ الى أن يُطرحَ الموضوعِ قريباً مِن نهايةِ السنةِ الحاليةِ, حيثُ سيتوجهُ الناسُ بشكلٍ كبيرٍ جداً الى متابعةِ برامجِ التنجيمِ والجفرِ والضربِ بالغيبِ كذباً وخداعاً ودجلاً, وسَيَسْتفادُ الكثيرُ مِن الكُتابِ والمحللينَ مِن هؤلاءِ المنجمينَ وقارئي الجفرِ, ورأيتُم سابقاً وسترونَ لاحقاً إن شاءَ اللهُ تعالى إنعكاسَ ذلكَ على طريقةِ كتاباتِهِم وتحليلاتِهِم ...
لذا كانَ مِن المناسبِ جداً أن يتأخرَ طرحُ الموضوعِ الى هذهِ الفترةِ, حتى نقطعَ الكثيرَ مِن كذبِ هؤلاءِ, مِن خلالِ تقديمِ رؤيتِنَا المستقبليةِ على أساسِ ما جاءَنَا مِن النصوصِ الشريفةِ والتي نرجحُ حصولَ بعضِهَا أو الكثيرَ مِنهَا خلالَ هذهِ الفترةِ, واللهُ تعالى العالمُ بحقيقةِ الأمورِ ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق