الجمعة، 12 أغسطس 2016

‫#‏الخَضْمُ_الأميركي‬ .. يُجْبِرُ روسيا على القَضْمِ :

,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,(الدكتور مهند جاسم الحسيني)
إنَّ عمليةَ الإبتلاعِ -الخَضْمُ- هي المرحةُ النهايةُ سياسياً لِمراحلِ القضمِ -الأكلُ بطرفِ الفمِ-, وكما يُقالُ في المثلِ يُبْلَغُ الْخَضْمُ بِالْقَضْمِ, وما يؤكدُ قولنَا أيضاً ما قالهُ الشاعرُ :
تَبَلَّغْ بِأَخْلَاقِ الثِّيَابِ جَدِيدَهَا
وَبِالْقَضْمِ حَتَّى تُدْرِكَ الْخَضْمَ
وأثناءُ الحربِ الباردةِ أستطاعتْ أميركا أن تَخْضُمَ العالمَ بأسرهِ بطريقةِ التحالفاتِ العسكريةِ والستراتيجيةِ والإقتصاديةِ بعيدِ المدى, وروسيا لم تَهتدي بعدُ الى عمليةِ ضمِ الأراضي القريبةِ مِنهَا إلى هذهِ الستراتيجيةِ, بل بقيتْ تتمسكُ بطريقةِ الضَمِ العسكري -قَضْماً-, وهي الطريقةُ الأبطأ مِن بينِ الطرقِ الأخرى ...
ولكن هذهِ الطريقةُ هي الطريقةُ المثلى ما لو لم تستطعْ إحدى الدولِ مِن الإستمرارِ بعمليةِ ضمِ الأراضي وتشكيلِ التحالفاتِ, والتي تتناسبُ مع العجزِ المالي والإنهيارِ الإقتصادي والعسكري, فتبقى طريقةُ القَضْمِ هي الطريقةِ المعمولِ بِهَا في الغالبِ, لأنَّهَا علامةٌ على قوةِ الدولةِ وقدرتِهَا على الإستمرارِ بضمِ الأراضي وتوسعةِ النفوذِ ...
‫#‏ولكن‬
هذهِ الطريقةُ تنطلي على أغبياءِ السياسيينَ, وبالخصوصِ المُنحازينَ والمخدوعينَ وأصحابِ الفكرِ المُحافظِ مِنهُم, لأنَّهُم بطبيعةِ نظرتِهِم الضيقةِ الى الأشياءِ, بل وبمسافةِ لا تتعدى ما يرونهُ بأعينهِم في الإعلامِ, حتى صارَ هؤلاءِ الساسةُ أقربَ للمُعَلِقِينَ مِنهُم الى المحليينَ السياسيينَ !!!
لأنَّ هؤلاءِ الساسةَ أو المحللينَ ينظرونَ الى التحركِ الروسي الأخيرِ في أعتابِ أوربا الشرقيةِ (أوكرانيا) على أنَّهُ علامةً مِن علاماتِ القوىِ الروسيا, بل وأحدُ الطرقِ التي ستعيدُ الروسِ الى أطرافِ إمبراطوريتهِم ما قبلَ تَشَكلِ الإتحادِ السوفيتي !!!
وإنَّ سببَ هذا الخطأ في الرؤيا الحقيقيةِ الى الواقعِ في عمومِ القارةِ الأوربيةِ, هو النظرُ الى الخطوةِ الأخيرةِ روسياً, وعدمِ إمعانِ البحثِ عن أصلِهَا وسببِهَا, فإذا كانَ أصلُهَا وسببُهَا هي كما ذَكَروا, وهو لإعادةِ حدودِ ماقبلَ الإتحادِ, فإذن هي علامةٌ للقوةِ والسيطرةِ الروسيا, وهي تتجهُ مِن مرحلةِ القَضْمِ لأطرافِ أوربا الشرقيةِ وصولاً لحالةِ الخَضْمِ لكلِ القارةِ العجوزِ, وأما إذا كانَ سببُ تحركِ الروسِ هو جاءَ كردِ فعلٍ لما يحصلُ عالمياً, بل ولما تعانيهُ مِن عملياتِ إلتفافٍ عسكري مِن قبلِ الجانبِ العسكري الأميركي بواسطةِ ذراعهِ حلفِ شمالِ الأطلسي (NATO), وبسببِ إحتماليةِ الوصولِ الى مرحلةِ كش ملك (checkmat), لذا يفضلُ الجانبُ الروسي إنهاءُ اللعبةِ بطريقةِ حبسِ الملكِ (stalemat), وهو الذي يوفرُ لهُم التعادلُ في نهايةِ المطافِ أمامَ التقدمِ العسكري والإقتصادي العالمي, بدلاً مِن الخسارةِ أو إعلانِهَا ...
وبالحقيقةِ أنَّ الجانبَ الروسي يبحثُ وبشكلٍ جادٍ عن ما يُعرفُ بخيارِ حبسِ الملكِ والإكتفاءِ بالتعادلِ السلبي, لأنَّهَا جائتْ بكلِّ هذهِ الخطواتِ كردِ فعلٍ لعملياتِ المداهميةِ الأميركيةِ والأوربيةِ لحدودِهَا الغربيةِ مِن خلالِ نشرِ الدرعِ الصاروخيةِ في بولندا, حيثُ أنَّ هذهِ الدرعَ حيدتْ إمكانيةَ الضربةِ الصاروخيةِ الستراتيجيةِ الأولى, وجَعْلَهَا المُستهدفةَ الأولى نووياً, وبالتالي طبقاً لقاعدةِ حربِ الدمارِ الشاملِ, المُستهدفُ الأولُ هو الخاسرُ الأولُ ...
ويُمكن للجانبِ الروسي الوصولِ لهذهِ الخطوةِ (stalemat), مِن خلالِ طريقٍ واحدٍ فقط, وهو طريقُ التفاوضِ المباشرِ مع الجانبِ الأميركي, وهذا الطريقُ باتَ شُبهِ مأصودٍ ومردومٍ أميركياً, لأنَّ الجانبَ الأميركي لا ترضَ إلا بخيارِ إنهاءِ التواجدِ الروسي لضمانِ إنهاءِ الهاجسِ وحاجزِ الخوفِ المخيمِ على مُخيلتِهَا مِن إحتماليةِ الهجمةِ النوويةِ الروسيةِ, وأما زعامةُ العالمِ بقطبيةٍ واحدةٍ فإنَّهَا مُتحققةِ منذُ إنهاءِ الإتحادِ السوفيتي مِن على خارطةِ التحالفاتِ العسكريةِ العالميةِ ...
ودليلُ البحثِ عن خيارِ التفاوضِ روسياً, هو تحركُهَا الأخيرُ على أطرافِ أوربا, مِن خلالِ دعمِهَا المتمردينَ في شرقِ أوكرانيا في دونيتسك ولوهانسك, والخوفِ مِن عمليةِ إستفتاءٍ جديدةٍ أسوةً بما حصلَ في شبهِ جزيرةِ القرمِ المُطلةُ على البحرِ الأسودِ والأقربُ الى مَنطقةِ الشرقِ الأوسطِ, مع تصريحِ أكثرِ مِن مرةٍ أنَّ روسيا لا تنوي الحربَ أبداً !!!
والدليلُ على أنَّ طريقةَ التفاوضِ غيرِ موجودٍ في القاموسِ الأميركي, أنَّ بريطانيا أرسلتْ كتيبةً كاملةً الى أقصى شمالِ دولِ البلطيقِ, وهي دولةُ أستونيا أحدى الدولِ الأوربيةِ داخلِ حلفِ الناتو, والتي لم تشهدْ تواجداً عسكرياً لهذا الحلفِ قبلَ الحركاتِ التمرديةِ الإنفصاليةِ في كييف وبدعمٍ روسي علني ...
‫#‏إذن‬
أنَّ التحركَ الروسي الأخيرَ مِن خلالِ نشرِ بعضَ قطاعاتهِ شرقِ أوكرانيا, لم يكن موفقاً أبداً, لأنَّهُ قُبِلَ بتحركٍ عسكري مِن قبلِ الناتو وبالتحديدِ بريطانيا الى نفسِ حدودِ روسيا, والتي لم يجرأ الناتو على بلوغِهَا قبلَ هذهِ الحادثةِ ...
وإنَّ وصولَ الآلافِ مِن الجنودِ الى الحدودِ الروسيا, سيُمكنُ وبشكلٍ تامٍ مِن السيطرةِ على طولِ الحدودِ الغربيةِ الروسيا, وبالخصوصِ ما لو تحركتْ كتائبٌ أضافيةٌ لنشرِهَا في كلِّ دولِ البلطيقِ -إستونيا, لاتفيا, ليتوانيا- وبالإضافةِ الى بولندا, بل وسَيُشكلُ درعاً ومانعاً لأيِّ تحركٍ روسي بإتجاهِ شمالِ وشرقِ أوربا, إضافةً لإحتماليةِ نشرِ درعٍ صاروخيةٍ على طولِ الشريطِ الحدودي الروسي, والذي يعتبرُ سابقةً خطيرةً جداً والأولى مِن نوعِهَا, لأنَّهُ منافي لإتفاقياتِ جعلِ البلدانِ المالكةِ للقدراتِ النوويةِ مكشوفاً للبلدانِ الأخرى لضمانِ عمليةِ الردعِ النووي, بعدَ أن إمتعضتْ روسيا مِن تواجدِ الدرعِ على بعدِ أكثرِ مِن (1000-700) كيلومتر مِن حدودِهَا وعلى الأراضي البولنديةِ وبحجةِ التهديدِ الإيراني لأراضي الولاياتِ المتحدةِ نتيجةً لإمتلاكِهَا القدرةَ الصاروخيةَ البالستيةَ !!!
‫#‏وهنا‬
يُسجلُ إحتمالٌ كبيرٌ جداً, بل يُمكن أن يرتقِ الى درجةٍ كبيرةٍ مِن الإطمئنانِ, بعدَ أن تُدركَ روسيا أنَّ أيَّ تحركٍ على أطرافٍ أوربا الشرقيةِ يُمكن أن يؤدي الى خسارَتِهَا الكثيرِ مِن الإحتمالاتِ المستقبليةِ والمخططِ لهَا, بسببِ تقدمِ الجانبِ العسكري والإقتصادي والتحالفي الأوربي والأميركي, سوفَ تسعى الى فتحِ جبهةٍ كبيرةٍ وواسعةٍ في سوريا قريباً, وتحديداً في المناطقِ الشماليةِ مِنهَا (الحسكة, دير الزور, الرقة), بعنوانِ قتالِ التنظيمِ ...
والهدفُ مِن هذهِ الخطوةِ هو زيادةِ إحتماليةِ إرغامِ أميركا وأوربا على قبولِ التفاوضِ مباشرةً, وإن كانتْ الصيغةُ العامةِ لهذا التحركِ والنزولِ هو التنظيمِ, ولزيادةِ هذهِ الإحتماليةِ هو تكثيفِ وجودِهِم البري وبشكلٍ كبيرٍ جداً ...
ولهذا فإنَّ أميركا مستعدةً لهذا الخيارِ منذُ أكثرِ مِن سنةٍ, لذا عززتْ مِن تواجدِ مقاتليهَا ومستشاريهَا على الأرضِ السوريا وتحديداً في الشمالِ مِن سوريا, بل وعملتْ على كسبِ ولاء المقاتلينَ في تلكَ المناطقِ, وتقديمِهِم على المصالحِ التركيا,لأنَّ الأتراكَ مهمَا تزايدتْ وتيرةُ الغضبِ عندَهُم, لكن لا يصلَ بهِم الحالُ الى تركِ أكبرِ حلفٍ على طولِ التأريخِ, وهو حلفُ الناتو, لذا فأنَّ أميركا ضمنتْ المقاتلينَ على الأرضِ مِن غيرِ جنودِهَا مَع ضمانِ محدوديةِ الخيارِ التركي ...
وبالمقابلِ أنَّ نزولَ الروسَ في هذهِ المحافظاتِ الثلاثةِ الشماليةِ لروسيا, سيقابلهَا تحركٌ أميركي وأوربي واسعٌ جداً, وربما نفسُ الناتو هو مَن سيتحركُ في هذا الإتجاهِ, إستكمالاً لعمليةِ التطويقِ الروسي ...
#وهنا
أتوقعُ جداً, بل وأتوقعُ خلافَ التوقعِ والإعتقادِ الشائعِ, أنَّ الرواياتِ التي تتحدثُ عن نزولِ التركِ أرضَ الجزيرةِ ‫#‏البصيرةِ‬, المرادُ بهِم هُم الجانبُ الروسي حصراً, وما يُؤيدُ ذلكَ عدةُ مؤيداتٍ :
1- إنَّ الأتراكَ الخزرَ هُم مِن سكنةِ الأراضي الروسيةِ عصرَ صدورِ الروايةِ, بل وأنَّ مَنبعُ أصولِهِم هي الأراضي الروسيةِ ...
2- إنَّ الذي يدخلُ في مواجهةِ التركِ النازلينَ أرضَ الجزيرةِ هُم الرومُ -حلفُ الناتو-, ومِن المُستبعدِ أن يدخلَ الناتو حرباً داخليةً مع أعضائهِ وهي تركيا, لذا فيتعينُ أن يكونَ التركُ النازلونَ غيرَ الدولةِ التركيةِ اليومِ والتي يَتوهمُهَا الكلُّ تقريباً, فيتعينُ التركُ الخزرُ هُم المرادونَ برواياتِ النزولِ ...
3- الرواياتُ التي تتكلمُ عن الحربِ التي لم يُرَ مُثلَهَا منذُ خلقَ الله تعالى السماواتِ والأرضَ, وأنَّ عددَ القتلى لا يُمكنُ التخلصَ مِنهُ إلا بطريقةِ عنايةِ وتدخلِ السماءِ مباشرةً, مِن خلالِ أمرِ السباعِ مِن أكلِّ لحومِ الجبارينَ على حدِ تعبيرِ الرواياتِ, وهذهِ الرؤيا لا تتناسبُ إلا مَع القوى العظمى المتصارعةِ اليومِ, وهي روسيا وأميركا والحلفِ عامةً ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق