الجمعة، 12 أغسطس 2016

ظَلَامٌ دَامِسٌ.. وَضَيَاعُ البَوصَلَةِ التُرْكِيَةِ :

,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,(الدكتور مهند جاسم الحسيني)
الظاهرُ أنَّهُ لا نرى يوماً مِن الأيامِ القادمةِ بلا حدثٍ يعجلُ وتيرةَ الملحمةِ الكبرى, كما لم نرَ غيابَ ذلكَ في الأيامِ الماضيةِ, فالعجلةُ بدأتْ بالتسارعِ الحقيقي, بل بدءَ التعجيلُ في حالةِ تزايدٍ تامٍ وكبيرٍ هذهِ الأيامِ ...
ولكنْ كالعادةِ نُبْتَلَى -وهذهِ سنةُ الحياةِ- بأشخاصٍ لا خلاقَ ولا أخلاقَ لهم أبداً, وقد رَوَجَّهُم لنا الإعلامُ وماكناتُهُ على أنَّهُم من صنفِ المُحللينَ البارعينَ, بل ولهُم القدرةُ المطلقةُ والتامةُ على فَهْمِ مُستجداتِ الأحداثِ ودقائِقِ الأمورِ وفي حالةِ حركةٍ مُواكبةٍ لِتسارعِ الأحداثِ إقليمياً ودولياً !!!
وبالحقيقةِ أنَّ تَسويقَ هكذا شخوصاً وشخصياتٍ على أنَّهُم من أهلِ الحصافةِ والدرايةِ سياسياً, سيؤدي بالشعوبِ المَعنيةِ مِن مراقبةِ الأحداثِ الى عدمِ فَهْمِ ما يجري في العلانيةِ فضلاً عما هو حاصلٌ مِن وراءِ الكواليسِ ...
وبِعَسكرةِ هؤلاءِ المَخدوعينَ مِن أبناءِ جلدَتِنَا, بدأوا في حالةِ إصطفافٍ خلفَ ما روجتهُ لَهُم الماكنةُ الإعلاميةِ على لسانِ هؤلاءِ الجهلةِ المنحطينَ فكرياً وروحياً, ونتيجةً لهذا الإصطفافِ المُغررِ بهِ, باتَ الكلُّ في حالةِ إرتياحٍ تامٍ الى أنهارِ النارِ والجبالِ من الدُخانِ التي تتجهُ صوبَهُم, وهم في حالةِ رؤيَتِهَا جنةً ومُروجاً وحياةً أبديةً مملوءةً بالطعامِ والثريدِ, ولكنَ خلفَ هذهِ الرؤيا هو الموتُ الجارفُ والجوعُ الخاطفُ والحرمانُ المُستديمُ, الذي سوفَ لا يُعانيَهُ سوى هؤلاءِ المساكينَ بعيداً عن أولئكَ المُروجينَ والمُصفقينَ والمُمَهدينَ لتزويقِ وتزينِ القادمِ مِن الأيامِ ...
فَمَثلاً ...
لَم نرَ تصريحاً واحداً ولا تلميحاً عابراً يُدلي بهِ ‫#‏البهلوي_خامنئي‬ أثناءَ خطاباتِهِ -والتي كثرتْ هذهِ الأيامُ-, والتي يُدينُ خلالَهَا ما تُقدِمَهُ تركيا مِن دعمٍ مادي ولوجستي لِتنظيمِ الدولةِ -داعش-, بل إكتفى هذا البهلوي بما يُلْقِيَهُ عملائهُ العربُ مِن تصريحاتٍ بالإدانةِ وتوجيهِ الإتهامِ, حتى باتتْ العلاقاتُ العربيةُ العميلةُ لإيرانَ مَقطوعةً بشكلٍ تامٍ مع الجانبِ التركي, وهذا ما أثرَ سلباً على الشعوبِ المجاورةِ لها وخصوصاً في العراقِ والشامِ ...
وبالمقابلِ نرى السفاراتِ والسياحةِ والتجارةِ المُتبادلةِ بينَ البلدينِ -إيران وتركيا-, بل ولم نسمعْ أنَّ منتفضاً واحداً قامَ بحرقِ أو الإعتداءِ ولو رمياً بالحجارةِ على سفارةٍ مِن سفاراتِهَا أو قنصليةٍ من قناصلِهَا متراميةِ الإنتشارِ في داخلِ الدولةِ الإيرانيةِ وخارِجِهَا وضمنَ حدودِ سطوتِهَا في العراقِ ولبنانَ وغيرِهِمَا من أطرافِ إمبراطويتِهَا المُستقبليةِ والحالمينَ بِهَا ...
بينَمَا رأينَا الحرقَ والسلبَ والإعتداءِ ووابلَ التصريحاتِ نالَ السفاراتِ والقنصلياتِ العربيةِ في إيرانِ وباقي أطرافِ حدودِ إمبراطوريتِهَا ومجالاتِ سطوَتِهَا وسيطرَتِهَا, بِمجردِ أيَّ طارئ يطرأ إقليمياً كانَ أو دولياً, ومنهَا حادثتي الآيتيـنِ -بِشهادةِ إيرانيةٍ سلطوةٍ فقط!!!- الشيخينِ النمرِ السعودي وقاسمِ البحريني, بينَمَا لم نرَ أيَّ ردِّ فعلٍ إزاءِ ما يحصلُ في العراقِ والشامِ مِن جراءِ الدعمِ التركي لتنظيمِ الدولةِ -داعش-, حيثُ مئاتُ الآلافِ من الموتى والملايين من المهجرينَ والنازحينَ !!!
والفرقُ ..
إنَ الشعوبَ العربيةَ الإسلاميةَ الهدفُ مِن وجودِهَا ايرانياً هو المزيدُ مِن السلطةِ والسطوةِ والثراءِ والنماءِ والميلشياتِ المجانيةِ والجيوشِ في الخطوطِ الأماميةِ, وكلهَا مقدمةً بالمجانِ الى عملائِهَا وخدامي مشروعهَا في المنطقةِ كاملةً, بينمَا أولئكَ فَهُم حملةَ المشروعِ, وأصحابُ القناعةِ التامةِ, وحاملو مرضِهَا الذي ستنتشرُ عدواهُ بينَ أوساطِ المساكينَ مِن الناسِ !!!
والآن ...
جاءَ جني ثمارَ السكوتُ الإيراني والنفاقُ الديني والمذهبي مِن خلالِ جَرِ تركيا الى الخندقِ الإيراني في المنطقةِ, حيثُ تطبيعُ العلاقاتِ إسرائيلاً وروسياً وربما حتى مِصرياً وسورياً في الأيامِ القريبةِ, كلُّهَا تحتَ ذريعةِ (لا شيءَ ثابتُ في السياسةِ), وهذا القانونُ وإن كانَ مُبَرَرَاً سياسياً ولكنهُ نفاقاً ودجلاً وكَذِباً صريحاً دينياً وإسلامياً, وهنا يأتي العجبُ عن كيفيةِ بقاءِ العدالةِ الراسخةِ لِمرجعٍ مِن مراجعِ المُسلمينَ الشيعةِ ‫#‏كالبهلوي_خامنئي‬ ساريةِ المفعولِ !!!
ولكن يأتي الجوابُ سريعاً وفورياً : أنَّ التسربلَ والتَلَبُسَ بلباسِ الدينِ لا لخدمةِ الفضيلةِ, بَلْ لِخداعِ الناسِ وزيادةِ مساحةِ السلطةِ على حسابهِ !!!
فهنيئاً لهؤلاءِ الزعماءِ المنافقينَ بهؤلاءِ الأغبياءِ تأريخياً مِن الحُشودِ والشعوبِ ...
‫#‏ولكن‬ ...
سوفَ لا أجعلُ هذا الفوزَ وهذهِ الفرحةَ تدومُ طويلاً على مُحيا السياسيينَ والمنافقينَ مِن رجالِ الدينِ وأئمةِ الضلالةِ أبداً, بل سأقلبُ لهُم الحِسابَ, وأعجلُ لهُم رؤيا العاقبةِ والعِقابَ ...
وبالمقابلِ سنسيرُ قدماً لِكشفِ ملابساتِ الأمورِ على البسطاءِ والمساكينَ وطيبي القلوبِ مِن الناسِ, حتى لا يَدُبَ اليأسُ في النفوسِ, ويَستبعدونَ بعدَ خيبةِ الأملِ ما هو مَحسوسٌ وملموس ...
‫#‏أقول‬ :
إنَّ التحركَ السياسي التركي الأخيرَ, مِن إرسالِ إعتذارِ وأسفٍ في شأني إسقاطِ الطائرةِ ‫#‏سوخوي_24‬, مع فتحِ ملفِ التحقيقِ بشأني مقتلِ قائدِهَا, لا تخلوا مِن أمرينِ إثنينِ :
الأمرُ الأولُ : إستبدالُ أحلافٍ :
أي أنَّ الحكومةَ التركيةَ قررتْ إستبدالَ التحالفِ الروسي بدلاً مِن التحالفِ الأميركي ...
ولكنَ عمليةَ الإستبدالِ هذهِ يستتبِعُهَا التغييرُ السياسي والسِتراتيجي في رؤيةِ الأحداثِ في المَنطقةِ خصوصاً والعالمِ عموماً, حيثُ سيخرجُ الكثيرُ من خندقِ الأعداءِ الى خندقِ الأحبةِ والأصدقاءِ, مع التجاهلِ التامِ لكلِ الخطاباتِ الرئاسيةِ الروسيةِ التي إتهمتْ تركيا بدعمِهَا التنظيماتِ المُتطرفةِ وعلى رأسِهَا تنظيمِ الدولةِ -داعش- ...
وهذا ما سيجعلُ الحكومةُ المصريةُ غيرُ الإخوانيةِ والحكومةُ السوريةُ في خانةِ الأحبةِ والأخلاءِ, مع الرقصِ على مَا سَمَوهُ سَابِقَاً بحروبِ ومواقفِ المبدأ, ‫#‏ومثالهُ‬ جماعةُ الإخوانِ والمَصائبُ السوريةُ والقضيةُ الفلسطينيةِ !!!
ولكن هذا الإستبدالُ كإستبدالِ الدينارِ بالدرهَمِ, أو إستبدالِ يوسفِ الصديقِ عليهُ الصلاة ُوالسلامُ بالثمنِ البخسِ, لأنَّهُ إستبدالُ الحامي بالقاتلِ والمُدافعُ بالمُعتدي, لماذا ؟؟؟
لأنَّ السببَ الرئيسي لِتشكيلِ حلفِ الشمالِ الأطلسي NATO عام 1949, هو لدرءُ خطرِ الإتحادِ السوفيتي الذي تشكلَ أبانَ عامِ 1922, حيثُ كانتْ تركيا أحدُ الدولُ المؤسسةُ لحلفِ الناتو, وقد إنتمتْ إليهِ فعلياً في عامِ 1952, لأنَّ تركيا مِن أكثرِ البلدانِ التي كانتْ تتعرضُ للهجماتِ مِن قبلِ الروسِ عبرَ التأريخِ, وهذا ما جَعلهَا في حالةِ قلقٍ حقيقي مِن بسطِ السيطرةِ الروسيا على شبهِ جزيرةِ القرمِ الأوكرانيةِ مؤخراً ...
ومِن أسبابِ تشكيلِ حلفِ الناتو, نعرفُ جلياً أنَّ أمرَ إستبدالِ الأحلافِ لايُمكنُ عدهُ سيناريواً أبداً, لأنهُ بمثابةِ تسليمِ النفسِ للقاتلِ بعدَ العجزِ وقلةِ الحيلةِ ...
الأمرُ الثاني : ردُ فعلٍ على السياسةِ الأميركيةِ :
بعدَ أن قامتْ أميركا الحليفُ المهمِ لتركيا بدعمِ وحداتِ حمايةِ الشعبِ الجناحِ العسكري لحزبِ الإتحادِ الديمقراطي BYD, والتي تعتبرهُ تركيا بأنَّهُ الوجهُ الثاني للحزبِ العمالي الكردستاني BKK, وبما أنَّ هذينِ الحزبينِ خطرانِ جداً على الحكومةِ التركيةِ, ودعمُ أحدهُمَا يشكلُ تهديداً خطيراً للحكومةِ التركيةِ, لإحتماليةِ تحققِ حلمِ الأكرادِ من إنشاءِ دولتِهِم المُنفصلةِ عن تركيا, بل أنَّ دعمَ أحدهما يُمثلُ إضفاءَ صبغةِ الشرعيةِ عليهِ, وبالتالي إمكانيةُ خوضهِ مفاوضاتٍ أو يكونَ جزءاً مِن مفاوضاتٍ في المُستقبلِ مع دولِ الإقليمِ ومِنهَا تركيا ...
حيثُ إنتشارِ هذهِ الوحداتِ على طولِ الشريطِ الحدودي التركي (كما مبينِ في الصورةِ المرفقةِ في المقالِ), سَيُمهِدُ كثيراً في توسيعِ رقعةِ نفوذهِ مِن خلالِ ضمِ الكثيرِ من الأراضي المُحررةِ من تنظيمِ الدولةِ -داعش- مضافاً الى تلكَ التي يعملُ على وصلِهَا مع بعضٍ, بعدَ ما كانتْ أماكنَ متفرقةً لنفوذهِ ...
وهنا سيتحققُ الطموحُ الكردي السوري مِن خلالِ إمتلاكِ الجيشِ وبسطِ النفوذِ على رقعةٍ واسعةٍ تابعةٍ لهُم وتحملُ صِبغتَهُم واقعاً وتأريخاً, سيكون عندهَا أمرُ تشكيلِ الدولةِ ممكناً بعدَ إضافةِ العنصرِ الثالثِ والأخيرِ مِن أركانِ تأسيسِ الدولةِ, وهو الإعترافُ الدولي بأحقيةِ تَشكيلِ الدولةِ, ولا يوجدُ أفضلَ ضامنٍ لهذا الإعترافِ سوى التعاونِ والرضا الأميركي ...
‫#‏ومن_هنا‬ :
باتْ الأمرُ الثاني أمراً مرجحاً جداً ووارداً جداً, لأنهُ يُفسرُ لنَا مقدارَ التضحيةَ التي أقدمتْ تركيا على تقديمِهَا, لأنَّهَا متناسبةٌ طردياً مع الخطرِ المُحدقِ بهَا مِن قبلِ الدعمِ الأميركي لهذهِ الفصائلِ الحالمةِ بإمتلاكِ دولةٍ خاصةً بِهِم ...
فلنسألَ السؤالَ التالي : ما هي القيمةُ التركيةُ التي تحضى بهَا أميركياً, إذا فضلتْ أميركا وقدمتْ فصائلاً مسلحةً طامحينَ لإنشاءِ بلدٍ خاصاً بهِم على حسابِ دولةٍ كبيرةٍ سمحتْ بها سابقاً بريطانيا وفرنسا أن تتشكلَ على يدِ ‫#‏الزعيمِ_مصطفى_كمال_أتاترك‬ ؟!!!
بالتأكيدِ سيكونُ الجوابُ حاضراً لدا الجميعِ وأشبهَ بالبديهي, حيثُ أنَّ تركيا ليستْ لهَا أيَّ قيمةٍ أمريكيةٍ, بل أنَّ التحالفُ معَ بعضِ الفصائلِ غيرِ المُعارضةِ للنظامِ السوري والمعارضةِ للحكومةِ التركيةِ, سيكونُ أكثرُ فائدةً ونفعاً أمريكيينِ ...
ومع هذهِ النتيجةِ السهلةِ والبديهيةِ نتعرفُ على ضعفِ وهوانِ وإنعدامِ الوزنِ التركي أميركياً, وبالتالي سوفَ لا تُمثلُ مقداراً رياضياً يُمكن أن يَقلبَ معادلةِ ميزانِ القوى العالميةِ أو يؤثرُ بِهَا حتى !!!
وعندهَا تبقى معادلةُ القوى العالميةِ ذاتَ إتجاهٍ واحدٍ أميركياً وغيرِ قابلةٍ للإنعكاسِ ولا الوصولِ الى حالةِ التوازنِ والإستقرارِ الحركي حتى !!!
بالتالي تبقى النتائجُ المُحَصَلَةُ مِن هذا التفاعلِ الأميركي السلطوي مُنتجاً ومُتسارعاً جداً, وما إنتقالُ إحدى القوى مِن مكانٍ الى آخرٍ إلا كنتقالِ الرقمِ واحدٍ بينَ طرفينِ بطريقةِ الضربِ ...
‫#‏وبعدَ_ذلكَ‬ :
فلنرسلَ برقيةَ تهنئةٍ الى الزعاماتِ العربيةِ العميلةِ الى إيران, والى‫#‏قائدِهَا_الكذابِ_المنافقِ_الأشرِ_البهلوي_خامنئي‬, ومِنهُم الى أعتابِ موسكو, حيثُ نقولُ فيهَا :
إنَّ كلَّ ما تحصلُ عليهَا روسيا اليومَ, هو إعلامٌ في إعلامٍ, بل حتى هذا الإعلامُ لا يصلحُ للإستهلاكِ الغربي أبداً, بل هو صالحٌ الى الإستهلاكِ العربي فقط, وبالخصوصِ للشعبِ العراقي والسوري واليمني حيثُ السطوةُ والسيطرةُ والأذرعُ الإيرانيةِ ...
قالَ تعالى العلي القديرُ في محكمِ كتابهِ الكريمِ :
{يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ }يوسف 41 ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق