الأحد، 15 يناير 2017

السَاعَاتُ الخِتَامِيةُ في الرِئَاسَةِ الأميركيةِ :
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,(الدكتور مهند جاسم الحسيني)
كَم كانَ مِن اللائقِ بنَا كشعبِ عربي أن نملكَ مِن مراكزِ الدراساتِ الخاصةِ بنَا, والتي يَرجعُ إليهَا العربُ والمسلمونَ في العالمِ بأسرهِ في حالةِ أن إحتاجَ أحدهُم الى أن يَستقي معلومةً معينةً تهوى إليهَا نفسهُ ليتعلمَهَا, بحيثُ تكونَ هذهِ الدراساتِ تعتمدُ تمامَ الإعتمادِ على مقدراتِهَا العلميةِ والعمليةِ والماليةِ, بحيثُ لا يكونَ لأحدٍ عليهَا منةٌ !!!

أليسَ مِن الأولى أن نرسمَ سياساتِ العالمِ ومَا تصبوا إليهِ الدولُ العظمى في المستقبلِ, مِن خلالِ جمعِ البياناتِ والتصريحاتِ واللقاءاتِ التي يُدلو بهَا الموثوقونَ في تلكَ البلدانِ, بحيثُ تتأسسُ لنَا قواعدٌ بيانةٌ توازي تلكَ التي يطرحُهَا المتسلطونَ كمذكراتٍ أو حكاياتٍ أو رواياتٍ بعدَ أن يرتفعَ عن الكثيرِ مَنهَا مَا تعرفُ بالسريةِ, لأنَّ كشفهَا لا يعني سوى الإطلاعِ والمعرفةِ وليسَ ورائِهَا تبعاتٍ قانونيةٍ ولا حتى إنسانيةٍ !!!

ولكن بعدَ أن يعجزُ العربُ أن يُشكلُ مِثلَ هكذا مراكزٍ تعتني بتدوينِ وإستقصاءِ الحقائقِ مِن أفواهِ فاعليهَا أو مَن هُم قريبونَ مِن مراكزِ القرارِ والمطلعونَ عليهِ, لا بأسَ أن تتششكلَ مِثلَ هكذا دراساتٍ على مستوى البلدِ الواحدِ, وتعقدُ لهَا كليةً أو قسماً خاصاً مِن الدراساتِ التاريخيةِ أو الإنسانيةِ أو السياسيةِ أو أي عنوانٍ آخرٍ تدرجُ تحتهُ أو تكونَ قبالهُ, بحيثُ تعتنمي هذهِ المراكزُ البحيثيةُ بإستقراءِ وتدوينِ كلَّ شاردةٍ وواردةٍ يُمكن أن تنفعُ الدارسينَ والباحثينَ في المستقبلِ, ولو على أساسِ التأكدِ ومقاطعةِ المعلومةِ التي تظهرُ فيمَا بعدُ, أو على أساسِ العملُ على إنتاجِ دراساتٍ موازيةٍ تقابلُ وتوازي تلكَ التي يَقومُ بهَا الغربُ حولَ الشرقِ الأوسطِ مثلاً, وتنفردُ هذهِ المراكزُ بالتنبؤاتِ والقراءاتِ المستقبليةِ كمَا نلاحظهُ في المراكزِ الغربيةِ الشرقيةِ حولَ العالمِ العربي ...

وبهذهِ الطريقةِ وبعدَ أقلِ من العقدينِ, سنملكُ مِن المكاتبِ التاريخيةِ والدراساتِ السياسيةِ آلافَ الكتبِ والمدوناتِ والبحوثِ, والتي تشتركُ جميعاً في إثراءِ العقلِ العربي والعملِ على عزلهِ عن إستقاءِ المعلوماتِ ولو على نحو البعضِ مِن الغربِ, بل ويستطيعُ أن يقاطعُ بعضَهَا بعضاً, ويعرفُ أينَ تكمنَ المؤامرةِ مِن الحقيقةِ ...

وبهذهِ الطريقةِ سوفَ ننتجُ جيلاً في غضونِ عدةِ سنواتٍ لا تؤثرُ فيهِ الفتنِ كمَا نراهُ اليومَ, بحيثُ أن أبسطَ شركةٍ أو منظمةٍ يُمكنُهَا أن تتحكمَ برأي تيارٍ عامٍ مِن المجتمعاتِ العربيةِ, بحيثُ رأينَاهُم يتلاعبونَ في مجتمعاتِنَا تلاعبَ أمواجِ البحارِ في فردٍ كُسِرَتْ بهِ سفينَتَهُ, ونحنُ لا نملكَ لهُم نفعاً ولا ضراً, بل أنَّ نفسَ هذا التيارَالعامَ المُتأثرَ سيكونُ وبالاً على عُلْيَّةِ القومِ, وحائلاً لهُم وللمخلصينَ مِن قيادةِ المجتمعِ والأخذِ بيدهِ الى برِ الأمانِ !!!

 لذا فالمشكلةُ مركبةُ, يشتركُ بهَا الخارجُ والداخلُ, حيثُ يقابلُ مَا يُكتبُ مِن دراساتٍ وأبحاثٍ لإنهاءِ تواجدِنَا كَأُمةٍ, يقابلهُ خنوعٌ وكسلٌ وفترةٌ وتقاعسٌ وعجزٌ, بل ويقابلهُ تبريرٌ وتغريرٌ ورجمٌ بالغيبِ, فبعدَ أن نعجزَ أن نفهمَ الحالَ, أو نجدَ لهُ العلاجَ الناجعَ, أو نحاولَ التخفيفَ مِن وطأةِ الإنهيارِ الحاصلِ في النسيجِ الفكري المجتمعي, يبدأ الحديثُ عن أنَّ الكثرةَ مجانبةٌ للصوابِ, ولا خيرَ فيهَا ولا أملَ مرجو مِنَهَا, وأنَّ أمرَ الهدايةِ والصلاحِ والإصلاحِ بيدِ اللهِ تعالى مجدهُ وعلا شأنهُ !!!

وبمَا أنَّ الغيبَ ومَا وراءِ عالمِ الشهادةِ غيبٌ عن الجميعِ, فلا بأسَ أن نعلقَ على أكتافهِ كلَّ أنواعِ عجزِنَا وفشلِنَا وكَسَلِنَا وخلودِنَا للراحةِ والنومِ, لأنَّ هذا التعليقُ والإلقاءُ على أكتافِ الغيبِ, سيجرُ منكرهُ الى الكفرِ بوجودهِ والإلحادِ بوجوبهِ, وبالتالي يَكونَ قبولُ الفكرةِ أحجى مِن التعليقِ عليهَا, فيا للهِ ويا للغيبِ !!!

ولكن بعدَ أن نتيقنَ ونقطعَ أن الأملَ في وجودِ والعملِ على وجودِ هكذا مراكزٍ وأقسامٍ حتى على مستوى البلدِ الواحدِ, بل حتى لو وِجِدَتْ ستكونُ جزءاً لا يتجزأ مِن الماكنةِ الإعلاميةِ التي تعملُ على قلبِ الحقيقةِ والبرهانِ, وتجعلُ الناسَ في حالةِ نومٍ مغناطيسي عميقٍ, لذا لا يبقى أمَامَنَا سوى الإعتمادُ على الجهودِ الذاتيةِ في التدوينِ والتحليلِ والإستقراءِ والإستنتاجِ, وعلى اللهِ تعالى فليتوكلْ المؤمنونَ ...

#لذا :
يكونُ مِن المناسبِ جداً أن نستعرضَ إستعراضاً يتناسبُ مع كتابةِ المقالِ الى أبرزِ ما حصلَ في ولايتي الرئيسِ الأميركي أوباما, وأن نتابعُ بعضهَا ونربطُهَا ببعضٍ حتى نصلَ الى القناعةِ المقبولةِ في أنَّ مَا حصلَ في الشرقِ الأوسطِ وشمالِ أفريقيا عموماً, هل هو نتيجةً للإهمَالِ الأميركي أم دراسةٍ ومخططٍ عملتْ عليهِ هذهِ الرئاسةِ ؟!!

ولا أرى أنَّ في المقامِ صعوبةً كبيرةً, لأنَّ الجوابَ في قضيةٍ مانعةُ الخلو, أي أنَّ أحدَ السيناريوهينِ متحققٌ جزماً, فأمَا مَا جرى على المنطقةِ نتيجةً للإهمَالِ وغضِ البصرِ أو نتيجةً للتدخلاتِ الخارجيةِ المبنيةِ على دراسةِ معدةٍ مُسبقاً, وكلا الأمرينِ لا يُبررانِ الجانبِ الأميركي مطلقاً, أي في كلا الحالتينِ يكونُ الجاني هو نفسُ الجانبِ الأميركي, وهي مَن تتحملُ كلَّ التبعاتِ القانونيةِ والإنسانيةِ مستقبلاً إن شاءَ اللهُ تعالى ربُ العالمينَ ...

ولا ننسَ أن عددَ الحروبِ التي خاضتهَا أميركا بشكلٍ علني خلالَ القرنِ الواحدِ والعشرينَ هي ستتْ حروبٍ فقط, طبعاً وبعضُهَا مستمرةٌ الى اليومِ كتلكَ التي في إفغانستانَ, وثلاثةٌ مِنهَا أدتْ الى إسقاطِ حكوماتِ البلدانِ المقابلةِ, الأولى على إفغانستانَ عامُ (2001) والثانيةُ على العراقِ عامُ (2003) والثالثةُ على ليبيا عامُ (2011) ...

وكلُّ هذهِ الحروبِ عدا مَا حَصلتْ على ليبيا جاءتْ ضمنَ الحربِ على الإرهابِ بعدَ أحداثِ الحادي عشرِ مِن سبتمبر عامِ (2001), والتي إنتهَى هذا المصطلحُ في بعدَ تولي الرئيسُ أوباما الولايةَ الأولى لأميركا, حيثُ أعلنَ إنهَاءَ هذهِ الحربِ تحتَ هذا المُسمى, ولكن بعدَ عامٍ تقريباً شنَّ حربهُ على ليبيا ساقطاً بهَا حكومَتَهَا, وتاركاً فيهَا الفوضى الى اليومِ !!!

أي أنَّ للرئيسِ السابقِ جورج بوش خمسةُ حروبٍ فقط, وأسقطَ في إثنينِ مِنهَا حكومتينِ همَا إفغانستانَ والعراقَ, بينمَا أسقطَ الرئيسُ أوباما حكومةً واحدةً فقط خلالِ بدايةِ الولايةِ الأولى لهُ, وهي الحكومةُ الليبيةُ بزعامةِ القذافي, مع الإستمرارِ طيلةِ فترةِ ولايتيهِ على إكمَالِ مَا تَمَ ترحيلهُ إليهِ مِن الرئيسِ جورج بوش مِن الحربِ على إفغانستانَ !!!

#وهنَا :
إذا إعتبرتْ القياداتُ الأميركيةُ إسقاطَ الحكومةَ الإفغانيةِ والعراقيةِ منقبتينِ مِن مناقبِ التي تُمْدَحُ عليهَا إدارةُ جورج بوش, بالرغمِ مِن عشراتِ الملياراتِ التي أطلقهَا الكونكرسُ الأميركي لهاتينِ الحربينِ, فقد أنهى الرئيسُ أوباما ولا يتيهِ وقد أسقطَ خمسَ حكوماتٍ, أربعةٌ مِنهَا لَم تشاركُ بهَا حكومتهُ بإطلاقِ رصاصةٍ, وهي سقوطُ الحكومةِ التونسيةِ والمصريةِ مرتينِ واليمنيةِ, والخامسةُ الحكومةُ الليبيةُ, والتي دخلتْ بهَا الولاياتُ المتحدةُ ضمنَ تحالفٍ مكونٍ مِن ثمانِ عشرِ دولةٍ وهي أحدُهَا  !!!

وبالتالي أنَّ الحربَ التي أطلقتهَا الإدارةُ الأميركيةُ في ولايتي أوباما مِن الجيلِ الجديدِ, حيثُ إستطاعتْ هذهِ الإدارةُ أن تقضي على أعتى الدولِ دونَ أن توغِلَ بأيِّ جندي لهَا في أرضِهَا, وهذا الجيلُ مِن الأجيالِ المتطورةِ حقاً في الحروبِ, وهو أفضلِ مِن جيلِ الحربِ على الإرهابِ, بمصطلحاتهِ الفضفاضةِ, التي عجزَ عباقرةُ السياسةِ عن فهمِ المعنى والمرادِ منهُ حتى اعلنتْ الإدارةُ إنتهاءَ حقبتِهَا, بالكشفِ عن الجيلِ الجديدِ, والذي لَم يَنكشفْ لأبرعِ المخابراتِ العالميةِ حتى سقطتْ أربعُ حكوماتٍ بفترةٍ قياسيةٍ, وبعدَهَا تفهمتْ الحكوماتُ الخطرَ المُحدقِ بهَا, وكيفيةَ التسدي لهكذا حراكٍ مِن الجيلِ الجديدِ مِن حربِ إنهاءِ الحكوماتِ !!!

#ومِن_هنَا :
إذا إستطعنَا أن نعتبرَ أن الربيعَ العربي كَمَا أطلقَ عليهِ الرئيسُ أوباما, هو جيلٌ جديدٌ مِن الخططِ الحربيةِ, التي تضعُ أركانَهَا أبرعَ العقولِ وأكثرهَا شيطنةً ودهاءاً على مُستوى التأريخِ البشري, والتي لا يُمكن أن يرتقِ إليهَا العقلُ العسكري البشري ويفهَمَ كُنْهَهَا إلا بعدَ أن يضرسهَا بنابيهِ, ويَرتشِفَ صديدَهَا بشفتيهِ, إستطعنَا أن نحكمَ على مَا حصلَ مِن الفوضى في شمالِ أفريقيا ومنطقةِ الشرقِ الأوسطِ كلَّهُ مِن التدبيرِ العقليةِ الأميركيةِ العسكريةِ !!!

وعندَهَا لا يُمكن أن يُنظرَ الى الرئيسِ أوباما كالحملِ الوديعِ, بل يُنظرَ إليهِ على أنَّهُ شيطانٌ مِن شياطينِ الإنسِ, وعفريتٌ مِن عفاريتِ الجنِ, لأنَّهُ إستطاعَ أن يُنفذَ أصعبَ الخططِ, بأروعِ الأدوارِ !!!

وهذا مَا يُؤكدهُ لنَا سببَ جعلهِ خلالَ هذهِ الفترةِ على الرئاسةِ الأميركيةِ, لأنَّ الكلَّ تيقنَ صلاحَ هذا الشخصِ, وإعتقدَ بمهدويتهِ الموعودةِ الى المسلمينَ كافةً, لأنَّهُ مِن إصولِ المسلمينَ, وجذورِ الأفريقيينَ, ومثالٍ حيٍّ عِن السودِ المضطهدينَ, حتى إعتقدَ الناسُ بصلاحِ مذهبهِ, ورجاحةِ عقلهِ, وبعدَ نظرهِ !!!

وليتمَ هذا السيناريو الهليودي, فقد تعاطفَ مع العربَ أيمَا تعاطف, حيثُ أولى القضيةَ الفلسطينيةَ أيمَا إهتمام, فقد جعلهَا مِن أولوياتِ أعمالهِ, ومِن أساساتِ حَمْلَتِهِ, حيثُ أوعدَ العربَ بشطرِ الدولتينِ, ولا يقبلُ إلا بحدودِ التي أتفقتْ عليهَا في الجمعيةِ العامةِ للأممِ المتحدةِ عامِ 1947 !!!

وهنَا صارَ الرئيسُ أوباما مِن أكثرِ الرؤساءِ الأميركيينَ شعبيةً في الوطنِ العربي, وأُشْرِبَ في قلوبِهِم حُبَهُ, بعدَ أن عانى المسلمونَ ويلاتَ الحادي عشرِ مِن سبتنبرَ -يوليو-, حيثُ أضطهدَ الرئيسُ جورج بوش الأراضي العربيةَ والإسلاميةَ بذريعةِ الحربِ على الإرهابِ, وهذا ما عجلَ التعاطفَ العربي مع الرئيسِ الجديدِ أوباما, لا لشيءٍ سوى الرغبةُ في نسيانِ الحقبةِ الزمنيةِ التي عاشهَا المسلمونَ وحكوماتُهم خلالَ رئاسةِ الرؤساءِ الثلاثةِ السابقينَ عليهِ !!!

#وبالحقيقةِ :
أنَّ ماعاناهُ المسلمونَ في فترةِ إدارةِ أباما هي الفترةُ الأصعبُ على طولِ التأريخِ بعدَ هجومِ المغولِ والتتارِ على أرضِ العرب, بل الأصعبِ حتى بعدَ الإحتلالاتِ الفرسيةِ والبريطانيةِ والإسبانيةِ, بل الأصعبُ حتى بعدَ تقسيمِ منطقةِ الشرقِ الأوسطِ ضمنَ إتفاقيةِ سايكس بيكو, لأنَّ المنطقةَ ماجتْ موجَ البحرِ في الموسمِ العاصفِ, فلم يبقَ فيهَا بلادٌ إلا وقد دخلتْ عليهِ الفتنُ, فأصبحتْ الحكوماتُ تتحينُ الفرصُ للحفاظِ على عروشِهَا بدلاً مِن الحفاظِ على أمنِ مواطنيهَا !!!

وبعدَ أن ماجتْ أرضُ العربِ والمسلمينَ بأهلِهَا, بعدَ أن أتيحتْ لهَا الوسائلُ كافةً لدعمِ حراكِهَا الشعبي دبلماسياً وإعالمياً, وأتركتْ تواجهُ مصيرَهَا بنفسِهَا, حيثُ تحطمتْ جيوشُهَا, وتساقطتْ حكوماتُهَا, وتداعتْ أركانُهَا, فلم يبقَ حجرٌ على حجرٍ, وكأنَّ ناراً نزلتْ بهشيمِ أغصانِهَا, في ريحٍ صرصرٍ عاتيةٍ, فمَا مِن طرفٍ إلا وأضرمتهُ, ومَا مِن صارخٍ مِن شديدِ بطشِهَا إلا وألجمتهُ, حتى تمنى الكلُّ لو أن الذي كانَ لَم يكن, لمَا رأوهُ مِن عظيمِ البلاءِ, ودوامِ اللأواءِ, وتظافرِ الأعداءِ !!!

#ومِن_هنَا :
إذا أردنَا أن ننسبَ مَا حصلَ مِن ربيعٍ عربي في شمالِ أفريقيا والشرقِ الأوسطِ الى الحركةِ العفويةِ للشعوبِ, بحيثُ خرجتْ دونَ سابقِ إنذارٍ, وبدونَ تدخلٍ لأجهزةِ المخابراتِ الأميركيةِ بوجهِ التحديدِ, فهذا لا يُمكن أن تنطبقَ إلا على تونسَ, أما مَا حصلَ بعدَهَا في مصر واليمنِ وسوريا, فلا يُمكن أن ننسبَ الغفلةَ الى المخابراتِ الأميركيةِ, وإلا مَا عملُ السفاراتِ والقنصلياتِ في تلكَ البلادِ, وهل حفظُ المصالحِ يُمكن أن نتخيلهُ إلا مِن خلالِ العملِ على تغييرِ دفةِ الحراكِ الشعبي أو إنهائهِ أو إستغلالهِ كمَا حصلَ في سوريا !!!

علمَا أن الولاياتِ المتحدةَ الأميركيةَ مسيطرةٌ حتى على المناهجِ الدراسيةِ في المدارسِ الإبتدائيةِ, ويجبُ أن تكونَ مطابقةً للمعاييرِ الدوليةِ, فكيفَ يُمكن أن نتخيلَ أنهَا لَيسَ لهَا علاقةٌ بمَا حصلَ في الوطنِ العربي مِن حراكٍ شعبي ضدَ الحكوماتِ ؟!!
ونحنُ نسمعُ تصريحَ هيلاري كلنتون تصرحُ في آخرِ أيامِ ولايتِهَا الأولى بمنصبِ الخارجيةِ الأميركيةِ, حيثُ رأتْ : (القوة الذكية تتمثل في تأكيد قيم الولايات المتحدة الأمريكية وقيادتها في عالم يواجه تهديدات متنوعة، وحكومات مركزية، وكيانات غير حكومية تتزايد أهميتها، عن طريق جمع القوة الصلبة العسكرية بالدبلوماسية وقدرة الولايات المتحدة الأمريكية على استخدام القوة الناعمة في الاقتصاد العالمي، ومساعدات التنمية، والتكنولوجيا، والإبداع، والدفاع عن حقوق الانسان) ...

وهذا التصرحُ يكافيء معنى -الخَّلاق- الذي يُمثلُ أحدَ طرفي #الفوضى_الخلاقَّة, حيثُ تكفلتْ هذهِ الإدارةُ بإثارةِ الفوضى على صعيدِ غيرِ العسكري, وهو اللامبالاةُ لمَا تمرُ بهِ المنطقةُ بأسرهَا, والإكتفاءِ بالتصريحِ وبإداءِ القلقِ المفرطِ على الصعيدِ اللفظي فقط, بينمَا المفردةُ الأخرى والطرفُ الآخرُ مِن الجملة -الخلاقة- فلم يجنِهَا ويحصلْ على ثمارِهَا إلا نفسَ مَن وطدَ وأسسَ وأذكى أوارَ الفوضى في المنطقةِ عموماً !!!

فإنَّ مَا حصلَ في المنطقةِ لَم يكن في صالحِ أهلِهَا, لأنَّ المبدأ السياسي لهذهِ العبارةِ لَم يُطبقْ بشكلٍ كاملٍ كمَا بينهُ أساطينَ السياسةِ وعلماءِ النفسِ والإقتصادِ, كنوقلاي ميكافيلي ومارتن كروز ووالنمساوي جوزيف شامبيتر, حيثُ أن الفوضى المُنبثقةَ مِن نفسِ المبدأ ستخلقُ جيلاً جديداً خلاقاً يُؤمنُ بالنظامِ,
أي أنَّ مَن يعاني ألمَ الفوضى هو ذاتهُ سوفَ يذوقُ حلاوةَ النظامِ والترتيبِ ...

بينمَا أنَّ ما طبقتهُ الإدارةُ الأميركيةُ في المنطقةِ عموماً, هي الفوضى في طرفٍ -- العربُ والمسلمونَ- والخَّلاقُ في الطرفِ الآخرِ وهي المصالحُ الأميركيةُ على الصعيدينِ القومي والعالمي, أي أنَّ المستفيدَ مِن القتلِ والدمارِ والتهجيرِ والترويعِ والتحطيمِ لكلِّ أساساتِ الدولِ والحكوماتِ ولكلِّ مقوماتِ المدنيةِ والتحضرِ هُم الولاياتُ المتحدةُ الأميركيةُ !!!

#وبالتأكيدِ :
فإنَّ التعاملَ مع هذهِ المؤامرةِ على البلادِ والعبادِ لصالحِ الطرفِ الأميركي, لا تحصلُ كالتعاملِ مع المعادلةِ الكيميائيةِ أو الرياضيةِ, لأنَّ العناصرَ المستعملةِ غيرُ العناصرِ المستعملةِ في الجماداتِ في الموادِ, وغيرُ الإعتبارياتِ في الرياضياتِ, بل أنَّ المعادلةَ البشريةَ كالمعادلةِ التي لا تقبلُ إلا التوازنَ أو الإضطرابَ !!!

وللتعاملِ مع هذهِ الفوضى لابدَ مِن تسليطِ الحازمينَ مِن الرؤساءِ الذينَ يستثمرونَ هذهِ الفوضى التي أنشئتْ أميركياً, لأنَّ مَا يحصلُ الآنَّ مِن فوضى وإن كانتْ مِن الجيلِ الجديدِ والمتطورِ على مَا حصلَ في بداياتِ القرنِ المنصرمِ, مِن السيطرةِ وبسطِ النفوذِ بواسطةِ الحراكِ العسكري, ولكنَّ هذهِ الطريقةِ باتتْ مكشوفةً أكادمياً وعلى أبسطِ المستوياتِ,
لذا رأينَا أنَّ الرئيسَ السابقِ جورج بوش قد رفضَ تواجدَ الإحتلالِ على أرضِ العراقِ, لأنَّ الإحتلالَ مِن المبادئ المرفوضةِ أكامياً, لذا أستعاضَ عنهُ بعقدِ الإتفاقياتِ طويلةِ الأمدِ لشرعنةِ البقاءِ على أرضٍ أجنبيةٍ !!!

ولكنَّ هذهِ الفوضى الخلاقة التي أُمنيَتْ بهَا الأمةُ الإسلاميةُ والعربيةُ اليومَ, لا يُمكن أن تنتهي إلا بوجودِ الإحتلالِ والإيمانِ بوجودهِ وإنحصارِ الخلاصِ بوجودهِ على الأرضِ !!!

#أنظرْ :
فالإحتلالُ العسكري الذي يُؤمنُ الجميعَ برفضهِ وبطلانهِ, سيكونا واجباً بعدَ هذهِ الفوضى, حيثُ أنَّ البلادَ التي عاشتْ الفوضى والتي تخشى حصولهَا وإنتقالِ عدوتِهَا على أراضيهَا, وهي ترفسُ برجلِهَا على حدودِ بلادِهَا, سوفَ لا تشعرُ بالأمانِ إلا بوجودٍ أجنبي على أراضيهُ, كمَا رأيناهُ في العراقِ وسوريا واليمن, حيثُ لَم تستطعْ هذهِ البلادَ أن تأمنَ بالحكمِ والسطوةِ والسيطرةِ إلا مِن خلالِ وجودِ الأجنبي على أراضِهَا !!!

وحقاً أنَّ الفوضى التي أرادتْ أميركا فعلُهَا في المنطقةِ, لَم تكن خلاقةً كَمَا رسمتْ لهَا مِن قبلُ, بل خلقتْ هذهِ الفوضى أقطاباً وقوى و تواجدٍ عسكري مقابلاً للتواجدِ العسكري الأميركي, بل وخلقتْ نيةً الى إنشاءِ تحالفاتٍ جديدةٍ في المنطقةِ, مع إمبثاقِ قوى لَم تخطرْ على أذهانِ أهلِ الصحافةِ السياسيةِ ...

#لذا :
فإنَّ القيادةَ الحاسمةَ عسكرياً ستكونُ واجباً جداً لإستثمارِ هذهِ الفوضى, وإلا فإنَّ الفوضى لا أثرَ لهَا إلا السلبُ على الجانبِ الأميركي, فلذا لابدَ مِن العودةِ الى الجيلِ الأولِ مِن الحركةِ العسكريةِ في المنطقةِ, لا لشيءٍ سوى لإستثمارِ هذهِ الفوضى بأبشعِ الطرقِ !!!

وهُنَا إذا رأيتُم أن الجيوشَ الأميركيةَ والغربيةَ والشرقيةَ قد إزدحمَ بهَا المكانُ, فلا يُمكن أن يَنعتهَا الرؤساءُ والمقتنعينَ بهِم مِن الناسِ بالإحتلالِ, بل سوفَ يكونُ وجودُهُم مبرراً جداً, بل ونصرتَهُم واجبةٌ, لأنَّهَا مقدمةٌ لوجوبِ الحفاظِ على البلادِ والعبادِ, بل ويتأكدُ هذا الوجوبُ عندمَا تكونَ بيضةُ الإسلامِ بخطرٍ مِن خلالِ تهديدِ قبلةِ المسلمينَ والمقدساتِ ومقاماتِ الأولياءِ بالخطرِ ...

 عندَهَا سوفَ تكونُ حرباً مقدسةً بحقٍ, فيقاتلُ الكلُّ الكلَّ, ونسألُ اللهَ تعالى أن يَمُنَّ على الإسلامِ والمسلمينَ بالأمنِ والآمانِ ...

خارجُ النصِ :
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,, مَا أجبرني أنَّ أعطفَ بالكتابةِ الى هذا الموضوعِ, ما سمعتهُ مِن حيرةِ المحللينَ في وكالاتِ الأنباءِ والفضائياتِ مِن صعوبةِ أن يُقيموا المرحلةَ التي رأسهَأ أوباما, حيثُ أختلفَ فيهِ الكلُّ بينَ محبٍ ومبررٍ ومُتوقفٍ وغيرٍ متأكدٍ على حكمٍ, لذا أردتُ أن ْأفصِلَ في المسألةِ في آخرِ ساعاتِ هذا #العبدِ_الأسودِ, الذي ضحكَ على أحرارِ العالمِ بأسرهِ !!!

وجزى اللهُ تعالى الشاعرَ #أحمد_مطر عندمَا قالَ :

أُطِلُّ ، كالثعبان ، من جحري عليكم فإذا
ما غاب رأسي لحظةً ، ظلَّ الذَنَبْ !!!

فلتشعلوا النيران حولي واملأوها بالحطبْ
إذا أردتم أن أولِّيَ الفرارَ والهربْ ...

وحينها ستعرفون ، ربما ،
مَن الذي ـ في كل ما جرى لكم
كان السببْ ؟!!!

إنْشَاءُ المَنَاطقِ العَازِلَةِ بَيْنَ حُلْمِ الأغْلَبِيَةِ وصَرَامَةِ حَقِ الفِيْتُو :
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,(الدكتور مهند جاسم الحسيني)
#الحلقةُ_الثانيةُ :
نحنُ ليسَ المهمُ عندَنَا أبداً أن نطرحَ سيناريو يمكنُ تحققهُ في المستقبلِ, بل المهمُ أن نروضَ عقولنَا على كيفيةِ التفكيرِ السياسي والعسكري, بل نروضَ العقولَ على فهمِ الكثيرِ مِن مراداتِ الأخرينَ ومَا تَكُنُهُ صدورُهُم وتضمرهُ أنفسُهُم, بمجردِ أن تخرجَ الكلماتُ مِن أفواهِهِم وتصلُ الى مسامِعِنَا ...

بل, يجبُ علينَا أن نرتقي الى خطواتِ متقدمةٍ جداً في فني السياسيةِ والعسكريةِ الى مراحلٍ تمكننَا أن نرسمَ بعضَ السيناريوهاتِ ولعشراتِ السنينَ مِن الآنَّ, وبالتالي فإنَّ رسمَهَا سيجعلنَا الأقدرُ على فهمِ الكثيرِ مِمَا تضمرهُ الصدورُ مستقبلاً, بل سنصلُ الى مرحلةِ المجيبِ الآلي التي تردُ الجوابَ وتدفعُ الإشكالَ بمجردِ صدورهِ مِ، المقابلِ ...

وهذهِ المراحلُ المتقدمةُ مِن التفكيرِ لا يُمكن أن يصلهَا الفردُ أو المجموعةُ مِن الأفرادِ وهم يعيشونَ العَزْلَ التامَ والعُزْلَةِ التامةِ أبداً, بل عليهِم أن يكونواَ متعاملينَ مع الأحداثِ العالميةِ فضلاً عن الإقليميةِ والوطنيةِ على نحو الجديةِ, وأن يُشبعوا التحركاتِ العالميةِ دراسةً وتحليلاً, بل ويعقدوا لهَا العشراتِ مِن الدراساتِ الأكادميةِ والوطنيةِ حتى يصلوا الى رؤيةٍ تامةٍ أو قريبةٍ مِن الحقيقةِ ...

هذا إذا تكلمنَا على مستوى الفردي والجماعي البسيطِ, أما في حالةِ التكلمِ عن المستوى الوطني ومستوى بناءِ الدولةِ المتكاملةِ بالمنظورِ العالمي المتعارفِ عليهِ, فلابدَ لنَا مِن التفكيرِ في بناءِ وإنشاءِ الكثيرِ مِن مراكزِ الدراساتِ الأكادميةِ والجامعيةِ وإنشاءِ الكثيرِ مِن المعاهدِ البحثيةِ, كلُّهَا لإجلِ إعادةِ دراسةِ التأريخِ السياسي المعاصرِ, مع إنشاءِ مكتباتٍ عامةٍ تهتمُ في جمعِ وطبعِ ونشرِ هكذا دراساتٍ, بل والإعتناءِ بشراءِ الكثيرِ من النسخِ لدراساتٍ أكادميةٍ وإعادةِ ترجمتِهَا الى اللغةِ العربيةِ لتكن بمتناولِ أكبرِ عددٍ مِن القراءِ والمهتمينَ ...

وبالحقيقةِ هذهِ هي الستراتيجيةِ العالميةِ التي تعاملَ بهَا البنتاكونُ الأميركي للسيطرةِ على العالمِ, مِن خلالِ شراءِ العشراتِ مِن النسخِ التي تقومُ المطابعُ على إصدارِهَا ونشرِهَا, وبالتالي خزنِهَا في مكتبتهِ الأكبرِ في العالمِ, وهنَا إستطاعَ البنتاكونُ مِن دراسةِ العالمِ دراسةً تحليليةً -إثنوغرافيا- مِن خلالِ دراسةِ الأفكارِ والتقاليدِ, وبالتالي الحصولُ على الأثرِ الرجعي (Feed back) التي وصلتْ إليهِ الشعوبُ مِن خلالِ العملِ الخارجي على تلقينهِ وترويضهِ لتقبلِ حقائقاً لم يكن يتقبلُهَا يوماً مِن الأيامِ !!!

نعم, أنا لا أتكلمُ عن مكتبةً إفتراضيةً أو رقميةً, بل أتكلمُ عن مكتبةً ورقيةً تتألفُ مِن الملايينَ مِن الرفوفِ الخشبيةِ ومئاتِ الملايينَ من الكتبِ الورقيةِ, والآلافِ مِن الشبابِ العاملينَ فيهَا !!!

#لذا ...
قلتُ لكُم اليوم وفي السابقِ, أنهُ ليسَ مِن الضروري أن نتعاملَ مع القرائاتِ السياسيةِ والقراءِ على نحو التحققِ الخارجِ, لأنَّ هذهِ نظريةُ المتخلفينَ -حاشاكُم أحبتي-, وهذهِ النظريةُ هي الأقربُ الى نظريةِ أولئكَ الكشافينَ وفتاحي الفالِ والمنجمينَ, وهل هنالكَ شخصٌ عاقلٌ إدعى يوماً مِن الأيامِ على أنَّ هؤلاءِ مشروعٌ مِن مشاريعِ بناءِ الدولِ المتقدمةِ, بل الكلُّ يتفقُ تقريباً على أنَّ ظهورِ مثلِ هؤلاءِ وإنتشارهِم يتناسبُ طردياً مع تخلفِ الشعوبِ والسيرِ في المراحلِ الأخيرةِ لإنهيارِهَا !!!

بل يُمكن أن نعرفَ البارعينَ في الشأنِ السياسي والعسكري مِن خلالِ التقديمِ لكلِّ السيناريوهاتِ المحتملةِ والتي يُمكن أن يلجأ إليهَا العدو الخارجي, وبالتالي ستكون هذهِ التحليلاتُ بمثابةِ الجرعِ الوقائيةِ التي يتلقاهَا الأصحاءُ وليسَ المصابونَ بالمرضِ, يعني نحنُ نريدُ جيلاً يشرفُ على إكتشافِ الجرعِ الوقائيةِ السياسيةِ والعسكريةِ, وليسَ أن ينكبَ فقط على عملياتِ الإستكشافِ الدوائي, وهذا الجيلُ لم نصلْ إليهِ لحدِ الآن, بل كلُّ ما توصلنَا إليهِ هو الجيلُ ليسَ المريضَ فقط, بل الجيلُ الحاملُ للمرضِ الفتاكِ, الذي يُحسبُ على الأصحاءِ والأسوياءِ, بينمَا هُم مِن حملةِ المرضِ الفتاكِ القاتلِ الذي يُعادلُ قنبلةً جرثوميةً -بايلوجيةٌ- تخلفُ المئاتِ والآلافِ مِن القتلى في حالةِ إنفجارِهَا !!!

ومِن هنَا لابأسَ أن أكررَ مراراً وتكراراً, أن ما أقومُ بكتابتهِ مِن أطروحاتٍ محتملةً وقرائاتٍ سياسيةً, ليسَ ملاكُهَا إضفاءُ المتعةِ عندَ القراءِ الكرامِ!!!, بل هي ليستْ عملياتٍ لفكِ بعضِ الطلاسمِ والإحجياتِ التي يعجزُ المقابلُ عن فهمِهَا أو إدراكِهَا, بل إنَّ ملاكَ العناءِ في كتابتِهَا وإخراجِهَا على حسابِ الصحةِ والوقتِ هو التوصلُ الى أن نضعَ حجراً مِن أحجارِ الأساسِ لبناءِ ذلكَ الصرحِ الشامخِ, الذي سيعيدُ لإمتِنَا وبلادِنَا هيبتهُ المسلوبةِ والمخطوفةِ والمغتصبةِ ...

لذا ليسَ مِن المعقولِ أن أُقابلَ في كلِّ مرةٍ الكثيرَ مِن الأحبةِ -والمفترضُ أنهُم على وعي تامٍ لكلِّ ما يُطرحُ هنَا نتيجةً للمرابطةِ والمتابعةِ المستمرةِ طوالِ هاتينِ السنتينِ تقريباً- وهُم غيرُ قادرينَ على درئ و رَّدِ ومناقشةِ, بل وفهمِ الإشكالِ المطروحِ مِن قبلِ الخصمِ !!!

فبِمُجَرَدِ أن يظهرَ أمامَهُم إشكالٌ حتى تبدءَ صفحاتُ الوجهِ بالتلونِ بألوانِ الطيفِ الشمسي كافةً, ولماذا ؟؟
لأنهُم يمرونَ مرورَ الكرامِ على ما يَتمُ طرحهُ هنا, وكأنَّهُم يمرون على أخبارٍ عاجلةٍ التي إعتادَ #السوربونيونَ_كتابَتَهَا, لا بل لابدَ مِن ترويضِ النفسِ والعقلِ على الإشكالِ وردِ الإشكالِ, بل قبلَ أن تُفكرَ يوماً مِن الأيامِ على النشرِ أو الكتابةِ, لابدَ أن يكونَ النصُ أولَ ناقدٍ لهُ هو نفسُ المؤلفِ لهُ, حتى يضمنُ الكاتبُ والمؤلفُ والمحللُ والناقلُ -#ومشكلتي_مع_الناقلِ- خروجَ المقالِ بأقلِ أخطاءٍ ممكنةٍ, بل لا يَرِدُ عليهِ إشكالٌ إلا مِن أولئكَ الذينَ يرتقونَ على مرحلتهِ بكثيرٍ ...

#فمثلاً ...
نحنُ ذكرنَا في المقالِ السابقِ وتحتَ نفسِ العنوانِ (https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=1778017135808023&id=100007992601410) , أنَّ هنالكَ إحتمالاً كبيراً جداً في تشكيلِ منطقةٍ عازلةٍ ذاتِ الطابعِ العسكري وليسَ السياسي, لأنَّ إستحصالَ القرارِ السياسي الأممي يحتاجُ الى عمليةِ توافقٍ كبيرةٍ, بل أنَّ إستحصالَ مِثلَ هذا القرارِ يَقتربُ مِن الإمتناعِ, لأنَّ الحربَ في سوريا وسياسةِ قضمِ الأراضي لصالحِ الروسِ مِن طرفٍ والى أميركا مِن الطرفِ الآخرِ, ليسَ الهدفُ مِنهَا هي بسطُ السلطةِ والسيطرةِ على الإقليمِ, بل هو البحثُ عن ثغرةٍ روسياً بإتجاهِ أوربا الشرقيةِ, وبحثُ عن سدِ هذهِ الثغرةِ أميركياً لحمايةِ أمنِ الإتحادِ وأمنِهَا القومي ...

ولفهمِ هذهِ الحقيقةِ يتولدُ عندنَا الإحتمالُ الكبيرُ جداً على أنَّهُ مِن الصعبِ جداً أن تدخلَ في عمليةِ المساومةِ الأمميةِ, لأنَّ المبحوثَ عنهُ ليسَ المصالحَ, بل الأمنَ القومي لكلا الطرفينِ روسيا وأميركا !!!

ومِن هنا يُفهمُ جيداً, أنَّ إختيارَ تركيا المناطقَ المتاخمةِ لمحافظةِ هتاي -الإسكندرونة- التركيةِ, لم يكن إختياراً مدنيً أبداً, بل هو إختياراً عسكرياً بإمتيازٍ !!!
كيف ؟؟؟
لأنَّ إنشاءَ المنطقةِ العازلةِ هو تحصيلٌ حاصلٌ عسكرياً في الشمالِ والشمالِ الشرقي السوري, لأنَّ هنالكَ مناطقاً محررةٌ مِن أيدي النظامِ منذُ بدايةِ الثورةِ السوريِ عام 2011, في الشمالِ والشمالِ الشرقي السوري, وكانَ مِن السهلِ جداً الحصولُ على مناطقٍ عازلةٍ أممياً, وإستحصالُ القرارِ بسيطاً جداً بالقياسِ مع المنطقةِ العازلةِ المطالبِ بهَا مِن قبلِ تركيا على تخومِ محافظةِ هتاي, لأنَّ الشمالَ السوري لا يُشكلُ خطراً عسكرياً على النظامِ في سوريا ...

لذا هنَا يُمكن أن نفهَم أن إنشاءِ المناطقِ العازلةِ كانَ ممكناً أممياً, بل وليسَ مِن الصعبِ أبداً, لأنَّ أمثالِ هذهِ المناطقِ حصلتْ وبكثرةٍ سابقاً كما في المنطقةِ العازلةِ بينَ العراقِ والكويتِ أبانَ حربِ الخليجِ الأولى, وبينَ الكوريتينِ, وبينَ ألمانيا وفرنسا قديماً, وبينَ أثيوبيا وأرتيريا, وشمالِ وجنوبِ السودانِ ...

ولكن هذهِ السهولةُ لو طالبتْ تركيا بإنشائهَا في الشمالِ أو الشمالِ الشرفي لسوريا, ولكنَ ما عقدَ المسألةِ كثيراً هو أن طالبتْ تركيا إنشائَهَا بالقربِ من هتاي, وهذا ما جعلَ الروسُ رافضينَ لهَا بالمطلقِ, لأنَّ الهدفَ مِن إنشائِهَا عسكرياً وليسَ مدنياً !!!

ومِن هنا نفهَمُ صراحةً سوءَ النيةِ التركيا -سياسياً- وجعلَ المدنيينَ حطباً لتسخينِ ملفٍ سياسي وجعلهِ بمرحلةِ النضجِ وجهوزيتهِ التامةِ للأكلِ ...

وبالمقابلِ نفهُم الغباءَ الروسي والسوري والإيراني في نفسِ الوقتِ, لأنَّهُم لم يقدموا حلاً يدينونَ مِن خلالهِ الموقفَ التركي لإنشاءِ مثلَ هذهِ المنطقةِ في قلبِ سوريا, وبالتالي بقيتْ الكرةُ التركيا في مرمى روسيا تحديداً ولعدةِ سنواتٍ, حيثُ كانَ مِن المفترضِ لسوريا أن تُبدي حُسنِ النيةِ مع الشعبِ السوري, وتبينُ أممياً أنهُم ليسوا أهدافاً لهَا, بل أنَّ الهدفَ هو فقط حملةِ السلاحِ ضدَ النظامِ !!!

لذا بقيتْ مبادرةُ إنشاءِ المنطقةِ مطروحةً أممياً وبقوةٍ, ومَا أن يغيبَ هذا الملفُ فترةً معينةً حتى يعودَ بالظهورِ مرةً أخرى, وصارَ أشبهُ بمسمارِ جُحَا, حيثُ تعلقُ عليهِ تركيا أملَ بقاءَ المدينينَ بعيدينَ عن خطرِ الموتِ وأتونِ الحربِ, وبالمقابلِ دغدغةُ المشاعرِ الأوربيةِ لتقليلِ مِن زخمِ الهجرةِ إليهَا في حالِ تشكيلِ هكذا منطقةٍ والتي ستأوي الملايينَ من المهاجرينَ في ربوعِ الأرضِ ...

#وإنَّ ...
مشكلةِ القبولِ بهكذا منطقةٍ عازلةٍ على تخومِ حدودِ هتاي التركيا, وبمساحةِ 2500km مربعٍ تقريباً, لأنَّ هذهِ المنطقةِ ستكونُ على أرضِ أكبرِ محافضتينِ في سوريا, بل وأنَّ إنشاءَ هذهِ المنطقةِ سيكونُ لهُ أثراً عسكرياً مباشراً على النظامِ السوري, بل ومعجلاً بسقوطهِ خلالَ أشهرٍ قليلةٍ من إنشاءِ هذهِ المنطقةِ, لأنَ محافظةِ حلبٍ وإدلبٍ ستتحررانِ مباشرةً لِقربِ هذهِ المنطقةِ منهَا, وبالتالي سيقضمُ الثوارُ كلَّ المحافظاتِ جنوباً وصولاً الى دمشقٍ, بينمَا تسقطُ المحافظاتُ الشماليةُ كرقةٍ وديرِ الزورِ والحسكةِ طواعيةً وبدونِ قتالِ, بسببِ أنَّ حربَ الدفاعِ عن العاصمةِ سيكون الأهمُ بالنسبةِ للنظامِ, هذا السيناريو كانَ مطروحاً في عامي 2012-2011 من بدايةِ الثورةِ السوريا !!!

وبالتالي كانَ الحقُ مع النظامُ (سياسياً وعسكرياً) مِن رفضِ هذا المشروعِ, بل وليسَ مِن المعقولِ أن تكونَ روسيا بهذا الغباءِ المفرطِ بالقبولِ بهِ, وبالمقابلِ نعلمُ جيداً الغباءَ التركي لمطالبتِهِم بهكذا منطقةٍ ستراتيجيةٍ مِن قبولِ الطوعي الأممِي لهكذا مشروعٍ بعدَ فتحِهَا السيلِ الهادرِ مِن المهاجرينَ الى أوربا الشرقيةِ ومِنهَا الى عمومِ أوربا, لأنَّ الضغطَ على أوربا لاينفعُ في شيءٍ, لأنَّ القرارَ الأممي غيرُ مبني هذهِ المرةِ على المصالحِ الأمميةِ, وبالتالي سترضخُ روسيا لهذا التصويتِ وعندَهَا سيُمررُ المشروعُ كمَا حصلَ في الكثيرِ مِن البلدانِ العربيةِ سابقاً كالعراقِ وليبيا ...

ومِن هنَا رجحنَا القولَ بإنشاءِ منطقةً عازلةً عسكريةً وليستْ سياسيةً مبنيةً على القرارِ الأممي, على طولِ الشريطِ الحدودي التركي السوري عدا على محافظةِ هتاي التركيا, ولكنَ أمرَ عزلِهَا ومنعِ المقاتلاتِ السوريا والروسيا مِن التحليقِ في أجوائِهَا لايمكنُ أن يحصلُ بحالٍ أبداً, إلا بتحصيلِ قرارٍ أممي أو إتفاقِ بينَ أطرافِ النزاعِ في سوريا, للقبولِ بعمليةِ مُقايضةِ هذهِ المنطقةِ على أساسِ منطقةٍ أخرى !!!

ولكن هنَا على الروسِ والنظامِ أن يلتفتوا جيداً, أنَّ القبولَ بالتدخلِ التركي على طولِ الشريطِ الحدودي بينَ البلدينِ وبعمقِ 20km عسكرياً, سيُوفرُ عشراتِ الآلافِ مِن المقاتلينَ الأكرادِ القادرينَ على قضمِ ما تبقى مِن المحافضاتِ الثلاثةِ الشماليةِ -الحسكةُ, دير الزور, الرقةُ-, وبالتالي تبقى أميركا هي اللاعبُ الأوفرِ حظاً على رقعةِ الشطرنجِ السوريا, حيثُ تملكُ مِن المقاتلينَ مئاتِ الآلافِ القادرينَ على إعادةِ توجيهِ بوصلتِهِم لتحريرِ المزيدِ مِن الأراضي السوريا !!!

#وهنا ...
يجبُ علينَا الإلتفاتْ جيداً, أنَّ أميركا تملكُ مِن خياراتِ وأطرافِ الخيوطِ ما يُأهلُهَا للدخولِ بأيِّ عمليةٍ تفاوضيةٍ مع الروسِ مع الخروجِ منتصرةً في نهايةِ المطافِ, وإن سَوَقَ الإعلامُ على إنهُ تراجعٌ أميركي, لأنَّ هذا التسويقَ يَنُمُ عن الغباءِ المتأصلِ في العقولِ العربيةِ الحاكمةِ والمسيطرةِ على السلطةِ والإعلامِ !!!

فإنَّ أقصَ ما يُملكهُ الروسُ من الملفاتِ لا يعْدُو ملفاً واحداً وهو الإبقاءُ على وجودِهَا أو موطئ قدمٍ في المنطقةِ مع بضعةِ صواريخٍ عابرةٍ للقاراتِ ومهددةٍ للأمنِ العالمِي, لإبقاءِ نفسِهَا على سدةِ التقدمِ العسكري العالمي, هذا الملفُ ليسَ مبنياً على وجودِ أو رحيلِ أو تسليمِ رأسِ النظامِ في سوريا, بل ما تمسكُ الروسِ ببقاءِ النظامِ في سوريا إلا تمسكاً بالميلشياتِ الشيعيةِ المقاتلةِ دونهُ, وبالتالي بمجردِ أن تحزمَ هذهِ الميلشياتُ إيرانياً أمرهَا على رحيلهِ, ستسمعونَ أنَّ روسيا مصرحةً أنَّهُ لا خطٌ أحمرٌ على بقاءِ النظامِ في سوريا, ومرحبةً بعمليةِ إنتقالٍ للسلطةِ !!!

إنْشَاءُ المَنَاطقِ العَازِلَةِ بَيْنَ حُلْمِ الأغْلَبِيَةِ وصَرَامَةِ حَقِ الفِيْتُو :
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,(الدكتور مهند جاسم الحسيني
#الحلقةُ_الأولى :
ليسَ مِن العقلِ أن نكونَ أنصافَ مُتعلمينَ, لأنَّ أنصافَ المتعلمينَ يستعينونَ بمَا عرفوا على البسطاءِ مِن الناسِ, حتى يحسبهُم الجاهلونَ أنَّهُم مِن العلماءِ, ومِمَن تنتهي إليهِم خيوطِ المسائلِ !!!
بينَمَا أنَّ نفسَ هؤلاءِ الأنصافِ يستعينونَ بالعنادِ والتعصبِ والجهلِ والنفاقِ على العارفينَ بحقيقةِ الأمورِ مِن العلماءِ, لأنَّهُم يتكئونَ على بعضِ المعطياتِ ليتوصلوا الى ما جَهَلُوهُ من باقي المسائلِ !!!

وبالتالي تجدَ العلماءِ الحقيقيينَ يقولونَ : (لا أعلم) و (لا علمَ لنَا), بينما أنصافُ المتعلمينَ يُجيبونَ عن أيِّ سؤالٍ يُطرحُ لهُم بطرقةِ الإرتجالِ, لا لأنهُم عارفونَ, بل لأنَّ هَمَّهُم أن يُحافظوا على الصدارةِ الزائفةِ والبريقِ الكاذبِ والسمعةِ الخبيثةِ في قلوبِ أهلِ الجهلِ مِن العوامِ, لذا تراهُم أكثرَ الناسِ صيتاً, وأوسعَهُم سمعةً, وأرفعَهُم منزلةً, لكن بينَ أهلِ الجهلِ والغباءِ مِن الشعوبِ !!!

ولذا تَرونَّ أننَا نسعى دوماً الى بناءِ جِيلٍ مِن أولئكَ العارفينَ والمُطلعينَ على حقائِقِ الأمورِ, مِن خلالِ كثرةِ التطرحِ وتعددِ الأسلوبِ, وتقديمِ المواضيعِ على شكلِ حلقاتٍ, لتتحققْ تلكَ الغايةُ النبيلةُ مِن الوصولِ الى هذا الجيلِ وتخرجِهِم على يدِ أبسطِ المناهجِ الدراسةِ تكلفةً وأوضعِ المدارسِ تشيداً, ألا وهي هذهِ الصفحاتُ التي سيتخرجُ مِنهَا الكمُ الغفيرُ مِمَن يلوكونَ السياسةِ بقواطعِ الأسنانِ ...

وإنَّ إبرازَ هذا الجِيلَ مِن المثقفينَ والعارفينَ سيعينوننَا بالتأكيدِ على مُحاربةِ أولئكَ الأكثرِ شعبيةً, والأكثرِ وزناً, مُخَلِصِينَ العددِ الكبيرِ والكمِ الغفيرِ مِن أولئكَ المغررِ بهِم, ليشربوا مِن غدائرٍ يَعذبُ أموائُهَا, ويأكلُوا مِن موائدٍ يتعددُ طَعامُهَا, لا لشيءٍ إلا وللهِ تعالى فيهِ وجهَا, والإ بتغاءِ إليهِ قرباً ...

#والآن :
أينَ أولئكَ السوربونيونَ كذباً, والباحثونَ بالمراكزِ الأميركيةِ دجلاً, والحاصلونَ على شهاداتٍ مِن أعرقِ الجامعاتِ نفاقاً, لماذا لم يستعينوا بمَا عرفوهُ على فَهم الأمورِ وتوضيحِهَا الى البسطاءِ مِن الناسِ والمتابعينَ, لِمَ خرستْ ألسُنَتُهُم أمامَ أمهاتِ مسائلِ السياسةِ, وضعفتْ أحلامُهُم بإدراكِ ما يَرومَهُ أهلُ الكِياسةِ, أليسَ هذهِ الأقربُ الى تخصصهِم كمَا كَذَبوا على مُتابعي صفحَتِهِم ...

#ولذا :
أكررُ مراراً وتكراراً أن تدعُ كلَّ أولئكَ البسطاءِ مِن الناسِ أن يتركوا غَثَ مَا أوهَمَوهُم بسمنهِ, ويتخلوا عَن واضحِ كذبهِ, وإلا لا يحسبونَ أنفُسَهُم على بني البشرِ في شيءٍ, لأنَّهُم هجروا الحقيقةِ والبرهانَ, وقصدوا الوضاعةِ والحرمانَ, حتى لَم يأنسْ أمثالُنَا بإلتحاقِ أمثالِهِم, ولا يَحزن أصحابُنَا بخروجِ أضعافِهِم ...

 وِمن هنا دعتنَا الحاجةُ الى أن نطيلَ الحديثَ, في أغلبِ ما نَرومَ إصالهُ الى الأحبةِ والأعزةِ مِن القراءِ والمتابعينَ, مِن أن نُلحقَ بعدَ الحلقةِ بحلقةٍ وحلقاتٍ, حتى نكشفَ لهُم الكثيرَ مِن متلابساتِ الأحداثِ, ولكي لا يُحسبُ أحدهُم على أنصافِ المتعلمينَ, بل على العلماءِ والعارفينَ والمطلعينَ ...
ومِن هنَا سَنَتَدَرَجُ في طريقةِ الطريحِ وبطريقةٍ مبسطةٍ حتى يتسنَ للكلِّ تقريباً الفهمُ إن شاءَ الله  تعالى, مبتدئينَ بشرحِ 
#المنطقةِ_العازلةِ :
وهي بريةٌ تحددهَا الأممُ المتحدةُ, أو المعنيونَ المباشرونَ لِعَزلِهَا عسكرياً وبشكلٍ كاملٍ أرضاً وجواً وبحراً مِن مناطقِ الصراعِ, حيثُ تُهَيأ الى إستقبالِ المواطنينَ المهجرينَ والنازحينَ مِن أماكنِ النزاعِ المُسلحِ في المنطقةِ ...

وهنا يَردُ سؤالاً مهماً جداً :
إذا كانَ الهدفُ مِن إنشاءِ المناطقِ العازلةِ هو الهدفُ المدني, إذن لماذا يَخضعُ إقرارُهَا الى تصويتِ مجلسِ الأمنِ الدولي, وإحتمالِ إجهاضِ إقرارهِ بالفيتو ؟!!
لأنَّ الأهدافَ المعلنةِ للمناطقِ العازلةِ وإن كانتْ مدنيةً, ولكن مِن ورائِهَا أهدافٌ سياسيةٌ وعسكريةٌ بإمتيازٍ, وهذا يتنافى مع المصالحِ المُشتركةِ مع الحكومةِ ذاتِ السيادةِ على الإقليمِ ...

فإقرارُ قانونَ المنطقةِ العازلةِ في شمالِ سوريا مثلاً, هو مخالفٌ الى مبدءِ السيادةِ الكاملةِ على الأرضِ, وهذا المبدءُ هو أحدُ مُقوماتِ الدولةِ التي شرحناهَا سابقاً : (https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=1771713929771677&id=100007992601410), إذن للحكومةِ السوريةِ حقُ الرفضِ لتشريعِ هكذا قرارٍ  ...

ولكن أمرَ الرفضِ هذا أمرٌ أمميٌ لايُمكن السماعُ لهُ إلا مِن خلالِ مجلسِ الأمنِ, وهذا المجلسُ لا يحتوي على مقعدٍ للحكومةِ السوريةِ في هذهِ الدورةِ ولا في الدوراتِ الأمميةِ القادمةِ, لذا فأمرُ الرفضِ لا يتمُ مِن خلالِ رفضِ القرارِ الأممي ...

لذا ليسَ للحكومةِ السوريةِ إلا أن ترفعَ شكوى الى الأممِ المتحدةِ, أنَّ تشريعَ هذا القرارَ يُناقضُ حقَ السلطةِ السوريةِ من ممارسةِ سيادتِهَا على كاملِ الأراضي السوريةِ, وما للحكومةِ السوريةِ إلا إنتظارِ النتيجةِ لهذهِ الشكوى ...

ولكن إنَّ رفعَ الحكومةِ السوريةِ لهكذا شكوى سيجعلَ البابَ مفتحاً على مُصراعيهِ لِممارسةِ حقِ الفيتو -الإجهاضُ- مِن قبلِ دولتينِ دائمتي العضويةِ في مجلسِ الأمنِ, همَا روسيا الإتحاديةِ والصينِ, وإن كانَ صوتُ أحدهِمَا كافياً في عمليةِ إجهاضِ القرارِ ...

#لأنَّهُ ...
مِن المعلومِ جيداً أنَّ مجلسَ الأمنِ الدولي بهذهِ التركيبةِ, يخالفُ مخالفةً صريحةً لمعاييرِ الديمقراطيةِ التي دعتْ إليهَا الدولُ الديمقراطيةُ في العالمِ, لأنَّ المبدءَ الديمقراطي يُبنى على أساسِ التصويتِ, وأخذِ أصواتِ الأكثريةِ, بينمَا ما يجري في مجلسِ الأمنِ هو مخالفةٌ صرحةٌ لهذا المبدءِ !!!

حيثُ لو عُرِضَ قرارٌ معينٌ على تصويتِ المجلسِ ذي الأعضاءِ الخمسةِ عشر, ورفضَتْ إحدى الدولِ دائمةِ العضويةِ -روسيا, الصين, فرنسا, بريطانيا, أميركا- مشروعَ القرارِ, فأنَّ صوتَهَا سَيُرَجَحُ على أغلبيةِ الأصواتِ الأربعةِ عشرِ !!!

وبالتالي أنَّ تشكيلَ وبقاءَ هكذا مجلسٍ يُعتبرُ مُعرقلاً وبشكلٍ تامٍ لأيِّ تحركٍ أممي, وهكذا أستطاعتْ أميركا أن تُجهضَ التصويتَ على مشروعِ قرارٍ يُدينَ الكيانِ الصهيوني بإستخدامهِ القوةِ المفرطةِ أبانِ حربي تموزٍ على لبنانِ عامِ 2006, وعلى غزةٍ عامِ  2008, كمَا أجهضتْ روسيا والصينُ مجتمعتينِ مشروعَ قرارِ تجريمَ الأسدِ في حربهِ على شعبهِ, وهذا ما جعلَ المملكةِ العربيةِ السعوديةِ أن ترفضَ عضويةِ المجلسِ عام 2013, بحجةِ أنَّ العضويةِ فيهِ لا قيمةِ لهَا أبداً, ولا قيمةَ لهكذا مجلسٍ أبداً, الذي لم يستطعْ أن يتخذَ قراراً واحداً لا ضدَ دولةِ إسرائيلَ ولا ضدَ حظرِ أسلحةِ الدمارِ الشاملِ في المنطقةِ وجعلِهَا نظيفةً, ولا ضدَ الملفِ السوري مؤخراً !!!

#وبالتالي ...
وآهمٌ جداً مَن يتوقعُ أنَّ تركيا سوفَ تتحركُ بإتجاهِ مَجلسِ الأمني لإستحصالِ هذا القرارِ, لأنَّ هذا المجلسَ معرقلٌ وبشكلٍ تامٍ لأيِّ عمليةٍ هدفُهَا إنهاءِ الصراعِ في سوريا, بل ومعرقلٌ لأيِّ تحركٍ خلافَ المصالحِ للدولِ الخمسِ, لذا فلابدَ لتركيا أن تجدَ منفذاً آخراً لإصدارِ هكذا موافقةٍ وليسَ قراراً ...

حيثُ أنَّ أمرَ إنشاءِ المناطقِ العازلةِ لا تكونَ مناطةٌ أبداً بقراراتِ مجلسِ الأمنِ, لأنَّ هذا المجلسُ أسسَ عامَ 1946 للحفاظِ على السلمِ العالمي, أي بعدَ نهايةِ الحربِ العالميةِ الثانيةِ, وبالتالي إذا كانَ إنشاءُ هكذا منطقةً يتمُ بإتفاقٍ مِن قبلِ أطرافِ النزاعِ أو المحركةِ لهَا أو المسيطرةِ عليهَا, إذن بالإمكانِ إستحصالِ هكذا منطقةً بعيدةً عن النقضِ والإجهاضِ الأممي ...

ولا يُمكن أن تستحصلَ تركيا هكذا منطقةً أبداً بالعملِ الدبلماسي البسيطِ, بل تحتاجُ الى تحركٍ عسكري كبيرٍ بحيثُ يُتفهُ أمرَ إنشاءِ هذهِ المنطقةِ عندَ أصحابِ القرارِ, فمثلاً إنَّ أحدَ الثمراتِ للتوغلِ التركي في جرابلسَ هو تمهيداً لإقرارِ هكذا مسألةٍ, لأنَّ التوسعَ الأفقي على طولِ الشريطِ الحدودي التركي السوري سيُمَهِدُ لهذهِ المنطقةِ وبطريقةٍ مُستعجلةٍ !!!

فمثلاً إنَّ عملياتِ التوغلِ التركي على الشريطِ الحدودي الشمالي لِسوريا, وبحدودِ 20km عمقاً و 500km أفقياً, إذن نحنُ نتكلمُ عن قرابةِ 10 000km مربعٍ, أي ماتعادلُ أكثرَ مِن خمسِ مناطقٍ آمنةٍ تطمحُ تركيا في إنشاءِهَا في شمالي شرقِ سوريا !!!

وبالتالي ما لو فكرتْ تركيا بطريقةٍ جديةٍ في السيطرةِ على طولِ مناطقِ سيطرةِ القواتِ الكرديةِ السوريةِ BYD, إنتقالاً مِن جرابلسَ الى عينِ العربي -كوباني- الى القامشلي الى نهايةِ شمالِ مدينةِ الحسكةِ شرقاً, والى الحلوانيةِ الى تلِ جمال الى بابِ الليمونِ الى الراعي والى نهايةِ شمالِ مدينةِ حلبٍ غرباً, فأنَّ أمرَ إعطاءِهَا الضوءَ الأخضرَ لتشكيلِ المنطقةِ العازلةِ سيكونُ ممكناً ...

لأنَّ المنطقةِ التي ستسيطرُ عليهَا تركيا ستكونُ كبيراً جداً قياساً بتلكَ التي تحلمُ بتشكيلِهَا, وبالتالي سوفَ تُسفهُ فكرةِ السيادةِ السوريةِ والتعدي على الأراضي السوريةِ التي يتمسكُ النظامُ السوري بهَا, وعندَهَا سينتقلُ التفاوضُ الى المراحلِ الأخيرةِ مِن تشكيلِ تلكَ المنطقةِ دونَ التفكيرِ بالقرارِ الأممي !!!

#ولكن ...
إنَّ التحركَ التركي على فعلِ هذا السيناريو ممكناً جداً, بعدَ أن أصبحتْ البنتَ المدللةِ لأبوينِ يتنازعانِ في عائديتِهَا لهُمَا -أميركا و روسيا-, ولكن هذا مِن الناحيةِ النظريةِ عسكرياً, لأنَّ شماعةِ القواتِ الكرديةِ بالتماسِ مع الحدودِ التركيا, سيجعلَهَا تملكُ الحقَ للحفاظِ على أمنِ الحدودِ, ولكن هذا الحقُ لا يصلُ بهِ الحالُ الى غضِ الطرفِ عن السيطرةِ على 10 000km مربعٍ مِن سوريا, وهي مساحةٌ لا يقاسُ بهَا ما سالَ اللعابُ التركي على جعلهِ منطقةً عازلةً !!!

نعم يُمكن أن تفتحَ تركيا عدةِ جبهاتٍ متفرقةٍ مِن شمالِ سوريا, كمَا حصلَ في جرابلسَ, كأن يكونَ في كوباني أو القامشلي أو في عدةِ نقاطِ تماسٍ مع الحدودِ التركيةِ عمقاً الى الداخلِ السوري, ولكن مِن الصعبِ السماحِ لهَا أن تتواجدَ قواتٍ تركيةٍ أرضيةٍ وتعملُ على إتصالِ الجبهاتِ مع بعضِهَا, مُكونةً ما يُعرفُ بالشريطِ الآمنِ على طولِ الحدودِ ...

#نعم ...
يبقى أمامَ الحكومةِ التركيةِ فقطَ أن تُسيطرَ على طولِ الشريطِ الحدودي بطريقةِ التغطيةِ الجويةِ ونيرانِ المدفعيةِ, خصوصاً ونحنُ لا نتكلمُ إلا على مسافاتٍ ليستْ بالكبيرةِ قياساً بالأسلحةِ المتطورةِ والذخائرِ الحديثةِ كالراجماتِ الحديثةِ, التي ستجعلُ القواتِ التركيةِ مسيطرةً سيطرةً تامةً ورابطةً لكلِّ الجبهاتِ على طولِ الشريطِ الحدودي, دونَ تواجدٍ لقواتٍ أرضيةٍ ملموسةٍ ...

وهنا يُحتملُ جداً أن تسعَ الحكومةُ التركيةُ الى تفعيلِ هذا السيناريو قريباً تمهيداً للسيطرةِ العسكريةِ على طولِ الشريطِ الحدودي, وكلُّهَا مقدمةٌ لإستحصالِ الضوءِ الأخضرِ لإنشاءِ المنطقةِ العازلةِ على طولِ الشريطِ الحدودي مع محافظةِ هتاي -الإسكندرونةُ- التركيا ...

السبت، 14 يناير 2017



بَوادرُ الخلافِ وإعادةُ الإصطفافِ الغربي :
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,(الدكتور مهند جاسم الحسيني)
إنَّ مِن أعظمِ مَا يُمكنُ للمرءِ تصورُهُ مِن جنودِ اللهِ تعالى, بحيثُ لا يحتاجُ هذا التصورُ الى أيِّ درجةٍ مِن درجاتِ الإيمانِ بالغيبِ, حيثُ يستوي فيهِ المؤمنُ والكافرُ على حدٍ سواءٍ, هو قاهريةُ الغيبِ والموتِ !!!

فإنَّ الموتَ قد أذلَ رؤوسَ الجبابرةِ وكبارَ المنتفعينَ وأولي القوةِ والسطوةِ والسيطرةِ, بحيثُ مهمَا بلغَ مقدارُ سطوةِ الجبارِ وسلطةِ الظالمِ, فإنَّهُ سيقعُ قتيلاً صريعاً ذليلاً حقيراً بيدِ هذا الجندي, الذي لا يخبرهُ بوقتِ غارتهِ, ولا بساعةِ قدومهِ, فلا يُمهلُ غريمهُ لحظةً لغلقِ عينيهِ, ولا بابتلاعِ ريقهِ, بحيثُ يتوقفُ عندَ المحتضرِ ما يُعرفُ بالزمانِ والمكانِ, فلا تُعدُ معالجتهُ بالساعاتِ فَيُصْبَرُ على إنقضائِهَا, ولا بضائِقَةٍ فَيُؤملُ إنفراجَهَا, فسبحانَ مَن جعلَ مَن سَيَرَ الجيوشَ بلا حجابٍ, وفاجأ مَن كانَ حذرَ الموتِ ببلوغِ الكتابِ, فساقهُ سوقَ عزيزٍ قوي مقتدرٍ الى الحسابِ ...

والآخرُ هو الغيبُ, حيثُ لا يعلمُ الغيبَ إلا اللهُ تعالى مجدهُ وعلا شأنهُ, فَمَن إدعى أنهُ للهِ تعالى قريبٌ فلياتنَا بأثارةٍ مِن علمٍ ممَا ندخرُ في بيوتنَا, ونختزنُ في جُعَبِنَا, ووقتَ حضورِ الخيرِ لنستكثرْ منهُ خشيةَ الإملاقِ, ولكن أنى لهُ هذا وقد تكالبتْ عليهِ الأحداثُ بتكاذبِ التنجيمِ, وانكشفتْ واضحةً بعدَ تصرمِ التعتيمِ, فأصبحَ السائلُ والمسؤولُ على أسنانِ الأمشاطِ في إتساقِ أطوالِ أسنانِهَا, وإستوساقِ ترتيبِهَا, فَمَا تساقطَ مِنَها إلا وأذنَ لغيرهِ بمثلهِ ...

فكمَا أذلَ اللهُ تعالى الظالمينَ بالموتِ والفناءِ, كذلكَ أذلَ المُدَّعينَ بغياهبِ ماتؤولُ لهُ الأمورُ, وتنتهي إليهِ الأحداثُ, حتى إذا ما خالجتهُ نفسهُ أن يدعي ما ليسَ لهُ مزاحمةً لأولياءِ اللهِ الصالحينَ, أدبتهُ مخالفةُ مَا إستقرتْ عليهِ الظنونَ, وذهبتْ إليهِ أقاويلُ أهلِ الدجلِ والتنجيمِ والخيالِ !!!

#لذا ...
فكلُّمَا أقولهُ ويقولهُ الأخوانُ مِن أشياءٍ نتوقعُ حصولُهَا, فهي محكومةً بقانونِ الإستقراءِ والإستظهارِ والتوقعِ ليسَ إلا, فلا يقينَ ولا تأكدَ مِن حصولِهَا, لذا لا يجبُ لأيِّ فردٍ أن يُرَوجَ لهَا على أنَّهَا يقينيةُ الحصولِ ومقطوعةُ الحدوثِ, حتى إذا ما بانَ خلافُهَا حارَ في فهمِهَا وجاهدَ في الدفاعِ عنهَا, وكأنَّهَا مِن الكلامِ المقدسِ أو مِن الكتابِ الأقدسِ, ومَن أصرَ فعلَ ذلكَ فليسَ الى خيرٍ عاقبتُهُ, ولا الى ما يُحمدُ عقباهُ مَنزلتُهُ, فالحذرُ الحذرُ الحذرُ مِن فتنةٍ لا تُبقي ولا تذر, مُذَكِرِكُم ونفسي بمَا أخبرَ عنهُ الحبيبُ المصطفى -صلى اللهُ عليهِ والهِ وصحبهِ وسلمَ- : (دونَ الساعةِ إثنا وسبعونَ دجالاً, منهم مَن لا يتبعهُ رجلٌ واحدٌ) !!!

وبالمقابلِ فإنَّ طريقةَ الإستقراءِ والإستدلالِ وتتبعِ الأحداثِ وإستقصاءِ القصصِ والآثارِ وكيفيةِ التعاملِ معهَا وإستنطاقهَا وإستخراجِ مكامنِ قوتِهَا وضعفِهَا, ففيهَا كلَّ الخيرِ والصلاحِ والإصلاحِ النفسي والروحي والعقلي, فلا ملازمةَ بينَ سقوطِ النتيجةِ الى سقوطِ المقدماتِ, خصوصاً إذا كانتْ تلكَ المقدماتُ غيرَ تامةٍ, بل ومبنيةٍ على الإستقراءِ والتتبعِ الناقصينِ بطبيعةِ حالِ مَن يُحاولُ أن يفهمَ الكثيرَ ممَا ستؤولُ إليهِ الأمورِ في المستقبلِ !!!

لذا فإنَّ ترويضَ النفسِ على الفهمِ والكتابةِ والإطلاعِ والإستنتاجِ مِنَها جميعاً, هو الخيرُ كلُّهُ, وأمَا مطابقةُ ما ستنتهي إليهِ الأحداثُ فهو تحصيلٌ حاصلٌ وسيراهُ المرءُ ولو بعدَ حينٍ, إذا كتبَ اللهُ تعالى لهُ البقاءَ ...

لذا فليسَ مِن العقلِ ولا مِن الحكمةِ ولا مِن الأخلاقِ أن نساوي بينَ مَن إفترضَ شيئاً فبانَ صوابهُ, ولَم يقدمُ على ذلكَ دليلاً ولا برهاناً, فَمَا تخرصَ بهِ لا يعدو سوى ضربةِ حظٍ فقط, ولكنَ الخيرَ والبركةَ معقودةٌ في البرهانِ وطريقةِ الإستدلالِ, بحيثُ لا يخرجُ المقابلُ بوفاضٍ خالٍ أبدا ...

حيثُ رأيتُ الكثيرَ مِن الروادِ والأحبةِ والأعزاءِ كيفَ تغيرتْ نبراتُ أصواتِهِم, وطريقةُ تعاملِهِم, وسلاسةُ إستدلالاتِهِم, بعدَ دوامِ الأخذِ مِن هذهِ الصفحةِ المباركةِ إن شاءَ اللهُ تعالى, بل رأينَا كيفَ يكونَ العملُ الجماعي مباركاً ومسدداً برغمِ مِن النقصِ والجهلِ الذي لا يخلو منهمَا كاتبُ هذهِ الأسطرِ, نعم بالرغمِ مِن ذلكَ وبالرغمِ مِن غيرهَا, نجدُ النجاحَ والتأثيرَ على سلوكِ الغيرِ, بل صرنَا المحركينَ للكثيرِ مِن النقادِ والحسادِ والكُتابِ على حدٍ سواءٍ, وهذا لا يدلُ إلا على نجاحِ خطواتِنَا, وبركةِ كتاباتِنَا الى حدِ التأثيرِ في العدو الحاسدِ الحاقدِ المنافقِ الكذابِ المدلسِ النمامِ الفحاشِ, فضلاً عن التأثيرِ بالمؤمنينَ المخلصينَ الذينَ يتعلمونَ -وأنَا مِنهُم- على سبيلِ النجاةِ ...

نعم, أنَا معكم ورأيي مطابقٌ لِآرائِكُم بنسبةٍ كبيرةٍ جداً, "إنَّ ما يُقالُ ويُدَّونُ ويقررُ ويُبحثُ هنَا لهو أرفعُ وأرقى وأسمى مما يقولهُ الكثيرُ مِن الكُتابِ والمحللينَ, بل لا قياسُ أبداً بينَ ما يُطرحُ هنَا ويُطرحُ هنَاكَ, ولا دورَ في هذهِ الشهادةِ بعدَ أن نعلمَ ونتيقنَ أن الشهادةَ هذهِ قالَهَا الكثيرُ مِن الكُتابَ والمحللينَ والباحثينَ المعروفينَ على نطاقٍ واسعٍ بينَنَا",
ولكن هذا لا يعني أن نصلَ مرحلةَ الغلو -حاشاكُم منهُ طبعاً- في الكاتبِ الى درجةِ أن نجعلَ نِداً الى ما يطرحهُ الأساتذةُ في دراساتِهِم العقائديةِ والتأريخيةِ فضلاً عن غيرِهِمَا وأقصدُ الأصوليةَ والفقهيةَ, كيفَ وإنَّ ما يُطرحُ هناكَ يَنحدرُ عنهُ السيلُ, ولا يرقى إليهِ الطيرُ, فضلاً عن كاتبٍ بسيطٍ أعتادَ التقوتَ والتغذي مِنهُم أصلاً !!!

فَأقولُهَا وللمرةِ الألفِ :
إنَّ كلَّ ما أقدمهُ وأكتبهُ وأوضحهُ لا يُمثلُ إلا عشرَ معشارِ ما تمكنتُ مِن فهمهِ وتعلمهِ وهضمهِ لمطالبِ السيدِ الأستاذِ الصرخي الحسني, وأمَا الباقي فأتمنى أن أكونَ محلاً لرعايةِ الباري عزَّ وجلَّ أن نوفقَ الى فهمِ الباقي الى درجةٍ يُمكن أن يُقالَ عني صرخياً حسنياً عراقياً عربياً وطنياً شريفاً ...

#بالتأكيدِ ...
أني تَعمدتُ أنَّ أقدمَ هذهِ المقدمةَ التي أعتقدُ بأهميتِهَا وبدرجةٍ عاليةٍ جداً, حتى وصلَ بي الحالُ الى جعلِهَا مقدمةً لبحثٍ ومقالٍ سياسي, ولأهميتِهَا لا أجيزُ أبداً أن يُقْتَطَعَ المقالُ ويُنْشَرُ بدونِهَا أبداً, بالرغمِ مِن غرابَتِهَا على الموضوعِ ...

#وطبقاً_لهذهِ_النظريةِ ...
وهي أنَّ ما يُثارُ هنَا ليسَ فيهِ شيءٌ مِن غيبٍ ولا الغيبياتٍ, بل مبنيٌ على أساسِ القراءةِ السياسيةِ للأحداثِ فحسبِ, ولذا فتكونُ هذهِ النظريةُ مبنيةً على أساسِ تتابعِ الأحداثِ المحتملةِ فقط وفقط ...

ومِنهَا كتبنَا المقالَ السابقَ والموسومَ : (الرئيسُ ترامب ... المنصورُ بالرعبِ), حيثُ بينَا خلالَهُ أن المتوقعَ جداً أن الإدارةَ الأميركيةَ سوفَ تستفادُ كثيراً مِن الرعبِ والخوفِ والوجلِ ممَا ستنبثقُ عنهُ هذهِ الحكومةُ الجديدةُ, وإنَّ هذا الإستغلالَ لهذهِ الميزةِ التي لَم يمتازْ بهَا سواهُ مِن الرؤوساءِ السابقينَ الأربعِ والاربعينَ أبداً, سوفَ تُعيدُ إصطفافَ العالمِ وبشكلٍ كبيرٍ جداً, بحيثُ يُمكن أن تُعَدَ هذهِ الحقبةَ مستقبلاً مِن حقبِ إنقلابِ التاريخِ السياسي, أسوةً بالإنقلابِ البيئي والجيلوجي كالعصرينِ الجليدي والطباشيري !!!

فإنَّ إدارةَ الرئيسِ الأميركي الجديدِ متجهةً هذهِ المرةَ صوبَ الإنفرادِ بالرأي, والتخلي عن الشركاءِ الستراتيجيينَ الأوائلِ, كالشراكةِ الأوربيةِ الأميركيةِ,
لأنَّ سياسةَ الإنفرادِ بالرأي والتحركِ لا يُتوقعُ معهَا الحاجةَ الى الشركاءِ أبداً, بل الإعتمادُ على النفسِ والمقدراتِ هو العنصرُ الغالبُ عليهَا بطبيعةِ الحالِ ...

ومَا يُؤكدُ هذا التوجهُ للإدارةِ الأمريكيةِ المقبلةِ, التصريحاتِ التي أدلى بهَا الرئيسُ أوباما, حيثُ صرحَ أنَّ الإدارةَ الأميركيةَ لا تُغيرُ تعاملَهَا الستراتيجي مع أعضاءِ الناتو (NATO), وهذا يَكشفُ أن هذا الحلفَ كانَ أحدَ البنودَ الرئيسيةَ التي تحدثَ بهَا الرئيسانِ أوباما وترامب أثناءِ لقائِهِمَا في البيتِ الأبيضِ مؤخراً, وإلا ما سِرُ التصريحِ ورسائلِ الطمئنينةِ التي أرسلهَا أوباما الى المجتمعِ الأوربي على الوجهِ الخصوصِ, بل أنَّ التصريحاتِ التي أطلقهَا أثناءَ سفرهِ الى أوربا الشرقيةِ -اليونان- أبدى خلالَهَا أنهُ غيرُ متفائلٍ كثيراً بقراراتِ الرئاسةِ الجديدةِ, وإن علقَ آمالهُ على تغيرِ الحالِ بعدَ أن يتسلمَ الرئيسُ ترامب الإدارةَ بشكلٍ فعلي !!!

بل, أنَّ المُتتبعينَ لخطاباتِ الرئيسِ أوباما لَم يشهدوا فيهِ حالةِ السكوتِ والتروي والتفكيرِ في الجوابِ سابقاً مِن خالِ الأسئلةِ المطروحةِ عليهِ من قبلِ الصحافةِ كَمَا رأينَا هذهِ المرةِ, لأنَّ المستقبلَ وما ستؤولُ إليهِ الأمورُ مجهولةً الى حدٍ كبيرٍ هذهِ المرةِ حتى على الرئيسِ أوباما نفسهُ, فكيفَ برؤوساءِ الآخرينَ مِن الدولِ العالمِ الثاني الثالثِ !!!

ولا بأسَ أن أقربَ لكُم غرابةَ الرئيسِ ترامب أكثرَ بالمنظورِ الدولي عموماً والأوربي خصوصاً ...

فإنَّ المؤتمرَ الذي أقيمَ في باريسَ في بداياتِ ديسمبر الماضي حولَ الإحتباسِ الحراري وتقنينِ الإنبعاثاتِ الى الجو, والذي إنتهى بموافقةِ (195) دولةٍ مشاركةٍ على تقليلِ الطاقةِ الأحفوريةِ وإدارةِ الغاباتِ, وعلى رأسِهَا الدولةُ الأكثرُ تلويثاً للبيئةِ كالصينِ, فبالرغمِ مِن أنَّ الخاسرَ الأكبرَ هي الصينُ لكنَهَا كانتْ مِن أكثرِ البلدانِ تشجيعاً الى تطبيقِ هذا القانونِ ...

وبالرغمِ مِن إتفاقِ العلماءِ والباحثينَ المناخيينَ على أنَّ السببَ الرئيسي لرتفاعِ حرارةِ الجو هي غازاتُ المنبعثةُ مِن إستعمالِ الطاقةِ الحفوريةِ, وعلى الرغمِ مِن تضررِ الكثيرِ مِن البلدانِ وعلى رأسِهَا الصينُ وروسيا في حالِ تطبيقِ هذا القانونِ في بداياتِ العامِ (2020), يأتي الرئيسُ الأميركي الجديدُ ترامب لينفي أنَّ هذهِ الإنبعاثاتِ هي السببُ الأساسي مِن هذا الإحتابسِ, بل ويجعلَ إستئنافَ عملياتِ إستخراجِ الطاقةِ الأحفوريةِ جزءاً مِن حملتهِ الإنتخابيةِ, بذريعةِ التقدمِ الإقتصادي المرادِ تحقيقهِ في سنواتِ ولايتهِ, وكذبةِ الإحتباسِ الحراري !!!

وطبعاً أنَّ غرابةَ التصريحِ لا تأتي بسببِ أنَّ رئيساً أمريكياً بالغاً مِن العمرِ سبعينَ عاماً وهو ينفي أنَّ الإنبعاثَ عاملاً أساسياً لتقلبِ أحوالِ المناخِ فقط, بل لأنَّهَا تُمثلُ طعنةً في ظهرِ فرنسا التي أستضافتْ هذا المؤتمر على أراضيِهَا, وهيئتْ لهُ أسبابَ النجاحِ كافةً, وهذا النقضُ على المبادرةِ الفرنسيا تُرسلُ برسالةِ عدمِ إحترامِ الى فرنسا, بل والى الإتحادِ الأوربي كافةً, حيثُ أن إنتعاشَ الإقتصادِ الفردِ الأميركي وليسَ الإقتصادَ الأميركي يتقدمُ على الإتفاقياتِ الدوليةِ عامةً ومِنهَا الأوربيةِ حتى !!!

#ولذا ...
ربَّمَا لَم يجدْ الكُتابُ والمحللونَ ما يقولونهُ تحليلاً وتوضيحاً لسببِ إصرارِ الرئيسِ فرانسو أولاند على تطبيقِ مخرجاتِ مؤتمرِ فرنسا للحتباسِ الحراري, بل وسببِ تكرارِ رسائلِ الإطمئنانِ التي بعثهَا الرئيسُ أوباما إليهِ, بل وربَّمَا عملهُ على إستحصالِ الإقرارِ مِن حكومتهِ ليصبحَ ملزماً للإدارةِ الجديدةِ, لأنَّ النقضَ على مخرجاتِ هذا المؤتمرِ يعني أنَّ أميركا رضيتْ بالإستغناءِ عن فرنسا وعن الإتحادِ الأوربي جميعاً, هكذا يفهمُ الرئيسُ الفرنسي كلامَ ترامب !!!

أي أنَّ الرئيسَ الجديدَ ترامب لا يحترمُ القراراتِ الدوليةِ ولا المخرجاتِ الأمميةِ ما لو تعارضتْ مع مصلحةِ الفردِ الأميركي وليسَ مع مصالحِ الدَوْلَةِ العليا, هذا فضلاً عن كونهِ متخلفاً الى حدٍ كبيرٍ جداً, ممَا يصعبُ التعاملِ معهُ الى حدِ الإمتناعِ, لأنَّهُ لم يصل الى مرحلةِ الخطرِ المحدقِ بالكوكبِ بأسرهِ نتيجةً لهذهِ الإنبعاثاتِ, فكيفَ يُمكن أن تُجرى معهُ مباحثاتٍ في أمورٍ أكثرِ خطورةٍ وأصعبِ فهمٍ مِنهَا ؟!!

#ولكنَ ...
الحقيقةَ تخبرنَا والواقعَ ينبؤنَا أنَّ وصولَ المتطرفينَ واليمينيينَ الى الحكمِ سيكونُ هو العنصرَ الغالبَ, بعدَ أن أتفقتْ كلمةُ الساسةِ على عدمِ السماحِ لهؤلاءِ بالوصولِ الى سدةِ الحكمِ وإتخاذِ القرارِ, لأنَّ وصلَهُم يعني الويلَ والثبورَ والدمارَ هو العنصرُ الغالبُ تحققهُ مستقبلاً, والمشهدُ المتوقعُ رؤيتهُ فورَ وصولِهُم إليهِ, لذا كانَ يُقبلُ هؤلاءِ المتطرفونَ كسياسيينَ فقط, وليسوا كقادةِ أبداً, وهذا ما يُفسرُ لنَا عدم تسلمِ الرئيسِ الجديدِ ترامب أيَّ منصبٍ سياسي في الحزبينِ الذينَ تناقلَ بينَهُمَا على مدارِ عقدينِ تقريباً, وهمَا الجمهوري والديمقراطي !!!

ولكن ماذا نفعلُ مع الأغبياءِ الأوباشِ مِن قياداتِ العالمِ الأولِ, حيثُ تعاملوا مع الناسِ على أنَّهُم جزءاً مِن الخوارزمياتِ الحاسوبيةِ, حيثُ لا يُمكن أن تعصي لمصممهَا أمراً أبداً, هكذا هُم تعاملوا مع الشعوبِ والعالمِ بأسرهِ, حيثُ يقدمونَ المقدماتِ تحسباً لإغتنامِ نتيجةٍ متوخاةٍ, ولكنَ نسوا أنَّ التربيةَ والتعاملَ مع المجتمعاتِ والشعوبِ لا يتمُ بهذهِ الطريقةِ البرامجيةِ المنطقيةِ الحاسوبيةِ, بل إنَّ إشاعةَ الفضيلةَ والأخلاقَ الحسنةَ والتعاملَ الإنساني, هو مَا يُربي الشعوبَ ويقطفُ ثمارَ الجهدِ الجهيدِ على تربيتِهِم بمرورِ الزمنِ !!!

#نَعم ...
بعدَ أن أذكوا في العالمِ عامةً والمنطقةِ خاصةً كلَّ أنواعِ الإرهابِ وكلَّ مسمياتهِ وإنتماءاتهِ, مِن ثوارِ القوقازِ الى إنفصاليي أوكرانيا الى القاعدةِ الى تنظيمِ الدولةِ -داعش- الى بوكو حرام الى أنصارِ بيتِ المقدسِ الى عسكرةِ الفكرِ السلفي الى الأخوانِ الى العشراتِ والمئاتِ مِن أخواتِهَا, فمَاذا ينتظرُ هؤلاءِ الغربيونَ والأمريكيونَ بعدَ ذلكَ, غيرَ تطرفِ شعوبِهِم وتوحشِهَا واستذئابِهَا, الى حدِ أنَّ يصلَ المجتمعُ ما رأيناهُ في أفلامِ الخيالِ العلمي وهو مجتمعُ الزمبياتِ وأكلةِ لحومِ البشرِ والإعتيادِ على مناظرِ القتلِ والدمارِ والتهويلِ والترويعِ, والعملِ على نقلِهَا الى نفسِ مجتمعاتِهِم التي أنعمَ اللهُ تعالى عليهَا مؤخراً بالراحةِ والإطمئنانيةِ !!!

لذا فإنَّ المجتمعَ يتأثرُ بمَا حولهُ مِن مشاهدٍ ومجتمعاتٍ, خصوصاً إذا كانتْ تلكَ المشاهدُ قدَ أُذكيتْ بفعلِ فاعلٍ, وروجَ لهَا الإعلامُ الى أنَّ جعلوا شعوبَهُم تعتقدُ تمامَ الإعتقادِ, إنَّ مَن يعيش في أرضِ العربِ هُم أرهابيونَ قتلةٌ مجرمونَ سفاحونَ, ولا يستمتعونَ إلا بقتلِ أضاحيهم بطريقةِ الذبحِ والحرقِ والقذفِ مِن شاهقٍ !!!

بعدَهَا ماذا ننتظرُ مِن شعوبِهِم أن تنتخبَ ؟!!
وماذا نتوقعُ مِن شعوبِهِم أن تختارَ ؟!!
ومَاذا نتصورُ مِن شعوبِهِم أن تتصرفَ ؟!!

بالتأكيدِ سيكون الشعبُ مضطراً ما بينَ الدفاعِ عن نفسهِ وطلباً للقتلِ والثأرِ مِن الآخرِ, خوفاً مِن أن يصلَ الحالُ الى أكثرِ ممَا وصلَ إليهِ مؤخراً في بلدانِهِم, حيثُ خلفَ الإرهابيونَ المئاتِ مِن القتلى والجرحى والمروعينَ في مجتمعاتِهِم الآمنةِ, بعدَ أن عانتْ الأمرينِ مِن الحربينِ العالميتينِ التي دارتْ رحاهُمَا على أرضِهِم, بالتأكيدِ سوفَ ينتخبونَ المجرمَ والمتطرفَ واليميني, بل وأقصى اليميني, بعدَ أن تثقفوا على ثقافةِ قتلِ الآخرِ والأخذِ بالثأرِ مِنهُم, وعلى وجوبِ الدفاعِ عن النفسِ !!!

وبعدَ ذلكَ هل ننظرُ الى أنَّ الرئيسَ ترامب وصلَ جزافاً وبلا شعورٍ الى البيتِ الأبيضِ ؟!!
وهل ننخدعُ أنَّ تربيةَ الشعوبِ نحو التطرفِ النفسي والروحي والفكري لَم يكن مقصوداً عندَ هؤلاءِ الرسامينَ للمشاهدِ السياسيةِ ؟!!
وهل نصدقَ أنَّ الصدمةَ التي ظهرتْ على وجوهِ الكلِّ كانتْ حقيقيةً وغيرَ زائفةِ ولا كاذبةِ ؟!!

لا وألفُ لا ولا ولا ولا ولا ...... كرروهَا نيابةً عني الى آلافِ بل ملايينَ المراتِ !!!

إنَّ الخوفَ والرعبَ وجهالةَ مستقبلِ القارةِ الأوربيةِ والعالمِ بأسرهِ, جاءَ كلُّهُ نتيجةً لهذهِ السياسةِ التربويةِ والتعبويةِ الشعبيةِ الجماهريةِ المجتمعيةِ, حيثُ السياسيونَ بأجمعِهِم ثقفوا شعوبَهُم بعشراتِ الطرقِ, أنَّ الخطرَ يكمنُ في الشرقِ عموماً وفي الشرقِ الأوسطِ على نحو الأخصِ, حيثُ لا رادعاً ولا حاكماً ولا دولةً ولا حكومةً موجودةٌ هناكَ, لهَا القدرةُ على السيطرةِ وكبحِ جماحِ المتشددينَ الإرهابيينَ التكفيريينَ !!!

#إذن ...
يكونُ الردعُ والحصانةُ والأخذُ بالثأرِ فقط عندَ انتخابِ المتشددينَ اليمينيينَ المجرمينَ فكراً وعملاً, وعندَهَا تسنى للرئيسِ ترامب أن يتسلقَ بطريقةٍ سهلةٍ جداً الى غصنِ الحكومةِ ليقطفْ كرسي الرئاسةِ بطريقةٍ رُسِمَتْ لَهُ مُسبقاً بطريقةٍ غبيةٍ وربَّمَا عفويةٍ وغيرِ مقصودةٍ !!!

ومِن هنَا لا يتفاجأ العالمُ بالرئيسِ الأميركي المتطرفِ أن وصلَ الى الحكمِ والرئاسةِ أبداً, لأنَّ المتوقعَ جداً أن تكرارَ هذا المشهدِ سيكونُ مألوفاً جداً في الأيامِ المقبلةِ حيثُ الإنتخاباتُ الفرنسيةُ والألمانيةُ وعمومُ الدولِ الأوربيةِ والعالمِ, هذا مِن وجهةِ نظرِ البلدانِ غيرِ الإسلاميةِ,
أمَا بلادُ الإسلاميةِ فحدثَ ولاحرجَ عليكَ, حيثُ تسلقَ المتطرفونَ قبلَ الغربِ الى سدةِ الحكمِ بسنينَ, ومَا مصرُ وتونسُ وليبيا والمملكةُ العربيةُ السعوديةُ واليمنُ والعراقُ وسوريا إلا شواهدٌ على ذلكَ, حيثُ لم تبقَ بلادٌ عربيةٌ إلا وحكمهُ الجلادونَ المجرمونَ, فمَا أن يَتَسَلَمَ الحكمَ إلا ويُعلنَ حرباً على طرفٍ آخرٍ أو جهةٍ أخرى, وكأنَّ السياسةَ والكياسةَ وإثباتَ الوجودِ عندَ هؤلاءِ لا يُثبتُ إلا بالمسيرةِ الحربيةِ الإجراميةِ على الشعوبِ والمنطقةِ !!!

#ومِن_ذلكَ_يُمكن_أن_نتوقعَ_جداً :
بوادرُ الخلافِ والإختلافِ والشحناءِ والبغضاءِ في دولِ الغربِ كافةً, بل ربَّمَا تشكيلُ جيوشٍ وتحشيدٍ رديفةٍ في الفتراتِ المقبلةِ القريبةِ, تماشياً مع التنصلِ الأميركي الحالي عن الكثيرِ مِن إلتزاماتهِ, للدفاعِ عن أمنِ البلادِ الأوربيةِ الشرقيةِ بدلاً مِن الإتكالِ بشكلٍ كاملٍ على القدراتِ الأميركيةِ الدفاعيةِ هناكَ ...

وبالتالي سيتحققُ لأميركا غرضاً مِن أغراضِهَا وهدفاً مِن أهدافِهَا, حيثُ سَتُنعشُ الأسواقُ الأميركيةُ مرةً أخرى بعدَ نهايةِ الحربِ العالميةِ الثانيةِ مِن تجارةِ الأسلحةِ مع أوربا, وتصديرِ الكثيرِ مِن التقنياتِ العسكريةِ إليهَا غرضاً لحمايةِ أمنِهَا, بدلاً مِن الإتكالِ على القدراتِ الأميركيةِ بشكلٍ كبيرٍ وبالمجانِ, كمَا عبرَ الرئيسُ ترامب مؤخراً "لا شيءً بالمجان, إدفعْ وستحصلْ على الحمايةِ الأمريكيةِ" !!!

#ترامب ... المَنْصورُ بالرعبِ :
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,(الدكتور مهند جاسم الحسيني)
إذا أردنَا أن نعرفَ شيئاً مِن الخطواتِ المتوقعةِ للرئيسِ الأميركي الجديدِ -TRUMB- يجبُ علينَا أن نستعينَ بعدةِ مقدماتِ نعتقدُ بصحتِهَا, وعلى أساسِهَا سوفَ نرسمُ عدةَ خطوطٍ عامةٍ لهذهِ الشخصيةِ المكتنفةِ بالغموضِ الى حدٍ كبيرٍ جداً ...

فمثلاً :
إنَّ أيَّ رئيسٍ جديدٍ وفي ولايتهِ الأولى سيسعى الى رسمِ خارطةٍ الى أن يُرسخَ موطئ قدمهُ في أعتابِ الولايةِ الثانيةِ, وهنا لابدَ لهُ مِن أن لا يتخلَ عن نفسِ فريقِ العملِ مِن الإستشاريينَ والمفكرينَ والمروجينَ الإعلاميينَ الذينَ كانوا سبباً في طريقِ نجاحهِ ووصولهِ الى سدةِ الرئاسةِ الأميركيةِ, الرئاسةِ الأعظمِ على مستوى كوكبِ الأرضِ والمجموعةِ الشمسيةِ !!!

فكَمَا أنَّ هؤلاءِ الإستشاريينَ كانتْ لهُم القدرةُ على إنجاحهِ وتقديمهِ كرئيساً محتملاً في الحقبةِ الحاليةِ للبلادِ, فلَهُم أنَّ يبقوا عليهِ ناجحاً الى نهايةِ الفترةِ الأولى وصولاً الى الولايةِ الثانيةِ للرئاسةِ الأميركيةِ, بشرطِ أن يستعينَ بالكثيرِ مِنهُم في حقائبهِ الوزاريةِ وعلى رئسهَا الخارجيةُ والدفاعُ والماليةُ, وهذا مِن الحقِ القانوني الذي يتمتعُ بهِ هذا الرئيسُ, حيثُ يختارُ أيَّ فردٍ يرغبُ فيهِ, أسواءُ كانَ مِن الشارعِ أو مِن أقاربهِ أو مِن أعضاءِ حملتهِ الأنتخابيةِ أو حزبهِ, فحريةُ الخيارُ متروكةٌ لهُ ...

#وهنا ...
تتوفرُ فرصةٌ ذهبيةٌ كبيرةٌ جداً لهذا الرئيسُ, حيثُ أنَّ عنصرَ المفاجئةِ التي تسلمَ بهَا مقاليدَ الحكمِ, وعدمَ إمتلاكهِ سيرةٍ سياسيةٍ معروفةٍ عندَ المراقبينَ, جعلتْ البابَ مفتوحاً على مصراعيهِ للسيناريوهَاتِ المحتملةِ التي سيقدمُ عليهَا في المستقبلِ, بل إنَّ عنصري المفاجأةِ والخشيةِ ستبقيانِ مستحكمةً في أذهانِ كلِّ قياداتِ العالمِ, لأنَّ بوصلةَ هذا الرجلِ غيرِ معلومةِ الإتجاهِ, لذا فلهُ أن يختارَ فريقَ عملهِ وأفرادَ حكومتهِ بنفسِ المقدارِ مِن الغموضِ, بحيثُ ستكونُ هذهِ الحكومةُ الجديدةُ أشبهُ بالثقبِ الأسودِ والذي مِن الصعبِ أن تُسلطَ عليهِ أضواءُ الإعلامِ لمعرفةِ ما يُطبخُ مِن مؤامراتٍ داخلهَا !!!

ولكَ أن تتخيلَ مقدارَ الخوفِ والخشيةِ والصدمةِ العالميةِ في حالِ لو جَهَلَ ساسةُ العالمِ كلَّ أفرادِ الحكومةِ الأميركيةِ الجديدةِ, فهذا يعني الحاجةَ الى أشهرٍ وربَّمَا سنواتِ لفهمِ كلَّ فردٍ مِن أفرادِ الحكومةِ, بل الى تكرارِ اللقاءاتِ حتى يُعادَ صياغةِ الكثيرِ مِن الثوابتِ المتفقِ عليهَا بينَ البلدانِ مِن طرفٍ وبينَ الإدارةِ الأميركيةِ الجديدةِ مِن طرفٍ آخرٍ !!!

لأنَّ الكثيرَ مِن الثوابتْ المتفقِ عليهَا لا ضمانَ لهَا بعدَ أن يكنَ تاجرٌ ومقامرٌ على عرشِ أعظمِ دولةٍ في العالَمِ, وبالخصوصِ أنَّ الكثيرَ مِنهَا غيرُ ملزمةِ التنفيذِ في الحالاتِ الإعتياديةِ, حيثُ ستكونَ المنفعةُ هي العنصرُ الغالبُ في كلِّ التعاملاتِ مع الخارجِ, ولا وجودَ لمَا يُعرفُ بالدبلماسيةِ الدوليةِ, بل أقلُ مَا يُتَعَاملُ بهِ ما يُعرفُ بالمصالحِ المشتركةِ بينَ الأطرافِ !!!

#وحقاً ...
أنَّ الإدارةَ الأميركيةَ ما قبلَ ترامبَ الرئيسِ الجديدِ, هي ليستْ الأدارةَ ما بعدَ ترامبَ, لأنَّ كلَّ السياساتِ كانتْ معلومةً مِن قبلِ السياسيينَ عن كلا الحزبينِ, فبمجردِ صعودِ أحدِ أفرادِ الحزبينِ مِمَن شغلَ منصباً سياسياً أو سيادياً سابقاً, سيكونُ سياستهُ مكشوفةً ومتوقعةً إتجاهُ العالمِ الخارجي, بينَمَا أن يصلَ الحالُ الى شخصٍ لا يُرى خارجَ ملاعبِ الكولفِ والأبراجِ الناطحةِ للسحابِ والسهراتِ الصاخبةِ المغلقةِ على نفسِهَا, هنَا سيضطرُ الكلُّ الى إعادةِ صياغةِ الكثيرِ مِن الثوابتِ أو تأكيدِ الإتفاقِ عليهَا !!!

وهذا ماجعلَ العالمَ الخارجي وبشكلٍ ملفتٍ للنظرِ, في حالةِ ذهولٍ وصدمةٍ وصعقةٍ كبيرةٍ جداً, بل لَم يتوقعْ أولئكَ السياسيونَ الكبارُ والمؤثرونَ في المشاهدِ السياسيةِ العالميةِ -مِن حيثُ التدخل الإستخباري والإعلامي والمالي لتغييرِ قناعةِ الشعوبِ في رؤسائهَا لغرضِ إنتخابِهِم- فوزَ هذا الشخصِ على الإطلاقِ, لأنَّهُم كدسوا الأموالَ والإعلامَ لفوزِ منافستهِ هيلاري كلينتون, لا لشيءٍ سوى أنَّهَا معلومةَ السيرةِ والتحركِ السياسي في المستقبلِ, بل مِن الراجحِ عندَهُم ما لو تسنى لهَا الحكمُ لمَا غايرتْ الكثيرَ مِن خطى السابقينَ عليهَا مِن الجمهوريينَ والديمقراطيينَ ...

بل إنَّ ما بُذِلَ مِن أموالٍ مِن قبلِ الكثيرِ مِن الدولِ العظمى في العالمِ, لا حباً بكلنتونَ أن تكونَ رئيسةً, بل خوفاً مِن المجهولِ ومِن قراراتِ الرئيسِ المجهولِ وغيرِ معلومِ التصرفِ والتفكيرِ والحالةِ النفسيةِ, وهذا ما يَجعلهُم في حالِ ترقبٍ ووجلٍ شديدينِ, بل وصلَ بهِم الحالُ الى إستعجالِ عقدِ اللقاءاتِ معهُ للتأكدِ مِن خطوطهِ العريضةِ التي أتفقوا عليهَا عبرَ عقودٍ !!!

#وكمَا_بينَا_سابقاً :
أنَّ السياساتِ الأميركيةِ مرسومةٌ مسبقاً ولعشراتِ السنينَ, وليسَ لهذا الرئيسِ الإ العملِ بمضمونِ الكثيرِ مِنهَا, مع تركِ فسحةِ عملٍ لهُ, والتي مِن خلالِهَا سيشعرُ العالمُ بأنَّهُ رئيسٌ فعليٌ للعالمِ بأسرهِ ...

ولكنَ هذهِ السياساتُ لا تصبُ أهتماماً على الرؤى الداخليةِ للبلادِ بقدرِ ما تهتمُ الى الرؤى الخارجيةِ لهَا, فمثلاً لا تهتمُ بطبيعةِ العلاقاتِ بينَ الإتحادِ الأوربي مِن جانبٍ والأميركيةِ مِن جانبٍ آخرٍ, ولا بعلاقةِ أميركا بإسرائيلِ, بقدرِ ما لهَا مِن رؤى تخصُ العولمةَ والسيطرةَ على العالمِ بأسرهِ, والحفاظَ على الأمنِ القومي والتقدمِ العسكري, وما يرتبطُ بهَا !!!

وهذا الشيءُ الذي لَم يلتفتْ لهُ الكثيرُ مِن المحللينَ والكُتابِ, وهو أنَّ ما يُرسمَ مِن السياساتِ لا تقيدُ كثيراً التحركَ الرئاسي بحيثُ يصل الى مرحلةِ الموظفِ في الحكومةِ أو الإدارةِ, بل هنالكَ عدةُ ملفاتٍ تبقى مِن صلاحيةِ الرئيسِ العملِ عليهَا, وهي لا تقلُ أهميةٌ عن تلكَ التي تبقى محجوبةً عنهُ طيلةَ فترةِ رئاستهِ, بل تُعدُ وتوكلُ الى الرئيسِ القادمِ في الفترةِ الإنتخابيةِ القادمةِ !!!

#ولكن ...
للجانبِ الأميركي الكثيرُ مِن الخياراتِ التي سيمتلكُهَا بعدَ حصولِ هذهِ الصدمةِ العالميةِ بإنتخابِ عقاري وتاجرٍ كرئيسٍ أميركي, حيثُ يُمكن للوكالاتِ الإستخباريةِ وفريقِ المستشارينَ المخضرمينَ, الذينَ تخرجَ على أيديهِم الكثيرِ مِن رؤساءِ الولاياتِ المتحدةِ الأميركيةِ, أن يُشيروا على الرئيسِ الكثيرَ مِن الملفاتِ التي تتناسبُ مع هولِ هذهِ الصدمةِ, حيثُ عاملَ الوجلِ والخوفِ المستحكمِ مِن ما سيقدمُ عليهِ هذا الرئيسُ, سيجعلُ العالمَ في حالةِ صمتْ دولي أمامَ الكثيرِ مِن الخطواتِ الخطرةِ مستقبلاً, فللإستشاريينَ أن يُحركوا الكثيرَ مِن هذهِ الملفاتِ التي حركُوهَا بعدَ أحداثِ الحادي عشرِ مِن سبتمبرَ !!!

بل إنَّ أي تحركٍ رئاسي جديدٍ سيجعلُ العالمَ الغربي والشرقي يُعيدَ إصطفافهُ مِن جديدٍ مع الجانبِ الأميركي أيضاً, وهذا الإصطفافُ لا يُمكن الحصولَ عليهِ مع رئيسٍ معلومِ السيرةِ والتوجهِ والسياسةِ ...

فمَا لو فكرتْ أميركا أن تعيدَ رسمَ خارطةِ السياسيةِ والعسكريةِ في العالمِ بأسرهِ, بعدَ أن سأمتْ الخارطةَ القديمةَ, فعليهَا أن تحركَ تلكَ الملفاتِ التي أعدتْ مسبقاً لهذا الغرضِ, مع رمي الرئيسِ بهذا التحولِ السياسي والإنعطافِ الدبلماسي الكبيرِ, بل إستغلالُ صفةِ الخوفِ والخشيةِ المسيطرةِ على العالمِ !!!

وبالخصوصِ أنَّ هنالكَ عدةُ مقوماتٍ لهذا التحولِ السياسي والدبلماسي الأميركي, وهو أنَّ غالبيةَ مَن سيطرَ على مقاعدِ الكونكرس هُم مِن الجمهوريينَ, وهذا يعني أنَّ الرئيسَ ترامبَ سوفَ لا يخوضَ جولاتِ مفاوضاتِ معهُم لإستحصالِ بعضِ القراراتِ المنسجمةِ مع هذا التغييرِ, بقدرِ ما يحتاجُ الى إرضائِهِم وإقناعِهِم, أي أنَّ مهمةَ ترامبَ ستكونُ سهلةً بشكلٍ كبيرٍ ما لُو قِيستْ بمرحلةِ الرئيسِ أوباما, الذي كانَ يضعُ نصبَ عينيهِ المعارضةَ في مجلسي الشيوخِ والبرلمانِ !!!

#وبالمقابلِ ...
أنَّ هنالكَ الكثيرَ مِن الملفاتِ التي سوفَ ترسمُ للرئيسِ ترامبَ خطواتهُ القادمةَ, وسيكونُ هذا الرئيسُ مجبراً على تكملةِ المشوارِ قدماَ, بل مع إستعمالِ ما يملكهُ مِن الرهبةِ في قلوبِ الساسةِ والرؤساءِ في العالمِ ...

يعني أنَّ الدعوى عدمِ قدرةِ الرئيسِ على التحكمِ التامِ بمقاليدِ الحكمِ والتحركِ بحريةٍ تامةٍ, هي دعوى صحيحةٌ وبشكلٍ كبيرٍ, ولكن هذا لا يعني أنَّ الإستشاريينَ سيفرضونَ على الرئيسِ هذهِ الستراتيجياتِ المستقبليةِ, وهو سيكونُ ملتزماً بهَا وبفعلِهَا, وفيما لو تخاذلَ عن إمتثالِهَا سيكونُ رئيساً فاشلاً ومهدداً بالإقالةِ, طبعاً لا !!!

فمثلاً إذا كانَ الهدفُ المنشودُ هو إعادةَ رسمِ خارطةِ الشرقِ الأوسطِ مثلاً, وهذا الهدفُ يحتاجُ الى عدةِ سنينَ لا تسمحهَا الولايتانِ معاً, فيُتركُ أمرَ الإكمالِ الى الرئيسِ التالي لإكمالِ المخططِ المتفقِ عليهِ, بل إنَّ أمرَ الإكمالِ سيكونُ خياراً لابدَ مِنهُ, بل وخيارُ تركهِ سيكونُ خياراً رمادياً بطبيعةِ الحالِ !!!

وبهذهِ الطريقةِ سوفَ لا ينقضُ الرئيسُ الجديدُ عملَ القديمِ أبداً, بل وكأنمَا يسيرونَ عبرَ مئاتِ السنينَ لتنفيذِ نفسِ المخططِ, ولكنهُ بالحقيقةِ أمرٌ لابدَ مِن فعلهِ يُلقى على عاتقِ الرئيسِ الجديدِ إكمالهُ, وبهذهِ الطريقةِ يُستعبدُ الرئيسُ كسابقيهِ عندَ مؤسسةِ الرؤيا المستقبيلةِ في أميركا, وأمَا أمرُ الأمورِ الأخرى فتتركُ للرئيسِ عملُهَا بشرطِ أن لا تتعارضُ مع النظرةِ العامةِ الواجبِ على الرئيسِ عملهَا ...

#وبقي_عندنَا_تساؤلٌ_لابدَ_مِن_طرحهِ :
إذا كانتْ السياساتُ الأميركيةُ موضوعةً مسبقاً, إذن لماذا كلُّ هذا الحذرُ العربي والعالمي على حدٍ سواءٍ, فيُمكن للرئيسِ السابقِ أن يفعلَ نفسَ الشيءِ في حالِ إقتضتْ الضرورةُ ذلك ؟!!

وبالحقيقةِ أنَّ هذا التساؤلَ يُنَبِؤنَا بإنهيارِ فرضيةِ الخططِ المرسومةِ مستقبلاً للرئيسِ الجديدِ, ولكن الحقيقةُ غيرُ ذلكَ على الإطلاقِ, لأنَّ الأهدافَ الستراتيجيةَ الأميركيةَ غيرُ معروفةٍ مِن قبلِ الرؤساءِ أبداً, وفي الغالبِ لا يعلمُ بهَا الرئيسُ إلا إذا كانَ جزءاً مِن هذا المشورعِ, ولهذا فإنَّ نفسَ الستراتيجياتِ هي غيرُ معلومةٍ عندَ الكثيرِ مِن هؤلاءِ الرؤساءِ, ولكن ربمَا ان يكونَ الرئيسُ حجرَ عثرةٍ في تمريرِ هذا المشروعِ, مِن خلالِ معرفةِ سياستهِ العامةِ من قبلِ رؤساءِ وسياسيي باقي الدولِ في العالمِ, فلذا تُفضلُ الإدارةُ إبعادهُ بطريقةِ الإنتخاباتِ مع تغييرِ السياسةِ المتفقِ والمتعارفِ عليهَا أميركياً ...

ومِن هنَا رأينَا الرئيسَ الفرنسي فرانسوا أولاند كيفَ هرعَ الى الإعلامِ مرعوباً لإرسالِ رسالةِ تأكدِ للحفاظِ على المبادئ المتفقِ عليهَا بينَ البلدينِ منذُ عقودٍ, وهذهِ الرسالةُ تُنَبِؤنَا وبوضوحٍ أنَّ الرئيسَ الفرنسي قد أحسَ بخطرِ هذا التغييرِ الإنتخابي, وهو يعني التغييرَ لكلِّ الستراتيجياتِ المتفقِ عليهَا والتي لا تخضعُ للخطوطِ العريضةِ أميركياً ...

بل حتى الرئيسُ الروسي فلادمير بوتن قدَ أعربَ عن أريحيتهِ #كذباً بفوزِ دونالد ترامب كذباً, وأبدى إستعدادهُ للتعاونِ مَع الجانبِ الأميركي, بشرطِ أن لا يقفُ الرئيسُ الجديدُ بوجهِ طموحِ روسيا في نشرِ قواعِدِهَا خارجِ أراضيهَا كسوريا مثلاً !!!

والدليلُ على عدمِ التعارضِ هذا, أنَّ التصريحَ جاءَ مِن قبلِ الرئيسِ بوتن ولا زالَ أسطولهُ البحري متحركاً صوبَ السواحلِ السوريا, ولو كانَ يأملُ هذا الرئيسُ مِن ترامب خيراً, لأوقفَ تقدمَ هذا الإسطولِ في عرضِ البحرِ, كبادرةِ حُسنِ نيةٍ, ولكنهُ يعلم أن الرئيسَ الأميركي الجديدَ هو إختيارُ الشؤمِ على العالمِ بأسرهِ, بل أنَّ ما يحصلُ في سوريا لا تحسمهُ التفاوضاتِ أبداً, لذا أعربَ عن صعوبةِ التفاوضِ بينَ الجانبينِ الأميركي والروسي !!!

وحتى تلكَ الدعايةِ الإنتخابيةِ التي أطلقهَا الرئيسُ الروسي لحملةِ ترامب, لَم تكن حقيقيةً أبداً, حيثُ أرادَ الروسُ أن يستغلَ الديمقراطيونَ مديحَ الرئيسِ بوتن لهُ, لشنِ أبشعِ عملياتِ التسقيطِ لهُ, بل لإسقاطهِ مِن أعينِ الراغبينَ فيهِ رئيساً, لأنَّ الحكومةَ الروسيةَ تُثيرُ الحساسيةَ عندَ الشعوبِ الأميركيةِ, لذا جاءتْ هذهِ الدعايةُ لهُ مِن قبلِ الروسِ مِن بابِ التسقيطِ الإنتخابي ليسَ إلا !!!

ومَا يؤكدُ ذلكَ :
 العملُ الجادُ والحثيثُ مِن قبلِ الحكومة الروسية الى التنصلِ مِن عمليةِ إختراقِ أميلَ هيلاري كلونتون, بل والردُّ عليهِ بإسلوبٍ يحملُ شيئاً مِن القسوةِ والإستغرابِ, لأنَّ أمرَ إثباتِ هذا الخرقِ مِن قبلِ الروسِ, بل وإستعمالِ هيلاري لأميلهَا الشخصي في قضايا الدولةِ, سيجعلهَا مستبعدةً مِن الإنتخاباتِ, وهذا ما لا ترغبُ فيهِ دولُ العالمِ قاطبةً وعلى رئسِهَا روسيا !!!

#وهنَا ...
لابأسَ أن أستعجلَ ماينبغي أن يُبحثَ في سلسلةِ (غيابُ الحكومةِ العراقيةِ .. وإستحكامُ سطوةِ الميلشياتِ), ولو على نحو التلميحِ والإشارةِ ...

الظاهرُ أنَّ هذهِ القيادةَ الأميركيةَ سَيتقدمُهَا الرعبُ قبلَ التحركِ العسكري, وسريانُ الخوفِ في قلوبِ المقابلِ مِن عواملِ النصرِ المحتومِ لهَا, لذا فإنَّ هذهِ الإدارةَ ستبقى محافظةً هذهِ المرةِ على هذهِ الهيبةِ الى إنهاءِ سائرِ الملفاتِ التي تراكمتْ منذُ نهايةِ الحربِ العالميةِ الثانيةِ ...

قانونُ الحشدِ الشعبي .. ضرورةٌ إيرانيةٍ واْنتحارٌ سياسي :
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,(الدكتور مهند جاسم الحسيني)
كَم مِن العيبِ ومِن العارِ  ومِن المخجلِ حقاً أن تُسمَ الحكومةُ العراقيةُ بالجمهوريةِ الرئاسيةِ البرلمانيةِ, وهي لا تتمتعُ إلا بخصائصِ الحكومةِ الملكيةِ الإقطاعيةِ, وأي ملكةٍ ؟؟ تلكَ التي يحكمُ فيهَا مجموعةُ أفرادٍ شعوباً بأكملِهَا, ويتحكمونَ بهَا على أساسِ أنهَا مقاطَعَتُهُم الخاصةُ, ومملكتُهُم الشخصيةُ !!!

كَم مِن المؤسفِ أن ينحدرَ هذا الإستخفافُ والإستهانةُ بالشعوبِ المحكومةِ الى مرحلةِ إقرارِ أيَّ قانونٍ أو تشريعِ أي نصٍ لا يخدمُ إلا أولئكَ المتسلطينَ والمتنفذينَ والمسيطرينَ على مقدراتِ الشعوبِ بأكملِهَا, وهُم لا يتجاوزُ عددُهُم الثالثةَ أو الأربعةَ أفرادٍ !!!

أليسَ كانَ مِن الأولى والأرجحِ والأفضلِ مصلحةً أن نشرعَ ونصوتَ وندرجَ ضمِن أعمالِ البرلمانِ إعادةَ المنظومةِ العسكريةِ العراقيةِ الإلزاميةِ, ولو لفترةٍ لا تقلُ عن خدمةِ الوطنِ أو ما يُعرفُ بخدمةِ العلمِ سابقاً, أو إستحداثَ قواتٍ عسكريةٍ تتناسبُ والمرحلةَ الراهنةَ ؟!!

أليسَ كانَ مِن الأولى أن ندعمَ القواتَ العراقيةَ التي تعملُ الليلَ والنهارَ مِن أجلِ إرجاعِ ما باعتهُ أيادي الفسادِ الى صالحِ تنظيمِ الدولةِ -داعش- مِن أراضي وأموالِ وسلاحِ وأعراضِ وآثارِ ومقدساتِ, حتى باتَ التنظيمُ أقوى دولةٍ على مرِ التأريخِ مِن حيثُ التوسعُ المفاجأ وترساناتُ الأسلحةِ والكمياتُ الطائلةُ مِن الموالِ, وكلُّهَا بفترةٍ قياسيةٍ لا تتجاوزُ الشهرَ الواحدِ ؟!!

أليسَ كانَ مِن الأولى أن نزيدَ أعدادَ قواتِنَا الأمنيةِ عدداً وعدةً وتدريباً وإستعداداً, يتناسبُ ومَا يحصلُ في المنطقةِ مِن أزماتٍ ساحقةٍ وعاصفةٍ بالبلدانِ العربيةِ المجاورةِ والإسلاميةِ عموماً, بحيثُ أن نصلَ بقواتِنَا الى مرحلةِ الصمودِ أمامَ ما سَيُواجههُ العراقُ مِن سويناريوهَاتٍ متوقعةٍ في المستقبلِ القريبِ والقريبِ جداً جداً جداً ؟!!

أليسَ كانَ مِن الأولى والأرجحِ عقلاً أن نجعلَ قواتنَا العراقيةَ تشعرُ ولو بقيمةِ وجودِهَا, وإنَّهَا رأسُ الحربةِ في خاصرةِ مَن يُفكرَ التعدي على حرمةِ العراقِ وشعبهِ ومقدساتهِ, وهي المدافعُ الوحيدةُ عن شرفِ العراقِ أرضاً وماءاً وسماءاً, وبالتالي تستحقُ كلَّ أنواعِ التقديسِ والعرفانِ مِن قبلِ حكومَتِهَا وشعبِهَا, بدلاً مِن جعلِ الجندي العراقي يتمَنى أن يتركَ خدمةَ البلدِ كجندي ليلتحقَ الى فصائلِ الميلشياويةِ ليحضَ باحترامِ الناسِ وميزاتِ الحكومةِ ؟!!

#ولكن ...
بتنَا على يقينٍ تامٍ ولا يشوبهُ أيُّ درجةٍ مِن درجاتٍ الترددِ والشكِ والإحتمالِ, أنَّ نفسَ تلكَ الجهاتِ التي منعتْ بقاءَ القواتِ العراقيةِ بعدَ إنهيارِ النظامِ العراقي عامِ 2003, هي ذاتُهَا التي تريدُ إنهاءَ ما تبقى مِن مَا يُعرفُ بالجيشِ العراقي, بل تريدُ أنَّ لا تُبقي أيُّ قوةٍ مِن القوى الوطنيةِ التي يُمكن يوماً مِن الأيامِ تقفَ بوجهِ أطماعِهَا ولو على نحوِ الرفضِ أو الإعتراضِ أو التريثِ في تنفيذِ الأوامرِ الصادرةِ إليهَا, ولكن ليسَ بطريقةِ الحاكمِ المدني برايمر, بل بطريقةِ تشريعٍ لقوانينَ تسخفُ وتتفهُ وجودَ المنظومةِ العسكريةِ بعدَ ذلكَ !!!

ومِن هنا لا يُمكن أن نصفَ الحاكمَ المدني برايمرَ بأنُّهُ المسؤولَ فقط وفقط عن إنهيارِ الجيشِ العراقي بعدَ إحتلالِ الدولةِ العراقيةِ, بقدرِ ما يتحملُ هؤلاءِ جزءاً مِن المسؤوليةِ على هذا الإنهيارِ مع الإستمرارِ فيهِ الى قتِ إقرارِ هذا القانونِ ومَا بعدهُ ؟؟؟

وكمَا يتحملُ سياسيو الشيعةِ هذا الإنهيارِ وبشكلٍ مباشرٍ, فكذلكَ يتحملُ سياسيو السنةِ أفحشَ أنواعِ المشاركةِ بهذا الدمارِ والإنهيارِ للمنظومةِ الأمنيةِ العسكريةِ, ولا يُمكن أن تكن موجاتِ الإنسحابِ مِن الجلسةِ البرلمانيةِ إعتراضاً على إدراجِ هذا القانونِ ضمنَ مشروعِ يومِ السبتِ المصادفِ -26/11/2016- دالاً على الوطنيةِ وحبِ البلدِ, أو دالاً على الرفضِ لتشريعِ هذا القانونِ, بل لأنَّهُم على علمٍ ويقينٍ أن هذا القانونَ سيُشَرعُ وبالأغلبيةِ حتى لو غادرَ البعضُ مِن منافقيهِم جلسةَ التصويتِ !!!

وهَنَا يستمرُ الضحكُ على لِحى السُنةِ مِن الأغبياءِ والسذجِ والبهائمِ, لأنَّهم سيصدقونَ أنَّ مَن مَثَلَهُم لم يكونوا جزءاً مِن هذا المشروعِ, الذي قتلَ أبنائَهُم وحرقَ جثثهُم وسلبَ أموالَهُم, ولكنَ هؤلاءِ الأنجاسَ الأرجاسَ المُخنثينَ والساقطينَ وبائعي الشرفِ, فضلوا تركَ الجلسةِ حتى لا يُقالُ عنهُم أنَّهُم رفضوا التصويتَ على هذا القانونَ, وهنَا يكسبوا رضا الطرفينِ مِن السنةِ والشيعةِ, رضا الشيعةِ مِن عدمِ التصويتِ بكلا لهذا القانونِ, ورضا السُنةِ مِن القولِ نعم لهذا القانونِ, حتى جعلوا أمرَ التصويتِ على القانونِ خالياً كلياً مِن كلمةِ #كلا بفضلِ خروجِهِم مِن الجلسةِ كمعترضينَ ومعارضينَ !!!

#وهنَا ...
لابأسَ أن أعيرَ إنتباهَ المتابعينَ والاحبةَ والأعزةَ الى أشياءٍ تضمنَهَا هذا القانونِ, مِنهَا :

1- إنَّ سببَ جعلِ ميلشياتِ الحشدِ جزءاً مِن رئاسةِ الوزراءِ كمَا في المادةِ الثالثةِ, دونَ وزارتي الدفاعِ والداخليةِ, لأنَّ رئاسةَ الوزراءِ مِن حقِ الشيعةِ دائماً وأبداً, وبالخصوصِ بعدَ إجتياحِ تنظيمِ الدولةِ -داعش- ثلثي العراقِ, ولا يُمكن للسياسي السُنةِ أن يحلموا ولو في المنامِ بكرسي هذا المنصبِ السيادي, بينمَا الدفاعُ والداخليةُ مِن الوزاراتِ التي يتناوبُ عليهَا الطرفانِ بحسبِ التوافقِ السياسي على رئاسةِ الوزراءِ ...

وهنَا ستبقى هذهِ المليشياتُ شيعيةً بامتيازٍ, حتى لو توزعتْ نسبهَا على المحافظاتِ وحسبِ الإستحقاقِ السكاني, لأنَّ المناصبَ والمستحقاتِ والتحركاتِ والعطاءَ والسخاءَ عليهَا سيكونُ مِن حقِ رئاسةِ الوزراءِ الشيعيةِ, فلو كانَ نصفُ العددِ مِن السُنةِ, فلا قيمةَ لوجودِهَا فيهِ, وهذا مارأيناهُ في وزارتي الداخليةِ والدفاعِ واضحاً جلياً, فكيفَ بمؤسسةٍ شيدهَا سياسيو الشيعةِ ودعمتهَا إيرانُ وباركتْ وأفتتْ لهَا مرجعيةُ المقابرِ في النجفِ الأشرفِ ؟!!

ومِن هنا ضحكَ منافقو السنةِ مرتينِ على أهلِهِم ودَبَكوا على آلامِهِم ورقصوا على جراحِهِم وتاجرا بمعاناتِهِم, حيثُ إفترضوا شرطاً لا واقعَ لهُ سوى خداعِ الشعبِ السُني, والإستخفافِ بأحلامِهِم وعقولِهِم, لأنَّ منافقي وعملاءَ الشيعيةِ مِن السياسيينَ لَم يلتزموا بالنسبِ والإستحقاقاتِ للسُنةِ في وزارةِ الداخليةِ والدفاعِ, وحتى لو قبلوا بالنسبةِ الادنى فقد قبلوا بهَا في مراكزٍ غيرٍ مهمةٍ في الوزارتينِ, فمَن لَم يكن عبداً -مُراسلاً- لضابطٍ شيعي آخرٍ, فهو عميلاً لَهم قلباً وقالباً !!!

وأتعجبُ كيفَ ينخدعُ السُنةُ بهذا الإشتراطِ, وكيفَ يقبلوا بهِ شرطاً قبالَ الموافقةِ على تمريرِ هذا المشروعِ, وأنَّ نفسَ المقابلِ والمنافقِ الشيعي قدَ خدعهُم ألفَ مرةٍ ومرةٍ في السابقِ, وليسَ على مستوى نسبٍ معينةٍ مِن المراتبِ والضباطِ, بل على مستوى الوزاراتِ كوزارتي الدفاعِ والداخليةِ, حيثُ بقيتا هاتانِ الوزارتانِ بلا وزيرٍ سني لدورةٍ كاملةٍ ولعدةِ سنينَ !!!

2- إنَّ جعلَ هذا القانونُ نافذاً مِن تاريخِ تأسيسِ هذا الميلشياتِ, سيجعلُ الكثيرَ مِن الجرائمِ الميلشياتِ والتي وثقتهَا عدساتُ الإعلامِ ونفسُ عدساتِ هؤلاءِ المجرمينَ القتلةِ, ِ, مشرعةً قانونياً ومقبولةً سياسياً، حيثُ الكلُّ رأى كيفيةَ القتلِ وطرقَ التعذيبِ والتمثيلِ بالجثثِ, ولا يُمكن لأحدٍ أن ينكرَ أياً مِنهَا, ولا يقللُ مِن أهميتِهَا لأنهَا الصبغةَ العامةَ والطريقةَ المتبعةَ لهذهِ المليشيا, وليسَ تصرفاتٍ شخصيةٍ وغيرِ محسوبةٍ على المنظومةِ الميلشياويةِ بكاملِهَا لكثرتِهَا وتواترِ رؤيتِهَا عندَ القطاعاتِ والمناطقِ كافةً ...

وهنَا يسجلُ الإشكالُ ويتأكدُ ما قلنَا مِن أن سياسيي السُنةِ كلُّهُم مِن صنفِ المنافقينَ والأنجاسِ والأرجاسِ, سواءُ أولئكَ الذينَ رفعوا أيدهُم -كُلَّتْ وقُطِعَتْ- بالتصويتِ بالموافقةِ, أو الذينَ رأوا أن يسيروا بسيرةِ الجبناءِ المخنثينَ ومِن المنافقينَ بالدرجةِ الثانيةِ, مِن خلالِ الوقوفِ على التلِ, بحيثُ جاءَ هذا التصويتُ بالإجماعِ مِن قبلِ اللحاضرينَ, ولَم يقلْ منهم أحدٌ : كلا للتصويتِ لهذا القانون !!!

وبالمقابلِ قدَ أقرَ هؤلاءِ السياسيونَ السُنةَ كلَّ جرائمِ الحربِ وجرائمِ ضدَ الإنسانيةِ التي قاموا بهَا هؤلاءِ الطافيونَ بحقِ أهلانَا وشعبنَا السُنةَ في مناطقِ الغربيةِ وغيرِهَا, مِن نهبٍ وقتلٍ وحرقٍ وتهجيرِ وعملياتِ أغتصابِ للرجالِ والنساءِ !!!

نعمَ أنَّ هذا القانونَ جاءَ بمثابةِ التبييضِ لكلِّ هذهِ الجرائمِ التي قاموا بهَا, بحيثُ نصبَ هؤلاءِ المنافقونَ مِن أنفسِهِم أولياءاً للدمِ والمالِ والعرضِ والأرضِ والمقدساتِ, حيثُ نصبوا أنفسهُم أولياءاً للأمورِ حيثُ غفروا وأقروا كلَّ ما قامتْ بهِ هذهِ المليشياتِ بأهلِهِم وأعراضِهِم وأموالِهِم على مدارِ السنتينِ الماضيتينِ !!!

ألم يقرأ هؤلاءِ المنافقونَ السببَ الموجبَ لطرحِ هذا القانونَ بموادهِ الإحدى عشرةِ, حيثُ ذُيِلَ هذا القانونَ كمَا هي العادةِ بالموجبِ من إقرارهِ ,
ومَا هو الموجبُ ؟؟؟
هل لأجلِ توفيرِ فرصٍ وظيفيةٍ للفقراءِ والمساكينَ والمعوزينَ مِن أبناءِ الشعبِ العراقي ؟!!
هل لأجلِ تقويةِ شوكةِ القواتِ الأمنيةِ في العراقِ وتوفيرِ القوى الكافيةِ لصدِ الإعتدائاتِ الخارجيةِ والداخليةِ ؟!!

أم هنالكَ أمرٌ قدَ خفي عن هؤلاءِ الأرجاسِ الأنجاسِ منِ عبيدِ السُنةِ, طبعاً لا, لأنَّ القانونَ قد ذُيِلَ بالقولِ : (لغرضِ توفيرِ الحمايةِ القانونيةِ لفصائلِ وتشكيلاتِ الحشدِ الشعبي, التي توفرُ الغطاءَ والجوازَ الشرعي لتدخلِهِم العسكري #وإضفاءِ_المشروعيةِ_على_ما_يصدرُ_مِن_أفرادِهِم_أثناءَ_الإشتباكِ_مع العدو_في_المناطقِ_القتاليةِ  .... وللحيلولةِ دونَ السماحِ بإستهدافِهِم عاجلاً وآجلاً وبذرائعٍ مختلفةٍ  .... لأجلِ ذلكَ شُرِعَ هذا القانونُ) ....

والآن أسألكُم باللهِ العلي العظيمِ هل يحتاجُ الإشتباكُ مع العدو في سوحِ القتالِ الى تشريعِ وغطاءٍ قانوني مثلاً ؟!!!

هل هنالكَ مجنونَ يمنعُ الفردَ العادي مِن مجابهةِ العدو في أي مكانٍ من أماكنِ البلادِ, فضلاً عن أن يكونَ مِن أبناءِ الجيشِ والشرطةِ, حتى تحتاجُ هذهِ المؤسسةُ وهذهِ الميلشياتُ الى نصِ قانونَ لإضفاءِ هذهِ الشرعيةِ القانونيةِ ؟!!

فالقتالُ والدفاعُ عن النفسِ والأهلِ والعيالِ والأرضِ والمالِ لا يحتاجُ الى قانونٍ أصلاً, بل أن التشريعينِ السماوي والجزائي قدَ أقرا هذا الحقَ ونصا عليهِ مسبقاً, فهل يكون هذا القانونُ تأكيداً على حقٍ إنساني شرعي قانوني مثلاً ؟!!
 أو هنالكَ أمرٌ آخرٌ أريدَ بهِ أن يُمررَ على الشعبِ العراقي, وبإجماعٍ سني شيعي, والذي يخالفُ هذا الإجماعَ فاليخرجُ خارجَ قاعةِ التصويتِ ؟!!

بالتأكيدِ أن ما أريدَ بهِ مِن هذا القانونِ المشرعِ ليسَ تأكيداً على حقٍ إنساني ولا شرعي ولا قانوني, بل لتبريرِ ما يحصلُ مِن أفرادِ هؤلاءِ الميلشياتِ مِن قتلٍ وحرقٍ وسلبٍ ونهبٍ وإغتصابِ رجالٍ ونساءٍ ومقابرٍ جماعيةٍ, لأنَّ ما حصلَ على السنةِ في تلكَ المناطقِ يَستحقُ محاكمةَ الحكومةِ العراقيةِ وليسَ هؤلاءِ الميلشياتِ فقط, لذا شُرِعَ هذا القانونُ, لا لشيءٍ إلا لشرعنةِ تلكَ الجرائمِ التي سيتعمدُ هؤلاءِ القتلةُ فعلَهَا مستقبلاً, وهذهِ الجرائمِ طبعاً ليستْ على نفسِ الإرهابِ والإرهابيينَ, لأنَّ هذا الشيءَ لا يحتاجُ الى تشريعٍ ولا الى قانونٍ, بل لِمَا سيحصلُ على نفسِ أولئكَ المدنيينَ العزلِ, حيثُ قالَ المشرعُ في الهدفِ مِن وراءِ سنِ هذا القانونِ : (#وإضفاءِ_المشروعيةِ_على_ما_يصدرُ_مِن_أفرادِهِم_أثناءَ_الإشتباكِ_مع العدو_في_المناطقِ_القتاليةِ) !!!

#وهنَا ...
لا ينفعُ أبداً القولَ مِن قبلِ قادةِ السُنةِ الجبناءِ المخنثينَ الأنجاسِ الأرجاسِ, إنَّ إقرارَ هكذا قانونَ سَيُجَذِرُ الإنقسامَ الطائفي والديني, ولا سيُعمقُ الخلافَ بينَ أبناءَ الشعبِ العراقي, ولا سيجعلُ خيارَ الفيدراليةِ والتقسيمِ قائماً, لأنَّ الإنقسامَ الذينَ تتكلمونَ عنهُ وكنتُم أنتُم سبباً مباشراً في إذكائهِ بينَ أبناءِ الشعبِ العرقي, عندمَا تخليتُم عن أهلِكُم وناسِكُم وأبناءِ طائِفتِكُم ومذهبِكُم, وركضتُم كالكلابِ وراءَ الفتاتِ الإيراني !!!

وأمَا خيارُ الإنقسامِ والفيدراليةِ خيارٌ لا طاقةَ أبداً لكُم بتلويحِكُم برآيتهِ, لأنهُ خيارٌ إقليمي وعالمي بامتيازٍ, وليسَ لإحدٍ التفكيرَ بجعلهِ ورقةَ ضغطٍ أبداً, وهذا ما جعلَ عرابي السياسةِ الإيرانيةِ في العراقِ لا يهتمونَ لهذهِ الدعواتِ الإنفصاليةِ, وبالخصوصِ لو خرجتْ مِن أفواهِ السياسيينَ النتينةِ, لأنَّهُم على علمٍ وإطلاعٍ تامينِ أنَّ هؤلاءِ سينبطحونَ أمامَ أيِّ ورقةِ تسويةِ يضمنونَ مِن خلالِهَا بعضَ المصالحِ, ناهيكَ أن السُنةَ لا وجودَ لهَا معترفٌ بهِ بعدَ أن أُفرغتْ مُدُنُهُم مِن أهلِهَا وعشائِرِهَا, وصاروا مابينَ متسولٍ وفارٍ ومهاجرٍ ونازحٍ, ولا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ العلي العظيمِ !!!

ومَا بقاءُ هؤلاءِ السياسيينَ السُنةِ إلا لشرعنةِ الحكومةِ العراقيةِ وإستمرارِ الإعترافِ بهَا, لذا فبقاءُ هؤلاءِ الخونةِ في العمليةِ السياسيةِ أمراً ضرورياً لبقاءِ هذهِ الحكومةِ, حتى وإن غابَ الجمهورُ الناخبُ وانقرضَ الى النصفِ أو الثلثِ أو بنسبةٍ أقلِ من ذلكَ بكثيرِ, المهمُ أن تبقَ هذهِ المنافعُ الشخصيةُ الفرديةُ لذلكَ المسؤولِ, الذي فضلهَا على شرفهِ وأخلاقهِ ودينهِ وانسانيتهِ, حتى وصلَ الى مرحلةِ مَن باعَ آخرتهُ بدنيا غيرهِ !!!

#وهنَا ...
لابأسَ أن نوجهَ النصحَ والإرشادَ حتى الى مَن هُم بمنزلةِ الوحوشِ والبهائمِ والهوامِ, بل حتى الى مَن هُم بمنزلةِ الحجارةِ بل أشدِ قسوةٍ مِنهَا, لا لشيءٍ إلا لإلقاءِ الحجةِ والتأكيدِ عليهَا, وحتى لا نعودَ أنفسنَا على السكوتِ وفرضِ الواقعِ, بل نؤدبَ أنفسنَا ونروضُهَا على الإعتراضِ والمواجهةِ والجهادِ الكلامي بوجهِ الجائرينَ والمنافقينَ, وحتى لا نكونَ مصداقاً مِن مصاديقِ الشيطانِ الأخرسِ ...

#أقولُ :
إذا أردتُم أيهَا الساسةُ السنةُ المعترضونَ على ما يجري على شعبِكُم وأهلِكُم وناسِكُم وعشائرِكُم وحرائرِكُم وأموالِكُم ومناطقِ سُكناكُم, وأردتُم أن تُرَضِخوا الحكومةَ الإيرانيةَ في العراقِ الى مرحلةِ تقبيلِ الأيدي والأقدامِ, حتى يقدموا لكُم أكثرَ ممَا أخذتُموهُ بتملِقِكُم وعمالَتِكُم وانبطاحِكُم, هو أن تنسحبوا أفراداً وزرافاً مِن العمليةِ السياسيةِ في العراقِ وفوراً, بعدَ أن لا يوجدُ أيُّ مبررٍ لبقائِكُم فيهَا, حيثُ كلَّ شيءٍ أخذَ مِنكُم إلا مصلحَتَكُم الشخصيةَ الفرديةَ الذاتيةَ !!!

فلا مبررَ عقلي ولا قانوني ولا شرعي ولا إخلاقي ولا إنساني يُلزمكُم بالبقاءِ, فلا أمرٌ بالمعروفِ ولا نهيٌ عِن المنكرِ, ولا كلمةُ حقٍ ولا إعتراضٌ على باطلٍ, ولا إستنقاذُ المظالمِ مِن أيدي هؤلاءِ المتسلطينَ, فلا مبررَ لبقائِكُم أبداً, بل المبررُ الشرعي والعقلي والقانوني والإخلاقي والإنساني يُلزمُكُم بالإنسحابِ الفوري مِن هذهِ المهزلةِ السياسيةِ وبدونَ أدنى تأخرٍ أو تباطئ ...

إتركوا العراقَ كمَا تركتُهُ عوائلكم والمقربونَ منكُم, إذهبوا عنهُ إبتعدوا إرحلوا سافروا ولّوا, لا نريدُ بقائَكُم واستمرارَكُم, لأنَّهُمَا يعنيانِ شرعنةَ وبقاءَ هذهِ الحكومةِ الى أن يُسلموهَا الى يدِ نفسِ الشيطانِ وإبليسَ !!!

لذا إكتفوا بمَا سرقتُم مِن خيراتِ العراقِ المظلومِ بوجودِكُم على أرضهِ !!!
إكتفوا بمَا حصلتُم عليهِ مِن أموالِ السحتِ والحرامِ !!!
إكتفوا بمَا سرقتموهُ وشاركتُم بسرقتهِ مِن أموالِ المهجرينَ والنازحينَ والمظلومينَ !!!
إكتفوا بمَا سرقتُم ونهبتُم وفِروا قبلَ أن تخسروا كلَّ شيءٍ حتى أرواحَكُم وأرواحَ مَن يهمَكُم !!!

إكتفوا إشبعوا إرحلوا, حتى نحسبَ الأيامَ بالطريقةِ التنازليةِ لإنتهاءِ هؤلاءِ العُرابِ للمشروعِ الإيراني, إضمنوا لي سفركُم وأضمنُ لكُم إنتهاءَ هذهِ الحقبةِ بأقلِ خسائرٍ ما لو بقيتُم فيهَا !!!

ولا حولَ ولا قوةِ إلا باللهِ العالي العظيمِ ...
وأفوضُ أمري إلى اللهِ، إن اللهَ بصيرٌ بالعبادِ، فوقاهُ اللهُ سيئاتِ مَا مكروا، لا إلهَ إلا أنتَ سبحانكَ إني كنتُ مِن الظالمينَ، فاستجبنَا لهُ ونجيناهُ مِن الغمِ وكذلكَ ننجي المؤمنينَ، حسبنَا اللهُ ونعمَ الوكيلُ، فانقلبوا بنعمةٍ من اللهِ وفضلٍ لم يمسسهُم سوءٌ، ما شاءَ اللهُ لا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ، ما شاءَ اللهُ لا ما شاءَ الناسُ، ما شاءَ اللهُ وإن كرهَ الناسُ، حسبي الربُ من المربوبينَ، حسبي الخالقُ من المخلوقينَ ، حسبي الرازقُ مِن المرزوقينَ، حسبي اللهُ ربُ العالمينَ، حسبي مَن هو حسبي، حسبي مَن لم يزلْ حسبي، حسبي مَن كانَ مُذ كنتُ لم يزلْ حسبي، حسبي اللهُ لا إلهَ إلا هو عليهِ توكلتُ وهو ربُ العرشِ العظيمِ ....

أهلُ السُنةِ ... الحَذَرُ كلُّ الحَذَرِ مِن فتنةٍ لا تُبقي ولا تَذْرُ : 
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,(الدكتور مهند جاسم الحسيني)
نحنُ في الغالبِ نعلمَ الكثيرَ الكثيرَ الكثيرَ مِن الأشياءِ التي لا نستطيعُ البوحَ بهَا, ولا كشفَ النقابِ عنهَا, لا لشيءٍ سوى أنَّ ظرفهَا غيرُ مؤاتٍ, وإخراجُ الأشياءِ والبوحُ بهَا في غيرِ أوقاتِهَا بمنزلةِ كَشفِ السِرِ الى غيرِ أهلِهِ, فالأمرُ سيانِ في قباحةِ الخَطْبِ ووضاعةِ الفعلِ ...

لذا نؤجلُ الكثيرَ مِنهَا الى حينِ أن تينعَ الثمارُ, ويَحينُ وقتُ الحصادِ, حيثُ الأفكارُ تكونُ على أتمِ إستعدادِ في تقبلِ الطرحِ, وتحملِ المشورةِ, حتى لو خرجتْ مِن ثغرِ عدوٍ لا صديقٍ, وحاقدٍ لا راضٍ, وكافرٍ لا عارفٍ, لا لشيءٍ سوى أنَّهَا خرجتْ في أهلِهَا وفي وقتِهَا !!!

وإن كانَ هذا القانونُ قانوناً مُجحفاً وظالماً, لأنَّ النصيحةَ ستكونُ في غيرِ وقتِهَا المناسبِ الذي يُمكن أن يستفادَ مِنهَا المقابلُ, بل لأنَّهَا فقط تناسبُ الواقعَ النفسي والإخلاقي لقبولِ المقابلِ, وهذا ما يجعلُ الكثيرَ مِنا يتهكمُ ويَهزءُ بالكثيرِ مِن القياداتِ الإصلاحيةِ الراغبةِ برفعِ الظلمِ والضيمِ عن أبناءِ جلدَتِهَا, ويحكموا عليهِ بالموتِ والهجرِ والإقصاءِ والإبعادِ, لا لشيءٍ سوى أنهُ قالَ ما يجبُ أن يقالَ في الوقتِ المناسبِ لإتخاذِ المقابلِ القرارِ الحاسمِ, في وقتٍ غيرِ مناسبٍ لتقبلْ المقابلِ قبولَ النصيحةِ !!!

وهنَا سيكونُ المصلحونَ بينَ نارينِ, نارُ أن تملكَ النصحَ والأرشادَ والحلَ والعقدَ والمشورةَ, ونارُ عدمِ تقبلِ الآخرِ لكَ ولنصيحتِكَ ولقولِكَ ولمشورَتِكَ, لا لشيءٍ سوى أنَّ المقابلَ لا ينظرُ إلا بالمنظورِ الطائفي المذهبي القبلي المقيتِ, بينمَا أُمِرنَا كمسلمينَ أنَّ نقبلَ الحكمةَ والكلمةَ الحسنةَ حتى مِن أفواهِ المجانينَ, وفاقدي العقلِ والرشدِ والتكليفِ, نعم هكذا أمرنَا وهكذا كُلِفْنَا وهكذا نُصِحنَا, فكيفَ بمَن يملكَ العقلَ والرشادَ والحكمةَ والسدادَ في القولِ والفعلِ والموقفِ العملي, ولكن يخالِفُكَ فقط وفقط بالملةِ أو النحلةِ أو المذهبِ أو المشربِ ؟!!

بل وصلَ بنَا الحالُ أن نقبلَ النصحَ والإرشادَ والرأيَ مِن المقابلِ, حتى لو كانَ منافقاً دجالاً كذاباً مدلساً منمساً, بل نتيقنُ ذلكَ ونعلمُ بهِ ونعتقدُ بصدورِ الكذبِ عنهُ والفريةَ منهُ والنصبَ والإحتيالَ مِن ناحيتهِ, لا لشيءٍ سوى أنَّهُ مِن أبناءِ المذهبِ والملةِ والنحلةِ والعشيرةِ, حتى لو أمرنَا هذا النسيبُ والقريبُ وأبنُ الطائفةِ أن ندخلَ جُبَّ ضبٍ لدخلنَاهُ نحنُ وعوائلنَا, لا لشيءٍ سوى أنهُ مِن عشرةِ الجبورِ أو شمرٍ أو البو عجيلِ أو مِن المذهبِ الفلاني أو الفلتاني !!!

ألم تأمرنَا أحلامُنَا وعقولُنَا قبلَ قرانِنَا الكريمِ وسنةِ سيدِ المرسلينَ (صلى اللهُ عليهِ والهِ وصحبهِ وسلمَ), أن لا نكونَ مطايا بهائمَ دوابَ وشراً مِن الدوابِ, إذن كيفَ لنَا أن نأمَنَ المقابلَ ورأيَ المقابلَ وإرشادَ المقابلَ, وهو يلوكُ النصيحةَ والإرشادَ بسُمِ حيةٍ أو قيئِهَا, ويقدمُهَا إليكَ على إنَّهَا نصيحةً, وأنتَ تعلمُ بحالِهَا وكيفيةِ طبخِهَا وصناعَتِهَا !!!

 أليسَ هذا مخالفٌ للعقلِ والحُلُمِ والرشادِ والسدادِ والصوابِ, الذي يكونُ هو المعيارُ في الحسابِ والعقابِ والثوابِ ؟؟؟
وهل ينفعُ الإعتذارُ عندئذٍ بأنَّ القائلَ لهَا والمقدمَ لهَا مِن أبناءِ المذهبِ والطائفةِ والعشيرةِ والقبيلةِ ؟!!
وهل تأمَن هذا القريبَ وهذا النسيبَ في أيامِ الأمنِ والأمانِ, حتى آمَنتهُ على مالِكَ وأرضِكَ وعرضِكَ في أيامِ الشكِ والشبهةِ والإنتهازِ ؟!!
إذا لَم تُؤمنهُ في تلكَ الأيامِ التي كنتَ فيهَا مقتدراً ومسيطراً وقادراً على الدفاعِ عن النفسِ والمالِ والعرضِ, فكيفَ بكَ تأمَنهُ عليهَا في أيامِ ضعفكَ وفاقتكَ وعوزكَ وفقركَ ؟!!

فعندمَا نقولُ لكُم أن فلاناً مِن الناسِ جاءَكُم بلباسِ الدينِ أو الثقافةِ والعلمِ والورعِ أو جاءَكُم بعنوانِ كاتبٍ أو محللٍ أو ناقدٍ, وهو كذابٌ منافقٌ دجالٌ مختالٌ مُدلسٌ مُنمسٌ ضالٌ مُضلٌ, ونقيمَ الدليلَ والبرهانَ على ذلكَ, مع كلِّ ذلكَ يكونُ أوفرُ حظاً مِنَا بقبولِكُم وإتباعِكُم لكلامهِ ونصحهِ وإرشادهِ, فمَاذا يُمكن أن نقولَ بعدَ ذلكَ, ومَاذا يُمكن أن نحكي ؟!!

فعندَهَا يتوجبُ علينَا السكوتُ والمراقبةُ مِن بعيدٍ جداً, حيثُ لا يرانا الناسُ, ولا يُمكنُ أن يرونَا, وننتظرُ أن يداهمَ الخطرُ منازلَهُم, ويهددَ بيوتَهُم وعوائِلَهُم, حتى تلتَهِمُ ألسنَتَهُ أذيالَ بيوتِهِم, وأطرافَ مصالِحِهِم, ونَتيَقَنُ عندَهَا أن للنصيحةِ آذاناً صاغيةً, وقلوباً واعيةً, فنَدْلُهَا ونطلِقَ العنانَ لهَا, بعدَ فواتِ الكثيرِ مِن أوانِهَا, فلا تلومُ تأخرَ الكثيرُ منهَا, بل لوموا أنفسكُم بمَا كنتُم تكفرونَ !!!

#الآن ...
عندمَا نتكلمُ ونحكي عن واقعٍ مريرٍ ومرضٍ مُتأصلٍ خطيرٍ, يتوجبُ علينَا أن نعي الكلامَ الى أقصى حدٍ ممكنٍ, مبتعدينَ عن التخندقِ الطائفي والمذهبي البغيضِ, لأنَّهُمَا لم يُجلبا لنَا سوى الويلَ والثبورَ والقتلَ والدمارَ والفقرَ والعوزَ والمرضَ والتهجيرَ والنزوحَ, بينمَا أن مَن نتخندقُ لَهُم ونحكي بأسمائِهِم لَم يروا معشارَ مَا رأيتُم, ولم يحسوا بمَا أحسستُم, ولم يعانوا ما عانيتُم, بل هُم يريدونَ الإستفادةَ والكسبَ مِن وراءِ معاناتِكُم ولوعاتِ عوائِلِكُم, فلا يطرحونَ مشروعاً إلا ويحسبونَ مقدارَ الفوائدِ التي يكسبونَهَا أولاً وقبلَ كلَّ شيءٍ, وعلى أساسِهَا يتمُ التعاملُ معهُ, غاضينَ الطرْفَ عن ما يحصلُ لكُم ولعوائلكُم !!!

فهلْ رأيتُم مثلاً أن أحدَهُم إستقالَ مِن أجلِكُم, وتركَ المنصبَ تضامناً معكُم, أم أن كلَّ مابدرَ مِنهُم هو سياسةُ مسكِ العصا مِن المنتصفِ, موازنينَ بينَ مصالِحِهِم وبينَ بقائِكُم على الولاءِ لَهُم, نعم آثروا مناصبَهُم ومكوثَهُم في قصورِ الظالمينَ لَكُم في الخضراءِ, مع قضاءِ أغلبِ الساعاتِ غائبينَ عن الوعي في ليالي حمراءٍ وزرقاءٍ, ناسينَ ومتناسينَ ما يجري على أهلِهِم, حيثُ تعصفُ بكُم وبعوائِلِكُم عواصفَ البردِ القارصِ ليلاً, ولا تجدونَ ما تلتحفونهُ إلا السماءَ ومَا تفترشونهُ إلا الأرضَ, بعدَ أن أطارتْ العاصفُ خيمَكم وفرشَكُم, تراكةً إياكُم في العراءِ,
نعم, يتذكرونَكُم فقط وفقط عندَ إرتقائِهِم منصاتِ الإعلامِ فتظهرُ كلماتُ الحميةِ والوطنيةِ والطائفيةِ مع إنتفاخِ عروقِ الجبهةِ وتطايرِ أوداجِ الرقبةِ كذباً وزوراً وتمثيلاً !!!

وبعدَ أن تعلمتُم الدرسَ, وضرستُم المصيبةَ, فهل مِن متعظٍ يضربُ صليبَ الطائفيةِ بالأرضِ, وينتفضَ لشرفهِ وعرضهِ ومالهِ بتقيءِ هؤلاءِ ولو باللحظاتِ الإضافيةِ, والتي ربمَا لا تفيدُ كثيراً إلا براءةَ الذمةِ وكسرَ الصنميةِ والعبوديةِ والنمطيةِ, ويتوكلُ على اللهِ تعالى لعلهُ يَمُنُ عليهِ بالمخرجِ والمنجى والمرجى, بعدَ أن بتنَا كالذي كُسِرَتْ بهِ سفينتهُ في عرضِ البحرِ, فلا أملَ إلا بهِ ولا رجاءَ إلا منهُ ...

#ولكن ...
أنَّ هؤلاءِ العلوجَ والخولَ لبني الشرقِ والغربِ, لَهُم مِن المكرِ ما تزولُ مِنهُ الجبالُ الثقالُ, حيثُ لا ينتهونَ مِن كذبةِ إلا ويحدثونَكُم ويُأمنونَكُم بأطولِ مِنهَا, لا لشيءٍ إلا لبقائِهِم على مصالِحِهِم ومنافِعِهِم وغرائِزِهِم, حتى لو لَم يبقَ مِن السُنةِ إلا إسمهُا, فسيستغلونَهُ أبشعَ إستغلالٍ لديمومَتِهِم وبقائِهِم وإستمرارِهِم !!!

فمثلاً الكلُّ سمعَ أن قضيةَ طرحِ الفيدراليةِ والأقلمةِ والتقسيمِ كيفَ باتَ على ألسنِ الساسةِ السُنةِ مؤخراً, وكيفَ بدأوا يروجونَ لهُ بأنَّهُ هو الخلاصُ والمنجى والمخرجُ مِن هذهِ الأزماتِ التي أصيبَ بهَا أهلنَا في المناطقِ الغربيةِ, ولا يُمكن أن يتحققَ الأمنَ والأمانَ إلا بالتقسمِ والفيدرالياتِ !!!

ولكن لا أعلمُ عن أي أرضٍ يتحدثونَ, وعن أي إقليمٍ يتكلمونَ ؟!!
وهل باتَ الخلافُ داخلياً حتى نطرحَ سيناريو التقسيمِ والفدرلةِ ؟!!
أم أنَّ الخلافَ خلافٌ إقليميٌ عالميٌ دوليٌ ؟!!

ومَا يدلُ على إقليميةِ وعالميةِ ودوليةِ الخلافِ والنزاعِ الحاصلِ في العراقِ خصوصاً والمنطقةِ عموماً, أنَّ هذه التصريحاتِ والإعتراضاتِ عليهَا لا تأتي إلا مِن دولٍ إقليميةٍ أو عالميةٍ, ولم تخرجْ أبداً مِن منابرِ الكذبِ والنفاقِ والشقاقِ العراقيةِ, إلا ماكانَ تابعاً وخولاً وعبداً لتلكَ الدولِ والمؤسساتِ الخارجيةِ !!!

بالتأكيدِ أنَّ أبسطَ وأغبى وأجهلَ متابعٍ يعلمُ علمَ اليقينِ أنَّ الخلافَ خلافٌ عالميٌ دوليٌ, لا علاقةَ للخلافاتِ الداخليةِ فيهِ, بل حتى ما نراهُ مِن الخلافاتِ والنزاعاتِ والسلبِ والنهبِ جاءَ نتيجةً لتلكَ الخلافاتِ الخارجيةِ, وتابعاً لهَا وناتجاً عنهَا, وبالتالي لا يُمكن أن نتخيلَ أو نتوقعَ أن تقسيمَ البلادِ حتى لو كانَ متاحاً وفي متناولِ اليدِ -فرضاً- سيكونُ هو الخلاصُ والمخرجُ, لأنَّ الخلافَ الحاصلُ في العراقِ وعلى أرضِ العراقِ هو خلافٌ عارضٌ وليسَ أصلاً ولا ذاتاً, وبالتالي أنَّ عمليةِ الأقلمةِ والتقسيمِ تمثلُ خدعةً وفريةً التي سَيُخدعُ الناسُ بهَا فترةً مِن الزمنِ الى حينِ إنكشافِهَا إنكشافاً تاماً مِن قبلِ الناسِ, بعدَ أن تحصدَ أرواحَ عشراتِ الآلافِ, وتهجرَ المئاتِ مِنهَا, ويعانونَ الأمرينِ الويلَ والثبورَ, وبعدَهَا ينتقلُ الحديثُ الى الحكمِ الذاتي والى الإستقلالِ وتقريرِ المصيرِ, ومَا هي النتيجةُ ؟؟؟
لا نتيجةَ أبداً ما دامَ العراقُ مسرحاً مِن مسارحِ القوى الدوليةِ والعالميةِ والإقليميةِ !!!

#وحتى_لو_فرضنَا ...
أنَّ الأقلمةَ والتقسيمَ والفدرلةَ وغيرَهَا هي الحلُ الناجعُ للشعبِ العراقي, فلا يكونُ هذا الحلُ ناجعاً لعمومِ العراقِ وشعبِ العراقِ, بل سيستفادُ طرفٌ على حسابِ الآخرِ, ومكانٌ على حسابِ غيرهِ, بينمَا سوفَ تزدادُ معاناةُ السُنةِ وأقليمُ السُنةِ الى أضعافٍ مضاعفةٍ ممَا نراهُ اليومَ والعراقُ موحدةٌ ولو شكلياً وصورياً !!!

كيف ؟؟؟
لأنَّ المعلومَ أن المناطقَ الغربيةَ عموماً وبلا تخصيصٍ, باتتْ مسرحاً لجيوشِ العالمِ المتقدمِ, حيثُ القواتُ الأميركيةُ والفرنسيةُ والبريطانيةُ والألمانيةُ والإيرانيةُ والتركيةُ وغيرُهَا, كلهَا باتتْ في منطقةِ هذا الإقليمِ, حيثُ أكبرُ القواعدِ العسكريةِ أقيمتْ وسوفَ تُقامُ على هذا الإقليمِ قريباً, ومِن هذه القواعدِ سوفَ تُشنُ أروعَ الحروبَ والمعاركَ في المنطقةِ عموماً, حيثُ سوريا ولبنانَ والأردنَ ودولَ الخليجِ وأرضَ الجزيرةِ ومصر والمغربِ العربي, كلَّهَا سوفَ تكونَ في معرضِ التحركِ العسكري المقبلِ, ولا يكونُ هذا التحركُ إلا مِن تلكَ المناطقِ الغربيةِ في العراقِ, وبالخصوصِ ما يُصْبَونَ أن يكونَ إقليماً سنياً مستقبلاً !!!

فهل مِن العقلِ والحُلمِ أن نقبلَ بهذا الإقليمِ, ونتوسمُ فيهِ خيراً, ونعقدُ عليهِ الأملَ والبُشرى ؟!!

#إذن ...
لمَاذا لا نرى سياسيي السُنةِ ومحلليهِم يصارحوا أهلَهُم وعشائِرَهُم بهذهِ الحقائقِ, وبهذهِ الوقائعِ المستقبليةِ الواضحةِ والبينةِ والجليةِ حتى عندَ مَن أعمَى اللهُ تعالى مُقْلَتَيهِ, وطمسَ على ناجذيهِ, إلا إذا فرضنَا أنَّهُم قد أُمِنُّوا وأُعِدوا على أن يكونوا بخيرٍ هُم وعوائِلِهِم مِن هذا الشرِ الذي لا يُبقي ولا يذرُ, أو أنَّهُم مطايا بهائمٌ حميرٌ, بل أضلُ مِن المطايا والحميرِ والبهائمِ, بحيثُ لا يفهمونَ ولا يعونَ حقيقةَ الأمرِ, ولا يرونَ أبعدَ ممَا يلي أطرافَ أنوفِهِم المزكومةِ الموبوءةِ!!!

بل لماذا نرى سياسيي السُنةِ وكتابَهُم ومثقفيِهِم يثقفونَ ويصرحونَ ويتبجحونَ بهكذا ورقةٍ, وهم أعلمُ أنَّ هذهِ الورقةَ محترقةٌ إقليمياً وعالمياً, وليستْ بذاتِ قيمةٍ حتى على مستوى الإعلامِ, ولا تصلحُ أبداً وبتاتاً أن تكنَ بيرقاً يَلوحُ بالأفقِ بينَ الفينةِ والأخرى, لغرضِ إستحصالِ مكسبٍ مِن هنا وآخرٍ مِن هناكَ !!!

#ولذا ...
يكونُ علينَا عقلاً وشرعاً وأخلاقاً أن نحافظَ على أنفسنَا وأهلِنَا وأموالِنَا, بعدَ أن يئسنَا وقنُطْنَا وتأكدنا أنَّ لا مخرجَ ولا منجى لهذا البلدِ الحبيبِ والوطنِ العزيزِ مِن هذهِ الفتنةِ وملماتِهَا وآثارِهَا وعواصِفِهَا, التي رعتْهَا دولُ الإستكبارُ العالمي والتعاونُ الإقليمي وعرابُهُم في الداخلِ, ولا يتحققُ هذا الحفاظُ على الأهلِ والمالِ والنفسِ إلا مِن خلالِ أن ننأى بهمِ جميعاً مِن أماكنِ صراعِ الجبارينَ والظالمينَ, ونتركَ لَهُم الارضَ لتصبحَ مقبرةً لَهُم ومأدبةً لطيورِ السماءِ ووحوشِ الأرضِ, ولناحظْ على ما بقي عندنَا قدرَ المستطاعِ ...

لأنَّ بقاءنَا في سوحِ القتالِ والتصارعِ والتقاتلِ الإقليمي الدولي العالمي, لا يعني إلا مزيداً مِن خسارةِ الأحبةِ والأعزةِ, بل لا يعني إلا أن ننتقلَ مِن أسرٍ الى أسرٍ ومِن محاصرةٍ الى محاصرةٍ ومِن إعتقالٍ الى آخرٍ ومِن إنتماءٍ لآخرٍ, فمِن معتقلاتِ ومحاصرةِ وأسرِ القاعدةِ الى الدواعشِ الخوارجِ, ومِن الدواعشِ الى الميلشياتِ الطائفيةِ, ومِن الميلشياتِ الى جيوشٍ عالميةٍ وإقليميةٍ نظاميةٍ, والقادمُ لا يعلمُ بهِ إلا اللهُ تعالى !!!

أليستْ أرضُ اللهِ تعالى واسعةً للجميعِ, حتى تُغنينا مِن أن نتبنَ فكرَ فلانِ التكفيري أو علانِ الميلشياوي أو الآخرِ الطائفي, بل ونتجنبَ الويلَ والثبورَ والتنكيلَ والتقتيلَ في حالةِ سجلنَا إعتراضاً على تبني فكرِ أحدِهِم, أو رفضنَا الإنتماءَ واكتفينَا بالتفرجِ والوقوفِ على التلِ, حيثُ هذا الخيارُ خيراً رماديَ اللونِ وغيرَ مفعلٍ عندَ المجرمينَ القتلةِ, حيثُ لا ينفعنَا هذا الضعفُ والخوفُ يومَ القيامةِ عذراً أمامَ الحكمِ العدلِ بالإنتماءِ أو موافقةِ هؤلاءِ المجرمينَ القتلةِ الخارجينَ عن الدينِ والملةِ والإنسانيةِ, حيثُ قالَ تعالى مجدهُ وعلا ذكرهُ في هؤلاءِ : {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيراً }النساء 97 ..
قالَ تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }التحريم 6 ...

ولتكن هذهِ الهجرةُ والإبتعادُ والسفرُ هجرةً وسفراً الى اللهِ تعالى, مع عيشِ الكفافِ والقبولِ بالحدِ الأدنى مِن الرزقِ, وأن نواسي الرسولَ محمدٍ (صلى اللهُ عليهِ والهِ وصحبهِ وسلمَ) وأهلَ بيتهِ وصحابتَهُ الأجلاءَ في شِعبِ أبي طالبٍ (عليهِ السلامُ), حتى ننقذَ ما يُمكن لنَا أن ننقذهُ مِن الأحباءِ والأعزاءِ, حيثُ قالَ تعالى مجدهُ وعلا ذكرهُ : {وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي اللّهِ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ }النحل 41 ...

#وبعدَ ...
أن نهاجرَ ونسافرَ الى اللهِ تعالى وفي سبيلِ اللهِ تعالى, لا يتحققُ المرادُ كاملاً إلا أن نغيرَ ما في أنفسنَا مِن عبوديةٍ وتبعيةٍ إلا مِن اللهِ تعالى, فلنكفرْ بالفاسدينَ والمفسدينَ مِن زعاماتِ الدينِ والسياسةِ السنيةِ والشيعيةِ, كمَا كفرنَا بالجبتِ والطاغوتِ, وكمَا أمرنَا أن نكفرَ بهِمَا جميعاً ...

نعم ...
فلنعلنْهَا في صلواتِنَا ودعواتِنَا ومساجدنَا, وفي حالةِ القنوتِ والركوعِ والسجودِ وعندَ التسليمِ, وعندَ المشاهدِ المقدسةِ والأماكنِ المعظمةِ, أللهُم إنَّا نبرأ إليكَ مِن الجبتِ والطاغوتِ والاتِ والعزى, وندرأ بكَ في نحرِ السفياني والدجالِ وأعوانِهِمَا, اللهُم إنَّا نبرأ إليكَ مِن كلِّ ذلكَ ...

هذا والحمدُ للهِ ربِ العالمينِ والصلاةُ والسلامُ على أشرفِ الخلقِ أجمعينَ محمدٍ والهِ الطيبينَ الطاهرينَ وصحبهِ المنتجبينَ ومَن تبعهُم الى يومِ الدينِ ...

اللهُ أكبــــرُ اللهُ أكبــــرُ اللهُ أكبــــرُ اللهم صلِ على محمدٍ والِ محمدٍ

د. مهند جاسم الحسيني

إنهيارُ الجبهةِ الحلبيةِ ... وإعلانُ التحركِ المصري :
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,(الدكتور مهند جاسم الحسيني)
في الكثيرِ مِن الأحيانِ نكونُ على علمٍ ويقينٍ وثباتٍ ممَا ستؤولُ لهُ الأمورُ مِن مجرياتِ, ومَا سوفَ تنتهي إليهِ مِن أحداثٍ, ولكن مَا يمنعنَا البوحَ عدمُ تقبلُ المقابلِ والقارئ والمُطالعِ للطرحِ, لأنَّ هذا الطرحَ سيأتي بطريقةِ فرضِ البعيدِ مِن الأحداثِ, وترتيبِ الآثارِ عليهَا والتعاملِ معهَا, وهكذا أنواعٌ مِن الطرحِ لَم يعتدْ المقابلُ على تلقيهِ ولا الإستماعِ لهُ, لا لشيءٍ سوى أنهُ غيرُ قادرٍ على التفكيكِ بينَ الغيبِ والغيبياتِ, وبينَ القراءةِ السياسيةِ بعدةِ المدى والنظرِ والأفقِ !!!

ناهيكَ عن أن طبيعةَ المُتلقي العربي عموماً لا تحتفظُ بالمعلوماتِ والأخبارِ المستقبليةِ, وهذا ما سيجعلُ التهيئةَ للإذهانِ لتقبلِ الأطروحاتِ المستقبليةِ غيرَ مجديةٍ بشكلٍ تامٍ تقريباً, لأنهُ لا يستطيعُ الإحتفاظَ بالمعلوماتِ البعيدةِ زمناً وإدراكاً الى فتراتٍ طويلةٍ نسبيةٍ, بالرغمِ مِن كونِهَا ستكونُ لهُ كالمرتكزاتِ والمعطياتِ التي ستحلُ لهُ الكثيرَ من الشفراتِ السياسيةِ مستقبلاً, ناهيكَ عن أن الإحتفاظَ بهَا ينمُ عن ثقافةِ الشخصِ وسعةِ إطلاعهِ !!!

ونحنُ بينَ هاتينِ الخصلتينِ العربيتينِ بتنَا حيارى, لا نهتدي سبيلَ الطريقِ لإفهامِ المقابلِ, ولكنَ الحيرةَ ستنقضي بمجردِ أن نُذهبَ بأنفِسِنَا حسراتٍ على بني قومِنَا ونوعِنَا, لذا سنحاولَ التوفيقَ بينَ هاتينِ الخصلتينِ المؤلمتينِ, والتي ربَّمَا أصبحتْ مِن ضمنِ الموروثِ البايلوجي والجيني عندَ العربِ, وهُمَا النسيانُ وعدمُ تقبلِ الطرحِ المستقبلي السياسي بتهمةِ لا يعلمُ الغيبَ إلا اللهُ تعالى, وسيكونُ هذا التوفيقُ على أساسِ أن يلوحَ الكثيرُ مِن بيارقِ المسألةِ في الأفقِ الإعلامي, والتي سَتُهَيؤ ذهنيةِ المتلقي الذي إعتادَ أن يتلقَ الكثيرَ مِن معلوماتهِ مِن وسائلِ الإعلامي المرئيةِ والمسموعةِ والمقرؤةِ, وأن تيقنَ أنَّ الكثيرَ مِنهَا تابعةٌ لأجندةِ السلطةِ والإقليمِ والعالمِ, وعندَهَا سنستغلُ هذهِ الحالةَ النفسيةَ عندَ المقابلِ لتوسعةِ الطرحِ والفهمِ والرؤيا ...

ولا ننسَ أن الهدفَ مِن وراءِ هذهِ التوسعةِ العلميةِ والعقليةِ والنفسيةِ والروحيةِ, هو أن يتقبلَ الناسُ الكثيرَ مِن الأحداثِ مستقبلاً, وأن يستعدوا لهَا بدلاً مِن أن يتفاجؤا بهَا, وهذا سيقدمُ المنتظرينَ لليومِ الموعودِ ونهايةِ الظلمِ خطوةً وخطواتٍ الى الأمامِ, لفهمِ الكثيرِ مِن مُلابساتِ الصراعاتِ العالميةِ والإقليميةِ والتي ترتبطُ بهذا الحدثِ العالمِ والكوني الملكوتي, وعندَهَا ستتغيرُ طريقةَ قرائتِهِم للرواياتِ الواردةِ عن النبي الأمينِ وآلهِ الطاهرينَ وصحبهِ المنتجبينَ (عليهِم الصلاةُ والسلامُ أجمعينَ), وهذا بحدِ ذاتهِ فيهِ خيرُ الدنيا والآخرةِ إن شاءَ اللهُ ربُ العالمينَ ...

وإن كنا أحياناً نتمردُ على هذهِ الرؤيا كمَا فعلنَا في مقالنَا السابقِ والموسومِ بِــ : (إنتهاءُ الدبلماسيةِ العالميةِ وإعلانُ ساعةِ الصفرِ)
- https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=885196484948548&substory_index=0&id=884743351660528&__mref=message_bubble -,
حيثُ بينَا أن العالمَ في طورِ إعادةِ إصطفافٍ جديدٍ, وهذا الإصطفافُ ليسَ إصطفافاً تحالفياً إعتيادياً, بل هو مِن سنخِ العسكري البحتِ, وعلى هذا تتحركُ دولُ الإقليمِ تركيا ومصرَ والسعوديةِ والخليجِ والمغربِ والجزائرِ والمغربِ العربي عموماً مضافةً الى تحركٍ عُمَاني ويماني, كلَّ هذا التحركِ لأجلِ الإصطفافِ الحربي الذي ستكونُ مسرحهُ أرضَ العربِ عموماً والشامِ والعراقِ على وجهِ الخصوصِ !!!

#والآن ...
لا بأسَ أن نطرحَ شيئاً مُتقدماً في هذا المضمارِ, حيثُ أن الدولَ العالميةَ على نحوِ العمومِ تركتْ التوجهاتِ الإقتصاديةِ جانباً, بالرغمِ مِن إيمانِ الجميعِ بأهمةِ الجانبِ الإقتصادي على الأمنِ القومي والوطني للبلادِ, حيثُ أن أيَّ أزمةٍ إقتصاديةٍ ممكنُ أن تؤدي الى إنهيارِ الدولةِ بكاملِ مؤسساتِهَا, كمَا حصلَ في تونسَ وبعضِ البلدانِ العربيةِ, وهذا ما لا يُسمحُ لهُ أن يحصلَ ويتكررَ مشهدُهُ في اليونانَ مثلاً, والتي تعاني مِن تفاقمِ الأزمةِ الإقتصاديةِ الى حدٍ يهددُ الأمنَ الوطني, لذا سعى البنكِ الأوربي الى إقراضِهَا بعدةِ ملياراتٍ تجنباً لهذا الإنهيارِ !!!

نعم بالرغمِ مِن هذا الإيمانِ والعقيدةِ, لكن باتَ هذا الإيمانُ والعقيدةُ بطورِ الإهمالِ في المنظورِ السياسي للبلدِ الواحدِ, لذا فإنَّ لجوءِ بعضِ الدولِ الأوربيةِ الى الإستمرارِ عليهِ والتلويحِ مِن خلالِهِ غيرُ مجدياً, لأنَّ الكثيرَ مِن التعاملاتِ العسكريةِ يُمكن أن تُبنَ على القروضِ الماليةِ مثلاً, أو البيعِ بالآجلِ بنسبةِ فائدةِ الصفرِ أو الواحدِ بالمائةِ, لذا ستحافظُ الكثيرُ مِن البلدانِ مِن العالمِ الثالثِ, وهي أكثرُ البلدانِ تسكعاً في سوقِ الخردةِ العالميةِ, على مكانَتِهَا العسكريةِ ولو إقليمياً, أو على نحو الخيالِ والتوهمِ والشعورِ الفردي الشخصي !!!

بل ويقابلُ هذا الإيمانَ بأنَّ الإقتصادَ عصبُ الحياةِ والإستمرارِ العسكري, شعورُ الحسمِ لهذهِ المرحلةِ, لأنَّ شكوى وتململَ الإنهيارِ الإقتصادي الى مرحلةِ التهديدِ للأمنِ الوطني -القومي- ليسَ ذا قيمةٍ أبداً, لذا فإنَّ هذا الإصطفافَ العسكريةَ جاءَ إنهاءِ هذهِ المعاناةِ العالميةِ والإقليميةِ مِن الإنهيارِ الإقتصادي أو الركودِ بأحسنِ الأحوالِ !!!

لذا فإنَّ أيَّ إجراءٍ إقتصادي على أيِّ بلدٍ, سيجعلُ البلدَ في طورِ إعادةِ الترتيبِ والتنظيمِ لنفسهِ, ولو بإلإنقلابِ على الكثيرِ مِن المعاهداتِ والتعهداتِ السابقةِ والجذريةِ, وبالتالي فإنَّ عملياتِ الإصطفافِ العسكري في حالةِ تنامي مضطردٍ ومتزايدٍ الى مرحلةِ الرعبِ, والتنصلُ مِن المعاهداتِ والإلتزاماتِ الدوليةِ والإقليميةِ باتتْ على قدمٍ وساقٍ, بل أصبحتْ الإلتزاماتُ غيرُ مجديةٍ في إبقاءِ بعضِ الدولِ تدورِ في أفلاكِ البعضِ الآخرِ !!!

وشيوعُ حالةِ التنصلِ وعدمِ الإلتزامِ يسجعلُ النظامَ العالمي في حالةِ إضطرابٍ كبيرٍ جداً جداً, بحيثُ سيوقفُ عملياتِ تدفقِ الأموالِ والإصولِ الإسهمِ بينَ البلدانِ, نتيجةً لتوقعِ الطرفينِ عدمِ إلتزامِ الآخرِ في المعاهداتِ والإرتباطاتِ, وهذا ما سَيُقسمُ البلدانَ الى قسمينِ إقتصادياً, بينَ بلدانٍ راكدةٍ إقتصادياً وآخرى في طورِ الإنهيارِ, ولا وجودَ لقسمٍ ثالثٍ على الإطلاقِ !!!

#وهنا ...
لا يُمكن التوقعُ أنَّ القضيةَ حصلتْ جزافاً وبدونِ مقدماتٍ, وفي نفسِ الوقتِ لا يُمكن أن نتيقنَ أن القضيةَ مخططٌ لهَا مسبقاً بهذهِ الكيفيةِ ...

 بل لابدَ مِن أن نُؤمنُ أنَّ الكثيرَ مِن الحوادثِ السياسيةِ والعسكريةِ تكونُ خارجَ الاإرادةِ المحركةِ لهَا, وهذا ما يُمكن أن نصطلحَ عليهِ منذُ هذا اليومِ #بالأعراضِ_الجانبيةِ_للتخطيطِ _الفرعوني, حيثُ أنَّ هذا التخطيطَ بدأ بأيدهِم أولَ مرةٍ, ثمَ خرجَ عن الخوارزميةِ التي توقعوا أن يكنَ المقابلُ في أحدِ حدودِهَا !!!

ولكن للمقابلِ المُخَطِطِ عدةُ خياراتٍ تجعلُ الكثيرَ مِن الأحداثِ لصالِحِهِ, طبعاً أن هذا التفكيرُ هو السائدُ في عقلياتِ أغلبِ الجباريينَ والمُتسلطينَ عالمياً والمسيطرينَ على المشهدِ العسكري والإقتصادي والسياسي, هُم يتوقعونَ أن الخياراتِ تبقى متاحةً دوماً, في حالةِ إذا إنهارةِ الخوارزميةِ المخططِ لهَا !!!

ولكن هذا التفكيرُ تفكيراً فرعونياً عالمياً, عندمَا نتوقعَ أن النظامَ الإنساني والعالمي يُمكن أن نضعَ لهُ بعضَ القواعدِ النفسيةِ والفكريةِ والروحيةِ, وهذهِ القواعدُ المُستقراةُ تكونُ قابلةً للإنطباقِ دائماً وفي الأحوالِ كافة, ولا مجالَ إنخرامِهَا أو الشذوذِ عنهَا !!!

نعم ...
هكذا يُفكرُ الفراعنةُ العالميونَ على طولِ التاريخِ وفي الحاضرِ والمستقبلِ, فهُم لا يرونَ إلا جريانِ الخطةِ المُخططِ لهَا, أو إنهيارِ الخطةِ مِن بعضِ أركانِهَا مع إمتلاكِ الخياراتِ الأُخرى التي ستعيدُ الأشياءَ الى نصابِهَا بالمنظورِ الفرعوني !!!

وبالتأكيدِ أن هذا التفكيرَ الفرعوني المتحكمَ بمقدراتِ الشعوبِ والآخرينَ, بل والمتحكمَ بالعالمِ أجمعٍ, يعتقدُ في نفسهِ أنَّهُ هو الإلهُ القادرُ الجبارُ المسيطرُ على مراكزِ القرارِ, وبالتأكيدِ أنَّ هذا الخطَ والمنهجَ والمسلكَ كانَ ولا زالَ منذُ أن وجِدَتْ البشريةُ على سطحِ هذا الكوكبِ, وحتى لو هلكَ أربابُ هذا الشعورِ وإندثرتْ أجسادُهُم في الترابِ, وإستحالتْ بعدَهَا الى العدمِ, لكن يبقى هذا الشعورُ على قيدِ الحياةِ, مُمَنيَّاً نفسهُ بالخلودِ والبقاءِ والسيطرةِ المطلقةِ على الكونِ !!!

لذا أنتُم ترونَ كثيراً في مؤسسةِ هوليودِ الأميركيةِ, كيفَ يُروجونَ عبرَ أفلامِهِم الى إعادةِ الحياةِ للكثيرِ مِن الأباطرةِ والفراعنةِ القدماءِ, وكيفَ أن الفكرَ والقدرةَ والإعجازَ والسيطرةَ يَكمنُ في إعادةِ تلكَ الأجسادِ والأشخاصِ, لا لشيءٍ سوى أن أولئكَ يملكونَ تلكَ القدراتِ والمقوماتِ للسيطرةِ التامةِ ولو بالطرقِ الوحشيةِ !!!

نعم ...
وهذا الأفلامُ لا تنبعُ مِن الخيالِ لغرضِ المتعةِ ومضيعةِ وقتِ المشاهدِ, لا بل لهَا الكثيرُ مِن الإسقاطاتِ في الخارجِ والواقعِ, حيثُ البحثُ المستمر منذُ عشراتِ السنينَ في القدسِ القديمةِ عن هيكلِ سليمانَ (عليهِ السلامُ), وعملياتُ الإستنساخِ الجيني والتكرارِ الفردي, والعشراتُ مِن مثيلاتِهَا غيرِ المعلنِ عنهَا, أو التي لَم يُلتفتْ لهَا بالرغمِ مِن الكشفِ عنهَا, بسببِ الإيمانِ الغبي ببعضِ المناهجِ التحجريةِ الفكريةِ عندَ القياداتِ الدينيةِ خصوصاً !!!

#لذا ...
يؤمنُ الكثيرُ مِن هؤلاءِ المتسلطينَ الفراعنةِ العالميينَ بوجوبِ إعادةِ الترتيبِ للمشهدِ العالمي كلياً, مِن خلالِ الفوضةِ الخلاقةِ - Creative Chaos- وبالحقيقةِ أنَّ هذهِ المنهجيةِ مِن منهجياتِ المجمعِ الماسونس العالمي, الذي كشفَ عنهَا الكاتبُ الأميركي دان براون, حيثُ صرحتْ وزيرةُ الخارجيةُ كوندريزا رايس بعدَ إحتلالِ العراقِ عامِ -2005- مِن خلالِ جريدةِ واشنطن بوست, بأنَّ الولاياتِ المتحدةِ عازمةٌ على بناءِ شرقِ أوسطٍ جديدٍ, بل ونشرِ الديمقارطيةِ في العالمِ العربي أجمعٍ, وبالتأكيدِ لا يُمكن إعادةُ الترتيبِ إلا مِن خلالِ هذهِ الفوضى الخلاقةِ !!!

أنظرْ كاتبٌ روائي لا يتجاوزُ عمرهُ ثلاثةَ وخمسينَ عاماً, يُفصحُ لنَا عن مُصطلحٍ طالمَا قرأنَاهُ بإسلوبٍ غيرِ قصصي في الكثيرِ مِن الكتبِ القديمةِ والمصادرِ العلميةِ مِن إستعمالهِ عندَ ميكافيلي في كتابهِ : (الأميرِ), ولا عندَما طرحُ النمساوي شامبيتر في كتابهِ : (الرأسُ ماليةِ والإشتراكيةُ والديمقراطيةُ), لكن لم يطفُ على السطحِ حتى بعدَ أن إستعملهُ  براون في كتابهِ, إلا بعدَ أن نُفِذَ المشروعُ واقعياً في العراقِ !!!

#وهنا ...
يجبُ على جميعِ الحكوماتِ العربيةِ والإسلاميةِ الحذرَ مِن أن يكونوا جزءاً مِن هذهِ الفوضى الإقليميةِ, بل عليهِم أن يحاولوا النأي بأنفسِهِم قليلاً عن المشهدِ العالمي, ولو أن إبعادَ النفسِ شيءٌ صعبٌ جداً, بعدَ أن تجذرتْ علاقاتُ السلاطينُ في غيرِ أهلِهَا, وإرتشفتْ غذاءهَا مِن غيرِ أرضِهَا, حتى باتوا على علمٍ ويقينٍ أن إقتلاعَهُم مِن أصولِهِم يَتُمُ مِن الخارجِ وليسَ الداخل !!!

وهذا ما يجعلنَا نفسرَ المواقفَ المصريةَ الأخيرةَ, حيثُ أن المملكةَ العربيةَ السعوديةَ قدمتْ للجانبِ المصري الكثيرَ مِن العروضِ السياحيةِ التجاريةِ والقروضِ بفوائدٍ قليلةٍ لا تتعدى 2%, بل وأبرمتْ معهُم أن تقدمَ قرابةَ 700 برميلَ مابينَ وقودٍ ومشتقاتهِ مِن الزيوتِ شهرياً, ناهيكَ عن جعلِ مصرَ في طليعةِ التحالفِ الإسلامي والمسؤولةَ عن أمنِ البحرِ الأحمرِ, وبالرغمِ مِن ذلكَ لَم تُفلِحُ هذهِ المغرياتِ الخليجيةِ !!!

لأنَّ هذهِ المغرياتِ الخليجيةِ لا تُعتبرُ إلا حلاً جزئياً مِن المشكلةِ المصريةِ المتفاقمةِ, والباحثُ عن الحلِ لا يَنتظرَ المُنَحَ الخليجيةَ ولا الإقليميةَ, لأنهُ على علمٍ ويقينٍ أن الهدفَ مِن هذا التقاربَ يَجبُ أن يُرَدَ فورياً مِن خلالِ المواقفِ السياسيةِ الخارجيةِ في المنطقةِ, أي يجبُ أن تتخلَ مصرُ عن رؤيتهَا في المنطقةِ, ولا ترى إلا ماتراهُ المملكةُ العربيةُ السعوديةُ, وهذا يتنافى مع كونِ مصرَ أقوى بلدٍ عسكري وسياسي في القارةِ الأفريقيةِ, والسيطرةُ عليهِ يعني السيطرةَ التامةَ على شمالَ وجنوبَ أفريقيا هذا أولاً, وثانياً فإنَّ الخوفَ ليسَ خوفاً إقتصادياً بقدرِ ماهو خوفاً سياسياً !!!

#ولكن ...
هل يصلحُ ذلكَ مبرراً لتركِ مصرَ المواقفَ العربيةَ في الشأنِ الإقليمي, بحيثُ تنفردُ بإتخاذِ القرارِ والتوجهُ صوبَ التحالفِ مع روسيا, وهي محاطةً بالبلدانِ ذاتِ الولاءِ الأميركي, وهل التعويلُ على هذا التحالفُ السياسي وليسَ العسكري مِن حيثُ إتخاذِ القراراتِ كافياً في إكسابِ حكوكتِهَا حصانةً مِن التدخلاتِ الخارجيةِ مُستقبلاً ؟!!!

بالتأكيدِ سيكونُ الجوابُ بالنفي مطلقاً للأسئلةِ كافةً, لأنَّ الإتفاقَ السياسي شيءٌ وإستحصالِ الحمايةِ العسكريةِ شيءٌ آخرٌ, لذا ربمَا ستسعى مصرُ الى التدخلِ عسكرياً وبشكلٍ ملحوظٍ وواضحٍ وسافرٍ في الشأنِ الإقليمي, وأقصدُ في المقامِ الفتنةَ العظمى والمصيبةَ الكبرى سوريا, لأنَّ هذا البلدَ العربي والتدخلَ فيهِ هو الفيصلُ الحقيقي في معرفةِ الولاءِ الحقيقي للحكومةِ لأي جهةٍ تميلُ, وأما زمنُ التصريحاتُ فقد ذهبَ وقتُهُ ...

#وهنَا :
أمامَ مصرَ خيارينِ لا ثالثَ لهُمَا, ويمكن بالتأكيدِ الجمعِ بينَهُمَا, إما أن تَسمحَ لروسيا أن تتخذَ مِن قاعدتِهَا السوفيتيةِ السابقةِ في شمالِ غربِ مصرَ والمعروفةِ بــ #سيدي_براني قاعدةً بحريةً لهَا مرةً أخرى, أو تذهبُ بجيوشِهَا الى مكانِ النزالِ والصراعِ العالمي والإقليمي في شمالِ وشرقِ سوريا !!!

وكلا الخيارينِ تجعلانِ مصرَ حليفةً للروسِ وبشكلٍ حقيقي, ممَا يُحتُم عليهَا الدفاعُ عنهَا كمَا حصلَ في حربِ إكتوبرَ مع الجانبِ الإسرائيلي, بعدَ أن تمكنتْ روسيا مِن فتحِ جسراً جوياً الى سوريا ومصرَ ناقلةً مئاتِ الدباباتِ والقطعَ العسكريةَ والذخائرَ ...

ولكن مِن المُستبعَدِ جداً في الوقتِ الحالي أن يلجأ الروسُ الى إعادةِ تأهيلِ هذهِ القاعدةِ, وهي في حالةِ حربٍ حقيقيةٍ وليستْ باردةٍ, وهذا التأهيلُ سيكلفُ الإقتصادَ والوقتَ روسيا الشيءَ الكثيرَ,ناهيكَ عن أن التواجدَ الروسي في جنوبِ القارةِ الأوربيةِ سيُشكلُ خطراً حقيقياً على أمنِهَا, وهذا سيعكر العلاقاتِ الدوليةِ الى مرحلةِ الإنهيارِ الحقيقي,  لذا فخيارُ إرسالُ الجيوشِ المصريةِ هو الخيارُ الأسلمُ طبعاً ...

وهنا لا يُمكن أن يُقالَ :
أن الحكومةَ المصريةَ غيرُ مُهَدَدةٍ أميركياً, حتى تضطرَ الى الإصطفافِ مع الجانبِ الروسي, العكسُ صحيحٌ أيضاً, فهي غيرُ مضطرةٍ للإصطفافِ مع الجانبِ الأميركي لعدمِ تهديدِ الروسِ لهَا أيضاً, فهي إذاً مع عدمِ الإضطرارِ سيكونُ خيارُهَا مبنياً على الدراسةِ الموضوعيةِ لهذهِ المسألةِ ...

لأنهُ سيقالُ :
إنَّ النظامَ المصري وليسَ الحكومةَ فقط مهددٌ بالزوالِ بشكلٍ نهائي, كمَا حصلَ مع جارتِهَا ليبيا, بل هي المرشحةُ للفوضةِ القادمةِ في شمالِ أفريقيا بعدَ تونسَ وليبيا, وإنَّ هذا الشعورَ شعورٌ حقيقي وقد سعتْ أميركا لعملهِ في مصرَ بعدَ إسقاطِ مباركٍ وخلفهِ مرسي, وكلا الفردينِ سقطا بسببِ إهمالِ الروسي لهُمَا مع اللرغبةِ الأميركيةِ بزوالِهِمَا, بخلافِ نظامِ الأسدِ الذي بقى محافظاً ولو شكلياً على وجودهِ بفضلِ التدخلِ الروسي !!!

وهذا الشعورُ هو الذي جعلَ الحكومةَ المصريةَ تفضلَ الإرتماءَ بأحضانِ موسكو, ولا يكونُ هذا الإرتماءُ حقيقياً إلا مِن خلالِ الذهابِ الى المسلخِ السوري ...

#وهناكَ ...
الكثيرُ مِن المؤشراتِ على وجودِ بعضِ الأفرادِ المصررينَ على الأراضي السوريا, أو سيذهبونَ قريباً الى شمالِ سوريا, بأي عنوانٍ أرادوا كمدربينَ أو مراقبينَ أو دعمٍ محدودٍ أو أي عنوانٍ آخرٍ, المهمُ أن يتحققَ الوجودَ الشكلي في الأراضي السوريا, وبعدَ ذلكَ سوفَ تتحركُ الأرتالُ الى سوريا وبشكلٍ علني, ولكن لا يتحققُ هذا التحركُ العلني إلا بعدَ إنهيارِ جبهةِ شرقِ حلبَ, لأنَّ التواجدَ العسكري سيكونوا مبرراً عندهَا, وهو محاربةِ تنظيمِ الدولةِ -داعش- في شمالِ وشرقِ سوريا, وليسَ دفاعاً عن النظامِ !!!

وهنا سيحصلُ ما لا يُحْسَدُ عقباهُ, حيثُ سَيكونُ مبررُ وجودِ الجيشِ المصري مبرراً للتواجدِ الآخرينَ مِن الأحلافِ للولاياتِ المتحدةِ الأميركيةِ وبشكلٍ علني أيضاً, فالجيشُ السعودي والخليجي والمغربي والسوداني وكلُّ جيوشِ العالمِ العربي ستكونُ لهُم مواطئ قدمٍ في الأراضي السوريةِ, لا لشيءٍ سوى رداً على التواجدِ المصري فيهاَ, وعندَهَا سيصبحُ النظامُ المصري نظاماً عدواً لأميركا ولأحلافِهَا في العالمِ العربي والإسلامي, وهذا لا ينفعُ معهُ إلا الإنهيارِ كمَا يُخططُ للنظامِ في سوريا !!!

#طبعاً ...
هذهِ الرؤيا لَم تكن واضحاً كفايةً كَمَا صورتُهَا اليومَ, إلا بعدَ أن بحثنَا بشكلٍ جادٍ في الحلقاتِ الثمانيةِ تحتَ عنوانِ -إنهيارُ الدولةِ العراقيةِ ... واستحكامِ سطوةِ الميلشياتِ-, حيثُ مهدَ لنَا هذا البحثُ الكثيرَ مِن الرؤى, لذا أتمنى على الأحبةِ أن يعيدوا قراءتهُ مرةً أخرى, ليتسنَ لهُم إستنشاقُ طرقٍ أخرى في ربطِ الأحداثِ مع بعضِهَا ...

هذا وأسألُ اللهَ العلي القديرَ أن يمُنَ على أمتِنَا وأهلِنَا وبني نوعِنَا في ربوعِ الأرضِ كافةً بالأمنِ والأمانِ والخلاصَ مِن كلِّ براثنِ الفسادِ والإفسادِ, إنهُ حميدٌ مجيبٌ, هذا والحمدُ للهِ ربِ العالمينَ ...