الدَوْلَةُ الكُرديةُ مُشْكِلَةُ الحَاضرِ وهَاجِس المُستَقْبَلِ :
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,(الدكتور مهند جاسم الحسيني)
لا بأسَ أن نُكَرِرَ الرغبةَم الحقيقيةَ في فَتحِ مركزٍ تخصصي يوازي المراكزَ العالميةَ في الجَمْعِ والتنقيبِ عَن مَا يَخصُ التحركاتِ السياسيةِ المُعاصرةِ, بحثاً عن جذورِ الإختلافِ والخلافِ في وجهاتِ النظرِ بينَ الفرقاءِ, لأنَّ هكذا مراكزَ سَتُأمنُ لنَا جيلاً كاملاً ومعاصراً يستطيعُ أن يَجِدَ الجوابَ الشافي وفي أقصرِ الأوقاتِ في الحالاتِ الضروريةِ المُلحةِ ...
لأنَّ الإكتفاءَ بالتحليلاتِ السياسيةِ والأمنيةِ, باتَ أمراً غيرَ نافعٍ مطلقاً, أمامَ تلكَ المراكزِ البحثيةِ العالميةِ, بحيثُ جمعتْ لنفسهَا الملايينَ مِن المخطوطاتِ والمؤيداتِ والآثارِ التي تُثبتُ مَا تدعيهِ لنفسِهَا, بحيثُ أنَّهَا تتمكنُ أن تُقنِعَ أيَّ فردٍ كانَ وبغضونِ دقائقٍ قلائلٍ, بل أنَّهَا بدأتْ تُرَوِجُ لِنفسِهَا وفكريهَا عالمياً, لتسيطرَ على أفكارَ الآخرينَ ومشاعرهِم, وتحددُ طريقةَ تفكيرِهِم, بحيثُ ترى أنَّ مَا تدعيهُ في المستقبلِ يجدُ آذاناً صاغيةً لهَا وبإنصاتٍ !!!
إذن أنَّ خطرَ عدمِ التفكيرِ في فتحِ هكذا مراكزِ بحثيةٍ, سوفَ يُأثرُ على عقيدةِ أبنائنَا في المستقبلِ, وعلى كيفيةِ تفكيرهِم ونظرهِم الى الأمورِ, بل وعلى العقيدةِ المرتبطةِ بالأرضِ والوطنِ والشعبِ, لأنَّ السياسةَ المرسومةَ للشعوبِ خطرةٌ جداً, وتستهدفُ كلَّ ركيزةٍ مِن ركائزِ التفكيرِ والتحليلِ والنظرِ, بحيثُ أنَّ الكثيرَ مِن البديهياتِ التي كنَا نؤمنُ بهَا قبلَ عشرةِ سنواتٍ, باتتْ مِن الأمورِ النظريةِ المحتاجةِ الى برهانِ وإثباتٍ, بل الكثيرُ مِن البديهياتِ التي آمنَا بهَا في ستينياتِ القرنِ المُنصرمِ, قد تَمَ رفضُهَا في السنواتِ الأخيرةِ, حتى وصِفَ أصحابُهَا والمؤمنونَ بِبَدِهِيتِهَا بالرجعيةِ والتخلفِ والجهلِ !!!
فمثلاً, عندمَا أتابعُ بعضَ المواقعِ والمنتدياتِ وبعضَ صفحاتِ التواصلِ الإجتماعي الإسرائيلةِ مثلاً, مِن خلالِ قراءةِ المنشورِ والتعليقاتِ عليهِ, ألاحظُ الصعوبةَ التي يُواجههَا أبناءُ فلسطينَ ومصرَ ولبنانَ في إثباتِ عربيةِ أرضِ فلسطينَ, بل بدا مَا هو بديهي قبلَ بضعةِ سنينَ, نظرياً وفكرياً ومُحتاجاً الى دليلٍ وبرهانٍ الآن, خصوصاً مع ظهورِ جيلٍ جديدٍ لا يَجدُ مِن الكُتابِ والمحللينَ والمؤلفينَ مَا يوفرُ لهُ المادةَ العلميةَ لفهمِ الأمورِ, لذا يكونُ مضطراً الى الإستقاءِ والحُكمِ على الكثيرِ مِن الأشياءِ مِن خلالِ طريقتهِ في التفكيرِ التي إستقاهَا مِن البرامجِ المُعَدَةِ مِن تلكَ المراكزِ البحثيةِ العالميةِ, والتي تربى جيلاً كاملاً على موائدِهَا !!!
والطامةُ الكبرى, والمصيبةُ العظمى, عندمَا ترى الشابَ العربي المسلمَ يُخْضِعُ كلَّ مسألةٍ الى تفكيرهِ الخاصِ, حتى لو لَم تكن تلكَ المسألةُ مِن مَا يَحكمُ بهَا أمثالهُ, بل تعلمَ أن يكونَ لهُ رأياً في كلِّ مسألةٍ, حتى لو خرجتْ عن تخصصهِ وبينَهُمَا بونٌ شاسعٌ, بل حتى لو أنَّ المسألةَ كانتْ ممَا لاتقبلُ التفكيرَ والرأيَ مطلقاً !!!
#وهنَا :
لابأسَ أن أدعُ البعضَ مِن المهتمينَ أن يُجروا إستفتاءاً إلكترونياً عاماً, ويسألونَ الناسَ خلالَهُ عن حقانيةِ القضيةِ الفلسطينيةِ, وحقانيةِ جهادِهِم مِن أجلِ أرضِهِم ومقدساتِهِم, وأنظروا الجوابَ والتبريرَ عليهِ, ستلاحظونَ أنَّ أرقاماً مرعبةً, ونسباً كبيرةً, تبررُ الفعلَ الصهيوني بأرضِ العربِ, وتحرضَهُم للدفاعِ عن أنفسِهِم ضدَ أهلِ الأرضِ الأصلاءِ, وكيفَ أنَّ الكثيرَ مِن المعلقينَ والمحللينَ سوفَ يعطونَ الحقَ لليهودِ لبناءِ دولتِهُم على أرضِ العربِ, وبأدلةٍ لا يُمكن وصفُهَا بوهنِ بيتِ العنكبوتِ, لا لشيءٍ سوى أنَّ أحدَ طرائقِ التفكيرِ عندَ الشابِ المسلمِ العربي, والتي إستقاهَا مِن المراكزِ البحثيةِ تلكَ, أن تُعطي رأيكَ ووجهةَ نظركِ بحسبِ رؤيتكَ للأشياءِ, بعيداً كلَّ البعدِ عن التخصصِ والتمرسِ والبحثِ في المسألةِ !!!
وهنَا سوفَ ترونَ بأمِ أعينكِم كيفَ أنحدرَ التفكيرُ الى هاويةِ الجهلِ والغباءِ والسذاجةِ التي لا يُمكن الصبرُ وسكوتُ عليهَا, لأنَّ هؤلاءِ سيصلونَ الى مرحلةِ تشكيلِ الأغلبيةِ والأكثريةِ بالمفهومِ السياسي الحديثِ, والذي سيصبحُ صوتهُ مسموعاً بحسبِ القانونِ العالمي, وعندَها لا يبقى حجرٌ على حجرٍ, ولا ركنَ أساسٌ, ولا ركيزةَ يُمكنُ الإحتكامُ عندهَا, بل مِن الممكنِ أن تصبحَ البلدانُ العربيةُ -بهذا المستوى مِن التفكيرِ- بعددِ القبائلِ والطوائفِ والمللِ والنحلِ, بل تحتَ إذكاءِ أوارِ التخلي عن المبدأ والشعورِ بالآخرينِ, وعيشِ همومِهِم, سوفَ تتشكلُ بلدانٌ على أساسِ فردينِ مِن ذكرٍ وأنثى, وصبي وصبيةٍ, وعشيقٍ ومعشوقةٍ, تجسيداً لقولِ الشاعرِ :
فليتكَ تحلو والحياةُ مريرةٌ
وليتكَ ترضى والأنامُ غضابُ
وليتَ الذي بيني وبينكَ عامرٌ
وبيني وبينَ العالمينَ خرابُ
إذا صحَ منكَ الودُ فالكلُّ هينٌ
وكلُّ الذي فوقَ الترابِ ترابُ
#وهنَا :
لابدَ لنَا مِن أن نقابلَ تلكَ الهجمةِ الشرسةِ, التي جعلتْ خفافَ العقولِ وسرابيتَ القومِ والروبيضةَ, يعتقدونَ ويؤمنونَ أنَّ للناسِ حقٌ في تقريرِ مصيرِ البشريةِ جمعاءَ, بل والتصويتِ بالنيابةِ عنِ الأجيالِ, الذينَ كَان مِن اللازمِ أن يعيشوا بلا حدودٍ تفصلهُم, ولا جيوشَ تَمنعهُم أن يطلبوا العيشَ والإسترزاقَ في ربوعِ أرضِ اللهِ تعالى الواسعةِ !!!
ويجبُ أن نُرَسِخَ في أذهانِ الناسِ, أنَّ تقريرَ المصيرِ, وتقسيمَ الأرضِ, وغلقَ المنابعِ ومنعَ الخيراتِ, فرعٌ لإمتلاكِ الشيءِ, فمتى مَا أقاموا الدليلَ بأنَّ الأرضَ ملكٌ لساكنيهَا, وأنَّ الملكَ مُلكٌ حقيقي وليسَ إعتباري وعرفي وإتفاقي, عندَهَا فكمَا لَهُم أن يقسموا البلادَ, ويحجموا حركةَ العبادَ, ويُطبقوا على السكانِ إطباقَ السجنِ, لَهُم أن يَبِعوهَا لِمَن شاؤا وبأبخسِ الأثمانِ, دراهمَ معدوداتٍ !!!
أمَا في حالةِ لو أمنَا أننَا نملكُ الأرضَ إستملاكاً إعتبارياً عرفياً إتفاقياً, بل ونملكهَا بالتصويتِ على قانونٍ أو قرارٍ اليومَ, وتخرجُ مِنَا بنفسِ الإجراءِ التصويتِ, فلا يُمكن أن نقولَ بأننَا نملكُ شبراً واحداً إستملاكاً حقيقياً, بل أنَّ مَا يُنسبُ لنَا مِن الإستملاكِ, نسبةً غيرَ صحيحةٍ على الإطلاقِ, وعندهَا كيفَ نملكُ الحقَ والخيارَ والإمكانيةَ على التقسيمِ والفدرلةِ والتشظيةِ لأرضٍ وملكٍ ليسَ لنَا ولا يُحسَبُ مِن أملاكنَا ؟!!!
#نعم :
بهذهِ الطريقةِ وبهذا البرهانَ والإستدلالِ, نتمكنُ مِن أن نُخْرِسَ أفواهً طالمَا لاكتْ بقانونيةِ تقريرِ المصيرِ, وحقانيةِ تقسيمِ وفدرلةِ البلادِ والعبادِ, بل حتى أولئكَ الرموزِ الذينَ برروا إمكانيةَ أو أهميةَ وضرورةَ إجراءِ الفيدرالياتِ, لَم يستطيعوا أن يُقدموا البرهانَ الشرعي والديني والإخلاقي على أحقيتِهِم بذلكَ, بل أنَّ الفتوى صدرتْ مِن المصدرِ التشريعي الجديدِ, الذي لَم يذكروهُ في كتبهِم الإستداليةِ الفقهيةِ, ولَم يطرحوا حجيتهُ في أبحاثِهِم الأصوليةِ, بعدَ أن ذكروا وأثبتوا وشرعوا كتابَ اللهِ تعالى وسنةَ النبي وأهلِ بيتهِ (عليهِم الصلاةُ والسلامُ) والإجماعَ والعقلَ, لكنَ هنالكَ أصلٌ تشريعيٌ خفي, وهو أكثرُ الأصولِ حاكميةً على الأربعِ الباقياتِ, بل أنَّ إحتماليةَ هذا الأصلِ يُعارضُ ثباتَ أيٍّ مِن الأصولِ الأربعةِ, ألآ وهو المصلحةُ الشخصيةُ والمنفعةُ الذاتيةُ, التي أُسْتُدِلَ مِن خلالِهَا شرعيةُ الفيدرالياتِ وتقريرُ المصيرِ !!!
لذا لا ترى أنَّ هؤلاءِ المُتسلطينَ الدينيينَ على رقابِ الناسِ قد أقاموا البرهانَ والدليلَ على إمكانيةِ إقامةِ الفيدرالياتِ مِن الأصولِ التشريعيةِ الأربعةِ, بل أنَّ كلَّ مَا أقاموهُ فقط وفقط المصالحَ الشهواتِ ووهمَ الراحةِ والترفِ, وهذا يدلُ -عندَهُم- على حجيةِ وأصوليةِ هذا المصدرِ الخامسِ, بل وحاكميتهِ على باقي الأدلةِ !!!
بل أنَّ نفسَ الأصلِ الخامسِ, والحاكمِ الشرعي على باقي الأصولِ التشريعيةِ, رفضَ ويرفضُ كلَّ فيدراليةٍ أو حقَ شعبٍ في تقريرِ مصيرهِ في الإستقلالِ وتشكيلِ دولَتِهِم الموعودةِ, لا لشيءٍ سوى أنَّ المصلحةَ التي رغبتْ في تقسيمِ العراقِ جنوباً, رفضتْ تقسيمهُ شمالاً وغرباً, والمكاسبَ الشخصيةَ المُتْرَتِبَ على فيدرالياتِ الجنوبِ, لا تتحققُ في فيدرالياتِ الشمالِ والغربِ, لذا ترى أنَّ المصلحةَ تُملي عليهِ أن يقبلَ ذاكَ ويرفضَ هذا, ويقدمُ هذا على ذاكَ, بحسبِ هذا الأصلِ التشريعي غيرِ المُعلنِ عنهُ في أبحاثِهِم الأصوليةِ والفقهيةِ, فلا تجدَ لَهُم موقفاً ثابتاً, ولا تصريحاً يُمكن أن يُعَوَلُ عليهِ مطلقاً, وهؤلاءِ أحقُ بالقولِ الواردِ عن الإمامِ الحسينِ بنِ علي بنِ أبي طالبٍ (عليهِم الصلاةُ والسلامُ) : (النَّاسُ عَبِيدُ الدُّنْيَا ، وَ الدِّينُ لَعِقٌ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ ، يَحُوطُونَهُ مَا دَرَّتْ مَعَايِشُهُمْ ، فَإِذَا مُحِّصُوا بِالْبَلَاءِ قَلَّ الدَّيَّانُون) ...
#فبعدَ :
أن غسلنَا أيدِنَا مِن المرافقِ مِن الإستفادةِ والإستشهادِ بمواقفِ رجالِ الدينِ, الذينَ باتتْ رائحةُ فسادِ واحدِهِم أنتنَ مِن الساسةِ مجتمعينَ, فلابدَ أن نعقدَ النيةِ ونضاعفَ العملِ ونبذلَ الجُهدَ الجهيدَ في سبيلِ أن نَقلبَ الطاولةَ على رؤوسِ أربابِ هذهِ المشاريعِ, ونحيلَ دونَ وصولِ هؤلاءِ الفاسدينَ المنافقينَ الى مصالحِهِم الشخصيةِ, مِن خلالِ المجادلةِ والمناظرةِ بالحُسنى, بحيثُ لا نخرجَ مِن المغررِ بهِم إلا وقد زعزعنَا إيمانهُ المفرطَ بنفسهِ وعقلهِ, وأثبتنَا لهُ ولغيرهِ أن لا حكمَ على الأرضِ ولا قدرةَ لأحدٍ على ترسيمِ حدودِهَا إلا مَن يرى المستقبلَ بعيني الحاضرِ, ويُشخصَ الواقعَ مِن تجاربِ السابقِ ...
هيا ...
لِننطلقْ على بركةِ اللهِ تعالى وحسنِ تدبيرهِ بنَا وتأمينهِ على عملِنَا, ولنؤسسْ لأنفسِنَا حساباتٍ مكتملةِ العددِ, وسوفَ نُري المقابلَ كيفَ تكونَ الغيرةُ العربيةُ والصولةُ الهاشميةُ, لِنَستنقذَ مَا سُبي مِن أرضنَا وأُخْتُطِفَ مِن مالِنَا, ولنبرهنَ لِمَن هدمَ علينَا البيوتَ, واقتحمَ علينَا دورَ العبادةِ, وجعلَ السجونَ ملأى بإخوانِنَا, أننَا وطنيونَ عراقيونَ عربيونَ أقحاحاً, نفرطُ بالدمِ والحبيبِ والصديقِ والقريبِ والعزيزِ, ولا نُفرطُ بالمبدأ, ولنجعلهُ يُعيدُ حساباتهِ فينَا وفي وطنيتِنَا وإخلاصِنَا لأرضِنَا وبلدنَا, ولْنُعَلِمَهُ أصولَ النزالِ والخلافِ والإختلافِ, حتى يركنَ الى كلمةٍ سواءٍ أن لا نعبدَ إلا اللهَ تعالى, ونعيشَ جنباً الى جنبِ في بلدٍ لا يضيقُ بكثرةِ سكانهِ, ولا يعجزُ عن إكرامِ قاطنيهِ, فخيرهُ كثيرٌ, وعطاءُهُ مُستطيرٌ ...
وبالمقابلِ لنبرهنَ لَهُم -جميعاً- أنَّ لا شيءَ واقعٌ لا مُحالةٌ, ولا شيءَ يقعُ ضمنَ الحتمياتِ التي لا سُطانَ لنَا على تأخيرِهَا أومنعِ وقوعِهَا, إلا مَا كانَ مِن وعدِ اللهِ تعالى, وهو لا يُخلفُ الميعادُ, بل حتى مَا وردَ في المأثورِ أنهُ سيقعُ في آخرِ الزمانِ, محكومٌ بقولهِ تعالى : (ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ) الأنفال 53,
وقولهِ تعالى : (يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) الرعد 39,
وقولهِ تعالى : (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِم مِّن رَّبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ) المائدة 66 ...
فالحتمي والحتمياتُ والأخبارُ والآثارُ, والتي ليستْ مِن الوعدِ الصادقِ, يُمكن أن نُغيرهَا أونؤخرَ وقوعهَا, بشرطِ أن نعقدَ الهَمةَ والعزمَ, ونردفَ القولَ بالفعلِ, لِنَحْمِ بذلكَ أرضنَا وعرضنَا ومالنَا وأشْرَافَنَا, ولا نُقَدِمَهُم لقمةً سائغةً بينَ فكي الجُبنِ والتخاذلِ ...
#وأمَا :
في حالِ مَا لو إستقرأنَا الواقعَ ولملمنَا أطرافَ مَا يحدثُ, فإننَا على يقينٍ بأنَّ الدولةَ الكرديةَ بأقاليمِهَا الأربعةِ -كقدرٍ متيقنٍ- أو الخمسةِ أو الستةِ قائمةٌ لا محالةً, لأنَّ الحُلُمَ الكردي كَادَ يتحققُ مباشرةً بعدَ إنهيارِ الدولةِ العثمانيةِ بُعيدَ إنتهاءِ الحربِ العالميةِ الأولى مباشرةً !!!
ومِن خلالِ الإطلاعِ على إنشاءِ الدولِ الحديثةِ وتقسيماتِهَا, نستطيعُ أن نُجزمَ بأنَّ هذهِ الدولةَ لا تقومُ إلا على أنقاضِ بقايا الدولِ التي ستقامُ على أرضِهَا, وإلا لا أملَ في نشوءِ هذهِ الدولِ مطلقاً عن طريقِ الحواراتِ والتحركاتِ الدبلماسيةِ, لأنَّ الدولةَ الكرديةَ محاطةٌ بدولٍ ذاتَ قوى كبيرةٍ لا يُمكن الإستهانةِ بهَا ...
وأمَا رهانُ الدولِ الإقليميةِ على المقاطعاتِ الإقتصاديةِ والمروريةِ, فغيرُ صحيحةٍ على الإطلاقِ, لأنَّ الدولةَ الكُرديةَ ليستْ مِن الدولِ التي يُمكنُ مقاطعتهَا بعدَ إكتمالِ حدودِهَا, لأنَّ حدودَهَا ستكونُ أوسعُ بكثيرِ مِن حدودِ خارطةِ العراقِ الحديثِ, بل سوفَ تتمتعُ بحدودٍ لا يُمكن أن يحصلَ عليهَا حصاراً في المستقبلِ على الإطلاقِ, ولتفهمْ هذهِ النقطةِ تعالَ معي الى أقدمِ نصٍ أطلعتُ عليهِ والذ جاءَ على لسانِ #شريفِ_باشا العضو في جمعيةِ صعودِ كُردستانَ, والذي قالَ في مؤتمرِ باريسَ للسلامِ عامَ 1919, حيثُ قالَ : (تبدأ حدودُ كردستانَ -حسبُ وجهةِ النظرِ العرقيةِ- مِن الشمالِ من زيفانَ على حدودِ القوقازَ, ثم تتجهُ غرباً إلى أرضرومَ وأرزينجانَ وكيماخَ وأربغيرَ وبسني ودفريقي، ثم جنوباً حيثُ يتبعُ خطُ حرانَ جبلَ سنجارَ وتلَ الأصفرَ وأربيلَ والسليمانيةَ ثم سنانداجَ . وشرقاً رافاندزَ وباشقلعةَ ووزيرقلعةَ، وما يُسمى بالحدود الفارسيةِ حتى جبلِ أراراتَ) !!!
وحتى لو لَم يقتنعْ الحاضرونَ بهذهِ الحدودِ الواسعةِ التي قضمتْ أراضي تركيا وأرمينيا شمالاً, وإيران بكلِّ شريطِهَا الحدودي مع العراقِ شراقاً, والعراقَ وسوريا وتركيا مرةً أخرى جنوباً, لكنَ الكثيرَ مِن الكُردَ لم يرضوا بهذهِ الحدودِ, لأنَّهَا أخرجتْ الكثيرَ مِن مناطقِ سُكناهُم, لذا إقترحَ #أمينُ_بدرخان حدوداً جديداً تتضمنُ تلكَ التي لَم يحددهَا شريفُ باشا, وهي محافظةُ وَآن وأغري وموش التركيةِ الشرقيةِ بمحاذاتِ أرمينيا, مضافاً الى المطالبةِ بمقاطعةِ هتاي أو الإسكندرونةِ التركيةِ لضمانِ الحصولِ على المنفذِ البحري !!!
#وهنَا :
نسألُ السؤالَ التالي عن إمكانيةِ قيامِ الدولةِ الكردستانيةِ على أراضي أربعةِ دولٍ بدونِ حدوثِ إضطراباتٍ حقيقيةٍ على أرضِ المنطقةِ المُزمعِ إقامةِ الدولةِ الجديدةِ عليهَا, أم أنَّ المنطقةَ سَتصبحُ أرضُ تناطحاتٍ وتجاذباتٍ وإختلافاتٍ سياسيةٍ وعسكريةٍ وإقتصاديةٍ, بل وجحافِ جيوشٍ وعرباتٍ مدرعةٍ ومزمجرةٍ, وقواعدُ جويةٍ وصاروخيةٍ وعسكريةٍ, بل ومسرحٌ عالميٌ مِن مسارحِ أحداثِ آخرِ الزمانِ !!!
لذا فإذا كانتْ الولاياتُ المتحدةُ الأميركيةُ عازمةٌ على زرعِ الدولةِ الكُردستانيةِ في هذهِ المنطقةِ, طبقاً لمطالبِ المفاوضينِ شريفِ باشا و أمينِ بدرخانَ, فبالتأكيدِ سوفَ لا تسعى الى إقامةِ هذهِ الدولةِ بالطرقِ السلميةِ السياسيةِ التفاوضيةِ, بل لابدَ مِن إشعالِ فتيلِ الأزمةِ على حدودِ هذهِ الدولِ الأربعِ, والتي لم يبقَ مِنهَا إلا إثنتانِ فقطِ, همَا تركيا وإيرانُ, لتكتملْ حدودُ الدولةِ الكُردستانيةِ !!!
#ولكن :
بالرغمِ مِن الرغبةِ الأمميةِ لإنشاءِ دولةِ كُردستانَ, ولكن معاهدةَ لوزان عامَ 1920 لَم تؤيدْ إقامةِ هذهِ الدولةِ بحدودِهَا العرايضةِ, لأنَّهَا ستقتطعُ جزءاً كبيراً مِن شرقِ وجنوبِ تركيا, بالإضافةِ لإقتطاعِهَا جزءاً كبيراً مِن شمالي العراقِ وسوريا الواقعتينِ تحتَ الإنتدابِ الفرنسي, والمعروفِ آنَّ ذاكَ بهلالِ الخصيبِ !!!
هذهِ الأمورُ هي التي جعلتْ الإتفاقيةَ غيرَ قابلةٍ للتطبيقِ والموافقةِ, أي أنَّ إقامةِ هذهِ الدولةِ مبدئياً ليسَ عليهَا إشكالٌ, ولكنَ الإشكالَ في سعةِ حدودِ هذهِ الدولةِ, وعبرِهَا الى أماكنِ نفوذِ بريطانيا وفرنسا !!!
ونتيجةً لمعاهدةِ لوزانَ عامَ 1923 حيثُ قامتْ أطرافُ الإتفاقيةِ بضمِ الكثيرِ مِن المناطقِ والمدنِ الكبرى في شمالِ سوريا الى تركيا, وهي : مرسينُ وطرسوسُ وقيليقيةُ وأضنةُ وعنتابُ وكلسُ ومرعشُ واورفةُ وحرانُ وديارُ بكرٍ وماردينُ ونصيبينُ وجزيرةُ ابنُ عمرٍ, وهي الآن واقعةً تحتَ السلطةِ التركيا رسمياً, بينمَا في عامِ 1938 إقتطعتْ فرنسا مدينةَ الإسكندرونةِ مِن الأراضي السوريا, وأعطتهَا للجانبِ التركي أيضاً, مخالفةً بذلكَ كلَّ قوانينِ الإنتدابِ, التي تُلزمُ الطرفُ المُنْتَدِبُ بالحفاظِ على الأراضي المُنتَدَبةِ !!!
#لذا :
لا يُمكن التعويلُ على أيِّ إتفاقيةٍ مُبرمةٍ مع الجانبِ القوي الغربي, لأنَّ أسبابَ رفضِ وقبولِ التعاطي وبيعِ الأراضي, وتشكيلِ الدولِ على أساسِ المصلحةِ الغربيةِ, وهذا مَا لمسناهُ في الإتفاقياتِ التي عقبتْ الحربينِ العالميتينِ الأولى والثانيةِ, وعدمُ التعويلِ هذا متفقٌ عليهِ ومتعارفٌ عليهِ بينَ جميعِ السياسيينَ, فالإطئنانُ الذي شعرَ بهِ الكُردُ بعدَ معاهدةِ سيفر 1920, لَم يستمرْ أكثرَ مِن ثلاثِ سنواتٍ, حتى شعرَ الكُردُ بالإحباطِ مرةً أخرى بعدَ إبرامِ معاهدةِ لوزانِ الثانيةِ عامَ 1923, حيثُ جعلتْ حقَ تقريرِ المصيرِ مِن قبلِ الكُردِ, يتغيرُ الى وجوبِ إحترامِ الأقلياتِ ومَنحِهِم الحمايةِ التامةِ, مِن دونِ أن يُذكرَ للكردِ لفظٌ ولا أسمٌ !!!
طبعاً اللعبُ على وترِ الدبلماسيةِ لا يَتمُ إلا على أنقاضِ الدولِ المستقرةِ والقويةِ دبلماسياً, فلذا نلاحظُ أنَّ الإنهياراتِ الأمنيةِ التي حصلتْ في العراقِ, وبالخصوصِ في المناطقِ الغربيةِ, والإنهياراتِ التي حصلتْ في عمومِ سوريا, صاحبتْهَا إنهياراتٌ سياسيةٌ ودبلماسيةٌ واقتصاديةٌ في الجارتينِ تركيا وإيرانَ معاً, وهذهِ الإنهياراتُ مقدمةٌ ضروريةٌ لإنهيارِ البلدينِ عسكرياً في القريبِ العاجلِ ...
فالمشروعُ الأميركي في المنطقةِ, يختلفُ إختلافاً كبيراً عن المشروعينِ البريطاني والفرنسي السابقينِ, فالحكومةُ الأميركيةُ غيرُ معنيةٍ مطلقاً بالإتفاقياتِ والتحركاتِ الدبلماسيةِ, بل سعتْ بعدَ إنهاءِ الملفِ الكردي العراقي, الى التأسيسِ الى الدولةِ الكرديةِ في شمالِ سوريا, مِن خلالِ دعمِ القواتِ الكُرديةِ BYD, وتقديمِهَا على الدولةِ التركيةِ ومصالِحِهَا في المنطقةِ ...
لأنَّ إكمالَ مسكِ الأرضِ مِن قبلِ القواتِ الكُرديةِ السوريةِ وعلى طولِ الشمالِ السوري, سوفَ يُأمنُ التواصلَ العالمي للإقليمينِ الكُرديينِ العراقي والسوري عبرَ ساحلِ البحرِ المتوسطِ, وهذهِ الخطوةُ قد شعرتْ بهَا الحكومةُ التركيةُ منذُ البدايةِ, عندمَا حاولتْ السيطرةَ على محافظةِ أدلبِ السوريا, لأنَّهَا واقعةٌ بطريقِ إكمالِ الدولةِ نحو الساحلِ !!!
وطبعاً أنَّ سيناريو المطالبةِ بساحلِ البحرِ المتوسطِ مِن قبلِ الكُردِ ليسَ جديداً, بل أنَّ #أمين_بدرخان قد طالبَ بذلكَ منذُ البدايةِ, لأنَّهُ على علمٍ وإطلاعٍ بأنَّ الممرَ المائي يضمنُ التواصلَ مع العالمِ, وكمَا بينَا ذلكَ سابقاً !!!
#وهنَا :
لابدَ مِن الإلتفاتِ أنَّ أميركا عازمةٌ على إكمَالِ مشروعِهَا في المنطقةِ, بطريقةٍ ذكيةٍ جداً, مِن خلالِ إستمرارِ دعمِ لقواتِ الكرديةِ السوريةِ, ولذا لا ينفعُ معَ تقدمِ هذهِ القواتِ اللعبُ على ورقةِ الشطرنجِ, مِن توقعِ التحركاتِ وغلقِ الأماكنِ الشاغرةِ المُتوقعةِ أن يشغلهَا العدو, بل لابدَ مِن أن تكونُ التحركاتُ أكثرُ صراحةً وجرأةً هذهِ المرةِ, لأنَّ الوقتَ ليسَ مِن صالحِ المنطقةِ بأسرِهَا, واللعبُ على الوقتِ لا يستفادُ منهُ إلا الجانبُ الأميركي في إكمَالِ مشروعهِ, وفرضِ الأمرِ الواقعِ والتفاوضِ عليهِ !!!
#وهنَا :
أذكرُ في المقامِ بعضِ المواردِ الشرعيةِ, مَا بينَ حديثٍ وأثرٍ وشرحٍ, والذي يُؤيدُ الكثيرَ ممَا طرحناهُ في المقالِ, سآئلاً اللهَ تعالى أن يقيني وأياكُم شرَ الأشرارِ وكيدَ الفجارِ وطوارقَ الليلِ والنهارِ, مِنَها مَا جاءَ عن :
1- أميرُ المؤمنينَ عليهِ السلامُ : ( ... في سنةِ إظهارِ غيبةِ المتغيبِ مِن ولدي, صاحبِ الرايةِ الحمراءِ، والعلمِ الأخضرِ، .... ذلكَ يومٌ فيهِ صيلمُ الأكرادَ والشراة، وخرابُ دارِ الفراعنةِ ...) ...
2- عن علي بنِ ابى طالبٍ (عليهِ السلامُ) : (.. ثم يظهرُ برأسِ العينِ رجلٌ أصفرُ اللونِ, على رأسِ القنطرةِ, فيقتلُ عليها سبعينَ ألفَ صاحبٍ محلا, و ترجعُ الفتنةُ إلى العراقِ ....... قالوا : يا أميرَ المؤمنينَ بينَ لنَا أينَ يخرجُ هذا الأصفرُ ؟؟ و صفْ لنَا صفتهُ ؟؟
فقالَ ( عليهِ السلامُ ) : (أصفهُ لكُم : ..... وهو شيخٌ كبيرٌ كرديٌ بهيٌ طويلُ العمرِ تدينُ لهُ ملوكُ الرومِ ..... وترجعُ الفتنةُ الى الزوراءِ, فيقتلُ بعضهُم بعضاً, ثم تنتهي الفتنةُ فلا يبقى غيرُ خليفتينِ يهلكانِ في يومٍ واحدٍ, فيتقلُ أحدهُمَا في الجانبِ الغربي والآخرُ في الجانبِ الشرقي) ...
3- عن الشيخِ محي الدينِ في العلائمِ : ( ... يا وقعةَ لملوكِ الأرضِ أجمعَهَا, رومٌ وروسٌ وإفرنجٌ وبطراقٌ, ويلُ الأعاجمِ من ويلٍ يحلُ بهِم ..... وتملكُ الكردُ بغدادَ وساحتَهَا إلى خراسانَ من شرقِ العراقِ ....) ....
#وأسألكُم_الدعاءَ ...
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,(الدكتور مهند جاسم الحسيني)
لا بأسَ أن نُكَرِرَ الرغبةَم الحقيقيةَ في فَتحِ مركزٍ تخصصي يوازي المراكزَ العالميةَ في الجَمْعِ والتنقيبِ عَن مَا يَخصُ التحركاتِ السياسيةِ المُعاصرةِ, بحثاً عن جذورِ الإختلافِ والخلافِ في وجهاتِ النظرِ بينَ الفرقاءِ, لأنَّ هكذا مراكزَ سَتُأمنُ لنَا جيلاً كاملاً ومعاصراً يستطيعُ أن يَجِدَ الجوابَ الشافي وفي أقصرِ الأوقاتِ في الحالاتِ الضروريةِ المُلحةِ ...
لأنَّ الإكتفاءَ بالتحليلاتِ السياسيةِ والأمنيةِ, باتَ أمراً غيرَ نافعٍ مطلقاً, أمامَ تلكَ المراكزِ البحثيةِ العالميةِ, بحيثُ جمعتْ لنفسهَا الملايينَ مِن المخطوطاتِ والمؤيداتِ والآثارِ التي تُثبتُ مَا تدعيهِ لنفسِهَا, بحيثُ أنَّهَا تتمكنُ أن تُقنِعَ أيَّ فردٍ كانَ وبغضونِ دقائقٍ قلائلٍ, بل أنَّهَا بدأتْ تُرَوِجُ لِنفسِهَا وفكريهَا عالمياً, لتسيطرَ على أفكارَ الآخرينَ ومشاعرهِم, وتحددُ طريقةَ تفكيرِهِم, بحيثُ ترى أنَّ مَا تدعيهُ في المستقبلِ يجدُ آذاناً صاغيةً لهَا وبإنصاتٍ !!!
إذن أنَّ خطرَ عدمِ التفكيرِ في فتحِ هكذا مراكزِ بحثيةٍ, سوفَ يُأثرُ على عقيدةِ أبنائنَا في المستقبلِ, وعلى كيفيةِ تفكيرهِم ونظرهِم الى الأمورِ, بل وعلى العقيدةِ المرتبطةِ بالأرضِ والوطنِ والشعبِ, لأنَّ السياسةَ المرسومةَ للشعوبِ خطرةٌ جداً, وتستهدفُ كلَّ ركيزةٍ مِن ركائزِ التفكيرِ والتحليلِ والنظرِ, بحيثُ أنَّ الكثيرَ مِن البديهياتِ التي كنَا نؤمنُ بهَا قبلَ عشرةِ سنواتٍ, باتتْ مِن الأمورِ النظريةِ المحتاجةِ الى برهانِ وإثباتٍ, بل الكثيرُ مِن البديهياتِ التي آمنَا بهَا في ستينياتِ القرنِ المُنصرمِ, قد تَمَ رفضُهَا في السنواتِ الأخيرةِ, حتى وصِفَ أصحابُهَا والمؤمنونَ بِبَدِهِيتِهَا بالرجعيةِ والتخلفِ والجهلِ !!!
فمثلاً, عندمَا أتابعُ بعضَ المواقعِ والمنتدياتِ وبعضَ صفحاتِ التواصلِ الإجتماعي الإسرائيلةِ مثلاً, مِن خلالِ قراءةِ المنشورِ والتعليقاتِ عليهِ, ألاحظُ الصعوبةَ التي يُواجههَا أبناءُ فلسطينَ ومصرَ ولبنانَ في إثباتِ عربيةِ أرضِ فلسطينَ, بل بدا مَا هو بديهي قبلَ بضعةِ سنينَ, نظرياً وفكرياً ومُحتاجاً الى دليلٍ وبرهانٍ الآن, خصوصاً مع ظهورِ جيلٍ جديدٍ لا يَجدُ مِن الكُتابِ والمحللينَ والمؤلفينَ مَا يوفرُ لهُ المادةَ العلميةَ لفهمِ الأمورِ, لذا يكونُ مضطراً الى الإستقاءِ والحُكمِ على الكثيرِ مِن الأشياءِ مِن خلالِ طريقتهِ في التفكيرِ التي إستقاهَا مِن البرامجِ المُعَدَةِ مِن تلكَ المراكزِ البحثيةِ العالميةِ, والتي تربى جيلاً كاملاً على موائدِهَا !!!
والطامةُ الكبرى, والمصيبةُ العظمى, عندمَا ترى الشابَ العربي المسلمَ يُخْضِعُ كلَّ مسألةٍ الى تفكيرهِ الخاصِ, حتى لو لَم تكن تلكَ المسألةُ مِن مَا يَحكمُ بهَا أمثالهُ, بل تعلمَ أن يكونَ لهُ رأياً في كلِّ مسألةٍ, حتى لو خرجتْ عن تخصصهِ وبينَهُمَا بونٌ شاسعٌ, بل حتى لو أنَّ المسألةَ كانتْ ممَا لاتقبلُ التفكيرَ والرأيَ مطلقاً !!!
#وهنَا :
لابأسَ أن أدعُ البعضَ مِن المهتمينَ أن يُجروا إستفتاءاً إلكترونياً عاماً, ويسألونَ الناسَ خلالَهُ عن حقانيةِ القضيةِ الفلسطينيةِ, وحقانيةِ جهادِهِم مِن أجلِ أرضِهِم ومقدساتِهِم, وأنظروا الجوابَ والتبريرَ عليهِ, ستلاحظونَ أنَّ أرقاماً مرعبةً, ونسباً كبيرةً, تبررُ الفعلَ الصهيوني بأرضِ العربِ, وتحرضَهُم للدفاعِ عن أنفسِهِم ضدَ أهلِ الأرضِ الأصلاءِ, وكيفَ أنَّ الكثيرَ مِن المعلقينَ والمحللينَ سوفَ يعطونَ الحقَ لليهودِ لبناءِ دولتِهُم على أرضِ العربِ, وبأدلةٍ لا يُمكن وصفُهَا بوهنِ بيتِ العنكبوتِ, لا لشيءٍ سوى أنَّ أحدَ طرائقِ التفكيرِ عندَ الشابِ المسلمِ العربي, والتي إستقاهَا مِن المراكزِ البحثيةِ تلكَ, أن تُعطي رأيكَ ووجهةَ نظركِ بحسبِ رؤيتكَ للأشياءِ, بعيداً كلَّ البعدِ عن التخصصِ والتمرسِ والبحثِ في المسألةِ !!!
وهنَا سوفَ ترونَ بأمِ أعينكِم كيفَ أنحدرَ التفكيرُ الى هاويةِ الجهلِ والغباءِ والسذاجةِ التي لا يُمكن الصبرُ وسكوتُ عليهَا, لأنَّ هؤلاءِ سيصلونَ الى مرحلةِ تشكيلِ الأغلبيةِ والأكثريةِ بالمفهومِ السياسي الحديثِ, والذي سيصبحُ صوتهُ مسموعاً بحسبِ القانونِ العالمي, وعندَها لا يبقى حجرٌ على حجرٍ, ولا ركنَ أساسٌ, ولا ركيزةَ يُمكنُ الإحتكامُ عندهَا, بل مِن الممكنِ أن تصبحَ البلدانُ العربيةُ -بهذا المستوى مِن التفكيرِ- بعددِ القبائلِ والطوائفِ والمللِ والنحلِ, بل تحتَ إذكاءِ أوارِ التخلي عن المبدأ والشعورِ بالآخرينِ, وعيشِ همومِهِم, سوفَ تتشكلُ بلدانٌ على أساسِ فردينِ مِن ذكرٍ وأنثى, وصبي وصبيةٍ, وعشيقٍ ومعشوقةٍ, تجسيداً لقولِ الشاعرِ :
فليتكَ تحلو والحياةُ مريرةٌ
وليتكَ ترضى والأنامُ غضابُ
وليتَ الذي بيني وبينكَ عامرٌ
وبيني وبينَ العالمينَ خرابُ
إذا صحَ منكَ الودُ فالكلُّ هينٌ
وكلُّ الذي فوقَ الترابِ ترابُ
#وهنَا :
لابدَ لنَا مِن أن نقابلَ تلكَ الهجمةِ الشرسةِ, التي جعلتْ خفافَ العقولِ وسرابيتَ القومِ والروبيضةَ, يعتقدونَ ويؤمنونَ أنَّ للناسِ حقٌ في تقريرِ مصيرِ البشريةِ جمعاءَ, بل والتصويتِ بالنيابةِ عنِ الأجيالِ, الذينَ كَان مِن اللازمِ أن يعيشوا بلا حدودٍ تفصلهُم, ولا جيوشَ تَمنعهُم أن يطلبوا العيشَ والإسترزاقَ في ربوعِ أرضِ اللهِ تعالى الواسعةِ !!!
ويجبُ أن نُرَسِخَ في أذهانِ الناسِ, أنَّ تقريرَ المصيرِ, وتقسيمَ الأرضِ, وغلقَ المنابعِ ومنعَ الخيراتِ, فرعٌ لإمتلاكِ الشيءِ, فمتى مَا أقاموا الدليلَ بأنَّ الأرضَ ملكٌ لساكنيهَا, وأنَّ الملكَ مُلكٌ حقيقي وليسَ إعتباري وعرفي وإتفاقي, عندَهَا فكمَا لَهُم أن يقسموا البلادَ, ويحجموا حركةَ العبادَ, ويُطبقوا على السكانِ إطباقَ السجنِ, لَهُم أن يَبِعوهَا لِمَن شاؤا وبأبخسِ الأثمانِ, دراهمَ معدوداتٍ !!!
أمَا في حالةِ لو أمنَا أننَا نملكُ الأرضَ إستملاكاً إعتبارياً عرفياً إتفاقياً, بل ونملكهَا بالتصويتِ على قانونٍ أو قرارٍ اليومَ, وتخرجُ مِنَا بنفسِ الإجراءِ التصويتِ, فلا يُمكن أن نقولَ بأننَا نملكُ شبراً واحداً إستملاكاً حقيقياً, بل أنَّ مَا يُنسبُ لنَا مِن الإستملاكِ, نسبةً غيرَ صحيحةٍ على الإطلاقِ, وعندهَا كيفَ نملكُ الحقَ والخيارَ والإمكانيةَ على التقسيمِ والفدرلةِ والتشظيةِ لأرضٍ وملكٍ ليسَ لنَا ولا يُحسَبُ مِن أملاكنَا ؟!!!
#نعم :
بهذهِ الطريقةِ وبهذا البرهانَ والإستدلالِ, نتمكنُ مِن أن نُخْرِسَ أفواهً طالمَا لاكتْ بقانونيةِ تقريرِ المصيرِ, وحقانيةِ تقسيمِ وفدرلةِ البلادِ والعبادِ, بل حتى أولئكَ الرموزِ الذينَ برروا إمكانيةَ أو أهميةَ وضرورةَ إجراءِ الفيدرالياتِ, لَم يستطيعوا أن يُقدموا البرهانَ الشرعي والديني والإخلاقي على أحقيتِهِم بذلكَ, بل أنَّ الفتوى صدرتْ مِن المصدرِ التشريعي الجديدِ, الذي لَم يذكروهُ في كتبهِم الإستداليةِ الفقهيةِ, ولَم يطرحوا حجيتهُ في أبحاثِهِم الأصوليةِ, بعدَ أن ذكروا وأثبتوا وشرعوا كتابَ اللهِ تعالى وسنةَ النبي وأهلِ بيتهِ (عليهِم الصلاةُ والسلامُ) والإجماعَ والعقلَ, لكنَ هنالكَ أصلٌ تشريعيٌ خفي, وهو أكثرُ الأصولِ حاكميةً على الأربعِ الباقياتِ, بل أنَّ إحتماليةَ هذا الأصلِ يُعارضُ ثباتَ أيٍّ مِن الأصولِ الأربعةِ, ألآ وهو المصلحةُ الشخصيةُ والمنفعةُ الذاتيةُ, التي أُسْتُدِلَ مِن خلالِهَا شرعيةُ الفيدرالياتِ وتقريرُ المصيرِ !!!
لذا لا ترى أنَّ هؤلاءِ المُتسلطينَ الدينيينَ على رقابِ الناسِ قد أقاموا البرهانَ والدليلَ على إمكانيةِ إقامةِ الفيدرالياتِ مِن الأصولِ التشريعيةِ الأربعةِ, بل أنَّ كلَّ مَا أقاموهُ فقط وفقط المصالحَ الشهواتِ ووهمَ الراحةِ والترفِ, وهذا يدلُ -عندَهُم- على حجيةِ وأصوليةِ هذا المصدرِ الخامسِ, بل وحاكميتهِ على باقي الأدلةِ !!!
بل أنَّ نفسَ الأصلِ الخامسِ, والحاكمِ الشرعي على باقي الأصولِ التشريعيةِ, رفضَ ويرفضُ كلَّ فيدراليةٍ أو حقَ شعبٍ في تقريرِ مصيرهِ في الإستقلالِ وتشكيلِ دولَتِهِم الموعودةِ, لا لشيءٍ سوى أنَّ المصلحةَ التي رغبتْ في تقسيمِ العراقِ جنوباً, رفضتْ تقسيمهُ شمالاً وغرباً, والمكاسبَ الشخصيةَ المُتْرَتِبَ على فيدرالياتِ الجنوبِ, لا تتحققُ في فيدرالياتِ الشمالِ والغربِ, لذا ترى أنَّ المصلحةَ تُملي عليهِ أن يقبلَ ذاكَ ويرفضَ هذا, ويقدمُ هذا على ذاكَ, بحسبِ هذا الأصلِ التشريعي غيرِ المُعلنِ عنهُ في أبحاثِهِم الأصوليةِ والفقهيةِ, فلا تجدَ لَهُم موقفاً ثابتاً, ولا تصريحاً يُمكن أن يُعَوَلُ عليهِ مطلقاً, وهؤلاءِ أحقُ بالقولِ الواردِ عن الإمامِ الحسينِ بنِ علي بنِ أبي طالبٍ (عليهِم الصلاةُ والسلامُ) : (النَّاسُ عَبِيدُ الدُّنْيَا ، وَ الدِّينُ لَعِقٌ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ ، يَحُوطُونَهُ مَا دَرَّتْ مَعَايِشُهُمْ ، فَإِذَا مُحِّصُوا بِالْبَلَاءِ قَلَّ الدَّيَّانُون) ...
#فبعدَ :
أن غسلنَا أيدِنَا مِن المرافقِ مِن الإستفادةِ والإستشهادِ بمواقفِ رجالِ الدينِ, الذينَ باتتْ رائحةُ فسادِ واحدِهِم أنتنَ مِن الساسةِ مجتمعينَ, فلابدَ أن نعقدَ النيةِ ونضاعفَ العملِ ونبذلَ الجُهدَ الجهيدَ في سبيلِ أن نَقلبَ الطاولةَ على رؤوسِ أربابِ هذهِ المشاريعِ, ونحيلَ دونَ وصولِ هؤلاءِ الفاسدينَ المنافقينَ الى مصالحِهِم الشخصيةِ, مِن خلالِ المجادلةِ والمناظرةِ بالحُسنى, بحيثُ لا نخرجَ مِن المغررِ بهِم إلا وقد زعزعنَا إيمانهُ المفرطَ بنفسهِ وعقلهِ, وأثبتنَا لهُ ولغيرهِ أن لا حكمَ على الأرضِ ولا قدرةَ لأحدٍ على ترسيمِ حدودِهَا إلا مَن يرى المستقبلَ بعيني الحاضرِ, ويُشخصَ الواقعَ مِن تجاربِ السابقِ ...
هيا ...
لِننطلقْ على بركةِ اللهِ تعالى وحسنِ تدبيرهِ بنَا وتأمينهِ على عملِنَا, ولنؤسسْ لأنفسِنَا حساباتٍ مكتملةِ العددِ, وسوفَ نُري المقابلَ كيفَ تكونَ الغيرةُ العربيةُ والصولةُ الهاشميةُ, لِنَستنقذَ مَا سُبي مِن أرضنَا وأُخْتُطِفَ مِن مالِنَا, ولنبرهنَ لِمَن هدمَ علينَا البيوتَ, واقتحمَ علينَا دورَ العبادةِ, وجعلَ السجونَ ملأى بإخوانِنَا, أننَا وطنيونَ عراقيونَ عربيونَ أقحاحاً, نفرطُ بالدمِ والحبيبِ والصديقِ والقريبِ والعزيزِ, ولا نُفرطُ بالمبدأ, ولنجعلهُ يُعيدُ حساباتهِ فينَا وفي وطنيتِنَا وإخلاصِنَا لأرضِنَا وبلدنَا, ولْنُعَلِمَهُ أصولَ النزالِ والخلافِ والإختلافِ, حتى يركنَ الى كلمةٍ سواءٍ أن لا نعبدَ إلا اللهَ تعالى, ونعيشَ جنباً الى جنبِ في بلدٍ لا يضيقُ بكثرةِ سكانهِ, ولا يعجزُ عن إكرامِ قاطنيهِ, فخيرهُ كثيرٌ, وعطاءُهُ مُستطيرٌ ...
وبالمقابلِ لنبرهنَ لَهُم -جميعاً- أنَّ لا شيءَ واقعٌ لا مُحالةٌ, ولا شيءَ يقعُ ضمنَ الحتمياتِ التي لا سُطانَ لنَا على تأخيرِهَا أومنعِ وقوعِهَا, إلا مَا كانَ مِن وعدِ اللهِ تعالى, وهو لا يُخلفُ الميعادُ, بل حتى مَا وردَ في المأثورِ أنهُ سيقعُ في آخرِ الزمانِ, محكومٌ بقولهِ تعالى : (ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ) الأنفال 53,
وقولهِ تعالى : (يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) الرعد 39,
وقولهِ تعالى : (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِم مِّن رَّبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ) المائدة 66 ...
فالحتمي والحتمياتُ والأخبارُ والآثارُ, والتي ليستْ مِن الوعدِ الصادقِ, يُمكن أن نُغيرهَا أونؤخرَ وقوعهَا, بشرطِ أن نعقدَ الهَمةَ والعزمَ, ونردفَ القولَ بالفعلِ, لِنَحْمِ بذلكَ أرضنَا وعرضنَا ومالنَا وأشْرَافَنَا, ولا نُقَدِمَهُم لقمةً سائغةً بينَ فكي الجُبنِ والتخاذلِ ...
#وأمَا :
في حالِ مَا لو إستقرأنَا الواقعَ ولملمنَا أطرافَ مَا يحدثُ, فإننَا على يقينٍ بأنَّ الدولةَ الكرديةَ بأقاليمِهَا الأربعةِ -كقدرٍ متيقنٍ- أو الخمسةِ أو الستةِ قائمةٌ لا محالةً, لأنَّ الحُلُمَ الكردي كَادَ يتحققُ مباشرةً بعدَ إنهيارِ الدولةِ العثمانيةِ بُعيدَ إنتهاءِ الحربِ العالميةِ الأولى مباشرةً !!!
ومِن خلالِ الإطلاعِ على إنشاءِ الدولِ الحديثةِ وتقسيماتِهَا, نستطيعُ أن نُجزمَ بأنَّ هذهِ الدولةَ لا تقومُ إلا على أنقاضِ بقايا الدولِ التي ستقامُ على أرضِهَا, وإلا لا أملَ في نشوءِ هذهِ الدولِ مطلقاً عن طريقِ الحواراتِ والتحركاتِ الدبلماسيةِ, لأنَّ الدولةَ الكرديةَ محاطةٌ بدولٍ ذاتَ قوى كبيرةٍ لا يُمكن الإستهانةِ بهَا ...
وأمَا رهانُ الدولِ الإقليميةِ على المقاطعاتِ الإقتصاديةِ والمروريةِ, فغيرُ صحيحةٍ على الإطلاقِ, لأنَّ الدولةَ الكُرديةَ ليستْ مِن الدولِ التي يُمكنُ مقاطعتهَا بعدَ إكتمالِ حدودِهَا, لأنَّ حدودَهَا ستكونُ أوسعُ بكثيرِ مِن حدودِ خارطةِ العراقِ الحديثِ, بل سوفَ تتمتعُ بحدودٍ لا يُمكن أن يحصلَ عليهَا حصاراً في المستقبلِ على الإطلاقِ, ولتفهمْ هذهِ النقطةِ تعالَ معي الى أقدمِ نصٍ أطلعتُ عليهِ والذ جاءَ على لسانِ #شريفِ_باشا العضو في جمعيةِ صعودِ كُردستانَ, والذي قالَ في مؤتمرِ باريسَ للسلامِ عامَ 1919, حيثُ قالَ : (تبدأ حدودُ كردستانَ -حسبُ وجهةِ النظرِ العرقيةِ- مِن الشمالِ من زيفانَ على حدودِ القوقازَ, ثم تتجهُ غرباً إلى أرضرومَ وأرزينجانَ وكيماخَ وأربغيرَ وبسني ودفريقي، ثم جنوباً حيثُ يتبعُ خطُ حرانَ جبلَ سنجارَ وتلَ الأصفرَ وأربيلَ والسليمانيةَ ثم سنانداجَ . وشرقاً رافاندزَ وباشقلعةَ ووزيرقلعةَ، وما يُسمى بالحدود الفارسيةِ حتى جبلِ أراراتَ) !!!
وحتى لو لَم يقتنعْ الحاضرونَ بهذهِ الحدودِ الواسعةِ التي قضمتْ أراضي تركيا وأرمينيا شمالاً, وإيران بكلِّ شريطِهَا الحدودي مع العراقِ شراقاً, والعراقَ وسوريا وتركيا مرةً أخرى جنوباً, لكنَ الكثيرَ مِن الكُردَ لم يرضوا بهذهِ الحدودِ, لأنَّهَا أخرجتْ الكثيرَ مِن مناطقِ سُكناهُم, لذا إقترحَ #أمينُ_بدرخان حدوداً جديداً تتضمنُ تلكَ التي لَم يحددهَا شريفُ باشا, وهي محافظةُ وَآن وأغري وموش التركيةِ الشرقيةِ بمحاذاتِ أرمينيا, مضافاً الى المطالبةِ بمقاطعةِ هتاي أو الإسكندرونةِ التركيةِ لضمانِ الحصولِ على المنفذِ البحري !!!
#وهنَا :
نسألُ السؤالَ التالي عن إمكانيةِ قيامِ الدولةِ الكردستانيةِ على أراضي أربعةِ دولٍ بدونِ حدوثِ إضطراباتٍ حقيقيةٍ على أرضِ المنطقةِ المُزمعِ إقامةِ الدولةِ الجديدةِ عليهَا, أم أنَّ المنطقةَ سَتصبحُ أرضُ تناطحاتٍ وتجاذباتٍ وإختلافاتٍ سياسيةٍ وعسكريةٍ وإقتصاديةٍ, بل وجحافِ جيوشٍ وعرباتٍ مدرعةٍ ومزمجرةٍ, وقواعدُ جويةٍ وصاروخيةٍ وعسكريةٍ, بل ومسرحٌ عالميٌ مِن مسارحِ أحداثِ آخرِ الزمانِ !!!
لذا فإذا كانتْ الولاياتُ المتحدةُ الأميركيةُ عازمةٌ على زرعِ الدولةِ الكُردستانيةِ في هذهِ المنطقةِ, طبقاً لمطالبِ المفاوضينِ شريفِ باشا و أمينِ بدرخانَ, فبالتأكيدِ سوفَ لا تسعى الى إقامةِ هذهِ الدولةِ بالطرقِ السلميةِ السياسيةِ التفاوضيةِ, بل لابدَ مِن إشعالِ فتيلِ الأزمةِ على حدودِ هذهِ الدولِ الأربعِ, والتي لم يبقَ مِنهَا إلا إثنتانِ فقطِ, همَا تركيا وإيرانُ, لتكتملْ حدودُ الدولةِ الكُردستانيةِ !!!
#ولكن :
بالرغمِ مِن الرغبةِ الأمميةِ لإنشاءِ دولةِ كُردستانَ, ولكن معاهدةَ لوزان عامَ 1920 لَم تؤيدْ إقامةِ هذهِ الدولةِ بحدودِهَا العرايضةِ, لأنَّهَا ستقتطعُ جزءاً كبيراً مِن شرقِ وجنوبِ تركيا, بالإضافةِ لإقتطاعِهَا جزءاً كبيراً مِن شمالي العراقِ وسوريا الواقعتينِ تحتَ الإنتدابِ الفرنسي, والمعروفِ آنَّ ذاكَ بهلالِ الخصيبِ !!!
هذهِ الأمورُ هي التي جعلتْ الإتفاقيةَ غيرَ قابلةٍ للتطبيقِ والموافقةِ, أي أنَّ إقامةِ هذهِ الدولةِ مبدئياً ليسَ عليهَا إشكالٌ, ولكنَ الإشكالَ في سعةِ حدودِ هذهِ الدولةِ, وعبرِهَا الى أماكنِ نفوذِ بريطانيا وفرنسا !!!
ونتيجةً لمعاهدةِ لوزانَ عامَ 1923 حيثُ قامتْ أطرافُ الإتفاقيةِ بضمِ الكثيرِ مِن المناطقِ والمدنِ الكبرى في شمالِ سوريا الى تركيا, وهي : مرسينُ وطرسوسُ وقيليقيةُ وأضنةُ وعنتابُ وكلسُ ومرعشُ واورفةُ وحرانُ وديارُ بكرٍ وماردينُ ونصيبينُ وجزيرةُ ابنُ عمرٍ, وهي الآن واقعةً تحتَ السلطةِ التركيا رسمياً, بينمَا في عامِ 1938 إقتطعتْ فرنسا مدينةَ الإسكندرونةِ مِن الأراضي السوريا, وأعطتهَا للجانبِ التركي أيضاً, مخالفةً بذلكَ كلَّ قوانينِ الإنتدابِ, التي تُلزمُ الطرفُ المُنْتَدِبُ بالحفاظِ على الأراضي المُنتَدَبةِ !!!
#لذا :
لا يُمكن التعويلُ على أيِّ إتفاقيةٍ مُبرمةٍ مع الجانبِ القوي الغربي, لأنَّ أسبابَ رفضِ وقبولِ التعاطي وبيعِ الأراضي, وتشكيلِ الدولِ على أساسِ المصلحةِ الغربيةِ, وهذا مَا لمسناهُ في الإتفاقياتِ التي عقبتْ الحربينِ العالميتينِ الأولى والثانيةِ, وعدمُ التعويلِ هذا متفقٌ عليهِ ومتعارفٌ عليهِ بينَ جميعِ السياسيينَ, فالإطئنانُ الذي شعرَ بهِ الكُردُ بعدَ معاهدةِ سيفر 1920, لَم يستمرْ أكثرَ مِن ثلاثِ سنواتٍ, حتى شعرَ الكُردُ بالإحباطِ مرةً أخرى بعدَ إبرامِ معاهدةِ لوزانِ الثانيةِ عامَ 1923, حيثُ جعلتْ حقَ تقريرِ المصيرِ مِن قبلِ الكُردِ, يتغيرُ الى وجوبِ إحترامِ الأقلياتِ ومَنحِهِم الحمايةِ التامةِ, مِن دونِ أن يُذكرَ للكردِ لفظٌ ولا أسمٌ !!!
طبعاً اللعبُ على وترِ الدبلماسيةِ لا يَتمُ إلا على أنقاضِ الدولِ المستقرةِ والقويةِ دبلماسياً, فلذا نلاحظُ أنَّ الإنهياراتِ الأمنيةِ التي حصلتْ في العراقِ, وبالخصوصِ في المناطقِ الغربيةِ, والإنهياراتِ التي حصلتْ في عمومِ سوريا, صاحبتْهَا إنهياراتٌ سياسيةٌ ودبلماسيةٌ واقتصاديةٌ في الجارتينِ تركيا وإيرانَ معاً, وهذهِ الإنهياراتُ مقدمةٌ ضروريةٌ لإنهيارِ البلدينِ عسكرياً في القريبِ العاجلِ ...
فالمشروعُ الأميركي في المنطقةِ, يختلفُ إختلافاً كبيراً عن المشروعينِ البريطاني والفرنسي السابقينِ, فالحكومةُ الأميركيةُ غيرُ معنيةٍ مطلقاً بالإتفاقياتِ والتحركاتِ الدبلماسيةِ, بل سعتْ بعدَ إنهاءِ الملفِ الكردي العراقي, الى التأسيسِ الى الدولةِ الكرديةِ في شمالِ سوريا, مِن خلالِ دعمِ القواتِ الكُرديةِ BYD, وتقديمِهَا على الدولةِ التركيةِ ومصالِحِهَا في المنطقةِ ...
لأنَّ إكمالَ مسكِ الأرضِ مِن قبلِ القواتِ الكُرديةِ السوريةِ وعلى طولِ الشمالِ السوري, سوفَ يُأمنُ التواصلَ العالمي للإقليمينِ الكُرديينِ العراقي والسوري عبرَ ساحلِ البحرِ المتوسطِ, وهذهِ الخطوةُ قد شعرتْ بهَا الحكومةُ التركيةُ منذُ البدايةِ, عندمَا حاولتْ السيطرةَ على محافظةِ أدلبِ السوريا, لأنَّهَا واقعةٌ بطريقِ إكمالِ الدولةِ نحو الساحلِ !!!
وطبعاً أنَّ سيناريو المطالبةِ بساحلِ البحرِ المتوسطِ مِن قبلِ الكُردِ ليسَ جديداً, بل أنَّ #أمين_بدرخان قد طالبَ بذلكَ منذُ البدايةِ, لأنَّهُ على علمٍ وإطلاعٍ بأنَّ الممرَ المائي يضمنُ التواصلَ مع العالمِ, وكمَا بينَا ذلكَ سابقاً !!!
#وهنَا :
لابدَ مِن الإلتفاتِ أنَّ أميركا عازمةٌ على إكمَالِ مشروعِهَا في المنطقةِ, بطريقةٍ ذكيةٍ جداً, مِن خلالِ إستمرارِ دعمِ لقواتِ الكرديةِ السوريةِ, ولذا لا ينفعُ معَ تقدمِ هذهِ القواتِ اللعبُ على ورقةِ الشطرنجِ, مِن توقعِ التحركاتِ وغلقِ الأماكنِ الشاغرةِ المُتوقعةِ أن يشغلهَا العدو, بل لابدَ مِن أن تكونُ التحركاتُ أكثرُ صراحةً وجرأةً هذهِ المرةِ, لأنَّ الوقتَ ليسَ مِن صالحِ المنطقةِ بأسرِهَا, واللعبُ على الوقتِ لا يستفادُ منهُ إلا الجانبُ الأميركي في إكمَالِ مشروعهِ, وفرضِ الأمرِ الواقعِ والتفاوضِ عليهِ !!!
#وهنَا :
أذكرُ في المقامِ بعضِ المواردِ الشرعيةِ, مَا بينَ حديثٍ وأثرٍ وشرحٍ, والذي يُؤيدُ الكثيرَ ممَا طرحناهُ في المقالِ, سآئلاً اللهَ تعالى أن يقيني وأياكُم شرَ الأشرارِ وكيدَ الفجارِ وطوارقَ الليلِ والنهارِ, مِنَها مَا جاءَ عن :
1- أميرُ المؤمنينَ عليهِ السلامُ : ( ... في سنةِ إظهارِ غيبةِ المتغيبِ مِن ولدي, صاحبِ الرايةِ الحمراءِ، والعلمِ الأخضرِ، .... ذلكَ يومٌ فيهِ صيلمُ الأكرادَ والشراة، وخرابُ دارِ الفراعنةِ ...) ...
2- عن علي بنِ ابى طالبٍ (عليهِ السلامُ) : (.. ثم يظهرُ برأسِ العينِ رجلٌ أصفرُ اللونِ, على رأسِ القنطرةِ, فيقتلُ عليها سبعينَ ألفَ صاحبٍ محلا, و ترجعُ الفتنةُ إلى العراقِ ....... قالوا : يا أميرَ المؤمنينَ بينَ لنَا أينَ يخرجُ هذا الأصفرُ ؟؟ و صفْ لنَا صفتهُ ؟؟
فقالَ ( عليهِ السلامُ ) : (أصفهُ لكُم : ..... وهو شيخٌ كبيرٌ كرديٌ بهيٌ طويلُ العمرِ تدينُ لهُ ملوكُ الرومِ ..... وترجعُ الفتنةُ الى الزوراءِ, فيقتلُ بعضهُم بعضاً, ثم تنتهي الفتنةُ فلا يبقى غيرُ خليفتينِ يهلكانِ في يومٍ واحدٍ, فيتقلُ أحدهُمَا في الجانبِ الغربي والآخرُ في الجانبِ الشرقي) ...
3- عن الشيخِ محي الدينِ في العلائمِ : ( ... يا وقعةَ لملوكِ الأرضِ أجمعَهَا, رومٌ وروسٌ وإفرنجٌ وبطراقٌ, ويلُ الأعاجمِ من ويلٍ يحلُ بهِم ..... وتملكُ الكردُ بغدادَ وساحتَهَا إلى خراسانَ من شرقِ العراقِ ....) ....
#وأسألكُم_الدعاءَ ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق