أمَارَاتُ انهِيَارِ تَنَظِيمِ الدَولَةِ .. وَبِدَايةُ التَحَرُكِ الصَلِيبِي :
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,(الدكتور مهند جاسم الحسيني)
بَيَنَا مِراراً وتكراراً ضرورةَ فتحِ مراكزٍ بحثيةٍ مُستقلةٍ, تعتني بالكتابةِ والتدوينِ والتحليلِ لِمَا تَمرُ على البشريةِ مِن أحداثٍ, وبالخصوصِ أنَّ الأحداثَ المُتسارعةَ جعلتْ أمرَ التدوينِ والتحليلِ والكتابةِ والتوثيقِ أموراً ممكنةً, حيثُ تُشكلُ هذهِ الدراساتُ والمدوناتُ العصبَ الأساسي لبدايةِ كتابةِ التأريخِ المعاصرِ بأيادٍ عربيةٍ, والتي ستصبحُ وبشكلٍ مفروضٍ مصدراً مِن المصادرِ ومرجعاً مِن المراجعِ, التي يرتادُهَا الأكادميونَ والمتخصصونَ والباحثونَ ...
ولكن مَاذا نفعلُ إذ كانَ المثلُ المصريُ منطبقاً علينَا تمامَ الإنطباقِ : (العينُ بصيرةٌ واليدُ قصيرةٌ), فلا يبقى أمَامَنَا سوى التنظيرِ والتسطيرِ !!!
وِمن هنَا يُمكن أن نعللَ أحدَ أسبابِ تكرارِ نفسِ سيناريو الخطأ والهَطْلِ على الشعوبِ العربيةِ والإسلاميةِ بشكلٍ مُتكررٍ, لأنَّ غيابَ التدوينِ والتحليلِ, سيجعلُ الأمرَ قابلاً للإعادةِ بعدَ فترةٍ ليستْ بالطويلةِ, وبنفسِ الطريقةِ والكيفيةِ, لا لشيءٍ سوى أنَّ الأجيالَ القادمةَ لا تجدُ مَا تطلعُ عليهِ مِن مدوناتٍ ودراساتٍ, تخصُ الواقعَ المُتقدمَ, بل لابدَ مِن الأجيالِ القادمةِ بأن تمرَ بنفسِ التجربةِ لِتتعلمْ, دونَ أن تستفيدَ مِن تجاربِ السابقينَ, وهذا لعمري أفضعُ طريقةٍ للتعليمِ والتلقينِ, وبالتالي فإنَّ الأجيالَ القادمةَ سوفَ تمرُ بنفسِ المخاضِ والويلاتِ التي مرَّ بهَا أسلافُهُم !!!
ومِن هنَا يأتي الإصرارُ على الكتابةِ والتدوينِ والتوثيقِ بأيادي نفسِ القوميةِ, فالخوفُ على أبناءِ الجلدةِ أشدُ مِن الغرباءِ عنهَا, لأنَّ عاملَ الدسِ والتحريفِ والتنظيرِ المجانبِ للحقيقةِ والصوابِ سيتأكدُ مِن الغرباءِ, خصوصاً مَا لو تيقنَا -ونحنُ كذلكَ- بأنَّ الأغيارَ والأغرابَ هُم المحركُ الرئيسي والمدبرُ الحقيقي لِمَا تمرُ بهِ شعوبُنَا العربيةُ والإسلاميةُ !!!
ولذلكَ نلاحظُ كثيراً مِن أطرافِ حاكةِ المؤامراتِ, عندمَا ينوونَ الى إنهاءِ وإفناءِ بعضِ الأممِ, فإنَّهُم يبدأونَ بالتأريخِ, فيولونهُ دراسةً وتحليلاً ونقداً, حتى يقفوا على أماكنِ الخلافِ, ومكامنِ الإصفافِ, ليبدأوا عمليةِ التشويهِ والتحريفِ, وإعادةِ النسجِ والصياغةِ والتعبيرِ, فلا يمرونَ على عبارةِ إلا ويلغموهَا بالعشراتِ مِن المرادفاتِ اللفظيةِ والمعنويةِ, حتى يصبحَ التأريخُ المكتوبُ عبارةً عن قنبلةٍ موقوتةٍ, لهَا أن تُفَجَرَ بأيِّ وقتٍ وعن بعدٍ !!!
لذلكَ فكمَا علينَا كتابةِ التأريخِ المعاصرِ, بطريقةِ التدوينِ والتحليلِ, فعلينَا في نفسِ الوقتِ إعادةِ كتابةِ التأريخِ السابقِ, لأنَّ التواريخَ تمثلُ مصدراً مِن مصادرِ التشريعِ عندَ الكثيرِ مِن الناسِ, فكمَا يستقونَ المواقفَ العمليةَ مِن الكتبِ المقدسةِ, فكذلكَ سيعملونَ ذاتُ الشيءِ مع كُتبِ التأريخِ, خصوصاً لو أنَّ شخوصَ المُؤرخِ لهُم كانوا مِن صنفِ مَن يقالُ بحجيةِ أقوالِهِم وأفعالِهِم وإمضائِهِم, فهنَا سَيَنفتحُ البابُ على مصراعيهِ, بدخولِ الملايينِ مِن الأحداثِ التأريخيةِ الصالحةِ للإستنباطِ مِنهَا, بل ستنفتحُ أمامَنَا الملياراتُ مِن القرائنِ اللفظيةِ الصالحةِ لفهمِ النصوصِ وتأويلهَا بغيرِ وجهِ حقٍ, ناهيكَ أن التشددَ السندي المتعاملَ معهُ في المسائلِ الفقهيةِ والعقائديةِ سوفَ لا يكونُ حاضراً بنفسِ القوةِ في المسائلِ التأريخيةِ, لذا فَسَتَكونُ الفسحةُ على أوجهَا أمامَ وغولِ غيرِ المتخصصينَ والورعينَ الى الفهمِ والإستنباطِ مِن مسائلهِ المتراميةِ !!!
#وهنَا :
لابدَ مِن تسجيلِ موقفاً للهِ تعالى فيهِ رضا, وللقراءِ فيهِ أجرٌ ثوابٌ, وأقولُ فيهِ :
(إنَّ مَا يقومُ بهِ الباحثُ والمحللُ والمحققُ سليلُ بيتِ النبوةِ السيدُ الصرخي الحسني مِن دراساتٍ وتأملاتٍ وتحقيقاتِ, والتي يجدهَا الكثيرُ مؤلمةً بالنسبةِ لهُ, لأنَّهَا نالتْ رمزاً مِن رموزهِ, أو إماماً مِن أئمتهِ, إنَّمَا خطوةٌ قد سبقَ بهَا أقرانهُ الأرضيينَ جميعاً, حيثُ أنَّهُ أولَ مَن فتحَ بابَ التحقيقِ, في وقتٍ أنخرطتْ بهَا الأمةُ الإسلاميةُ عسكرياً للوقوفِ ضدَ المدِ التكفيري في المنطقةِ خصوصاً والعالمِ عموماً, حيثُ ترآءَى للكثيرِ مِن المهتمينَ أنَّ مايقومُ بهِ هذا العلامةُ إلا هروبُ مِن واقعِ الأمرِ بالجهادِ وتحملِ حرارةِ السيفِ, الى قاعاتِ الدرسِ والبحثِ المكيفةِ, والكاشفةِ عن الترفِ العلمي غيرِ المنسجمةِ مع مَا يَمرُ بهِ المجتمعُ المسلمُ مِن ويلاتٍ وقتلٍ ودمارٍ !!!
بينمَا أنَّهُ قامَ بمَا تُوجبُ عليهِ وظيفتهُ العمليةُ كباحثٍ ومحققٍ ومفكرٍ إسلامي إنساني, بخلافِ مَن ألبسَ لَآمَةَ حربهِ على مقامِ أتباعهِ, وسارَ بمسارِ السلطةِ السياسةِ العالميةِ الحاكمةِ والمتحكمةِ بالأحداثِ, لأنَّ إنخراطَ الجميعَ في المجابهةِ والمجاهدةِ العسكريةِ, كانَ مطلباً إسخبارياً مُخططاً لهُ مُسبقاً, بخلافِ أن يُمارسُ الفقيهُ عملهُ ووظيفتهُ في التنقيبِ والتحقيقِ, فالأمرُ غيرُ مخططٍ لهُ إطلاقاً, وغيرُ مرغوبٍ فيه بطبيعةِ الحالِ, وكمَا سنبينهُ لاحقاً في أذيالِ المقالِ ...
ومِن هذهِ النقطةِ التي سبقَ بهَا هذا الجهبذُ والعلامةُ تلكَ العقولَ, فإنَّهُ سَبَبَّ نقطةَ إزعاجٍ حقيقيةٍ للقوى العالميةِ والإقليميةِ المستفيدةِ مِن التطرفِ والإرهابِ في بسطِ النفوذِ ونشرِ الجيوشِ, لأنَّهُ قد وضعَ اليدَ على الثغرةِ الأساسيةِ التي طالمَا كانتْ مقدسةً عندَ الكثيرِ مِن الإسلاميينَ, كأربابِ المذاهبِ والقادةِ والمحررينَ, الذينَ صاروا مَصدراً مِن مصادرِ التشريعِ, وأصلاً مِن إصولِ فهمِ النصوصِ, وبغلقِ هذهِ الثغرةِ, سيغلَقُ معهَا دوماً وأبداً إستغلالِهَا في تحركِ عروقِ الحميةِ الجاهليةِ التكفيريةِ لدى المسلمينَ, وهذا مَا لايرغبُ فيهِ الكثيرُ مِن رَسَمَةِ البرامجِ والسيناريوهاتِ المُستقبليةِ للعالمِ الإسلامي !!!
وبالتأكيدِ أنَّ عملَ السيدِ الصرخي الحسني باستئصالِ هذهِ الورمةِ الخبيثةِ التي توسطتْ الجهازَ العصبي المركزي لجسدِ الإسلامِ, لهّا آثارٌ سلبيةٌ عليهِ وعلى أتباعهِ, سيتحملونَ نتيجتهَا مُستقبلاً, كمَا تحملوا نتائجَ التحقيقِ والتنقيبِ في التراثِ الشيعي المزيفِ سلفاً, فنسألُ اللهً تعالى لهُ ولنَا وللمسلمينَ جميعاً الحفظَ والأمانَ في الدارينِ, أنَّهُ سميعُ مُجيبٌ !!!) ...
#وبالتأكيدِ :
أنَّ أحدَ الطرائقِ المهمةِ للدراسةِ والتحليلِ, هو دراسةُ تاريخِ أربابِ الحركاتِ المنحرفةِ التكفيريةِ, لأنَّ الإنسانَ لاينفكُ عن الماضي الذي حققهُ, ومَا نراهُ مِن تصرفاتٍ معاصرةٍ وفي المستقبلِ, مَا هو إلا نتاجُ مَا حققهُ أولئكَ الشخوصُ مِن تأريخٍ على مُستوى الفردي والعائلي والمجتمعي, وبدراسةِ هذهِ النقطةِ سنتوصلُ الى الكثيرِ مِن الحقائقِ التي غيبتهَا وسائلُ الإعلامُ متعمدةً, لا لشيءٍ سوى لتشويشِ المنظرِ أمامَ المتابعِ والمتلقي, ليعيشَ لحظاتِ الفلمِ على أرضِ الواقعِ, دونَ معرفةِ جهةِ الإخراجِ والإنتاجِ والتمويلِ والتأليفِ !!!
#فمثلاً :
مَا لو عرفنَا أن تنظيمِ الدولةِ -داعش- تنظيماً لَم يُولدْ مِن فراغٍ, ولم ينبعْ مِن العدمِ, بل هو إنبثقَ مِن عدةِ تنظيماتٍ سابقةٍ, حيثُ إنبثقَ مِن تنظيمِ القاعدةِ بعدَ أن إلتحقَ أبو مصعب الزرقاوي نهايةُ ثمانينياتِ القرنِ الماضي الى إفغانستانَ لمحاربةِ التمددِ السوفيتي قبلَ إنهيارهِ, وبعدَ أن رجعَ الى مسقطِ رأسهِ #الأردن, تمَ إعتقالهِ مِن قبلِ السلطاتِ أبانِ مُلْكِ المَلكِ حسينِ بنِ طلالِ, وقد حُكمَ عليهِ بخمسِ عشرةِ سنةٍ, وأفرجَ عنهُ فورَ تسلمِ عبدُ اللهِ الثاني منصبَ أبيهِ بعدَ وفاتهِ, بعدَ أن قضَ في السجنِ نصفِ المحكوميةِ, وإلتقى خلالَهَا آمدَ الخلايلة, قائدَ الموحدينَ وأصحابِ بيعةِ الإمام, كمَا وإلتقى عطا اللهِ أبو رشتة قائدَ جماعةِ التحريرِ, وغيرهَم العشراتِ, حيثُ كانتْ التبايناتُ الفكريةُ والإختلافاتُ النظريةُ وصولاً الى حدِ التكفيرِ والإصطدامِ, بعددِ الغرفِ في تلكَ السجونِ !!!
والعجيبُ أنَّ أبا مصعبِ الزرقاوي -أحمد فاضل نزال الخلايلة- قد أعطي دوراً قيادياً في السجنِ, بحيثُ أصبحتْ الجماعةُ التي يتزعمهَا مِن أكبرِ الزعاماتِ نفوذاً في السجنِ, حتى أنَّ السجانينَ كانوا تحتَ سلطانِهِم وسطوتِهِم, ولا طاقةَ لهُم على مخالفتِهِم, ولا يقفُونَ في الطابورِ الصباحي, ولا يلبسونَ الزي الرسمي للسجناءِ, بل وكانَتْ لهُ الحريةُ في التنقلِ بينَ المهاجعِ لباقي السجناءِ والحركاتِ والتنظيماتِ, حتى إنتهتْ إليهِ قيادةُ التنظيمِ -بيعةُ الإمامِ- بعدَ مَا انتزعهَا مِن يدِ أبو محمدٍ المقدسي, الذي كانَ لا يقارنُ بثقافتهِ ولا بعبادتهِ وطلاقتهِ, وبالرغمِ مِن ذلكَ إنتقلتْ لهُ القيادةِ بعدَ فترةٍ قياسيةٍ, ومِن ورائِهَا يدُ الغيبِ وجنودِ العسلِ !!!
#وبعدَ :
خروجهِ مِن السجنِ إنتقلَ الى إفغانستانَ, لينتقلْ الى العراقَ في أبانَ الرئيسِ العراقي صدام حسينَ, وتحديداً في عامِ 2001, ليقودَ حركةَ المسلمينَ الأكرادِ, , والمعروفةِ بأنصارِ الإسلامِ, مِن مناطقِ شمالِ العراقِ وغربِهَا, وبعدَ إنهيارِ الحكومةِ العراقيةِ عامِ 2003, شكلَ أبو مصعبٍ تنظيمَ الأخطرَ على الإطلاقِ, والمعروفَ بالتوحيدِ والجهادِ في بلادِ الرافدينِ, بعدَ أن بايعَ أبنَ لادن ...
وبعدَهَا تشكلَ مجلسُ الشورى في العراقِ, والذي يضمُ ثمان حركاتٍ جهاديةٍ سلفيةِ, بقيادةِ أبو عمرِ البغدادي -حامد داود محمد خليل الزاوي- بعدَ مقتلِ أبي مصعبِ الزرقاوي في 2006, حيثُ كانَّ أبو عمرِ البغدادي أحد رجالِ الأمنِ في نظامِ صدامِ حسينِ, والذي طُرِدَ بعدَ ذلكَ بسببِ إعتناقهِ المذهبِ السلفي, وبقى زعيماً للمجلسِ الى إعلانِ مقتلهِ عامَ 2010, وحتى بعدَ تغييرِ إسمهَا الى دولةِ العراقِ الإسلاميةِ, وتسلمِ أبو بكرٍ البغدادي الزعامةَ لهَا ...
#وأما :
بخصوصِ أبي بكرٍ البغدادي -ابراهيم عواد ابراهيم السامرائي-, خريجِ الإعداديةِ بفرعِ الأدبي الحاصلِ على معدلِ (80.16%), والذي لم تؤهلهُ دخولَ كليةِ التربيةِ التي كانتْ أملهُ, بل توجه الى الدراساتِ الشرعيةِ ومنهَا حصل على البكلوريوس والماجستير والدكتوراه في عامِ 2006, بموضوع تلاواتِ القرانِ الكريمِ, وكانَ خطيباً في أحدِ الجوامعِ في بغدادَ ماقبلَ سقوطِ النظامِ 2003 ...
وقد بدأ أعمالهُ العسكريةَ بعدَ مقتلِ أبنِ لادنٍ, حيثُ هددَ بأن يعملَ مائةِ عمليةٍ ثأراً لمقتلهِ, وحقاً نفذَ وعدهُ بتفجيرِ جامعِ أمِ القرى الذي قُتِلَ فيهَا النائبُ خالدُ الفهداوي, وبعدهَا تفجيراتِ الحلةِ وجنوبِ بغدادَ, وأكملَ المائةِ تفجيرٍ طلباً لثأرِ مقتلِ أبنِ لادن, ولكن كلهَا كانتْ على العراقيينَ المدنيينَ العزلِ !!!!!!!!!!!!!!
#وبعدَ :
هذهِ المقدمةِ طويلةِ الذيلِ, بالتأكيدِ صارَ واضحاً كيفَ تشكلَ تنظيمُ الدولةِ -داعش-, وكيفَ زُرِعَ في الأرحامِ لتنظيماتٍ سلفيةٍ جهاديةٍ, لينتجْ عندنَا جيناً وراثياً مُحسناً ومهجناً !!!
وبالتأكيدِ عرفنَا مِن خلالِ السيرةِ الذاتيةِ للقياداتِ الثلاثةِ -أبو مصعب الزرقاوي, ابو عمر البغدادي, ابو بكر البغدادي- كيفَ نشأءَ التنظيمُ وكيفَ ترعرعَ بينَ أحضانِ السلطاتِ العراقيةِ الأردنيةِ الأميركيةِ, أي أنَّ المُنتجَ لهذا التنظيمِ هُم نفسُ المخابراتِ الإقليميةِ والدوليةِ, ولَم ينشأ هذا التظيمُ عن طريقِ الصدفةِ أو الحاجةِ المجتمعةِ لأخذِ الثأرِ والإستئثارِ بالسلطةِ التي أسلبتْ مِن أيدِ سُنةِ العراقِ !!!
ناهيكَ عن القياداتِ العسكريةِ التي قادتْ كلَّ حملاتِ العسكريةِ على المحافظاتِ العراقيةِ, وسأكتفي بذكرِ مثالينِ فقطِ, والتي سقطتْ فيهمَا كبرى محافظاتِ العراقِ, هما :
غزوةُ أسدِ اللهِ البيلاوي, التي قادهَا عدنان إسماعيل نجم البيلاوي قائدُ معركةِ الموصلِ, وكانَ عقيداً في الجيشِ العراقي السابقِ, بينمَا غزوةُ أبي مهندِ السويداوي, التي قادهَا إسماعيل لطيف عبد الله السويداوي, والذي كانَ ضابطاً في الجيشِ العراقي السابقِ أيضاً !!!
#وبالتأكيدِ :
فإنَّ هذهِ المنظماتِ الإرهابيةِ التكفيريةِ, كلُّهَا تجتمعُ حولَ نقطةٍ احدةٍ, ألا وهي التفكيرِ السلفي, الذي عجتْ كتبُنَا الدينيةُ والتأريخيةُ والعقاديةُ بنقلِ أفكارهَا ودراستِهَا وتحليلِهَا, وهذا التفكيرُ السلفي يُمثلُ الإتجاهَ الديني والعقائدي للقضيةِ الأرهابيةِ, والتي على أساسِهَا يُكسبُ الناسُ الى هذهِ الجهةِ دونَ تلكَ, وتُكفرُ بهَا الطائفةُ دونَ غيرِهَا ...
بينمَا مثلتْ المخابراتُ الإقليميةُ والدوليةُ الإتجاهَ الإعدادي الجهادي العملي والمالي لهذهِ المنظماتِ, مِن خلالِ إعدادِ بعضِ السيناريوهَات لصناعةِ العملاءِ بدونَ علمِهِم, حيثُ يُحاربُ بعضُهُم ويزجُ بهِ الى السجونِ, ليتلقى التربيةَ الحقيقيةَ على القيادةِ والفنونِ والإدارةِ, بعدَ أن يُحشدُ لهُ مئاتُ العناصرِ بعنوانِ أتباعٍ أو مريدينَ, ومِن ثُم يُؤمرُ بإطلاقِ صراحِهِم جميعاً, وتُفَتَحُ الأبوابُ على مِصراعيهَا لخروجِهِمِ مِن البلادِ, لِيتلقونَ فنونَ القتالِ والتدريبِ المُكثفِ, بعنوانِ الجهادِ العملي للدفاعِ عن أراضي المسلمينَ في إفغانستانَ, التي هي مرتعٌ مِن مراتعِ المخابراتِ الأميركيةِ ضدَ التمددِ السوفيتي !!!
وبمقابلِ ذلكَ كلهِ, وفي نفسِ الفترةِ الزمنيةِ, يتمُ مطارةُ بعضُ الأشخاصِ مِن قبلِ النظامِ العراقي السابقِ, لِيُجبرْ على تركِ العراقِ, ليلتحقِ في المدارسِ الجهاديةِ السلفيةِ, بعدَ أن تلقَ هذا الشخصُ أروعَ الدروسِ في الإستخباراتِ ونقلِ المعلوماتِ والتجسسِ, ليكونَ عنصراً مؤهلاً للإنخراطِ في سلكِ أمنِ الدولةِ في نظامِ صدامِ حسينِ, وبالتأكيدِ فإنَّ الأراضي العراقيةِ والأردنيةِ والعربيةِ غيرُ مؤهلتينِ في إكمالِ عملياتِ التدريبِ, بل لابدَ مِن الذهابِ الى إفغانستانَ لغرضِ إكمالِ متطلباتِ القيادةِ والزعامةِ في المستقبلِ على أيدِ المخابراتِ العالميةِ الأميركيةِ والسوفيتيةِ !!!
وأمَا تركُ المجالَ للفتى اليافعِ -إبراهيم السامرائي- ليتلقى أرقى العلومِ القرانيةِ, ليمثلْ الواجهةَ الإعلاميةَ التي سَتُعلنَ تشكيلَ التنظيمِ والأمرِ بالجهادِ وعودةِ الخلافةِ الراشدةِ في وادي الرافدينِ وبلادِ الشامِ, ليصبحْ لسانُ الفتى مِن أعذبِ الألسنةِ في تلاوةِ القرانِ الكريمِ, بل ومِن أرقى الألسنةِ في إخراجِهَا مِن مخارجِهَا الصحيحةِ, والتي عجزَ عن نطقهَا الزعاماتُ العربيةُ والأعجميةُ الإسلاميةِ, فبالتأكيدِ ستحصلُ المقارنةُ والمفاضلةُ بينَ هذهِ الزعامةِ المدعيةِ للخلافةِ بلسانٍ فصيحِ مبينٍ, وبينَ تلكَ الزعاماتِ الإعلاميةِ الأسطوريةِ الورقيةِ الكارتونيةِ, وتميلُ الكفةِ عندهَا الى صالحِ الخليفةِ الجديدِ !!!
#حقاً :
أنهَا سيناريوهاتٌ هوليوديةٌ مُتقنةُ الإخراجِ والمونتاج والتمويلِ, قد أعدتْ لهَا منذُ عشراتِ السنينَ وتُكُفِلَ لهَا بكلِّ إمكانياتِ النجاحِ الإنجاحِ, لتحقيقِ مَآربٍ طالمَا خططتْ الدولُ المستكبرةُ الى الوصولِ إليهَا, ولو لَم يبقَ مِن الدنيا إلا يومٌ واحدٌ !!!
وبنهايةِ التنظيمِ المُصْطَنَعِ, وبانطواءِ آخرِ ورقاتهِ في العراقِ والشامِ, أُذنٌ ببدايةِ فصلٍ جديدٍ, والذي كلُّ مَا جرى على أيدي التكفيريينَ والإرهابيينَ, يُمثلُ مقدمةً مِن مقدماتهِ, وبمَا أن المقدماتِ تكللتْ بالنجاحِ والتحققِ, فبالتأكيدِ أنَّ النتيجةَ ستكونُ متحققةً بشكلٍ يقيني مؤكدٍ ...
#وبعدُ :
الإستكمالِ الفعلي لكلِّ عملياتِ الصناعةِ لهؤلاءِ العملاءِ والمأجورينَ على المستوى الإقليمي, فلابدَ مِن أن تنتهي حقبتُهُم الى الأبدِ, ويُستفادُ مِن صناعتِهِم أيمَا إستفادةٍ, حيثُ مِن المتوقعِ جداً, أنَّ مرحلةَ صناعةِ العميلِ بهذهِ الطريقةِ الجهاديةِ والسلفيةِ ستنتهي والى الأبدِ, ويَتُم إعلانُ الحربِ على كلِّ هذهِ التنظيماتِ في مشارقِ الأرضِ الإسلاميةِ ومغاربهَا, بعدَ أن تمتْ العمليةُ الموكلةِ إليهَا !!!
لذلكَ فإنَّ إنشاءَ القواعدَ الأميركيةَ في كلِّ المناطقِ المرغوبِ فيهَا, وجعلِ الكثيرِ منهَا قواعداً دائميةً, جاءتْ بفضلِ وجودِ هذهِ المنظماتِ الإرهابيةِ, حيثُ مَا مِن بقعةٍ مِن البقاعِ التي تواجدَ عليهَا أو بقربِهَا الإرهابُ المنظمُ, إلا وأُسْتُبْدِلَ مكانهُ بقاعدةٍ عسكريةٍ أميركيةٍ, أي أنَّ المُستفادَ الوحيدَ مِن إنتشارِ التطرفِ في العالمِ الإسلامي, هُم نفسُ القياداتِ الأميركيةِ, مِن خلالِ نشرِ القواعدِ الجويةِ والبحريةِ البريةِ, وكمَا يقالُ في قواعدِ التحقيقِ الجنائي, أنَّ أصابعَ الإتهامِ تُشيرُ الى المستفيدِ مِن عمليةِ القتلِ أولاً !!!
#وبالتالي :
فإنَّ إنتهاءَ تواجدِ التطرفِ في العالمِ العربي والإسلامي, سوفَ يُصاحبهُ إنتشاراً مضاعفاً للقواتِ الأميركيةِ عبرَ العالمِ, وهذا الإنتشارُ سوفَ يُقدمُ على التواجدِ الإرهابي في نفسِ المناطقِ, لأنَّ الإلتزامَ الأميركي سيكونُ مبنياً على إنهاءِ تواجدِ هذهِ المنظماتِ, لذا مِن الحقِ أن نقولَ : بأنَّ نهايةَ التطرفِ في العالمينِ العربي والإسلامي باتتْ قريبةً جداً ...
#وهنَا :
يأتي السؤالُ المهمُ بالنسبةِ للباحثينَ والمعنيينَ بالشأنِ السياسي والعسكري في المنطقةِ, مَا هي الجدوى مِن إستبدالِ منظماتٍ جهاديةٍ أصوليةٍ سلفيةٍ, والتي يُمكن لأيِّ جيشٍ مِن الجيوشِ المنظمةِ محاربتُهَا ومكافحةُ تواجدِهَا وتمددهَا وإنتشارِهَا, شريطةَ أن لا يحاولونَ إستخدامَ تلكَ المنظماتِ لمآربهم الشخصيةِ, بجيوشٍ عالميةٍ عظمى, والتي لاتحركُ قطعةً مِن قطعِهَا إلا بتوقيعِ عشراتِ الإتفاقياتِ, مع بذخِ ملياراتِ الدولاراتِ ؟!!!
نحنُ لا نتكلمُ على الدولِ الخليجيةِ الغنيةِ فحسبُ, بل الكلامُ سيشملُ الجميعَ دونَ إستثناءٍ يُذكرُ, مَا دامتْ الدولُ الفقيرةُ والغنيةُ ستتمتعُ بنفسِ الأمانِ التي طالمَا حَلِمَتْ بهِ عبرَ العقودِ مِن الزمنِ !!!
#وبالتأكيدِ :
أنَّ المخابراتِ الأميركيةِ سوفَ لا تسعى لإجتثاثِ أصولِ التكفيرِ والتطرفِ مِن الدينِ الإسلامي, بل ولا تقربُ أبداً مِن إجتثاثِ منابعِ التطرفِ مِن المذاهبِ المنضويةِ تحتهُ, بل إنَّ بقاءَ التكفيرِ والتطرفِ النظري, سيسمحُ يوماً مِن الأيامِ بإعادةِ ورقةِ التطرفِ والتكفيرِ والجهادِ السلفي الى الساحةِ العمليةِ, بل أنَّ المخابراتِ تستفادُ كثيراً مِن إذكاءِ روحِ التطرفِ والسماحِ بمؤسساتهِ بالإنتشارِ, تحتَ عنوانِ حريةِ الرأي والفكرِ ...
#وهذا :
مَا نراهُ في العالمِ الغربي اليومَ, حيثُ نرى أنَّ الجهدَ الإستخباري للدولِ الأوربيةِ والأميركيةِ لا تحاربُ إنتشارَ التطرفِ ومؤسساتهُ في بلادِهِم, بل أنَّ الملاذاتِ الأمنةِ لتلكَ المؤسساتِ تجدهَا في تلكَ الدولِ جميعاً, أسواءُ على صعيدِ المذهبِ الشيعي أو السني, فالجميعُ تملكُ مؤسساتٍ في ذلكَ الجانبِ الآمنِ مِن الأرضِ !!!
أي أنَّ تلكَ البلادَ لَم ترغبْ في تحصينِ المجتماعاتِ الإسلاميةِ المتواجدةِ على أراضيهَا مِن التطرفِ النظري, بل فقط سعتْ الى محاربةِ التطرفِ العملي, حيثُ جعلتْ كلَّ مَايحتاجهُ المتطرفونَ في ممارسةِ العنفِ ممنوعةً وغيرَ متواجدةً على أراضِهَا بشكلٍ مطلقٍ ...
لذلكَ مِن الصعبِ على المتطرفينَ أن ينفذوا عملياتِهِم على تلكَ الأراضي, بالرغمِ مِن سهولةِ التنفيذِ, لا لشيءٍ سوى أنَّ هنالكَ صعوبةٌ كبيرةٌ للحصولِ على آلاتِ القتلِ, كالمتفجراتِ والأسلحةِ المؤثرةِ ...
ولذلكَ فإنَّ نفسَ المتطرفينَ يحتاجونَ الى دوراتٍ مكثفةٍ وصعبةٍ جداً, لإستكمالِ عمليةِ التدريبِ النظري على صناعةِ بعضِ أنواعِ المتفجراتِ مِن الموادِ الأوليةِ المتواجدةِ في الأسواقِ, بحيثُ يرجعُ نفسُ المتطرفينَ الى بلدانِهِم ليبحثُ بشقِ الأنفسِ عن تلكَ الموادِ المتوفرةِ بشكلٍ كبيرٍ في الأسواقِ ولكن بكمياتٍ قليلةٍ جداً جداً جداً, بحيثُ أنَّ شراءَ كميةٍ كبيرةٍ منهَا لصناعةِ عبوةٍ قادرةٍ على قتلِ عشرةِ أو عشرينَ شخصاً, ستكونُ مثيرةً للإرتيابِ الأمني, لذا فيكونُ التحصيلُ على تلكَ الموادِ أصعبِ مِن تناقلِهَا عبرَ الحدودِ !!!
لذا الكلُ يلاحظُ كيفَ تعلنُ السلطاتُ الأمنيةُ الأوربيةُ حالةَ الطوارئْ بعدَ أي عمليةِ تفجيرٍ, الى أن يَتمُ التأكدِ مِن أنَّ الشخصَ لَم يستطعْ أن يُصنعَ كميةً أكبرَ مِن التي إستخدمَهَا, بعدَ ذلكَ يُعادُ رفعُ حالةِ الطوارئ بعدَ عدةِ أيامٍ مِن إعلانِهَا !!!
#هُم :
هكذا حصنوا بلدانَهُم وأنفسَهُم وأراضيهُم, أي أنَّ التحصينَ لا يتجاوزُ التحصينَ النظري لا التحصينَ العملي, وبالتأكيدِ أثبتَ هذا النوعُ مِن التحصينِ فشلهُ في السنواتِ والأشهرِ والأيامِ السابقةِ, بحيثُ أنَّ مِن الصعبِ حصرِ الإرهابِ ومحاصرتهُ مِن خلالِ مَنعِ الموادِ الوسائلِ المستخدمةِ في القتلِ, لأنَّ الوسائلَ غيرَ محصورةٍ أبداً, فكلُ شيءٍ يُمكن أن يكونَ أداةً للقتلِ, مِن السكاكينِ والحجارةِ والمركباتِ وغيرِهَا كثيرٍ جداً !!!
ولكنَ السببَ في إبقاءِ التطرفِ النظري في تلكَ البلادِ, هو للمصلحةِ العليا التي يَسخفُ أمامَهَا مَا يحصلُ في تلكَ البلادِ مِن حماماتِ دمٍ شبهِ شهريةٍ, ومِن بابِ الأولى أن تُبقِ على المنفعةِ الكثيرةِ قياساً بالمفسدةِ القليلةِ, والتي يُمكن أن تُسدُ ثغراتُهَا بمرورِ الزمنِ !!!
ومِن تلكَ المصالحِ العليا لبقاءِ التطرفِ النظري, هو أن يُقَدَمَ الإسلامُ عملياً الى غيرِ المسلمينَ, بأنَّهُ دينُ تطرفٍ وإقتتالٍ وتناحرٍ وجزِ رؤوسٍ وحرقٍ وهَدٍّ وتحطيمٍ وتدميرٍ, وهذا دليلٌ عمليٌ على بطلانِ الإسلامِ كدينٍ سماوي, يصلحُ لقيادةِ المسلمينَ أنفسهُم, فضلاً عن قيادةِ العالمِ أجمع, وبالمقابلِ سيبقى التبشيرُ بالديانةِ المسيحةِ هو الرائجُ والمعروفُ والمعمولُ بهِ, لكسبِ الناسِ, بعدَمَا إكتسبَ الناسُ حصانةً مِن قبولِ الإسلامِ كدينٍ ممكنُ الإلتحاقِ بهِ, وبعدَهَا لايبقى أيُّ دينٍ يُمكن الإلتحاقُ بهِ غيرِ المسيحيةِ !!!
#لذا :
نعتقدُ ونتيقنُ ونجزمُ بأنَّ الإرهابَ والتطرفَ والتكفيرَ باقٍ في الأرضِ مابقيتْ السطوةُ والسلطةُ بيدِ المخابراتِ العالميةِ, وفي أحسنِ الأحوالِ يُمكن أن تقدمَ تلكَ الأجهزةُ لبعضِ بلادِ المسلمينَ, أن يجعلوهَا في منأى مِن التطرفِ العملي, بعدَ أن تُرغمُ على أن تكونَ أراضيُهَا مرتعاً للتطرفِ النظري, وعيناً لبثِ سمومِهَا بينَ أبناءِ المسلمينَ !!!
ولذلكَ لايجبُ على المسلمينَ الفرحُ بمَا قدمتهُ المخابراتُ الأميركيةُ مؤخراً في محاربةِ التطرفِ وإجتثاثِ إصولهِ مِن الأرضِ, بل أنَّ التطرفَ مقبلٌ على تنامي وتزايدٍ وتصاعدٍ الى حدٍ أن يرَ الناسُ المعروفَ منكراً والمنكرَ معروفاً, ويُخونُ المؤتمنُ ويؤتمنُ الخائنُ, ويُكذبُ الصادقُ ويُصدقُ الكاذبُ, فكلُّهَا مفاهيمٌ وصلتنَا مِمَن لا ينطقُ عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ...
وهذهِ العلائمُ والأخبارُ والآثارُ الواردةُ لا تتناسبُ مَع ما أعلنتهُ الإدارةُ الأميركيةُ, ولا ينسجمُ مع ما صدقهُ العربُ, وفي أحسنِ أحوالِ مَا يُمكن أن يُقالَ، أنَّ التكفيرَ سوفَ يُحاربُ عملياً لا نظرياً طلباً وإستدراراً للمالِ والسلباً للخيراتِ وحفاظاً على العروشِ !!!
واللهُ تعالى هو العالمُ بحقيقةِ الأمورِ ...
وأسألـــــــــــــــــــــــكُم الدعــــــــــــــــــاءَ
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,(الدكتور مهند جاسم الحسيني)
بَيَنَا مِراراً وتكراراً ضرورةَ فتحِ مراكزٍ بحثيةٍ مُستقلةٍ, تعتني بالكتابةِ والتدوينِ والتحليلِ لِمَا تَمرُ على البشريةِ مِن أحداثٍ, وبالخصوصِ أنَّ الأحداثَ المُتسارعةَ جعلتْ أمرَ التدوينِ والتحليلِ والكتابةِ والتوثيقِ أموراً ممكنةً, حيثُ تُشكلُ هذهِ الدراساتُ والمدوناتُ العصبَ الأساسي لبدايةِ كتابةِ التأريخِ المعاصرِ بأيادٍ عربيةٍ, والتي ستصبحُ وبشكلٍ مفروضٍ مصدراً مِن المصادرِ ومرجعاً مِن المراجعِ, التي يرتادُهَا الأكادميونَ والمتخصصونَ والباحثونَ ...
ولكن مَاذا نفعلُ إذ كانَ المثلُ المصريُ منطبقاً علينَا تمامَ الإنطباقِ : (العينُ بصيرةٌ واليدُ قصيرةٌ), فلا يبقى أمَامَنَا سوى التنظيرِ والتسطيرِ !!!
وِمن هنَا يُمكن أن نعللَ أحدَ أسبابِ تكرارِ نفسِ سيناريو الخطأ والهَطْلِ على الشعوبِ العربيةِ والإسلاميةِ بشكلٍ مُتكررٍ, لأنَّ غيابَ التدوينِ والتحليلِ, سيجعلُ الأمرَ قابلاً للإعادةِ بعدَ فترةٍ ليستْ بالطويلةِ, وبنفسِ الطريقةِ والكيفيةِ, لا لشيءٍ سوى أنَّ الأجيالَ القادمةَ لا تجدُ مَا تطلعُ عليهِ مِن مدوناتٍ ودراساتٍ, تخصُ الواقعَ المُتقدمَ, بل لابدَ مِن الأجيالِ القادمةِ بأن تمرَ بنفسِ التجربةِ لِتتعلمْ, دونَ أن تستفيدَ مِن تجاربِ السابقينَ, وهذا لعمري أفضعُ طريقةٍ للتعليمِ والتلقينِ, وبالتالي فإنَّ الأجيالَ القادمةَ سوفَ تمرُ بنفسِ المخاضِ والويلاتِ التي مرَّ بهَا أسلافُهُم !!!
ومِن هنَا يأتي الإصرارُ على الكتابةِ والتدوينِ والتوثيقِ بأيادي نفسِ القوميةِ, فالخوفُ على أبناءِ الجلدةِ أشدُ مِن الغرباءِ عنهَا, لأنَّ عاملَ الدسِ والتحريفِ والتنظيرِ المجانبِ للحقيقةِ والصوابِ سيتأكدُ مِن الغرباءِ, خصوصاً مَا لو تيقنَا -ونحنُ كذلكَ- بأنَّ الأغيارَ والأغرابَ هُم المحركُ الرئيسي والمدبرُ الحقيقي لِمَا تمرُ بهِ شعوبُنَا العربيةُ والإسلاميةُ !!!
ولذلكَ نلاحظُ كثيراً مِن أطرافِ حاكةِ المؤامراتِ, عندمَا ينوونَ الى إنهاءِ وإفناءِ بعضِ الأممِ, فإنَّهُم يبدأونَ بالتأريخِ, فيولونهُ دراسةً وتحليلاً ونقداً, حتى يقفوا على أماكنِ الخلافِ, ومكامنِ الإصفافِ, ليبدأوا عمليةِ التشويهِ والتحريفِ, وإعادةِ النسجِ والصياغةِ والتعبيرِ, فلا يمرونَ على عبارةِ إلا ويلغموهَا بالعشراتِ مِن المرادفاتِ اللفظيةِ والمعنويةِ, حتى يصبحَ التأريخُ المكتوبُ عبارةً عن قنبلةٍ موقوتةٍ, لهَا أن تُفَجَرَ بأيِّ وقتٍ وعن بعدٍ !!!
لذلكَ فكمَا علينَا كتابةِ التأريخِ المعاصرِ, بطريقةِ التدوينِ والتحليلِ, فعلينَا في نفسِ الوقتِ إعادةِ كتابةِ التأريخِ السابقِ, لأنَّ التواريخَ تمثلُ مصدراً مِن مصادرِ التشريعِ عندَ الكثيرِ مِن الناسِ, فكمَا يستقونَ المواقفَ العمليةَ مِن الكتبِ المقدسةِ, فكذلكَ سيعملونَ ذاتُ الشيءِ مع كُتبِ التأريخِ, خصوصاً لو أنَّ شخوصَ المُؤرخِ لهُم كانوا مِن صنفِ مَن يقالُ بحجيةِ أقوالِهِم وأفعالِهِم وإمضائِهِم, فهنَا سَيَنفتحُ البابُ على مصراعيهِ, بدخولِ الملايينِ مِن الأحداثِ التأريخيةِ الصالحةِ للإستنباطِ مِنهَا, بل ستنفتحُ أمامَنَا الملياراتُ مِن القرائنِ اللفظيةِ الصالحةِ لفهمِ النصوصِ وتأويلهَا بغيرِ وجهِ حقٍ, ناهيكَ أن التشددَ السندي المتعاملَ معهُ في المسائلِ الفقهيةِ والعقائديةِ سوفَ لا يكونُ حاضراً بنفسِ القوةِ في المسائلِ التأريخيةِ, لذا فَسَتَكونُ الفسحةُ على أوجهَا أمامَ وغولِ غيرِ المتخصصينَ والورعينَ الى الفهمِ والإستنباطِ مِن مسائلهِ المتراميةِ !!!
#وهنَا :
لابدَ مِن تسجيلِ موقفاً للهِ تعالى فيهِ رضا, وللقراءِ فيهِ أجرٌ ثوابٌ, وأقولُ فيهِ :
(إنَّ مَا يقومُ بهِ الباحثُ والمحللُ والمحققُ سليلُ بيتِ النبوةِ السيدُ الصرخي الحسني مِن دراساتٍ وتأملاتٍ وتحقيقاتِ, والتي يجدهَا الكثيرُ مؤلمةً بالنسبةِ لهُ, لأنَّهَا نالتْ رمزاً مِن رموزهِ, أو إماماً مِن أئمتهِ, إنَّمَا خطوةٌ قد سبقَ بهَا أقرانهُ الأرضيينَ جميعاً, حيثُ أنَّهُ أولَ مَن فتحَ بابَ التحقيقِ, في وقتٍ أنخرطتْ بهَا الأمةُ الإسلاميةُ عسكرياً للوقوفِ ضدَ المدِ التكفيري في المنطقةِ خصوصاً والعالمِ عموماً, حيثُ ترآءَى للكثيرِ مِن المهتمينَ أنَّ مايقومُ بهِ هذا العلامةُ إلا هروبُ مِن واقعِ الأمرِ بالجهادِ وتحملِ حرارةِ السيفِ, الى قاعاتِ الدرسِ والبحثِ المكيفةِ, والكاشفةِ عن الترفِ العلمي غيرِ المنسجمةِ مع مَا يَمرُ بهِ المجتمعُ المسلمُ مِن ويلاتٍ وقتلٍ ودمارٍ !!!
بينمَا أنَّهُ قامَ بمَا تُوجبُ عليهِ وظيفتهُ العمليةُ كباحثٍ ومحققٍ ومفكرٍ إسلامي إنساني, بخلافِ مَن ألبسَ لَآمَةَ حربهِ على مقامِ أتباعهِ, وسارَ بمسارِ السلطةِ السياسةِ العالميةِ الحاكمةِ والمتحكمةِ بالأحداثِ, لأنَّ إنخراطَ الجميعَ في المجابهةِ والمجاهدةِ العسكريةِ, كانَ مطلباً إسخبارياً مُخططاً لهُ مُسبقاً, بخلافِ أن يُمارسُ الفقيهُ عملهُ ووظيفتهُ في التنقيبِ والتحقيقِ, فالأمرُ غيرُ مخططٍ لهُ إطلاقاً, وغيرُ مرغوبٍ فيه بطبيعةِ الحالِ, وكمَا سنبينهُ لاحقاً في أذيالِ المقالِ ...
ومِن هذهِ النقطةِ التي سبقَ بهَا هذا الجهبذُ والعلامةُ تلكَ العقولَ, فإنَّهُ سَبَبَّ نقطةَ إزعاجٍ حقيقيةٍ للقوى العالميةِ والإقليميةِ المستفيدةِ مِن التطرفِ والإرهابِ في بسطِ النفوذِ ونشرِ الجيوشِ, لأنَّهُ قد وضعَ اليدَ على الثغرةِ الأساسيةِ التي طالمَا كانتْ مقدسةً عندَ الكثيرِ مِن الإسلاميينَ, كأربابِ المذاهبِ والقادةِ والمحررينَ, الذينَ صاروا مَصدراً مِن مصادرِ التشريعِ, وأصلاً مِن إصولِ فهمِ النصوصِ, وبغلقِ هذهِ الثغرةِ, سيغلَقُ معهَا دوماً وأبداً إستغلالِهَا في تحركِ عروقِ الحميةِ الجاهليةِ التكفيريةِ لدى المسلمينَ, وهذا مَا لايرغبُ فيهِ الكثيرُ مِن رَسَمَةِ البرامجِ والسيناريوهاتِ المُستقبليةِ للعالمِ الإسلامي !!!
وبالتأكيدِ أنَّ عملَ السيدِ الصرخي الحسني باستئصالِ هذهِ الورمةِ الخبيثةِ التي توسطتْ الجهازَ العصبي المركزي لجسدِ الإسلامِ, لهّا آثارٌ سلبيةٌ عليهِ وعلى أتباعهِ, سيتحملونَ نتيجتهَا مُستقبلاً, كمَا تحملوا نتائجَ التحقيقِ والتنقيبِ في التراثِ الشيعي المزيفِ سلفاً, فنسألُ اللهً تعالى لهُ ولنَا وللمسلمينَ جميعاً الحفظَ والأمانَ في الدارينِ, أنَّهُ سميعُ مُجيبٌ !!!) ...
#وبالتأكيدِ :
أنَّ أحدَ الطرائقِ المهمةِ للدراسةِ والتحليلِ, هو دراسةُ تاريخِ أربابِ الحركاتِ المنحرفةِ التكفيريةِ, لأنَّ الإنسانَ لاينفكُ عن الماضي الذي حققهُ, ومَا نراهُ مِن تصرفاتٍ معاصرةٍ وفي المستقبلِ, مَا هو إلا نتاجُ مَا حققهُ أولئكَ الشخوصُ مِن تأريخٍ على مُستوى الفردي والعائلي والمجتمعي, وبدراسةِ هذهِ النقطةِ سنتوصلُ الى الكثيرِ مِن الحقائقِ التي غيبتهَا وسائلُ الإعلامُ متعمدةً, لا لشيءٍ سوى لتشويشِ المنظرِ أمامَ المتابعِ والمتلقي, ليعيشَ لحظاتِ الفلمِ على أرضِ الواقعِ, دونَ معرفةِ جهةِ الإخراجِ والإنتاجِ والتمويلِ والتأليفِ !!!
#فمثلاً :
مَا لو عرفنَا أن تنظيمِ الدولةِ -داعش- تنظيماً لَم يُولدْ مِن فراغٍ, ولم ينبعْ مِن العدمِ, بل هو إنبثقَ مِن عدةِ تنظيماتٍ سابقةٍ, حيثُ إنبثقَ مِن تنظيمِ القاعدةِ بعدَ أن إلتحقَ أبو مصعب الزرقاوي نهايةُ ثمانينياتِ القرنِ الماضي الى إفغانستانَ لمحاربةِ التمددِ السوفيتي قبلَ إنهيارهِ, وبعدَ أن رجعَ الى مسقطِ رأسهِ #الأردن, تمَ إعتقالهِ مِن قبلِ السلطاتِ أبانِ مُلْكِ المَلكِ حسينِ بنِ طلالِ, وقد حُكمَ عليهِ بخمسِ عشرةِ سنةٍ, وأفرجَ عنهُ فورَ تسلمِ عبدُ اللهِ الثاني منصبَ أبيهِ بعدَ وفاتهِ, بعدَ أن قضَ في السجنِ نصفِ المحكوميةِ, وإلتقى خلالَهَا آمدَ الخلايلة, قائدَ الموحدينَ وأصحابِ بيعةِ الإمام, كمَا وإلتقى عطا اللهِ أبو رشتة قائدَ جماعةِ التحريرِ, وغيرهَم العشراتِ, حيثُ كانتْ التبايناتُ الفكريةُ والإختلافاتُ النظريةُ وصولاً الى حدِ التكفيرِ والإصطدامِ, بعددِ الغرفِ في تلكَ السجونِ !!!
والعجيبُ أنَّ أبا مصعبِ الزرقاوي -أحمد فاضل نزال الخلايلة- قد أعطي دوراً قيادياً في السجنِ, بحيثُ أصبحتْ الجماعةُ التي يتزعمهَا مِن أكبرِ الزعاماتِ نفوذاً في السجنِ, حتى أنَّ السجانينَ كانوا تحتَ سلطانِهِم وسطوتِهِم, ولا طاقةَ لهُم على مخالفتِهِم, ولا يقفُونَ في الطابورِ الصباحي, ولا يلبسونَ الزي الرسمي للسجناءِ, بل وكانَتْ لهُ الحريةُ في التنقلِ بينَ المهاجعِ لباقي السجناءِ والحركاتِ والتنظيماتِ, حتى إنتهتْ إليهِ قيادةُ التنظيمِ -بيعةُ الإمامِ- بعدَ مَا انتزعهَا مِن يدِ أبو محمدٍ المقدسي, الذي كانَ لا يقارنُ بثقافتهِ ولا بعبادتهِ وطلاقتهِ, وبالرغمِ مِن ذلكَ إنتقلتْ لهُ القيادةِ بعدَ فترةٍ قياسيةٍ, ومِن ورائِهَا يدُ الغيبِ وجنودِ العسلِ !!!
#وبعدَ :
خروجهِ مِن السجنِ إنتقلَ الى إفغانستانَ, لينتقلْ الى العراقَ في أبانَ الرئيسِ العراقي صدام حسينَ, وتحديداً في عامِ 2001, ليقودَ حركةَ المسلمينَ الأكرادِ, , والمعروفةِ بأنصارِ الإسلامِ, مِن مناطقِ شمالِ العراقِ وغربِهَا, وبعدَ إنهيارِ الحكومةِ العراقيةِ عامِ 2003, شكلَ أبو مصعبٍ تنظيمَ الأخطرَ على الإطلاقِ, والمعروفَ بالتوحيدِ والجهادِ في بلادِ الرافدينِ, بعدَ أن بايعَ أبنَ لادن ...
وبعدَهَا تشكلَ مجلسُ الشورى في العراقِ, والذي يضمُ ثمان حركاتٍ جهاديةٍ سلفيةِ, بقيادةِ أبو عمرِ البغدادي -حامد داود محمد خليل الزاوي- بعدَ مقتلِ أبي مصعبِ الزرقاوي في 2006, حيثُ كانَّ أبو عمرِ البغدادي أحد رجالِ الأمنِ في نظامِ صدامِ حسينِ, والذي طُرِدَ بعدَ ذلكَ بسببِ إعتناقهِ المذهبِ السلفي, وبقى زعيماً للمجلسِ الى إعلانِ مقتلهِ عامَ 2010, وحتى بعدَ تغييرِ إسمهَا الى دولةِ العراقِ الإسلاميةِ, وتسلمِ أبو بكرٍ البغدادي الزعامةَ لهَا ...
#وأما :
بخصوصِ أبي بكرٍ البغدادي -ابراهيم عواد ابراهيم السامرائي-, خريجِ الإعداديةِ بفرعِ الأدبي الحاصلِ على معدلِ (80.16%), والذي لم تؤهلهُ دخولَ كليةِ التربيةِ التي كانتْ أملهُ, بل توجه الى الدراساتِ الشرعيةِ ومنهَا حصل على البكلوريوس والماجستير والدكتوراه في عامِ 2006, بموضوع تلاواتِ القرانِ الكريمِ, وكانَ خطيباً في أحدِ الجوامعِ في بغدادَ ماقبلَ سقوطِ النظامِ 2003 ...
وقد بدأ أعمالهُ العسكريةَ بعدَ مقتلِ أبنِ لادنٍ, حيثُ هددَ بأن يعملَ مائةِ عمليةٍ ثأراً لمقتلهِ, وحقاً نفذَ وعدهُ بتفجيرِ جامعِ أمِ القرى الذي قُتِلَ فيهَا النائبُ خالدُ الفهداوي, وبعدهَا تفجيراتِ الحلةِ وجنوبِ بغدادَ, وأكملَ المائةِ تفجيرٍ طلباً لثأرِ مقتلِ أبنِ لادن, ولكن كلهَا كانتْ على العراقيينَ المدنيينَ العزلِ !!!!!!!!!!!!!!
#وبعدَ :
هذهِ المقدمةِ طويلةِ الذيلِ, بالتأكيدِ صارَ واضحاً كيفَ تشكلَ تنظيمُ الدولةِ -داعش-, وكيفَ زُرِعَ في الأرحامِ لتنظيماتٍ سلفيةٍ جهاديةٍ, لينتجْ عندنَا جيناً وراثياً مُحسناً ومهجناً !!!
وبالتأكيدِ عرفنَا مِن خلالِ السيرةِ الذاتيةِ للقياداتِ الثلاثةِ -أبو مصعب الزرقاوي, ابو عمر البغدادي, ابو بكر البغدادي- كيفَ نشأءَ التنظيمُ وكيفَ ترعرعَ بينَ أحضانِ السلطاتِ العراقيةِ الأردنيةِ الأميركيةِ, أي أنَّ المُنتجَ لهذا التنظيمِ هُم نفسُ المخابراتِ الإقليميةِ والدوليةِ, ولَم ينشأ هذا التظيمُ عن طريقِ الصدفةِ أو الحاجةِ المجتمعةِ لأخذِ الثأرِ والإستئثارِ بالسلطةِ التي أسلبتْ مِن أيدِ سُنةِ العراقِ !!!
ناهيكَ عن القياداتِ العسكريةِ التي قادتْ كلَّ حملاتِ العسكريةِ على المحافظاتِ العراقيةِ, وسأكتفي بذكرِ مثالينِ فقطِ, والتي سقطتْ فيهمَا كبرى محافظاتِ العراقِ, هما :
غزوةُ أسدِ اللهِ البيلاوي, التي قادهَا عدنان إسماعيل نجم البيلاوي قائدُ معركةِ الموصلِ, وكانَ عقيداً في الجيشِ العراقي السابقِ, بينمَا غزوةُ أبي مهندِ السويداوي, التي قادهَا إسماعيل لطيف عبد الله السويداوي, والذي كانَ ضابطاً في الجيشِ العراقي السابقِ أيضاً !!!
#وبالتأكيدِ :
فإنَّ هذهِ المنظماتِ الإرهابيةِ التكفيريةِ, كلُّهَا تجتمعُ حولَ نقطةٍ احدةٍ, ألا وهي التفكيرِ السلفي, الذي عجتْ كتبُنَا الدينيةُ والتأريخيةُ والعقاديةُ بنقلِ أفكارهَا ودراستِهَا وتحليلِهَا, وهذا التفكيرُ السلفي يُمثلُ الإتجاهَ الديني والعقائدي للقضيةِ الأرهابيةِ, والتي على أساسِهَا يُكسبُ الناسُ الى هذهِ الجهةِ دونَ تلكَ, وتُكفرُ بهَا الطائفةُ دونَ غيرِهَا ...
بينمَا مثلتْ المخابراتُ الإقليميةُ والدوليةُ الإتجاهَ الإعدادي الجهادي العملي والمالي لهذهِ المنظماتِ, مِن خلالِ إعدادِ بعضِ السيناريوهَات لصناعةِ العملاءِ بدونَ علمِهِم, حيثُ يُحاربُ بعضُهُم ويزجُ بهِ الى السجونِ, ليتلقى التربيةَ الحقيقيةَ على القيادةِ والفنونِ والإدارةِ, بعدَ أن يُحشدُ لهُ مئاتُ العناصرِ بعنوانِ أتباعٍ أو مريدينَ, ومِن ثُم يُؤمرُ بإطلاقِ صراحِهِم جميعاً, وتُفَتَحُ الأبوابُ على مِصراعيهَا لخروجِهِمِ مِن البلادِ, لِيتلقونَ فنونَ القتالِ والتدريبِ المُكثفِ, بعنوانِ الجهادِ العملي للدفاعِ عن أراضي المسلمينَ في إفغانستانَ, التي هي مرتعٌ مِن مراتعِ المخابراتِ الأميركيةِ ضدَ التمددِ السوفيتي !!!
وبمقابلِ ذلكَ كلهِ, وفي نفسِ الفترةِ الزمنيةِ, يتمُ مطارةُ بعضُ الأشخاصِ مِن قبلِ النظامِ العراقي السابقِ, لِيُجبرْ على تركِ العراقِ, ليلتحقِ في المدارسِ الجهاديةِ السلفيةِ, بعدَ أن تلقَ هذا الشخصُ أروعَ الدروسِ في الإستخباراتِ ونقلِ المعلوماتِ والتجسسِ, ليكونَ عنصراً مؤهلاً للإنخراطِ في سلكِ أمنِ الدولةِ في نظامِ صدامِ حسينِ, وبالتأكيدِ فإنَّ الأراضي العراقيةِ والأردنيةِ والعربيةِ غيرُ مؤهلتينِ في إكمالِ عملياتِ التدريبِ, بل لابدَ مِن الذهابِ الى إفغانستانَ لغرضِ إكمالِ متطلباتِ القيادةِ والزعامةِ في المستقبلِ على أيدِ المخابراتِ العالميةِ الأميركيةِ والسوفيتيةِ !!!
وأمَا تركُ المجالَ للفتى اليافعِ -إبراهيم السامرائي- ليتلقى أرقى العلومِ القرانيةِ, ليمثلْ الواجهةَ الإعلاميةَ التي سَتُعلنَ تشكيلَ التنظيمِ والأمرِ بالجهادِ وعودةِ الخلافةِ الراشدةِ في وادي الرافدينِ وبلادِ الشامِ, ليصبحْ لسانُ الفتى مِن أعذبِ الألسنةِ في تلاوةِ القرانِ الكريمِ, بل ومِن أرقى الألسنةِ في إخراجِهَا مِن مخارجِهَا الصحيحةِ, والتي عجزَ عن نطقهَا الزعاماتُ العربيةُ والأعجميةُ الإسلاميةِ, فبالتأكيدِ ستحصلُ المقارنةُ والمفاضلةُ بينَ هذهِ الزعامةِ المدعيةِ للخلافةِ بلسانٍ فصيحِ مبينٍ, وبينَ تلكَ الزعاماتِ الإعلاميةِ الأسطوريةِ الورقيةِ الكارتونيةِ, وتميلُ الكفةِ عندهَا الى صالحِ الخليفةِ الجديدِ !!!
#حقاً :
أنهَا سيناريوهاتٌ هوليوديةٌ مُتقنةُ الإخراجِ والمونتاج والتمويلِ, قد أعدتْ لهَا منذُ عشراتِ السنينَ وتُكُفِلَ لهَا بكلِّ إمكانياتِ النجاحِ الإنجاحِ, لتحقيقِ مَآربٍ طالمَا خططتْ الدولُ المستكبرةُ الى الوصولِ إليهَا, ولو لَم يبقَ مِن الدنيا إلا يومٌ واحدٌ !!!
وبنهايةِ التنظيمِ المُصْطَنَعِ, وبانطواءِ آخرِ ورقاتهِ في العراقِ والشامِ, أُذنٌ ببدايةِ فصلٍ جديدٍ, والذي كلُّ مَا جرى على أيدي التكفيريينَ والإرهابيينَ, يُمثلُ مقدمةً مِن مقدماتهِ, وبمَا أن المقدماتِ تكللتْ بالنجاحِ والتحققِ, فبالتأكيدِ أنَّ النتيجةَ ستكونُ متحققةً بشكلٍ يقيني مؤكدٍ ...
#وبعدُ :
الإستكمالِ الفعلي لكلِّ عملياتِ الصناعةِ لهؤلاءِ العملاءِ والمأجورينَ على المستوى الإقليمي, فلابدَ مِن أن تنتهي حقبتُهُم الى الأبدِ, ويُستفادُ مِن صناعتِهِم أيمَا إستفادةٍ, حيثُ مِن المتوقعِ جداً, أنَّ مرحلةَ صناعةِ العميلِ بهذهِ الطريقةِ الجهاديةِ والسلفيةِ ستنتهي والى الأبدِ, ويَتُم إعلانُ الحربِ على كلِّ هذهِ التنظيماتِ في مشارقِ الأرضِ الإسلاميةِ ومغاربهَا, بعدَ أن تمتْ العمليةُ الموكلةِ إليهَا !!!
لذلكَ فإنَّ إنشاءَ القواعدَ الأميركيةَ في كلِّ المناطقِ المرغوبِ فيهَا, وجعلِ الكثيرِ منهَا قواعداً دائميةً, جاءتْ بفضلِ وجودِ هذهِ المنظماتِ الإرهابيةِ, حيثُ مَا مِن بقعةٍ مِن البقاعِ التي تواجدَ عليهَا أو بقربِهَا الإرهابُ المنظمُ, إلا وأُسْتُبْدِلَ مكانهُ بقاعدةٍ عسكريةٍ أميركيةٍ, أي أنَّ المُستفادَ الوحيدَ مِن إنتشارِ التطرفِ في العالمِ الإسلامي, هُم نفسُ القياداتِ الأميركيةِ, مِن خلالِ نشرِ القواعدِ الجويةِ والبحريةِ البريةِ, وكمَا يقالُ في قواعدِ التحقيقِ الجنائي, أنَّ أصابعَ الإتهامِ تُشيرُ الى المستفيدِ مِن عمليةِ القتلِ أولاً !!!
#وبالتالي :
فإنَّ إنتهاءَ تواجدِ التطرفِ في العالمِ العربي والإسلامي, سوفَ يُصاحبهُ إنتشاراً مضاعفاً للقواتِ الأميركيةِ عبرَ العالمِ, وهذا الإنتشارُ سوفَ يُقدمُ على التواجدِ الإرهابي في نفسِ المناطقِ, لأنَّ الإلتزامَ الأميركي سيكونُ مبنياً على إنهاءِ تواجدِ هذهِ المنظماتِ, لذا مِن الحقِ أن نقولَ : بأنَّ نهايةَ التطرفِ في العالمينِ العربي والإسلامي باتتْ قريبةً جداً ...
#وهنَا :
يأتي السؤالُ المهمُ بالنسبةِ للباحثينَ والمعنيينَ بالشأنِ السياسي والعسكري في المنطقةِ, مَا هي الجدوى مِن إستبدالِ منظماتٍ جهاديةٍ أصوليةٍ سلفيةٍ, والتي يُمكن لأيِّ جيشٍ مِن الجيوشِ المنظمةِ محاربتُهَا ومكافحةُ تواجدِهَا وتمددهَا وإنتشارِهَا, شريطةَ أن لا يحاولونَ إستخدامَ تلكَ المنظماتِ لمآربهم الشخصيةِ, بجيوشٍ عالميةٍ عظمى, والتي لاتحركُ قطعةً مِن قطعِهَا إلا بتوقيعِ عشراتِ الإتفاقياتِ, مع بذخِ ملياراتِ الدولاراتِ ؟!!!
نحنُ لا نتكلمُ على الدولِ الخليجيةِ الغنيةِ فحسبُ, بل الكلامُ سيشملُ الجميعَ دونَ إستثناءٍ يُذكرُ, مَا دامتْ الدولُ الفقيرةُ والغنيةُ ستتمتعُ بنفسِ الأمانِ التي طالمَا حَلِمَتْ بهِ عبرَ العقودِ مِن الزمنِ !!!
#وبالتأكيدِ :
أنَّ المخابراتِ الأميركيةِ سوفَ لا تسعى لإجتثاثِ أصولِ التكفيرِ والتطرفِ مِن الدينِ الإسلامي, بل ولا تقربُ أبداً مِن إجتثاثِ منابعِ التطرفِ مِن المذاهبِ المنضويةِ تحتهُ, بل إنَّ بقاءَ التكفيرِ والتطرفِ النظري, سيسمحُ يوماً مِن الأيامِ بإعادةِ ورقةِ التطرفِ والتكفيرِ والجهادِ السلفي الى الساحةِ العمليةِ, بل أنَّ المخابراتِ تستفادُ كثيراً مِن إذكاءِ روحِ التطرفِ والسماحِ بمؤسساتهِ بالإنتشارِ, تحتَ عنوانِ حريةِ الرأي والفكرِ ...
#وهذا :
مَا نراهُ في العالمِ الغربي اليومَ, حيثُ نرى أنَّ الجهدَ الإستخباري للدولِ الأوربيةِ والأميركيةِ لا تحاربُ إنتشارَ التطرفِ ومؤسساتهُ في بلادِهِم, بل أنَّ الملاذاتِ الأمنةِ لتلكَ المؤسساتِ تجدهَا في تلكَ الدولِ جميعاً, أسواءُ على صعيدِ المذهبِ الشيعي أو السني, فالجميعُ تملكُ مؤسساتٍ في ذلكَ الجانبِ الآمنِ مِن الأرضِ !!!
أي أنَّ تلكَ البلادَ لَم ترغبْ في تحصينِ المجتماعاتِ الإسلاميةِ المتواجدةِ على أراضيهَا مِن التطرفِ النظري, بل فقط سعتْ الى محاربةِ التطرفِ العملي, حيثُ جعلتْ كلَّ مَايحتاجهُ المتطرفونَ في ممارسةِ العنفِ ممنوعةً وغيرَ متواجدةً على أراضِهَا بشكلٍ مطلقٍ ...
لذلكَ مِن الصعبِ على المتطرفينَ أن ينفذوا عملياتِهِم على تلكَ الأراضي, بالرغمِ مِن سهولةِ التنفيذِ, لا لشيءٍ سوى أنَّ هنالكَ صعوبةٌ كبيرةٌ للحصولِ على آلاتِ القتلِ, كالمتفجراتِ والأسلحةِ المؤثرةِ ...
ولذلكَ فإنَّ نفسَ المتطرفينَ يحتاجونَ الى دوراتٍ مكثفةٍ وصعبةٍ جداً, لإستكمالِ عمليةِ التدريبِ النظري على صناعةِ بعضِ أنواعِ المتفجراتِ مِن الموادِ الأوليةِ المتواجدةِ في الأسواقِ, بحيثُ يرجعُ نفسُ المتطرفينَ الى بلدانِهِم ليبحثُ بشقِ الأنفسِ عن تلكَ الموادِ المتوفرةِ بشكلٍ كبيرٍ في الأسواقِ ولكن بكمياتٍ قليلةٍ جداً جداً جداً, بحيثُ أنَّ شراءَ كميةٍ كبيرةٍ منهَا لصناعةِ عبوةٍ قادرةٍ على قتلِ عشرةِ أو عشرينَ شخصاً, ستكونُ مثيرةً للإرتيابِ الأمني, لذا فيكونُ التحصيلُ على تلكَ الموادِ أصعبِ مِن تناقلِهَا عبرَ الحدودِ !!!
لذا الكلُ يلاحظُ كيفَ تعلنُ السلطاتُ الأمنيةُ الأوربيةُ حالةَ الطوارئْ بعدَ أي عمليةِ تفجيرٍ, الى أن يَتمُ التأكدِ مِن أنَّ الشخصَ لَم يستطعْ أن يُصنعَ كميةً أكبرَ مِن التي إستخدمَهَا, بعدَ ذلكَ يُعادُ رفعُ حالةِ الطوارئ بعدَ عدةِ أيامٍ مِن إعلانِهَا !!!
#هُم :
هكذا حصنوا بلدانَهُم وأنفسَهُم وأراضيهُم, أي أنَّ التحصينَ لا يتجاوزُ التحصينَ النظري لا التحصينَ العملي, وبالتأكيدِ أثبتَ هذا النوعُ مِن التحصينِ فشلهُ في السنواتِ والأشهرِ والأيامِ السابقةِ, بحيثُ أنَّ مِن الصعبِ حصرِ الإرهابِ ومحاصرتهُ مِن خلالِ مَنعِ الموادِ الوسائلِ المستخدمةِ في القتلِ, لأنَّ الوسائلَ غيرَ محصورةٍ أبداً, فكلُ شيءٍ يُمكن أن يكونَ أداةً للقتلِ, مِن السكاكينِ والحجارةِ والمركباتِ وغيرِهَا كثيرٍ جداً !!!
ولكنَ السببَ في إبقاءِ التطرفِ النظري في تلكَ البلادِ, هو للمصلحةِ العليا التي يَسخفُ أمامَهَا مَا يحصلُ في تلكَ البلادِ مِن حماماتِ دمٍ شبهِ شهريةٍ, ومِن بابِ الأولى أن تُبقِ على المنفعةِ الكثيرةِ قياساً بالمفسدةِ القليلةِ, والتي يُمكن أن تُسدُ ثغراتُهَا بمرورِ الزمنِ !!!
ومِن تلكَ المصالحِ العليا لبقاءِ التطرفِ النظري, هو أن يُقَدَمَ الإسلامُ عملياً الى غيرِ المسلمينَ, بأنَّهُ دينُ تطرفٍ وإقتتالٍ وتناحرٍ وجزِ رؤوسٍ وحرقٍ وهَدٍّ وتحطيمٍ وتدميرٍ, وهذا دليلٌ عمليٌ على بطلانِ الإسلامِ كدينٍ سماوي, يصلحُ لقيادةِ المسلمينَ أنفسهُم, فضلاً عن قيادةِ العالمِ أجمع, وبالمقابلِ سيبقى التبشيرُ بالديانةِ المسيحةِ هو الرائجُ والمعروفُ والمعمولُ بهِ, لكسبِ الناسِ, بعدَمَا إكتسبَ الناسُ حصانةً مِن قبولِ الإسلامِ كدينٍ ممكنُ الإلتحاقِ بهِ, وبعدَهَا لايبقى أيُّ دينٍ يُمكن الإلتحاقُ بهِ غيرِ المسيحيةِ !!!
#لذا :
نعتقدُ ونتيقنُ ونجزمُ بأنَّ الإرهابَ والتطرفَ والتكفيرَ باقٍ في الأرضِ مابقيتْ السطوةُ والسلطةُ بيدِ المخابراتِ العالميةِ, وفي أحسنِ الأحوالِ يُمكن أن تقدمَ تلكَ الأجهزةُ لبعضِ بلادِ المسلمينَ, أن يجعلوهَا في منأى مِن التطرفِ العملي, بعدَ أن تُرغمُ على أن تكونَ أراضيُهَا مرتعاً للتطرفِ النظري, وعيناً لبثِ سمومِهَا بينَ أبناءِ المسلمينَ !!!
ولذلكَ لايجبُ على المسلمينَ الفرحُ بمَا قدمتهُ المخابراتُ الأميركيةُ مؤخراً في محاربةِ التطرفِ وإجتثاثِ إصولهِ مِن الأرضِ, بل أنَّ التطرفَ مقبلٌ على تنامي وتزايدٍ وتصاعدٍ الى حدٍ أن يرَ الناسُ المعروفَ منكراً والمنكرَ معروفاً, ويُخونُ المؤتمنُ ويؤتمنُ الخائنُ, ويُكذبُ الصادقُ ويُصدقُ الكاذبُ, فكلُّهَا مفاهيمٌ وصلتنَا مِمَن لا ينطقُ عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ...
وهذهِ العلائمُ والأخبارُ والآثارُ الواردةُ لا تتناسبُ مَع ما أعلنتهُ الإدارةُ الأميركيةُ, ولا ينسجمُ مع ما صدقهُ العربُ, وفي أحسنِ أحوالِ مَا يُمكن أن يُقالَ، أنَّ التكفيرَ سوفَ يُحاربُ عملياً لا نظرياً طلباً وإستدراراً للمالِ والسلباً للخيراتِ وحفاظاً على العروشِ !!!
واللهُ تعالى هو العالمُ بحقيقةِ الأمورِ ...
وأسألـــــــــــــــــــــــكُم الدعــــــــــــــــــاءَ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق