الاثنين، 9 أكتوبر 2017

الدَوْلَةُ الكُرديةُ مُشْكِلَةُ الحَاضرِ وهَاجِس المُستَقْبَلِ :
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,(الدكتور مهند جاسم الحسيني)
لا بأسَ أن نُكَرِرَ الرغبةَم الحقيقيةَ في فَتحِ مركزٍ تخصصي يوازي المراكزَ العالميةَ في الجَمْعِ والتنقيبِ عَن مَا يَخصُ التحركاتِ السياسيةِ المُعاصرةِ, بحثاً عن جذورِ الإختلافِ والخلافِ في وجهاتِ النظرِ بينَ الفرقاءِ, لأنَّ هكذا مراكزَ سَتُأمنُ لنَا جيلاً كاملاً ومعاصراً يستطيعُ أن يَجِدَ الجوابَ الشافي وفي أقصرِ الأوقاتِ في الحالاتِ الضروريةِ المُلحةِ ...

لأنَّ الإكتفاءَ بالتحليلاتِ السياسيةِ والأمنيةِ, باتَ أمراً غيرَ نافعٍ مطلقاً, أمامَ تلكَ المراكزِ البحثيةِ العالميةِ, بحيثُ جمعتْ لنفسهَا الملايينَ مِن المخطوطاتِ والمؤيداتِ والآثارِ التي تُثبتُ مَا تدعيهِ لنفسِهَا, بحيثُ أنَّهَا تتمكنُ أن تُقنِعَ أيَّ فردٍ كانَ وبغضونِ دقائقٍ قلائلٍ, بل أنَّهَا بدأتْ تُرَوِجُ لِنفسِهَا وفكريهَا عالمياً, لتسيطرَ على أفكارَ الآخرينَ ومشاعرهِم, وتحددُ طريقةَ تفكيرِهِم, بحيثُ ترى أنَّ مَا تدعيهُ في المستقبلِ يجدُ آذاناً صاغيةً لهَا وبإنصاتٍ !!!

إذن أنَّ خطرَ عدمِ التفكيرِ في فتحِ هكذا مراكزِ بحثيةٍ, سوفَ يُأثرُ على عقيدةِ أبنائنَا في المستقبلِ, وعلى كيفيةِ تفكيرهِم ونظرهِم الى الأمورِ, بل وعلى العقيدةِ المرتبطةِ بالأرضِ والوطنِ والشعبِ, لأنَّ السياسةَ المرسومةَ للشعوبِ خطرةٌ جداً, وتستهدفُ كلَّ ركيزةٍ مِن ركائزِ التفكيرِ والتحليلِ والنظرِ, بحيثُ أنَّ الكثيرَ مِن البديهياتِ التي كنَا نؤمنُ بهَا قبلَ عشرةِ سنواتٍ, باتتْ مِن الأمورِ النظريةِ المحتاجةِ الى برهانِ وإثباتٍ, بل الكثيرُ مِن البديهياتِ التي آمنَا بهَا في ستينياتِ القرنِ المُنصرمِ, قد تَمَ رفضُهَا في السنواتِ الأخيرةِ, حتى وصِفَ أصحابُهَا والمؤمنونَ بِبَدِهِيتِهَا بالرجعيةِ والتخلفِ والجهلِ !!!

فمثلاً, عندمَا أتابعُ بعضَ المواقعِ والمنتدياتِ وبعضَ صفحاتِ التواصلِ الإجتماعي الإسرائيلةِ مثلاً, مِن خلالِ قراءةِ المنشورِ والتعليقاتِ عليهِ, ألاحظُ الصعوبةَ التي يُواجههَا أبناءُ فلسطينَ ومصرَ ولبنانَ في إثباتِ عربيةِ أرضِ فلسطينَ, بل بدا مَا هو بديهي قبلَ بضعةِ سنينَ, نظرياً وفكرياً ومُحتاجاً الى دليلٍ وبرهانٍ الآن, خصوصاً مع ظهورِ جيلٍ جديدٍ لا يَجدُ مِن الكُتابِ والمحللينَ والمؤلفينَ مَا يوفرُ لهُ المادةَ العلميةَ لفهمِ الأمورِ, لذا يكونُ مضطراً الى الإستقاءِ والحُكمِ على الكثيرِ مِن الأشياءِ مِن خلالِ طريقتهِ في التفكيرِ التي إستقاهَا مِن البرامجِ المُعَدَةِ مِن تلكَ المراكزِ البحثيةِ العالميةِ, والتي تربى جيلاً كاملاً على موائدِهَا !!!

والطامةُ الكبرى, والمصيبةُ العظمى, عندمَا ترى الشابَ العربي المسلمَ يُخْضِعُ كلَّ مسألةٍ الى تفكيرهِ الخاصِ, حتى لو لَم تكن تلكَ المسألةُ مِن مَا يَحكمُ بهَا أمثالهُ, بل تعلمَ أن يكونَ لهُ رأياً في كلِّ مسألةٍ, حتى لو خرجتْ عن تخصصهِ وبينَهُمَا بونٌ شاسعٌ, بل حتى لو أنَّ المسألةَ كانتْ ممَا لاتقبلُ التفكيرَ والرأيَ مطلقاً !!!

#وهنَا :
لابأسَ أن أدعُ البعضَ مِن المهتمينَ أن يُجروا إستفتاءاً إلكترونياً عاماً, ويسألونَ الناسَ خلالَهُ عن حقانيةِ القضيةِ الفلسطينيةِ, وحقانيةِ جهادِهِم مِن أجلِ أرضِهِم ومقدساتِهِم, وأنظروا الجوابَ والتبريرَ عليهِ, ستلاحظونَ أنَّ أرقاماً مرعبةً, ونسباً كبيرةً, تبررُ الفعلَ الصهيوني بأرضِ العربِ, وتحرضَهُم للدفاعِ عن أنفسِهِم ضدَ أهلِ الأرضِ الأصلاءِ, وكيفَ أنَّ الكثيرَ مِن المعلقينَ والمحللينَ سوفَ يعطونَ الحقَ لليهودِ لبناءِ دولتِهُم على أرضِ العربِ, وبأدلةٍ لا يُمكن وصفُهَا بوهنِ بيتِ العنكبوتِ, لا لشيءٍ سوى أنَّ أحدَ طرائقِ التفكيرِ عندَ الشابِ المسلمِ العربي, والتي إستقاهَا مِن المراكزِ البحثيةِ تلكَ, أن تُعطي رأيكَ ووجهةَ نظركِ بحسبِ رؤيتكَ للأشياءِ, بعيداً كلَّ البعدِ عن التخصصِ والتمرسِ والبحثِ في المسألةِ !!!

وهنَا سوفَ ترونَ بأمِ أعينكِم كيفَ أنحدرَ التفكيرُ الى هاويةِ الجهلِ والغباءِ والسذاجةِ التي لا يُمكن الصبرُ وسكوتُ عليهَا, لأنَّ هؤلاءِ سيصلونَ الى مرحلةِ تشكيلِ الأغلبيةِ والأكثريةِ بالمفهومِ السياسي الحديثِ, والذي سيصبحُ صوتهُ مسموعاً بحسبِ القانونِ العالمي, وعندَها لا يبقى حجرٌ على حجرٍ, ولا ركنَ أساسٌ, ولا ركيزةَ يُمكنُ الإحتكامُ عندهَا, بل مِن الممكنِ أن تصبحَ البلدانُ العربيةُ -بهذا المستوى مِن التفكيرِ- بعددِ القبائلِ والطوائفِ والمللِ والنحلِ, بل تحتَ إذكاءِ أوارِ التخلي عن المبدأ والشعورِ بالآخرينِ, وعيشِ همومِهِم, سوفَ تتشكلُ بلدانٌ على أساسِ فردينِ مِن ذكرٍ وأنثى, وصبي وصبيةٍ, وعشيقٍ ومعشوقةٍ, تجسيداً لقولِ الشاعرِ :
          فليتكَ تحلو والحياةُ مريرةٌ
                        وليتكَ ترضى والأنامُ غضابُ
          وليتَ الذي بيني وبينكَ عامرٌ
                        وبيني وبينَ العالمينَ خرابُ
          إذا صحَ منكَ الودُ فالكلُّ هينٌ
                        وكلُّ الذي فوقَ الترابِ ترابُ

#وهنَا :
لابدَ لنَا مِن أن نقابلَ تلكَ الهجمةِ الشرسةِ, التي جعلتْ خفافَ العقولِ وسرابيتَ القومِ والروبيضةَ, يعتقدونَ ويؤمنونَ أنَّ للناسِ حقٌ في تقريرِ مصيرِ البشريةِ جمعاءَ, بل والتصويتِ بالنيابةِ عنِ الأجيالِ, الذينَ كَان مِن اللازمِ أن يعيشوا بلا حدودٍ تفصلهُم, ولا جيوشَ تَمنعهُم أن يطلبوا العيشَ والإسترزاقَ في ربوعِ أرضِ اللهِ تعالى الواسعةِ !!!

ويجبُ أن نُرَسِخَ في أذهانِ الناسِ, أنَّ تقريرَ المصيرِ, وتقسيمَ الأرضِ, وغلقَ المنابعِ ومنعَ الخيراتِ, فرعٌ لإمتلاكِ الشيءِ, فمتى مَا أقاموا الدليلَ بأنَّ الأرضَ ملكٌ لساكنيهَا, وأنَّ الملكَ مُلكٌ حقيقي وليسَ إعتباري وعرفي وإتفاقي, عندَهَا فكمَا لَهُم أن يقسموا البلادَ, ويحجموا حركةَ العبادَ, ويُطبقوا على السكانِ إطباقَ السجنِ, لَهُم أن يَبِعوهَا لِمَن شاؤا وبأبخسِ الأثمانِ, دراهمَ معدوداتٍ !!!

أمَا في حالةِ لو أمنَا أننَا نملكُ الأرضَ إستملاكاً إعتبارياً عرفياً إتفاقياً, بل ونملكهَا بالتصويتِ على قانونٍ أو قرارٍ اليومَ, وتخرجُ مِنَا بنفسِ الإجراءِ التصويتِ, فلا يُمكن أن نقولَ بأننَا نملكُ شبراً واحداً إستملاكاً حقيقياً, بل أنَّ مَا يُنسبُ لنَا مِن الإستملاكِ, نسبةً غيرَ صحيحةٍ على الإطلاقِ, وعندهَا كيفَ نملكُ الحقَ والخيارَ والإمكانيةَ على التقسيمِ والفدرلةِ والتشظيةِ لأرضٍ وملكٍ ليسَ لنَا ولا يُحسَبُ مِن أملاكنَا ؟!!!

#نعم :
بهذهِ الطريقةِ وبهذا البرهانَ والإستدلالِ, نتمكنُ مِن أن نُخْرِسَ أفواهً طالمَا لاكتْ بقانونيةِ تقريرِ المصيرِ, وحقانيةِ تقسيمِ وفدرلةِ البلادِ والعبادِ, بل حتى أولئكَ الرموزِ الذينَ برروا إمكانيةَ أو أهميةَ وضرورةَ إجراءِ الفيدرالياتِ, لَم يستطيعوا أن يُقدموا البرهانَ الشرعي والديني والإخلاقي على أحقيتِهِم بذلكَ, بل أنَّ الفتوى صدرتْ مِن المصدرِ التشريعي الجديدِ, الذي لَم يذكروهُ في كتبهِم الإستداليةِ الفقهيةِ, ولَم يطرحوا حجيتهُ في أبحاثِهِم الأصوليةِ, بعدَ أن ذكروا وأثبتوا وشرعوا كتابَ اللهِ تعالى وسنةَ النبي وأهلِ بيتهِ (عليهِم الصلاةُ والسلامُ) والإجماعَ والعقلَ, لكنَ هنالكَ أصلٌ تشريعيٌ خفي, وهو أكثرُ الأصولِ حاكميةً على الأربعِ الباقياتِ, بل أنَّ إحتماليةَ هذا الأصلِ يُعارضُ ثباتَ أيٍّ مِن الأصولِ الأربعةِ, ألآ وهو المصلحةُ الشخصيةُ والمنفعةُ الذاتيةُ, التي أُسْتُدِلَ مِن خلالِهَا شرعيةُ الفيدرالياتِ وتقريرُ المصيرِ !!!

لذا لا ترى أنَّ هؤلاءِ المُتسلطينَ الدينيينَ على رقابِ الناسِ قد أقاموا البرهانَ والدليلَ على إمكانيةِ إقامةِ الفيدرالياتِ مِن الأصولِ التشريعيةِ الأربعةِ, بل أنَّ كلَّ مَا أقاموهُ فقط وفقط المصالحَ الشهواتِ ووهمَ الراحةِ والترفِ, وهذا يدلُ -عندَهُم- على حجيةِ وأصوليةِ هذا المصدرِ الخامسِ, بل وحاكميتهِ على باقي الأدلةِ !!!

بل أنَّ نفسَ الأصلِ الخامسِ, والحاكمِ الشرعي على باقي الأصولِ التشريعيةِ, رفضَ ويرفضُ كلَّ فيدراليةٍ أو حقَ شعبٍ في تقريرِ مصيرهِ في الإستقلالِ وتشكيلِ دولَتِهِم الموعودةِ, لا لشيءٍ سوى أنَّ المصلحةَ التي رغبتْ في تقسيمِ العراقِ جنوباً, رفضتْ تقسيمهُ شمالاً وغرباً, والمكاسبَ الشخصيةَ المُتْرَتِبَ على فيدرالياتِ الجنوبِ, لا تتحققُ في فيدرالياتِ الشمالِ والغربِ, لذا ترى أنَّ المصلحةَ تُملي عليهِ أن يقبلَ ذاكَ ويرفضَ هذا, ويقدمُ هذا على ذاكَ, بحسبِ هذا الأصلِ التشريعي غيرِ المُعلنِ عنهُ في أبحاثِهِم الأصوليةِ والفقهيةِ, فلا تجدَ لَهُم موقفاً ثابتاً, ولا تصريحاً يُمكن أن يُعَوَلُ عليهِ مطلقاً, وهؤلاءِ أحقُ بالقولِ الواردِ عن الإمامِ الحسينِ بنِ علي بنِ أبي طالبٍ (عليهِم الصلاةُ والسلامُ) : (النَّاسُ عَبِيدُ الدُّنْيَا ، وَ الدِّينُ لَعِقٌ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ ، يَحُوطُونَهُ مَا دَرَّتْ مَعَايِشُهُمْ ، فَإِذَا مُحِّصُوا بِالْبَلَاءِ قَلَّ الدَّيَّانُون) ...

#فبعدَ :
أن غسلنَا أيدِنَا مِن المرافقِ مِن الإستفادةِ والإستشهادِ بمواقفِ رجالِ الدينِ, الذينَ باتتْ رائحةُ فسادِ واحدِهِم أنتنَ مِن الساسةِ مجتمعينَ, فلابدَ أن نعقدَ النيةِ ونضاعفَ العملِ ونبذلَ الجُهدَ الجهيدَ في سبيلِ أن نَقلبَ الطاولةَ على رؤوسِ أربابِ هذهِ المشاريعِ, ونحيلَ دونَ وصولِ هؤلاءِ الفاسدينَ المنافقينَ الى مصالحِهِم الشخصيةِ, مِن خلالِ المجادلةِ والمناظرةِ بالحُسنى, بحيثُ لا نخرجَ مِن المغررِ بهِم إلا وقد زعزعنَا إيمانهُ المفرطَ بنفسهِ وعقلهِ, وأثبتنَا لهُ ولغيرهِ أن لا حكمَ على الأرضِ ولا قدرةَ لأحدٍ على ترسيمِ حدودِهَا إلا مَن يرى المستقبلَ بعيني الحاضرِ, ويُشخصَ الواقعَ مِن تجاربِ السابقِ ...

هيا ...
لِننطلقْ على بركةِ اللهِ تعالى وحسنِ تدبيرهِ بنَا وتأمينهِ على عملِنَا, ولنؤسسْ لأنفسِنَا حساباتٍ مكتملةِ العددِ, وسوفَ نُري المقابلَ كيفَ تكونَ الغيرةُ العربيةُ والصولةُ الهاشميةُ, لِنَستنقذَ مَا سُبي مِن أرضنَا وأُخْتُطِفَ مِن مالِنَا, ولنبرهنَ لِمَن هدمَ علينَا البيوتَ, واقتحمَ علينَا دورَ العبادةِ, وجعلَ السجونَ ملأى بإخوانِنَا, أننَا وطنيونَ عراقيونَ عربيونَ أقحاحاً, نفرطُ بالدمِ والحبيبِ والصديقِ والقريبِ والعزيزِ, ولا نُفرطُ بالمبدأ, ولنجعلهُ يُعيدُ حساباتهِ فينَا وفي وطنيتِنَا وإخلاصِنَا لأرضِنَا وبلدنَا, ولْنُعَلِمَهُ أصولَ النزالِ والخلافِ والإختلافِ, حتى يركنَ الى كلمةٍ سواءٍ أن لا نعبدَ إلا اللهَ تعالى, ونعيشَ جنباً الى جنبِ في بلدٍ لا يضيقُ بكثرةِ سكانهِ, ولا يعجزُ عن إكرامِ قاطنيهِ, فخيرهُ كثيرٌ, وعطاءُهُ مُستطيرٌ ...

وبالمقابلِ لنبرهنَ لَهُم -جميعاً- أنَّ لا شيءَ واقعٌ لا مُحالةٌ, ولا شيءَ يقعُ ضمنَ الحتمياتِ التي لا سُطانَ لنَا على تأخيرِهَا أومنعِ وقوعِهَا, إلا مَا كانَ مِن وعدِ اللهِ تعالى, وهو لا يُخلفُ الميعادُ, بل حتى مَا وردَ في المأثورِ أنهُ سيقعُ في آخرِ الزمانِ, محكومٌ بقولهِ تعالى : (ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ) الأنفال 53,
 وقولهِ تعالى : (يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) الرعد 39,
وقولهِ تعالى : (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِم مِّن رَّبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ) المائدة 66 ...

فالحتمي والحتمياتُ والأخبارُ والآثارُ, والتي ليستْ مِن الوعدِ الصادقِ, يُمكن أن نُغيرهَا أونؤخرَ وقوعهَا, بشرطِ أن نعقدَ الهَمةَ والعزمَ, ونردفَ القولَ بالفعلِ, لِنَحْمِ بذلكَ أرضنَا وعرضنَا ومالنَا وأشْرَافَنَا, ولا نُقَدِمَهُم لقمةً سائغةً بينَ فكي الجُبنِ والتخاذلِ ...

#وأمَا :
في حالِ مَا لو إستقرأنَا الواقعَ ولملمنَا أطرافَ مَا يحدثُ, فإننَا على يقينٍ بأنَّ الدولةَ الكرديةَ بأقاليمِهَا الأربعةِ -كقدرٍ متيقنٍ- أو الخمسةِ أو الستةِ قائمةٌ لا محالةً, لأنَّ الحُلُمَ الكردي كَادَ يتحققُ مباشرةً بعدَ إنهيارِ الدولةِ العثمانيةِ بُعيدَ إنتهاءِ الحربِ العالميةِ الأولى مباشرةً !!!

ومِن خلالِ الإطلاعِ على إنشاءِ الدولِ الحديثةِ وتقسيماتِهَا, نستطيعُ أن نُجزمَ بأنَّ هذهِ الدولةَ لا تقومُ إلا على أنقاضِ بقايا الدولِ التي ستقامُ على أرضِهَا, وإلا لا أملَ في نشوءِ هذهِ الدولِ مطلقاً عن طريقِ الحواراتِ والتحركاتِ الدبلماسيةِ, لأنَّ الدولةَ الكرديةَ محاطةٌ بدولٍ ذاتَ قوى كبيرةٍ لا يُمكن الإستهانةِ بهَا ...

وأمَا رهانُ الدولِ الإقليميةِ على المقاطعاتِ الإقتصاديةِ والمروريةِ, فغيرُ صحيحةٍ على الإطلاقِ, لأنَّ الدولةَ الكُرديةَ ليستْ مِن الدولِ التي يُمكنُ مقاطعتهَا بعدَ إكتمالِ حدودِهَا, لأنَّ حدودَهَا ستكونُ أوسعُ بكثيرِ مِن حدودِ خارطةِ العراقِ الحديثِ, بل سوفَ تتمتعُ بحدودٍ لا يُمكن أن يحصلَ عليهَا حصاراً في المستقبلِ على الإطلاقِ, ولتفهمْ هذهِ النقطةِ تعالَ معي الى أقدمِ نصٍ أطلعتُ عليهِ والذ جاءَ على لسانِ #شريفِ_باشا العضو في جمعيةِ صعودِ كُردستانَ, والذي قالَ في مؤتمرِ باريسَ للسلامِ عامَ 1919, حيثُ قالَ : (تبدأ حدودُ كردستانَ -حسبُ وجهةِ النظرِ العرقيةِ- مِن الشمالِ من زيفانَ على حدودِ القوقازَ, ثم تتجهُ غرباً إلى أرضرومَ وأرزينجانَ وكيماخَ وأربغيرَ وبسني ودفريقي، ثم جنوباً حيثُ يتبعُ خطُ حرانَ جبلَ سنجارَ وتلَ الأصفرَ وأربيلَ والسليمانيةَ ثم سنانداجَ . وشرقاً رافاندزَ وباشقلعةَ ووزيرقلعةَ، وما يُسمى بالحدود الفارسيةِ حتى جبلِ أراراتَ) !!!

وحتى لو لَم يقتنعْ الحاضرونَ بهذهِ الحدودِ الواسعةِ التي قضمتْ أراضي تركيا وأرمينيا شمالاً, وإيران بكلِّ شريطِهَا الحدودي مع العراقِ شراقاً, والعراقَ وسوريا وتركيا مرةً أخرى جنوباً, لكنَ الكثيرَ مِن الكُردَ لم يرضوا بهذهِ الحدودِ, لأنَّهَا أخرجتْ الكثيرَ مِن مناطقِ سُكناهُم, لذا إقترحَ #أمينُ_بدرخان حدوداً جديداً تتضمنُ تلكَ التي لَم يحددهَا شريفُ باشا, وهي محافظةُ وَآن وأغري وموش التركيةِ الشرقيةِ بمحاذاتِ أرمينيا, مضافاً الى المطالبةِ بمقاطعةِ هتاي أو الإسكندرونةِ التركيةِ لضمانِ الحصولِ على المنفذِ البحري !!!

#وهنَا :
نسألُ السؤالَ التالي عن إمكانيةِ قيامِ الدولةِ الكردستانيةِ على أراضي أربعةِ دولٍ بدونِ حدوثِ إضطراباتٍ حقيقيةٍ على أرضِ المنطقةِ المُزمعِ إقامةِ الدولةِ الجديدةِ عليهَا, أم أنَّ المنطقةَ سَتصبحُ أرضُ تناطحاتٍ وتجاذباتٍ وإختلافاتٍ سياسيةٍ وعسكريةٍ وإقتصاديةٍ, بل وجحافِ جيوشٍ وعرباتٍ مدرعةٍ ومزمجرةٍ, وقواعدُ جويةٍ وصاروخيةٍ وعسكريةٍ, بل ومسرحٌ عالميٌ مِن مسارحِ أحداثِ آخرِ الزمانِ !!!

لذا فإذا كانتْ الولاياتُ المتحدةُ الأميركيةُ عازمةٌ على زرعِ الدولةِ الكُردستانيةِ في هذهِ المنطقةِ, طبقاً لمطالبِ المفاوضينِ شريفِ باشا و أمينِ بدرخانَ, فبالتأكيدِ سوفَ لا تسعى الى إقامةِ هذهِ الدولةِ بالطرقِ السلميةِ السياسيةِ التفاوضيةِ, بل لابدَ مِن إشعالِ فتيلِ الأزمةِ على حدودِ هذهِ الدولِ الأربعِ, والتي لم يبقَ مِنهَا إلا إثنتانِ فقطِ, همَا تركيا وإيرانُ, لتكتملْ حدودُ الدولةِ الكُردستانيةِ !!!

#ولكن :
بالرغمِ مِن الرغبةِ الأمميةِ لإنشاءِ دولةِ كُردستانَ, ولكن معاهدةَ لوزان عامَ 1920 لَم تؤيدْ إقامةِ هذهِ الدولةِ بحدودِهَا العرايضةِ, لأنَّهَا ستقتطعُ جزءاً كبيراً مِن شرقِ وجنوبِ تركيا, بالإضافةِ لإقتطاعِهَا جزءاً كبيراً مِن شمالي العراقِ وسوريا الواقعتينِ تحتَ الإنتدابِ الفرنسي, والمعروفِ آنَّ ذاكَ بهلالِ الخصيبِ !!!

هذهِ الأمورُ هي التي جعلتْ الإتفاقيةَ غيرَ قابلةٍ للتطبيقِ والموافقةِ, أي أنَّ إقامةِ هذهِ الدولةِ مبدئياً ليسَ عليهَا إشكالٌ, ولكنَ الإشكالَ في سعةِ حدودِ هذهِ الدولةِ, وعبرِهَا الى أماكنِ نفوذِ بريطانيا وفرنسا !!!

ونتيجةً لمعاهدةِ لوزانَ عامَ 1923 حيثُ قامتْ أطرافُ الإتفاقيةِ بضمِ الكثيرِ مِن المناطقِ والمدنِ الكبرى في شمالِ سوريا الى تركيا, وهي : مرسينُ وطرسوسُ وقيليقيةُ وأضنةُ وعنتابُ وكلسُ ومرعشُ واورفةُ وحرانُ وديارُ بكرٍ وماردينُ ونصيبينُ وجزيرةُ ابنُ عمرٍ, وهي الآن واقعةً تحتَ السلطةِ التركيا رسمياً, بينمَا في عامِ 1938 إقتطعتْ فرنسا مدينةَ الإسكندرونةِ مِن الأراضي السوريا, وأعطتهَا للجانبِ التركي أيضاً, مخالفةً بذلكَ كلَّ قوانينِ الإنتدابِ, التي تُلزمُ الطرفُ المُنْتَدِبُ بالحفاظِ على الأراضي المُنتَدَبةِ !!!

#لذا :
لا يُمكن التعويلُ على أيِّ إتفاقيةٍ مُبرمةٍ مع الجانبِ القوي الغربي, لأنَّ أسبابَ رفضِ وقبولِ التعاطي وبيعِ الأراضي, وتشكيلِ الدولِ على أساسِ المصلحةِ الغربيةِ, وهذا مَا لمسناهُ في الإتفاقياتِ التي عقبتْ الحربينِ العالميتينِ الأولى والثانيةِ, وعدمُ التعويلِ هذا متفقٌ عليهِ ومتعارفٌ عليهِ بينَ جميعِ السياسيينَ, فالإطئنانُ الذي شعرَ بهِ الكُردُ بعدَ معاهدةِ سيفر 1920, لَم يستمرْ أكثرَ مِن ثلاثِ سنواتٍ, حتى شعرَ الكُردُ بالإحباطِ مرةً أخرى بعدَ إبرامِ معاهدةِ لوزانِ الثانيةِ عامَ 1923, حيثُ جعلتْ حقَ تقريرِ المصيرِ مِن قبلِ الكُردِ, يتغيرُ الى وجوبِ إحترامِ الأقلياتِ ومَنحِهِم الحمايةِ التامةِ, مِن دونِ أن يُذكرَ للكردِ لفظٌ ولا أسمٌ !!!

طبعاً اللعبُ على وترِ الدبلماسيةِ لا يَتمُ إلا على أنقاضِ الدولِ المستقرةِ والقويةِ دبلماسياً, فلذا نلاحظُ أنَّ الإنهياراتِ الأمنيةِ التي حصلتْ في العراقِ, وبالخصوصِ في المناطقِ الغربيةِ, والإنهياراتِ التي حصلتْ في عمومِ سوريا, صاحبتْهَا إنهياراتٌ سياسيةٌ ودبلماسيةٌ واقتصاديةٌ في الجارتينِ تركيا وإيرانَ معاً, وهذهِ الإنهياراتُ مقدمةٌ ضروريةٌ لإنهيارِ البلدينِ عسكرياً في القريبِ العاجلِ ...

فالمشروعُ الأميركي في المنطقةِ, يختلفُ إختلافاً كبيراً عن المشروعينِ البريطاني والفرنسي السابقينِ, فالحكومةُ الأميركيةُ غيرُ معنيةٍ مطلقاً بالإتفاقياتِ والتحركاتِ الدبلماسيةِ, بل سعتْ بعدَ إنهاءِ الملفِ الكردي العراقي, الى التأسيسِ الى الدولةِ الكرديةِ في شمالِ سوريا, مِن خلالِ دعمِ القواتِ الكُرديةِ BYD, وتقديمِهَا على الدولةِ التركيةِ ومصالِحِهَا في المنطقةِ ...

لأنَّ إكمالَ مسكِ الأرضِ مِن قبلِ القواتِ الكُرديةِ السوريةِ وعلى طولِ الشمالِ السوري, سوفَ يُأمنُ التواصلَ العالمي للإقليمينِ الكُرديينِ العراقي والسوري عبرَ ساحلِ البحرِ المتوسطِ, وهذهِ الخطوةُ قد شعرتْ بهَا الحكومةُ التركيةُ منذُ البدايةِ, عندمَا حاولتْ السيطرةَ على محافظةِ أدلبِ السوريا, لأنَّهَا واقعةٌ بطريقِ إكمالِ الدولةِ نحو الساحلِ !!!

وطبعاً أنَّ سيناريو المطالبةِ بساحلِ البحرِ المتوسطِ مِن قبلِ الكُردِ ليسَ جديداً, بل أنَّ #أمين_بدرخان قد طالبَ بذلكَ منذُ البدايةِ, لأنَّهُ على علمٍ وإطلاعٍ بأنَّ الممرَ المائي يضمنُ التواصلَ مع العالمِ, وكمَا بينَا ذلكَ سابقاً !!!

#وهنَا :
لابدَ مِن الإلتفاتِ أنَّ أميركا عازمةٌ على إكمَالِ مشروعِهَا في المنطقةِ, بطريقةٍ ذكيةٍ جداً, مِن خلالِ إستمرارِ دعمِ لقواتِ الكرديةِ السوريةِ, ولذا لا ينفعُ معَ تقدمِ هذهِ القواتِ اللعبُ على ورقةِ الشطرنجِ, مِن توقعِ التحركاتِ وغلقِ الأماكنِ الشاغرةِ المُتوقعةِ أن يشغلهَا العدو, بل لابدَ مِن أن تكونُ التحركاتُ أكثرُ صراحةً وجرأةً هذهِ المرةِ, لأنَّ الوقتَ ليسَ مِن صالحِ المنطقةِ بأسرِهَا, واللعبُ على الوقتِ لا يستفادُ منهُ إلا الجانبُ الأميركي في إكمَالِ مشروعهِ, وفرضِ الأمرِ الواقعِ والتفاوضِ عليهِ !!!

#وهنَا :
أذكرُ في المقامِ بعضِ المواردِ الشرعيةِ, مَا بينَ حديثٍ وأثرٍ وشرحٍ, والذي يُؤيدُ الكثيرَ ممَا طرحناهُ في المقالِ, سآئلاً اللهَ تعالى أن يقيني وأياكُم شرَ الأشرارِ وكيدَ الفجارِ وطوارقَ الليلِ والنهارِ, مِنَها مَا جاءَ عن :
1- أميرُ المؤمنينَ عليهِ السلامُ : ( ... في سنةِ إظهارِ غيبةِ المتغيبِ مِن ولدي, صاحبِ الرايةِ الحمراءِ، والعلمِ الأخضرِ، ....  ذلكَ يومٌ فيهِ صيلمُ الأكرادَ والشراة، وخرابُ دارِ الفراعنةِ  ...) ...

2- عن علي بنِ ابى طالبٍ (عليهِ السلامُ) : (.. ثم يظهرُ برأسِ العينِ رجلٌ أصفرُ اللونِ, على رأسِ القنطرةِ, فيقتلُ عليها سبعينَ ألفَ صاحبٍ محلا, و ترجعُ الفتنةُ إلى العراقِ ....... قالوا : يا أميرَ المؤمنينَ بينَ لنَا أينَ يخرجُ هذا الأصفرُ ؟؟ و صفْ لنَا صفتهُ ؟؟
 فقالَ ( عليهِ السلامُ ) :  (أصفهُ لكُم  : ..... وهو شيخٌ كبيرٌ كرديٌ بهيٌ طويلُ العمرِ تدينُ لهُ ملوكُ الرومِ ..... وترجعُ الفتنةُ الى الزوراءِ, فيقتلُ بعضهُم بعضاً, ثم تنتهي الفتنةُ فلا يبقى غيرُ خليفتينِ يهلكانِ في يومٍ واحدٍ, فيتقلُ أحدهُمَا في الجانبِ الغربي والآخرُ في الجانبِ الشرقي) ...

3- عن الشيخِ محي الدينِ في العلائمِ : ( ... يا وقعةَ لملوكِ الأرضِ أجمعَهَا, رومٌ وروسٌ وإفرنجٌ وبطراقٌ, ويلُ الأعاجمِ من ويلٍ يحلُ بهِم .....  وتملكُ الكردُ بغدادَ وساحتَهَا إلى خراسانَ من شرقِ العراقِ ....) ....

#وأسألكُم_الدعاءَ ...

الأربعاء، 20 سبتمبر 2017

#الكُرْدُ .. بَيْــنَ حُلُمِ الحَاضِرِ وغِيَابِ التأريخِ :
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,(الدكتور مهند جاسم الحسيني)
مِن أصعبِ الدراساتِ على مُستوى العلومِ الإنسانيةِ, هو علمُ الإنثروبولوجيا Anthropology)) أو مَا يُعرفُ بعلمِ الإنسانِ, حيثُ يَهتمُ هذا العلمُ في دراسةِ أعمالِ وسلوكِ وحضاراتِ والمجتمعاتِ البشريةِ, بحيثُ أنَّ هذا العلمَ يُقدِمُ الى الباحثينَ خوارطَ بشريةٍ تُشخصَ الإنسانَ على أساسِ العملِ والسلوكِ وطريقةِ العيشِ والتجمعِ وصولاً الى مَا يُعرفُ بالحضارةِ ...

فَمَثلاً أنَّ هذا العلمَ لمَا درسَ المنطقةَ الجنوبيةَ للعراقِ, إستطاعَ أن يُحددَ مقدارَ القبائلِ المنتميةِ للأرضِ, والعشائرِ المنتميةِ لهَا, وصولاً الى الأفخاذِ والعوائلِ, معرجاً على الترابطِ الأسري والمجتمعي, كالزواجِ والقانونِ والأحكامِ والإقتصادِ وطريقةِ العرضِ والطلبِ ...

ومِن هذهِ الدراساتِ إستطاعَ الباحثونَ أن يُقدموا خرائطاً تفصيليةً عن القبائلِ التي كانتْ ومَا زالتْ تَسكنُ الأرضَ, وأيهَا جاءت دخيلةً عليهَا ...

#وبالمقابلِ :
إنَّ علمَ الوراثةِ وبالخصوصِ فرعِهَا المعروفِ بـــ الكروموسومِ Y, والذي يَهتمُ بدراسةِ التوزيعاتِ الجينيةِ المرتبطةِ بالأرضِ المسكونةِ, فَمثلاً أنَّ الدراساتِ الجينيةِ للأكرادِ القاطنينَ في الشمالِ الشرقي العراقي, وجدَ أنَّهَا مِن النوعِ J2, وبنسبةٍ 28.4% مِن الأكرادِ بصفةٍ عامةٍ,
وهذا الجينُ نفسهُ الذي يحملهُ أغلبيةُ ساكني البلدانِ : إيران، وأرمينيا، وأذربيجان، وجورجيا، وفي تركيا، والأكراد، والشام !!!

وبالتالي فإنَّنَا نعلمُ بشكلٍ كبيرٍ جداً, أنَّ الأكرادَ جزءٌ مِن سكنةٍ هذهِ البلادِ, وليسو دخلاءَ عليهَا, ولَم ينزحوا إليهَا في الوقتِ مَا قبلِ التأثرِ الجيني ...

ومِن هذهِ الدراسةِ الجينيةِ تمكنَ الباحثونَ أيضاً أن يَسهموا في رسمِ خارطةٍ وراثيةِ -جينية- لسكنةِ هذهِ المنطقةِ أيضاً, وبالتالي يُعرفُ الخلاءُ على هذهِ الأرضِ مِن السكانِ الأصليينَ ...

#وأيضاً :
فإنَّ الموروثَ التأريخي والأدبي والملحمي سجلَ الكثيرَ مِن الحقائقِ التي يُمكنُ أن تركنَ إليهَا النفسُ في معرفةِ سكنةِ هذهِ الأرضِ مِن غيرهِم, ومعرفةُ السكانِ الحقيقينَ مِن النَازحينَ عليهَا,
فمثلاً سجلَ المؤرخُ الكرديُ محمد أمين زكي في كتابهِ "خلاصةُ تاريخِ الكُردِ وكردستانَ" : (بأنَّ الميديينَ وإن لم يكونوا النواةَ الأساسيةَ للشعبِ الكردي, هاجر الميديون بحلول سنة 1500 قبل الميلادِ, من نهرِ الفولكا شمالِ بحرِ قزوينَ واستقروا في الشمالِ الغربي من إيرانَ وأسسوا مملكةَ ميديا, إنَّ أصلَ الميديينِ يرجع إلى شخصٍ اسمهُ دياكو الذي كانَ زعيمَ قبائلِ منطقةِ جبالِ زاكروسَ, وبحلولِ القرنِ السادسِ قبلَ الميلادِ, تمكنوا من إنشاءِ إمبراطوريةٍ ضخمة امتدتْ مِن مَا يعرفُ الآنَّ بأذربيجانَ، إلى آسيا الوسطى وأفغانستانَ, واعتنقَ الميديونَ الديانةَ الزردشتيةَ، وتمكنوا في 612 قبلَ الميلادِ, من تدميرِ عاصمةِ الأشوريينَ في نينوى. ولكن حكمهم دامَ لما يقاربَ 50 سنةً, حيث تمكن الفارسيونَ بقيادةِ الملكِ الفارسي كورش بالإطاحة بالميديين وكونوا مملكتهم الخاصة ...

ومَا جاءَ في تاريخِ إبنِ خلدونَ في المقدمةِ والطبري في تاريخهِ بأنَّ الكُردَ هُم #بَدُو_الفرسِ, أي أنَّ الكُردَ هُم مَن يترحلُ ويتنقلُ بينَ الجبالِ, كمَا يتنقلُ سكنةُ الصحارى العربيةِ والذينَ يُعرفونَ بالبدو, لذا يقالُ عن بدو الجبالِ بأنَّهُم كُردٌ ...

#لذلكَ :
أنَّ المصادرَ الثلاثةَ وهي الإنثروبولوجيا والجيناتُ الوراثيةُ والتأريخُ جميعهَا أطبقتْ تقريباً على أنَّ الكُردَ لا وجودَ لهُم في شمالِ العراقِ, بل حتى مَا سجلهُ مُأرخُهُم محمدُ أمين زكي, بأَنَّ النواةَ التي سجلتْ بدايةِ الكُردِ لَم تَكُن مِن الأصولِ العراقيةِ أصلاً, بل أنَّهُم مِن سكنةِ بلادِ فارسٍ -إيران- حصراً, ومَا وقعَ على نينوى العراقية مَا هو إلا إحتلالٌ مِن قبلِ الفرسَ للقضاءَ على الإحتلالِ المديينَ فيهَا, أي أنهُ قضاءُ على محتلٍ للأراضي العراقيةِ مِن قبلِ محتلٍ آخرٍ, ومَا أكثرُ ذلكَ في التأريخِ ...

بينمَا الدراسةُ الجينيةُ لا يُمكن أن تُثبتَ أكثرَ مِن إتحادِ الجينِ الوراثي بينَ بعضِ القبائلِ القاطنةِ في أرضِ العرابِ, وهولاءِ المتحولونَ الى العربِ بعدَ ذلكَ كاليهودِ والشاميينَ, ومَا يُمكن أن يُصطلحُ عليهِم بالعربِ المُستعربةِ أي الذينَ تعلموا اللغةَ مِن العربِ الأصلاءِ ...

#لذلكَ :
لا يُمكن أن نُطلقَ على مَن يَسكنُ أرضَ العربِ بغيرِ العربِ, بغضِ النظرِ أنهُ مِن العربِ العاربةِ أو المُستعربةِ, ومَن سكنَ أرضَ العربِ بينَ قرنيهَا ولم يتكلمْ لغتهُم وصارَ مِنهُم فهو دخيلٌ عليهِم وعلى أرضِهِم, وليسَ لهُ في أرضِ العربِ أصلٌ ولا فصلٌ, بل فليبحثْ عن أصولهِ في أماكنٍ أخرى كبلادِ فارسِ وأرمينا وأذربيجانَ وغيرِهَا ...

هذا إذا تكلمنَا على نحو الإصولِ والتواجدِ, أمَا إذا تكلمنَا على أساسِ الأديانِ والأفكارِ والمعتقداتِ المُنتحَلَةِ مِن قبلِ سكانِ أرضِ العربِ, فلا طائلَ مرجوةٌ منَها أبداً, لأنَّ الدياناتِ للجميعِ, ومَن كانَ يهودياً تَنَصْرَ وتَأسلمَ, فليسَ البحثُ في الدياناتِ جدوى للطرفِ المقابلِ إطلاقاً ...

فليسَ مِن الحكمةِ أن يَستمعَ شبابُنَا وكهولُنَا الى دعوى إستحقاقِ اليهودِ بأرضِ فلسطينَ, أو مَا بينَ الفراتِ والنيلَ, لأنَّ الدينَ لا يتملكُ الأرضَ, لأنَّ سكنةَ الأرضِ هُم مَن يستملكُ الأرضَ, ويتناقلوا بينَ الدياناتِ, فالأرضُ جميعاً للعربِ, يهوداً كانوا أو مسيحاً أو مسلمينَ, لأنَّ الأرضَ عربيةٌ, بينمَا الدياناتُ يتناقلُ بينهَا الأفرادُ ...

مِن هذا الطرحِ, سوفَ يخرجَ الكُردُ مِن الجولةِ الأولى, حتى لو كانوا مسلمينَ, فإسلامُ لا يَستملكُ الأرضَ, ويجعلوا مِنهُم عرباً, وأمَا اليهودُ فليسَ لَهُم الحقُ في إقامةِ امةٍ عبريةٍ في قلبِ الأمةِ العربيةِ, لأنَّ الأرضَ عربيةٌ بغضِ النظرِ عن الدينِ, ولكنَ الإشكالَ في إستحداثِ أمةٍ في داخلِ أمةٍ, وهذا الإستحداثُ لا يشابهُ إستحداثَ دينٍ جديدٍ مطلقاً, فللعربي أن ينتحلَ أيَّ عقيدةٍ يشاءُ, بينمَا تبقى يدهُ على الأرضِ, لأنَّ الإنتماءَ لهَا إنتماءً قومياً لا دينياً !!!

#وفي_نفسِ_الوقتِ :
لا جدوى مِن البحثِ في أصولِ الغةِ على الإطلاقِ, فحتى لو أثبتنَا آشوريةِ اللغةِ للمشرقِ العربيي, وأمازيغيةِ المغربِ, وعبريةَ جزءً مِن الوسطِ, فهذا لا يعني أنَّ التعدديةَ تبقى على ثباتِهَا بعدَ ذلكَ, وعلى أساسِ التعدديةِ تثبتْ عندنَا تبعيةِ الأرضِ, لانَّ العربَ كمَا بينَا عربٌ عاربةٌ ومستعربةٌ, وطبيعةُ اللغاتِ تتغيرُ وتنشأ وتموتُ, وأمَا بقاءُ بعضُ الكلماتِ لا تُثبتُ تبعيةَ الأرضِ, بل أنَّ الأحفورياتِ والتنقيبَ عن بعضِ المخطوطاتِ والنقوشِ, لا يُثبتُ غيرَ أنَّ أصحابَ اللغةِ كانوا قاطنينَ في هذهِ البقعةِ, ولا يُمكن جرهَا الى أكثرِ مِن تلكَ البقعةِ, إلا على نحو التنظيرِ والإحتمالِ والذينِ لا يُمكنُ أن يرتقيانِ الى مُستوى المطالبةِ بالأرضِ وحقِ إسترجاعِهَا في غيرِ الأبحاثِ وبطونِ الكتبِ ...

وبالتأكيدِ أنَّ اللغةَ العربيةَ هي مِن أفصحِ وأيسرِاللغاتِ على مُستوى اللغاتِ التي شهدتهَا الأرضُ منذُ خَلْقِ الإنسانِ, حتى على مُستوى الإشتقاقِ, وهذا مَا يُفسرُ سرَ إنتشارهَا وإتقانِهَا مِن قبلِ الغيرِ في تلكَ العصورِ السحيقةِ, قبلَ أن يَكُونَ للعربِ شوكةٌ لنقلِ لغتِهِم بغيرِ التجارةِ والترابطِ بينَ الحضاراتِ !!!

#لذا :
فإنَّ إنتهاءَ اللغةِ الأمازيغيةِ أو مَا يرجعُ إليهَا, وبقاءُ أهلِهَا في نفسِ أرضِ الأجدادِ, لا يُعطي الحقَ لَهُم للمطالبةِ بإنشاءِ أمةً أمازيغيةً بعدَ إندثارِهَا, كمَا لا يُمكنُ للعبريينَ اليهودِ أن يُطالبوا أن تُنشأ لهُم أرضٌ لِيَقيموا عليهَا بدايةَ تكونَ أمةً عبريةً أيضاً, لأنَّ المُجتمعاتِهِم إنتحلتْ اللغاتِ الأسهلَ والأفصحَ على لِسانِهَا وفَهمِهَا, وأصبحوا بعدَ ذلكَ مِن المُستعربةِ, وهذا الإستعرابُ جاءَ عبراً للعصورِ, وليسَ نتيجةً للتغيراتِ السياسيةِ والعسكريةِ, بل هو مِن طبائعِ اللغاتِ في المنشأ والإندثارِ, كمَا حصلَ مع اللغاتِ المصريةِ والعراقيةِ وحضاراتِهِمَا في الأزمانِ السحيقةِ, ولم يبقى مِن تلكَ اللغاتِ إلا مَا يدلُ على وجودِهَا فقط ...

#لذلكَ :
يَنْبَغي للجميعِ الإلتفاتِ, أنَّ قضيةَ إنشاءِ وإعادةِ تأهيلِ الأمةِ بعدَ إندثارِهَا, أو المُطالبةَ بتشكيلِهَا بعدَ أن يتجاذبَ الأفرادَ مِن نفسِ اللغةِ ليكونوا شعباً ومُجتمعاً, لَم تحصلْ عبرَ العصورِ مطلقاً, وهذا مَا يُفسرُ وجودَ القومياتِ الأخرى في داخلِ الأمةِ العربيةِ مثلاً, لأنَّ التنقلَ بينَ المملكاتِ السياسيةِ مِن قبلِ الأغرابِ كانَ ممكناً للجميعِ, حتى مِن كانَ خارجَ تلكَ الأمةِ, بسببِ طلبِ العيشِ, والبحثِ عن التوسعةِ والإسترزاقِ, والهربِ مِن الظلمِ والمرضِ, كُلُهَا عواملٌ مكنتْ حصولَ الهجرةِ الى البلادِ الأخرى مِن القومياتِ الأخرى, وبسببِ طبيعةِ الإنسانِ وفطرتهِ وركونهِ الى التجمعِ الى بني قومهِ وقوميتهِ, نشأتْ مَا يُعرفُ بقوميةٍ داخلَ قوميةٍ أخرى, وإلا لا سبيلَ يُمكن أن نَركنَ إليهِ مِن تداخلِ القومياتِ ببعضِهَا, دونَ حدوثِ إنصهارٍ فيمَا بينَهَا ...

بل إنَّ حتى البقاءِ والسماحِ بتكونِ بعضِ القومياتِ المصغرةِ مِن قبلِ الدولِ السابقةِ, يُنبؤنَا بأنَّ هنالكَ لا خطرَ في تَشكلِ هكذا قومياتٍ المصغرةِ في القوميةِ الكبيرةِ, بل إنَّ كيانَ الدولةِ قائمٌ على أساسِ التعدديةِ القوميةِ, بل والسماحِ بوجودِهَا, لأنَّ الدولةُ تسمحُ بنشوءِ أيِّ شيءٍ ممكن أن يثري الدولةَ ويتحفهَا في أي مجالٍ مِن المجالاتِ, فكمَا لا غنى في الدولِ الصناعيةِ الكبرى عن الفلاحِ والزراعةِ, كمَا لا تستنغني نفسهَا عن بدو الصحارى والجبالِ -الكُرد-, لأنَّ التعدديةَ القوميةَ واللغويةَ والسكانيةَ, تُثري وتوفرُ المادةَ الخامَ في مجالاتِ الحياةِ عامةً, كالزراعةِ والصناعةِ والتكنلوجيا ...

وهذا أحدُ الأسبابِ التي ترى أنَّ الطبقيةَ والتعدديةَ في إقتصادياتِ المجتمعاتِ المتمدنةِ والمتحضرةِ, بل وهذا أحدُ الأسبابِ التي نشأتْ عليهَا الأفكارُ الرأسمَاليةِ, لأنَّ كمَا وفرتْ الرأسماليةُ الحقَ لإمتلاكِ الطبيعةِ مِن قبلِ رؤوسِ الأموالِ, فإنَّهَا وفرتْ حقَ إسترقاقِ الناسِ بطرقٍ أخرى لا تتعارضُ مع جريمةِ الإسترقاقِ والعبوديةِ عندَهُم, لأنَّهُم يعتبرونَ وجودَ القومياتِ في بلادِهِم كوجودِ ذوي الدخلِ المحدودِ, لأنَّهُم يوفرونَ مَا لايتمكن مالكو الرؤوسِ الماليةِ مِن توفيرهِ !!!

#فبالتأكيدِ :
إذا كانَ السماحُ لنشوءِ القومياتِ المصغرةِ على أراضي الدولةِ لا يُدي الى إثارةِ القلاقلِ والفتنِ, فضلاً عن إحتماليةِ إقتسامِ الملكِ والدولةِ مع المالكينَ الأصليينَ مِن الناسِ, فلا بأسَ بالسماحِ لَهُم, بل والتمكينَ لهُم مِن خدمةِ الدولةِ مِن خلالِ التمكينَ مِن تعميقِ الهجرةِ الى بلادِ العربِ والمسلمينَ مثلاً, وأمَا مع إحتماليةِ أن تُثيرُ موجاتُ النزوحِ والهجرةِ الإقتصاديةِ والأمنيةِ والصحيةِ أي مخاوفِ مِن أثارةِ القلاقلِ والفتنِ, أسواءِ كانتْ إقتصاديةً أو أمنيةً أو سياسيةً ولو على نحو البعيدِ, فبالتأكيدِ أنَّ ليسَ مِن صالحِ الدولةِ أن تسمحَ لهكذا عملياتِ نزوحٍ وهجرةٍ تؤدي الى تكوينِ مستعمراتٍ وتجمعاتٍ ممكنُ أن تؤدي الى تولدِ البذرةِ الأولى الى نشوءِ القوميةِ ولو في المستقبلِ غيرِ المنظورِ !!!

ولهذا قد لاحظنَا في السنواتِ الخمسِ الماضيةِ كيفَ بدأتْ الدولُ تنزعجُ وتتوعكُ مِن عملياتِ الهجرةِ والنزوحِ غيرِ المنضبطةِ والمحددةِ, لأنَّ إحتماليةَ نشوءِ تغيراتٍ ديموغرافيةِ بالمستقبلِ القريبِ, لذا نلاحظُ كيفَ تغيرتْ الإجراءاتُ على صعيدِ الإتحادِ الأوربي -المُشجعُ على إستقبالِ اللاجئينَ- مِن السماحِ بالإقامةِ الدائمةِ والمواطنةِ الى الإقامةِ المحددةِ والمرهونةِ زمنياً وبالظروفِ الراهنةِ مِن البلدِ المنزوحِ منهُ, لأنَّ هذهِ الموجاتِ ستوفرَ حقوقاً وواجباتٍ لا تتمكنُ الدولةُ مِن التغاضي عنهَا, كمَا حصلَ في الدولةِ الفرنسيةِ التي شكلَ العربُ على أراضيِهِم ثلثَ السكانِ الأصليينَ, مَا جعلهُم قادرينَ على تشكيلَ قوميةٍ عربيةٍ في فرنسا !!!

وبالمقابلِ لاحظنَا الغضبَ العرامَ مِن قبلِ إدارةِ الرئيسِ الأميركي دونالد ترامب إتجاهَ قضيةَ اللجوءِ والسفرِ والإقامةِ, حتى وصلَ بهِ الحالِ الى إحتماليةِ تهجيرِ الكثيرِ مِن الأميركيينَ مِن أبوينَ غيرِ أميركيينَ !!!

وكلُّ هذهِ المخاوفِ مخاوفٌ مِن تشكلِ جالياتٍ غيرِ اصليةٍ قبالَ تلكَ الموجودةِ اصلاً على تلكَ الأرضِ, التي يُمكن ان تشتركَ في القراراتِ السياسيةِ وتشكيلِ الحكوماتِ وصولاً الى المطالبةِ بالإستقلالِ وحقِ تقريرِ المصيرِ, وهذا الخطرُ خطرٌ حقيقيٌ يوازي ويزيدُ على الخطرِ الأمني الذي يُمكن السيطرةُ عليهِ !!!

#إذن :
هنالكَ فرقٌ كبيرٌ بينَ السماحِ لوفودِ وإقبالِ الجالياتِ بينَ السابقِ والحاضرِ, بل هنالكَ فرقٌ بينَ السماحِ بالهجرةِ قبلَ وبعدَ تشكلِ الكيانِ الصهيوني في قلبِ الأمةِ العربيةِ, حيثُ أنَّ أو قوميةٍ عبرَ التأريخِ سُمِحَ لهَا أن تُنشأ دولةً ذاتَ قوميةٍ في أرضِ قوميةٍ أخرى !!!
وهذا الوجودُ اليتيمِ للقوميةِ العبريةِ سكونُ مهدداً بالخطرِ والتفككِ ولو بعدَ حينٍ, لذا لابدَ مِن السماحِ لهُ بالإضفاءِ شيءٍ مِن الشرعيةِ والأمنِ والممانعةِ, مِن خلالِ السماحِ لبعضِ القومياتِ الأخرى غيرِ العربيةِ أن تُشكلَ بلداناً على أساسِ قومياتِهَا على الأراضي العربيةِ, تحتَ مسمياتٍ كثيرةٍ كحقِ تقريرِ المصيرِ, والحفاظِ على الأقلياتِ الإثنيةِ والعرقيةِ والقوميةِ !!!

وبالتالي فإنَّ إقامةَ دولةٍ كُرديةٍ على الأراضي العربيةِ العراقيةِ, سوفَ يُشكلُ سداً منيعاً للدولةِ الصهيونيةِ في فلسطينَ, مِن خلالِ تشكيلِ تحالفاتٍ تحمي الأقلياتِ في الأراضي العربيةِ, بل وأنَّ البابَ سوفَ لا يُغلقُ بتشكيلِ دولةٍ كُرديةٍ فقط, بل البابُ سوفَ يُفتحُ على مصراعيهِ لجميعِ الأقلياتِ, والتي يُمكن أن تسوقُ لنفسهَا قوميةً مستقلةً, كالأمازيغِ في دولِ المغربِ العربي, بل والأقباطِ فيي مصرِ, كلُّ هذهِ الملفاتِ سوفَ تتفجرُ تباعاً بعدَ إعلانِ إقليمِ كُردِستانِ إستقلالهُم !!!

وِمن هنَا عرفنَا سببَ تحمسِ الصهاينةِ لإجراءِ الإستفتاءِ في موعدهِ المقررِ, متجاهلةً كلَّ الأصواتِ الأمميةِ برفضهِ ولو في الوقتِ الحالي ...

#وفي_نفسِ_الوقتِ :
ليسَ مِن الصالحِ العربي والإقليمي العراقي أن يُراهنَ على مَا يُعرفُ بالرفضِ الأممي وعدمِ الشرعيةِ الأمميةِ لدولةِ الكُرديةِ المُرتقبةِ, لأنَّ الشرعيةَ الأمييةَ يُمكن أن تتغيرَ بتغيرِ الرئاساتِ, لأنَّ أصلَ تقريرِ المصيرِ ليسَ ممنوعاً قانونياً بمقدارِ منعهِ سياسياً, وبمَا أنَّ السياساتِ تتبدلُ بتبدلِ الرؤساءِ, لذا فليسَ مِن العقلِ ولا مِن الحكمةِ أن يُعولَ الكثيرُ مِن ساسةِ العربِ والإقليمِ الغعراقي على الشرعيةِ الدوليةِ ...

وإذا كانتْ هذهِ القضيةُ واضحةً بالنسبةِ لدولِ الإقليمِ العراقي, ولم يعولوا على الشرعيةِ التي تتبدلُ وتتغيرُ بتغيرِ الرؤساءِ في الدولِ العظمى, فبالتأكيدِ سوفَ يعملونَ على تقويضِ هذهِ الدولةِ قبلَ أن تنشأ, ويحاولونَ إنهاءَ وجودِهَا مِن الأساسِ, بعتبارهَا مهددةً للأمنِ القومي لبلادِ الجوارِ الذينَ يملكونَ الملايينَ مِن الكُردِ الذينَ يُمكن أن يطالبوا بالحكمِ الذاتي بعدَ كم سنة مِن عملياتِ عسكريةِ وأمنيةٍ, وسفَ يجدونَ مَن ينطقُ بإسمهِم ولغتِهِم وينقلُ معاناتِهِم الى الخارجِ !!!

طبعاً أنا أتحدثُ عن بلادٍ محيطةٍ بالشمالِ العراقي, والتي تملكُ باعاً طويلاً في إبتلاعِ أممٍ وشعوبٍ بكاملِهَا, وبالتالي مِن الصعوبةِ أن يسمحونَ أن تتشكلَ على أعتابِ بلدانِهِم دولةٌ بالعنوانِ القومي وليسَ العربي !!!

#وهنا_لابدَ _مِن_أن_تفهمَ :
أنَّ هنالكَ فرقٌ كبيرٌ بينَ أن تقررَ البلادُ مصيرهَا بالإنفصالِ على أساسٍ قومي أو سياسي, فالفرقُ بينَ الإنفصالينِ كبيرينِ جداً, ولا وجةَ للمقارنةِ بينهُمَا مطلقاً ...
فمثلاً أن الجبهةَ الشعبيةَ لتحريرِ الساقيةِ الحمراءِ ووادي الذهبِ أو ما تُعرفُ بِــ (البوليساريو) تريدُ الإنفصالَ بالصحراءِ الغربيةِ عن المملكةِ المغربيةِ, ولكنَ هذا الإنفصالَ إنفصالٌ سياسي أو إقتصادي بامتيازٍ, حيثُ أعلنوا تشكيلَ الدولةِ بِمسمى (الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية), بالرغمِ مِن تشكلِ هذهِ الدولةِ نتيجةً للهجرةِ مِن جميعِ قصاعِ شمالِ أفريقيا وتعمدُ التغييرِ الديموغرافي مِن قبلِ الإحتلالِ الروماني للبلادِ ...

بخلافِ إنفصالِ إقليمِ كُردِستانِ العراقِ, وإعلانِهِم دولةً مُستقلةً, فإنَّ هذهِ الإعلانَ إعلانٌ قومي شعوبي, والذي يستلزمُ في الغالبِ التوسعِ وتمددِ النفوذِ بعدَ ذلكَ, لأنَّ الدولَ الفتيةَ تحتاجُ الى مواردٍ بشريةٍ كبيرةٍ تتناسبُ مع إعلانِ وبقاءِ الدولةِ, لتشكيلِ المؤسساتِ العسكريةِ والصناعيةِ والزراعيةِ, لذا تعملُ في سنواتِهَا الأولى الى تشجيعِ الهجرةِ إليهَا مِن باقي البلادِ المجاورةِ والعالمِ عموماً, كمَا فعلتْ الحكومةُ الصهيونيةُ في بدايةِ نشوئِهَا, حيثُ إستقطبتْ يهودَ العالمِ العربي والأوربي والأفريقي, وشجعتْ الهجرةَ إليهَا ...

وبعدَ أن تكتملَ أركانُ الدولةِ سياسياً وعسكرياً وإقتصادياً, ستعملُ على توسعةِ نفوذهَا والتمددِ لقضمِ الأراضي القريبةِ مِنهَا, ولهذهِ التوسعةِ عدةِ طرائقٍ تتناسبُ مع مُتطلباتِ المرحلةِ الشاخصةِ لِرسامِ السياسةِ التوسعيةِ ...

ومِن هنَا تخشى دولُ الجوارُ مِن تشكلِ هذهِ الدولةِ على حدودِهَا, لأنَّ قوميةَ الدولةِ عاملٌ مهمٌ جداً في إثارةِ القلاقلِ على الحدودِ المجاورةِ لهَا, وهذهِ القلاقلُ لا يُمكن عدمُ إفتراضِهَا, بل هي ناتجٌ طبيعيٌ مِن تشكيلِ الدولِ على أساسي القومياتِ والإثنياتِ والأديانِ !!!

#وهنَا :
نعرفُ دورَ الحكومةِ العراقيةِ مِن خلالِ الإختلافِ مع الإقليمِ في مسألةِ الإستفتاءِ حولَ ضَمِ محافظةِ كركوكَ فقط, وكأنَّ الحكومةَ تُوحي للمقابلِ والعالمِ أنَّ كركوكَ عربيةٌ لا يُمكن أن تدخلَ في الإستفتاءِ, بينمَا يجبُ أن تكونَ المُمَا نعةُ ممانعةً كليةً بالنسبةِ لباقي الإقليمِ, لأنَّ المحافظاتِ في الإقليمِ لا تفترقُ عنهَا في باقي العراقِ !!!

وهنَا نفهُم أنَّ الممانعةَ إيرانيةٌ بامتيازٍ, لأنَّ ضَمَ كركوكَ الى الإقليمِ مع إجراءِ الإنفصالِ لهَا جميعاً, سَيُأسسُ أركانَ الدولةِ الكاملةِ منذُ البدء, حيثُ الجانبُ الإقتصادي الكبيرِ ممَا ستوفرهُ محافظةُ كركوكٍ, سيبلورُ قدرةٍ عسكريةٍ كبيرةٍ جداً وبغضونِ سنواتٍ قليلةٍ جداً, كَمَا حصلَ مع دولةِ إسرائيلَ, حيثُ إستطاعتْ بعدَ قرابةِ تسعِ عشرةِ سنةٍ أن تُلحقَ خسارةً لَم تحصلَ في التأريخِ مطلقاً وفي أقوى جيوشِ المنطقةِ, حيثُ بغضونِ ستةِ أيامٍ سقطَ الجيشُ المصري والسوري والأردني والعراقي واللبناني, وبالرغمِ مِن دعمِ ثمانِ دولٍ لهَا, وهو مَا عُرِفَ بنكسةِ حزيرانَ عامَ 1967, أو بحربِ الأيامِ الستِ !!!

كذلكَ الحالُ مع إقليمِ كُردستانِ العراقِ, فإنَّ المطالبةَ العراقيةِ بعدمِ إشراكِ كركوكَ ضمنَ الإستفتاءِ, يُبينَ أنَّ الخوفَ مِن الدولةِ الكُرديةِ خوفاً غيرُ عراقي ولا عربي, لأنَّ التوسعةَ ستكونُ فقط على حسابِ المناطقِ المتنازعِ عليهَا عراقياً, قياساً بالتوسعةِ والتمددِ على حسابِ الجارتينِ التركيةِ والإيرانيةِ !!!

ولذلكَ حتى الصوت السياسي العراقي المطالبِ بإلغاءِ الإستفتاءِ الكُردي, هو صوتٌ إيرانيٌ متناسباً مع الرغبةِ التركيا, لأنَّ عواملَ التقسيمِ العراقي كانتْ شاخصةً منذُ البدايةِ وشاخصةً للعيانِ, بل فقط لَم تحصلْ عمليةُ الفيدرالياتِ ولا الدويلاتِ على أرضِ الواقعِ !!!

#ولكن_يبقى_التساؤلُ_الشاخصُ :
عن سببِ ممانعةِ الجانبِ الأميركي لمسألةِ الإستفتاءِ ولو في الوقتِ الحالي, بالرغمِ مِن رغبتِهَا بتقسمِ العراقِ والبلادِ العربيةِ كافة ؟!!
وفي الحقيقةِ أنَّ الرغبةَ الأميركيةَ في تأجيلِ إستفتاءِ إقليمِ كُردستانِ, مجردُ رغبةٍ سياسيةٍ فقط, وهذهِ الرغبةُ تنسجمُ مع مُتطلباتِ المرحلةِ الحاليةِ, أي أنَّ مسألةَ الإستفتاءِ مرغوبةً أميركياً, ولكن الخلافَ في التوقيتِ فقط, لذا لا ينبغي مطلقاً التعويلُ على الرفضِ الأميركي لهذا الإستفتاءِ, أي حتى لو حصلَ الإستفتاءِ في غيابِ الرغبةِ الأمميةِ حالياً, سيكونُ مقبولاً في الفترةِ اللاحاقةِ مباشرةً, وبالتالي سيتمُ الموافقةُ الأمميةُ على عضويةِ دولةِ كردستانَ في أروقةِ الأممِ المتحدةِ كعضوٍ فيهَا, وعندهَا سيكونُ لهذهِ الدويلةُ المتعطشةُ للتوسعِ صوتاً مسموعاً أممياً, ولهَا حقوقٌ وعليهَا واجباتٌ !!!

وإنَّ سببَ هذهِ الرغبةِ -الرافضةُ- هو أن تدخلَ المنطقةِ في صراعٍ وتجاذباتٍ تُغيرُ الحساباتِ الأميركيةِ فيهَا, لأنَّهَا مسألةٌ قوميةٌ لبعضِ الدولِ المجاورةِ, والتي يُمكن أن تتحركَ عسكرياً دونَ إشعارِ المجتمعِ الدولي بذلكَ, لأنَّ المسائلَ القميةَ لا يُرجعُ بهَا الى مجلسِ الأمنِ, بل هي بمثابةِ الدفاعِ عن النفسِ الذي لا يجرمهُ القانونُ الدولي !!!

وبالخصوصِ أنَّ أميركا بدأتْ وبشكلٍ واضحٍ الى العملِ على تأسيسِ الحلمِ الكُردي في المشرقِ العربي, حيثُ مَا تفعلهُ مِن دعمِ للقواتِ الكُردستانيةِ السوريةِ واضحٌ للعيانِ, فإنَّ إنشاءَ منطقةٍ كُرديةِ في سوريا, والمنطقةُ المُنشأةُ في الأصلِ في شمالِ العراقِ, لهو نصفُ حلمِ الكُردِ مِن إنشاءِ دولَتِهِم الفيدراليةِ القوميةِ في شمال العراقِ وسوريا وإيران وجنوبِ تركيا !!!

لذا فإنَّ التعويلَ على عدمِ الرغبةِ الأميركيةِ للإستفتاءِ, تعويلٌ غبيٌ جداً, لأنَّ أميركا ماضيةٌ في تأسيسِ هذهِ الدولةِ منذُ زمنٍ طويلٍ ...

#وهنَا :
أرغبُ القولَ مَا أكدنَا عليهِ سابقاً : (مِن أن العملَ المستعجلِ لتحريرِ الموصلِ وبهذهِ الكيفيةِ والطريقةِ, سوفَ يجرُ الويلاتِ تلو الويلاتِ على المنطقةِ برمتِهَا وبغضونِ أيامٍ, بآنَ شاخصاً للعيانِ غيرِ المتخصصينَ حتى !!!) ...

فلا زالتْ راياتُ التحريرِ والإحتفالاتِ التي عُلِقَتْ إبتهاجاً بتحريرِ (وذبحِ) الموصلِ بطريقةٍ مستعجلةٍ, ها قد ظهرتْ فتنُ الدولِ والأقطارِ, بدلاً مِن فتنةِ العصاباتِ الأرهابيةِ ودولتِهِم المزهومةِ -داعش- ...

فبعدَ أن قضينَا على التنظيمِ وأنهينَا وجودهُ في الموصلِ, بعدَ أن تبرعَ بهَا المنافقونَ والخونةُ لتنفيذِ مخططٍ يحسبونَ أنَّهُم يحسنونَ صنعهُ, بتنَا على مشارفِ خسارةِ أربعِ محافظاتِ عراقيةِ (دهوك, أربيل, السليمانية, كركوك), ومِن قبلهَا (الموصل, صلاحُ الدين, الأنبار, ديالى) !!!

فبعدَ أن تسابقتْ الأصواتُ في المطالبةِ لتحريرِ الموصلِ, سوفَ تتسابقُ الأصواتُ في بيانِ غباءِ وهمجيةِ الطريقةِ التي حُررَتْ بهَا الموصلِ, وكانَ مِن اللازمِ أن تُبْقي بالكثيرِ مِن فلولهَا بإتجاهِ تلكَ الحدودِ المطالبةِ بالإستقلالِ, حتى تعرفَ معنى البقاءِ العراقِ موحداً, وحتى تعرفَ معنى الدماءِ الذينَ ذهيتْ هباءاً منثوراً لتحقيقِ سياساتٍ ليسَ للوطنِ ولا لوحدتهِ ومقدساتهِ ولا لسلمهِ الأهلي شيء, بل أنَّ ما حصلَ فقط عمليةُ إعدامٍ جماعي للشبابِ والمقدراتِ العراقيةِ, تمهيداً لإستقلالِ المنطقةِ الفلانيةِ والتهديدِ للدولِ الفلانيةِ !!!

#وأحبُ :
أن أتمثلَ بأبياتِ الجواهري التي قالهَا في الإمامِ الحسينِ بنِ علي بنِ أبي طالبٍ (عليهِم الصلاةُ والسلامُ), ولكن أهديهَا للعراقِ أرضِ الأنبياءِ وشعبِ الأوصياءِ, لأنَّهَا الصورةَ التي سنرى بهَا العراقَ بعدَ ذلكَ, مِن خنوعٍ وقتلٍ وتضيعِ للأرضِ والمالِ والشعبِ, وبمستوى الذي لا يخطرُ على بالٍ, ونسألَ اللهُ تعالى لنَا ولكُم الخلاصَ بِمَن لا تُردُ لهُ رايةٌ, ولا يُرْجَعُ الى مَسامعهِ أمرٌ :

وَخِلْتُ وقد طارتِ  الذكرياتُ              بِروحي  إلى   عَالَـمٍ   أرْفَـعِ

وطُفْتُ   بقبرِكَ   طَوْفَ الخَيَالِ              بصومعـةِ  المُلْهَـمِ   المُبْـدِعِ

كأنَّ   يَدَاً  مِنْ   وَرَاءِ  الضَّرِيحِ             حمراءَ    " مَبْتُـورَةَ  الإصْبَـعِ"

تَمُدُّ   إلى   عَالَـمٍ  بالخُنُـوعِ              وَالضَّيْـمِ  ذي  شَرَقٍ  مُتْـرَعِ

تَخَبَّطَ   في  غابـةٍ   أطْبَقَـتْ             على مُذْئِبٍ  منـه  أو  مُسْبِـعِ

لِتُبْدِلَ  منهُ  جَدِيـبَ   الضَّمِيرِ             بآخَـرَ  مُعْشَوْشِـبٍ  مُمْـرِعِ

وتدفعَ  هذي  النفوسَ  الصغارَ             خوفـاً  إلى   حَـرَمٍ    أَمْنَـعِ

#وأسألكُم_الدعاءَ

الأربعاء، 13 سبتمبر 2017

مُنْتَهَى الآثارِ فِي كَشْفِ الأسْرَارِ :
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,(الدكتور مهند جاسم الحسيني)
#الحلقةُ_الثانيةُ : مُقْتَدى الصَدْرُ .. ومُتَلَازِمَةُ داونَ  !!!

الكثيرُ ربَّمَا يكونُ على إطلاعٍ, بأنَّ المخابراتِ العالميةِ عندَمَا تُرِدُ أمراً وتبيتُ لهُ, لا تكتفي بدراسةِ زاويةٍ واحدةٍ فحسبُ, وبانسدادِ تلكَ الزاويةِ ينهارُ المَشروعُ مطلقاً, بَل تضعُ البدائِلَ الكثيرةَ, وتبدأ بِهَا تباعاً, وتضعُ في حسبانِهَا مِن البدايةِ الكثيرَ مِن الخطواتِ, بحيثُ لا ينتهي المشروعُ المُوما إليهِ إلا أن يُكتَبَ لهُ النجاحُ المحققُ ...

ولكي يَكونُ المشروعُ ناجحاً وبِشَكلٍ كاملٍ, لابدَ أن تتحققَ أسبابهُ في الخارجِ, ولا تتحققُ الأسبابُ, إلا إذا عَرَفَ المُقابلُ أنَّ أسبابَ نجاحِ المَشروعِ يُمكنُ أن تتحققَ, وإلا فلا تُضاعُ ثانيةً واحدةً, ولا تُصْرَفُ المِزانِياتُ إلا إذا تأكدَ الطرفُ المُقابلُ بأنَّ المشروعَ سَيُكْتَبُ لهُ النجاحُ في نهايةِ المَطافِ !!!

وِمن هُنَا يَتُمُ التحركُ وتتعددُ طُرُقُهُ, فَعِندَمَا يكونُ #مَشْرُوعُ_صِنَاعةِ_العَميلِ مُستعصياً عَلَيهِم, ولَم تُرْفعْ التقاريرَ بأنَّ المَشروعَ ممكنُ أن يُواجهُ مُباشرةً ووجهً لوجهٍ, فأمَامَ المقابلِ خطوةٍ واحدةٍ فقط, وهو التحركُ على مقربينِ مَشروعِ العميلِ, ولا يَتُمُ هذا التحركُ إلا مِن قبلِ أطرافٍ غيرِ رسميةٍ, وعندَهَا تُعرضُ الأموالُ بأيِّ عنوانٍ كانَ, كإنشاءِ مشروعٍ خيري كمساعدةِ النازحينَ مثلاً, أو إنشاءِ مؤسسةٍ للأيتامِ والأراملِ وذوي الحاجاتِ الخاصةِ, المهمُ أن يُنْشأ مَشروعٌ مبدئي يتفقُ عليهِ الطرفانِ, بحيثُ يَتُمُ مِن خلالهِ التمويلِ, وإيجادِ الغطاءِ القانوني والإجتماعي, وهذا مَا #يُعرفُ_بالساترِ_الأمني_إصطلاحاً ...

وبالتأكيدِ أنَّ التقاريرَ الإسبوعيةَ والشهريةَ سَتُرفعُ بِنِسَخِهَا الأصليةِ الى الجهةِ المُقابلةِ -أقصدُ الجهةَ المستفيدةَ مِن صناعةِ العميلِ والمشرفةِ عليهِ إعداداً وتأهيلاً- حيثُ يُشْرَحُ خلالُهَا طَرِقَةُ صَرفِ الأموالِ, وكيفيةُ توزيِعِهَا, وهُنَا ليسَ مطلوبٌ إطلاقاً أن يُعْرَفَ أينَ صُرِفَتْ هذهِ الأموالُ, بل لسحبِ المُستمسكاتِ الثبوتيةِ والقانونيةِ التي تؤكدُ وتُبَرهِنُ أنَّ فلاناً تعاملَ مع الجِهَةِ الفلانيةِ, وتقاضى مِنهُمُ الأموالَ وبكمياتٍ كبيرةٍ جداً تحتَ عنوانِ المشاريعِ الخيريةِ !!!

وطبعاً أنَّ طريقةَ الإعدادِ لا تتوقفُ الى هذا الحدِ فقط, بل سَوفَ يُجَرُ المقابلُ الى مشاريعٍ أكثرِ عمقاً, بحيثُ يبدأ المشروعُ بالمعرفةِ أنَّهُ باتْ جزءاً مِن الطرفِ المقابلِ, ويعملُ لصالحهِ أو لمصلحةٍ مشتركةٍ للطرفينِ معاً, وتحتَ ذريعةِ المصلحةِ المُشتركةِ, والتي لا تكونُ المؤسساتُ الخيريةُ جزءاً منهَا بطبيعةِ الحالِ, سوفَ يُجرُ المَشروعُ الى تنفيذِ مخططٍ مهمٍ الى الطرفِ المقابلِ, وليسَ مِن وراءِ المقابلِ هدفٌ إلا أن يُوطدَ العلاقةَ بالمشروعِ, ويجعلهُ أكثرَ طاعيةً وخدمةً, مِن خلالِ جمعِ المُستَمسكاتِ عليهِ بمرورِ الزمنِ, والتي سوفَ تُعْتَبرُ في المستقبلِ دلائلٌ دامغةٌ قضائياً ومجتمعياً !!!

وبالتأكيدِ فإنَّ نشرَ الوثائقِ على الملأ, أو بنقلِ بعضِ نسخِهَا الى طرفٍ يُستفادُ مِنهَا, لا يُعابُ عليهَا جِهَازُ المخابراتِ للطرفِ المقابلِ مطلقاً, بل أنَّ هذهِ المؤسسةِ يكونُ إقاعُ المقابلِ وإنشاءُ #مشروعِ_العميلِ جزءً أساسياً مِن عَمَلِهَا, بخلافِ المَشروعِ الذي يُعتَبَرُ عَمَلَهُ عملاً خيانياً وتخابرياً يُحَاسَبُ عليهِ قانونياً ومجتمعياً !!!

#ومِن_هنا :
يُمكن معرفةُ لماذا تُرفعُ السريةُ عن بعضِ الملفاتِ الإستخباريةِ, وخصوصاً في مَا يخصُ صِناعةِ العملاءِ, لأنَّ هذا الرفعُ يكونُ منقبةً كبيرةً لتلكَ المؤسسةِ, بعدَ أن إستطاعتْ أن تُتممَ مشروعهَا بنجاحٍ تامٍ, فمِن حقهَا أن ترفعَ بعضَ السريةِ عن بعضِ التفاصيلِ على شكلِ مذكراتٍ أو مقالاتٍ صُحُفِيةِ ...

وبالتأكيدِ أنَّ هذهِ التصريحاتِ والتسريباتِ لا تخرجُ بلسانِ أو قلمِ نفسِ المؤسسةِ الراعيةِ لصناعةِ العميلِ, بل تخرجُ بلسانِ الغيرِ, وهنَا يُمكن أن تُرسَلُ رسالتانِ بليغتانِ, إحداهُمَا أن يبقى العميلُ على وجلٍ دائمٍ في مَا يَخصُ إمكانيةِ الكشفِ, وهذا مَا يضمنُ مزيداً مِن الولاءِ والطاعةِ للجهةِ, والأخرى أن يرتاحَ العميلُ أنَّ الجهاتِ المسربةِ هي ليستْ نفسُ الجهاتِ الصانعةِ للعملاءِ, بل هي محضُ تسريباتٍ يُمكن تكذيبُهَا وعدمُ الإعتمادِ عليهَا !!!

#طبعاً :
أنَا في مقامِ صناعةِ العميلِ المستعصي على الطرفِ المقابلِ, لكن في حالةِ الإعدادِ الى بعضِ الشخصياتِ التي يُمكن أن تُأهلُ الى تسلمِ مقامٍ ديني وإجتماعي في المستقبلِ, فسيكونُ الأمرُ بسيطاً ويسيراً جداً, خصوصاً في أولئكَ الذينَ يُمكن أن يُأثرُ في القرارِ الديني والسياسي ويُغيرُ الرأيَ العامَ !!!

فهؤلاءِ يُنظرُ إليهِم مِنذُ البدايةِ ويُتَدَخَلُ في تربيتِهِم منذُ نعومةِ أظفارهِم, بيحيثُ يُمَكَنونَ مِن أن يرتقوا الى أفضلِ وأرقى المناصبِ الدينيةِ والإجتماعيةِ, مِن خلالِ رسمِ نجمةِ هوليودَ لهُم في أذهانِ الناسِ, بحيثُ يُطبقُ السيناريو على أرضِ الواقعِ مباشرةً, وتُكونُ الضحيةُ هُم الناسَ في الخارجِ والواقعِ !!!

#ولكي_يَتُم :
صناعةُ هؤلاءِ, لابدَ مِن إعدادِ ملفاً كاملاً لَهُم منذُ البدايةِ, يتضمنُ هذا الملفُ الكثيرَ مِن المعلوماتِ الشخصيةِ, وسردَ الكثيرِ مِن النقاطِ القوةِ التي تُأهلُ هؤلاءِ أن يَكونوا عملاءً في الخارجِ, بل حتى يَصلُ الحالُ الى كتابةِ الكثيرِ مِن المعلوماتِ الصحيةِ والنفسيةِ والبايلوجيةِ وخصوصاً تلكَ التي ترتبطُ بالأحماضِ النوويةِ, بحيثُ أنَّ الكثيرَ مِن المعلوماتِ لا يُمكن الحصولُ عليهَا مِن مراقبةِ الخارجِ كمَا يفعلُ علماءُ النفسِ (الباراسايكلوجي), والتي تُبنى معلوماتُهُم -في الغالبِ- على دراسةِ التصرفاتِ والسلوكِ الخارجي, ومنَهَا يَصلوا هؤلاءِ الى معرفةِ مكنونِ النفسي لهؤلاءِ العَيْنَاتِ, لذا يُكالُ الأمرُ الى علماءِ المورثاتِ والجيناتِ الوراثيةِ ...

لذا فإنَّ الدراساتِ الجيناتِ الوراثيةِ تكشفُ الشخصيةَ البدنيةَ, والتركيبةَ الجسميةَ, والتصرفاتِ الشخصيةَ, حتى بعدَ آلافِ السنينِ مِن موتِ الإنسانِ, فَبِمُجردِ أن يتمَ الحصولِ على نسخةٍ صالحةٍ للدراسةِ الجينيةِ, يَتمكنُ العلماءُ الوراثيونَ مِن إعادةِ ترتيبِ المعلوماتِ الجينيةِ, وإظهارِهَا على شكلِ سيناريوهَاتٍ حقيقيةٍ, عندَ قراءَتِهَا, سوفَ تحصلُ عندَكَا الفكرةُ التامةُ الى حقيقةِ المقابلِ !!!

فالدراساتُ الجينيةُ إستطاعتْ أن تُثبتُ مؤخراً قدراتِهَا على معرفةِ التفاصيلِ النفسيةِ المحتملةِ لصاحبِ الصبغاتِ النوويةِ, ناهيكَ عن قدراتِهَا اللانهائيةِ في تحديدِ الصفاتِ الجسميةِ والبدنيةِ !!!

#لذا :
أنَّ إعدادَ العملاء خصوصاً لأولئكَ الذينَ سيرتقونَ مناصباً #سياسيةٍ_أو_دينيةٍ_أو_مجتمعيةِ, وبحسبِ طبيعةِ ميولِ المجتمعِ, وبحسبِ آيدلوجيةِ التفكيرِ لديهِم, يَتُم إختيارُ المنصبِ الذي يَكونُ مؤثراً فيهِم, فبالتأكيدِ أنَّ السيطرةَ على الزعامةِ الدينيةِ لدى المذهبِ الشيعي, يُمثِلُ قمةَ الهرمِ ومُنْيَةِ المُريدِ, لأنَّ الزعامةَ الشيعيةَ تُمَثِلُ رأسَ الهرمِ في المذهبِ, والسيطرةُ عليهَا, يعني السيطرةُ على أبناءِ المذهبِ بشكلٍ عامٍ, بينمَا الزعامةُ السياسيةُ والحركيةُ عندَ أبناءِ المذهبِ السُني, تُمثلُ أعلى منصبٍ لديهُم, نتيجةً لمَا تربوا عليهِ, الى أن عُجِنَتْ طينَتُهُم في السلطةِ والسياسةِ, وهكذا مع باقي المللِ والنحلِ والمجتمعاتِ والشعوبِ, لكلِّ أمةٍ طرقةُ تفكِرِهَا, وبدراسةِ طرقيةِ التفكيرِ, تُعْرَفُ نِقاطُ الضعفِ لديهِم لصناعةِ العميلِ المؤثرِ بِهِم ...

#ولابأسُ_أن أتوغلُ_أكثرَ :
أن الكثيرَ مِن المورثاتُ لا يُمكن الحصولُ عليهَا مِن خلالِ الخلايا البدنيةِ الميتةِ, أو تلكَ التي يَمرُ عليهَا وقتٌ طويلٌ بعدَ موتِهَا, فمثلاً أن قُلامةَ الأظافرِ, وقصاصاتِ الشَعْرِ, وسَؤرَ ولعابَ الشخصِ, جميعُهَا لا تنفعُ في تشخيصِ بعضِ المورثاتِ, بل يَحتاجُ الخبراءُ الى عيناتٍ داخليةٍ كالخلايا المعدةِ والإمعاءِ وخلايا الدمِ, وقد تصلُ عددُ الخلايا المطلوبةِ الى ألفِ خليةٍ, وهذهِ مِن الصعوبةِ الحصولِ عليهَا بأيدي غيرِ المتخصصينَ والمهيئنَ علمياً وإستخبارياً ...

لذا لابدَ مِن ترتيبِ سفرٍ الى خارجِ مثلاً, ليمكثُ المشروعُ عدةِ أيامٍ في الفُندقِ أو الشقةِ, بحيثُ أنَّ المدةَ كافيةٍ للحصولِ على كافةِ الخلايا المطلوبةِ, كخلايا الإمعائيةِ والمعديةِ والدمويةِ مِن خلالِ أخذِ عيناتٍ مِن البُرَازِ, لأنَّ آلافَ الخلايا الميتةِ سوفَ تخرجُ مع كلِّ عمليةِ برازٍ واحدةٍ, وكلُّ هذهِ الخلايا تكونُ صالحةً للدراسةِ والتحليلِ, لكونِهَا طازجةً, ولم يَمرُ الوقتُ الكثيرُ على موتِهَا, بل أنَّ الكثيرُ منهَا ينسلخُ ولا زالَ حياً, لذلكَ تكونُ عمليةُ رفعِ الخلايا المرغوبِ في دراستِهَا سهلاً جداً, وبعدَهَا يَتُمُ تحليلهَا وتصويرهَا ضوئياً وإشعاعياً, بحيثُ تخرجُ الصورُ على شكلِ مخططاتٍ بيانيةٍ صعبٌ قراءتُهَا إلا مِن قبلِ المتخصصينَ, وهذا شبيهٌ بالمخططاتِ التي نُدَرِسُهَا للطلبةِ في الجامعاتِ وبالخصوصِ لطلابِ الدراساتِ العليا, حيثُ يستخرجونَ الكثيرَ مِن المخططاتِ البيانيةِ بواسطةِ أشعةِ -NMR,UV, X_Ray, G_Ray,CHN-, والتي لا يتمكن غيرُ الأستاذِ المشرفِ أو أستاذِ المختبرِ مِن قراءتِهَا, وهكذا هو حالُ تلكَ المخططاتِ التي يَستخرجُهَا هؤلاءِ ...

#لذا_لاتتعجبوا_رجاءً :
عندمَا تُشِرُ البنانُ الإستخباريةُ الى صناعةِ عميلٍ يتمتعُ بأمراضٍ نفسيةٍ وجسديةٍ, لا تؤهلهُ لقيادةِ المجتعِ, بل لا تؤهلهُ أن يكونَ خارجِ مصحاتِ إعادةِ التأهيلِ النفسي والجسدي !!!

نعم ...
أنَّ أغلبَ المعلوماتِ التي يَحصلُ عليهَا هؤلاءِ, لو إطلعنَا عليهَا لَلَطمنَا رؤوسنَا بالنعلِ, ولَرَمَينَا أنفسنَا مِن شاهقٍ, بحيثُ لا تبقى لأجسادِنَا أثراً, لفعلنَا ذلكَ ومَا كنَا ملومينَ أبداً !!!
ولكن بسببِ إنتسابِ فلانِ الى المؤسسةِ الفلانيةِ والى العائلةِ الفلانيةِ والى الشجرةِ الفلانيةِ, سوفَ نجعلُ منهُم آلهةً تُعبدُ مِن دونِ اللهِ تعالى مجدهُ وعلا ذكرهُ, ولو أنَّ عشرَ مَا نرميهُ مِن طاعةٍ وعبوديةٍ على هؤلاءِ, رميناهُ على أبيهِ أو جدهِ أو عمهِ -والذي بفضلهِ صارَ مقدساً-, لمَا تجرأ إبليسُ على أن يقربَ منهُ, وليسَ المجرمُ الفلاني والقزمُ العلاني !!!

وبالمقابلِ, أنَّ التصعيدَ الإعلامي سوفَ يجعلُ مِن هؤلاءِ الحشراتِ أبطالاً يُخلدُهَا التأريخِ, بعدَ أن يَعقدُ لهُ عدةَ فصولٍ مِن مسرحيةٍ مُتكاملةِ الأطرافِ, فَيُظهرونهُ بزي البطلِ والضرغامِ والمغوارِ, ويُسوقونهُ بأنهُ الكلمةَ الباقيةَ لآلِ فلانِ, وبخسارتهِ نخسرَ تلكَ الشجرةَ المباركةَ, ونكررَ جريمةَ التخاذلِ مرةً أخرى التي أُرْتُكِبَتْ بحقِ أبيهِ وعمهِ مثلاً !!!

فالمؤسساتُ التي تجعلُ الإنسانَ سعيداً لعدةِ أيامٍ أو أسابيعٍ, وتجعلهُ تعيساً وخائفاً ووجلاًومُترقباً لنفسِ المدةِ مِن الزمنِ, مِن حلالِ مَشَاهِدِ بعضِ الأفلامِ والتقارييرِ, بالتأكيدِ أنهَا مؤسسةٌ قادرةٌ لصناعةِ منافقٍ دجالٍ منحرفٍ ضالٍ مضلٍ, ولكنهُ بعدادِ ملائكةِ الرحمنِ بمنظارِ الناسِ !!!
 أليسَ أن مَن جاءَ بدورِ عيسى أبنِ مريمَ (عليهِمَا الصلاةُ والسلامُ) قد قرحَ مُقَلَ الناسِ مِن البكاءِ, ونفسُ الشخصِ صَوَرَ العشراتِ مِن المشاهدِ الإباحيةِ في أفلامٍ أخرى, ومجرمٍ في مشاهدٍ أخرى, بينمَا نؤمنُ أنَّ الممثلَ ذاتُ الممثلِ, والشخصيةَ ذاتُ الشخصيةِ, بينمَا جعلتنَا هوليودُ نتفاعلُ معهُ تفاعلاً متناقضاً !!!

#وسوفَ_ترونَ_بأمِ_أعينكُم :
كيفَ أنَّ القائدَ الفلاني كانَ عميلاً قذراً خائناً, ولكنَ الإعلامَ المخابراتي هو مَن سوقهُ بأنهُ عُمَرُ المختارُ, وهذا مَا كشفتهُ لنَا الأيامُ في أشخاصٍ كَنا نعدهُم مِن الصالحينِ المقاومينِ المجاهدينِ, وبعدَهَا رأينَاهُ في أمِ أعينِنَا كيفَ كانَ ذيلاً لأرذلِ خلقِ اللهِ تعالى على الإطلاقِ, وكيفَ كنَا نراهُ أنَّ جميعَ قراراتهِ وطنيةٌ شعبويةٌ, فبانتْ أنَّهُ مجردُ دميةٍ تُحركُ خيوطُهَا مِن الخارجِ !!!

كمَا سوفَ ترونَ أيضاً أنَّ الكثيرَ مِن الأشخاصِ الذينَ صلبناهُم صلبَ اليهودِ لعيسى (عليهِ السلامُ), وطَرَدنَاهُم طردَ فرعونَ لموسى (عليهِ السلامُ), وحرقناهُم إحراقَ النموردِ لإبراهيمَ (عليهِ السلامُ), وحاربنَاهُم أيمَا حربٍ, وبالغنَا في الإقاعِ فيهِم والبهتانِ عليهِم, هُم مَن يستحقُ الإكبارَ والإجلالَ والطاعةَ, بَل هُم مِن أسرارِ الوجودِ, وإكسيرِ البقاءِ والخلودِ !!!

ولكن مَاذا نفعلُ بالمعرفةِ في غيرِ أوانِهَا, والعلمِ في غيرِ وقتهِ, حيثُ قالَ تعالى في الذينَ عرفوا بعدَ أن فاتَ أوانُ المعرفةِ, وإنتهى أجلُ التوبةِ : (....يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا) الأنعامُ 158 ...

#ولابأسَ_عليَّ_أن_أبالغَ_اليومَ_في_كشفِ_الأسرارِ :
فمثلاً مَاذا يكونُ موقفنَا عندمَا نقرأ في يومٍ مَا أن القائدَ السارقَ لتراثِ أبيهِ, والقابعَ على جراحاتِ مُرِيدِهِ, لَم يكنُ سوياً خُلُقياً ونفسياً, بالرغمِ مِن تسويقهِ إلينَا قائداً ميدانياً, ومرجعاً مُحتملاً, ومهدياً منتظراًو ولا عجبَ على إنسانٍ أن يُخدعَ ألفَ مرةٍ ومرةٍ ومرةٍ, لأنَّ الذي خُدِعَ منذُ بدايةِ الخلقهِ على سطحِ الأرضِ, بل والذي خُدِعَ منذُ اللحظةِ الأولى مِن خلقهِ, ولا زالَ الى اليومِ خطاءٌ, ولَم يَستفدْ مِن أخطائهِ الى حدِ اللحظةِ, لأنَّ هكذا أخطاءَ لا تصلحُ أن تكونَ جيناً وراثياً يتناقلُ عبرَ العصورِ والأجيالِ, وبالتالي فإنَّ الإنسانُ غيرُ المطلعِ والقارئ والباحثِ الموفقِ سكونُ ضحيةً الى نفسِ أخطاءِ السابقينَ عليهِ, بل وسيسقطُ في هفواتٍ لا ترتقي الى تلكَ التي سقطَ بهَا السابقونَ, وبالتالي لا يستفادُ التابعونَ مِن أخطاءِ السابقينَ, بل يقتاتونَ على اخطاءِ الآخرينَ إقتياتِ النملِ على فتاتِ الطعامِ !!!

نعم ...
فبعدَ أن عَرِفَ السيدُ الشهيدُ الصدرُ الثاني (قُدِسَ سُرُهُ) أنَّ ذريتهُ مهددَ جميعاً بأن تصابَ بمرضِ متلازمةِ داون, أو ما يُعرفُ #بالمنغوليا, إضطرَ أن يتوقفَ عن التناسلِ والتكاثرِ, بعدَ أن تأكدَ تساوي الإحتمالاتِ بالإصابةِ, فالإبنانِ الأكبرانِ كانا سالمينِ, وهمَا مصطفى ومؤمل (رحمهمَا اللهُ تعالى), بينمَا الأبنانِ مرتضى ومقتدى كانَا مصابينِ بهذهِ المتلازمةِ, وبنسبةٍ متباينةٍ في الإصابةِ ...

فعلمَ السيدُ الصدرُ بالرغمِ مِن حَدَاثةِ سنهِ (قُدِسَ سُرُهُ) والبالغِ ثلاثينَ عاماً, أنَّ لابدَ لهُ مِن أن يتوقفَ عن الإنجابِ, مكتفياً بأولادهِ الأربعةَ !!!

وهنَا لابدَ أن نعلمَ أولاً بأنَ المصابَ بهذهِ المتلازمةِ مِن الذكورِ لا يُمكنُ لهُ أن يُنجبَ مطلقاً, بل لَم تُسجلُ حالةً على مُستوى العالمِ جميعاً, مِنذُ أن إكتشفَ العالمُ البريطاني جون داون هذهِ امتلازمةِ منذُ عامِ 1862, عدا أربعةِ حالاتٍ فقط, بينمَا المصابُ بهذا المرضِ مِن الإناثِ فيُمكن لهنَّ الإنجابُ بصفةٍ عامةٍ, ولكنَ قضيةَ إكتسابُ الأبناءِ للمرضِ سيكونُ بنسبةِ الخمسينَ بالمائةِ في الغالبِ, لذلكَ قامتْ حكومةُ هتلرَ بجعلِ أُناثِ المصاباتِ عاقراتٍ مِن خلالِ إستئصالِ المبايضِ لهُنَّ, وبعدَ إنهيارِ حكومةُ هتلرَ, جرمتْ الأممُ المتحدةِ هذا الفعلَ وجعلتهُ مِن جرائمِ النازيةِ !!!

ومِن ملاحظةِ العددِ المُنجبِ للسيدِ الشهيدِ (قُدِسَ سُرُهُ), نعرفُ أن كريمتهُ (دامَ اللهُ عزهَا) مصابةً بهذهِ المتلازمةِ يقيناً, لأنَّ نصفَ أولادِهَا من حاملي هذا المرضِ, الذي جعلَ كلاً مِنهُمَا عقيماً ولا يَتمكنُ مِن الإنجابِ مطلقاً, حتى بطريقةِ زراعةِ النطفِ, لأنَّ نفسَ النطفةِ تكونُ غيرُ نشطةٍ مطلقاً, ولا يُمكنُ تحفيزهَا, ناهيكَ أنَّ هذهِ المتلازمةِ لا تأتي عن طريقِ الأبِ مطلقاً, بل تكونُ الأمُ هي المصدرِ لهذا المرضِ دائماً, وهذا مَا سنوضحهُ أدناه ...

#ولكنَ_الخطأ_الشائعَ :
بينَ الناسِ, هو أنَّ متلازمةَ داون -المنغوليا- تكونُ معروفةً لنَا مِن الكظهرِ الخارجي, ولكنَ الحقيقةَ أنَّ مَا يُمكنُ معرفتهُ مِن الإصابةِ فقط مِن النوعِ الأولِ مِن أصلِ ثلاثةِ أنواعٍ لا يُمكن تشخيصهَا مِن المظهرِ على الإطلاقِ, بل لابدَ مِن التحليلِ الجيني لحاملِ المرضِ بعدَ أن يتمكنُ الوالدانِ مِن إستغرابِ بعضِ التصرفاتِ التي لا يتمكنُ حتى الطبيبُ المتخصصُ مِن تشخيصِهَا, إلا مِن خلالِ أجهزةٍ للتحليلِ الجيني الحديثِ, والذي لَم يرَ النورَ في الوطنِ العربي لحدِ ساعةِ نشرِ المقالِ !!!

حيثُ نتمكنُ كعوامٍ وغيرِ متخصصينَ مِن تشخيصِ حاملي مرضِ المتلازمةِ مِن النوعِ التَثَلُثِ الحادي والعشرينَ, حيثُ يتكررُ الكروموسومُ الحادي والعشرونَ ثلاثَ مراتٍ بدلاً مِن المرتينِ, أي أنَّ الامَ سوفَ يطرحُ رحمهَا بيضةً مكونةً مِن 24 كروموسوم, بينمَا يطرحُ الأبُ نطفةً تحي على 23 كروموسوم, وبالتالي تكونُ مجموعُ الكروموسوماتِ المطروحةِ في البيضةِ الخصبةِ 47 كروموسوماً بدلاً مِن الـــ 46عندَ الأسوياءِ, وبالتالي يكونُ الشخصُ الحاملُ لهذا المرضِ جميعُ خلاياهُ تتكونُ مِن 47 كروسوماً, وهذهِ المتلازمةُ التي يُمكن تشخيصهَا مِن الخارجِ بالنسبةِ لنَا كعوام, لأنَّ كبرَ اللسانِ, وصعوبةَ النطقِ, وإستدارةَ الرأسِ, وقصرَ الذقنِ والرقبةِ, والعصبيةَ وعدمَ تجمعِ الفكرةِ, تكونُ واضحةً جداً لنَا مِن خلالِ المقارنتهِم مع الأصحياءِ, ويُشكلُ هذهِ النوعُ  95% مِن المصابينَ بالمتلازمةِ ...

بينمَا النوعانِ الذانِ لا يُمكنُ تشخيصهمُا مِن الخارجِ مطلقاً, وإن كانَ الناسُ تلاحظُ بعضَ الصفاتِ المتلازمةِ بالمظهرِ الخارجي, بالمقارنةِ مع الأصحياءِ, والذي تُطلقُ عليهِم صفةُ المنغولي مِن بابِ الطرفةِ والتشابهِ تقريبي, والنوعانِ هُمَا :
النوعُ التبادلُ الصبغي, حيثُ يرتبطُ جزءٌ مِن الكروموسومِ الواحدِ والعشرينِ بأحدِ الكروموسوماتِ الأخرى, وهذهِ النوعُ يُشكلُ 4%  مِن حاملي المتلازمةِ ...
ونوعُ الفسيفسائي (الموزايك), وهو أن يمتلكُ حاملُ المتلازمةِ نوعينِ مِن الخلايا, بعضُهَا يتكونُ مِن 46 كروموسوم, والأخرى 47 كروموسوم, وهذا النوعُ هو النادرُ والذي تكونُ نسبتهُ 1% ...

#واللطيفُ :
في مسألةِ المتلازمةِ مِن النوعِ الثالثِ الأقلِ إنتشاراً, يتناسبُ ظهورُ أعراضِ المتلازمةِ على المصابِ طردياً مع عددِ الخلايا ذاتِ 47 كروموسوم, وبالتالي يكونُ الحاملُ لهذهِ الخلايا بالنسبةِ الأقلِ, هو الأقربُ للأصحاءِ مِن حيثُ المظهرِ الخارجي, ونسبةُ الذكاءِ تزدادُ بقلتِهَا, أي يكونُ التناسبُ بينهُمَا عكسياً, وهذا هو الفرقُ الجوهري بينَ المتلازمتينِ مِن النوعِ الأولِ والثاني ...

وتشتركُ الأنواعُ الثلاثةُ بصعوبةٍ في النطقِ بسببِ صغرِ الفمِ وكبرِ اللسانِ الذي يُضَيُقُ على اللوزتينِ, وصعوبةٍ في السمعِ,وقصرِ القامةِ, والإرتخاءِ في المفاصلِ, ممَا يستدعي بصاحبِ المتلازمةِ بالإستعانةِ بيديهِ ورجليهِ معاً لغرضِ الوقوفِ, والتخلفِ المعرفي, والصرعِ, والعصبيةِ المفرطةِ, وعدمِ تجميعِ الكلامِ والأفكارِ ...

#وهنَا :
أعتقدُ أنَّ الكثيرَ مِن الناسِ قد لاحظَ وعرفَ أنَّ الداعي الى ولايةِ أبيهِ يَحملُ هذهِ الصفةِ, ولذا أطلقوهَا عليهِ مِن بابِ التهكمِ, بينمَا هُم لا يعلمونَ أنَّ ما رأوهُ في المظهرِ الخارجي, هو علامةٌ كبيرةٌ وواضحةٌ على أنَّ الداعي حاملٌ لهذهِ الصفةِ, وبعددٍ كبيرٍ مِن الخلايا ذاتِ العددِ الــ 47 , وهذا مَا أثرَ على تأخرهِ في المشي الى أربعِ سنواتٍ تقريباً, بل وتأخرهِ في فترةِ الدراسةِ الإبتدائيةِ, وتأخرهِ العلمي واللغوي الواضحِ, بحيثُ يضطرُ الى إستعمالِ لغةِ الإشاراتِ والعيونِ لغرضِ التخاطبِ والتعبيرِ عمَا يجودُ في خاطرهِ, بل وإنَّ سببَ بقائهِ بلا ذريةٍ الى هذهِ الفترةِ بالرغمِ مِن زواجهِ بإبنةِ عمهِ (أسماء محمد باقر), وبقاءَ أخيهِ الأكبرَ منهُ سناً بلا زواجِ الى الفترةِ الحاليةِ, مع معاناتهِ لحالاتِ الصرعِ المتزامنةِ !!!

بل, إنَّ ما يملكهُ مِن ذكاءٍ الذي يتمتعُ بهِ الأناسُ الأصحاءُ قرابةَ 70-80% , أي أنهُ محتاجٌ الى 30-20% ليصلْ الى مرحلةِ الذكاءِ الإعتيادي, الذي لا يُمكنُ حملتهُ مِن إنهاءِ الدراسةِ المتوسطةِ فقط, بل أنَّ الحاملينَ لهذهِ النسبةِ مِن الذكاءِ لا يُمكن أن يُعتمدَ عليهِم في حفظِ عفتِهِم وشرفِهِم الشخصي, لأنَّهُم في الغالبِ يمتلكونَ الكثيرَ مِن الصفاتِ الجسميةِ التي تميلُ إليهَا أنفسُ السفلةِ والمنحطينَ والمنحرفينَ جنسياً, مضافاً الى ضعفِ مدركاتِهِم العقليةِ التي لا تؤهلهُم أن يكونوا في درجةٍ عاليةٍ مِن الفطنةِ والنباهةِ, فيقعونَ بالمكائدِ والإغراءِ بأبخسِ الأشياءِ, لذا يتحتمُ على الأبوينِ أن يراقبوا أبنَاءَهُم بدرجةٍ عاليةٍ, حفاظاً عليهِم حتى بعدَ أن يبلغوا سنَ الرشدِ والذي يتعدى العشرينَ عاماً بالنسبةِ لحملةِ متلازمةِ المنغوليا !!!

#ولذلكَ :
أقسمُ عليكُم بالذي خَلَقَكُم, وشقَ أسماعَكُم وأبصارَكُم, ماذا سيكونُ موقفنَا في مالو علمنَا يوماً مِن الأيامِ أن منغولياً كانَ قائداً لتيارٍ واسعٍ مِن الشعبِ العراقي, وكانَ منحرفاً نفسياً وخُلُقياً وإخلاقياً, ونصبتهُ دوائرُ الإستكبارِ العالمي وأنفسُنَا وريثاً شرعياً مقامَ أبيهِ (قُدِسَ سُرُهُ), بسببِ غبائنَا وعبودِيتِنَا وإنحرافِنَا عن الشريعةِ الحقةِ الحقيقيةِ ؟!!

ألا يستحقُ بعدَ ذلكَ أن نضربَ وجوهنَا بالنعلِ, ونرطمُ رؤوسنَا بالحجارةِ, ونطلبُ الغفرانَ والتكفيرَ مِن مالكِ الملكِ ولا يستجيبُ لنَا :
 لأننَا تركنَا العقلَ والمنطقَ والحكمةَ وراءَ ظهورنَا, وإتبعنَا الشبهةَ والظنَ والشيطانَ الرجيمَ ...
لأننَا خالفنَا التحذيرَ والتنذيرَ الواردَ عن أهلِ بيتِ العصمةِ ومنزلِ الوحي عليهِم وعلى جدهِم الصلاةُ والسلامُ, مِن خلالِ مخالفةِ النصوصِ التي تحكي ظهورَ منحرفٍ ضالٍ مُضلٍ على ظهرِ الكوفةِ يدعو الى أبيهِ, ويتبعهُ الناسُ على هذهِ الدعوى وهذهِ الشبهةِ حتى يقودَهُم الى جهنمَ وبأسِ المصيرِ ...

حيثُ جاءَ عن أبي جعفر (عليهِ السلامُ) : ( قالَ إذا اختلفَ كلمتُهُم, وطلعَ القرنُ ذو الشفا, لم يلبثوا إلا يسيراً, حتى يظهرَ الأبقعُ  بمصرَ يقتلونَ الناسَ حتى يبلغوا أرمَ, ثم يثورُ المشوهُ عليهِ, فتكونَ بينهما ملحمةً عظيمةً, ثم يظهرَ السفياني الملعونَ فيظهر بهما جميعاً, ويرفعُ قبلَ ذلكَ ثنتي عشرةَ رايةً بالكوفةِ معروفةٍ, ويقبلَ بالكوفةِ رجلٌ مِن ولدِ الحسينِ يدعوا إلى أبيهِ ثم يبثُ السفياني جيوشهُ ) .

وعنه عن سعيد أبي عثمان عن جابر عن أبي جعفر (عليهِ السلامُ) قالَ : ( .... وترفعُ قبلَ ذلكَ ثنتا عشرةَ رايةً بالكوفةِ معروفةً منسوبةً, ويُقْتَلُ بالكوفةِ رجلٌ مِن ولدِ الحسنِ أو الحسينِ يدعو إلى أبيهِ, ويظهر رجل من الموالي فإذا استبانَ أمرهُ وأسرفَ في القتلِ قتلهُ السفياني) ...


الثلاثاء، 5 سبتمبر 2017

مُنْتَهَى الآثَارِ فِي كَشِفِ الأَسْرَارِ :
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,(الدكتور مهند جاسم الحسيني)

#الحلقةُ_الأولى :
(الحَقَائقُ المَخْفِيَةُ مِنْ زِيَارَةِ السُعُودِيَةِ) ....

كَم يستصغرُ الإنسانُ نفسهُ عندمَا يرى أنَّ التأني عندَ الأعداءِ يأتي ثمارهُ وبِأفضلِ ممَا يتوقعهُ نفسُ العدوِ, عندَهَا نعلمُ أنَّ مَن يُروجونَ لأنفسِهِم أو لغيرهِم أنَّ زمامَ المبادرةِ بأيديهِم, هُم أغبى الأغبياءِ, وأكثرُ عجلةً مِن الشيطانِ الرجيمِ !!!

وكَم أردنَا أن نُقَرِمَ الأحداثُ على مقاساتِ كتاباتِنَا وتحليلاتِنَا ورؤيَتِنَا للمستقبلِ, حتى أذا جاءَ الواقعُ على خلافِ مَا نشتهي, لَم نفكرْ أن نسألَ اللهَ العلي الأعلى العفوَ والمَغفرةَ, وأن يُزيدنَا مِن فضلهِ, بل نتمنى أن نرَ الأناسَ أشلاءً مُتناثرةً حتى تتحققَ جملةٌ ممَا كتبناهَا !!!

وبالمقابلِ كيفَ نشعرُ بالفخرِ والسرورِ والنشوةِ والسعادةِ, عندمَا نعلمُ أن الكثيرَ ممَا كتبتْ أقلامُنَا, وأصدرتْ صُحُفُنَا قد جاءَ كمَا رأينَا, وقد تحققَ الكثيرُ ممَا حذرنَا منهُ الأهلُ والأحبةُ, وبالتالي حافظنَا على الكثيرِ ممَن تابعَ كتاباتِنَا وطالعَ نشرنَا, وهنَا تحققَ الكثيرُ ممَا رغبنَا بتحقيقهِ وطمحنَا للوصولِ إليهِ ...

#وهنَا :
لابدَ مِن تسجيلِ العتبِ على الكثيرِ مِن المثقفينَ مِن كتابٍ وصحفيينَ ومحللينَ ومهتمينَ ومتابعينَ, لمَا رأينَاه ورأه الكثيرُ كيفَ لم يستطيعوا التعاملَ مع الأزماتِ التي عصفتْ بالشارعِ العراقي خصوصاً, بل إكتفوا بالبهتانِ ولعبِ دورَ المهرجينَ والممثلينَ التهكميينَ ليظهرَ بطلانَ المقابلِ وفسادَ عملهِ وخيانتهُ لوطنهِ وشعبهِ وتراثِ عائلتهِ !!!

حيثُ نحى الكثيرُ مِن المعتمدِ عليهِم الى هذهِ الطريقةِ, وحاولوا تهديمَ صنميةَ الآخرِ بهذهِ الطريقةِ في صدورِ أتباعهِ, وإستعجالاً منهُم في أمرِ اللهِ تعالى مجدهُ وعلا ذكرهُ, ناسينَ ومُتناسينَ أن المقابلَ الخائنَ والمنافقَ والدجالَ والبائعَ لعرضهِ ووطنهِ بأبخسِ الأثمانِ, يُمكن أن نُسقطهُ مِن شاهقِ الكرامةِ ومِن مرتفعِ القداسةِ وعلياءِ الموروثِ العائلي, بمجردِ أن نظهرَ حقيقتهُ أمامَ الملأ كمَا هي, مِن دونِ الحاجةِ الى الخوضِ بالعروضِ المسرحيةِ والتهكميةِ ووسائلِ الإبهاتِ لهُ !!!

فمثلاً كانَ مِن الواجبِ علينَا أن نعيدَ الكثيرَ ممَا نُشِرَ سابقاً, كشهاداتِ المقربينَ لهُ, والعارفينَ بسوءِ حالهِ, حتى لو نشرنَا ذلكَ ألفَ مرةٍ سابقاً, لأنَّنا مِن المفترضِ بتنَا على إطلاعِ بضعفِ ذاكرةِ العراقيينَ, وسوءِ حفظِهَا, ممَا يستدعي أن نكررَ الكثيرَ ممَا نشرناهُ بينَ الفينةِ والأخرى !!!

وحقاً كانَ مِن الواجبِ علينَا أن نربي العراقيينَ خلالَ تلكَ الفترةِ الوجيزةِ -كمَا في غيرهَا مِن الفتراتِ- على كيفيةِ الإستدلالِ على بطلانِ الآخرِ, وكيفيةِ الرجوعِ بالذاكرةِ الى الوراءِ مع تقريرِ ذلكَ, لأنَّ الإستغلالَ الفرصةِ الملائمةِ ليسَ فقط على نحو إستهدافِ الخصومِ, بل أنَّ الفرصةَ في الغالبِ تكونُ ملائمةً لتربيةِ المجتمعِ, خصوصاً فيمَا لو كانَ العدو مشتركاً, والمصلحةُ عامةً .
ولكن ماذا أقولُ وماذا أعبرُ وماذا أحكي, عندمَا نرى الغباءَ هو الصفةُ السائدةُ والغالبةُ في المجتمعِ, فالكثيرُ حفظَ النصَ بإنتهازِ الفرصةِ وسرعةِ تلاشيهَا, والعمومُ لَم يرعاهَا كمَا حفظها !!!

#وكمَا_تعودنَا :
أن نكونَ أخرَ مَن يدلو بدلوهِ, خصوصاً بعدَ أن يهرعَ الجميعُ تقريباً للكتابةِ والتحليلِ, وحتى لا يضيعُ الغثُ مع السمينِ, نضطرُ الى تأخيرِ ما نعتقدُ بهِ وبمطابقتهِ للواقعِ, حتى نتركَ مساحةً واسعةً للتفكيرِ والأخذِ والردِ, وبالأخصِ عندمَا رأيتُم كيفَ فرَ الكثيرُ منهُم من ساحةِ المواجهةِ الفكريةِ وسوحِ النتِ, بحجةِ أن قائدَهُم أمرهُم بالإنسحابِ وتركِ المحاججةِ, ولكنَهُ عَلِمَ أنَّ حجتهُم داحضةٌ أمامَ سيلِ الأدلةِ والإتهامتِ التي كانَ مِن الواجبِ عليهُم ردُّ ولو بعضِهَا, فلو كتبنَا في حينِهَا لم يصلْ المرادُ الى أتباعهِ ومقلديهِ, والخيرُ فيمَا وقعَ بحمدِ اللهِ ربِ العالمينَ ...

#وبالتأكيدِ :
أن الكشفَ عن النِقابَ سوفَ لا يؤخرُ قدراً قد خطهُ القلمُ, ولا يُقدمُ أجلاً لم تنتهِ مُدَتَهُ, وهذا مَا رأيناهُ في الموروثِ الروائي لأهلِ بيتِ العصمةِ ومنزلِ الوحي ومهبطِ الملائكةِ عليهِم وعلى جدهِم الصلاةُ والسلامُ, حيثُ حذروا مِن فتنِ آخرِ الزمانِ, ومِن فقهاءِ السوءِ, ومِن شذاذِ آلِ محمدٍ (صلى اللهُ عليهِ والهِ وصحبهِ وسلمَ), بل وقد وضعوا النقاطَ على الحروفِ وكأننَّا نرى ذلكَ في أُمِ أعينِنَا, ولكن هل إستفادَ الناسُ من تلكَ الأخبارِ, وعملوا بتلكَ الآثارِ, وإعتبروا الكثيرَ مِنهَا سُراً مِن الأسرارِ ؟!!!

وهنَا يتحققُ التبشيرُ والتنذيرُ المباشرينِ مِن نفسِ الرسولِ المختارِ والهِ الأطهارِ (عليهِم الصلاةُ والسلامُ), بل وتتحققُ المعجزاتِ على أيديهِم لإقناعِ المقابلِ, لأنَّ الإخبارَ عن أمورِ آخرِ الزمانِ, بمنزلةِ الإخبارِ عن الغيبِ الذي تقومُ بهِ الحججُ, ويستحقُ عليهَا المقابلُ الثوابَ والعقابَ ...

وبالتالي مَن أنكرَ مَأثرَ الرسولِ وأبناءِ أبنتهِ البتولِ (عليهِم الصلاةُ والسلامُ) بعدَ غيابِهِم, سيانِ مع مَن أنكرَ الرسالةَ في حياتِهِم, فلا عجباً أن يكونَ بينَ ظهرانينَا مَن قاتلَ الحسينَ بنَ علي (عليهِمَا السلامُ), ويُحشرُ على عقبيهِ يومَ القيامةِ, وهو لَم يرمي سهماً, ولم يؤشرْ برمحٍ !!!

والأعجبُ مِن ذلكَ, فإنَّ نفسَ عناصرَ الحجةِ تحققتْ على مَن عاصرَ الإئمةِ (عليهِم الصلاةُ والسلامُ) مِن خلالِ الحديثِ, فكيفَ لا يكونَ ذاتهُ حجةً على غيرِهِم بعدَ ذلكَ, وإلا مَا الطائلُ مِن نقلِ الأخبارِ, والإجتهادِ في جمعِ الآثارِ, والتفننِ في تبويبِهَا وإخراجِهَا, وحفظِ أمتونِهَا بأسانِدِهَا !!!

فالحجةُ مقامةً على الشاهدِ منهُم والغائبِ, والحاضرِ والبادي, والسابقِ واللاحقِ, فلا حجةَ بالتأخرِ عن معاصرةِ الأئمةِ الهداةِ, فَمنْ كان العنادُ في التالي طبيعتهُ, كانَ ذلكَ مع المعاصرةِ ديدنهُ, فلا يُخالفُ اللهُ تعالى علمهُ, ولا تتغيرُ بهِ الأحوالُ, ولا تتباينُ عندهُ الآجالُ, فسبحانَ ربِ العزةِ الكبيرِ المتعالِ ...

فوالذي نفسي بينَ يدي رحمتهِ, إن شاءَ أفلتْ, وإن شاءَ إستمسكَ, فلو أنَّ فلاناً الداعي الى ولايةِ أبيهِ بعدَ وفاتهِ, كانَ أبناً للصادقينِ (عليهمَا السلامِ), لوقفَ على طريقتِهِمَا, وكانَ أولَ الشاكينَ والمحاربينَ في إمامةِ الذي بعدَهُمَا, ولما عدا أن يكونَ إماماً للمارقينَ, ورأساً للواقفينَ, وعجلاً للعابدينَ, فمَن سالَ لعابهُ على تقمصِ مقاعدِ المُخبتينَ, فمِن بابِ الأولى أن يسيلَ دمهُ على إمامةِ الأولينَ والآخرينَ !!!

#وهنا_كانَ_في_ودي :
أن أبينَ أمراً مهماً جداً, وهو : إنَّ سببَ إنفلاتِ زمامِ الأمورِ الى درجةٍ جعلتْ سرابيتَ الناسِ يُمكن أن يُنصبوا أننفسَهُم أئمةً للمسلمينَ, وقادةً للمساكينَ المُرْجَفينَ,  وولاةً على أحكامِ الدينِ, هو بسببِ تصدي مَن ليسَ أهلاً للقيادةِ الدينيةِ لزمامِ الأمورِ, فعندمَا رأى المرجفونَ أن مَن إدعى منصبَ الإجتهادِ مِن ذوي الكعبِ المنخفضِ, أطمعتْ نفسهُ فيهَا, وركنتْ غريزتهُ إليهَا ...

وهذا يتحملُ كلَّ تبعاتهِ أولئكَ الذينَ سخفوا قيادةَ الناسِ, وسفهوا التصدي الى أمورِ المسلمينَ, حيثُ جعلوا أمرَ إدعاءِ القيادةِ أمراً ميسوراً, فتكثرَ في الناسِ الشقاقِ, وأنتشرتْ بينهُم أفتُ النفاقِ, حتى باتَ أيَّ خطٍ غيرِ مأمونٍ مِن التمزقِ والتشرذمِ والإتقسامِ على نفسهِ, لأنَّ بوادرَ الإنقسامِ حاضرةٌ, وأسبابَ القيادةِ فاعلةٌ, وأركانَ الدعاوى أمامَ الأعينِ ماثلةٌ ...

فضاعتْ بذلكَ هيبةُ الدينِ, وانمحقتْ تعاليمُ سيدِ المرسلينَ, واندرستْ أحكامٌ كانتْ بالأمسِ شواخصاً, ومواطنٌ كانتْ في القريبِ شواهداً, فلَم يبقَ للمذهبِ أساساً إلا هدوهُ, ولا مَعْلَمَاً إلا رضوهُ, ولا ركناً تأوي الأفإدةُ إليهِ إلا سحقوهُ, فضاعتْ بذلكَ الصلاةُ, وفرتْ الوحدةُ على وجههَا في الفلاةِ, فسلاماً على أمةٍ لَم يبقَ مِنهَا إلا أسمُهَا, ومِن وحداتِهَا إلا رسمُهَا, ولا نبثُ حُزننَا وشكوانَا إلا للهِ ربِ العالمينَ ....

فبعدَ أن يرَ الإنسانُ البسيطَ أنَّ قائدهُ ومثلهُ الأعلى غيرَ مستعصماً مِن حرامِ اللهِ تعالى مجدهُ وعلا شأنهُ, وأنَّهُ يخوضُ في الحرامِ خوضَ المغارفِ في أدامِ أبنِ أدمِ, وبعدَ أن يرَ أن الأموالَ الحرامَ يُمكن أن تُذكى برفعِهَا الى جهتهِ, كتذكيةِ الذبيحةِ المترديةِ مِن شاهقٍ, وبعدَ أن يرَ أن المكرَ والخداعَ والنفاقَ والبهتانِ لباساً يُلائِمُ مقاسَ القائدِ, لِمَا مَن اللهُ تعالى عليهِ لزعامةِ القومِ, وبعدَ وبعدَ وبعدَ ....

فكيفَ عندهَا نُطالبُ مِن الناسِ أن يتقوا اللهَ ربَ العالمينَ, بخلافِ مَا رأوهُ وشاهدوهُ وعاينوهُ ونُقِلَ إليهِ عن قادتهِ, وهو يرى أنهُم  حبالُ اللهِ تعالى الى سمائهِ, وأركانُ دينهِ, وعيبةُ عليمهِ, فإن خالفَهُم خالفَ اللهِ تعالى, وإن طابقَهُم وافقَ اللهَ تعالى !!!

#وحتى :
لا يبتعدُ بنَا الحالُ عن عنوانِ المقالِ, وإن كنَا كثيراً ما يَضطرنُا الحالُ أن نعرجَ الى قضايا نعتقدُ وجوبَ طرحِهَا, والتونيهُ الى خفاياهَا, وإن كانتْ الكثيرُ لولا القداسةِ للناسِ باديةٌ ...

نحنُ نعلم أن سببَ إستحكامَ الإسلامَ السياسي على زمامِ الأمورِ في عمومِ البلادِ العربيةِ والإسلاميةِ, بل حتى على مستوى العالمِ, هو أن السياسيينَ كانوا أكثرَ مكراً مِن الدينيينَ, لأنَّهُم إستطاعوا أن ينزلوا الهرمَ الديني المتعالي الى حدِ القبولِ بأن يُطلَقُ عليهِ بالمؤسسات, إسوةً بباقي المؤسساتِ ...

فثلاً بعدَ أن يُوجهُ الإعلامُ وتُسيرُ رؤوسُ الأموالِ الى صالحِ شخصيةٍ ضعيفةٍ لا تفقهُ مِن الدينِ أبجدياتهُ, ويُجعلُ منهُ مثلاً أعلى في أعينِ الناسِ, فبالتأكيدِ سوفَ يُغرُ الناسُ بهِ, لكثيرِ أموالهِ, ولسعةِ حالهِ, خصوصاً وأنَّ طبيعةَ الإنسانِ تميلُ الى الزينةِ وكثرةِ السعةِ والمالِ, حيثُ قالَ تعالى : (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ ...... فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) القصص 79-76 ...

وهنَا سوفَ لا تتعبُ المخابراتُ العالميةُ الى محاربةِ الدينِ بالدينِ والفكرِ بالفكرِ, بل فقط تُهيء لقيادةٍ دينيةٍ وزعامةٍ وطنيةٍ, قبالَ القيادةِ والزعامةِ الحقيقيةِ, وبمَا أنَّ الكلمةُ الفصلِ بيدِ الناسِ, وبيدِ سوادِ الأمةِ, فيمكن لهذا القائدِ المزيفِ والمصنوعِ, أن يدعي أيَّ منصبٍ يشاءُ, لأنَّ الأتباعَ مُعَدَونَ لهُ سلفاً, ولا يحتاجُ بعدَ تهيءِ القاعدةِ غيرَ الدعوى حتى لو كانتْ فارغةً وبلا دليلٍ !!!

بل, لا تبقى دعوى يُمكن أن تضفي القداسةِ على القائدِ المصنوعِ غيرُ ممكنةٍ, فدعوى الإمامةِ والنبوةِ ممكنةٌ, فكيفَ بدعوى الإجتهادِ التقليدِ والأعلميةِ والقيادةِ والنيابةِ عن المعصومينَ (عليهِم الصلاةُ والسلامُ), فبالتأكيدِ لا تصبحُ لهذهِ الدعوى قيمةً تُذكرُ بمنظارِ أتباعهِ, الذينَ أشربَ قلوبهُم العجلَ, حيثُ قالَ تعالى : (وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ) القصص 38 ...

وبعدَ أن يدعي مَن بيدهِ المالَ والسلطةَ والسطوةَ والقواعدَ الشعبيةَ منصباً مِن المناصبِ, يوازي تلكَ المناصبِ التي تَبَوَأهَا المستحقونَ لهَا, فبالتأكيدِ سيكونُ المستحقونَ هُم الحلقةُ الأضعفُ بمنظارِ المجتمعِ, والتي سوفَ يُشَكَكُ بهِ وبقيادتهِ, مِن المنظورِ المادي, وهذا ما نراهُ على مستوى القرانِ الكريمِ : (وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ*وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لا يُرْجَعُونَ ..... وَقَالُوا إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا) القصص 38-57 ...

#وهنَا :
سَوفَ تنهارُ الدياناتُ والمذاهبُ, فمثلاً عندمَا نطالعُ كتبَ علماءَ السنةِ والجماعةِ القدماءِ, سوفَ نرى مقدارَ الضحالةِ التي وصلَ إليهَا المذهبُ السني في الفتراةِ التي تلتْ تلكَ العصورِ, بحيثُ لم يتمكنَ هؤلاءِ العلماءُ المعاصرونَ غيرَ إجترارِ نفسِ المعلوماتِ وإعادةِ إخراجِهَا بصيغةٍ جديدةٍ عصريةٍ, بينمَا عجزتْ مؤسساتُهُم أن يأتوا بكتابٍ وحدٍ يُشابهُ ذلكَ التراثَ الموروثَ !!!

ولذا فمعَهُم الحقُ عندمَا يبقى هؤلاءِ البسطاءُ مِن علماءِ المذهبِ السني على تقليدِ أولئكَ القدماءِ مِن العلماءِ, لأنَّ إنهيارَ المؤسسةِ الدينيةِ لدى السنةِ, وصلتْ الى مرحلةِ العجزِ التامِ مِن أن تُنجبَ عشرَ معشارِ أولئكَ الجهابذةِ مِن العلماءِ !!!

وطبعاً أن هذا الإنهيارَ بالمؤسسةِ الدينيةِ السنيةِ, لم يأتي جزافاً أبداً, بل أن هذهِ المؤسسةِ الدينيةِ قد مُرِسَتْ عليهَا الضغوطُ من قبلِ الحكوماتِ والمؤسساتِ السياسيةِ, فالسلطةُ التي يتمتعُ بهَا الحاكمُ  لم تقتصرْ على المؤسساتِ السياسةِ والعسكريةِ والإقتصاديةِ, بل تعدتْ سلطتهُ الى المؤسساتِ الدينيةِ ...

وبمَا أن الرئيسَ يجب أن يكونَ هو الأعلمُ والأفهمُ وفلتتْ زمانهِ, لذا لابدَ أن يتعلمَ أصولَ الدينِ والعقيدةِ والمذهبِ, وعندَهَا لابدَ مِن إنهيارِ المؤسسةِ الدينيةِ الى مستوى يتمكن هذا القائدُ الضرورةُ من ركوبِهَا والإرتقاءِ عليهَا حتى, بل أنَّ النصوصَ الدينيةَ لابدَ أن تخضعَ لمجلسِ الشورى والإستشاررينَ والبطانةِ الملكيةِ أيضاً !!!

وبالتالي هكذا بدأ المذهبُ السني بالإنهيارِ علمياً, لأنَّ الإشتراكَ بينَ المؤسستينِ الدينيةِ والسياسيةِ بدأ مِنذُ إنتهاءِ عصرِ الخلافةِ الراشدةِ أو قبلَهَا, وبالتالي فإنَّ رصانةَ المذهبَ السني لا تتحملُ كلَّ هذهِ الفترةِ مِن الزمنِ لتبقَ على نفسِ صمودِهَا, فنسبةُ التأويلِ والتبريرِ والخوضِ بالمتشابهَات ستكونُ أكثرَ فأكثرَ بمرورِ الزمنِ !!!

#ونفسُ_الشيءِ :
يُعملُ اليومَ مع المذهبِ الشيعي, حذو القذةِ بالقذةِ, والنعلِ بالنعلِ, حيثُ لاحظَ الكثيرُ أن علاماتِ إنقراضِ وإنتهاءِ الفقهاءِ الهادينَ بدأ بالظهورِ مِن نهاياتِ القرنِ الماضي تقريباً, حيثُ بدأ الفقيهُ لا يُنْظَرُ الى تراثهِ العلمي والبحثي, بمقدارِ مَا يُنظَرُ الى سيطرتهِ على القواعدِ الشعبيةِ في المنطقةِ التي يقبعُ عليهَا ويجثو على صدرِهَا ...

فَمَن مِنَا رأى أن فقيهَا مِن الفقهاءِ المعاصرينَ, إهتمَ بالدرسِ والتدريسِ والبحثِ والتنقيبِ والكتابةِ التأليفِ, بقدرِ مَا إهتمَ في ترميمِ شكلهِ ومنظارهِ ومظهرهِ الخارجي أمامَ الناسِ ودولِ العالمِ الخارجي ؟!!

وعندَهَا إنهارتْ المؤسسةُ الدينيةُ الشيعيةُ, كإنهيارِ المؤسسةِ الدينيةِ السنيةِ, بل أنَّ عامةَ هؤلاءِ لا يريدونَ وجهَ اللهِ تعالى أبداً, بل هَمُ هؤلاءِ كيفيةُ السيطرةِ على الناسِ بأيِّ وسيلةٍ مناسبةٍ وسهلةٍ, بعدَ أن شعروا أنَّ السيطرةَ العلميةَ غيرُ ممكنةٍ بالنسبةِ لهُم, لفراغِهِم العلمي والمعرفي, لذا ركنوا الى مصاحبةِ السلطةِ وتزلفوا الى أركانِ السطوةِ, حتى فُعِلَ بِهِم مَا فُعِلَ بعلماءِ السنةِ !!!

فبالتأكيدِ أن المؤسسةِ السياسيةِ سَتَرفعُ شخصاً لا طاقةَ لهُ على التحريكِ العلمي, بحيثُ أن الزعيمَ السياسي سيبقى أبلغُ وأفقهُ وأعلمُ مِن فقهاءِ السلطةِ والراكنينَ إليهَا ...

#وتَخَيَلَ :
مَا الأرباحُ التي سوفَ تجنيهُ المؤسساتُ السياسيةُ مَا لو قربتْ أشخاصاً منافقينَ إليهَا, وسوقتْ هذهِ السلطةُ بأنَّ هذا الشخصُ هو الممثلُ الحقيقي للدينِ والمذهبِ !!!
فهل ترى أن أبلغَ مَا توصلتْ إليهِ دوائرُ المخابراتِ يبلغُ هذهِ الطريقةَ في تهديمِ الدينِ والمذهبِ ؟!!

فبالتأكيدِ إن جعلَ هذا المنافقَ والمتزلفَ والإنتهازيَ على رأسِ المذهبِ, وتسويقهُ الى العامةِ بأنهُ المرجعُ الأعلى, والشخصيةُ الوطنيةُ المُثلى, والطريقةُ الوسطيةُ بينَ جميعِ أبناءِ المذهبِ, وبالمقابلِ أنتَ تعلمُ وتتيقنُ, كمَا هُم يعلمونَ ويتيقنونَ, أنهُ منافقٌ دجالٌ عميلٌ, بل هو مِن وعاظِ السلاطينِ الإنتهازيينَ المستأكلينَ, بل أنهُ مجرمٌ وقاتلٌ وفتاكٌ بالنفسِ المحترمةِ والمقدساتِ, فعندَهَا سيكونُ الشعورُ العامُ والإنطباعُ عندَ الناسِ, بأنَّ كبيرَهُم منافقٌ دجالٌ منحرفٌ مستأكلٌ, فكيفَ بالملايينَ الذينَ سوقَهُم الإعلامُ على أنَّهُم تابعونَ لهُ !!!

#وهنَا :
سوفَ يُنزلُ المذهبُ الذي قامَ على الدليلِ والبرهانِ والنقاشِ العلمي الإخلاقي وكثرةِ التأليفِ والإنتاجِ, الى منزلةِ العمل المؤسساتي, كمَا نراهُ في كلياتِ العلومِ الشرعيةِ الأكادميةِ عندَ أبناءِ السنةِ والجماعةِ, حيثُ أن عددَ المفتينَ بعددِ أبناءِ المذهبِ, حتى وصلَ بهِم الحالُ الى صعوبةِ السيطرةِ على الناطقينَ بإسمِ المذهبِ, والمتكلمينَ بإسمهِ في شاشاتِ التلفازِ ومِن على المنابرِ, بل بمقدورِ أيًّ منهُم أن يكونَ إماماً ضالاً ومضلاً كمَا حصلَ مع أئمةِ المارقةِ مِن تنظيمِ الدولةِ -داعش- !!!

وبعدَهَا عن أيِّ برهانٍ علمي نتكلُ, وعن أيِّ دليلٍ يستطيعُ هؤلاءِ تقديمهُ الى الناسِ والى الطرفِ المقابلِ, فإذا كانَ هو بنفسهِ لا يستطيعُ تحصينَ نفسهِ فكرياً, بل هو وكرٌ مِن أكارِ الشيطانِ, ومخدعٌ مِن مخادعِ أبليس, ومرمى مِن مرامي المخابراتِ العالميةِ, فبالتأكيدِ سوفَ نقرأ على المذهب السلام بعدَ أعوامٍ قلائلٍ مِن الآن, ونسألَ اللهُ تعالى العفو والصلاحَ !!!
#وبالمقابلِ :
أنَّ هنالكَ جذوةً مِن علمٍ, وآثاراً مِن التقوى, وينبوعاً مِن الحكمةِ, لا يزولُ ولا يُدرسُ حتى لو تقابلَ الثقلانِ على إنهائهِ, فهو بمثابةِ الحجةِ والبرهانِ والكلمةِ الحسنةِ, التي ضَمِنَ اللهُ تعالى بقاءُهَا الى يومِ القيامةِ, وهي التي تكونَ الحقَ المطلقُ, والبرهانُ الساطعُ, والمحكُ بينَ الحقِ والباطلِ, والحجةُ على أهلِ الدنيا والأخرةِ, حتى لو لَم يمارسُ الرياسةَ, ولَم تُطوَ لهو السجادَ, وبقى شريداً طريداً منجحراً في مضيقٍ مِن العيشِ, فكفى بالصبرِ سلوةً لهُ, لأنَّهُ يصبرُ على ما يعلمُ مِن النعيمِ المقيمِ ...

#وهنَا :
لابأسَ أن أزفَ البشرى الى نفوسٍ مُحِقَتْ كَمَحقِ الملحِ في الماءِ, لمَا ترى مِن إنهيارِ الدينِ, وضياعِ جهودِ الشهداءِ والصالحينِ, أنَّ الإرهاصاتِ لنهايةِ المعاناةِ لا تكونَ فقط وفقط على حسابِ الظواهرِ الكونيةِ والخارجيةِ, بل أنَّ إرهاصاتِ إنحسارِ التقوى, ودبيبِ الفسادِ, وغيابِ الهداةِ المهديينَ مِن أرجاءِ هذهِ المعمورةِ, يُنبؤنَا وعلى نحو اليقينِ, أنَّ المشروعَ الإلهي الذي أُوكلَ للعلماءِ العاملينَ شارفَ على النهايةِ, وبقلةِ هؤلاءِ المخلصينَ الممحصينَ القادرينَ على حملِ المشروعِ, فلابدَ مِن إيكالِ الحفظِ والإكمالِ الى مَن لا تُرَدُ لهُ رايةٌ, ولا تُرجعُ عليهِ كلمةٌ, ومَن ستكونُ طاعةُ الكونِ إليهِ أشدِ مِن طاعةِ الأمةِ لسيدِهَا ...

- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ: قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَنْزِلُ بِأُمَّتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ بَلَاءٌ شَدِيدٌ مِنْ سُلْطَانِهِمْ لَمْ يُسْمَعْ بَلَاءٌ أَشَدُّ مِنْهُ ، حَتَّى تَضِيقَ عَنْهُمُ الْأَرْضُ الرَّحْبَةُ، وَحَتَّى يُمْلَأَ الْأَرْضُ جَوْرًا وَظُلْمًا، لَا يَجِدُ الْمُؤْمِنُ مَلْجَأً يَلْتَجِئُ إِلَيْهِ مِنَ الظُّلْمِ ، فَيَبْعَثُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ رَجُلًا مِنْ عِتْرَتِي ، فَيَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا ، كَمَا مُلِئَتْ ظُلْمًا وَجَوْرًا ، يَرْضَى عَنْهُ سَاكِنُ السَّمَاءِ وَسَاكِنُ الْأَرْضِ، لَا تَدَّخِرُ الْأَرْضُ مِنْ بَذْرِهَا شَيْئًا إِلَّا أَخْرَجَتْهُ، وَلَا السَّمَاءُ مِنْ قَطْرِهَا شَيْئًا إِلَّا صَبَّهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا، يَعِيشُ فِيهَا سَبْعَ سِنِينَ أَوْ ثَمَانِ أَوْ تِسْعَ، تَتَمَنَّى الْأَحْيَاءُ الْأَمْوَاتَ مِمَّا صَنَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِأَهْلِ الْأَرْضِ مِنْ خَيْرِهِ ) ...

-عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُمْلَأَ الْأَرْضُ ظُلْمًا وَجَوْرًا وَعُدْوَانًا، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي مَنْ يَمْلَؤهَا قِسْطًا وَعَدْلًا ، كَمَا مُلِئَتْ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا ) ...

- وعن رسولِ اللهِ (صلى اللهُ عليهِ والهِ وصحبهِ وسلمَ) : (سيأتي زمانٌ على أمتي لايبقى مِن القرآنِ إلا رسمهُ، ولا مِن الإسلامِ إلا اسمهُ، يسمونَ بهِ وهُم أبعدُ الناسِ منهُ، مَسَاجِدَهُم عامرةٌ وهَي خرابٌ مِن الهدى، فقهاءُ ذلكَ الزمانِ شرُ فقهاءٍ تحتَ ظلِ السماءِ، منهم خرجتْ الفتنةُ وإليهم تعودُ) ...

- وعن الرسول (صلى اللهُ عليهِ والهِ وصحبهِ وسلمَ) في حديث المعراج، قال: (... قلتُ إلهي فمتى يكون ذلك –أي الفرج-؟ فأوحى إلي (عز وجل) : يكون ذلك إذا رفع العلم و ظهر الجهل وكثر القراء و قل العمل وكثر الفتك و قل الفقهاء الهادون وكثر فقهاء الضلالة الخونة) ...

الجمعة، 23 يونيو 2017

الإعلامُ وإظهارُ دُوَلِ الخَلِيجِ بِمَلابِسِ النَوْمِ :
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,(الدكتور مهند جاسم الحسيني)
لايخفى على أيِّ عربي وغيرِ عربي, بأنَّ دولَ الخليجِ هي الدولُ المسيطرةُ تمامَ السيطرةِ على الماكنةِ الإعلاميةِ العربيةِ والإسلاميةِ في العالمِ, وأنَّ هذهِ السيطرةُ تراهَا مؤثرةً تمامَ التأثيرِ على التركيبةِ الفكريةِ والنفسيةِ للمسلمينَ عامةً, أسواءُ كانتْ رداتُ الفعلِ سلباً أو إيجاباً, ولكنهَا أثرتْ بأحدِ طرقِ التأثيرِ على طريقةِ تفكيرهِ وإنفعالاتهِ الشخصيةِ الفرديةِ والمجتمعيةِ !!!

وبالتالي فإنَّ أيَّ دولةٍ ترغبُ أن تطبقَ مشروعَهَا في المستقبلِ, فلابدَ مِن أن تُولي إهتماماً بهذا القطاعِ الهامِ والمؤثرِ في تفاعلاتِ وإنفعالاتِ المتابعينَ, وإنَّ السيطرةَ على هذا القطاعِ يُمكن أن يُغني الكثيرَ مِن الدولَ مِن مسألةِ التجنيدِ لنشرِ مَا يُعرفُ #بالإشاعةِ_الأمنيةِ, التي تُعجلُ في تحركِ الخلايا النائمةِ في تلكَ البلدانِ, وتُرغبُ في تحركِ المناؤينَ لسياساتِ الدولةِ, بل وخلقُ مَا يُعرفُ بالطابورِ الخامسِ !!!

وإنَّ نشرَ هكذا إشاعاتٍ في تلكَ البلدانِ المعاديةِ ولو على نحو السياسي, لا يُمكن السيطرةُ عليهِ أبداً, لأنَّ الإشاعةَ تَنتقلُ عبرَ الأثيرِ, وعبرَ الأقمارِ الصناعيةِ, وبتردداتٍ يصعبُ السيطرةُ عليهَا مِن قبلِ تقنيينَ الدولةِ ومهندسيهَا ...

لذا فإنَّ الإهتمامَ بالماكنةِ الإعلاميةِ باتَ مِن الأمورِ المهمةِ جداً ولا غنى لإحدى الدولِ عنهَا, بالخصوصِ تلكَ الدولُ التي تنشرُ ثقافتهَا السياسيةِ, أو التي ترغبُ في المستقبلِ مِن السيطرةِ على عقولِ ومشاعرِ تلكَ الشعوبِ, لتحققْ مَا يُعرفُ بالطابورِ الخامسِ في المستقبلِ !!!

#ومِن_هنَا :
فإنَّ مِن اللازمِ على الدولِ المتحفظةِ عن أن تسلمَ أمنَ بلادِهَا أن ترعِ إهتماماً خاصاً في هذا القطاعِ المهمِ, بل وترعي إهتماماً إستثنائياً بأن تجدَ البدائلَ التي تُغني المشاهدينَ عن متابعةِ تلكَ الماكناتِ بعدَ فرضِ الحظرِ والإغلاقِ على بعضِهَا !!!
لأنَّهُ مِن الخطأ جداً أن نتوهمَ أنَّ الهدفَ مِن تلكمُ القنواتِ هو نشرِ الثقافةِ العقائديةِ والدينيةِ والإخلاقيةِ, وبالتالي تنتجُ جيلاً متفسخاً ومتميعاً, لا لأنَّ الأموالَ والميزانياتِ التي تُبذلُ مِن تلكَ الخزاناتِ, لا تبررهَا تلكَ الأغراضُ أبداً, لأنَّ السياساتِ والحكامَ لايَهُمُهُم أبداً, العقائدَ والمذاهبَ والدينَ الذي تعتنقُ, بل مَا يهمهُم كيفيةَ السيطرةِ على العقولِ للحيلولةِ مِن التمردِ عليهِم, و الحفاظِ على سلطانِهِم وتوسعتهِ !!!

لذا فعلى الحصفاءِ مِن القياداتِ أنَّ تلاحظَ آماراتِ الخطرِ والتحركِ الأمني مِن خلالِ مَا تنشرهُ بعضُ القناواتِ الفضائيةِ ووسائلِ الإعلامِ, لأنَّ الهدفَ مِنهَا سياسي وليسَ ديني, نعم أنَّ البرامجَ الدينيةَ والترفيهيةَ وغيرَهَا, مَا هي إلا وسيلةً للكسبِ والضمِ وزيادةِ العديدِ مِن الطابورِ الخامسِ, والذي هو أخطرُ الجيوشِ على الإطلاقِ, بل وهو مِن أفتكِ الأسلحةِ المستخدمةِ في الحروبِ, لأنَّهُم العينُ والمصدرُ والألغامُ الخاملةُ التي تنتظرُ أن تَسمحَ لهَا الفرصةَ !!!

#لذا :
فالملايينَ التي تُصرفُ على قطاعِ الإعلامِ المحلي, هو أفضلُ مِن بذلِ الملياراتِ والميزانياتِ التي سَتُصرفُ في مكافحةِ مَا سيولدهُ الإعلامُ المقابلِ للطرفِ الآخرِ, وكمَا قيلَ قديماً : الوقايةُ خيرٌ مِن العلاجِ !!!

ولابأسَ أن أضربَ لكُم مثلاً رَأهُ الكثيرُ مِن الأحبةِ والأعزةِ خلالِ الشهرِ الكريمِ, هَل إستطاعتْ العوائلُ العربيةُ بشكلٍ عامٍ, والعراقيةُ على الوجهِ الخاصِ, أن تتحررَ مِن متابعةِ القنواتِ الخليجيةِ, أسواءُ تلكَ التي تَعتني بالدراما أو الوثائقيةِ والتأريخيةِ والإخباريةِ ... ؟؟؟

بالتأكيدِ كلا !!!

لأنَّ الخياراتِ محدودةً أمامَهَا, وبالخصوصِ أنَّ الإعلامِ العراقي والعربي غيرِ الخليجي هو مَن ساعدَ على إنتشارِ هذهِ القنواتِ وبرامجِهَا أسرعَ مِن إنتشارِ النارِ في الهشيمِ, لأنَّهَا إنتهجتْ تقديمَ الأسوءِ والأردأ والأضحلَ, بحيثُ أرغمتْ الجميعَ أن يتلقَ ثقافتهُ وأفكارهُ مِن الآخرينَ, بل وكلُّ فردٍ صارَ إعلاناً في مكانِ عملهِ لتلكَ القنواتِ والبرامجِ !!!

والمثالُ الآخرُ الذي يجبُ إضافتهُ, هو : مَا تناقلتهُ نفسُ الوسائلِ الإعلاميةِ التي تثقفتْ الشعوبُ على متابعتِهَا حولَ الأزمةِ الخليجيةِ فيمَا بينَهَا, وقدَ أظهرتْ جارتهَا الأقربَ قطرَ إنهَا معملاً للإرهابِ العالمي, وملاذاً للمحرضينَ عليهِ, وقبلةً للمتأمرينَ معهُ على رؤوساءِ سائرِ حكامِ المنطقةِ !!!!
وبالمقابلِ لَم يستطعْ الإعلامُ المناهضُ لهذهِ الفكرةِ مِن أن يدافعَ عن الحكومةِ القطريةِ, بل لَم يستطيعْ الجميعُ مِن أن يستغلَ هذا الخلافَ بأيِّ مكسبٍ سياسي أو فكري, لا لشيءٍ سوى أنَّ الإعلامَ الذي تملكهُ الحكوماتُ المناهضةُ للخليجِ متخلفٌ جداً جداً جداً, وطبعاً إنَّ البقاءَ على تَخْلِفِ الإعلامِ ناتجٌ عن النظرةِ الضيقةِ للمستقبلِ ولو بعدَ ساعةٍ !!!

بينمَا إستطاعتْ الدولُ الخليجيةُ أن تُأزمَ الموقفَ خلالَ نصفِ ساعةٍ فقط مِن خلالِ عولمةِ إعلامِهَا, وهذهِ القدرةُ على التأثيرِ والسيطرةِ على العقولِ والقدرةُ على البثِ والنشرِ وبأسرعِ مِن الضوءِ, ناتجٌ فقط عن النشرِ المجانبِ للقضايا السياسيةِ في الأيامِ الإعتياديةِ, أي أنَّ كسبَ الشيعةِ والسنةِ والمسيحِ واليهودِ وغيرهِم مِن المناحلِ بواسطةِ قنواتِ الدراما والأفلامِ, رفَع عددَ متابعيهَا الى ملايينَ المشاهدينَ في سائرِ العربِ المنتشرينَ في العالمِ, بينمَا إستغلتْ هذهِ القنواتُ لبثِ نفسِ الخلافِ والإتحادِ ضدَ الدولةِ قطر, مع تحقيقِ نفسِ عددِ المشاهداتِ المعتادةِ, حتى صارَ المنبعُ الوحيدُ للقضيةِ السياسيةِ القطريةِ هي نفسُ هذهِ القنواتِ !!!

أنظرْ كيفَ بدأوا يؤسسونَ لأنفسِهِم وأفكارِهِم قبلَ سنواتِ كمَا يفعلُ الغربُ تماماً !!!
ويصرفونَ ملايينَ مِن الدولاراتِ للحصولِ على أكثرِ مشاهدينَ العربِ في العالمِ !!!

بل وكيفَ يستغلونَ المسيحَ والمنحلينَ مِن المقدمينَ والممثلينَ, ليقوموا بأدوارٍ لا يتناسبُ القيامُ بهَا بحسبِ مَا يرفعونهُ مِن شعاراتٍ إسلاميةٍ, بل ويبينونَ ذلكَ صراحةً مِن خلالِ أسماءِ المقدمينَ والممثلينَ في قنواتهِم, فالمقدمةُ كرستينا ونجوى ولارا و غيرهنَّ مِن النسوةِ, بينمَا عندمَا يأتي الدورُ للرجالِ, والذي لا يحتاجونَ للتحللِ الإخلاقي, فيقدمونَ المسلمينَ مِن أبناءِ بلادِهِم, حيثُ المقدمُ محمد وسمان وعلي وابو بكرٍ وعمرُ وهكذا مع باقي الأسماءِ الإسلاميةِ !!!

هكذا هُم يكسبونَ الشعوبَ, وهكذا يثقفونَ الناسَ, وهكذا يُزيدونَ عددَ المشاهدينَ, بهذهِ الطريقةِ مِن الخسةِ ومِن الدناءةِ والرذيلةِ, بل إنَّ نفسَ الدولةِ تَبثُ البرامجَ الدينيةِ والعقائديةِ في قناةٍ, بينمَا تبثُ برامجَ الإنحلالِ في قنواتٍ أخرى, بحيثُ لا يفلتْ مِن قبضتِهَا المتدينُ المسكينُ ولا المنحلُ والمتميعُ, وهذا مَا يُؤكدُ لنَا نظريةُ زيادةِ المتابعينَ والمشاهدينَ والمتلقينَ مِن الناسِ, لأنَّ الثقافةَ المُتلاقاةِ ليسَ الهدفُ مِن ورائِهَا سوى جذبِ أكبرِ عددِ مِن المتابعينَ, إذاناً وتمهيداً للخطوبِ الكبيرةِ المُعَدِ لهَا في المستقبلِ !!!

#ومِن_هنَا :
يُمكن أن تشتعلَ أزمةً إعلاميةً لا واقعَ لهَا خلفَ شاشةِ التلفازِ, ويُمكن أن تُخمدَ ويُتَعَتَمُ على نارٍ متأججةٍ تُهددُ الأخضرَ واليابسِ مِن البلدانِ, كمَا تفاعلَ الناسُ مع أحدَ فَرْدَتي حذاءٍ لطفلٍ ملقاةٍ على ضفافِ بحرِ إيجة, بينمَا جهلَ ناسُ مَا يحصلُ على مسلمي الروهنكا في بورمَا, مِن حرقٍ وقتلٍ وتمثيلٍ وترويعٍ وتهجيرٍ, بل تُبنى لكهنةِ القتلةِ مِن البوذيينَ الأديرةُ وأماكنُ العبادةِ في بلادِ الخليجِ, تعبيرا لحريةِ العبادةِ والمُعتقدِ !!!

طبعاً نحنُ في صددِ ضربِ الأمثلةِ, ليتمكنْ القارئُ اللبيبُ مِن الفهمِ الكاملِ للمشروعِ المخططِ لهُ, بل وأن يستطيعَ السيطرةَ على الأحداثِ في العالمينِ الإسلامي وغيرِ الإسلامي, فيُعَودَ نفسهُ على الفهمِ والتمعنِ والتَفَرسِ, حتى لو لَم يُظْهِرْ المقابلُ ذلكَ, وبالتأكيدِ فإنَّ المقابلُ سوفَ لا يظهرُ ذلكَ فقط, بل يُموهُ الحقيقةَ أيمَا تمويهٍ !!!

ومِن خلالِ متابعاتي المُستفيضةِ لمَا كتبهُ المحللونَ والكُتابَ والمثقفونَ والصحفيونَ مِن مقالاتٍ وتقاريرٍ, حقاً كانَ يدعونَا الى التوجعِ والتضجرِ والتألمِ, فإننَا لَم نستطعْ أن ننتجَ كاتباً واحداً ولا مثقفاً متفرداً في فهمِ الأحداثِ, بل كُلَّ ما قامَ بهِ الأعزةُ ما بينَ نقلٍ للأخبارِ, وترتيبٍ للأحداثٍ, والعملُ على السبقِ أشبهُ مَا يكونَ بالسبقِ الصحفي, المهمُ أن يَكتبَ فلانٌ قبلَ فلانٍ, أو أن يُنزلَ علانٌ عدداً مِن المشاركاتِ أكثرَ مِن الآخرينَ, وبمجموعِهَا لا ترتقي الى أن تكونَ مقالاً يُعلقُ على أبسطِ الصفحاتِ في مواقعِ التواصلِ !!!

لمَاذا لا نحاولُ فهمَ الأمورِ بشكلٍ كاملٍ, ونحاولُ أن نرتقي بالناسِ والمتابعينَ الى فهمِ مَا يحصلُ بشكلٍ حقيقي, بل لماذا لا نعملُ على تعليمَ المقابلِ كيفَ يَتَمَكنُ مِن التحقيقِ والتنقيبِ عن الحقيقةِ بنفسهِ , ولو بشكلٍ معتدٍ بهِ ومقبولٍ ؟!!!

أنتم تعلمونَ أن حتى أولئكَ المسيطرينَ على الماكنةِ الإعلاميةِ العربيةِ, لا يرتقونَ بالرغمِ ممَا يملكونَ الى أبسطِ مقوماتِ المحللينَ والكُتابِ والصحفيينَ, بل يفتقرونَ الى أن يُؤثروا بالناسِ بدونِ إظهارِ المفاتنِ والعري والإباحةِ الى المتابعينَ, فجلُ مَن يُتابعُ القنواتِ الخليجيةِ مثلاً, فلا يُتابعهَا إلا بمعيةِ مَا تظهرهُ المقدمةُ مِن مفاتِنِهَا, ومَا تقدمهُ للمتلقينَ مِن إغراءاتٍ وغواياتٍ, تجعلَ الكلُّ يرتبطُ بهَا وبالقناةِ بطريقةٍ غيرِ مهنيةٍ !!!

لذا فإنَّ المهنيةُ مطلوبةٌ لدينَا وبشكلٍ كبيرٍ, لنسدْ الفراغَ المتروكَ مِن قبلِ هؤلاءِ الإباحيينِ وعارضي الأزياءِ, لأنَّ المهنيةُ باتتْ مُبتغى الكثيرُ يبحثُ عنهُ في صفحاتِ التواصلِ الإجتماعي, بل أنَّ الراغبينَ في معرفةِ الحقيقةِ, في الغالبِ نجدهُ يبحثُ بنفسهِ عن الحقيقةِ وينقبُ عنهَا في هذهِ الصفحاتِ المباركةِ, وهذهِ خصلةً يُمكنُ الإستفادةُ منها كثيراً, لأنَّهَا لا يُمكنُ أن تُسدُ مِن قبلِ عواهرِ القنواتِ الفضائيةِ ولا عارضي البرامجِ ...

وبالحقيقةُ فإننَا بذرنَا الكثيرَ مِن البَذَرَاتِ في هذا الجانبِ, ولم يؤتي الكثيرُ مِنهَا ثمرتهُ لحدِ الآن, بل أنَّ الأعمَ الأغلبَ قدَ مَاتَ فورَ إنفلاقِ حبتهِ, بسببِ التباغضِ والتحاسدِ والتناحرِ, الذي أُمْنِتْ بهِ قضيتنَا الحقةُ وبشكلٍ مفضوحٍ وعلني, ونعملُ على الإستمرارِ في بذرِ بعضاً أخراً, ولكن لا نرَ فيهِ أملاً لولا أملنَا باللهِ تعالى مجدهُ وعلى ذكرهُ, ولولا تيمننَا بالواردِ مِن المعصومينَ عليهُم الصلاةُ والسلامُ بأنَّ نيةَ المؤمنِ خيرٌ مِن عملهِ, فلولا تَعَلُقَنَا بهذهِ الآمالُ, لزالتْ الهمتْ وخارتْ القوى ولا ننهي العملُ الى أن يقضي اللهُ أمراً كانَ مفعولاً ...

#وهنَا :
لابأسَ أن أثيرَ إنتباهَ القراءِ الكرامِ الى مسألةٍ مهمةٍ جداً, وهي أنَّ الكثيرَ مِن السيناريوهاتِ السياسيةِ والعسكريةِ المرادُ تحقيقُهَا على أرضِ الواقعِ, أسواءُ كانتْ داخلَ الحدودِ أو خارجهَا, أي ضمنَ البلادِ الأخرى, لابدَ مِن تُبنى على أساسِ ما تُبنى عليهِ أفلامِ الدرامَا والأكشنِ مِن تسلسلِ الأحداثِ وترابطِ المواقفِ وتتابعِ المشاهدِ, بحيثُ يضمنُ رسمةُ تلكَ السيناريوهاتِ أن تحققَ الهدفَ المنشودَ في الواقعِ الخارجي, بل لابدَ مِن إحضارِ الكثيرَ مِن الكُتابِ والمحللينَ والمنتجينَ والمخرجينَ, وبأضعافِ ما يُهيءُ للأعمالِ الفنيةِ, بحيثُ يجعلونَ مِن المقابلِ متفاعلاً بشكلٍ حقيقي خارجي, ومِن ثُم تُسْتَثمرُ تلكَ الإنفعالاتُ وردودُ الأفعالِ مِن قبلِ المتخصصينَ مِن أجهزةِ الإستخباراتِ العالميةِ المُستفيدةِ !!!

#فكمَا :
لتلكَ المؤسساتِ الإستخباريةِ مِن القدرةِ أن تُصورَ الوقائعِ الخارجيةِ على شكلِ أعمالٍ فنيةٍ, لتبثْ أحداثهَا على الوسائل الإعلاميةِ, فكذلكَ لهَا القدرةُ أن تفعلَ العكسُ تماماً وبأكثرِ جدارةٍ أيضاً ...
حيثُ تقومُ بكتابةِ السيناريو المؤثرُ والمرجو لإستحصالِ الأهدافِ المرجوةِ, ولكن يَتُمُ البثُ والتمثيلُ والإخراجُ على أرضِ الواقعِ !!!

ولهذا نلاحظُ أن البلدانَ في الغالبِ ما تخافُ مِن الوسائلِ الإعلاميةِ, وبالخصوصِ تلكَ البلادِ التي تُبدعُ في هذا الجانبِ, لأنَّ صرفهَا للملياراتِ مِن الدولاراتِ, ولجعلِ القطاعِ الإعلامي لا يَقلُ أهميةً عن القطاعِ العسكري والأمني, تجعلهَا عارفةً تمامَ المعرفتي بمخاطرِ هذا القطاعِ, لأنَّهَا سبقَ وإن إستخدمتهُ في التهيأةِ للقضايا الأمنيةِ والعسكريةِ, بل واستغلتهُ أيمَا إستغلالٍ في هذا الجانبِ !!!

#ولهذا :
رأينَا رؤية العينِ, كيفَ تعاملَ الخليجُ العربي ومصرُ مع الأزمةِ القطريةِ, لَم نرَ أنَّهُ قد تحركتْ طائرةٌ ولا دبابةٌ ولا جحافلاً للقواتِ الأرضيةِ, ولم تتمُ المحاصرةُ البحريةُ العسكريةُ بواسطةِ الأساطيلِ, بل أنَّ جلَّ التعاملِ كانَ تعاملاً إعلامياً بامتيازِ !!!

حيثُ في ليلةٍ وضحاهَا بزغتْ شمسُ النهارِ على أنَّ الممولَ الوحيدَ للإرهابِ الإقليمي عموماً هي حكومةُ قطرٍ, بل أنَّ الحركاتِ المتمردةِ والإرهابيةِ والمُسلحةِ لَم تنبثقْ إلا مِن منابرِ وبنوكِ هذهِ الحكومةِ !!!

وبالتالي فإنَّ القضاءَ على منابعِ الإرهابِ الماليةِ, وإنهاءِ عصبِ التمويلِ لآلافِ المسلحينَ في العالمِ, لا ينتهي عندَ السيطرةِ على آبارِ النفطِ, وإستنقاذِ الآماكنِ الأثريةِ مِنهَا, مَا لم يَتمُ القضاءُ على البئرِ التي لا تنضبُ, والعينُ التي لا تجفُ, المُتَمَثِلَةِ بدولةِ قطرٍ !!!

إنظر وتمعن كيفَ صارتْ قطرُ الخيرِ والعطاءِ والشقيقةِ والعروبةِ خليجياً, منبعاً مِن منابعِ الأرهابِ مالياً, ومصدراً مِن مصادرِ التطرفِ فكرياً, بينَ ليلةٍ وضحاهَا أصبحتْ الحكومةُ في قطرٍ على شفى حفرةٍ مِن نارِ الإنهيارِ الإقتصادي !!!

#ومِن_هنَا :
تستوضحُ لنَا عدةُ أمورٍ مهمةٍ جداً, بل ويُمكن أن نضعَ يدَ القارئ اللبيبِ على أصلِ الخلافِ الخليجي, بعدَ أن عصفتْ كتاباتُ الكُتابِ والمحللينَ في كلِّ خليةٍ مِن خلايا رأسهِ, وباتتْ أحجيةُ الخلافُ الخليجي متناقصةُ القطعِ, بحيثُ لا يُمكن أن يهتدِ أيُّ متابعٍ الى أسبابِ مَا رامتْ إليهِ الأمورُ, وانتهتْ إليهِ الأحداثُ, والنتائجُ التي تنتهي إليهَا مستقبلاً !!!

#الأمرُ الأولُ :
إن هنالكَ جديةً حقيقيةً لمحاربةِ الإرهابِ في المنطقةِ, طبعاً الإرهابُ الذي وضعتْ شروطهُ الإدارةُ الأميركيةُ الجديدةُ, بحيثُ يصبُ بصالحِ الدولِ التي أعلنتْ وتبنتْ هذا المشروعَ بنفسهَا, وعلى رأسِهَا دولُ الخليجِ ومصرُ العربيةُ ...

وإنَّ هذهِ الجديةَ في مكافحةِ الإرهابِ واستئصالِ منابعهِ وإنهاءِ تواجدهِ, هو أحدُ البنودِ التي وعدَ بهَا الرئيسُ الأميركي دونالد ترامب شعبهُ, مِن خلالِ إستئصالِ الإرهابِ من على سطحِ الكوكبِ كَما عبرَ هو في خطابهِ بعدَ الفوزِ برئاسةِ الإدارةِ الأميركيةِ ...

والإرهابُ الذي سيتُم القضاءُ عليهِ لابدَ أن يكونَ إرهاباً سياسياً, وبالتالي ستكونُ الأهدافُ المتوخاةُ مِن إجتثاثهِ أهدافاً سياسيةً محضةً ...
وبمَا أنَّ السياساتُ تتقاطعُ في مناطقِ تواجدِ الإرهابِ -الشرقُ الأوسطُ وشمالُ أفريقيا-, لذا فإنَّ أمرَ القضاءِ عليهَا سيتقاطعُ مع سياساتِ الدولِ الراعيةِ والمستفيدةِ منهُ بكلِّ تأكيدِ !!!

لذا فلابدَ مِن أن يُضربَ أقربَ طرفٍ مِن الأطرافِ الخليجيةِ, وفي البدايةِ, حتى يتسنَ أن يُسوقَ لمحاربةِ الإرهابِ أنَّهُ محاربةً حياديةً, لأنَّ أولَ بلدٍ قَد تَم إعلانُ الحربِ عليهِ هي مِن الدولِ الإسلامِ السني السلفي, والمُتَمَثِلةُ بقطرِ الخليجِ العربي !!!

وهنَا سوفَ تُستغلُ هذهِ النقطةُ إعلامياً وبشكلٍ كبيرٍ جداً وذكي, وسوفَ يُوضحُ للناسِ بأنَّ الحربَ حربٌ على الإرهابِ, وليسَ الغرضُ منهَا إستهدافُ دولاً بعينِهَا !!!

وهنا سوفَ تكمنُ المشكلةُ الحقيقيةُ حقاً, لأنَّ الهدفَ سيكونُ واضحاً جداً بالنسبةِ للكثيرِ مِن قراءِ وعرفاءِ السياسةِ الدوليةِ, ولكن لا يُمكن البوحُ بهذا السيناريو, لأنَّ البوحَ بهِ وتثقيفَ الناسِ عليهِ فرعٌ لدعمِ التطرفِ والإرهابِ, بل أنَّ إقناعَ الرأي العامِ بهذا السيناريو يحتاجُ الى ماكنةٍ إعلاميةٍ ضخمةٍ جداً, لا تملكُهَا دولُ الممانعةِ لهذهِ الفكرةِ !!!

#الأمرُ_الثاني :
تفريعاً على ما قلنَاهُ في الأمرِ الأولِ, فإنَّ إستهدافَ الحركاتِ المتطرفةِ كالإخوانِ وحركةِ حماسٍ, تبعثُ برسالةٍ مطمئنةٍ جداً الى الحكومةِ المصريةِ -وليسَ الدولةُ المصريةُ-, بحيثُ ستدخلُ هذهِ الحكومةُ بشكلٍ كاملٍ جداً في هذا المشروعِ, وبكلِّ قدراتِهَا العسكريةِ والأمنيةِ, لأنَّ الهدفَ الأولَ مِن هذا المشروعِ هدفُ يصبُ بالصالحِ الأمنِ القومي المصري مباشرةً, وليسَ لهُ علاقةٌ بالأمنِ الخليجي ولا العالمي, لأنَّ حركةَ الإخوانِ وحماسِ لم تُشكلُ قلقاً دولياً أبداً, فلا هدفَ مِن القضاءِ عليهَا  ...

لذا جاءَ البدءُ بإعلانِ التحركِ على هاتينِ الجهتينِ, والجهاتِ السنيةِ السلفيةِ الأخرى حتى على مستوى شمالِ أفريقيا, كليبيا وتونسَ والجزائرِ, إلا رسالةَ تطمينٍ للرئيسِ المصري وحكومتهِ, للإستنقاعِ بهذا المشروعِ حدَ الأذنينِ والثمالةِ الكاملةِ, وبالخصوصِ أنَّ هذا الدورُ البارزُ في هذا المشروعِ مِن قبلِ الحكومةِ المصريةِ, سيعززُ الهدفَ القيادي لزعامةِ دولِ شمالِ أفريقيا, وهو حلماً مصرياً طالمَا سعتْ لتحقيقيهِ, بأن تلعبَ دوراً  قيادياً في تلكَ المنطقةِ, كمَا أوعِزَ نفسُ الدورِ للمملكةِ العربيةِ السعوديةِ في الشرق الأوسطِ !!!

وهذا يكشفُ مقدارَ الوعودِ التي أبرمهَا الرئيسُ الأميركي ترامب لحظةَ لقاءهِ الأولى بالسيسي فورَ فوزهِ بالرئاسةِ الأميركيةِ, بل وهذا يكشفُ أيضاً أنَّ الميلَ المصري للجانبِ الروسي باتَ على المحكِ, وإستعدتْ الحكومةُ المصريةُ بأن تغادرَ المعسكرَ الروسي الى المعسكرِ الأميركي, بمَا لاقتهُ مِن إغراءاتٍ يسيلُ لها لعابُ الساسةِ المصريينَ مِن الجانبِ الأميركي الجادِ هذهِ المرةِ !!!

وهذا مَا يُؤكدُ وجهةَ نظرنَا بأنَّ القضاءَ على الإرهابِ في المنطقةِ سوفَ يتقاطعُ مع سياساتِ الكثيرِ مِن الدولِ ذاتِ النفوذِ في المنطقةِ, لأنُّهُ سيدخلُ حكوماتٍ تحتَ جنحِ الإدارةِ الأميركيةِ, ويهددُ حكوماتٍ أخرَ وتخرجهَا سياسياً أو فعلياً من تحتِ جناحِ الجانبِ الروسي !!!

#الأمرُ_الثالثُ :
تحقيقاً لوعدٍ أخرٍ من وعودِ الإدارةِ الأميركيةِ الجديدةِ, مِن الوقوفِ الى جانبِ حكومةِ الإحتلالِ الإسرائلي في فلسطينَ, لأنَّ العملَ على إنهاءِ التمويلِ المالي على حركةِ الإخوانِ وحماسٍ تبعثُ ببرقيةِ إرتياحٍ حقيقيةِ الى الجانبِ الإسرائيلي, لأنَّ حركةَ الإخوانِ حركةً سياسيةً بامتيازٍ, وليسَ لهَا هَمٌ الا بلوغِ السلطةِ في أي بلدٍ عربي, وبالخصوصِ في مصرَ, لأنَّ تشكيلَ الحكومةِ الإخوانيةِ في مصرَ, سيجعلهَا قريبةً مِن الجناحِ العسكري لهَا حماسٍ, وتُلغى بينهمَا الحدودُ بشكلٍ نهائي, كمَا حصلَ في زمنِ رئاسةِ محمد مرسي, وهذا ما يُشكلُ قلقاً حقيقياً بالنسبةِ لإسرائيل, لذلكَ فإنَّ تجفيفَ منابعَ الإرهابِ سيعودُ على الحكومةِ الإسرائيلةِ  بالمنفعةِ الكبيرةِ جداً, لأنَّهُ يحولُ بينَ الإخوانِ وبينَ التسلقِ الى السلطةِ بمرورِ الزمنِ !!!

وهنَا سينحلُ الإشكالُ الذي لا زالَ قائماً الى هذهِ الساعةِ عندَ المحللينَ عموماً, وهو لماذا وافقتْ إسرائيلُ الى دولِ الخليجِ وأميركا بالتحركِ ضدَ الحليفةِ الستراتيجيةِ قطر, دونَ أن تحركَ ساكناً ولو إعلامياً, فمِن هذا النقطةِ ومِن مَا
سيأتي، سيتبينُ لنَا سرَّ هذا السكوتِ المطبقِ !!!

#وهنَا :
لابدَ لنَا مِن إثارةِ التَسائلِ التالي, وهو :
لماذا سعتْ دولُ الخليجِ الى الخيارِ الإقتصادي والتضييقِ على الشعبِ القطري, دونَ التفكيرِ بخياراتٍ أخرى أكثرُ نجاعةً, وبالخصوصِ سيصبحُ هذا السؤالُ مثيراً للدهشةِ مَا لو علمنَا أن قطرَ مِن الصعبِ عليهَا جداً أن تتأثرَ كثيراً بهكذا طريقةٍ, بل ستجعلهَا ترتمي في أحضانِ الكثيرِ مِن الدولِ التي لا ترغبُ الإدارةُ الأميركيةُ ولا الخليجُ أن تلجأ إليهَا !!!؟؟؟؟

وهنَا ستكونُ الإجابةُ مِن عدةِ نقاطٍ أهمهَا :
#أولاً :
إنَّهُ ليس بالمقدورِ الخليجي عموماً أن يضغطَ على الحكومةِ القطريةِ بأكثرِ مِن هذا الحدِ, لأنَّ عاملَ الحصارَ الإقتصادي لا يحتاجُ الى الرجوعِ الى الأممِ المتحدةِ لإستحصالِ الموافقةِ, ولهذا رأينَا تباكي الخارجيةِ القطريةِ في المحافلِ الدوليةِ لإستمالَتِهِم الى السعي الدبلوماسي الى فكِ الحصارِ عنهَا, دونَ السعي الى تقديمِ شكوى ضدَ أشقائِهَا الخليجيينَ !!!

#ثانياً :
إعلانُ شنِ الحربِ على أيِّ بلدٍ لا يتمُ إلا مِن خلالِ إستحصالِ موافقاتٍ أمميةٍ, خصوصاً إذا كانتْ الحربُ ضدَ حكومةٍ شرعيةٍ ومعترفٍ بهَا في أروقةِ الأممِ المتحدةِ ...
لذا فلابدَ مِن اللجوءِ الى التضيقِ الإقتصادي على قطرٍ فقط, بل حتى أن قطاعَ الطيرانِ والنقلِ البحري مِن القطاعاتِ التي يُمكن للحكوماتِ أن تعملَ حظراً عليهَا, لأنَّ نفسَ التهمةَ بدعمِ الإرهابِ وتهديدِ الأمنِ القومي تكونُ كافيةً بإتخاذِهَا دون الرجوعِ الى المحافلِ الدوليةِ ...

لذلكَ لَم نرَ أن الدولَ العظمى والمؤثرةَ في القرارِ الدولي ضغطتْ بغيرِ الدبلوماسيةِ على دولِ الخليجيةِ, بل أن الإعلامَ العالمي ربَّمَا إكتفى بالتفرجِ والدعوةِ الى التهدئةِ ...

#ثالثاً :
إنَّ الإتهامَ بدعمِ الإرهابِ سيكونُ علاجهُ إقتصادياً وليسَ عسكرياً كمَا التهمةُ بالتدخلِ في شؤونِ البلادِ الداخليةِ, لأنَ دراسةَ الأموالِ الخارجيةِ مِن دولةِ قطرٍ, ومعرفةَ مقدارهَا, وهل هي منتظمةٌ أو متقطعةٌ, كفيلةٌ في الإكتفاءِ في فرضِ الحصارِ عليهَا, لأنَّ الأموالَ المتدفقةَ الى الخارجِ سوفَ تكونُ الحكومةُ القطريةُ بأحوجِ ما يكونُ إليهَا, لسدِ النقصِ الحاصلِ في التقتيرِ على الشعبِ, مِن خلالِ البحثِ عن أسواقٍ جديدةٍ, ربمَا يكلفُ قطاعُ النقلِ فيهَا بازديادِ الأسعارِ الى ضعفينِ عمَا كانَ عليهِ في السابقِ !!!

#رابعاً :
إنَّ الشعبَ القطري مِن الشعوبِ المترفةِ جداً, ليسَ عندهُم الوازعُ العقائدي ولا الوطني على مقاومةِ الحظرِ الإقتصاديةِ, فلذلكَ يُعتبرُ الحظرُ الإقتصادي بمثابةِ حربِ عظِ الأصابعِ, والتي ستصرخُ منهُ الحكومةُ عاجلاً أو آجلاً !!!

#والأعجبُ_حقاً :
المواقفُ المتناقضةُ للإدارةِ الأميركيةِ التي إتخذتهَا أزاءَ الإختلافِ الحاصلِ بينَ أهمِ مكوناتِ البيتِ الخليجي, والأكثرِ تأثيراً في الأحداثِ, بل والأكثرِ حلفاً مع الجانبينِ الأميركي والإسرائيلي !!!

هكذا حللهَا الكُتابُ والمحللونَ والمقدمونَ في برامجِ, وبهذهِ السطحيةِ والبساطةِ أليسَ كذلكَ ؟؟؟!!!
وهكذا فهمهَا الجميعُ أليسَ كذلكَ ؟؟؟!!!

#كلا_كلا_كلا :
لم يكن الموقفُ الأميركي موقفاً متناقضاً, فلم يكن موقفُ الرئاسةُ والخارجيةُ والدفاعُ موقفاً متناقضاً, بل مِن أروعِ المواقفِ إنسجاماً, وأشدِ التحركاتِ السياسيةِ دبلوماسيةً, بل هي حركةُ مَن يعرفُ ماذا يُريدُ وماذا يفعلُ وماذا يبغي !!!

لأنَّ الحظرَ الإقتصادي على قطر مِن قبلِ شقيقاتِهَا الخليجياتِ, لم يكن الهدفُ مِن ورائهِ إسقاطاً للنظامِ في قطر, حسبُ مَا فهمتهَا الحكومةُ القطريةُ بواسطةِ مُستشاريهَا, ومعهُم الحقُ طبعاً, لأنَّهُ كمَا أسلفنَا بأنَّ الشعبَ القطري لا يَملكُ واعزاً للصبرِ على الحصارِ, لذا ستنهارُ الحكومةُ بمرورِ فترةٍ قليلةٍ, لذا يتحتمُ على الحكومةِ القطريةِ مِن أن تلقي بنفسهَا بأحضانِ أكثرِ البلدانِ عداءاً لأميركا, حفاظاَ على الملكِ العضوضِ !!!

لذا فلا سيناريو محتملٌ أن تدخلَ فيهِ الحكومةُ القطريةُ غيرَ الإرتماءِ بأحضانِ جارتِهَا والأقربِ لهَا إقليمياً إيرانَ, بل لا تُجدُ فرصةٌ سانحةٌ لإيرانَ لتتوغلَ بالبيتِ الخليجي أفضلَ مِن هذهِ الفرصةِ, ولتسجلَ خرقاً يعادلُ مَا عانتهُ مِن جراءِ خسارتِهَا في سوريا واليمنِ !!!

ولكن نتيجةً لموافقةِ وزارةِ الدفاعِ الأميركيةِ ببيعِ أساطيلاً كاملةً مِن الطائراتِ الحربيةِ الى الحكومةِ القطريةِ , وبالمناوراتِ البحريةِ المُشتركةِ بينَ الجانبينِ, أرسلتْ أميركا رسالةً واضحةً أن الحكومةَ القطريةَ غيرُ مهددةٍ ولا مبررَ لخوفِهَا على مستقبلهَا وكرسيهَا, لأنَّ الخلافَ بينَ الجانبينِ الأميركي والخليجي مِن جهةٍ وبينَ الحكومةِ القطريةِ لا يصلُ الى حدِ العملِ على تبديلِ الحكومةِ وإنهيارِ الدولةِ هناكَ, لذا لا حاجة الى كلِّ هذا الذعرِ حدَ الإرتماءِ بأحضانِ الجانبِ الإيراني !!!

وهنا عادَ الروعُ الى قلبِ الحكومةِ القطريةِ مِن خلالِ فهمِ هذهِ الرسالةِ, وتبقى الموافقةُ على النقاطِ المقدمةِ خليجيةً مسألةً دبلوماسيةً بإمتيازٍ, لا حاجةَ معهَا بالبحثِ عن تحالفاتٍ مع قوى إقليميةٍ أو دوليةٍ, لأنَّ الحكومةَ بِمأمنٍ مِن هذا الحصارِ, ومَن سيعاني فقط وفقط (الشعبُ القطري) !!!

#وهنا :
حقاً أريدُ تسجيلَ موقفٍ آخرٍ, بأنَّ الحكوماتِ العربيةَ مهمَا كانتْ مجتمعةً, ومهما كانتْ تملكُ من الإمكانياتِ العسكريةِ والماليةِ, فلا تستطيعَ أن تخرجَ رابحةً في أيةِ حربٍ تخوضهَا, حتى لو كانتْ مع أتفهِ القوى في المنطقةِ, لأنَّ أنظارهُم كأنظارِ الثورِ, وأحلامَهُم كأحلامِ الصبيةِ, لا يَهُمُهَا إلا الأهدافَ التي أمامَهَا, ولو فضل الربِّ والإلهِ والمنقذِ والموعودِ (أميركا), لمَا رأينَا بقاءَ الحكوماتِ العربيةِ أكثرِ مِن بضعةِ سنواتٍ, ولكن أميركا مَن إستطاعتْ أن تُبقي هذهِ الأنظمة لحدِ اليومِ, مِن خلالِ منع تشكلِ تحالفاتٍ تهددُ تواجدهَا وبقائِهَا, بسببِ التهورِ العربي عموماً والخليجي على نحو الخصوصِ !!!

وأسألكُم الدعاءُ ...